البحث في الموقع
المحتوى عن 'تطوير المنتج'.
-
بعد أن تعرّفت على مُختلف قنوات الاجتذاب traction، ستجد نفسك أمام مجموعة من التّساؤلات من قبيل: ترى كم من الوقت يجب أن تنفقه على اجتذاب الزّبائن؟ متى يجب أن تبدأ؟ كيف تعلم أنّك بالفعل تنجح في ذلك؟ ما هو القدر الكافي من الاجتذاب اللازم لإقناع المستثمرين؟ هذا المقال والذي يليه سيجيبانك عن هذه الأسئلة وأسئلة أخرى تتعلّق بالاجتذاب traction، مما سيعطيك القدرة على التّفكير الصّحيح في هذا المجال، وبالتّالي الارتقاء في سلّم النّجاح. قاعدة خمسين في المئة 50% إذا كنت تؤسّس شركة ناشئة، فعلى الأرجح أنّ هناك منتجًا ما تقوم ببنائه. في الحقيقة إنّ كلّ الشّركات التي فشلت كان لديها منتج بالفعل، إنّما سبب فشلها في الواقع هو قلّة أو افتقاد الزّبائن. Marc Andressen مؤسّس Netscape يلخّص هذه الفكرة بقوله: هناك قصّة تحدث كثيرًا وهي كالتّالي: يعمل المؤسّسون على بناء شيء يريده النّاس، فينفقون الوقت على أمور أخبرهم بعض العملاء الذين قابلوهم في مراحل مبكّرة أنّهم يحتاجون إليها. وبعد ذلك، عندما يظنّ هؤلاء الأشخاص أنّهم أصبحوا جاهزين، يقومون مباشرة بإطلاق المشروع ويسعون للحصول على مزيد من الزّبائن ليصابوا بالإحباط لعدم تدفّق الزّبائن إليهم. ستكون مشكلة كبيرة أن تمتلك منتجًا يحبّه بعض العملاء المبكّرين بدون أن تمتلك طريقة واضحة لتجتذب المزيد. ولحلّ هذه المشكلة عليك أن تنفق وقتك في كلا الأمرين معًا، في بناء المنتج أو الخدمة وفي اختبار قنوات الاجتذاب. فالاجتذاب traction وتطوير المنتج product development لهما نفس القدر من الأهميّة ويجب أن توزّع وقتك واهتمامك بينهما، هذه ما تسمّى قاعدة الخمسين في المئة: أنفق خمسين في المئة من وقتك على تطوير المنتج وخمسين في المئة على دراسة قنوات الاجتذاب traction. بالتّأكيد إنّ صناعة منتج يحبّه النّاس هو أمر أساسيّ لاجتذاب الزّبائن، لكنّه غير كافٍ. هناك أربع حالات يمكن أن تحصل فيها على منتج جيّد قمت ببنائه دون أن يتحوّل في النّهاية ليصبح عملًا تجاريًّا فعّالًا viable business: الحالة الأولى هي عندما يكون بإمكانك أن تصنع منتجًا يريده النّاس لكنّك لا تجد طريقة عمليّة لتصنع منه عملًا ربحيًّا، ربّما هؤلاء الذين يحتاجونه فعلًا لن يدفعوا ثمنًا له، وحتّى إن حاولت أن تقدّمه مجّانًا وتجعل الإعلانات وحدها وسيلتك في الرّبح فلا تجدها -في حالتنا هذه- تغطّي جميع المصاريف، بالتّالي لا يوجد سوق حقيقيّ لسلعتك هذه. الحالة الثّانية، عندما يكون لديك منتج جيّد وبعضَ الزّبائن، لكنّ عددهم لا يكفي لتحقيق ربح حقيقيّ.بمعنىً آخر، هذا السّوق صغير ولا يوجد طريقة واضحة للتّوسّع. يحصل هذا عادةً عندما يكون طموح المؤسّسين محدودًا ويكتفون بمجال عملٍ ضيّق narrow niche. الحالة الثّالثة، لديك منتج جيّد وهناك من يحتاجه لكنّ الوصول إليهم مكلف للغاية. مثال على ذلك عندما تقدّم منتجًا رخيصًا نسبيًّا يتطلّب مبيعات مباشرة direct sales كي تتمكّن من بيعه، وفي النّهاية تجد أنّك تدفع أكثر ممّا تكسب. الحالة الأخيرة هي عندما يكون بإمكانك بناء منتج يريده النّاس لكن يوجد الكثير من الشّركات الأخرى التي تقدّمه أيضًا. في هذه الحالة أنت في سوق فيه تنافس شديد حيث يكون من الصّعب جدًّا أن تجتذب الزّبائن. إذا اتّبعت قاعدة الخمسين في المئة من بداية الطّريق فسيكون لديك فرصة أفضل لتجاوز كلّ هذه المصائب. وإذا لم تتّبعها فإنّك تخاطر بأن تدرك حجم المصيبة التي أوقعت نفسك فيها متأخرًا جدًا لدرجة أنّه لم يعد في الإمكان تصحيح أيّ شيء. وهذا ما يحصل للأسف مع الكثير من الشّركات بعد إطلاقها. الأمر المؤسف أنّ الكثير من المنتجات أو الخدمات التي يقدّمها هؤلاء هي جيّدة بالفعل، لكنّ الشّركات تموت بسبب عدم إعدادها لخطّة توزيع محكمة distribution strategy. الحالة المعاكسة هي عندما تركّز على الاجتذاب منذ البدء، عندها يمكنك أن تعرف مبكّرًا إذا كنت على الطّريق الصّحيح أو لا، فالنّتائج التي ستحصل عليها من تجاربك في الاجتذاب سترشدك إلى الطّريق الأسلم لتصل إلى قناة اجتذاب ناجحة تحقّق لك أكبرّ نموّ ممكن. هذه القاعدة من الصّعب اتّباعها في الواقع، إذ أنّ هناك إغراءً كبيرًا يدفعك للانهماك في تطوير المنتج وحده وصرف النّظر عن أي شيء آخر، ففي النّهاية أنت لم تقرّر أن تخوض في عالم الرّيادة إلّا لرغبتك في بناء منتج أو خدمة محدّدة. أنت بالتّأكيد لديك رؤية، وفي الحقيقة كثير من نشاطات الاجتذاب التي يتوجّب عليك القيام بها هي مجهولة تمامًا بالنّسبة لك وبعيدة كلّ البعد عن منطقة الراحة الخاصّة بك comfort zone ورؤيتك الأساسيّة. هذا ما يبرّر الميل الطّبيعيّ لترك هذه القاعدة - قاعدة الخمسين في المئة - لكن إيّاك ثمّ إيّاك! لنكن واضحين، أعلمُ تمامًا أنّ تقسيم الوقت بين المُنتج ودراسة الاجتذاب بالتّساوي يسببّ حتمًا بطء عمليّة تطوير المنتج product development. لكن كن على يقين أنّه لن يؤخّر أبدًا لحظة نجاح هذا المنتج في السّوق، بل على العكّس، إنّه يسرّع من الوصول إليها! لا تتعجّب، سأخبرك بالمنافع التي ستحصل عليها إن تمكّنت من الجمع بين العمليّتين معًا على التّوازي. بداية، ستتمكّن من بناء المنتَج الصحيح لأنّك تستطيع - أثناء العمل على المنتج - أن تستفيد من المعرفة التي حصلت عليها من الجهود التي تبذلها للاجتذاب traction efforts. فطالما أنّك تتّبع منهجيّة جيّدة في تطوير المنتج فأنت على الأرجح لديك تغذية راجعة من زبائن مبكّرين early customers، لكن لا تنس أنّ هؤلاء الزّبائن قريبون جدًا منك، وغالبًا لن يخبروك بما هو حقيقيّ بل بما تودّ أنت سماعُه. من خلال تطوير خطّة الاجتذاب traction development فأنت تحصل على تيّار ثابت ومستمرّ من العملاء "الباردين" cold customers الذين من خلالهم ستتمكّن من معرفة إذا ما كان السّوق سيتقبّل منتجك أو لا، وإذا كان الجواب "لا" فستعرف ما هي المزايا النّاقصة لتضيفها، أو الأجزاء التي لا تعمل لتقوم بتصحيحها. فكّر باستثمارك الأوّل في الاجتذاب first investment in traction على أنّك تصبّ ماءً في وعاء مثقوب. في بداية الأمر سيتسرّب الماء منه بشدّة، فمنتجك لم يرقَ بعد ليصبح حلًّا متكاملًا لجميع احتياجات ومشكلات العميل. بعبارة أخرى، منتجك لن يتمكّن من الصّمود طويلًا، وكثير من العملاء لن يرغبوا باستخدامه أصلًا. نتيجة لذلك، كثير من المال الذي تنفقه على الاجتذاب ستجده يتسرّب أمامك من هذا الوعاء. هذه بالذّات هي اللّحظة التي يبدأ فيها كثير من المؤسّسين بفهم الأمر بصورة خاطئة، فأوّل ما يفكّرون به أنّه طالما هذا المال يتسرّب بعيدًا فهو على الأرجح مال مهدور. على العكس! هذه الآليّة تخبرك أين هي الثقوب الحقيقيّة في وعائك (منتجك). وإنّك إن لم تتفاعل مع هؤلاء العملاء "الباردين" بهذه الطّريقة فعلى الأرجح أنت تنفق وقتك في الأمر الخاطئ من وجهة نظر تطوير المنتج product development. هناك أيضًا بعض المعلومات الأخرى التي بإمكانك الحصول عليها من خلال هذا التّفاعل المبكّر مع العملاء، مثلًا ما هي الرّسائل التي تجد لها صدىً عند العملاء المحتملين، أيّ الشّرائح التي من الأفضل التّركيز عليها أولًا، ما هو نوع العملاء الذي سيكون من السّهل الوصول إليه، وما الصّعوبات الأساسيّة التي قد تواجهني في طريقي للتوزيع والانتشار distribution. هذا بالضّبط ما حصل مع Dropbox. ففي أثناء تطويرهم للمنتج قاموا بتجريب التّسويق في محرّكات البحث ووجدوا أنّه لا يتناسب مع طبيعة خدماتهم. لقد كانوا يتكلّفون 230$ للحصول على الزّبون الواحد الذي يدفع 99$ فقط. وهنا بدؤوا يركّزون على الاجتذاب عبر التّسويق الفيروسي viral marketing، وقاموا ببناء نظام دعوات referral program مضمّن في منتجهم، ومن ذلك الحين وحتّى الآن يعدّ هذا النّظام أهمّ ما يساعدهم للنّمو بسرعة. ومن جهة أخرى، إنّك إن انتظرت حتّى تطلق مشروعك لتبدأ بالسّير في خطوات تطوير الاجتذاب traction development فهذا ما يؤدّي عادة إلى دورة تطوير منتج product development جديدة وربّما أكثر. ولهذا السّبب قلتُ سابقًا أنّ العمل على الاجتذاب بالتّوازي مع تطوير المنتج سيبدو وكأنه يبطئ من تطوير المنتج على المدى القريب، لكن على المدى البعيد هو على العكس من ذلك. فائدة أخرى للعمل على الأمرين على التّوازي هي أنّك تستطيع تجربة واختبار أكثر من قناة اجتذاب قبل إطلاق أيّ شيء. وهذا يعني أنّ المنتج عندما يكون جاهزًا فبإمكانك أن تنمو بشكل سريع مباشرة. فالفهم المسبق لقناة الاجتذاب التي تظنّها مناسبة لعملك التّجاريّ ليس قيّمًا. إليك ما يقوله Phil Fernendez مؤسّس Marketo وهي شركة لأتمتة التّسويق عُرضِت للاكتتاب العام في 2013، يقول Phil معبّرًا عن الفوائد آنفة الذّكر: لم يكن بإمكان شركة Marketo أن تحصل على أربعة عشر ألف من المشترين إذا كانوا يركّزون فقط على تطوير منتجهم. وهذا هو الفرق بين أرقام كبيرة لنموّ الزّبائن منذ اليوم الأوّل للمنتج - أي الاجتذاب الحقيقيّ - وبين منتج آخر أنت فقط من يعرف أنّ هناك بعض الأشخاص الذين يريدونه. هذا المقال عبارة عن ترجمة لبداية الفصل الثاني من كتاب TRACTION: How Any Startup Can Achieve Explosive Customer Growth لكاتبيه Gabriel Weinberg و Justin Mares.
-
- تطوير المنتج
- startup
- (و 6 أكثر)