اذهب إلى المحتوى

6 صور

أصبحت الترجمة عملًا رائجًا جدًا في هذه الأيام، فأي شاب أو فتاة في مرحلة الدراسة ربَّما يبحث أو تبحث عن وظائف حُرّة في الترجمة ظنًا منهم بأنها وظيفة سائغة لكلّ من أتقنَ لغة أجنبية (أو أكثر)، وربّما تكون الترجمة سهلة إذا كان كلّ ما يلزمها هو إتقان لغة أجنبية، لكن هذا الإتقان لا قيمة له إن لم يجتمع مع إتقان اللغة الأم (وهي العربيَّة هنا) ومع اطلاع متعمِّق على نظرية الترجمة وما اتصل بها من علوم اللغة والأدب، وبدونهما تأتي الترجمة ضعيفةً مثل بناءٍ متهالكٍ بناهُ مهندسٌ مبتدئٌ أو لوحة رسمتها يد تنقصها الخبرة.

يُقدِّم هذا الكتاب دليلًا للمترجمين الجدد وأصحاب الخبرة المتوسطة ويساعدهم في استيعاب واكتساب بعض من مهارات الترجمة التي ترتقي بعملهم من "ترجمة المعنى" إلى "تعريبه" وتكييفه مع سياقه الثقافي واللغوي الصحيح، وهو موضوعٌ لم تُكرَّس له كتبٌ كثيرة في المكتبة العربية، فالكتاب مُوجَّه إلى المترجمين المبتدئين الراغبين بتعلّم الترجمة الكتابية من اللغة الإنكليزية إلى العربية، وهو لا يُعنى بالترجمة الشفهية ولا يتطرَّقُ إلى لغاتٍ غيرِ هاتين إلا في أمثلة عارضة، ولا يتطرق إلى الترجمة بالاتجاه العكسي (من العربية إلى الإنكليزية) لأن لها شروطًا وضرورات أخرى تحتاج شرحًا منفصلًا.

يساعدُ الكتاب غير المختصّين على خوض غمار الترجمة نظريًا وأكاديميًا والتعرف إلى أهم المدارس الفكرية فيها، وإلى خصوصيات تطبيق هذه المناهج في سياق الترجمة من اللغة الإنكليزية إلى العربية (وهي خصوصيات تختلفُ بين كُلِّ لغتين من اللغات). وتبدأُ هذه الرحلة من سؤالٍ بسيطٍ وشيّق: فهل نقل أو "ترجمة" المعنى بين لغات الإنسان ممكنٌ أصلًا؟ وبذلك يبدأُ الكتاب بمدخلٍ إلى ظاهرة الترجمة وأساسياتها ثُمَّ يتناول مدارسها ومناهجها الكثيرة، وينتقلُ بعد ذلك إلى طُرُق التعريب وتعقيداته الشائكة في ترجمة المفردات والتراكيب والجملة وفي النهج والأسلوب، فيتطرَّقُ لأساسيات الكتابة العربية السليمة وضرورتها بالنسبة للمترجم.

يُنصح بهذا الكتاب للمترجمين أصحاب الخبرة القليلة الراغبين بتطوير مهاراتهم وبناء خلفية منهجيَّة وأكاديميَّة في مجال الترجمة، على أنه لا يخلو من صعوبة للمستجدِّين في الترجمة بسببِ طرحهِ للكثير من المفاهيم والمشكلات اللغوية التي تحتاجُ إلى خبرة وتجربة تطبيقية لاستيعابها على أنه يمكن للمترجم المبتدئ قراءة الكتاب ثم الرجوع إليه كلما ازدادت خبرته إذ يمكن أن تعد هذا الكتاب مرجعًا تضعه بين متناول يديك،

الهدف من الكتاب هو تأهيل المترجم الشغوف ليصبحَ خبيرًا مقتدرًا على أداء عمله وعلى خدمة لغته وثقافته، فالترجمة ليست منجم ذهبٍ وليست دائمًا مهنة مال، على أنها قوة جوهرية في التغيير والتقدُّم والنهضة، لذا أتمنَّى أن يضع بين يدَيْ المترجم العربي وسيلةً يهتدي بها إلى أصول الترجمة السليمة، وأن يساهم -ولو قليلًا- في نهوض الترجمة العربية لغةً ونوعًا لا كمًا وعددًا.

وما يجعل هذا الكتاب جديدًا في المكتبة العربية أمران: الأول أنه كتاب أكاديميّ يُقدّم للقارئ منهجًا وأصولًا علميَّة متّبعة عالميًا، والثاني أنه يلاقحُ ما بينَ هذا المنهج العالمي وبينَ خصوصيَّات وسياق الترجمة العربية في زمننا وما يواجه المترجم فيها من عقبات وتحديات حاضرة.

هذا الكتاب مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي Creative Commons «نسب المُصنَّف - غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0». 

يمكنك قراءة فصول الكتاب على شكل مقالات مجموعة ضمن وسم «الترجم والتعريب» وتجد روابطها تاليًا:

  1. الفصل الأول:
    1. اللغة ومفهوم الترجمة بين اللغات
    2. النسبية اللغوية والترجمة: هل تؤثر اللغة على أفكارنا؟
  2. فن الترجمة وأنواعها وأساليب الترجمة الحديثة
  3. كتب تزن ذهبا: تراث العرب والترجمة
  4. بين الحرفية والتصرف: تاريخ موجز لنظرية الترجمة
  5. آفات الترجمة على اللغة
  6. من لسان العرب إلى أكسفورد: المعاجم والقواميس وأهميتها في الترجمة
  7. تعريب المفردة والمصطلح
  8. تعريب تراكيب اللغة
  9. تعريب الجملة وأقلمتها
  10. تعريب الثقافة: مسائل لغوية في الترجمة
  11. العمل في الترجمة

تفاعل الأعضاء

تستطيع إضافة مراجعة لهذا الكتاب بعد تنزيله فقط.


Michel Bakni

· تم التعديل في بواسطة Michel Bakni

   6 من 6 وجد هذا التقييم مفيدًا 6 / 6 أعضاء

سَعِدت البارحة سعادةً بالِغةً بكتابٍ جديدٍ يُثري المكتبة العربيَّة طرحه الزَّميل والصَّديق عبَّاد ديرانيَّة في اليوم العالميِّ للغة العربيَّة، وعُنوانه "فنُّ التَّرجمة والتَّعريب"، وهمَّمت بقراءته بشغفٍ فأنهيته في أَقلَّ مِن يومٍ.

يُناقِش هذا الكتاب مسألةً جوهريَّةً تمسُّ كُلَّ مَن يَعمَل على الحدود بين حضارتين أو ثقافتين مُتباينتين، فيَنقُل مِن فكر إِحداها إُِلى الأخرى، ويَأخذ مِن لغة الأُخرى إِلى الأُولى، وهذه المسألة هي: متى يَكُون هذا النَّقل ترجمةً وتعريباً ومتى لا يَكُون كذلك؟ وما هي المعايير اللازمة لضبطه فيُصبِح عملاً موضوعياً معياريَّاً بعيداً عن الذاتية والفوضى؟

يَبتدِئ هذا الكتاب بمُقدِّمةٍ أَدبيَّةٍ بحثيَّةٍ رفيعة المُستوَى، فيها نقاشٌ مُطوَّلٌ عن أَصل اللُّغة والمَعنى الكامِن فيها، ثُمَّ يَنتقل إِلى تعريف التَّرجمة وتَوضِيح معناها ليُبيِّن كيف استُعملت هذه الأَداة تاريخيَّاً حتَّى مَطلَع القرن العشرين في نقل المَعارِِف والعُلُوم بين الحضارات والأُمم، ويلي ذلك عرضٌ لدور العرب والمُسلمين في هذه الحركة الإِنسانيَّة، خاصَّةً في العصر الذَّهبيِّ لِلحضارة الإِسلاميَّة الذي كانت جوهرته بغدادُ وواسطة عقده بيت الحكمة، وتُغطِّي هذه المواضيع فُصُولاً ثلاثاً في مَطلَع الكِتاب.

يأخذنا المُؤَلِّف بعد ذلك في باب جديد هو نظرية الترجمة فيعرض لنا الصراع التاريخيِّ بين القائلين بحرفيَّة التَّرجمة والقائِلين بالنَّقل بتصرفٍ ويَعُود بنا إِلى جذور هذا الجدال غير المنتهي، ثُمَّ يَستعرِض عَدَداً وافِراً مِن آفات التَّرجمة الحديثة على اللُّغة العربيَّة وتأثيرها الكبير على الفهم والمَعنَى ويَختُم هذا الباب بفصلٍ مُخصَّصٍ لِلمُعجَمات مِن لسان العرب إِلى أُكسفورد، لِيُبيِّن لنا فيها ضعف العمل المُعجميِّ العربيِّ، لا بل توقُّفه شبه التَّام، والحاجة الماسة إِلى تطويره وتحديثه، وهذه مَسألةٌ مُلِّحة، وعلى مجامع اللُّغة والخُبراء العرب في المَجالات كافةً التَّصدِّي لها والردَّ عليها بما يَلزَم مِن مُعجَماتٍ ومساردَ للأََلفاظ الحديثة.

ويَنتقِل المُؤَلِّف بعد ذلك إِلى الجانب التَّعليميِّ، فيَطرَح في فصولٌ مُتلاحِقةٍ كيفيَّة تعريب المُفرَدة والتَّركيب والجملة ثُمَّ يَنتهِي بفصلٍ شيق لتعريب الثَّقافة نفسِها، وهذا الباب، بفصوله كُلِّها، مِن أَمتع ما قرأت، فهو مُختصرٌ في طُوله، كثير المعلومات، فيه عصارة العصارة وخلاصة الخلاصة وخبرةٌ كبيرةٌ تفاجأت بوجُودها لدى المُؤَلِّف الَّذي لم يُكمِل عقده الثَّالِث بعدُ.

ومع أني أتفق اتفاقاً عاماً مع أغلب ما جاء في الكتاب، لكني أختلف اختلافاً كبيراً معه في درجة التشدد في منهج العمل المقترح، وأرى أن المُؤَلِّف يَتساهل في كثير من الأمورٌ ويُخفِّف فيها عن عاتِق المُترجِم، ويَترُك باب الاجتهاد له مُوارَباً، وإِِن كان يُحذِّر مِن مَغبَّته، وذلك لأني أجد بعد عملي لعقدٍ مِن الزَّمن في التَّرجمة والتَّعريب أَنَّ التَّشدُّد في هذا الباب شرٌّ لا بُدَّ مِنه، والالتزام بالفصيح والبليغ أَمرٌ لا يَلزَم التَّساهل فيه أَبداً، ولكن هذا يَبقى رأينا الشَّخصيَّ في مسألةٍ تَحتمِل الاختلاف.

يَسدُّ هذا الكِتاب عموماً ثغرة كبيرة في المكتبة العربية، فلم أقع من قبلُ على كتاب يُناقِش هذه المسائِل كُلَّها في إِطارٍ واحِدٍ جامِعٍ مانِعٍ، وهُو زادٌ ضروريٌ لِكُلِّ مَن يَبتدِئ العمل في التَّرجمة والتعريب لِيُعينه على شقِّ طريقه بيده وليُجيب على أَسئلته الَّتي قد يَحتاجُ، مِن غير هذا الكتاب، إلى أَعوامٍ ليَصِل إِلى إِجابتها الوافِية.

  • أعجبني 7
سلوى النخلي

· تم التعديل في بواسطة سلوى النخلي

   3 من 3 وجد هذا التقييم مفيدًا 3 / 3 أعضاء

كتاب "فن الترجمة والتعريب" رائع لن تشعر أنك تقرأ محتوى أكاديمي لإن الكتاب فيه قصص عن تاريخ الترجمة والمترجمين الأوائل وفيه صور وأمثلة لتوضيح الأفكار.

استمتعت في قراءة فصل "كتب تزن ذهبا" والذي تناول تاريخ الترجمة.

  • أعجبني 3
أسامة حمدي

   2 من 2 وجد هذا التقييم مفيدًا 2 / 2 أعضاء

تلخيص لأهم النقاط التي خرجت بها:

1- معرفة الفئة التي يندرج تحتها النص المُراد ترجمته؛ ليتأكَّد المُترجِم من مدى قدرته على إنجاز العمل المطلوب.

2- معرفة الجمهور المُوجَّه إليه؛ لاختيار صياغة النص بما يتناسب مع هذا الجمهور.

3- في حالة عدم الإلمام بفئة النص، يجب على المُترجِم القراءة عنها؛ لكي يخرج العمل بشكل أكثر دقة.

4- التدقيق اللغوي والإملائي؛ لكي يخرج النص بلغة سليمة.

5- استخدام علامات الترقيم بشكل مناسب؛ ليشعر القارئ بالراحة عند قراءة النص، وإدراك معانيه بسهولة.

في حالة صدور نسخة مُحدَّثة، يُرجى الاكتفاء بوجود بيانات المراجع والمصادر في نهاية الكتاب فقط.

مع شكري وتقديري

أسامة حمدي

مُعلِّم وكاتب

  • أعجبني 1
×
×
  • أضف...