نتعامل اليوم مع العديد من ثقافات العمل المتنوعة، إذ يعمل بعض الأشخاص على مشاريع يوظفون فيها أشخاصًا آخرين لتنفيذ المهام، بينما يمارس أشخاص آخرون العمل الحر؛ إذ يديرون عملهم وينفذونه بأنفسهم.
يعمل بعض الأشخاص في المكاتب وبعضهم الآخر من المنزل، ولكن أيًّا كان تصنيف العمل، فالمعيار الأهم الذي نتوقّعه جميعًا هو الإنتاجية، إذ تتوقف عجلة حياتنا عندما لا نكون منتجين، ويؤدي نقص الإنتاجية إلى سلب شعورنا بالإنجاز والتقدير والسعي إلى تطوير الذات.
تقود قلة الإنتاجية إلى تداعيات خطيرة، مثل المشكلات الصحية وقلة تقدير الشخص لذاته وفقدان الأمل ومشكلات في الثقة أيضًا، ويعطي أصحاب الإنتاجية القليلة أعذارًا يظنونها ناجحةً لتبرير كسلهم وتراجعهم. وهنا يخطر في أذهاننا القول الشهير لبيل غيتس Bill gates.
والسؤال الأهم: كيف يمكنك تعلّم شيء جديد إذا كنت ذا إنتاجية قليلة تمنعك من القيام بأي عمل أو نشاط؟ من العوامل التي تساعدك على زيادة إنتاجيتك هي ثقافة العمل الصحية وبيئة العمل المميزة وزملاء العمل اللطفاء واستمتاعك بما تقوم به. ولكن ماذا لو كنت تعمل لحسابك أو تنجز عملك من المنزل أو تدير عملك بنفسك؟ يعج الإنترنت اليوم بمقاطع الفيديو والمقالات المتعلقة بهذا الأمر لأنه أصبح رائجًا بكثرة.
سنبدأ معًا بمجموعة من الإستراتيجيات التي تساعد على تحسين الإنتاجية عندما تعمل لحسابك أو تدير عملك بنفسك. ستعطيك هذه الإستراتيجيات بعض الحيل التي ستزيد الإنتاجية بسرعة وفعالية، فهي إستراتيجيات مجرّبة وذات نتائج مؤكّدة. تذكّر دائمًا أننا حصيلة عاداتنا وأفعالنا الدائمة، فالتميز ليس فعل، بل هو عادة.
الالتزام بنمط حياة يومي
تُظهر إحدى الدراسات أن اتّباعك لنمط محددّ في حياتك سيُحسّن إنتاجيتك إلى حدّ كبير، وهو ما يدفع الشركات إلى اعتماد نفس مناوبات العمل لكل موظف، فعلى سبيل المثال، ينبغي أن تلتزم بأوقات محددة للطعام يوميًّا، لأن ذلك سينعكس إيجابًا على أداء جهاز الهضم، مما سيعود بالفائدة الصحية على جسمك؛ لذا اتّبع نمط حياة ثابت ومحدد إذا كنت تمارس العمل من المنزل، ودوّن ملاحظاتك حول هذا الأمر.
ارتداء ملابس مناسبة
لست مضطرًّا إلى ارتداء ملابس رسمية عندما تعمل من المنزل، وهي إحدى ميّزات هذا النوع من العمل، إضافةً إلى عدم ضرورة التواجد في المكتب، لكن مع ذلك، احرص على ارتداء ملابس مريحة ومناسبة ونظيفة لأنها ستساعدك على زيادة الإنتاجية أثناء العمل من المنزل. يساعدك ارتداء الملابس النظيفة والمريحة على الشعور بالراحة والانتعاش وإعادة إحياء مزاجك أثناء العمل، لذلك احرص على تغيير ملابسك كل يوم.
أخذ قسط من الراحة
يجب أن تأخذ فترات استراحة خلال أوقات العمل عندما تعمل بمفردك، وذلك لأن الجسم والدماغ يشعران بالتعب بعد فترات عمل متواصلة. تقترح إحدى الدراسات ضرورة أخذ استراحة لمدة 15 دقيقةً في كل 90 دقيقة عمل، إذ أن الجلوس بنفس الوضعية لفترة طويلة سيُشعرك بالتعب. تنعكس الاستراحات المحسوبة إيجابًا على زيادة فعالية إنتاجيتك، لذلك اشرب كأس من الماء أو العصير واسترح لبعض الوقت.
تساعد تقنية بومودورو Pomodoro على زيادة إنتاجيتك، إذ تقوم هذه التقنية على مبدأ استخدام مؤقت زمني للفصل بين أوقات الراحة وأوقات العمل.
الالتزام بوقت محدد لتسليم المهام
حدّد موعد تسليم لكل مهمة وصمّم مخطط مسؤولية. وعندما تتبع نظامًا غذائيًّا ما، فإنك تصمم جدولًا وتكتب فيه أوقات الوجبات ومحتويات كل وجبة، والأمر مماثل عند إدارة مهامك، لذا صمّم مخطط إنتاجية واكتب فيه ساعات العمل وجهّز قائمةً بالمهام التي سبق وأنجزتها، إذ تساعدك هذه العملية على إنجاز عملك بسرعة وضمن الفترات الزمنية المحدّدة.
ابحث عن أشخاص يشبهونك
ابحث عن أشخاص يعملون بمفردهم أو ينجزون نفس المهام التي تنجزها وحاول إيجاد مساحة لبعض العمل المشترك؛ إذ عندما تجد أشخاصًا يشاركونك الاهتمامات، فإنك ستتحلّى بالطاقة وستصبح اجتماعيًّا؛ وهو ما سيقلل من شعورك بالملل وسيساعدك في التغلب على الوحدة ويزيد إنتاجيتك. وتذكّر أن لبيئة العمل تأثيرًا كبيرًا في إنتاجيتك.
زيارة الحدائق أو المقاهي
جرّب زيارة الحدائق العامة أو المقاهي لمرة أو مرتين أسبوعيًّا إذا لم تجد أي مساحات للعمل المشترك أو أشخاص يشابهونك بالاهتمامات. حاول الاهتمام بحياتك الاجتماعية بعيدًا عن بيئة العمل، مما يبقيك على اطلاع بكل جديد ويُشعرك بالرضا أيضًا، وستحصل أيضًا على بيئة عمل إيجابية تساعدك على زيادة إنتاجيتك في العمل.
تجنب إجهاد عينيك
ستعاني حتمًا من الإجهاد العيني إذا كنت تعمل أمام شاشة الحاسوب والأجهزة الإلكترونية الأخرى لوقت طويل، وسيسبب هذا الإجهاد صداعًا أيضًا، لذا يجب أن تستبدل عادات العمل السيئة بأخرى صحيّة.
يمكنك أن تتحكم بدماغك لإصلاح هذا الأمر، وذلك تبعًا لإحدى القواعد التي تُسمى قاعدة 20-20-20 التي تساعدك على تجنّب الإصابة بالإجهاد العيني. تعتمد هذه القاعدة على اتباع طريقة معينة في العمل من خلال التركيز على شيء ما يبعد عنك 20 قدم لمدة 20 ثانية كل 20 دقيقة. تساعدك هذه الطريقة على إراحة عضلات العينين وبالتالي تقليل الإجهاد في العمل.
لا تهمل تمارين التمدد
نقصد هنا تمارين التمدد التي يحتاجها جسمك لإراحة العضلات وتقليل الشعور بالتعب. من المفيد أيضًا أن تخرج قليلًا لتتمشّى، إذ تساعدك التمارين البسيطة على تنشيط الدورة الدموية وتزويد دماغك بالأوكسجين الذي يحتاجه. تُظهر إحدى الدراسات أن المشي لمدة 10 دقائق يشحنك بطاقة تكفيك لساعتين أو أكثر.
البقاء على تواصل
ضع على قائمة مهامك اليومية ضرورة إجراء بعض المكالمات الهاتفية ومكالمات الفيديو والاجتماعات عن بعد، إذ من الضروري أن تبقى على تواصل مع العالم الخارجي عندما تعمل بمفردك، وإلا ستشعر بأنك غير محبوب ومرفوض اجتماعيًّا، وسيؤثر انعزالك بالنهاية سلبًا على إنتاجيتك في العمل.
تذكّر أن إجراء المكالمات الهاتفية ومكالمات الفيديو أفضل من إرسال رسائل البريد الإلكتروني.
الحفاظ على إضاءة جيدة
تؤثر الإضاءة الجيدة على إنتاجيتك أكثر مما تتوقع، فعلى الرغم من أن الأمر يبدو بسيطًا إلا أنه مهم وأساسي. تزيد أماكن العمل المضاءة جيّدًا التأهب والانتباه، لذا تجنّب العمل في أماكن مظلمة وحافظ قدر الإمكان على إضاءة جيّدة تنتشر في مكان عملك.
عدم إنجاز العديد من المهام في نفس الوقت
تُظهر إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين يعملون على عدة مهام في وقت واحد هم الأقل إنتاجيّةً، لذا توقّف عن إنجاز عدة مهام في وقت واحد وخصّص الوقت الكافي لكل مهمة على حِدة. تجنّب التفكير بالمهمة التالية أثناء أدائك للمهمة الحالية، ولتقليل الضغط النفسي الذي تعانيه، ابدأ بالتركيز على المهمة الأصعب وحاول إنجازها أولًا، مما يقلل الضغط الواقع على دماغك بنسبة 50%.
يمكنك أن تضع خططًا ذهنيةً عن طريق الإنترنت لتخلق تصوّرًا واضحًا عن أفكارك، مما يساعدك على وضع خطة تنفيذ مثالية.
استخدام الورقة والقلم
يُظهر الباحثون أن الكتابة مرتبطة بالتفكير الإدراكي، لذا فمن المفيد استخدام قلم ومفكّرة. اكتب أفكارك التي تتعلق بعقلك وذهنك وقلبك وأحلامك وتصاميمك وشعاراتك وعروضك التقديمية وكل ما يجول في خاطرك، واكتب أفكارك مع وضع خطة عمل مناسبة في قائمة مستقلة.
اكتب عن العمل والقيم والثقافة والذات. قد يبدو الأمر سخيفًا، ولكنه يساعدك على تكوين صورة إيجابية عن نفسك عندما تعمل بمفردك، مما سيُحسّن إنتاجيتك دون شك. اتبع نظام القيلولة القصيرة بين الحين والآخر إذا ما كنت واثقًا من قدرتك على الاستيقاظ في الوقت المحدّد مسبقًا، ولا بأس بأخذ استراحة قصيرة تشرب خلالها مشروبًا يحتوي على الكافيين. اشرب فنجانًا من القهوة وخذ قيلولةً لمدة 15 دقيقةً، لأن الكافيين الموجود في القهوة يحتاج إلى 15 دقيقةً ليمارس تأثيره. لا تنسَ أن تضبط المنبه على الوقت اللازم للاستيقاظ.
بعض إيجابيات العمل بمفردك
يرى بعض عملاء النفس أنك ستواجه أثناء عملك ضمن فريق بعض الأشخاص الذين يتكاسلون عن إنجاز العمل ويدفعونك إلى ذلك أيضًا، في حين أنك تعرف مهامّك جيّدًا عندما تعمل بمفردك ولن تعاني من الارتباك أو خيبات الأمل. ليس عليك أن تشارك أو تناقش أفكارك وأسلوبك في العمل مع أي شخص آخر، ولكن عندما تعمل ضمن فريق، يجب عليك أن تسمع وجهات النظر السلبية التي تزعجك دون شك. يقترح علماء النفس أن العمل بمفردك فد يقودك إلى تقديم أفضل ما لديك دون الخوف من أن تبدو غبيًّا أمام زملائك.
يبقى البيت هو المكان المفضل لنا جميعًا، فهو يمنحك راحةً كبيرةً، لكنه قد يؤثر سلبًا على الإنتاجية في بعض الحالات. قد تعاني أثناء عملك من المنزل من الملل نتيجة الشعور بالوحدة، مما قد يؤدي إلى تشتيت الذهن والتصرّف بغرابة واضطراب وقد تستسلم في النهاية، لذا فكّر بعقلانية.
إذا كنت مصمّمًا، فبإمكانك تحقيق مستويات عالية من الإنتاجية، إذ يعتقد العديد من الأشخاص أن الأمر مرتبط بالإرادة وهم مُحقّون في ذلك. قد يتمتع معظمنا بإرادة صلبة وقوية في كثير من الأحيان، ولكن قد تواجهنا العديد من العقبات التي تثبّط عزيمتنا عندما نشعر بالتعب أو الملل أو الوحدة.
لنختم معًا هذا المقال بالفكرة التالية: ثابِر على تحقيق أهدافك وسِر بثبات نحو تحقيق أحلامك، لأن العالم يحتاج القوة والموهبة المميزة التي لا يملكها أحد سواك.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال 12 Tips For Increasing Productivity When Working On Your Own.
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.