ليس لدينا وقتٌ كثير. حتى وأنت تستقطع وقتًا لقراءة هذا المقال، فإنّ إشعارات سطح المكتب بدأت فعلًا في التراكم؛ فترى رسائل سلاك (Slack) تزداد، وتسمع الهاتف يهتزّ؛ ممّا يعني التزاماتٍ أكثر ومهامّ أخرى تحتاج لإضافتها إلى قائمة المهامّ التي لا تنتهي. يتسبّب هذا الكمّ المتزايد من الضّغط في جعل مهامّ مثل تقويم تجربة المستخدم (User eXperience) على موقعك تبدو استغلالًا تافهًا للوقت. بينما الواقع أنّ كلّ ما قمت به من تصميم رسومات، وإنشاء محتوى، وتطوير ويب، وتحسين لمحرّكات البحث، وتسويق عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وإعلانات مموَّلة يمكن أن يذهب أدراج الرياح إنْ لم تحسّن تجربة المستخدم.
تقع الكثير من الشركات في فخّ التركيز المبالغ فيه على المبيعات وحركة البيانات، دون تدعيم الموقع الذي ترسل إليه الزوّار. السقوط في شَرَك لعبة الأرقام طريقة مؤكَّدة لتحطيم سمعتك الإلكترونيّة، والإضرار بتماسك الهويّة التجاريّة (Brand). ستجد أنّ النجاح في مشهد رقميّ تُخصِّص فيه الكثير من الشركات موارد مهمّة لإرضاء الزوّار أمرٌ صعبٌ جدًّا، إنْ لم تكن تدرك قيمة زوّار موقعك (زبنائك).
تدرك – إذن – أهميّة تجربة المستخدم. تدرك كذلك ألّا وقت كثيرًا لديك. كيف يمكنك الرفع لأقصى حد من مستوى الاستفادة من تحليل تجربة المستخدم، في وقت قصير؟
إنْ كنت تعرف هويّتك التجاريّة جيّدًا وتفهم مالذي تبحث عنه، فيمكنك إكمال تقويم تجربة المستخدم في ما لا يتجاوز خمس دقائق. سواءٌ أخذت خمس دقائق مرّةً في الشهر، أو مرّةً في الأسبوع، فتستطيع إجراء تحسينات كبيرة في معدّل الارتداد (Bounce rate)، ومعدّلات التحويل (Conversion rates)، و – عمومًا - العائد على الاستثمار (Return on investment, ROI) من حملاتك التسويقيّة.
الجانب البصري (دقيقتان)
تشبه ردّةُ فعل شخصٍ يزور موقع ويب لأوّل مرة ردّةَ فعله عند أوّل لقاء بشخص لا يعرفه، إذْ ستنبني ردّة الفعل هذه على الجانب البصريّ. تضع الطبيعة البشريّة وزنًا كبيرًا للانطباع الأوّل، فالبشر يرغبون في الشعور بأنّهم محقّون في حكمهم، حتى وإنْ لم يجدوا الفرصة لإلقاء نظرة أخرى. مهما قيل، فلن يكون ذلك كافيًّا لوصف أهميّة الانطباعات الأولى لزوّار موقع ويب، في ظلّ وجود هذا العدد المَهول من الشركات على الشبكة للاختيّار بينها.
يكفي زرّ خارج عن موقعه، أو فقرة بمحاذاة خاطئة، أو خطأ مطبعي، لكي يرتدّ الزوّار إلى موقع منافس. حتى إنّ موقعًا خاليًّا من الأخطاء يمكن أن يتسبّب في انطباع سيّئ إنْ لم يتمسّك بما فيه الكفاية بالهويّة التجاريّة، والهدف العام للرسائل التي يريد تمريرها.
خصّص دقيقتيْن لمراجعة الجانب البصري للموقع من وجهة نظر الزائر، وتأكّد من تسجيل أي اختلالات، أو محتوى خارج الإطار المخصّص له، أو ترتيب غير مناسب لمخطّطات الصفحة. ركّز – خصوصًا – على العناصر البصريّة التاليّة عند إجراء تحليل تجربة المستخدم في خمس دقائق:
- الألوان: هل هي متوافقة مع الهويّة التجاريّة؟ هل اختير الرمز السداسي العشري بما يتوافق مع هدف الفقرة أو الصفحة؟ هل الألوان ناعمة جدًّا أم خشنة جدّا؟
- سهولة القراءة: هل الموقع سهلُ القراءة على كلّ من الأجهزة الجوّالة وأجهزة سطح المكتب؟ هل يُميَّز المحتوى المناسب على كلّ صفحة؟
- الخطأ في المحاذاة: حتى الاختلالات البسيطة يمكنها إبداءُ الكثير عن عمل شركتك وأخلاقيّاتها. إنْ لم يكن بمقدورك إتقانُ موقعك الخاصّ فكيف ستتمكّن من توفير خدمات أو منتجات جيّدة لزبنائك المحتملين؟
- التأثير العامّ: ما مدلول الموقع، أو صفحة منه، من وجهة نظر بصريّة؟ هل يتماشى موقعك ومحتواه مع الشخصيّة التي تعكسها هويّتك التجاريّة؟
التفاعل (دقيقتان)
اطمأننتَ على أنّ الانطباع الأوّل للزوّار جيّد. يأتي الدّور الآن على الأمور الأكثر جدّيّة. هل أنت جاهز لإكمال العمل؟ هل أنت جادّ؟ تحتاج لأن تجعل تجربة المستخدم متناسقةً تمامًا من وجهة نظر بصريّة وتفاعليّة، حتى يقتنع الزوّار فعليًّا بما تقدّمه.
وفّر لزوّارك العمق الذي ينتظرونه من موقع بميزات بصريّة فريدة. بدون الوظائف المناسبة لتكملة التعديلات البصريّة على الموقع، لن يبقى الزوّار طويلًا، ولن يستمرّوا بالتصفّح إنْ لم يجدوا الإجابات التي يحتاجونها على نحو أسهل أو أسرع من المواقع المنافسة.
إنْ كان الجانب الوظيفي من الموقع يحتوي على أخطاء، أو بطيئًا، أو مخادعًا فقد يتسبّب ذلك في إبعاد المستخدِم عن التجربة الغامرة التي تحاول إنشاءها عبر التصميم البصري والمحتوى. خذ الوقت لتقويم العناصر التقنيّة التاليّة بهدف الرفع من مستوى تجربة المستخدم:
- الأيقونات: هل تلبّي الأيقونات حاجات هويّتك التجاريّة أو المجال الذي تعمل فيه؟ هل الرسومات واضحة ومناسبة للمعايير التي حدّدتها؟ هل يمكن للمستخدمين النقر على الأيقونات للحصول على معلومات أكثر إنْ كانوا يريدون ذلك؟
- الأزرار: تأكّد من حصول المستخدمين على نفس القابليّة للتفاعل عبر الموقع، سواءٌ تعلّق الأمر بنصوص الدعوات إلى إجراء (Call-to-action)، أو ألوان الأزرار وأحجامها.
- الروابط: هل تعمل الروابط جميعًا على النحو المرجو؟ هل تُميَّز الروابط التشعبيّة بنفس اللون، وهل تسهُل رؤيتها؟
- النوافذ المنبثقة (Pop-ups) والقوائم المنسدلة (Drop-downs): هل تعمل العناصر البصريّة المُجمَّعة، سواءٌ كانت عناصر قائمة بذاتها أم جزءًا من قائمة، بطريقة مناسبة؟ وهل تندمج في مساحة معيَّنة دون أن تتجاوزها أو تحجُب محتوى مهمًّا آخر؟
- المؤشّر: كيف يتغيّر مؤشّر الفأرة عند التفاعل مع الموقع؟ تأكّد أنّ كلّ تغيير متناسق ومتناسب مع الهدف المُراد منه.
الزيارة (دقيقة واحدة)
تحتاج للقيّام بإجراءات الدقيقة الأخيرة، والانتباه إلى كلّ تفصيل للتأكّد من أن تكون إجابة المستخدم على السؤال هل أنت راضٍ هي "نعم". من المحتمل جدًّا أن يتحوّل الزوّار إلى زبناء، إنْ خصّصت وقتًا لتقويم تجربة المستخدم من الجانب البصري والوظيفي. رغم ذلك، تبقى خطوة أخيرة تتمثّل في تقمّص شخصيّة زوّارك للتأكّد من فاعليّة تجربة المستخدم وجاهزيّتها للرّفع من مداخيلك.
يجب أن تسجّل - أثناء النظر في العناصر البصريّة والوظيفيّة - ملاحظات بالتعديلات التي يمكن إجراؤها. إنْ كانت لديك دقيقة إضافيّة فتصفّح موقعك، كما لو كنت زائرًا، منذ لحظة دخولك الموقع وإلى الخروج منه. هل يستطيع زائر جديد تصفّح الموقع بسهولة من أجل العثور على معلومات يحتاجها، أو البحث عن خدمات تقدّمها، أو تقرير شراء منتج؟
فكّر أثناء تحليل زيّارة مستخدم لموقعك، أنّ الموقع عبارة عن جسر وكلّ صفحة عبارة عن مركبة تنقل المستخدمين من جهة (شخص في حاجة لشيء مّا) إلى أخرى (زبون راض). إنْ لم تكن المركبات موجودة، أو كانت غير صالحة، فسيكون احتمال الانتقال من طرف إلى آخر ضئيلًا جدّا. اجعل تصفّح الموقع سلِسًا للمستخدم كلّ ما تعلّق الأمر بعمليّة شراء.
الهدف من تجربة المستخدم هو نقل المستخدمين من النقطة "أ" إلى النقطة "ب" بدون المرور عبر حواجز، أو طرق مسدودة، أو حتى تشقّقات. قوّم تجربة المستخدم على موقعك، حتى ولو لم تكن لديك سوى خمس دقائق، من أجل الحصول على تدفّق مستمرّ من الزوّار المهتمين، والزبناء الراضين.
ترجمة – بتصرّف – للمقال How to Evaluate Your UX in Under 5 Minutes لصاحبه Kayla Naab.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.