اذهب إلى المحتوى

هذا المقال عبارة عن ترجمة -بتصرف- للمقال Your free design work will end up in the trash لصاحبه Ran Segall.

كنت أحسب أن قبولي لمشاريع تصميم تطوعية بدون مقابل هو شيء جيد، إذ أني كنت أساعد أصدقائي، عائلتي، وأجلب لنفسي فرص عمل جديدة، أو حتى أُحدِث تغييرًا سياسيًا!.

وقد حمل كل من يأتيني لمثل هذه الأعمال قصته الخاصة التي يقنعني بها لمساعدته بدون مقابل، وقد قبلت بهذا!، فأنا ذلك الشخص الطيب الذي ﻻ يحب أن يُرْجِع أحدًا صفر اليدين.

freelancer-free-work-will-end-up-in-trush.png

لكن هل تعلم ما الذي يضايقني بشدة في الأمر؟ ليس أني لم آخذ أجرًا على تلك الأعمال، بل نسبة التصميمات التي ﻻ زالت تزخرف الجدران أو تطبع على الورق أو تُستخدم على الويب، والتي تساوي .. صفر!. وهل تدري لماذا لم تبق أية أعمال من تلك التي قَدَّمتُها بشكل مجاني؟ ﻷن الناس ﻻ تقدِّر اﻷشياء التي تحصل عليها مجّانًا.

لقد أنهيت لتوي قراءة كتاب مايك مونتيرو "Design Is A Job" (أنصحك بقراءته)، ووجدت به قصة مثيرة ملخصها أن منظمة غير ربحية كانت تتبرع بأدوات زراعية لقرى فقيرة في أفريقيا لعدة سنوات، كي تأتي بعد عام من تبرعها لتجد الأدوات قابعة على اﻷرض غير مستخدمة، أو تم تفكيكها لتباع أجزاؤها منفصلة!. ثم أتت منظمة أخرى، لكنها لم تعطِ المزارعين أدوات زراعة مجانية، بل أخبرتهم بمقدار الأموال التي يمكن أن يكسبوها باستخدام هذه الأدوات، ثم عرضوها عليهم للبيع.

كانت النتيجة أن المزارعين عملوا بِجِدٍّ ليوفرُّوا مالًا لهذه الأدوات، لقد عملوا معًا واشتروا أدواتهم بأموالهم الخاصة. أتدري ماذا حدث في هذه القرية بعد عام واحد؟ أجل!، لقد استخدموا الأدوات بشكل كبير، وبدأوا بجني الأرباح، وأخبروا أصدقاءهم، والذين ادخروا أموالًا بدورهم وجاهدوا كي يغيروا حيواتهم بهذه الأدوات.

يقال أنه ﻻ يوجد شيء اسمه غداء مجاني، لكني أظن أن ما لم يقله أحد بعد هو أن تلك الوجبات المجانية لو وُجِدَت، لرميناها من أيدينا وذهبنا إلى أقرب محلّ للوجبات السّريعة!.

إن عميلك ﻻ يقدرك

إذا سألك أحدهم أن تنفّذ له أمرًا بدون مقابل، فذلك يعني أنه ﻻ يقدِّر ما تفعله. لعله ﻻ يملك مالًا بالفعل، لكن هذا لا شأن له بعملك، هل تراه يدخل مطعمًا دون أموال في جيبه؟

لقد سمعت بأذني كل الوعود والاقتراحات التي يقولونها لك، أن هذا العمل سيجلب لك الكثير من المشاريع مستقبلًا، وسيفتح لك الأبواب، وسيكون خبرة عظيمة لك، وبالطبع هناك دومًا ذلك الوعد: نحن ﻻ نملك المال، لكننا سنعطيك أسهمًا في الشركة.

إن العمل مقابل أسهم في الشّركة قد يكون مخادعًا، إذ أن التعويض باﻷسهم في عالم الشركات الناشئة يستخدم أساسًا لضمان التزام الموظفين بالعمل لفترة طويلة. لكن خذ حِذرك، فإن الأسهم تضاف إلى الأجر وﻻ تستبدله. إن من يعمل من أجل الأسهم فقط هم الشركاء الذين أسسوا الشركة، لذا: هل يعرض عليك عميلك أن تكون شريكًا معهم في إدارة الشركة؟ كلا على الأرجح.

وبغض النظر عن وعودهم، والتي ﻻ تتحقق بالمناسبة، هناك مشكلة أخرى: ﻻ أظن أن بإمكانك عمل تصميمات جيدة دون التزام حقيقي ومشاركة كاملة من عميلك خلال المشروع، والطريقة الوحيدة التي تضمن بها التزامه وفهمه ﻷبعاد المشروع والتصميم الذي تقوم به هو بجعله يدفع لقاء المشروع، وكلما دفع أكثر كلما أخذ اﻷمر على محمل الجد.

فكر في اﻷمر على هذا النحو، حين يدفع أحدهم 50 ألف دولار فلن يخاطر باحتمال فشل المشروع، بل سيفعل كل ما بوسعه كي يضمن نجاحه، أما حين يدفع 1000 دولار، فعلى الأقل سيذهب إلى مصمم آخر إن لم يعجبه العمل.

التطوع

لقد نفَّذْتُ الكثير من اﻷعمال التطوعية على مدار الأعوام الفائتة، والتي كانت غالبًا ما تتعلق بالسياسة وما شابهها. وقد كان اﻷمر رائعًا، إذ أنك تعمل على مشروع تؤمن بأنه سيحدث تغييرًا حقيقيًا في العالم. كما أنك تؤمن أنه إن لم تحصل على أجر من المشروع فعلى الأقل سيكون لديك حريتك في الإبداع، أليس كذلك؟

في الواقع فإن النقطتين السابقتين ينبغي تناولهما بحذر وبقليل من النقد، فإني خرجت من تجربتي الشخصية مع التطوع بأن الوقت الذي تقضيه في العمل على المشروع بالفعل هو عُشر الوقت الكلي للمشروع، بينما تضيع التسعين بالمئة الباقية.

إن أغلب من يقومون بمشاريع تطوعية يريدون أن يستمتعوا بوقتهم إلى جانب ذلك التطوع، فإن الفكرة وراء التطوع أنك غير ملتزم بشيء تجاه أحد، لذا فإني كنت أقضي أغلب وقتي في المشاريع التطوعية في التحدث مع من حولي وأكل البيتزا. هل تدري ماذا حدث؟
حين ﻻ يدفع لك أحد لقاء وقتك، فلن تجد من يهتم كيف تقضي ذلك الوقت. وﻻ أريدك أن تفهمني بشكل خاطئ، فأنا لست ضد التطوع، فلا زلت أقوم بأعمال تطوعية بين الحين والحين، ربما ﻷني أود مقابلة أشخاص جدد، أو ﻷني أريد أكل البيتزا، غير أني اكتشفت قبل فترة كبيرة أنك ﻻ تغير العالم بمشاريع تقوم بها بعد عملك اليومي أو في هاكاثون يقام في عطلة الأسبوع. وإنما تستطيع تغيير ذلك العالم عبر عمل دُفعَ لك أجرك لتقوم به.

العائلة والأصدقاء

لقد كتبت بالفعل عن شعوري تجاه العمل مع العائلة واﻷصدقاء، فقد قلت على سبيل المثال أني قبلت العمل دون مقابل لكي أتجنب سخطهم.

وﻻ يوجد تعارض بين رأيي عن العمل المجاني الذي ﻻ تُقَدَّر قيمته، وبين حقيقة أني فضَّلْتُ العمل مجانًا ﻷجل عائلتي وأصدقائي (حين ﻻ أستطيع تجنب الأمر). غير أن الحقيقة أن عائلتك وأصدقائك لن يقدِّروا أعمالك بنفس القدر الذي يقدِّره عميلك الذي يدفع لك، فإن جزءًا من تقديره لك يعود إلى أنه يعرف قيمة ماله الذي دفعه لك بالفعل.

قد يقولون لك: "شكرًا، عمل رائع!، إننا نقدِّر لك هذا كثيرًا"، لكن ﻻ تصدقهم دائمًا، فلعلها مجاملات ظاهرة، ألم تقل لهم مثل ذلك حين قدَّموا لك تلك الهدية السخيفة في حفل زفافك وشكرتهم عليها؟

إننا كائنات سطحية، نهتم بما يكلِّفنا الكثير من المال. وأنت تريد من عملائك أن يهتموا بك وبالعمل الذي تقوم به، لذا أنصحك بالبدء في طلب مقابل يساوي قيمة ما تفعله بالفعل.

 


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

مصطفى حماده

نشر (معدل)

احيك اخي حقاً لكن هذا يعني انك تدعونا لمغالة المقابل المادي للخدمة او المشروع المقدم، وعلينا ايضاُ العمل تطوعياً بين الحين والآخر

تحياتي

تم التعديل في بواسطة mostafa403
ضغطة خاطئة
Mohamed Ewias

نشر

انا من احباء العمل التطوعي ولاكن حدث معي ما تقول ورمي باعمالي ولم يلتفت اليها احد رغم امبهارهم بها

قمت بعمل سكربت تجاري خاص بالبيع بالتقسيط لاهدية لاحد اصدقائي كان يبحث عن من يعمل لة ذلك بمقابل وكانت النتيجة انة اعجب بة جد واستلم مني الاسكربت وبعد عدة شهور مررت علية ولم اجدة يستخدمة فسألتة هل بة مشكلة قال لا ولاكن المنتجات عندي كثيرة ولم اجد الوقت الكافي لاضافتها حتي فقد الاسكربت .

بسراحة انا ندمت ومع ذلك فعلت هذا العمل مع اخر وكانت نفس النتيجة وهكذا حتي ظننت اني فاشل كان من المفترض عليا ادخل لهم البيانات واعمل معهم حتي يتضربوا علية حتي اري ثمرة عملي اما الان انا فهمت

فعلا هذا ما يحدث , اذا عملت او صممت تصاميم/اعمال بالمجان للعائلة او الاصدقاء او حتى العملاء , فلن تجد منهم الا كلمة شكر لاعمالك فقط لا اكثر , وكأن قولهم هذا تقديرا لك ولمجهودك وتعبك بالعمل معهم (او العمل لهم دون ان يفعلوا شئ).

ولكن العميل الذى يقدر اعمالك هو من يدفع لك مقابل تصميماتك او اعمالك حيث يقدر انك تبذل مجهودا فى التصميم او العمل وتفعل اقصى ما بوسعك لكى ترضيه وتنفذ له طلبه على اكمل وجه , لذا فهو يقوم بدوره ايضا فى دفع المال المناسب لاعمالك او تصميماتك وايضا سيقدر تعبك وستجد منه كلمة شكر ايضا.

بتاريخ On 10/5/2016 at 23:42 قال mostafa403:

احيك اخي حقاً لكن هذا يعني انك تدعونا لمغالة المقابل المادي للخدمة او المشروع المقدم، وعلينا ايضاُ العمل تطوعياً بين الحين والآخر

تحياتي

لا، ليس المغالاة في المقابل المادي، بل تقدير وقتك وصناعتك، فلا تطلب من أصدقائك أو عائلتك أكثر مما تطلبه من غيرهم. لقد رأيت بيننا نحن العرب، في فئات ليست بالغنية، من يرى أن السلعة ليست لها قيمة إلا إن كانت غالية!، فلا تبخس عملك حقه وتقلل من الثمن الذي تطلبه.

ولعل صديقًا أو قريبًا لك يخبر أحدهم بحسن نية أنك أنجزت له كذا وكذا بسعر س مثلًا، ويكون ذلك الذي أخبره قد طلب منك نفس العمل وطلبت ثمنًا أغلى، فتسوء سمعتك في السوق!، فلا بد أن يكون لك مبرر واضح لتخفيض تسعيرك، مثل قصة أبي حنيفة والمرأة التي باع لها ثوبًا بدرهم لما رأى حالها، وأخبرها أنه إنما باعها الثوب بدرهم لأنه اشترى ثوبين بعشرين درهمًا، وباع أحدهما بتسعة عشر، وبقي ذلك الثوب، فثمنه درهم. .. يعني هذا مثال لا أقيدك به

إن كنت ستنجز أعمالًا خيرية، فاجعل لها بابًا واضحًا ووقتًا محددًا، لا أنهاك عنها ولا عن العمل التطوعي، وهذا لا يعني أيضًا أن تفرق في جودة عملك سواء كان بثمن أو مجانًا.



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...