في رحلة البحث عن الاستثمار المناسب لإطلاق شركتك الناشئة، أو للانتقال إلى مرحلة جديدة من عمرها، أو عند البحث عن العملاء، أو تقديم عروض المبيعات وغير ذلك من شؤون ريادة الأعمال، سيقابلك المستثمرون أو العملاء المحتملون بالتشكيك والاستنكار، وهذا أمر طبيعي جدًّا، ولكن هناك قاعدتان أساسيتان يجب عليك تذكّرهما على الدوام لتتمكن من إثارة اهتمام المستثمرين أو العملاء وترفع شكوكهم حول ادعاءاتك وتوقعاتك المستقبلية.
القاعدة الأولى: "ماذا يعني هذا؟" ("So What")
أستخدم هذه القاعدة بشكل دائم عندما أقدم النصائح للشركات الناشئة والشركات التي تمر بمراحلها الأولى، وفي الواقع يمكن تطبيق هذه القاعدة في أي نوع من أنواع عروض المبيعات، بصرف النظر عن المرحلة التي تمر بها الشركة.
وسبب تسميتي لهذه القاعدة بهذا الاسم هو أنه يساعد على تذكرها بسهولة خلال المحادثة أو في العروض التقديمية، وهي عنصر أساسي في مختلف أنواع عروض المبيعات والعروض التقديمية وقد يشار إليها في مصادر أخرى باسم مختلف وبتفصيل أكبر.
وفيما يلي توضيح هذه القاعدة بشكل مبسّط:
يجب أن لا تنسى أنّ المستثمرين يشعرون بالريبة والشكّ بشكل دائم عندما تبدأ العمل معهم، وهم محقّون في ذلك، فأغلب الاستثمارات التي يدخل فيها المستثمرون الملائكة وأصحاب رؤوس الأموال المخاطر تبوء بالفشل، أو تكون عائدات الاستثمار فيها أقل بكثير من قيمة الاستثمار التي بدؤوا بها، وهم يقدّرون أنّ لكل 5 استثمارات يدخلون بها فإن واحدًا منها فقط سيعود عليهم بعائد مقبول، وأن لكل 25 استثمارًا فإن واحدًا منها فقط يعود عليهم بعائد ممتاز.
بالإضافة إلى ذلك، يمرُّ على هؤلاء المستثمرين الكثير من العروض التي يزعم أصحابها بأنّها ستغير العالم ، الأمر الذي يدفع المستثمرين إلى عدم الاكتراث بمثل هذه العروض المبالغ فيها، وهذا الأمر ينطبق كذلك على العملاء المحتملين.
ونتيجة لذلك، يجب عليك أن تتذكر أنّه في كل مرة تدلي بها بعبارة أو جملة توضّح من خلالها فائدة أو منفعة للمستثمرين أو العملاء (منتجك، خدمتك، منهجيتك، نموذجك الربحي، ... الخ) عليك أن تتخيل أن القارئ أو المستمع سيتساءل مباشرة: "وماذا يعني هذا؟" ( “So What”)
احرص على الإجابة عن هذا التساؤل من خلال تقديم الأدلة والبراهين بطريقة معينة، فعلى سبيل المثال استخدم عبارات مثل:
اقتباس"والفائدة التي سنجنيها من هذا ...."
أو:
اقتباس"السبب الذي يجعل هذا الأمر مهمًّا هو...."
أو:
اقتباس"الفرق بين ما نقدّمه وما هو متوفّر في السوق.....".
ويمكن أن تختم ادعاءاتك وتدعم صحتها بمثال أو اقتباس لأحد عملائك.
فيما يلي مثال يوضح هذه النقطة:
- الادعاء الأولي: "يتضمن نظامنا تحليلات حسابية متقدمة تم إنشاؤها بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتقنية MIT، وقد نشرت كذلك في أحدث الدوريات العالمية في هذا المجال".
- دعم الادعاء بقاعدة "ماذا يعني هذا؟": وهذا مهمّ جدًا، فعن طريق المعلومات الفريدة التي يوفّرها نظامنا إلى عملائنا من الطيارين فقد تمكّنوا من تقليل الوقت اللازم لـ ______ بنسبة 75% ليتوقّعوا توفير ما معدّله 50,000$ سنويًا لكل مشروع استخدموا فيه نظامنا. وفي الواقع، أخبرنا نائب رئيس شركة Google أنّهم استطاعوا القيام بـ________، وهو أمر لم يكونوا قادرين على إنجازه قبل استخدام هذا النظام".
قد تحتاج في كثير من الأحيان إلى إعادة ترتيب العبارات التي ستدلي بها إلى الجمهور، وذلك عن طريق عكس الترتيب لتبدأ بالجملة التي ستؤثّر في الجمهور ليأتي بعدها الادعاء، وبمعنى آخر ابدأ بالفائدة المرجوّة ثم تكلّم عن طريقة تحقيقها.
لو طبقنا هذا على مثالنا السابق يمكن أن نقول:
اقتباس"تمكّن عملاؤنا من الطيارين تقليل الوقت اللازم لـ________ بنسبة 75% ليتوقّعوا توفير ما معدّله 50,000$ سنويًا في كل مشروع استخدم فيه هذا النظام. إن القدرة التي يمتاز بها نظامنا جاءت نتيجة للتحليلات الحسابية المتقدمة.........".
وجدير بالذكر أنّه يمكنك استخدام هذه القاعدة عندما تستعرض العرض التقديمي، أو العرض التقديمي الخاص بملخّص المبيعات، أو المنشورات المطبوعة، أو المحتوى الذي سينشر على مواقع الإنترنت .... الخ.
القاعدة الثانية: "أشك في صحة ذلك"
هذه القاعدة مشابهة للقاعدة الأولى، فبعد أن تدلي بادعاءاتك أو توقعاتك المستقبلية عليك أن تتخيل أنّ ما يدور في أذهان الجمهور هو عبارة "أشك في صحة ذلك" ، بمعنى أن الجمهور سيشكّك بصحّة ادعاءاتك وتوقّعاتك بمجرد الاستماع إليها.
لذا كن حريصًا على أن لا تطالب الجمهور بالاقتناع بشكل كامل بمزاعمك ما لم تقدّم إليهم الأدلّة الكافية، وهناك الكثير من الطرق للقيام بهذا وإليك بعض الأمثلة:
- آراء العملاء أو المستثمرين المحتملين (غالبًا ما يكون هذا الأكثر تأثيرًا وخاصة عندما يكون حجم العينة كبيرًا).
- بعض النتائج السابقة الخاصة بشركتك.
- اقتباسات من أشهر المحللين في مجال عملك أو من نقّاد معروفين.
- إحصائيات من تقرير تحليل أو استبيان مستقل.
- أدلة من منافسيك أو الباعة الآخرين في نفس مجال عملك (قد يتم الإفصاح عنها في مقابلة أو منشور مطبوع ... الخ).
لنأخذ مثالًا لنتعرف بشكل أكبر على طريقة سير الأمور في أرض الواقع:
لنفترض أنّك أدليت بالتصريح التالي خلال العرض التقديمي:
اقتباس"سنكون قادرين على التوسّع في سوقين مُختلفين Verticals، الأمر الذي سيرفع حصّتنا الإجمالية إلى أربعة أضعاف".
تخيل أن أحد المستثمرين الذي يستمعون إلى كلامك سيفكر "أشك في صحة ذلك".
في الواقع سيكون هذا المستثمر في ريب من قدرتك على التوسع في سوقين مُختلفين بمجرد إجراء بعض التحسينات البسيطة، أو قد يشكك هذا المستثمر في قدرتك على رفع حصّتك في السوق إلى أربعة أضعاف.
إليك بعض الجمل البديلة التي يمكن أن تساعدك في إزالة الشكّ من نفوس المستمعين:
- بعد إضافة التحسينات البسيطة مثل (أ، ب، ج، د) سنكون قادرين على التوسع في سوقين مُختلفين جديدين ألا وهما التصنيع والتوزيع، وقد اتفقنا مع بعض العملاء الأوائل في هذين المجالين، ممّن يرى أن مجموعة التحسينات الحالية مفيدة ونافعة. بالإضافة إلى ذلك، فقد قام 10 عملاء محتملين في هذين المجالين بإجراء اختبارات أولية على المنتج الحالي وصرّحوا بنيّتهم في شراءه عندما تتوفر الخصائص (أ، ب، ج، د).
- إن توسّعنا إلى مجالي التصنيع والتوزيع سيؤدي إلى مضاعفة سوقنا المتوفّر من 0.5 مليار دولار إلى 2 مليار دولار أي بمقدار أربعة أضعاف وذلك حسب التقرير الذي نشرته Shockwave Innovations مؤخّرًا.
قد تحتاج في بعض الأحيان إلى الاستعانة بالمنطق الاستنتاجي لتدعم صحة ادعاءاتك، فعلى سبيل المثال:
اقتباس"بما أن (س) أكبر من (ص)، و(ص) أكبر من (ع)، فإن (س) أكبر من (ع)".
ولتنجح هذه الطريقة، يجب أن يكون الاستدلال (أي العبارتان الأوليان) مشهورًا وغير قابل للنقاش، وإلا فستكون مضطّرًا إلى إثباته كذلك.
ما هو المقدار المعقول لحجم التوقعات والادعاءات
غالبًا ما أُسأل عن مقدار التفاؤل والطموح اللذين يجب أن يتمتع بهما الشخص عند الإدلاء بادعاءاته وتوقعاته.
لقد اعتاد المستثمرون على رؤية العروض التي يتوقع أصحابها أنّهم سينقذون العالم من خلالها، كما اعتادوا على رؤية التوقّعات المالية التي تشبه في ارتفاعها عصا الهوكي التي ترتفع مستقيمة إلى الأعلى وبسرعة كبيرة. ويجدر بكل هذا أن يدفعك إلى أن تكون متفائلًا وطموحًا، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن الجمهور المشكّك سيقلل من شأن هذه التوقعات منذ البداية.
لا تذهب بك المذاهب في ادعاءاتك لتصل إلى درجة تجعلك تبدو أمام الجمهور ساذجًا وبعيدًا عن الواقع، وحاول أن تكون توقعاتك وادعاءاتك ضمن نطاق المعقول مع القليل من الطموح والثقة، ولا تذهب بخيالاتك بعيدًا جدًّا.
ادعم ادعاءاتك وتوقعاتك على الدوام بالاستعانة بهاتين القاعدتين، وسيساعدك هذا على المحافظة على طموحك ضمن حدود المعقول.
ترجمة -وبتصرّف- للمقالين: The "Yeah, Right" Rule و The "So What" Rule لصاحبهما Gordon Daugherty.
حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.