للألوان تأثير لا يمكن إنكاره، فهي قادرة على الإقناع والتعبير والتواصل، كما يمكن أن تكون أدوات فعالةً للتواصل مع المستخدمين، إذ لكل لون خصوصية معينة توجب استخدامه في السياق الذي يناسبه، ويُعَد سياق علاقتنا مع الألوان سياقًا معقدًا متجذرًا في علاقاتنا البيولوجية والثقافية والشخصية، لذا بقدر قوة وتأثير الألوان، هل تعتقد أنه يمكن أن تؤثر على مزاجك؟
اقتباس"لو قال أحدهم "أحمر" ومن حوله خمسون شخصًا سمعوا ما قاله، فيمكننا أن نتوقع استحضارهم لخمسين لونًا أحمر في أذهانهم، كما يمكننا أن نكون متأكدين من أن كل لون أحمر فيهم سيكون مختلفًا عن الآخر".
- جوزيف ألبرز
هل يمكن أن يؤثر اللون على مزاجنا
الجواب هو نعم ولا في الوقت نفسه، فلسوء الحظ لا توجد الكثير من الأبحاث الكافية حول كيفية استجابة أدمغتنا للألوان، فمعظم ما يسمى بحقائق علم نفس الألوان ليست مثبتةً علميًا في الواقع.
كما ذكرنا سابقًا، يستجيب البشر للألوان بثلاث طرق مختلفة: الأولى هي استجابتنا البيولوجية، فمثلًا، يمكننا أن ندرك ولو بشيء يسير، أن استجابتنا البيولوجية للأشياء ذات اللون الأحمر، من شأنها أن تثير فينا الخوف والعواطف الحميمة، كما نعلم أن استجابتنا البيولوجية للضوء الأزرق، من شأنها أن تساعدنا بما يسمى بالاضطراب العاطفي الموسمي SAD ومشاكل ساعاتنا البيولوجية وحتى مشاكل التركيز.
والثانية هي استجابتنا الثقافية، إذ يُعَد اللون الأزرق مثلًا، -في الدول الغربية- اللون المفضل بالموازنة مع اللون الأصفر الأقل تفضيلًا، بينما إذا ذهبت إلى شرق الكرة الأرضية، فسترى أن اللون الأصفر يتربع على رأس الهرم، وتعبر هذه الاختلافات عن علاقاتنا الثقافية مع الألوان المختلفة.
أما الثالثة فهي علاقتنا الشخصية بالألوان، فمثلًا، هل سبق لك أن دخلت السجن واحتُجزت في زنزانة مطلية باللون الوردي؟ في هذه الحالة سيكون اللون الوردي غير محبذ بالنسبة لك، أو هل ترعرعت في طفولتك في غرفة نوم وردية اللون في منزل يملؤه الحب والاحترام؟ في هذه الحالة سيزداد انجذابك أكثر نحو اللون الوردي.
الصورة لزنزانة في سجن في ولاية ميسوري الأمريكية، تظهر فيها الجدران مطليةً باللون الوردي. استُخدم هذا اللون، والذي جاء به عالم النفس ألكسندر شاوس في أواخر السبعينيات، في السجون بسبب نتائج الدراسات التي أثبتت أن اللون الوردي يساعد على تهدئة أعصاب السجناء.
لا تنخدع بالادعاءات التي تقول إن اللون القرنفلي يثير الشهية، أو إن اللون الوردي يهدئ الأعصاب، أو إن اللون الأصفر يرفعها، فربما يكون هذا الأمر صحيحًا بالنسبة لبعض الأشخاص الذين تتوافق استجاباتهم الشخصية والثقافية والبيولوجية مع هذه الادعاءات، أي في حال اختبرنا هذا الأمر على أشخاص من جميع أنحاء العالم (أو حتى داخل عائلة واحدة)، فقد نجد نتائج مختلفةً تمامًا فيما بينهم.
يمكن بالطبع أن يؤثر اللون على الحالة المزاجية للإنسان في حال وضعت مثلًا مجموعةً من الأشخاص في غرفة مطلية جدرانها وأرضيتها وسقفها باللون الأصفر، فمن المؤكد أنهم سيشعرون بشيء ما؛ أما إثبات أن كل من في هذه الغرفة يشعر بنفس الشيء وللأسباب نفسها، فهذا أمر يصعب جدًا إثباته.
الآن، وبعد أن فهمت كيف يمكن أن تؤثر الألوان على حالتك المزاجية، دعنا نتعمق أكثر في ألوان محددة، لكن قبل أن نبدأ بذلك، يُفضَّل أن تتذكر دائمًا أن سر التعامل الصحيح مع الألوان يكمن في معرفة السياق المناسب لاستخدامها.
تُعَد علاقتنا مع الألوان علاقةً معقدةً ومتجذرةً على شكل علاقات بيولوجية وثقافية وشخصية، لذا يجب أن تُجرِي أبحاثًا حول المستخدم الذي تستهدفه، وتكون حساسًا بالتعامل معه وتهتم بقِيَمه الثقافية، وذلك من أجل أن تستطيع إنشاء تصميم جيد له، ولا تفترض أبدًا أن اللون الذي يعجبك سيعجب كذلك شخصًا آخر.
اقتباسالألوان تساعدنا على التنقل بسرعة وسهولة وفي كثير من الأحيان، ببهجة أيضًا. _أرييل إيكستوت
سوف نتعرف في هذا المقال على رمزية الألوان من خلال آراء كل من أرييل وجوان إيكستوت، مؤلفي كتاب لغة الألوان السرية Secret Language of Color، لنستكشف معهما معاني الألوان ونتعرف على أهمية ورودها في سياقها الصحيح.
الأحمر
اللون الأحمر هو أحد أكثر تدرجات الألوان بريقًا وإشراقًا، وهو اللون الذي أشعل نيران الثورات، والذي تبنته كيانات متنوعة حول العالم مثل الشيوعيين وحزب المحافظين الأمريكيين، كما استُخدم اللون الأحمر للتعبير عن أمرين متناقضين هما: الحب والكراهية، وقد يشير إلى الخطيئة أو الخصوبة أو الشجاعة أو الذنب أو الحظ السعيد، وذلك اعتمادًا على الثقافة التي تعيش فيها، وسواءٌ كنت ترى في اللون الأحمر رمزًا للغضب، أو اتبعت رمزيته المستخدمة في إشارات الطريق بوصفك مواطنًا يلتزم بالقانون، ففي كلتا الحالتين سيعرقل طريقك.
يرمز اللون الأحمر -وخاصةً في الثقافات الغربية- إلى كل ما يلي:
- الحب
- العاطفة
- القوة
- السلطة
- الخطر
- الإثارة
- الطاقة
اقتباسنصيحة عملية: يُعَد اللون الأحمر في الثقافات الشرقية لون السعادة والرفاهية والحظ السعيد، لذا ضع في الحسبان دائمًا السياق الذي يُستخدم ضمنه.
البرتقالي
عُدَّ اللون البرتقالي لآلاف السنين لونًا بلا هوية، إذ يُعَد هذا اللون -في العديد من اللغات- أحد الألوان الأخيرة -إن لم يكن الأخير- المُسمَّاة بطيف قوس قزح، إذ لا تزال العديد من الثقافات العريقة ترى أنه لا داعي لإعطاء اللون البرتقالي تسميةً خاصةً به.
لقد كان اللون البرتقالي موجودًا دائمًا بالطبع في الحضارة البشرية، سواءٌ على شكل أزهار أو فواكه أو خضروات أو حيوانات أو لون السماء عند غروب الشمس، ومن خلال أصباغ مثل الزعفران، لَوَّنَ ملابس وأقمشةً كثيرةً، كما استُخدم ليرمز إلى القومية والهوية الدينية والأنشطة الرياضية.
ومع ذلك، فهو لا يقترب من جاره الأحمر من حيث مكانته في العالم، وقد يكون لهذا الأمر علاقة بطبيعة اللون البرتقالي الذي يُعَد تدرجًا أكثر من كونه لونًا مستقلًا، فعندما يكون شاحبًا يُنظر إليه عادةً على أنه أصفر، وعندما يكون قاتمًا يُنظر إليه على أنه بني، أي أن هناك منطقةً ضيقة الحدود يمكن أن يَظهر فيها اللون البرتقالي على حقيقته، لكنه في نفس الوقت تراه يضيء مثل نجم في هذه المنطقة الضيقة.
يرمز اللون البرتقالي -وخاصةً في الثقافات الغربية- إلى كل ما يلي:
- الدفء
- الإبداع
- المغامرة
- النضارة
- السعادة
- الجاذبية
- النجاح
اقتباسنصيحة عملية: نظرًا لأن اللون البرتقالي يرتبط بالسعادة والإبداع، فهو مناسب تمامًا للعلامات التجارية الشبابية والحيوية، لذا من الأفضل تجنب استخدامه مع المنتجات الفاخرة أو التقليدية أو الجادة.
الأصفر
أثناء سيرك في الطريق، تلمح سيارة أجرة ذات لون أصفر على بعد عشرات الأمتار منك، فتشير لسائقها ليتوقف لك وتركب، وينطلق سائق السيارة مسرعًا حتى قبل أن تغلق الباب، فيقود بسرعة؛ لكنه يبطئ من سرعته عندما يرى لافتة طريق صفراء تشير إلى منحنى خطير أمامه، ثم يضغط على المكابح مرةً أخرى عندما يرى رافعةً شوكيةً ستمر من أمامه، وأثناء كل ذلك، تسحب ورقة ملاحظة صفراء اللون كانت قد لصقت لتشير لك إلى الصفحة التي تتطلب توقيعك. وأثناء قراءتك لتلك الصفحة، ترى خطًا أصفر شُخط ليدلك على المكان الذي يجب أن ترسم فيه توقيعك بالضبط.
كل هذه العناصر التي لفتت انتباهك وانتباه السائق هي باللون الأصفر. هذا اللون الذي قد أذهل تألقه الأباطرة العظماء من قبلنا، كما رسم الملايين منا بأقلام الرصاص التي كانت تأتي باللون الأصفر والأسود، كما حذرتنا العديد من الإشارات المرورية صفراء اللون من عدم الإسراع، ونجحت في لفت انتباهنا.
يرمز اللون الأصفر -وخاصةً في الثقافات الغربية- إلى كل ما يلي:
- التفاؤل
- الابتهاج
- السعادة
- الدفء
- الحذر
- الطاقة
- الفكر
اقتباسنصيحة عملية: ضع في حسبانك أن بعض تدرجات اللون الأصفر قد تبدو فقيرةً بعض الشيء، لكن هذا الأمر قد يكون مناسبًا لصورة منتجك، كما يُعَد اللون الأصفر مناسبًا عندما يتعلق الأمر بدراسة رد فعل المستهلك تجاه ملاءمة اللون والتأكد من أنه يناسب منتجك.
الأخضر
تتطابق مع اللون الأخضر عدة أمور، مثل: المال وقلة الخبرة والجنة والغيرة وإعادة التدوير والبستنة. ومع ذلك فإن اللون الأخضر أكثر جوهريةً في معناه، فمن غابات الأمازون، إلى الغابة الخرسانية (لقب يطلق على مدينة نيويورك الأمريكية لكثرة أبنيتها الخرسانية الشاهقة)، فإن خضرة الطبيعة هي التي تجعلنا نستطيع العيش والتنفس، والكلوروفيل هو اسم الصبغ المسؤول عن كل تلك المساحات الخضراء التي تحيط بنا، ومع أن المصطلح يبدو علميًا بعض الشيء، إلا أنه مشتق ببساطة من الكلمات اليونانية "أخضر" و"ورقة". هذا الكلوروفيل هو الذي ينتج الأكسجين الذي نحتاجه للبقاء على قيد الحياة. لذا فببساطة، اللون الأخضر هو جوهر الحياة.
يرمز اللون الأخضر -وخاصةً في الثقافات الغربية- إلى كل ما يلي:
- الطبيعة
- النمو
- الثروة
- الحظ
- الحسد
- النضارة
- الجودة
اقتباسنصيحة عملية: اختر تدرجات اللون الأخضر بعناية، إذ يرمز اللون الأخضر الفاتح والأكثر إشراقًا إلى النمو والحيوية والتجدد، في حين يرمز اللون الأخضر القاتم إلى المكانة والثروة والوفرة.
الأزرق
من سماء الليل إلى البحار العميقة، يوسع اللون الأزرق آفاقنا ويغطي أحلامنا، فيجعلنا نثق به لنعطيه مكانةً على رجالنا ونسائنا باعتماده لونًا رسميًا لأزيائنا الموحدة، ونراه لونًا ذكوريًا فنختاره لأطفالنا الذكور لنزين به أسرتهم وملابسهم، كما ننظر له بوصفه مهدئًا ورمزًا للبرودة وانخفاض الحرارة، ويُعَد اللون الأزرق هو الجانب المزاجي الآخر لتصرفاتنا الوردية.
يرمز اللون الأزرق -وخاصةً في الثقافات الغربية- إلى كل ما يلي:
- الثقة
- الهدوء
- الحزن
- السلام
- الولاء
- العمق
- الأصالة
اقتباسنصيحة عملية: يرمز اللون الأزرق إلى الكثير من الأمور، تبدأ من استخداماته في أوساط الشركات، إلى رمزيته التي تشير إلى الهدوء والسكينة، إلى الشعور بالإحباط. لذا اختر تدرجاته بعناية.
البنفسجي
لا يوجد لون يضاهي غرابته أو روعته أو لذته أو جاذبيته. يبدو هذا اللون أنه يتناسب مع كل هذا التناقض الساحر.
يرمز اللون البنفسجي إلى العلو والمكانة؛ فقد ارتبط بالملوك لعدة قرون، وكان ذلك لسبب وجيه، وهو أن الطبيعة لم توفر لنا وسيلةً سهلةً لصبغ الأقمشة باللون البنفسجي مما جعل وجوده نادرًا، كما أنه من الناحية التاريخية، كان إنتاج الأصبغة يُعَد من أكثر العمليات ضررًا ومشقةً واستهلاكًا للوقت والتكلفة، لذا كان الوصول إليه حكرًا على الأغنياء وأهل السلطة والمكانة، وبغض النظر عن سيطرته على أردية الملوك وشالات الكهنة، إلا أنه كان من الصعب الحصول على تدرجات لهذا اللون في المقام الأول، لذا فأولئك الذين استطاعوا ارتداءه، تزينوا به ليمنحهم علوًا ومكانةً بين من هم حولهم.
يرمز اللون البنفسجي -وخاصةً في الثقافات الغربية- إلى كل ما يلي:
- الملوك
- النُبل
- الحكمة
- الترف
- الخيال
- الغموض
- الروحانيات
اقتباسنصيحة عملية: إن أفضل استخدام للون البنفسجي هو عند استهداف جمهور من الإناث، إذ تشير الأبحاث إلى أن النساء يضعن اللون البنفسجي على أعلى قمة هرم الألوان، كما لا يُصنَّف على أنه لون مناسب للرجال، ولا يُعَد اللون البنفسجي عادةً لونًا شائع الاستخدام في تصاميم العلامات التجارية، باستثناء كادبوري -الشركة الأشهر في مجال صناعة الشوكولاتة- التي كانت العلامة التجارية البنفسجية الوحيدة ضمن قائمة فوربس لأكثر 100 علامة تجارية قيمةً في عام 2014.
الأبيض
يرتبط اللون الأبيض -وهو لون إيجابي بطبيعته- بالنقاء والبساطة والبراءة، فهو لون الثلج ورمز الهزيمة ووجود كل الألوان، وهو اللون التقليدي الذي ترتديه العرائس في يوم زفافها في معظم دول العالم تقريبًا، أما في بعض البقع الجغرافية، فيرتديه الناس في الجنازات.
يرمز اللون الأبيض -وخاصةً في الثقافات الغربية- إلى كل ما يلي:
- النقاء
- البساطة
- البراءة
- السلام
- النظافة
- الفراغ
- الخير
اقتباسنصيحة عملية: من الصعب استخدام اللون الأبيض أثناء بناء هوية علامتك التجارية، لذا تأكد قبل استخدامه من أن علامتك التجارية يتخللها شيء من البساطة والنقاء والشفافية.
الأسود
يرتبط اللون الأسود -وهو لون سلبي بطبيعته- بالتطور والحزن والغموض، فهو لون سماء الليل ورمز الموت وغياب كل لون. قد تراه على عين أحدهم بعد تلقيه للكمة، وذلك أثناء تدربه لنيل الحزام الأسود في لعبة الكاراتيه، كما يُعَد لون الحداد ورمزًا للحزن في الغرب، ولكنه كذلك لون التنحيف عندما ترتديه من أجل حدث مهم فتبدو أنيقًا مع ربطة عنق سوداء.
يرمز اللون الأسود -وخاصةً في الثقافات الغربية- إلى كل ما يلي:
- الرقي
- الرسميات
- الحزن
- الجرأة
- الأناقة
- الموت
- الغموض
اقتباسنصيحة عملية: استفد من التباين بين الألوان الساطعة والأسود، واستخدم رقائق الذهب معه لإضفاء لمسة من الفخامة، أو امزجها باللون الأبيض للحصول على تباين جريء وبسيط، وفكر في الملمس وكيف يمكن أن يغير اللون الأسود غير اللامع أو اللامع من رسالة علامتك التجارية.
الآن، وبعد أن أصبحت تعرف أن علاقتنا مع الألوان معقدة ومتجذرة في علاقات بيولوجية وثقافية وشخصية، فتخيل مثلًا لو طُلب منك تصميم لوحة ألوان تتكون من 17 لونًا مختلفًا، بحيث تكون مقبولةً عالميًا في جميع دول العالم. فكر في الأمر قليلًا ودعه يتغلغل مخيلتك. هذا التحدي بالضبط هو الذي واجه المصمم جاكوب ترولباك، وهو مؤسس شركة ترولباك، من أجل تصميم شعار لمبادرة الأهداف العالمية Global Goals، لذا دعنا نتعرف عليه.
كيف تدعم الألوان القضايا العالمية مبادرة الأهداف العالمية
بدأت قصة مبادرة الأهداف العالمية في خريف عام 2014 مع ريتشارد كيرتس، وهو مخرج أفلام ومؤسس مبادرة بروجيكت إيفري ون، فقد التقى جاكوب ترولباك -مؤسس شركة ترولباك للتصميم- لمناقشة أفضل السبل لجعل هذه الأهداف تلقى صدى عالميًا، كما تولى جاكوب المهمة وأول ما بدأ به هو تحويل اسم المبادرة من "أهداف التنمية المستدامة" إلى ما يُعرف اليوم باسم "الأهداف العالمية"، ودعمت الأفكار القيمة لسفراء الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية جاكوب وفريقه من أجل تطوير أيقونات يمكن فهمها عالميًا.
لذا اختار التصميمات ولوحة الألوان بعناية وأخذ أهميتها ورمزيتها بين الثقافات في الحسبان، كما صمم شعارًا دائري الشكل تعبيرًا عن الوحدة، ونتيجةً لهذه المبادرة صدرت اتفاقية وَقَّعَت عليها جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 193 دولةً، واليوم تُتَبنَّى عالميًا وتُستخدَم بوصفها لغةً تعبر عن التغيير، مفعمةً بالأمل، وتلهم الناس لاتخاذ خطوات جريئة نحو مشاريع عالمية أكثر استدامةً.
شعار مبادرة الأهداف العالمية Leave No One Behind أي لن نترك أحدًا وراءنا، إذ يتكون الشعار الدائري من 17 لونًا على شكل أيقونات مصغرة.
لقد كان تحديًا إبداعيًا اختيار 17 لونًا، بحيث تبدو متناسقةً مع بعضها دون أن تتشابه فيما بينها، كما كان من المهم الاحتفاظ ببعض ارتباطات الألوان، مثل وضع الهدفين: Life Below Water (أي الحياة المائية)، وClean Water and Sanitation (أي المياه النظيفة والصرف الصحي) باللون الأزرق؛ أما هدف الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة Affordable and Clean Energy، فوُضِع باللون الأصفر مثل لون الشمس، وقد صرح جاكوب في إشارة منه إلى مدى تعقيد التصميم:
اقتباس"في النهاية، كان الأمر أشبه بأحجية ألوان كبيرة".
الأهداف العالمية السبعة عشر للتنمية المستدامة.
بدأ جاكوب عملية التصميم من خلال إعطاء أهداف التنمية المستدامة أسماءً رنانةً مقنعةً، وتحويل اسم المبادرة من Sustainable Development Goals (أي أهداف التنمية المستدامة) إلى اسم أقصر وأكثر جاذبية هي The Global Goals (أي الأهداف العالمية)، وسنستكشف في الصور التي سنعرضها أدناه كيف كتب شعار المبادرة بعدة لغات مختلفة، إذ سيتضح لنا في هذه الصور الاهتمام الدقيق بمبدأ التوطين Localization، أي اختيار عناصر تصميمية تتلاءم مع البيئة الجغرافية للمشروع، وهو مبدأ مهم في التصميم.
شعار أهداف التنمية المستدامة مكتوبًا بعدة لغات مختلفة
بعد إعادة تسمية شعار المبادرة، أعطى جاكوب كل هدف من الأهداف السبعة عشر اسمًا رنانًا يسهل الحديث عنه وتذكره، كما أعطى لكل هدف رمزًا ملونًا خاصًا للتعبير عن روح الإصرار، والتفاؤل بالجهود التي ستبذل، بعد ذلك صمم شعارًا رسميًا للمبادرة، وهو عبارة عن دائرة مشرقة مكونة من ألوان الأهداف الفردية السبعة عشر لتذكيرنا بضرورة حلها جميعًا معًا دون التخلي عن أحدها.
شعار مبادرة الأهداف العالمية
اقتباس"التصميم الرائع أمر مدهش لا مفر منه". _جاكوب ترولباك، المصمم الذي صمم شعار مبادرة الأهداف العالمية.
تُعَد عملية التصميم -في رأي جاكوب- مدفوعةً على نحو كبير بالأهداف، إذ يبدأ الإبداع عندما تجد طريقةً جديدةً لتقديمها للمستخدمين، وذلك لتمنحهم بها طريقةً مختلفةً للتفكير. ومن خلال وضع هذا المفهوم في الحسبان، ترجم جاكوب الأهداف العالمية إلى حملة شاملة تضمنت تصميمه لموقع إلكتروني وملصقات ودبابيس إعلانية.
صورة تعرض الموقع الإلكتروني والملصقات والدبابيس والشعار التي صممها جاكوب لمبادرة الأهداف العالمية
خاتمة
للألوان تأثير لا يمكن إنكاره، إذ تستطيع الإقناع والتعبير والتواصل، كما يمكن أن تكون أدوات فعالةً للتواصل مع المستخدمين، ولكل لون خصوصية معينة توجب استخدامه في السياق الذي يناسبه، ويُعَد سياق علاقتنا مع الألوان سياقًا معقدًا ومتجذرًا في علاقاتنا البيولوجية والثقافية والشخصية.
تعلمنا في هذا المقال أن سياق علاقتنا مع اللون هو سياق معقد متجذر في علاقاتنا البيولوجية والثقافية والشخصية، كما تعلمنا الفرق بين الألوان الدافئة والباردة والرمزية الثقافية لألوان معينة في الثقافات الغربية.
- الأحمر = الحب والشغف والقوة والسطوة والخطر والإثارة والطاقة.
- البرتقالي = الدفء والإبداع والمغامرة والنضارة والسعادة والجاذبية والنجاح.
- الأصفر = التفاؤل والابتهاج والسعادة والدفء والحذر والطاقة والعقل.
- الأخضر = الطبيعة والنمو والثروة والحظ والحسد والنضارة والجودة.
- الأزرق = الثقة والهدوء والحزن والسلام والولاء والعمق والأصالة.
- البنفسجي = لون الملوك والنبل والحكمة والترف والخيال والغموض والروحانية.
- الأبيض = الطهارة والبساطة والبراءة والسلام والنظافة والفراغ والخير.
- الأسود = الرقي والرسميات والحزن والجرأة والأناقة والموت والغموض.
أخيرًا، تعرفنا على مبادرة الأهداف العالمية والتحديات الخاصة التي استطاع حلها جاكوب ترولباك وفريقه من خلال البحث ومبدأ التوطين والرمزية الثقافية، كما يجب أن تتذكر من كلامه، أن التصميم مدفوع بالأهداف ويبدأ الإبداع عندما تجد طريقةً جديدةً لتقديمها للمستخدمين، لتمنحهم بها طريقةً مختلفةً للتفكير.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال Understand Color Symbolism لصاحبه Daniel Skrok.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.