يُعَد اختبار قابلية الاستخدام أساس عملية التفكير التصميمي، ومع ذلك، هناك بعض المشكلات الشائعة التي تقلل من قيمة جلسات الاختبار. سنناقش في هذا المقال أربع مشكلات شائعة ستواجهها عند اختبار النماذج التصميمية الأولية، إضافةً إلى كيفية تجنب كل منها، وسنقدم لك في نهاية المقال ملخصًا للأشياء التي يجب أن تقولها وتفعلها أثناء جلسات الاختبار.
مشكلات شائعة وطريقة الحل
اختبار قابلية الاستخدام ليس بالبساطة التي يبدو عليها، لأن الناس لا يقدمون دائمًا المراجعات الصادقة التي تحتاجها، فعلى سبيل المثال، قد يحاول بعض الأشخاص الابتعاد عن المراجعات السلبية لكيلا يجرحون مشاعرك، أو قد يغفلون عن حقيقة أنك تختبر التصميم، ويظنون أنك تختبرهم شخصيًا، فيحاولون تجنب ارتكاب أي أخطاء، وإليك أربع مشكلات شائعة مع طريقة حلها.
الناس لا يريدون جرح مشاعرك
جميعنا نحب إرضاء الآخرين، وهذا شيء رائع، فهو يحافظ على المجتمع منظمًا ويجعلنا ودودين حتى عندما نتفاعل مع الغرباء، ومع ذلك، قد تمنع هذه الغريزة البشرية المشاركين في جلسات الاختبار من إعطائك ملاحظاتهم الصادقة، فهم يعرفون أنك قد قضيت وقتًا طويلًا في هذا التصميم، فيخشون من توجيه الملاحظات التي يمكن أن تجرح مشاعرك.
قد تعتقد أن هذه مشكلة تافهة، لكنها في الحقيقة شائعة جدًا، فقد وجد العديد من المصممين أن المشاركين في جلسات الاختبار يقدمون ملاحظات إيجابية بنسبة كبيرة جدًا عندما لا يُعَدُّون جيدًا قبل جلسة الاختبار.
الحل: اشرح لهم أنك بعيد عن المنتج قبل جلسة الاختبار
يجب عليك أن تخبر المشاركين في جلسات الاختبار أنهم يستطيعون تقديم ردود أفعالهم الصادقة، بل يجب عليهم ذلك، وتتمثل إحدى الطرائق البسيطة لحل هذه المشكلة في أن تبعد أي تصورات حول مشاركتك الشخصية في هذا التصميم، فيمكنك تقليل التركيز على مدى قربك من هذا التصميم، أو التأكيد على بعدك عنه، مثل أن تخبرهم أنك من شركة أخرى تمامًا.
ومع ذلك، ابتعد عن الأكاذيب الواضحة التي تنكر مشاركتك تمامًا، لأنهم إذا شعروا أنك تخدعهم فسيعود الأمر عليك بنتائج عكسية، فالهدف من الخطوات السابقة هو توفير المساحة لهم ليكونوا صادقين معك، دون الشعور بالحاجة إلى تجنب التعليقات السلبية التي قد تجرح مشاعرك، وهناك طريقة أخرى تتمثل في إخبار المشارك أنك تقدّر حقًا التعليقات السلبية لأنها تتيح لك تحسين التصميم.
يفترض معظم الناس أنك تختبرهم
ينظر معظم المشاركين إلى اختبار قابلية الاستخدام على أنه اختبار لقدراتهم، فيقولون: "إنهم يختبروننا ليعرفوا إذا كنا مؤهلين بما يكفي لإكمال المهمة"، فبصفتنا مصممين، قد ننسى أن معظم المشاركين في جلسات الاختبار ليسوا مصممين أساسًا، وبالتالي قد لا يعرفون ما الذي يعنيه اختبار قابلية الاستخدام.
عندما يعتقد أحد المشاركين في جلسات الاختبار أنك تختبره شخصيًا، فقد يميل إلى التصرف بطريقة مختلفة، مما يجعله أكثر حرصًا عند قيامه بالمهام المطلوبة، لأنه لا يريد أن يظهر غبيًا أمامك، وهذا يعني أن النتائج لن تكون دقيقةً، لأن المستخدم العادي سيكون على الأرجح أقل حرصًا عند استخدامه منتجك.
يميل المشاركون أيضًا إلى تقديم ملاحظات مختلفة إذا افترضوا أنك تختبر قدراتهم، فعلى سبيل المثال، بدلًا من أن يقولوا: "هذه الجملة محيّرة ولست متأكدًا مما يجب فعله بعد ذلك" فإنهم قد يقولون: "أنا آسف لأنني أخطأت في هذه المرحلة، لم أكن أهتم بما يكفي" وهذا يجعل تحديد مشكلات قابلية الاستخدام أمرًا صعبًا، وستحتاج بعد ذلك إلى أن تقرأ ما بين السطور وأن تحلل تصرفاتهم لمعرفة الخطأ الذي حدث بالضبط.
الحل: دعهم يعرفون أنك تختبر التصميم
ابدأ جلسة اختبارك بالقول صراحةً: "لسنا هنا لاختبار قدراتك الشخصية، لكننا هنا لاختبار التصميم. نعلم أن هذا التصميم قد يحتوي على بعض المشكلات، لذا نحن بحاجة إلى مساعدتك لتحديد هذه المشكلات".
يمكنك بهذه الطريقة أن تخبر المشارك بوضوح أنك لا تختبر قدراته، وبالتالي يمكن للمشارك الدخول في عقلية اختبار التصميم، علاوةً على ذلك، عندما يعرف المشاركون أنك تطلب مساعدتهم، فإنك تزيد من احتمالية أن يكونوا صريحين بأفكارهم، ويمكن القول على سبيل التشبيه أنهم يصبحون مراقبين للطلاب الذين يؤدون الاختبار، بدلًا من أن يكونوا الطلاب المختبَرين.
يركز معظم الأشخاص على تحقيق الإنجازات
نحن بطبيعتنا البشرية نحب إكمال المهام، لأن ذلك يسعدنا ويمنحنا شعورًا بالرضا، ويعني ذلك في اختبار قابلية الاستخدام أن المشاركين يميلون إلى التركيز على إكمال مهامهم، بدلًا من المسار الذي سلكوه للوصول إلى هناك.
أحد الآثار المترتبة على ذلك هو أن المشاركين قد يتبنون عقلية "أكمل المهمة بأي ثمن" وينفذون مهامهم بطريقة غير صحيحة، فعلى سبيل المثال، قد يركز أحد المشاركين على إكمال مهمة ما بأي ثمن، لدرجة أنه ينقر ببساطة على كل رابط للتحقق منه إذا كان يؤدي المهمة أم لا، وهذا يعني أنهم سيكملون المهمة بسرعة، ولكن نظرًا إلى أن المستخدم العادي لن ينقر على كل رابط لمعرفة ما يفعله، فهذا يعني أن نتائج الاختبار لن تكون دقيقةً.
هناك مشكلة أخرى في هذا الأمر وهي أنه عندما يشعر الناس بالرضا بعد إكمال المهمة، فإنهم يميلون إلى تقديم ملاحظات إيجابية فقط، وقد ينسون جميع العقبات التي صادفتهم في رحلتهم، ومن ثم يخبرونك أن الرحلة كانت مثاليةً لأنهم حققوا هدفهم.
الحل: دعهم يركزون على كل من الرحلة والهدف
تتمثل إحدى طرائق التركيز على الرحلة في أن تطلب من المشاركين التفكير بصوت عالٍ، هذا يعني أنه يجب عليهم التعبير عن كل فكرة تراودهم أثناء إكمال المهام، وهذا أمر غير طبيعي، لذا قد يحتاج المشاركون إلى التدريب قبل أن يتقنوا التفكير بصوت عالٍ، ويمكنك أن تقول لهم: "هل يمكنني أن أطلب منك التفكير بصوت عالٍ؟ هذا يعني أنه يجب عليك أن تنطق بكل ما تفكر به، فعلى سبيل المثال، عندما تنقر على زر، يمكنك أن تقول: (أريد النقر فوق هذا الزر لأنني أعتقد أن هذه هي الطريقة التي أشتري بها هذا المنتج)".
ذكّر المشاركين بالتفكير بصوت عالٍ من وقت إلى آخر، وإذا لاحظت أنهم توقفوا عن الكلام، شجعهم بلطف على التكلم، مثل أن تقول: "ما الذي تفكر فيه الآن؟" أو أن تقول: "هل يمكنك إخباري بما تفكر فيه من فضلك؟".
وعند إجراء الاختبارات، حاول أن تدوّن السلوكيات الغريبة، على سبيل المثال، إذا نقر أحد المشاركين على زر ما وضغط بسرعة على زر "رجوع" فدوّن تلك الملاحظة، وفي نهاية المهمة، يمكنك أن تسألهم عن سبب تصرفهم بهذه الطريقة.
عدم الاستماع الكامل إلى المشاركين في جلسات الاختبار
صحيح أنك الخبير وأنك الذي تجري الاختبارات، لكن هذا الافتراض يمكن أن يوهمك بأنك قد التقطت جميع ثغرات التصميم من خلال جلسة الاختبار، وهذا غير صحيح، لأن المشاركين لديهم الكثير من التعليقات والملاحظات التي يمكن أن يخبروك بها بعد جلسة الاختبار، والتي يصعب أن تكتشفها بنفسك.
الحل: اختتم اللقاء بمقابلة بعد جلسة الاختبار
في نهاية كل اختبار، خصِّص بعض الوقت لإجراء مقابلة قصيرة، واطرح بعض الأسئلة على المشاركين، ومن هذه الأسئلة يمكن أن تطرح:
- ما مدى سهولة إكمال المهمة الأخيرة من 1 إلى 5؟ حيث يشير الرقم 1 إلى الأكثر صعوبة والرقم 5 يعني أنها سهلة للغاية.
- هل لديك أي ملاحظات أو أفكار حول المنتج؟ حتى وإن كانت غير مرتبطة تمامًا بجلسة الاختبار.
المشاركون ليسوا مصممين، لذلك من المحتمل ألا تتحقق أفكارهم التصميمية في المنتج النهائي، ومع ذلك، هذا ليس الهدف الحقيقي أساسًا، فعندما تطرح مثل هذه الأسئلة على المشاركين، فإنه يمكنك أن تفهم الأمور بالطريقة التي يفكرون بها حول المنتج، إضافةً إلى الأشياء التي تثير قلقهم، وفي بعض الأحيان، قد تجد ردودهم مثيرةً للاهتمام أو غير متوقعة.
الخلاصة: كيف تحصل على تعليقات صادقة في اختبارات قابلية الاستخدام
رتبنا لك في الأدنى جميع الحلول التي عرضناها سابقًا، بحيث يمكنك أن تعرف المهام التي يجب القيام بها قبل اختبار قابلية الاستخدام وأثناءه وبعده.
قبل جلسة الاختبار
-
دعِ المشاركين يشعرون بالراحة عند إعطاء تعليقات سلبية، ويمكنك أن تقول:
- "أهلاً بك، أنا هنا اليوم لأن [الشركة] وظفتني لاختبار تصميمها، ونظرًا لأنني لست على صلة بـ [الشركة] على الإطلاق، فلا داعي للقلق بشأن جرح مشاعري، لا تتردد في تقديم أي تعليقات، سلبية كانت أم إيجابية، وذلك لكي نتمكن من تحسين التصميم لدينا".
- "أهلاً بك، أنا هنا اليوم لاختبار منتج ابتكره زميلي، لذا لا تقلق، لن أشعر بالأذى النفسي إذا قلت لي شيئًا سلبيًا عن التصميم، وفي الواقع، أحب سماع التعليقات السلبية لأنها تتيح لي تحسين تصميم زميلي"
- دعهم يعرفون أنك هنا لاختبار التصميم وليس لاختبارهم شخصيًا، إذ يمكنك أن تقول: "نحن لسنا هنا لاختبارك، بل نحن هنا لاختبار التصميم. نعلم أن هذا التصميم قد يحتوي على بعض المشكلات، لذا نحن بحاجة إلى مساعدتك لتحديد هذه المشكلات".
- اطلب منهم بأدب أن يفكروا بصوت عالٍ، ويمكنك أن تقول: "هل يمكنني أن أطلب منك التفكير بصوت عالٍ؟ هذا يعني أنه يجب عليك أن تنطق بما تفكر به، فعلى سبيل المثال، عندما تنقر على زر، يمكنك أن تقول: (أريد النقر فوق هذا الزر لأنني أعتقد أن هذه هي الطريقة التي أشتري بها هذا المنتج) أو عندما تبحث عن شيء ما على الصفحة، قل شيئًا مثل: (أحاول العثور على فئة الأحذية في هذا الموقع) وهكذا دواليك".
خلال جلسة الاختبار
-
ذكِّر المشارك بالتفكير بصوت عالٍ إذا التزم الصمت، ويمكنك أن تقول:
- "بماذا تفكر الان؟"
- "هل يمكنك أن تشرح لي ما الذي تفعله الآن؟"
- "هل يمكنك التفكير بصوت عالٍ، حتى أتمكن من متابعة ما تفعله؟"
- دوِّن أي سلوكيات أو أسئلة غريبة تكوّنت في ذهنك أثناء مراقبة المشاركين، واسألهم هذه الأسئلة في نهاية المهمة أو في نهاية جلسة الاختبار.
بعد جلسة الاختبار
- إذا كنت قد كتبت ملاحظات، فاسألهم عنها في نهاية الاختبار.
- اطلب منهم المزيد من التعليقات، مثل أن تقول: "هل لديك أي ملاحظات أو أفكار حول المنتج؟ ولا يُشترط أن تكون هذه الملاحظات مرتبطةً تمامًا بجلسة الاختبار".
في الختام
يمكن أن تمنحك اختبارات قابلية الاستخدام أفكارًا مهمةً تساعدك على تحسين تصميمك، ومع ذلك، يتطلب الأمر جهدًا ووعيًا كبيريْن لاستخراج تعليقات أفضل من المشاركين في جلسة الاختبار، وتذكر أن هناك أربع مشكلات شائعة يجب أن تأخذها في الحسبان، وهي:
- لا يريد المشاركون أن يجرحوا مشاعرك، والحل أن تشرح لهم أنك بعيد عن المنتج قبل جلسة الاختبار.
- يفترض المشاركون غالبًا أنك تختبر قدراتهم، والحل أن تخبرهم أنك تختبر التصميم.
- يركز الناس عادةً على الإنجاز بدلاً من الرحلة، والحل أن تجعلهم يركزون على الرحلة أيضًا.
- يمكن أن تخسر العديد من الملاحظات إذا لم تستمع إلى المشاركين جيدًا، والحل أن تختتم اللقاء بمقابلة بعد جلسة الاختبار.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال 4 Common Pitfalls in Usability Testing and How to Avoid Them to Get More Honest Feedback.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.