إذا كنت من أصحاب الأعمال الذين يميل موظفوهم إلى تركهم والاستقالة، فلست الوحيد الذي يعاني من هذا الأمر، فقد تبدو مشكلة استقالة الموظفين من عملهم أمرًا متوقعًا حدوثه، وليس بإمكانك فعل أي شيء للحول دون ذلك. حسنًا، هل يا ترى فعلًا لا يمكننا حل هذه المشكلة؟
إذا كنت ترغب في معرفة كيفية التقليل من معدل استقالة موظفيك، فأنت بحاجة إلى معرفة سبب هذه المشكلة، والتصرف بناءً على ما تكتشف من مسببات.
اليوم وبقدر ما يتغير العالم، لا يزال هناك الكثير مما يمكنك فعله لإبقاء الموظفين من أصحاب المواهب لديك، فلست مضطرًا للوقوف مكتوف اليدين إلى حين تستقر الأمور، بل يمكنك تغيير تصور الموظفين تجاه العمل في شركتك، وجعلهم يرون مستقبلهم فيها، لتحسِّن من معدل بقائهم لديك.
سنناقش في هذا المقال العوامل الرئيسية التي تتسبب في استقالة الموظفين من عملهم، وسنراجع أفضل خمس استراتيجيات ستكون دليلك لحل هذه المشكلة، وبذلك ستحافظ على الموظفين في شركتك.
أسباب استقالة الموظفين
10 عوامل شائعة تؤدي إلى استقالة الموظفين من عملهم
وفقًا لمقال نشره مؤخرًا موقع أوراكل، فإن العوامل الرئيسية التي تؤثر على معدل استقالات الموظفين هي:
- عدم وجود هدف يتطلع إليه الموظف.
- تعويضات مالية قليلة.
- تكليفه بأعمال تفوق طاقته.
- ضعف العلاقة بين الموظفين ومديرهم المباشر.
- عدم وجود تغذية راجعة أو تقدير للجهود المبذولة.
- عدم وجود توازن بين عملهم وحياتهم الشخصية (طغيان العمل على حياتهم الشخصية).
- الملل.
- لا توجد فرص للنمو والتطور المهني.
- ضعف في تنظيم العمل.
- بيئة عمل سامة أو سلبية.
تؤثر هذه العوامل على بقاء الموظفين في العمل أو مغادرتهم له، ورغم علمنا باختلاف بيئات العمل من مكان لآخر وأن الموظف مقيد بإمكانيات مؤسسته، وما يمكنها أن تقدمه له، من رواتب عالية وامتيازات رائعة وحزمة مزايا مثيرة وما إلى ذلك، ولكن من المهم أن تتمكن من قياس ثقل وتأثير كل العوامل السابقة على حالة موظفيك.
اقتباسفكّر: ما هي نقاط القوة في مؤسستي وفي فريقي؟ ما هي العوامل التي تتأثر بكوني مديرًا على الفريق؟
تتمثل مهمتك، بصفتك مديرًا، في إخبار فريقك بالعوامل التي تجعل من مؤسستك مكانًا تنافسيًا للعمل فيه، ودعمهم قدر الإمكان في الأقسام التي لا تتمتع بالقدر الكافي من المنافسة. سنناقش استراتيجية الاحتفاظ بالموظفين لكل واحدة من هذه العوامل على حدة بعد قليل.
مرحلة ما بعد الوباء ما يتوقعه الموظفون اليوم
المرونة في مكان العمل
تُعَد القدرة على اختيار وقت وكيفية ومكان العمل أمرًا في غاية الأهمية بالنسبة لموظفي هذه الأيام، فقد سارت الشركات جنبًا إلى جنب مع موظفيها لجعل العمل عن بعد أمرًا قابلًا للتنفيذ، فكان إجراءً ضروريًا لتستمر الشركات في العمل.
والآن، بينما يعود العالم تدريجيًا إلى ما كان عليه من قبل، فلا تبدو العودة إلى مسار العمل القديم أمرًا صحيحًا. ما نعنيه بهذا، هو أن درجة المرونة في مكان العمل لا ينبغي أن تكون ميزةً أو إجراءً استكشافيًا، حيث يتوقع الموظفون اليوم أن يكونوا قادرين على الحفاظ على الروتين وجداول الأعمال والمزايا التي حصلوا عليها خلال العام ونصف العام الماضيين.
اقتباسأظهر استطلاع أجرته شركة ديلويت الأمريكية لعام 2020 أن 94% من المشاركين قالوا إنهم سيستفيدون من بيئة العمل المرنة في مكان عملهم. استطلاع عن "المرونة في مكان العمل"، شركة ديلويت الأمريكية.
المديرون الذين يعملون لخلق بيئة عمل مرنة، يزيدون من معدل بقاء موظفيهم.
استقلالية الموظف في مكان العمل
وفقًا لبيانات من استطلاعات نجريها على نحو دوري ومنتظم للموظفين لدينا، يشعر موظف واحد من بين كل خمسة موظفين أنه لا يتمتع بالحرية الكافية لإنجاز المهام الموكلة إليه، وعندما نتحدث عن معدل استقالات الموظفين فسيُعَد هذا رقمًا مهمًا.
تُظهر بياناتنا كذلك ارتباطًا وثيقًا بين مقدار الحرية التي يشعر الناس بها بوجوب إنجاز أعمالهم وبين مستويات السعادة لدى الموظفين، فإذا لم تُعطِ الموظفين القدر المناسب من الاستقلالية، فسيؤثر ذلك على الطريقة التي يرون بها عملهم، بغض النظر عما إذا كانوا يعملون عن بعد أو في مكاتبهم.
الاحتراق الوظيفي
في استطلاع المرونة في مكان العمل الذي أجرته شركة ديلويت، كانت إحدى المزايا الأساسية التي يقدرها الأفراد في مؤسساتهم هي تخفيف الضغط عليهم. وفيما يتعلق بالاحتراق الوظيفي، أظهر استطلاع أجري مؤخرًا أن مديري الشركات جاهدوا كثيرًا في العام الماضي في سبيل خلق تأثير طويل الأمد لمساعدة موظفيهم على التعامل مع هذه الظاهرة.
يمكن أن ينشأ الاحتراق الوظيفي من التشكك أو التوتر أو ضغط العمل أو عدم وجود إجازات كافية، أو جراء التغييرات الكثيرة في مؤسستك أو في سياسة الشركة أو غير ذلك.
سيؤدي القصور -في فهم مستويات الاحتراق الوظيفي التي قد تصيب فريقك، وعدم وجود استراتيجيات للتخفيف من حدته- بالتأكيد إلى ارتفاع معدلات استقالات الموظفين.
ضعف التوازن بين الحياة الشخصية والعمل وعدم التركيز على رفاهية الموظف
هو أمر مرتبط إلى حد ما بالاحتراق الوظيفي، حيث يحتاج الناس إلى خلق توازن بين حياتهم الشخصية وعملهم، بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر.
وفقًا لبيانات من موقع أوفيس فايب، صرح 39% من الموظفين عن مشاعر سلبية تعتريهم من ضغط العمل، وتعادل هذه النسبة واحدًا من بين كل 2 أو 3 موظفين! ومع ذلك، كان أمرًا مثيرًا للاهتمام عندما سئلوا عن ما إذا كان مديرهم يهتم برفاهيتهم، فأجاب 85% منهم أنهم يشعرون أن مديرهم يهتم بهذا الأمر.
يوضح هذا الاستطلاع كيف يتمتع المديرون بالقدرة على دعم موظفيهم وإرضائهم حتى يجدوا توازنًا بين عملهم وحياتهم الشخصية.
خمس استراتيجيات حديثة لإيقاف النزيف في كوادرك البشرية
1. راقب باهتمام تفاعل الموظفين وتصرف على نحو احترازي
كما ذكرنا سابقًا، لا يمكنك احتواء جميع العوامل التي تؤثر على بقاء الأفراد في مؤسسة ما أو مغادرتهم لها، ولكن يمكنك البدء في اكتشاف أي الأمور التي تسير على نحو جيد، وأيها التي تؤثر سلبيًا على تفاني وولاء موظفي شركتك.
يمكنك عمل استبيان وطرح الأسئلة الصحيحة على فريقك لقياس مدى تفاعل الموظفين، ثم استخدام النتائج لتقييم ما يجب أن تركز عليه.
عندما تعالج المشكلات فور ظهورها، فستكون قادرًا على تقديم دعم لفريقك قبل أن يفقدوا الأمل ويقرروا ترك فريقك، حيث يكمن السر في اتخاذ إجراءات تقي من الوصول إلى هذه المرحلة، وليس في أن تتسرع فتبدي ردة فعل بعد فوات الأوان.
2. إتقان الاجتماعات الفردية وتعلم كيفية قيادة المحادثات الصعبة
إذا لم تكن تعقد اجتماعات فرديةً مع أفراد فريقك، فعليك أن تبدأ الآن، فهو أمر مهم جدًا، خاصةً عند قدوم أعضاء جدد للفريق، ففي الاجتماعات سيتواصلون معك، ويطرحون جميع أسئلتهم، ويشعرون بالدعم المناسب أثناء انضمامهم إلى فريقهم الجديد، حيث أُثبت أن مبادرة المدير في التواصل مع موظفيه، يُعَد توجهًا له تأثير إيجابي على تجربة الموظف.
وفقًا لبياناتنا، يشعر موظف واحد من بين كل ستة موظفين أن مديره يستطيع تخصيص الوقت لمساعدته عندما يلجأ إليه أو يتواصل معه، وعندما بحثنا في كيفية تأثير هذا الأمر على قدرة الموظف على الشعور بأنه جزء من الفريق، رأينا أن الأمرين مرتبطان ارتباطًا وثيقًا.
يُعَد تخصيص الوقت لفريقك أمرًا شديد الأهمية، حيث تُعَد الاجتماعات الفردية المكان المثالي لفعل ذلك على نحو شخصي، لكن لا ينتهي الأمر عند هذا الحد، فأنت بحاجة إلى تعلم كيفية إجراء المحادثات الصعبة، لذا وجِّه دفة الحديث نحو العوامل الرئيسية التي قد تجعلهم يستقيلون من عملهم، أي أسئلةً مثل:
- هل يشعرون بالملل؟
- ما هو شعورهم حيال أسلوب إدارتك؟
- هل هم سعداء براتبهم؟
- هل يرون أن بيئة العمل سامة أو سلبية؟
- هل يشعرون أن لديهم فرصةً للنمو داخل المؤسسة؟
تخصيص وقت لإجراء محادثات فعلية سيجعل فريقك يشعر بأهميته، وسيوضح لهم أنه يمكنهم العمل معك لإصلاح ما يدفعهم للتشكيك في مكانتهم في الفريق.
تأكد من أن محادثاتك ستعطي نتائجًا ملموسةً، وأن تكون تعاونية، وجدوِل اجتماعات لمتابعة الموضوع، فقد يؤدي إجراء محادثات حقيقية مع فريقك وعدم التصرف بناءً عليها إلى نتائج عكسية لا تساعد على خفض معدل استقالات الموظفين. نظم ملاحظاتك وضع خطةً واسمح لموظفيك بمناقشة أفكارهم وطرح ما يجول في بالهم.
3. العناية بثقافة التغذية الراجعة
هل تريد أن يشعر فريقك بأن صوتهم مسموع ومهم؟ إذًا أنشئ مساحةً آمنةً للتغذية الراجعة، حيث يبذل العديد من المديرين الكثير من الجهد في محاولة معرفة جميع الإجابات، لكن غالبًا ما تأتي أفضل الحلول مباشرةً من أعضاء فريقك، أي عندما تفتح مجالًا للتعليقات وتتصرف بناءً عليها، فتحسن علاقتك بفريقك وتزيد من تفاعلهم.
يُعَد تقديم تغذية راجعة وإبداء الملاحظات على عملهم هو كذلك أمر لا يقل أهميةً، حيث تساعد التغذية الراجعة -البناءة والإيجابية- الأفراد على النمو والبقاء متحمسين.
نَمِّ عادة إخبارهم بما يجعلهم ذوي قيمة وما الذي يجيدونه بالفعل، ووجههم نحو الأشياء التي يمكنهم فعلها على نحو أفضل. وإذا أصبحت مرشدًا وموجهًا لتطورهم المهني، فمن الأرجح أنهم سيختارون البقاء معك.
4. بناء ثقافة تقدير الموظفين
لا تتردد في الاعتراف بحسن صنيعهم، فالأفراد الذين يشعرون بالتقدير هم أكثر الموظفين الذين يميلون للبقاء في وظائفهم، حيث تُظهر بياناتنا ارتباطًا وثيقًا للغاية بين مستويات سعادة الموظفين وتلقيهم المتكرر للتقدير من مديريهم.
اجعل التقدير على قدر الجهد
نقترح أن تأخذ الوقت الكافي لتجعل كل اعتراف مماثلًا لما قدموه من جهد ومدخلات، وإليك بعض الأمثلة على ذلك:
- رسالة علنية تعترف بجهود الموظف.
- رسالة تقدير شخصية مع معرفة الإدارة العليا أو بدون معرفتها.
- زيادة المسؤوليات.
- فرصة ليقدموا العون في المناسبات أو التجارب.
- تغيير في اللقب الوظيفي والأقدمية.
- مدح أثناء الاجتماع مع أعضاء الفريق.
- مكافأة.
- زيادة في الراتب.
تأكد من أن التقدير الذي تختاره يحتفي بإنجاز الشخص على نحو صحيح.
5. إعادة النظر في مزايا وامتيازات الموظفين
كما ذكرنا في بداية المقال، تغيرت احتياجات الموظفين.
اقتباسيطالب ثلاثة من بين كل أربعة موظفين بتوفير برامج ومزايا وحلول للصحة النفسية. من تقرير صدر مؤخرًا من هيد سبايس.
ذُكر في التقرير نفسه أن الموظفين في عام 2021 قدّروا المزايا التي ساعدتهم على إدارة الاضطرابات في حياتهم أكثر من المزايا التقليدية، مثل راتب التقاعد أو التأمين الصحي، حيث كان لدى الناس في العام الماضي الكثير من الوقت لإعادة التفكير في المكان الذي قضوا فيه وقتهم وما يفعلون في حياتهم لتأمين لقمة العيش، لذا من المهم أن تقدم التسهيلات للموظفين أينما كانوا، وأن تكيف مزايا شركتك مع ما يهمهم أكثر.
"أنا لست مختصًا في الموارد البشرية، فماذا يتوجب علي أن أفعل بصفتي مديرًا؟" قد لا تملك صلاحية التغيير على المستوى التنظيمي للشركة، لذا تمهَّل في التفكير، وحاول أن تجيب على هذا السؤال: ما هي بعض الامتيازات التي يحصل عليها فريقك من وجودك بصفتك مديرًا عليهم؟ وهل لا تزال هذه الامتيازات ذات صلة ومهمةً بالنسبة لهم؟ كيف يمكنك تكييف أسلوبك الإداري وممارساتك لتساعد فريقك على نحو أفضل؟
لديك كذلك إمكانية جمع البيانات من فريقك. اسأل فريقك عن الأمور التي لم تَعُد ذات نفع لهم، وما الأشياء التي يريدون زيادتها أو جعلها أكثر، وما الذي يحتاجون إليه فيما يتعلق بثقافة الشركة؟ ثم أوصل صوتهم إلى الإدارة العليا في مؤسستك.
تقرب أكثر من فريقك
في النهاية، يعود أمر التقليل من معدل استقالة الموظفين في فريقك إلى تخصيص الوقت والمساحة لهم، حيث يميل الناس إلى ترك الناس، وليس المؤسسات التي يعملون فيها، أي أن للمدير سلطةً وتأثيرًا قويَّيْن على تجربة الموظف.
قد تتراكم عليك المهام فتنشغل كثيرًا، ولكن إذا كنت مبادرًا في توفير مساحة لفريقك للتحدث وسماع مطالبهم، فسيمكنك تقليل معدل استقالة موظفيك وتحسين معدلات بقائهم لديك، ويكمن السر في العمل بذكاء وليس بجهد أكبر، لذا ابحث عن الطرق والأدوات لتكون قريبًا من فريقك، وركِّز على الأمور الأكثر أهميةً بالنسبة لهم.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال How to reduce employee turnover — 5 modern strategies لصاحبته Ana Collantes.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.