اذهب إلى المحتوى

أخلاقيات السيرة الذاتية والإحالات


هشام دهرار

طُلب منك تقديم سيرتك الذاتية لأن زميلًا لك يعرف أحدًا في شركة عالمية للأغذية، وأنت تريد هذا المنصب، لكنك قلق من أنك ربما لم تمتلك بعد المؤهلات الكافية له. وبينما تُعِدّ سيرتك الذاتية، تبدأ في تنميقها، فتحوّل مُسمَّاك الوظيفي من محاسب زبائن إلى ممثل تسويقي، وتضيف إلى مهاراتك "إدارة الموظفين" رغم أنك لا تملك أية خبرة في ذلك، لكنك تعتقد أنك ستكون مميزًا فيها، وبعد أن تنتهي من السيرة الذاتية وتقرأها، تتفاجأ بأنك لا تعرف نفسك عبرها، ربّما لم يكن تنميق الحقائق هذا فكرةً جيدةً، إذ يقوّي التصرف الأخلاقي -خلال عملية التوظيف- علامتك الشخصية.

تسويق نفسك في مقابل تنميق الحقيقة حول خبرتك

عندما تجهّز سيرتك الذاتية فإنك تسوّق نفسك للموظِّفين، فأين ترسم الخط الفاصل بين تدوين الحقيقة وبين تنميقها؟ يمكن أن يكون الاختلاف بين "درست في كلية باسيفيك كوست بابتيست" و"حصلت على درجات علمية في علم علم النفس من كلية باسيفيك كوست بابتيست" هو الفرق بين فترة عمل متألقة، وبين الاستقالة المحرجة، وقد عايش تلك الحقيقة الرئيس التنفيذي السابق لراديو شاك RadioShack ديفيد إدموندسون David Edmondson في عام 2006، إذ ادعى أنه حصل على درجات علميةً لم يحصل عليها، بل درجةً لا تمنحها الكلية أصلًا، وبهذا مهّد الطريق للفضيحة المحرجة التي كلفته فقدان وظيفته.

قد يكون من المغري المقامرة باحتمالية عدم فحص صاحب العمل خلفيتك، لكن حتى إذا أفلتَّ من الكذب مرةً أو مرتين، فلن يجعلك هذا آمنًا طوال حياتك المهنية، إذ سيكشفك التشبيك الاجتماعي، خصوصًا في عالم الإنترنت الذي وسّع التشبيك الاجتماعي، فليس من المستبعد أن يكون لرئيسك اتصال على لينكد إن LinkedIn بمدير في الشركة التي تتظاهر بالتدرب فيها، وبالطبع، يُعَد الكذب في سيرتك الذاتية أمرًا غير أخلاقي، لذا يجب أن تسوّق نفسك، وليس نسخةً مبالَغًا فيها من نفسك.

يمكن أن تكون خبراتك -بوصفك نادلًا أو محاسب زبائن أو بائعًا بالتجزئة أو جليس أطفال أو أي وظيفة أخرى بدوام جزئي أو صيفي- ذات قيمة كبيرة في سيرتك الذاتية، فمن أنواع المهارات التي يبحث عنها أصحاب العمل المحتمَلون -في الموظفين المبتدئين- أن تكون قادرًا على إثبات أنه يمكنك أداء مهام متعددة تحت الضغط، أو حل المشكلات بسرعة بما يرضي العملاء، أو أن تكون مسؤولًا، أو تزيد المبيعات، لذا استخدم خبرتك لتُبرز ما يجعلك مختلفًا ويؤهلك لتقديم قيمة لصاحب العمل المحتمَل، فإذا كنت ترغب في ممارسة مهنة في مجال التمويل مثلًا، فستكون خبرتك في التعامل مع الأموال وموازنة درج النقود في نهاية اليوم أمرًا ينبغي تسليط الضوء عليه في سيرتك الذاتية.

من الجيد كذلك وضع التدريبات أو الوظائف الأكثر أهميةً وصلةً بالمنصب المطلوب في سيرتك الذاتية بدلًا من الالتزام بالترتيب الزمني التقليدي، ونظرًا لأنك بدأت للتو حياتك المهنية، فيمكن إدراج أهم وظائفك أولًا، وعندما تكتسب المزيد من الخبرة، فمن الأفضل استخدام التنسيق الزمني، وخلاصة القول هي أن لديك قصة علامة تجارية ترويها في سيرتك الذاتية؛ فلست بحاجة إلى تنميق الحقيقة بغض النظر عن خلفيتك.

يرغب أرباب العمل المحتملون في رؤية دليل على أنك تعمل بجد، وأنك قد فعلت أشياء لتميز نفسك من خلال شغل وظائف بدوام جزئي، واستكمال التدريب، والمشاركة في المنظمات المهنية، وأداء خدمة المجتمع، واكتساب خبرات أخرى؛ لكن هناك شيء واحد يجب أن تتذكره حول وظائف المبتدئين في كل صناعة تقريبًا، وهو أنه ما من شركة تتوقع منك القدوم وأداء المهمة من اليوم الأول، لذا ستقوم الشركة بتدريبك على أداء المهمة التي تريدها منك، ولا يعني هذا أنه لن يُطلب منك المبادرة وفعل أشياء لا تحسنها، لكنّهم لا يتوقعون منك امتلاك المهارات والخبرات من أول يوم، لذا استخدم سيرتك الذاتية للترويج لنفسك ترويجًا صادقًا ومقنعًا.

سؤال مراجعك أن يتحدثوا عنك بصراحة

المُحيلون أو المَراجع ببساطة هم أشخاص يمكنك الاعتماد عليهم للتحدث بالنيابة عنك، وهم نوعان: شخصيون ومهنيون، فأما المُحيلون الشخصيون، فهم أشخاص مثل أعمامك أو أصدقاء العائلة؛ وأما المُحيلون المهنيون، فهم الأهم، وعادةً ما يكونون مشرفين عليك أو أساتذتك أو مديريك، وبينما قد يقبل بعض أصحاب العمل المحتملين مراجع شخصيين، فإنّ عليك أن تمتلك على الأقل ثلاثة مراجع مهنيين إذا طلب صاحب العمل المحتمل ذلك.

تأكد عند اختيار المراجع من أن الأشخاص الذين تفكر فيهم لديهم أشياء جيدة ليقولوها عنك، لذا من الجيّد البقاء على اتصال مع رئيسك السابق من فترة التدريب أو العمل الصيفي، إذ يمكن للأشخاص الذين تربطك بهم علاقة عمل جيدة أن يكونوا مراجع ممتازةً، لذا يُفضل لقاء الشخص الذي تود أن يكون مرجعًا لك أو الاتصال به عبر الهاتف، فبهذه الطريقة ستتمكن من إخباره بالضبط بمدى احترامك له، وسيمنحك ذلك فرصةً لتوطيد علاقتك المهنية؛ أما إذا أبدى شيئًا من التردد، فمن الأفضل ألا تستخدمه مرجعًا.

عندما تتحدث إلى مرجع محتمل، فكن محترفًا ومحددًا، وإليك محادَثةً متخيَّلةً يمكنك تجريبها مع أستاذ تطلب منه أن يكون مرجعًا لك، على أن تحدد موعدًا قبل زيارته:

أنت أستاذ، أردت إطلاعك على ما وصلت إليه في بحثي عن وظيفة.
الأستاذ ممتاز، أود معرفة الشركات التي شدت انتباهك.
أنت حسنًا، أحاول الحصول على منصب مبيعات في شركة أدوية في المدينة، وأعتقد أن هذا ما أريد فعله، لأنني أستمتع كثيرًا بالمبيعات، كما يثير العلم والطب اهتمامي، لذا فقد أرسلت رسالةً تحفيزيةً مع سيرتي الشخصية إلى شركات الأدوية، وقد حصلت على موعد ثانٍ مع إحدى تلك الشركات الخميس القادم، وكنت أتساءل ما إذا كان بمقدورك أن تكون مرجعًا لي، فَهُم يبحثون عن مساعد مبيعات: شخص منظم وتحليلي وجيد في التواصل والمتابعة ومفكر إبداعي، وأظن أن بإمكانك الحديث عن عملي معك في الممارسة البحثية، كما أظن أن تلك التجربة كانت مثالًا ممتازًا يظهر أخلاقياتي في العمل وحماسي له، إلى جانب انتباهي للتفاصيل وقدرتي الإبداعية على حل المشاكل.
الأستاذ سيكون من دواعي سروري الحديث عنك، ويبدو أن المنصب سيكون مناسبًا لمهاراتك، لذا سأخبرك إذا اتصل أحد من الشركة بي.
أنت شكرًا جزيلًا أستاذ، أنا ممتن جدًا لكل ما فعلته لمساعدتي على بدء مساري المهني، وسأطلعك على مجرى المقابلة الخميس المقبل.

بمجرد أن تعرف من الذي تريده مرجعًا لك، فاسأله، إذ لا يُعَد هذا موقفًا تريد مفاجأة الناس به، لذا يجب أن تتحدث شخصيًا مع كل شخص، ويُفضل أن يكون ذلك شخصيًا أو عبر الهاتف بدلًا من البريد الإلكتروني.

اشرح الوظيفة التي تتقدم لها واطلب الإذن لإدراج الشخص مرجعًا لك، واشكر كل مراجعك شخصيًا حتى لو لم تحصل على الوظيفة، لذا عليك أن تُعبّر عن امتنانك، ويُفضل أن يكون ذلك في ملاحظة مكتوبة بخط اليد، لكن يجب على الأقل إرسال بريد إلكتروني وإعلامهم بكيفية سير الأمور. لا تشعر كأنك تخذل مراجعك إذا لم تحصل على الوظيفة، فقد كان مراجعك في موقفك في وقت ما، ولم يحصلوا على عرض من كل مقابلة عمل، لذا كن إيجابيًا وابقَ على اتصال مع مراجعيك، إذ سيقدرون ذلك، وستحافظ على قوة شبكتك المهنية.

إذا كان صاحب العمل المحتمل يريد مراجع، فسوف يطلبها؛ لذا يجب أن تكون قد أعددتها من قبل، لكن لا ينبغي إدراجها في سيرتك الذاتية.

أنت تملك القوة: نصائح لبحثك عن عمل

التحقق من المراجع

عندما يطلب منك تقديم المراجع ستحتاج إلى تقديم ما يلي لكلّ مرجع:

  • الاسم الكامل.
  • العنوان البريدي.
  • رقم الهاتف.
  • البريد الإلكتروني.
  • الموظِّف.
  • عنوان المنصب.
  • علاقتك بالمرجع.

اجمع المعلومات كلها في مستند احترافي (راجع الشكل 4.4)، وتذكر دائمًا الحصول على الإذن في كلّ مرة قبل إدراج الشخص مرجعًا لك، إذ لا تعني موافقة أحدهم على أن يكون مرجعًا لك منذ سنتين أنه سيوافق اليوم كذلك.

Sample References.jpg

الشكل 4.4

رسائل التوصية

اجمع رسائل توصية لنماذج أعمالك أثناء متابعة الفصول الدراسية والتربصات؛ إذ تظهر مثل هذه الرسائل أن من عملت معهم يقدّرونك، ولن تُظهر هذه الرسائل مصداقيتك فحسب، بل ستساعد في بناء ثقتك بنفسك، لذا يُفضل أن تطلب من كل مرجع لك كتابة رسالة توصية كذلك، فبهذا يمكنك إحضار الرسائل إلى مقابلتك لإثبات الدعم الذي تحصل عليه من المحترفين.

لا تتردد في إعادة قراءة رسائلك بعد تعرضك لانتكاسة مهنية. وإذا كنت ستسوّق نفسك بفعالية، فأنت بحاجة إلى الإيمان بعلامتك التجارية الشخصية، وتذكرك بأن الكثير ممن عملت معهم يقدّرونك ويؤمنون بأنك رائع، فقد تكون هذه هي الانتعاشة التي تحتاجها لنفض الغبار عن نفسك وإعادة الدخول إلى سوق العمل بثقة.

دروس مستخلصة

  • يُعَد الكذب في سيرتك الذاتية تصرفًا غير أخلاقي، ويمكن أن تكون عواقبه كارثيةً على مسارك المهني.
  • يُفضل أن تسوّق نفسك عبر سيرتك الذاتية: اسرد تربصاتك أولًا، ثم وظائفك بما فيها أية أعمال غير احترافية قد تكون مهمةً لتحكي تاريخ علامتك الشخصية.
  • تُعَد العائلة والأصدقاء مراجع شخصية، أما المراجع المهنية فهم الأشخاص الذين عملت معهم، وهم أهم من المراجع الشخصية بكثير.
  • احصل على الأقل على ثلاثة مراجع مهنية، ولا تذكرهم إلا إذا طُلب إليك ذلك، ولا تدونهم على سيرتك الذاتية كذلك.
  • تحدث إلى كل مراجعيك قبل تقديم أسمائهم ومعلومات الاتصال بهم إلى صاحب العمل المحتمل، واحصل على إذنهم واشكرهم وأطلِعهم دائمًا على ما يحدث.
  • تُعَد رسائل التوصية شهادات مهمةً على شخصيتك وقدراتك، لذا عندما تنهي فصلًا دراسيًا أو تربصًا، فاطلب إلى صاحب العمل أو الأستاذ كتابة رسالة توصية بك، ويُفضل تقديم رسائل التوصية مع قائمة مراجعك.

تمارين

  • حدد ثلاثة أشخاص يمكنهم أن يكونوا مراجع مهنيةً لك، وأنشئ جدولًا يحمل معلوماتهم.
  • اطلب من أحد أساتذتك أو مشرفيك السابقين أن يكتبوا رسالة توصية بك.

ترجمة -وبتصرف- للفصل Selling U: Selling Your Personal Brand Ethically—Résumés and References من كتاب The Power of Selling.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...