اذهب إلى المحتوى

بصفتك مؤسسًا لشركة ناشئة، فستجد نفسك تقوم بالكثير من المهام في البداية، ثم ستوظِّف أشخاصًا ليقوموا بالمهام التي قد لا تكون بارعًا فيها، ثم ستوظف أشخاصًا أفضل منك في كل شيء تبرع فيه، على الأقل هذا ما ستفعله إن كنت تريد النجاح. (رجاءً لا توظف أشخاصًا أقل ذكاءً منك لمجرد أنك تريد الشعور بالأفضلية على موظفيك، معرفتك لقدْرِك أمر ضروري جدًا.)

وستأخذ حينها المهام والمسؤوليات التي تريدها وتقود الفريق، وتوزِّع المهام والمسؤوليات التي لا ترغب بها، غير أن هناك شيئًا واحدًا لن يتغير بتغير الوقت: مردُّ القرار في النهاية سيكون إليك أنت.

give-you-job-away.png

وتلك السلطة الواسعة هي أحد الأسباب التي يريد الناس إنشاء شركات من أجلها أصلًا: أن تكون مدير نفسك. غير أنها أيضًا قوة يسهل إساءة استغلالها، ويمكن أن تدمر شركتك إن حدث ذلك. وذلك يعني أنك مسؤول عن أصعب اختيار يمكن أن تتخذه: متى تتخلى عن وظيفتك/مهامك لشخص آخر.

image00.png

ترجمة الاقتباس من الصورة:

اقتباس

إذا كنت مؤسسًا لشركة ما، فلعلك تركز كثيرًا على بناء منتج رائع. لكن عليك قبل ذلك أن تنقل تركيزك بعيدًا عن بناء المنتج، وتصرفه إلى بناء الشركة التي ستبني المنتج. ذلك يحدث فرقًا كبيرًا رغم أنه أمر يصعب تمييزه.

إن من مصلحة الشركة قطعًا أن تتنحى عن منصبك وتترك شخصًا آخر يتولى الأمر، لعل الأمر مخيف بعض الشيء، فربما تشعر بالقلق والخوف من الخسارة، لكن إذا كنت تريد أن تكون قائدًا جيدًا، فستضطر إلى اتخاذ تلك الخطوة في يوم ما، وإن لم تفعل أو تأخرت كثيرًا فيها، أو أنك تعلقت بفكرة أن لا أحد يمكنه استبدالك، فإنك بهذا تقود نفسك إلى هاوية مُحقّقة.

كيف تعرف أن الوقت قد حان للتنحي عن منصبك

هناك إجابة سهلة لذلك، وهي حين تجد ذلك الشخص الذي تنظر في عينيه مباشرة وتقول له بصدق "أظن أنك ستبلي أفضل مني في هذه الوظيفة".

ولن تقول له هكذا لأنك فاشل، فلم تكن لتصل إلى هذه النقطة لو كنت فاشلًا. كلا، بل لأن لديك كمؤسس شركة مهمات كثيرة جدًا تحتاج منك أن تركز عليها بعيدًا عن دورك الرئيسي، وبالتالي فمن الطبيعي أن يتشتت ذهنك هكذا ولا تستطيع التركيز وإنجاز الأمور بكفاءة، وستبدو كالذي يلعب بالكرات في السيرك، باستثناء أنك في هذه الحالة لاعب بيد واحدة.

وإن لك فيّ أنا لعِبرة، إذ قُدتُ فريق المنتج في Crew مدة أربع سنوات، لم يكن هناك فيها فريق حقيقي غيرنا نحن المؤسسين سوي في سنتين منها فقط. لكني رأيت قبل بضعة أشهر أن الوقت قد حان كي أتنحى جانبًا، وبدا واضحًا لي أن اثنين من أعضاء الفريق كانا مستعديْن للمسؤولية، وهما ديف وأندرو.

Jason-Fried-ask-quote-1024x683.png

وقد كانت الأمور تفلت مني أثناء انشغالنا بنموّنا كشركة لأني كنت أنقاد إلى اجتماعات تصل مدتها إلى يومين أحيانًا ندور فيها حول "من يعرف ماذا"، أو لأني كنت أصاب بالإجهاد من الساعات الطويلة في العمل.

ولعلك تعرف ذلك الشعور إن كنت مؤسس شركة ناشئة، شعور أن تخذل من حولك بسبب عدم تحقيقك للجدول الزمني، أو حين يرسل إليك أحدهم 3 رسائل في Slack، إشارتين في Trello، ورسالة بريد، فقط من أجل أن يحصل على موافقتك في تغيير بسيط.

وأظنك تتساءل الآن: هل كل ذلك من أجل أن تخبرني متى أعرف أن الوقت قد حان؟ دعني أضعها لك في جملة بسيطة، ستعرف أن الوقت قد حان حين تكون هناك حاجة لاستبدالك ولديك إجابة واضحة عمن يستطيع أن يحل محلك.

كن قابلا للاستبدال بسهولة

إن الأمر يبدأ بالتخطيط الجيد قبل تلك اللحظة، وقد يبدو التخطيط لأن تصير سهل الاستبدال كهدف فظيع يوضع لمدير متوسط في شركة كبيرة مثل Crew، لكني بدا لي أنه من يجعل نفسه قابلًا للاستبدال بسهولة هو أكثر شخص قيِّم في الشركة

وإنك من مسؤولياتك كمؤسس أن تختار من سيستبدلك وتدرِّبهم، وتسهّل عليهم مصادر الحصول على المهارات والمعرفة اللازمة للقيام بوظيفتك. ربما يكون لك حرية اختيار الأسلوب الذي ستتبعه في ذلك، لكنك على أي حال ستبدأ من النقطة التي تفهم فيها حقًا مهام وظيفتك جيدًا، فقد أنشأتُ مثلًا هذا اللوح على Trello، ... لوظيفتي أنا:

image01-1024x728.png

تستطيع رؤية أن كل بطاقة معلَّمة بألوان مختلفة وفقًا للأدوار المختلفة داخل فريق التطوير، فالأزرق يرمز للأمور التقنية، والأخضر للقيادية.

كان هدفي من هذا اللوح أن أستخدمه لأتمتة مسؤولياتي كلها أو توكيلها إلى غيري. كما استخدمته لأتابع العمليات الاختبارية، ولكي لا أنسى مسؤولياتي ومشاريعي التي سأقودها بشكل عام في المستقبل.

وإذا نظرت إلى العمود الأول من اليسار، سترى بطاقة مكتوب عليها "Steal His Job" (استولِ على وظيفته)،

image02-1024x880.png

ترجمة وصف البطاقة في الصورة:

اقتباس

يشجع أنجوس أي أحد مهتم يريد أن يستولي على وظيفته، هو لا يريدها على أي حال.

المهام المختلفة معلَّمة بألوان، أمثلة:

إدارة المشروع (أزرق)

س/ج (بمبي)

إدارة تقنية (أخضر)

...

بعض البطاقات بها إرشادات أو مواصفات تحدد متى/كيف يكون الشخص مؤهلًا كفاية ليصبح مسؤولًا عن مهمة بعينها. فمثلًا، كي تتولى مهمة DevOps من المستوى الأول، فربما يتطلب الأمر منك أن تسلم شِفرة برمجية خالية من العلل لمدة ثلاثة أشهر. إن الاهتمام بالجودة في هذا المثال يعني اهتمامًا بالتفاصيل المطلوبة لتولي مهام DevOps، حيث تتسبب زلة صغيرة في إحداث كارثة. (هذا مجرد مثال، وليس مطلوبًا بالضرورة).

إذا رأيت مهمة تعجبك أو تريدها، لكنك لا تعرف بالضبط كيف تصبح مسؤولًا عنها، لا تتردد في التعليق عليها لتعرف الطريق إلى ذلك.

يمكن لأي كان في Crew أن يدخل إلى هذه اللوح ويقرأ البطاقات المختلفة به ويتواصل معي إذا أراد أن يتولى مسؤولية مهام بعينها، وإن لم يفعل ذلك أحد منهم فهذا راجع لانشغالهم الشّديد.

بدلًا من ذلك قمت بسؤالهم ومراقبة ردة فعلهم، وأبقيت عيني على سير العمل في أماكن مختلفة. ثم عرضت عليهم أثناء اجتماعاتنا الثنائية التي نعقدها كل شهر أن يتوسعوا في أماكن بعينها، وبالتالي فإن قائمة مهامي ستقل إذا نجحت تلك التوسعات، وستنقل مزيدًا من بطاقاتي إلى عمود المهام الموكلة.

كما كنت سأعطيهم مشاريع اختبارية، فمثلًا لنقل أنك لاحظت أحدهم يدبر أموره جيدًا، فلم لا تعرض عليه إدارة مشاريع؟ أعطه مشروعات صغيرة ليديرها إن وافق.

وفي حالة ديف وأندرو الذيْن أسلفت ذكرهما، فإن ديف قاد عملية توظيف زملاء جدد لنا في الشركة، وصار أندرو مسؤولًا عن قسم كبير من أحد إصدارات تطبيقنا. لعلهما منطقتان مختلفتان، لكنهما أحسنا عمليهما وكانا مثالًا للأشخاص الذين يستطيعون القيادة.

تيسير الانتقال

هل تذكر كل تلك العادات السيئة والاختيارات الخاطئة التي قمت بها في البداية وينتابك خجل من نفسك كلما تذكرتها؟ فلتكن مستعدًا أن ترى تلك الأخطاء مرة أخرى في الأشخاص الذين تؤهلهم لاستبدالك، بما أنهم تدربوا على اتباع أسلوبك الخاص كمثال لهم، وسوف ترى أسلوبك هذه المرة من زاوية مختلفة تمامًا، وربما لن تصدق أنك كنت تفعل تلك التصرفات.

لكن لحسن الحظ فإنك تستطيع توجيههم ليخرجوا من تلك المنعطفات بسرعة إن كنت قد طورت من نفسك، فسترى نفسك تكرر جملة "لم أعد أفعل ذلك بهذه الطريقة"، وكأنها جملتك المفضلة الجديدة.

ولا بأس أن تحضر الاجتماعات أثناء مساعدتك لبديلك بأخذ منصبك شيئًا فشيئا، لكن حاول ألا تقترب كثيرًا من صنع القرار، فالرغبة في القفز داخل الأحداث والتحكم في سياق الأمور سيبدو أمرًا زائدًا عن الحد. لا شك أنك أكثر الحاضرين دراية بما يحدث، ولديك بيانات أكثر منهم -لأنك أقدمهم في الشّركة وأكثرهم خبرة- لكن عليك السماح للأشخاص الجدد بارتكاب أخطائهم الخاصة والتعلم منها، وبناء شيء من صميم أفكارهم هم.

إن كلمة مثل "لقد كنا نفعلها دائمًا بهذه الطريقة ..." قد تسلب شركتك بعض أفضل الأفكار التي يمكنك الحصول عليها على الإطلاق

ورغم ذلك لا تخش أن تكون صارمًا أحيانًا، فأنت تبني نظامًا جديدًا، وفي ذلك الوقت قد تجد بعض العادات السيئة طريقها لتصبح ثابتة، ومن السهل على أي حال أن تكون صارمًا في فترة الانتقال على أن تصحح الأخطاء بعد ذلك.

كن جاهزا للنتيجة

بادئ ذي بدء، قد ينفجر الأمر برمته في وجهك، قد تغرق الروح المعنوية، قد يعاني المنتج، وقد يفشل كل شيء، لذا كن مستعدًا.

ستصطدم حتمًا بحاجز التحويل عند مرحلة ما وتبدأ ذاكرة عضلاتك بالإلحاح عليك لتعود لطرق إدارتك المصغرة، كي تسير في ذلك الطريق الأوحد الذي سيقود شركتك إلى حيث ينبغي أن تكون.

لا تفعل ذلك.

إنك إذا وظفت الأشخاص المناسبين ودرَّبتهم جيدًا، فسيقومون بواجبهم في صورة لم تكن أنت لتصل إليها حتى، ما إن يمروا ببعض الصعوبات البسيطة. أخبرهم حينها باللحظات التي تقول فيها "أوه، لم أفكر في ذلك من قبل!"، تمامًا كما عليك أن تخبرهم بالمرات التي لا يصلون فيها للمستوى المطلوب.

خاتمة

ربما لا تزال إلى الآن غير قادر على استيعاب السبب الذي يجعلك تفكر في التخلي عن منصبك لصالح شخص آخر. لماذا تتوقف عن إدارة الجوانب التي تبرع فيها؟ لماذا تتخلى عن قيادة إطلاق الإصدارات إذا كنت جيدًا في التسويق، فأنت الذي أوصلت الشركة إلى ذلك الحد من الأساس.

هناك سببان لذلك.

  • أولًا، قد تصاب في حادث، فحينها يحسن بك أن تجهز الشركة لتستمر بدونك.
  • ثانيًا، ستندهش من كمية المهمات التي ستملأ وقتك حين تقوم بإفراغ رُزنامتك.

كما ستحصل أيضًا على الكثير من الوقت الذي تنقب فيه عما يجري داخل أروقة الشركة، وستجد ثغرات لم يتطرق إليها أحد، أو ستتأخر خطوة إلى الوراء لكي تنظر للشركة من منظور واسع. ... أو يمكنك أن تستمتع بوقتك وتلعب الجولف مثلًا.

على أي حال فإن فريقك سيكون سعيدًا إذا تنحيت عن الطريق، وستعرف ما إذا كانوا يحتاجونك مجددًا.

ترجمة -وبتصرف- للمقال How to know it’s time to give your job away لصاحبه Angus Woodman.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...