بعد التعرُّف على طريقة التواصل بين الأجهزة في الشبكة في الدرس السابق، سنكمل في هذا الدرس موضوع “أساسيات الشبكات”؛ سنناقش العناصر المستخدمة في إنشاء شبكة محليَّة ونتعرف على مخططاتها المستخدمة.
يجب عليك معرفة المكونات الشبكيَّة ووظائفها كي تتمكن من إنشاء شبكة محليَّة تخدم الغرض الذي أنشأتها لأجله. المكونات الاعتيادية هي: الحواسيب الشخصيَّة التي تمثل النهايات الشبكيَّة، والخواديم، والأجهزة التي توفر قابلية الاتصال في الشبكة مثل الموزِّعات Hubs، والمبدِّلات Switches، والموجِّهات Routers؛ لدينا أيضًا البطاقات الشبكيَّة والأكبال التي تشكل جزءًا من الشبكة المحليَّة.
بطاقة الشبكة
لكي يتمكن الحاسوب من الاتصال بالشبكة يجب أن يمتلك “بطاقة شبكة” NIC (Network Interface Card)؛ توضع هذه البطاقة ضمن شقوق التوسعة أو تكون مدمجةً مع اللوحة الأم غالبًا ويتصل كبل الشبكة بها، وتمتلك كلُّ بطاقة عنوان MAC مميزا.
مهمَّة بطاقة الشبكة هي تحضير البيانات (رزم البيانات أو الإطارات) أثناء إرسالها أو استلامها، والتحكم بتدفق البيانات بين الحاسوب والشبكة. تعمل بطاقة الشبكة ضمن الطبقة الفيزيائية في نموذج OSI والتي ترسل وتستقبل البيانات على شكل بتات bits عبر الشبكة.
الموزِّع
يعتبر الموزِّع من أبسط الأجهزة المستخدمة في ربط الشبكات ويُستخدم في إنشاء الشبكات الصغيرة. توصل الحواسيب عبر الأكبال إلى الموزع الذي يعمل على استلام الإشارة من أحد الحواسيب ثمَّ يعيد إرسالها إلى جميع منافذه، أي يستلم الموزع البيانات من أحد الحواسيب ثمَّ يرسلها إلى جميع الحواسيب المتصلة؛ يقبل الحاسوب الوجهة تلك البيانات التي تحمل عنوانه بينما تهملها الحواسيب الأخرى.
هذه الطريقة غير فعالة لأنَّ البيانات تُرسل غالبًا إلى حاسوب واحد وعملية إعادة توجيهها إلى جميع الحواسيب تسبب بطئًا في الشبكة لذا تحولت الأنظار نحو المبدِّل.
المبدِّل
نشرت الصورة برخصة المشاع الإبداعي BY-SA لصاحبها Geek2003.
يشبه المبدِّل الموزِّع كثيرًا إلا أنَّه يحمل مزيدًا من المزايا؛ لا يرسل المبدِّل البيانات إلى جميع الحواسيب بل يستطيع قراءة العنوان الفيزيائي MAC للرسائل التي تصله ثمَّ يقارنها مع عناوين الحواسيب المتصلة بمنافذه ويرسلها إلى وجهتها مباشرةً، وبذلك تقل التصادمات في الشبكة وتصبح أسرع؛ أي أنَّ الموزع يعمل ضمن الطبقة الثانية في نموذج OSI.
يُستخدم المبدِّل كثيرًا في إنشاء الشبكات وهو أغلى ثمنًا من الموزِّع ولكنَّه أفضل أداءً إذ يعمل على زيادة السرعة في الشبكة.
الجسر
يشبه عمل الجسر Bridge المبدِّل إلا أنَّ وظيفته هي ربط شبكتين مع بعضهما أو تجزئة شبكة كبيرة إلى جزأين لتخفيف التصادمات فيها وزيادة أدائها. عندما يريد أحد الأجهزة من الشبكة الأولى الاتصال مع حاسوب من الشبكة الثانية، يسمح الجسر بمرور تلك البيانات عبره لأنَّه يعرف عناوين MAC لكامل الحواسيب المتصلة بالشبكة؛ أمَّا غير ذلك مثل اتصال جهاز مع آخر ضمن الشبكة نفسها فلا يسمح للإشارات بالعبور.
الموجِّه
يعمل الموجه على وصل الشبكات المحليَّة المختلفة مع بعضها وتوجيه رزم البيانات عبرها، فإن أردنا توصيل الشبكة المحلِّية إلى الإنترنت أو أردنا مشاركة الإنترنت مع مجموعةٍ من الحواسيب أو توصيل شبكات عدَّة مع بعضها فإننا نستخدم الموجِّه.
تستطيع الموجهات تمييز العنوان IP للشبكات والحواسيب والرزم المرسلة، أي أنَّها تعمل ضمن الطبقة الثالثة في نموذج OSI، وتخزِّن تلك العناوين ضمن جدول يدعى “جدول التوجيه” مع تبيان عنوان الطريق أو الجهاز التالي الذي سيفضي إلى تلك الشبكة أو الحاسوب. عندما يستلم الموجِّه رزم البيانات فإنَّه يزيل تغليفها (راجع درس مدخل إلى شبكات الحواسيب) ويقرأ عنوان الجهاز الوجهة ثمَّ يقارنه مع العناوين الموجودة في جدول التوجيه ويختار أفضل طريق لإيصال الرزم نحو وجهتها ثمَّ يعيد تغليف الرزمة مع وضع عنوان المبدِّل أو الموجِّه التالي وهكذا تتكرر الخطوات حتى تصل الرزم إلى المبدِّل الذي يرسلها بدوره إلى وجهتها. توضح الصورة عملية إرسال البيانات من أحد الحواسيب المتواجد ضمن الشبكة الأولى إلى حاسوب ضمن الشبكة الثانية وقد اختار الموجَّه الطريق الأقصر الذي يمر عبر الموجِّه الثاني مع وجود طريق آخر يمر عبر الموجِّه الثالث.
تتضمن بعض الموجهات مبدِّلًا أيضًا وبذلك يمكن استخدامه لأداء وظيفتين في الوقت ذاته ويمكن الاستغناء به عن شراء مبدِّل وموجِّه منفصلين؛ نستخدمه إن كانت الشبكة التي نريد إنشاءها لشركة صغيرة أو ضمن المنزل؛ وقد يدمج أيضًا مع الموجِّه نقطة وصول لاسلكية، ويعتمد اختياره على طبيعة المكان والسرعة والكلفة.
نقطة الوصول اللاسلكيَّة
نشرت الصورة برخصة المشاع الإبداعي BY-SA لصاحبها Macic7.
تعمل نقطة الوصول اللاسلكيَّة Wireless access point، وتدعى اختصارًا WAP، على وصل الأجهزة اللاسلكيَّة مثل الهواتف المحمولة أو الحواسيب المحمولة أو حتى الحواسيب المكتبية التي تحوي بطاقة شبكةٍ لاسلكيَّة إلى شبكة سلكيَّة؛ تشبه في عملها المبدِّل ولكن دون وجود أكبال تربط الأجهزة، وترتبط غالبًا بموجِّه عبر كبل. تُستخدم بكثرة في الفنادق والمطارات والمدارس والشركات …إلخ. وأحيانًا تُدمج ضمن الموجِّه.
أكبال التوصيل
إنَّ أكبال التوصيل هي إحدى مكونات الشبكة المهمَّة التي تُستخدم للربط بين مختلف عناصرها؛ تنتقل البيانات والإشارات من جهاز إلى آخر بشكل بتات (0 و 1) إذ تعمل الأكبال ضمن الطبقة الأولى في نموذج OSI. توجد ثلاثة أنواع رئيسية للأكبال وهي الكبل المحوري Coaxial cable، والكبل المجدول Twisted pair cable، وكبل الليف الضوئي Optical fiber cable.
الكبل المحوري
نشرت الصورة برخصة المشاع الإبداعي BY-SA لصاحبها Apolkhanov.
يتألف الكبل المحوري من ناقل داخلي محاط بعازل أنبوبي ثمَّ يلي طبقة العزل ناقل آخر يحيط بها، ويُغلَّف الكبل بطبقة من البلاستيك قد تحوي طبقةً عازلة معها. ينقل هذا الكبل الإشارات الإلكترومغناطيسية منخفضة التردد؛ وهو شائع الاستخدام في التلفاز، والراديو، والصوت، والشبكات؛ واستُخدم في مجال الشبكات المحليَّة قديمًا في ثمانينات القرن الماضي وله نوعان هما: النوع الثخين والنوع الرفيع إلى أن استبدل به الكبل المجدول.
الكبل المجدول
هو كبل يتألف من أربعة أزواج من الأسلاك أي ثمانية أسلاك نحاسية مغطاة بمادة عازلة، وتحاط جميعها بغلاف خارجي؛ الهدف من جدل الأسلاك في ثنائيات هو التقليل من التشويش الإلكترومغناطيسي.
أول ما استخدم هذا الكبل في الشبكات كان بسرعة 10 Mb/s والذي يعرف بالتصنيف 3 (cat3 أو category 3) ثمَّ تلته إصدارات محسَّنة تختلف عن بعضها بنوع العزل وغيرها من الأمور ومنها cat5 و cat5e و cat6 التي تصل سرعتها إلى 100 Mb/s وحتى cat8.2 التي تصل سرعته إلى 40 Gb/s.
يوجد للكبل المجدول نوعان رئيسيان وهما: الكبل المجدول غير المعزول Unshielded twisted-pair والمعروف باسم UTP، والكبل المجدول المعزول Shielded twisted-pair والمعروف باسم STP؛ يُستخدم الكبل المجدول غير المعزول بكثرة في شبكات إيثرنت، والهواتف الأرضية لرخص ثمنه عن بقية الأنواع، ومرونته، وأدائه الجيد؛ أمَّا الكبل المجدول المعزول فيتميز بجودة نقل الإشارات ومنع التشويش الإلكترومغناطيسي، وله أنواع متعدِّدة تختلف بطريقة العزل إذ إمَّا أن يكون العزل على كامل الكبل فقط مثل F/UTP و S/UTP و SF/UTP أو لكلِّ زوج من الأسلاك مثل U/FTP أو كليهما مثل F/FTP و S/FTP و SF/FTP؛ يشير الحرف F إلى الكلمة “Foil shielding” وهي الرقاقة المعدنية العازلة، والحرف S إلى “Braided shielding” وهي الأسلاك المجدولة العازلة.
كبل معزول من نوع S/FTP التصنيف 7. نشرت الصورة برخصة CC BY SA لصاحبها Ru wiki.
تنتهي الأكبال المجدولة بوصلة من نوع RJ45؛ يشير RJ إلى “المقبس المسجل” اختصارًا للعبارة (Registered Jack) ذو الرقم 45 الذي يشير إلى موديل معين من الوصلة فيها ثمانية ناقلات. تركب الأسلاك ضمن الوصلة في أماكنها المحدَّدة وترقم من 1 إلى 8 بدءًا من اليسار؛ يوجد معياران لتركيب الأسلاك وترتيبها وهما: EIA/TIA T568A وEIA/TIA T568B؛ توضح الصورة الآتية هذين المعيارين.
وجود المعيارين السابقين يجعلنا نحصل على نوعين من الأكبال عند تهيئتها وهي:
- الأكبال المباشرة straight-through cables: يكون ترتيب الأسلاك في نهايتي الكبل متماثلًا أي ترتيب الأسلاك وفق معيار واحد لكلا النهايتين؛ تُستخدم عادةً لوصل أنواع مختلفة من الأجهزة مثل ربط الحاسوب أو الخادم إلى المبدلات أو الربط بين مبدِّل ٍ وموجِّه.
- الأكبال المتشابكة crossover cables: ترتيب الأسلاك في نهايتي الكبل مختلفة إذ يكون ترتيب الأسلاك لإحدى نهايتي الكبل وفق المعيار T568A والنهاية الأخرى وفق المعيار T568B؛ تُستعمل لربط العناصر الشبكيَّة من النوع نفسه مثل الربط بين المبدلات، والموجهات، وحتى بين الحواسيب، والخواديم فيما بينهما.
كبل الليف الضوئي
هو كبل يَستخدم ليفًا ضوئيًا أو أكثر في عملية النقل؛ هذا الليف مصنوع من الزجاج أو البلاستيك ويُغلَّف بطبقة بلاستيكية عازلة لحمايته من التشويش. توجد أنواع مختلفة منه بحسب الغرض المطلوب مثل سرعة النقل أو المسافة، وأهمُّها: الكبل ذو الألياف المتعدِّدة multi-mode fiber أو الكبل أحادي الليف single-mode fiber؛ يُستخدم الأول للمسافات القصيرة والشبكات المحلية، والثاني للمسافات الكبيرة.
مخططات الشبكة الفيزيائية
عملية ربط عناصر الشبكة مع بعضها ليست عشوائية؛ هنالك طرائق عدَّة لإنشاء الشبكة وربط عناصرها والتي تحدِّد التوصيل الشبكي، ونوع الاتصال الفيزيائي، وخصائص تلك الاتصالات. يتعلق المخطَّط المختار بعدد الأجهزة والعناصر المتوافرة، والخصائص المطلوبة من تلك الشبكة مثل السرعة، والأداء، والوثوقية، والكلفة.
المخطط التسلسلي (Bus)
توصل الأجهزة في المخطط التسلسلي إلى كبل وحيد وهو كبلٌ محوري؛ ينقل الكبل الإشارات والبيانات إلى جميع الأجهزة والتي يستقبلها الجهاز الهدف بينما تهملها الأجهزة الأخرى. إنهاء الكبل أمر مهم لمنع الإشارات من العودة والتسبب في أخطاء شبكية ناتجة عن التصادمات. أيُّ خللٍ في الكبل يؤدي إلى خروج الشبكة عن الخدمة.
المخطط النجمي (Star)
يوجد في المخطط النجمي جهاز مركزي لوصل جميع الأجهزة إذ تمر جميع الإشارات والبيانات المنقولة عبره؛ يكون هذا الجهاز في الشبكات المحليَّة الاعتيادية موزِّعًا أو مبدِّلًا أو موجِّهًا؛ إنَّ هذا المخطط يحسِّن من وثوقية الشبكة لأنَّ حدوث خلل في إحدى الوصلات سيؤثر على الجهاز الموصول بتلك الوصلة فقط، ولا علاقة لبقية الشبكة بتلك المشكلة؛ ولكن إن حدث عطل في المبدِّل فسيؤثر ذلك على كامل الشبكة. تتمتع الشبكة المصمَّمة وفق هذا المخطط بسهولة إضافة أجهزة جديدة، وهي من أكثر الشبكات استخدامًا.
المخطط الحلقي (Ring)
يتصل كلُّ جهاز في المخطط الحلقي مع الجهاز الذي قبله وبعده لتشكل جميعها حلقة؛ قد يبدو أنَّه يشبه المخطط التسلسلي ولكن الأجهزة ليست متصلة إلى كبل واحد، والأكبال مختلفة هنا. تنتقل الإشارات من جهاز إلى آخر باتجاه واحد والذي يعيد إرسالها إلى الجهاز التالي حتى تصل إلى وجهتها؛ حدوث خلل في أحد تلك الأجهزة أو الأكبال سيؤثر على كامل الحلقة مما يمثِّل نقطة ضعف، ولزيادة التوفر والوثوقية يمكن استخدام المخطط الحلقي المزدوج وهكذا يمكن نقل البيانات باتجاهين.
المخطط الترابطي التام (Full-Mesh)
تتصل جميع الأجهزة مع بعضها بعضًا في هذا المخطط، مما يؤدي إلى مستويات عالية من تلافي الأخطاء فلا توجد نقطة ضعف تؤدي إلى تعطل الشبكة. إنشاء شبكة بهذا المخطط يكلِّف كثيرًا، ونلاحظ استخدامه في الشبكات الواسعة WAN للوصل بين المكاتب الفرعية والمركز الرئيسي.
نلجأ أحيانًا بسبب التكلفة الباهظة إلى خيارات أخرى تتضمن مخططًا ترابطيًّا جزئيًّا (partial-mesh) والذي يكون حلًا وسطًا بين ضمان عدم انقطاع الاتصالات وبين التكلفة؛ في هذا المخطط، تُربط الفروع الشبكيَّة أو أهم الأجهزة ارتباطًا تامًّا بينما تُربط العقد الأقل أهمية إلى عقدة أخرى فقط.
الخلاصة
أصبحت في جعبتك الآن مقدمة جيدة حول الشبكات تمكنك من فهم الشبكات المحليَّة مثل طريقة التواصل بين الأجهزة، ومعرفة بعض البروتوكولات المستعملة، والعناصر المستخدمة في إنشائها.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.