قد تتغير بعض الأمور في خضم سير عملية خدمة العملاء فجأةً، وذلك بعد أن كانت تسير بطريقة رائعة، وحينها يبدأ النظام المتوازن في التذبذب ومواجهة خطر التأثير على جودة الخدمة لتتحول إلى خدمة متوسطة.
التطور هو أمر محتوم في أي شركة ومرغوب أيضًا، لكن لا يمكن لعملية التطور أن تحدث بسهولة، إذ يمكنك توسيع نطاق دعم العملاء مع الحفاظ على جودة الخدمة من خلال بذل الجهود واتخاذ الإجراءات المناسبة. يكمن التحدي الأول في معرفة ما هو المقصود من توسيع نطاق الخدمة، أما التحدي الثاني فهو يتمثل في معرفة الوقت المناسب للتوسيع بطريقة مثالية قبل أن يتعطل كل شيء، وسيساعدك مقالنا هذا على مواجهة تلك التحديات.
ما المقصود بتوسيع خدمة العملاء؟
تبدأ عملية توسيع نطاق خدمة العملاء بإجابتك على السؤال التالي: كيف يمكن توفير تجربة خدمة عملاء عالية الجودة ضمن الإمكانيات المتوفرة؟ وللإجابة على هذا السؤال، يجب أن تعلم:
- كم عدد التجارب الأخرى التي عليك إنجازها؟
- ما المقصود بالجودة العالية؟
- ما هي الموارد المتوفرة أو من الممكن توفيرها؟
سنعود إلى إستراتيجيات التوسع لاحقًا في هذا المقال، لكن يجب علينا أولًا أن نفهم الظروف التي قد تدفعنا لتوسيع خدمة العملاء.
بعض المحفزات لتوسيع خدمة العملاء:
- إضافة عملاء جدد: يمكن أن يؤدي تزايد وتيرة الأعمال العادية إلى زيادة حجم تفاعلات خدمة العملاء، حتى وإن لم يتغير شيء آخر.
- تغطية مناطق زمنية أكثر: يتطلب الحفاظ على الجودة تعيين فريق دعم للعمل خلال ساعات إضافية، وذلك في حال كان عملاؤك موزعين جغرافيًا، أو إذا كان استخدام منتجك يتجاوز ساعات عملك.
- التشجيع على محادثات أكثر: قد تخلق بعض القرارات المهنية متطلبات دعم، مثل توفير الدعم للشخصيات المهمة أو مساعدة العملاء مجانًا أو إضافة إدارة للحساب.
- تقديم قنوات أخرى للدعم: إضافة الدعم المباشر أو الاتصالات الهاتفية مع بعض العملاء المحددين يمكن أن يغير من عبء العمل.
- دعم منتجات وخدمات إضافية: ترتبط تعديلات المنتج بتعديلات على خدمة العملاء، وخاصةً في عالم البرمجيات. قد يحتاج العملاء الذين لم يراسلوا الشركة منذ شهور أو أعوام خدمةً ما، بينما يعمل فريق التسويق على جذب العملاء المحتملين وذلك من خلال مجموعة من الاستفسارات المعتادة.
مهما كان السبب الذي يدفعك إلى توسيع نطاق خدمة العملاء، فأنت بحاجة إلى معرفة مدى فاعلية الطريقة التي تستخدمها، ويبدأ ذلك من خلال معرفة الكيفية التي تبدو عليها تجربة خدمة العملاء الرائعة.
تحديد معيار للجودة لقياس درجة رضا العملاء
تُعَد مقاييس درجة رضا العملاء وصافي نقاط الترويج من الأدوات العملية التي تستعين بها فرق خدمة العملاء لمراقبة تصورات العملاء، لكنها لا تعادل مقياس الجودة، فالخدمة التي يَعُدها عميل ما ممتازةً، قد تكون سيئةً بالنسبة إلى عميل آخر.
يجب تحديد طريقة داخلية ومتسقة ومُتفق عليها لقياس ما يصفه فريقك بالخدمة ذات الجودة العالية. وإن كنت تملك مقياسًا لجودة خدمة عملاء، فإنك على بداية طريق للنجاح، لكن إن لم تكن تمتلك واحدًا، فقد ذكرنا طريقة تشكيل واحد في هذا المقال.
قد تحتاج إلى تغيير تعريفك عن الخدمة الجيدة عند توسيعك لخدمتك، إذ من الممكن ألا تتطابق المقاييس والأهداف لفريق مكون من أربعة أشخاص مع فريق مكون من عشرة أشخاص، وبالمثل، محددات الجودة عند عشرة أشخاص لن تكون ذاتها عند 25 شخص. يكمن التحدي في اختيار أهداف واقعية جديدة وبناء اسم جديد، مع المحافظة على القيم الكامنة عند فريقك وشركتك. ابدأ بمراجعة ما تعلمه عن عملائك الحاليين والعملاء الجدد، من خلال معرفة أكثر الأشياء التي يهتمون بها، والأشياء التي لا يهتمون بها.
من الضروري أن يكون هناك بعض التخمين القائم على المعرفة في تحديد معيار جديد، لكن ينبغي أن يتمثل هدفك في معرفة الأماكن التي تحتمل تخفيض معاييرك الداخلية دون التأثير على خدمة العملاء، فعلى سبيل المثال، ليس هناك داعٍ لتخصيص مدة الرد خلال عشر دقائق إذا لم يمانع عملاؤك على الرد خلال ساعة.
غيِّر من معيار الوقت واستغل هذه الطاقة في مكان احتياجها، واقترح معيارًا جديدًا للجودة وناقشه مع فريقك: هل الأهداف قابلة للتحقيق؟ هل تتطابق المعايير مع ما تعرفه عن عملائك الحاليين؟ كم شخصًا ستحتاج للعمل على تحقيقها؟
من خلال امتلاك معايير جودة مُتفق عليها أو مجموعة معايير لكل قناة، يمكنك البدء في العمل ضمن خطة ليتمكن فريقك من تحقيق المعايير وفق مقياس معين.
4 طرق لتوسيع نطاق خدمة العملاء
قد تتوقع زيادة نسبة العملاء بمقدار 50% في العام القادم إلا أنه من غير المتوقع زيادة عدد موظفي خدمة العملاء بنسبة 50%. يمكنك توسيع خدمة العملاء من خلال الاعتماد على بعض من هذه الإستراتيجيات بناءً على وضعك الحالي. يمكنك البدء بإستراتيجية واحدة أو اثنتان، ومن ثم تطبيق إستراتيجيات أخرى لاحقًا.
1. تحسين سير عملية خدمة العملاء
أجرِ بعض التغييرات التي من شأنها مساعدة فريقك على قضاء وقت أكثر في خدمة العملاء مع العمل على توفير بيئة عمل أفضل.
- تحسين نظام الرد الآلي: قد لا تحتاج الفرق الصغيرة أو حالات الدعم منخفضة الوتيرة إلى الاستعانة بالرد الآلي. لكن مع زيادة الوتيرة، فإن خدمة الرد الآلي ستساعدك على بناء الثقة مع العملاء، وذلك من خلال إعلامهم بأنك حاضر لحل المسألة وضمان تلبية التوقعات وتوفير خيارات الخدمة الذاتية.
- إعادة تصميم نقاط التواصل: يمكن الرد على الأسئلة الواضحة والمنتهية بسرعة أكبر من الأسئلة المبهمة. من المحتمل أن تزيد نقاط التواصل الجيدة من فرص تلقي أسئلة واضحة مع إضافة وسائل مساعدة أخرى للتقليل من وتيرة الأسئلة.
- منح فريقك صلاحيات أكثر: من الأمور التي تؤخّر من خدمة العملاء أن يعرف فريقك الطريقة الصحيحة لفعل أمر ما، لكنهم غير مخولين للقيام به، لذا فإن إعطاء الصلاحيات والتوجيهات الواضحة عند اتخاذ الإجراءات المناسبة يقلل من الوقت الضائع ويخلق تجربة دعم أفضل للعملاء والفرق.
- تبسيط التوجيهات: انتبه للمحادثات ذات الوتيرة العالية والتي تستهلك وقتًا غير متكافئ مع مسائل العملاء الآخرين، هل يمكنك تحديد السياسات والإجراءات التي تستهلك وقتًا على حساب وقت العملاء الآخرين؟
- شارك الممارسات الجيدة: قد تلاحظ نجاح أحد الموظفين في تقديم خدمة عملاء سريعة لأنه حسَّن من أسلوب دعمه، شارك هذه الأساليب مع بقية الموظفين للارتقاء بمستوى الفريق كله.
- التخطيط في حالة الأزمات: في حال مشارفة فريقك على الاكتفاء، فإن أي خطأ يمكن أن يسبب سلسلةً من التأخير، لذا فإن تحضير خطة واضحة لوقت الأزمات سيساعد على التخفيف من أثر الأزمة.
2. استثمر بأدوات أفضل
امتلاك خليط جيد بين البرمجيات والمساعدة التقنية سيجعل خدمة الدعم احترافيةً وذات جودة عالية.
- اجعل المهام المتكررة تلقائية: وفّر الوقت واخلق تناسقًا سهلًا من خلال تنفيذ مهام سير العمل للتعامل تلقائيًا مع مهام خدمة العملاء الشائعة.
- نظِّم أولوياتك بفاعلية: هناك العديد من الطرق لمعالجة قائمة الأعمال النشطة مع الحصول على أفضل خدمة من فريقك. ابحث في تقنيات الذكاء الاصطناعي عن الأدوات التي يمكن أن تساعد على تحسين عمل فريقك. ما تزال تقنية التواصل مع العملاء مباشرةً غير موجودة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، لكن التصنيف والاقتراحات التي تعمل بالذكاء الصناعي ستؤدي إلى نتيجة رائعة.
- تحسين الأدوات الداخلية: كم مرةً ينتظر فريقك مهندسًا ليؤدي عملًا يمكن تنفيذه من خلال أداة بحث بسيطة؟ اغتنم الفرص التي من شأنها تحسين الدعم مع تحقيق خدمة أسرع.
- دمج بيانات العملاء: ساعد فريقك على فهم العملاء ليتمكنوا من تقديم دعم سريع ومخصص من خلال إدماج بيانات العملاء ضمن السياق عند الحاجة إلى ذلك.
- استخدام برامج دعم وخدمة العملاء: ثمة بعض البرامج المتاحة لتسهيل وتسريع عمل الفريق وتنظيمه، مما يساهم ذلك في تقديم خدمة احترافية وبجودة عالية مرضية للعملاء، ومن أمثلة هذه البرامج نذكر برنامج زيتون الذي يدعم اللغة العربية بشكل كامل، إضافةً إلى إمكانية تخصيصه بلغات أخرى.
3. توسيع الخدمة الذاتية وقاعدة المعلومات
أفضل دعم هو الدعم الذي يحصل عليه العملاء بأنفسهم دون الحاجة لطلب المساعدة، وفيما يلي بعض الاستراتيجيات المهمة:
- توسيع قاعدة المعلومات: تحتاج عملية تشكيل قاعدة بيانات شاملة ومنسقة إلى جهد كبير، لكنها تعطي نتائج رائعة.
- زيادة المعرفة بالخدمة الذاتية: تزداد أهمية قاعدة المعلومات عندما يعلم العملاء بوجودها ويجدون ما يحتاجونه ضمنها.
- بناء مجتمع: هل لديك مساحة ليتكلم فيها العملاء عن منتجك أو عن خدماتك أو عما يقومون به باستخدام خدمتك؟ اعمل على توفير مجتمع يتمكن من خلاله العملاء من مساعدة بعضهم البعض.
- تحسين الإجابات المحفوظة: ثمة أسئلة يتكرر طرحها من قِبل العملاء باستمرار، لذا فإن توفير إجابات جاهزة وشاملة سيساعد فريقك على الإجابة بسرعة، وبغض النظر عن جودة المعلومات لديك، فإن تجهيز إجابات واضحة ومختصرة ودقيقة سيحسّن من خدمة العملاء لديك.
4. بناء فريق خدمة عملاء أكبر
ستحتاج في بعض الحالات إلى زيادة عدد موظفي خدمة العملاء، وبغض النظر عن كفاءة فريقك في العمل، لن يتمكن العدد القليل من الموظفين من توفير خدمة عملاء جيدة.
وإذا كنت تريد توظيف أشخاص للدعم، فحاول أن توظفهم مسبقًا قبل مرحلة التطوير. افسح لهم المجال للاستعداد للضغط حتى تكون النتائج مرضيةً للجميع.
تأكد من أن هناك أكثر من وسيلة لتوسيع فريقك الخدماتي عوضًا عن التوظيف المباشر، وإليك فيما يلي بعضًا منها:
- تجريب دعم الشركة الكامل: إذا كان الجميع قادرًا على تقسيم العمل عند الحاجة، فيمكنك إذًا تحمُّل ارتفاع وتيرة العمل المؤقت بسهولة وتوفير الوقت لتوظيف موظفين بدوام كامل.
- الاستعانة بمصادر خارجية: ستساعد استعانتك بمصادر الدعم الخارجية على توسعة فريقك بتكلفة منخفضة، إما بطريقة موسمية، أو مستمرة باستخدام طرف ثالث BPO.
- تغيير توزيع تغطية الخدمة: قد لا تكمن المسألة في القدرة الاستيعابية وإنما في سوء توزيع قدرة الدعم مع القدرة الطلبية؛ لذا يمكن لتغيير توزيع الموظفين لساعات مختلفة أو في مناوبات العطل أن يساعد على إدارة مسائل العملاء بفاعلية.
- استثمر في التدريب: إذا تكبَّد كل عضو في فريقك عناء خدمة موظفين أكثر في نفس اليوم، فإن هذا سيساعد على تحقيق التوسع مؤقتًا على الأقل، لذا استثمر بعضًا من وقتك في مراجعة تدريب خدمة العملاء واغتنم الفرص في تقوية فريقك.
في الختام
أشار الكاتب مارشال غولدسميث Marshall Goldsmith في كتابه "ما وضَعك هنا لن يأخذك إلى هناك What Got You Here Won’t Get You There" إلى أن الوسائل والعادات التي ساعدت على تحقيق نجاحنا الأولي قد تمنعنا من تحقيق نجاح أكبر، وأن توسيع نطاق دعم العملاء بنجاح قد يتطلب الاستغناء عن بعض الطرق والمنهجيات التي لا تعمل ضمن نطاق أكبر. تكمن الحيلة في استبدال هذه الطرائق بطرائق جديدة مع تحقيق مميزات تجربة خدمة العملاء ذاتها.
تتطور الفرق مع تطور الشركة عند امتلاكها لقيم واضحة للفرق ومقاييس محددة للجودة، دون التخلي عن التركيز على العملاء.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال How to Scale Customer Support Without Compromising Service لصاحبه Mathew Patterson.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.