هل سبق لك وأن اتّصلت بإحدى الشّركات الكبيرة ( كمزوّد خدمة الإنترنت الخاص بك، أحد شركات بطاقات الائتمان، أو paypal) لتطلب المساعدة في حلّ مشكلةٍ ما ؟
- في البداية تسمع صوتًا لطيفًا آليًّا يخبرك أنّك عميلُ الشركة العزيز الذي يهمّهم رضاه.
- ثم يسألك ذلك الصّوت عن المشكلة التي تواجهها, فتقول مثلًا "أواجه مشكلة في الاتصال بالإنترنت".
- فيرد عليك "عذرًا. 'وجه شكل الإنترنت' خيار خير صحيح".
- تضغط على الرقم 0 لعدّة مرّات، ثمّ تجرّب الضغط على (*) لعدّة مرّات لكنّ الصوت الآليّ الوَدود يخبرك مجددًا أنّها خياراتٌ غير صالحة.
- تقول الآن بصوتٍ مرهق "أرغب في الحديث إلى الدعم الفني".
- فيرد عليك الصوتُ الآلي "'راغب الحدث الفني' خيار غير صحيح".
- تفكّر في ترك التعامل مع هذه الشركة، لكنّك تخشى أن تتعرّض لتجربةٍ أسوأ من هذه مع شركةٍ أخرى فتتراجع عن هذا القرار.
- وبعد أن تفقد الأمل، تقوم بالبحث حلٍ لمشكلتك في جوجل، أو تطلب المساعدة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا النوع من التجارب هو ما يخطر ببال روّاد الأعمال عندما يفكّرون في أَتمتَة (automate) شيءٍ من أعمالهم/مهامّهم: التواصل مع العملاء بطريقةٍ آليّةٌ مصطنعةٌ لا تُرضيهم أو تساعدهم. لكن المثال الذي ذُكر أعلاه مثالٌ على القيام بالأتمتَة (automation) بطريقةٍ خاطئةٍ بالكامل (إلا إذا كان هدفُك هو إغاظة العميل وخسارة رضاه، في هذه الحالة أقترح عليك أن تحاكي هذا المثال بالضّبط).
في الواقع، أقوم بأتمتة معظم مهام مشاريعي التّجارية. ليس لديّ خيارٌ آخر، فأنا أُدير أعمالي كمستقل، إضافة إلى 4 كورسات، مدوّنتين صوتيّتين، بعض قوائم البريد الإلكتروني وأكثر- في الوقت نفسه، بنفسي وبدون مساعدةٍ من أحد.
لكن على عكس المثال السّابق، أؤتمت أعمالي بشكل لا يسبب إزعاجًا لأي من زبائني.
عندما تسجّل في القائمة البريديّة على سبيل المثال، سيتم الترحيب بك برسالةٍ تعبّر لك عن امتناني في قالبٍ جاهز فيه اسمُك. ستعرفُ أنّني لم أكتب هذه الرسالة خصيصًا لك أنت، لكنك لن تنزعج أيضًا من ذلك – كما أتمنى- لأنني قمتُ بأتمتَة تلك الرسالة.
وفقًا للدراسات فإنّ 75% من الناس يتوقّعون تلقّي رسالةً ترحيبية عندما يشتركون في نشرةٍ (newsletter) عبر البريد الإلكتروني. ومن وجهة نظر تسويقيّة، تزيد الرسائل الترحيبية العائدات بنسبة 320% أكثر من الرسائل الدعائيّة الأخرى.
يقوم أغلب النّاس بأتمتة رسائل الترحيب بمشتركي قوائمهم البريدية الجدد دونَ أي يعوا أنهم في طور عمليّة الأتمتة بالفعل. إذا قمت بأتمتة تلك الرسائل الترحيبيّة بشكلٍ صحيحٍ يتّسق مع هويّتك وهويّة شركتك وبطريقةٍ تُرضي العميل، فسيعود ذلك عليك وعلى نشاطك التّجاري بعائدٍ إيجابي.
تعمل الأتمتة بصفتها امتدادًا لهويّتك وهويّة شركتك. ولذلك، فإنها يجب أن تكون بطريقتك الخاصّة وبنبرتك المميّزة، وليس كما تقوم به بعض الشّركات الكبيرة: " عميلُنا العزيز، من فضلك انتظر لمئتين دقيقة حتى تتلقّى ردًا جاهزًا مقَولبًا وغير مفيد".
يمكنك أيضًا -بجانب الرسائل الترحيبية- أن تقوم بأتمتة رسائل ذات محتوى مسلٍّ كقصصٍ ممتعة أو شيء من هذا القبيل.
قمت بأتمتة معظم مهام عملية تهيئة المستخدمين الجدد للعملاء الجدد في موقعي الخاص بتصميم مواقع الويب. وقد وفّر ذلك عليّ ساعاتٍ من العمل أسبوعيًّا ولم يؤثّر سلبًا -ولو بنسبةٍ بسيطة- على نسبة العملاء المُحتملين الذين قاموا بتوظيفي.
باستخدام أدواتٍ مثل Zapier، تستطيع أن تقوم بالأتمتة بذكاءٍ وسهولة، ومن دون الحاجة لكتابة أي سطر برمجي. أستخدمُ Zapier مثلًا لإرسال رسالة أوتوماتيكيًّا كلما فشلت عملية الدّفع مُقابل أحد الكورسات التي أبيعها.
هذا يحدث لعدّة مرّات في الأسبوع، لكنّني إن لم أفعل شيئًا حيال فشل تلك التحويلات، سأقوم بخسارة الكثير من أرباحي.
ولذلك بدلًا من عدم فعل شيء حيال فشل الحوالات البنكيّة وتمنّي أن يحاول العميل الدفع مرّةً أخرى، أستخدمُ Zapier لأرسل له رسالةً مفادُها أنّه لم يكن الخطأ خطأه، مع بعض التعليمات التي تشرح كيفية الدفع باستخدام وسائل أخرى.
تُرسل الرسالة في غضون ثواني من فشل التحويل. تُرسَل من عنوان بريدي الإلكتروني وتُكتب بنفس الطريقة التي أكتب بها الرسائل الشخصية (بدون أحرف كبيرة، بأسلوبي، وبتوقيعي الاعتيادي). ليس عليهم أن يتواصلوا معي مباشرةً لطلب المساعدة، وليس عليهم أن ينتظروني حتى أستيقظ (إذا كانوا يحاولون الدّفع الساعة الثالثة بعد منتصف الليل). يتم التواصل معهم على الفور برسالةٍ لطيفة مع بعض الخطوات البسيطة لحل المشكلة. ربّما تتفاجأ عندما تعلم أنّ هذه الرّسالة لها معدّل نجاح يبلغ 96%.
أستخدمُ أيضًا قائمتي البريديّة لأتمتة كل ما يتعلّق بالكورسات التي أقدّمها. قيامي بذلك يسمح لي بإدارة عدد من الكورسات المختلفة مع العديد من الطّلاب في الوقت نفسه.
أقدّم خيار فترة التجربة المجّانيّة في معظم كورساتي. فإذا كنت مهتمًا، يمكنك الحصول على بعض الدروس المجّانية عن طريق تسجيل بريدك الإلكتروني. أبدأ عن طريق الأتمتة بواسطة MailChimp في إرسال الرسائل أو الدروس مباشرةً - فينال العميل ما سجّل للحصول عليه على الفور وأرسله له المزيد من العيّنات المجّانيّة والمعلومات بشكلٍ يومي.
أستخدم MailChimp أيضًا لاستثناء الطلّاب الذين قاموا بالتسجيل في الكورس والدّفع من الرسائل المؤتمتة التي تحتوي دروسًا مجّانية. مما يعني أنه إذا اشتريت الكورس في فترة التجربة المجّانية (التي تُرسل فيها رسائل مؤتمَتة) سوف تتوقف عن تلقّي تلك الرسائل على الفور. لقد قمتٓ للتوّ بشراء محتوى الكورس على كل حال، لذلك لست بحاجةٍ لتكدّس صندوق بريدك الإلكتروني بالرسائل التي تقدّم لك المحتوى المجّاني.
ثم أقوم بإضافة العملاء الذين قاموا بشراء محتوى الكورس لقائمة بريدية أخرى (قائمة ما بعد الشراء). وهذا له عدّة فوائد:
- أن أريهم كيفية استعمال أدوات الكورس.
- أن أعلّمهم كيفية الوصول لكل المميزات والدروس التي يحتويها.
- أن أخبرهم عن كيفية الوصول لأقصى استفادة من محتويات الكورس
عدد المشتركين في دوراتي 4000 طالب نٓشِط تقريبًا، وتأتيني رسالةٌ واحدةٌ فقط أسبوعيًا لطلب الدعم/المساعدة، وذلك لأنني أقوم بأتمتَة رسائل البريد الإلكتروني التي تشرح هذه الأمور.
معظم الرسائل المؤتمتة التي أرسلها للعملاء بعد الشّراء تحتوي على آلية للتغذية الراجعة ، وذلك لأعرف ما هو رأي العملاء بالكورس الذي اشتروه، للتأكد من أنهم يستفيدون من الكورس بشكلٍ كامل ولأرى ما هي العوائد الإيجابيّة التي حصلوا عليها منه ( وهذه طريقةٌ رائعةٌ للحصول على شهادات التوصية testimonials وقصص النجاح ). يمكنك أيضًا أن تقوم بأتمتة ما يتعلّق بالتغذية الراجعة Feedback بشكلٍ مستقل باستخدام أدوات مثل Typeform لطرح الأسئلة وجمع الإجابات.
الإمكانيّات والفوائد التي يمكنك الحصول عليها من أتمتة قائمتك البريدية والشؤون الأخرى في شركتك كثيرةٌ جدًا. وإذا استعملتَ الأتمتة بطريقةٍ صحيحة، فسيسعدُ عملاؤك لعنايتك بهم وباهتمامك الذي يحمل صٓبغةً شخصيّة، حتى وإن كان ذلك بطريقةٍ مؤتمتة. لا تنهج نَهج الشركات الكبيرة -التي تفشل غابًا في العناية بعملائها- في الأتمتة.
يمكنك أن تستعمل الأتمتة لتكون امتدادًا لأسلوبك الشخصي المتفرّد ولكي تفيد وتساعد العملاء الذين يريدون ويحتاجون أن يتواصلوا معك ( حتى إن أرادوا ذلك في الساعة الثالثة صباحًا).
ترجمة -وبتصرف- للمقال Make automation great again لصاحبه PAUL JARVIS.
حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.