يعجز كثير من العملاء عن إدراك مدى صعوبة وحساسيّة تصميم الشعارات، وأن الوصول إلى المنتج النهائي لا يكون في يوم أو يومين. والحقيقة أن عمليّة تصميم الشعارات تتطلب من المصممين تسخير كل ما لديهم من الإبداع في سبيل تحقيق غاية محددة.
وللتأكد من تصميم شعارات جميلة وجذابة، يلجأ مصممو الجرافيك إلى اتباع عدد من القواعد، والتي تتراوح بين قواعد فنيّة وتقنيّة وقواعد أخرى تتعلق بالمنطق والحس السليم. وقد جمعنا في هذا المقال عشر قواعد ذهبيّة يجب على مصممي الشعارات ألا يحيدوا عنها.
1. ابدأ بالبحث والتخطيط
"الفشل في التخطيط مثل التخطيط للفشل." تنطبق هذه العبارة على شتى المجالات، ولكنها تنطبق أكثر على مجال التصميم الجرافيكي، إذ يتطلب تصميم الشعارات مثلًا -على وجه الخصوص- قدرًا كبيرًا من الإعداد والتحضير. يعجز كثير من الناس عن إدراك أهميّة الشعارات، ولكنها تساعدهم على تذكر العلامات التجاريّة المرتبطة بها بمجرد رؤيتهم لها، وهو الهدف الذي يسعى كل مصمم شعارات لتحقيقه، إلا أن الوصول إلى هذا الهدف يتطلب كثيرًا من التخطيط الدقيق.
تتكون عمليّة التخطيط من عدّة خطوات، ولكنها تبدأ في العادة بملخص أو وصف تعدّه الشركة حول طبيعة الشعار الذي ترغب بتصميمه، ثم تقدّمه إلى مصمم محترف قادر على المزج بين استخدام الرموز والأشكال من جهة والأساليب التسويقيّة من جهة أخرى. يتعيّن على المصممين قبل وضع المسودة الأولى أن يدرسوا بدقة الأهداف التي يسعون إلى تحقيقها، وفي هذا الصدد قد يكون بحث السوق ضروريًا لفهم حاجات العميل والتعرف على الشعارات المنافسة في ذات المجال.
يمثل التخطيط الجيّد جزءًا لا يتجزأ من عمليّة تصميم الشعارات، حيث يُعَد الشعار واجهةً للشركة، لذلك يجب أن يترك انطباعًا دائمًا لدى كل من يراه.
2. كن متعاونا مع العميل
لا تقل هذه المرحلة أهميّةً عن مرحلة التخطيط والاستعداد، فإذا كنت تريد إنشاء شعار يرضي العميل، فيجب أن تحرص على التواصل معه بشكل وثيق. يُعد العصف الذهني المشترك في هذه المرحلة ضروريًا للغاية، ويُنصح ألا يكتفي العميل بإصدار التوجيهات، ومع ذلك يقتضي التعاون الفعال ضرورة اللقاء وجهًا لوجه، وليس الاقتصار على البريد الإلكتروني والاجتماعات الافتراضيّة، إذ لا بديل عن الجلوس معًا لتبادل الأفكار ومناقشتها.
في الحقيقة، لا فائدة من الشعار إذا لم يكن قادرًا على التعبير عن هويّة الشركة التي يمثلها. وفي ظل غياب التعاون مع العميل، قد يتمكن المصمم من صناعة شعار رائع وجذاب، ولكنه سوف يكون مبنيًا فقط على فهمه للملخص أو الوصف الذي تسلمه. قد يكون الشعار جميلًا وجذابًا؛ ولكن طالما أنه لا يمثل تعبيرًا صادقًا عن هوية العلامة التجاريّة الخاصّة بالعميل، فسوف يكون بلا فائدة.
3. حافظ على البساطة
كلما كان الشعار أبسط، كان ذلك أفضل، وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بالشعارات المعاصرة. وبهذا الصدد، بدأت العديد من الشركات الكبرى باتخاذ خطوات فعليّة باتجاه تبسيط شعاراتها وعلاماتها التجاريّة، لكن البساطة لا تعني بالضرورة أن يكون الشعار مملًا، وإنما تركه لانطباع دائم لدى العملاء، لأن الناس تستطيع تذكر الأشكال البسيطة بسهولة.
وحتى يتذكر العملاء علامتك التجاريّة، يجب أن يعبّر الشعار عن شركتك بدقة، وفي ذات الوقت أن يكون سهل التذكر. مع ذلك، يجب ألا يكون الشعار مشابهًا لجميع الشعارات الأخرى التي نعرفها، وإلا لن يكون تذكره سهلًا.
4. ابدأ باللونين الأبيض والأسود
تشتهر العديد من الشعارات بلونها المميّز، إذ تشتهر كوكا كولا مثلًا بشعارها الأحمر، بينما تشتهر ستاربكس بشعارها الأخضر. مع ذلك، يخضع كل شعار خلال عمليّة التصميم لعمليّة دراسة معمقة لتقييم جميع البدائل الممكنة، ولذلك يُنصح المصممون أن يبدؤوا تصميم الشعارات باللونين الأبيض والأسود، بدلًا من تصميم الشعارات بالألوان، ومن ثم إعادة تلوينها من جديد عندما يتبيّن أنها غير ملائمة.
تضمن هذه القاعدة الذهبيّة أن يكون شكل الشعار جذابًا بحد ذاته، وألا يكون معتمدًا فقط على مزيج ملائم من الألوان. انظر على سبيل المثال إلى شعار شركة "أبل"، وسوف تجد ظل تفاحة مقضومة فقط، ولكنه اكتسب شهرةً في جميع أنحاء العالم حتى بات الجميع قادرًا على تمييزه ومعرفته عند رؤيته. ورغم أن الشعار يأتي أحيانًا بألوان متعددة، مثل الفضي والرمادي والأبيض والأسود، إلا أن الجميع يستطيع التعرّف فورًا عليه بغض النظر عن لونه.
ويمكن القول إن الاعتماد المفرط على الألوان قد يحد من خيارات استخدام الشعار، لذا خذ على سبيل المثال شعار شركة أديداس والذي يستطيع الجميع تمييزه بسهولة رغم أنه يأتي بألوان عديدة تلائم المنتجات المختلفة التي تقدّمها الشركة. في عالم الرياضة، تلعب الأشكال دورًا حاسمًا في تصميم شعارات العلامة التجاريّة، إذ تترك الأشكال انطباعًا دائمًا لدى العملاء، كما أنها تساعد الشركات على استخدامات شعاراتها بطرق متعددة.
5. تعرف على قيم الشركة
تُعَد هذه القاعدة أهم قاعدة في تصميم الشعارات، ورغم كونها قاعدةً بديهيّة، إلا أن بعض المصممين ما زالوا يغفلون عنها وبحاجة إلى من يذكرهم بها. ولتصميم شعار ملائم يلبي احتياجات العميل، يجب أن يتمتع المصممون بسعة الصدر، وأن يتفهموا ما يُطلب منهم جيدًا. ففي كثير من الأحيان، لا يشعر العميل بالرضا عن الشعار لأنه ليس متوافقًا مع قيم الشركة أو المنتجات التي تقدّمها.
يُعَد التعاون الوثيق والتواصل الجيّد مفتاحًا للنجاح في تحقيق هذه القاعدة، إذ يستحيل أن ينجح المصمم في تصميم شعار يعبّر عن العلامة التجاريّة بدقة ما لم يكن منفتحًا على التعاون مع العميل. وفي حين يتعيّن على المصممين فهم ما يُطلب منهم، فإنه يجب على العملاء توضيح ما يريدون بدقة، وشكل المنتج الذي يتوقعونه.
أخيرًا، يشعر مصممو الجرافيك غالبًا بالارتياح تجاه العمل في مجالات دون أخرى، لذا ربما يجدر بك العمل على إتقان مجال أو اثنين من مجالات التصميم الجرافيكي، بدلًا من امتلاك مهارات متوسطة مجالات شتى.
6. حافظ على التوازن
يزعم البعض أن مصممي الجرافيك هم في الحقيقة فنانون، وعندما يتعلق الأمر بالفن، فكلّ شيء ممكن؛ إلا أن هذه العبارة ليست صحيحةً تمامًا، فعمل مصممي الجرافيك هو في الحقيقة جزء من عالم الأعمال، لذلك تراه يتداخل مع جهود الإعلان والتسويق الإلكتروني، وهو ما يفرض على مصممي الشعارات -خصوصًا- التعاون بشكل وثيق مع الشركات حتى يتمكنوا من إنشاء شعارات قادرة على ترك انطباع دائم لدى العملاء.
عندما تنظر إلى أشهر الشعارات، فسوف تلاحظ أن ما يجمعها هو التصميم المتوازن الذي يدفع العملاء إلى الاستجابة المطلوبة، حيث تنجذب أعيننا تلقائيًا إلى الأشكال الجذابة، ولكن إذا كنت تريد الجمع بين الإبداع والتوازن، فثمة بعض الطرق والوسائل المجربة في هذا الصدد. لكن على العموم، بات تصميم الشعارات المعاصرة يتجه بشكل متزايد إلى التبسيط، مع التركيز على الأنماط المتكررة.
7. انتق ألوانك بعناية
تُعَد هذه القاعدة امتدادًا لقاعدة الحفاظ على البساطة التي ذكرناها أعلاه، فإذا نظرت إلى الشعارات الخاصّة بأشهر العلامات التجاريّة، فسوف تجد أنها تتكون من لونٍ واحد أو لونين فقط، فتويتر ونيتفليكس وكوكا كولا وماكدونالدز مثلًا، جميعها شركات تمتلك شعارات بألوان مبسطة تعبّر عن هويتها التجاريّة، ويمكن تمييزها عليها بسهولة عند رؤيتها.
مع ذلك، يجب على مصممي الشعارات أن ينتقوا ألوانهم بعناية شديدة، فكل لون له دلالته، وكل لون يحمل معه مشاعر معينة. ولذلك ترى الشركات ومصممي الشعارات يعملون على استغلال دلالات الألوان لإيجاد رابط بين علاماتهم التجاريّة ومشاعر محددة يريدون بثها لدى العملاء.
عندما يرى الناس لونًا، فإنهم لا يفكرون كثيرًا بدلالاته، وإنما يقفزون مباشرةً وبلا وعي إلى استنتاجات ومشاعر أفرزها ذلك اللون. فإذا نظرت إلى شعار شركة "أبل" مثلًا، فسوف تجد أنه يأتي بألوان ودرجات مختلفة، ولكنه يحتوي دومًا على لون واحد فقط. كذلك سوف تلاحظ ابتعاد الشركة عن الألوان "الصاخبة" لصالح ألوان "أكثر هدوءًا" تعطي انطباعًا بالاحترافيّة.
تمثل عجلة الألوان أداةً مفيدةً عند اختيار ألوان الشعارات، فهي تساعدك على انتقاء الألوان التي تلائم بعضها، وتحمل المشاعر التي تبحث عنها.
8. اهتم بالخط
يمثل الخط جزءًا لا يتجزأ من التصميم الجرافيكي وتصميم الشعارات على وجه الخصوص. وبالنظر إلى أشهر الشعارات، سوف تجد أن الخطوط المستخدمة ترتبط -بشكل أو بآخر- بهويّة العلامة التجاريّة في كل شعار. صحيح أن إضافة النصوص إلى الشعارات ليست أمرًا ضروريًا وأن العديد من الشركات تتحاشى ذلك، إلا أن النصوص تمكّن العملاء من تمييز الشعارات والتعرّف عليها بسهولة.
تتجنب بعض العلامات التجاريّة استخدام الكلمات في شعاراتها، مثل أبل ووفولكسفاغن وويكيبيديا وروكسي (جزء من العلامة التجاريّة لشركة كويك سيلفر)؛ فيما تلجأ بعض الشركات إلى الاقتصار على الحروف التي تختصر اسمها، ولكنها تساعد العملاء على تمييز علامتها التجاريّة.
في المقابل، تميل شركات أخرى إلى بناء علاماتها التجاريّة باستخدام خطوط معينّة، والتي سرعان ما ترتبط باسم الشركة وتصبح رديفًا لها. على سبيل المثال:
- إنستغرام: صحيح أن شعار إنستغرام يتكون من شكل ملون لا تخطئه العين، ولكن الخط المائل البسيط أسفله لا يقل أهميّةً، وهو يمثل جزءًا محوريًا من صورة العلامة التجاريّة الخاصّة بالموقع، وهذا الخط هو Billabong.
- أديداس: يتميّز شعار شركة أديداس بخطوطه الثلاثة المائلة، واسم الشركة أسفلها والذي كُتب بخط Avant-Garde.
- ناسا: يتميّز الخط المستخدم في شعار وكالة ناسا بأنه دافئ ولا تخطئه العين، وذلك بفضل انحناءاته البسيطة ومظهره الفريد؛ أمّا من ناحية لونيّة، فيتميّز الشعار بإمكانيّة استخدامه ملونًا أو دون ألوان من غير أن يفقد معناه.
ثمة العديد من الاقتراحات والنصائح في شبكة الإنترنت للمصممين الباحثين عن الأفكار، لكن تذكر أثناء بحثك عن الخطوط أن الخط المثالي هو خط مميّز ولكنه واضح وتسهل قراءته، بحيث يستطيع العملاء فهم الشعار منذ الوهلة الأولى دون الحاجة إلى كثير من التفكير حول طبيعة الشركة وما تقدّمه.
9. أطلق العنان لإبداعك
يمثل الإبداع سمةً مشتركةً تجمع بين كل مصممي الجرافيك، ولكن يجب أن يكون مصممو الشعارات – على وجه الخصوص – قادرين على التفكير خارج الصندوق والخروج بأفكار مميّزة وفريدة، فثمة الملايين من الشركات والملايين من الشعارات المنافسة. إذا كنت ترغب – مثلًا – بتصميم شعار لشركة جديدة متخصصة في مجال الموضة والأزياء، فيجب أن تجري دراسة للسوق، وأن تستخدم نتائج هذه الدراسة في إنتاج شعار مميّز يسهل تذكره.
لا ضير في استلهام بعض التصاميم الموجودة، هنا فكل الفنانين يفعلون ذلك، ولكن لا يوجد مبرر لنسخ أعمال الآخرين، فهو عمل غير أخلاقي وينم عن الكسل وعدم الجديّة. ولكن الإبداع لا يعني الشخبطة! فإذا كنت تمتلك أفكارًا غير تقليديّة أو مثيرة للجدل، فربما يجدر بك الاحتفاظ بها لمعرض أعمالك على الإنترنت، فمصممو الشعارات لا يعملون لأنفسهم، وإنما يعملون لصالح العملاء.
في المقابل، نحن لا ندعوك لتقديم أفكار تقليديّة ومملة، ولكننا نشدد على أهميّة تنسيق العمل مع حاجات العملاء، فتصميم شعار مميّز يقتضي أن يكون ذلك الشعار قادرًا على التميّز من بين مئات الآلاف من الشعارات الأخرى، لذلك حاول أن تصل إلى نقطة التوازن بين إبداعك وحاجات عملائك.
صحيح أن العملاء يقدّرون المصممين الذين يفكرون خارج الصندوق، ولكنهم يصبحون أكثر تقديرًا عندما يسخر المصممون إبداعهم لتحقيق أهداف الشركة وغاياتها.
10. لا تكسر القواعد إلا بعد أن تتقنها
"القواعد وُضعت لتُكسر" قد تكون هذه العبارة موضع جدل، ولكن في عالم الإبداع سوف تصل إلى مرحلة تضطر فيها إلى العمل بمحتواها.
يعمل مصممو الشعارات في الغالب وفق وصف محدد للغاية يقدّمه لهم العملاء، وهو ما يحدّ من قدرتهم على الإبداع. تُعَد بعض القواعد التي ذكرناها غير قابلة للنقاش، فهي من المسلمات التي يجب اتباعها عند تصميم الشعارات، مثل التخطيط الدقيق والتواصل الجيّد مع العميل والتعرّف على الشركة التي يعمل المصمم لصالحها، أمّا القواعد الأخرى، فقد يُختلف في تفسيرها أو في درجة تطبيقها.
على سبيل المثال، تحدثنا عن ضرورة الالتزام بالبساطة، ولكن لا يوجد ما يحدد مدى بساطة الشعار. بمعنى آخر، يمكنك كسر القواعد، ولكن بعد أن تتقنها أولًا. يحتاج تصميم شعار متوازن إلى تكفير عميق حتى بالنسبة إلى المصممين الذي يكسرون القواعد، فقد يمضون أيامًا وحتى أسابيع من أجل الوصول إلى شعار يجمع بين قواعد التصميم من جهة، وميول المصممين الإبداعيّة نحو كسر هذه القواعد من جهة أخرى.
اتبع القواعد ولكن بطريقتك الخاصة
يُعَد مجال تصميم الشعارات مجالًا متخصصًا للغاية، وهو يتطلب بذل كثير من الجهد. قد تساعدك هذه القواعد على تصميم شعارات قويّة وجذابة، ولكن يجب أن يكون لديك في البداية إيمان عميق بقدرتك على الإبداع، وبأسلوبك في التصميم. والحقيقة أن التميّز يتطلب الجمع بين القدرة على التخيّل والمعرفة التقنيّة.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال Logo Design: The 10 Most Important Rules For Designers.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.