يحدث البيع المتكيف Adaptive Selling كما يشير اسمه عندما يكيف مندوب المبيعات أسلوبه ويغيره ويخصصه حسب موقف العميل وسلوكه. يتيح لك البيع المتكيف الاستماع الفعلي وفهم احتياجات العميل، ثم تكييف محادثتك وعرضك التقديمي وفقًا لذلك، ويختلف هذا كليًّا عما إذا كنت تقدم عرضًا تقديميًا جاهزًا، إذ لن تتمكن آنذاك من معرفة ما يهتم له العميل، لذا إذا كنت مثلًا في مجال التهيئة العمرانية، فلن تعرف ما إذا كان العميل يريد الخصوصية أم إنشاء منظر جميل، وتُعَد الطريقة الوحيدة لمعرفة ذلك هي الاستماع وطرح الأسئلة وتكييف توصياتك وعرضك وفقًا لذلك، لهذا يصبح البيع المتكيف أسهل بكثير عند إنشاء علاقة مع العميل.
لا يُعَد البيع المتكيف حكرًا على مناصب المبيعات، بل ينطبق على العديد من المواقف في العمل وفي الحياة، إذ يُعَد التكيف هو مهارة البيع التي تسمح لك بتكييف تواصلك مع شخص أو موقف، وأنت بالتأكيد تستخدم هذه المهارات في حياتك اليومية. ألست تعامل والديك معاملةً تختلف عما تعامل به أصدقاءك، وتغير أسلوب الخطاب الذي تستعمله مع زملائك إذا حادثت أساتذتك مثلًا؟ تُعَد هذه أمثلةً عن البيع المتكيف.
بل من المحتمل أيضًا أنك تتعامل مع كل صديق من أصدقائك معاملةً تختلف عن الآخرين، فربما لديك صديق متردد وآخر متسرع، فتحادث الأول كثيرًا لإقناعه بقرار ما، ثم تحادثه بعد اتخاذ القرار أيضًا؛ أما الثاني فتناقشه على عجل، وينتهي الموضوع بمجرد اتخاذ القرار، لذا يُعَد فهم التنوع واختلاف العقليات والتصرفات جوهريًا في البيع المتكيف، فالطرق المختلفة التي يتصرف بها الناس هي حجر الزاوية في البيع المتكيف.
مصفوفة الأنماط الاجتماعية
يتوزع في مصفوفة الأنماط الاجتماعية ما يجعل الناس مختلفين في أنماطهم وتصوراتهم ومقارباتها للأشياء، وهي طريقة ثابتة تساعدك على فهم كيف يتصرف الناس حتى تتمكن من تكييف أسلوب بيعك، وتستند مصفوفة الأنماط الاجتماعية إلى أنماط سلوك التواصل التي حددها ديفيد ميريل وروجر ريد.
توزع مصفوفة الأنماط الاجتماعية السلوك الاجتماعي على بعدين اثنين هما: الحزم، والاستجابة. وفي المصفوفة التالية، يمثل المحور (x) الحزم، والذي يشير إلى الدرجة التي يرغب فيها الشخص في السيطرة أو التحكم في أفكار الآخرين، بينما يمثل المحور (y) الاستجابة، وهي الدرجة التي يظهر بها الشخص مشاعره أو أحاسيسه خارجيًا في العلاقة.
يمكنك أن ترى في الشكل 4.3 المسمى "مصفوفة الأنماط الاجتماعية" أربعة أرباع، ويمثل كل ربع نمطًا اجتماعيًا مختلفًا: النمط التحليلي والنمط المحرك والنمط الودي والنمط المعبر، كما يصف كل من هذه الأنماط نوعًا مختلفًا من السلوك.
الشكل 4.3 مصفوفة النمط الاجتماعي لتود دونكان Todd Duncan، "أسلوب المبيعات الخاص بك"، إنسنتف Incentive 1 ديسمبر 1999، ص64-66.
لكل نمط من الأساليب الاجتماعية خصائص محددة لا بد من أخذها بالحسبان عند التحضير لعرضك البيعي، ويوضح التكيف مع النمط الاجتماعي لشخص ما قانون التعامل النفسي المتبادل، والذي ينص على أنه عندما تتكيف مع أسلوب شخص ما، فسيحاول هذا الشخص التكيف مع أسلوبك.
تركيز المحللين على الكيفية
هل تعرف شخصًا يبحث فقط عن الحقائق لاتخاذ قرار؟ ربما يكون والدك أو والدتك أو أستاذك، فكل ما يهتم به المحللون (الأشخاص الواقعون تحت مظلة النمط التحليلي) هو الحقائق، وهم عمومًا قليلو الاستجابة وقليلو التأكيد، إذ يُفضّلون أن يسمعوا عن الإيجابيات والسلبيات وجميع التفاصيل قبل أن يقرروا، وقد تكون لديهم خلفية مالية أو تقنية، ويفخرون بأنفسهم لكونهم خبراء في مجالهم، وغالبًا يريدون أن يسمعوا عن النتائج الملموسة والجداول الزمنية والتفاصيل قبل اتخاذ القرار، وقد يكونون الوحيدين الذين يقرؤون الإرشادات بالفعل قبل تركيب تلفاز أو تنصيب برنامج حاسوبي، إذ يركزون على الحقائق لدرجة أنهم يفضلون تجاهل الآراء الشخصية في اتخاذ قراراتهم.
إذا كنت تبيع لعميل تحليلي، فسوف يسألك أسئلةً محددةً للغاية حول كل التفاصيل، وسيرد بإيجابية إذا أشعرته بأنه على حق، لذا لا تَحَدَّ حقائقه ووجهات نظره، بل وفّر التاريخ والبيانات والتفاصيل المالية والحقائق الأخرى بتنسيق منظم ومرتب، وسوف يطرح العديد من الأسئلة حتى يفهم بوضوح المنتج أو الخدمة، ونظرًا لأنه من المهم له اتخاذ القرار الصحيح، فسوف يستغرق وقتًا لجمع كل الحقائق، وهو يميل إلى أن يكون أكثر إخلاصًا للأشخاص الذين يشتري منهم، وذلك نظرًا لأنه يبذل الكثير من الجهد في اتخاذ القرار الصحيح، فلا يفضل تغيير من يشتري منهم ليعود إلى تقييم الحقائق من جديد قبل اتخاذ قرار الشراء في كل مرة.
ويكون تكييف أسلوبك مع أسلوب الشخص التحليلي عبر التركيز على الكيفية، لذا اعرض عرضك ببطء حتى يفهم كل جزئية، ولا تعطِ انطباع التسرع والاندفاع، وركز على الحقائق والبيانات التاريخية والتفاصيل للتأكد من أن لديه كل المعلومات التي يحتاجها لاتخاذ القرار، وكذلك استخدم الضمانات أو التطمينات لتقليل أي مخاطر متصورة، ثم امنحه الوقت الذي يحتاجه لتحليل الحقائق وتقييمها واتخاذ القرار.
تركيز المحركين على الهدف
إذا كنت من متابعي كرة القدم، فلا بد أنك قد لاحظت وجود بعض المدربين والقادة خلال المبارايات، الذين يملؤهم الحماس والتركيز الكبيران على مدار فترة المباراة مهما كانت النتيجة إيجابيةً، لدرجة أن بعضهم يندم على ضياع الفرص ويدفع اللاعبين إلى مواصلة الاجتهاد حتى ولو كان فريقه متقدمًا بسباعية نظيفة، فتركيزه دائمًا على الفوز في المباراة، لذا فعندما تبدأ المباراة، يكون كل شيء آخر في المرتبة الثانية في ذهنه. ويُعَد هؤلاء الأشخاص من ذوي النمط المحرك.
للمحركين بعض الخصائص التي تشبه المحللين، فقد يرغبون في الحصول على كل الحقائق لاتخاذ قرارهم، لكنهم يختلفون عنهم في كونهم يتخذون القرارات بسرعة، لذا تجدهم في مصفوفة الأنماط الاجتماعية في رُبعَي الاستجابة المنخفضة والحزم العالي، وأغلب هؤلاء الأشخاص يُعَدون مهووسين بالسيطرة، كما يعملون مع الناس لأنهم مضطرون لذلك وحسب، كما يرى أغلبيتهم الآخرين فقط وسيلةً لتحقيق غاياتهم النهائية، فضلًا عن أنهم أذكياء ومركزون ومستقلون وقادرون على المنافسة، ولا يميلون إلى احترام آراء الآخرين، لذا نادرًا ما يوصف الشخص المحرك بأنه شخص اجتماعي، كما أن هؤلاء الأشخاص طموحون للغاية ومستعجلون لتحقيق أهدافهم.
وتُعَد أفضل طريقة للتكيف مع المحرك هي أن تكون محترفًا ومباشرًا في كلامك، فلا تضيع الكثير من الوقت في الأحاديث الجانبية، وأوصل النقاش إلى لب الموضوع بأسرع ما تستطيع، وقدّم للمتلقي خيارات حتى يشعر وكأنه مسيطر، وقدّم له جدولًا زمنيًا حتى يتمكن من معرفة مدى سرعة حصوله على النتائج.
تركيز الودودين على الغاية
غالبًا ما يوصف الشخص الودود بأنه شخص اجتماعي ومساند، كما يركز على الابتكار وحل المشكلات على المدى الطويل، ويقدّر العلاقات ويحب التعامل مع الأشخاص الذين يشعر أنهم يستطيعون الوثوق به، كما يكون الشخص الودود أقل تحكمًا من المحركين، وأكثر اهتمامًا بالناس من المحللين، إذ يتمتع بحزم أقل واستجابة أعلى في مصفوفة الأنماط الاجتماعية.
عندما تبيع لشخص ودود، احرص على تأسيس علاقة شخصية، فقد يناقش مشاكله معك؛ وعندما تُظهر التزامك الشخصي، فسيكون منفتحًا على التعامل معك.
تركيز المعبرين على التواصل
المعبر شخص حذق وجذاب ومقنع ومراعٍ ومتفاعل، كما أنه مبدع يمكنه رؤية الصورة الأكبر بوضوح، وغالبًا ما تكون لديه بصيرة. يستخدم هنا الشخص أسلوبه للتواصل مع الناس وإلهامهم، فلا تراه عالقًا في التفاصيل اليومية، ويُعنى ببناء العلاقات للحصول على القوة، لذا يهتم كثيرًا بغيره من الناس، مثل الموظفين والمشاهدين والمصوتين، كما يهتم باحترامهم وتقديرهم.
بما أن المعبرين ليسوا مهتمين كثيرًا بالتفاصيل، فإنك مضطر إلى استغراق وقت أطول في مناقشة كل شيء، لذا عزز مواقفهم بالموافقة والتقدير، وتواصل مع عواطفهم بسؤالهم عما يحسون به تجاه المنتج أو الخدمة، ثم ركز على الصورة الأكبر لما يمكن تحقيقه نتيجة شرائهم منتجك هذا أو خدمتك، وإذا حاولت إبهارهم بالحقائق والأرقام، فلن تصل إلى نتيجة.
النمط الاجتماعي للعميل | كيفية التكيف |
---|---|
محلل |
ركز على السؤال: "كيف؟". اذكر الحقائق. أظهر الإيجابيات والسلبيات. وفر المعطيات وتاريخ المنتج والتفاصيل المالية. لا تخالف حقائقه. أظهر النتائج. اذكر الضمانات والتطمينات. أعطه وقتًا لاتخاذ القرار. |
محرك |
ركز على السؤال: "ماذا؟". ادخل مباشرةً في صلب الموضوع. قدم اختيارات متعددةً. استخدم الحقائق. ركز على النتائج. وفر الجداول الزمنية. أحسسه بأنه في موقع السيطرة. |
ودي |
ركز على السؤال: "لماذا؟". شكّل علاقةً شخصيةً. أظهر الالتزام الشخصي له. اعمل معه بوصفكما فريقًا. |
معبر |
ركز على السؤال: "من؟". استغرق وقتًا أطول في مناقشة كل التفاصيل. قدّم له التقدير والموافقة. اسأل عن شعوره تجاه الخدمة أو المنتج. ركز على الصورة الأكبر. استعن بالحقائق والأرقام لإظهار ما يمكن تحقيقه. |
الجدول 3.1: ملخص البيع للأنماط الاجتماعية
المصدر: تود دانكن، "أسلوب المبيعات الخاص بك" Your Sales Style، من إنسنتف Incentive، بتاريخ 1 ديسمبر 1999م، الصفحات 64-66
تحديد نمط بيعك
قبل الاهتمام بالأنماط الاجتماعية لعملائك، ينبغي عليك التفكير في نمطك الاجتماعي الخاص، وذلك بالإجابة على الأسئلة التالية:
- هل أنت عاطفي عندما تعبّر عن آرائك؟
- هل أنت متحفظ ورسمي؟
- هل أنت من النوع الذي يوافق الجميع؟
- هل أنت شديد الاهتمام بالتفاصيل؟
يمكنك إجراء اختبار كيرسي للمزاجات لتفهم نمطك الاجتماعي، لكن ليس عليك أن تتوقف هناك. ومن جهة أخرى، يمكنك البحث عبر الإنترنت عن اختبارات تقييمية أخرى لتحديد نمطك الاجتماعي بدقة. هذا إلى جانب إمكانية إجراء اختبار كيرسي لتصنيف المزاجات لتتعرف على نمطك الاجتماعي.
سيكون من السهل الاكتفاء بخصائص نمطك الاجتماعي في تصرفاتك، لكن الخروج من منطقة راحتك والتكيف مع أنماط عملائك هو الفرق بين إكمال الصفقة ورفضها رفضًا قاطعًا، ومن المهم أيضًا ملاحظة أن البشر ليسوا ببساطة التصنيفات، لذا يجمع أغلبنا بين خصائص الأنماط المذكورة في حياته، لكنك إذا فهمت التصرفات الأساسية لكل نوع وكيفية التكيف معها، فسيمكنك عندئذ رفع فرصك في النجاح.
دروس مستخلصة
- البيع المتكيف: هو عملية البيع التي تُكيِّف فيها أسلوب بيعك وتُخصِّصه بناءً على تصرفات العميل.
- مصفوفة الأنماط الاجتماعية: ترتكز على أنماط التواصل التي تصف تصرفات التواصل بناءً على بعدين اثنين: الحزم والاستجابة.
- المحللون: يركز المنتمون إلى هذا النمط على الحقائق والتفاصيل والتحليلات، وذلك من أجل اتخاذ القرار، لكنهم متحفظون في تعاملاتهم مع الناس، وكل همهم أن يعرفوا إجابة "كيف؟".
- المحركون: يتشابهون مع المحللين في اهتمامهم بالحقائق، لكنهم يختارون منها فقط ما يسرع تحقيق أهدافهم، فهم مستعجلون ولا يهتمون للعلاقات الشخصية إلا بوصفها وسائل لتحقيق أهدافهم، وكل همهم أن يعرفوا إجابة "ماذا؟".
- الوديون: يركزون على العلاقات الشخصية في نمط تواصلهم، ويميلون إلى الاتفاق مع الجميع والتركيز على بناء الفريق، وكل همهم أن يعرفوا إجابة "لماذا؟".
- المعبرون: يستمتعون ببناء العلاقات، لكنهم لا يركزون على التفاصيل اليومية، ويحبون رسم خريطة عمل وإلهام الجميع لاتباعها، لذا فكل همهم أن يعرفوا إجابة "من؟".
- غالبية الناس يستخدمون مزيجًا من هذه الأنماط على حسب الموقف.
تمارين
- لنقل أنك احتجت في مسارك الدراسي إلى علامتين في مادة ما، فاتجهت إلى أستاذ تلك المادة لتناقش الأمر معه، فما هو النمط الذي ستستعمله؟ ولماذا؟
- اقترح (بناءً على مصفوفة الأنماط الاجتماعية) موقفًا لكل نمط، ثم ناقش لماذا ستختار ذلك النمط في كل حالة.
-
حدد النمط الاجتماعي للمشتري في كل حالة مما يلي، واقترح كيف يمكنك التكيف معها لإقناع المشتري:
- أنت مندوب مبيعات في شركة تبيع الأزهار بالجملة، وتمتلك عميلتك محل أزهار، فتتجه إلى مكتبها الفوضوي للقائها، وترى أنها لطيفة للغاية، وتعطيك الوقت الكافي لتعرض عليها منتجك.
- أنت مندوب مبيعات في شركة تنتج برامج حاسوبية للتواصل الاجتماعي موجهةً لمحلات التجزئة عبر الإنترنت، وعميلك هو مسؤول المعلومات الرئيس في متجر نامٍ عبر الإنترنت، ثم لاحظت أنه دقيق جدًا فيما يخص وقت اللقاء وتاريخه، وتأمل أن تشكل معه علاقةً بسرعة، وذلك لأنه كان مقتضب الكلمات عبر الهاتف.
- أنت سمسار عقارات تجارية، وعميلك رئيس تنفيذي لشركة ناشئة تختص في تطوير المواقع الإلكترونية، وتزداد حماستك وهو يشرح رؤيته للشركة ويوضح احتياجات مكتبه خلال السنوات الخمسة التالية.
ترجمة -بتصرّف- لكتاب The Power of Selling الفصل الثالث The Power of Building Relationships: Putting Adaptive Selling to Work موضوع Putting Adaptive Selling to Work
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.