تعتمد شركات ومؤسسات الإعلام الرقمي على المحتوى وسيلةً رئيسية لبناء علاماتها التجارية. فهي تسعى جاهدة إلى جذب الانتباه المناسب للمحتوى الذي تقدمه وتنمية كلّ من جمهورها وعلامتها التجارية.
يفضّل الناس اليوم التفاعل مع المحتوى الإعلامي على الشبكات الاجتماعية التي يتواجدون عليها بالفعل، مثل فيس بوك، تويتر، وسناب شات، بدلًا من التوجه إلى الصفحات الرئيسية لمواقع الشركات الإعلامية لغرض استهلاك المحتوى.
لكنّ هذا الأمر يشكّل صعوبة بالغة لشركات ومؤسسات نشر الإعلام الرقمي. وبالأخص عندما غيّرت منصات التواصل الاجتماعي من خوارزمياتها، عروضها، أو أسعارها، فقد أصبح الأمر أشبه ببناء منزل على قطعة أرض مستأجرة. لهذا السبب أصبحت شركات الإعلام تركّز على امتلاك الجمهور الخاص بها وتنميته عبر وسائل معيّنة مثل التسويق عبر البريد الإلكتروني، التطبيقات الأصيلة Native apps، والتدوينات الصوتية Podcats.
سنشارككم في هذا المقال كيف يمكن لشركات ومؤسسات الإعلام الرقمي أن تحسّن نمو جمهورها في العالم الرقمي المتغير باستمرار.
المشكلة في الاعتماد على الشبكات الاجتماعية
ممّا لا شك فيه أنّ فيس بوك، توتير، سناب شات، وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي توفّر فرصًا كثيرة للناشرين. فوفقًا لمركز أبحاث Pew ومؤسسة Knight، يتزوّد 40% من البالغين الأمريكيين بالأخبار من فيس بوك. وبالرغم من أنّ شركات الإعلام الرقمي الكبرى قد شهدت نموًا كبيرًا في التدفق من المنصات الاجتماعية، إلّا أنّها عانت أيضًا عندما غيرت تلك المنصات عروضها، على سبيل المثال:
- أطلقت فيس بوك مؤخرًا المقالات الفورية Instant Articles التي أعاقت التدفّق إلى مواقع الإعلام من خلال إبقاء الناس داخل تجربة التواصل الاجتماعي.
- كانت بطاقات تويتر لتوليد العملاء المحتملين Lead generation تشكل مصدرًا مهمًا للمشتركين، وكذلك التدفق، لكنّ هذه الخاصية ألغيت مطلع العام الحالي.
ستواصل شركات ومؤسسات الإعلام الرقمي الوقوع فريسة للتغيّر في منتجات، خدمات، وخوارزميات الشبكات الاجتماعية طالما بقيت معتمدة عليها لتوليد التدفّق. وبالرغم من أنّ الشبكات الاجتماعية ستبقى دعامة رئيسية في عالم التسويق الرقمي، إلّا أنّ الشركات تفكر باستمرار حول كيفية امتلاك جمهورها الخاص بدلًا من الاعتماد على جمهور الشبكات الاجتماعية.
طرق مبتكرة لزيادة نمو الجمهور
تهتم شركات ومؤسسات الإعلام الرقمي جدّيًا بتجربة جماهيرها. فهذه الشركات ترغب ببناء جمهور خاص وتنميته، بشرط أن يكون ذلك الجمهور مناسبًا. لكن يمكن أن تضطرب الفِرَق عندما تتغيّر الخوارزميات ويتلاشى التدفق. فكيف إذًا باستطاعة شركات ومؤسسات الإعلام أن تزيد من نمو الجمهور في الوقت الذي تخدم فيه قرَاءها؟
مشاركة المحتوى باستخدام البث المباشر على فيس بوك
تركز شركات ومؤسسات نشر الإعلام على الفيديوهات في السنوات القليلة المنقضية، لكن الاتجاه الحالي في مشاركة المحتوى هو استخدام البث المباشر. فقد أثبت كلّ من سناب شات Snapchat وبيروسكوب Periscope أنّ المحتوى المباشر يجذب الجماهير ويستهويهم. أمّا البث المباشر على فيس بوك فينقل هذه الميزة إلى مستويات متقدمة.
استخدام روبوتات المحادثة (Chatbots) لتقديم المحتوى
يتطوّر الذكاء الاصطناعي (AI) باطّراد، ويمهّدُ الطريق إلى ذلك ما يعرف بـروبوتات المحادثة Chatbots. وقد أصبحت العديد من الشركات تستخدم روبوتات المحادثة لتقديم المحتوى في المكان والوقت المناسبين. على سبيل المثال، إذا أظهر أحد المستخدمين اهتمامًا في مناطق معينة في نافذة محادثة، يمكن أن يشجِّع أحد روبوتات المحادثة ذلك المستخدم على الاشتراك في نشرة إخبارية.
التحسين بناءً على مصدر المشتركين
يجب على شركات ومؤسسات الإعلام الرقمي التي تسعى إلى زيادة نمو الجمهور أن تحدّد المصدر الذي يأتي منه أغلب الجمهور ثم تعمل على التحسين بناءً على ذلك. على سبيل المثال، إذا وجدتَّ أنّ نسبة كبيرة من التدفّق تأتي من نشرات البريد الإلكتروني الإخبارية، فمن المفيد معرفة كيفية حثّ المزيد من الأشخاص على الاشتراك.
التركيز على الاشتراكات السياقية
يحسّن المسوقون باستمرار من أساليبهم في تقديم المحتوى المناسب إلى الأشخاص المناسبين وفي الوقت المناسب تمامًا. وقد أصبح من السهل التخصيص والأتمتة بناءً على الاهتمامات، الجنس، الموقع، وغيرها الكثير. على سبيل المثال، إذا زار مستخدم موقع BuzzFeed Food بحثًا عن وصفات ونصائح حول الطعام الصحي، سيُطلب منه الاشتراك في نشرة إخبارية متخصصة في الطعام ووصفاته.
تقديم حوافز للاشتراك
يتيح التسويق الإلكتروني لشركات ومؤسسات الإعلام الرقمي الفرصة لبناء جمهورهم الخاص، لذا فهناك الكثير من الشركات التي تضاعف جهودها على البريد الإلكتروني. فلم يعد بالنسبة لهم مجرّد أداة مكمّلة لما يوفّرونه، بل أصبحوا يركزون عليه باعتباره وسيلة رئيسية لاستمرارية عملهم.
لكن لحمل الناس على الاشتراك في النشرات الإخبارية الإلكترونية يجب أن توفّر لهم حوافر تدفعهم إلى القيام بذلك. وفيما يلي بعض الأساليب التي تستخدمها شركات ومؤسسات نشر الإعلام الرقمي:
- المحتوى المبوّب: تنشئ شركات ومؤسسات الإعلام الرقمي محتوى مثيرًا لاهتمام القراء والذي لا يمكن قراءته إلّا عندما يشترك المستخدم في نشرة إخبارية إلكترونية أو دورة عبر البريد الإلكتروني.
- رؤى المحررين: يمكن أن ينشئ المحررون نشرة إخبارية محدّدة تتضمّن رؤاهم وأفضل المقالات ومن ثم بيع هذه النشرة الإخبارية إلى القراء الذين يتابعون مقالاتهم.
- الدورات والمحتوى المتسلسل: يمكن أن تشجع الدورات، مثل “طعام صحي لعشرة أيام”، الناس على الاشتراك لإلقاء نظرة سريعة على نوع المحتوى المفيد الذي سيحصلون عليه بعد الاشتراك، والذي بدوره سيشجّعهم على أن يصبحوا مشتركين دائمين في النشرة الإخبارية.
خاتمة
في العالم الرقمي دائم التغيّر، تسعى شركات ومؤسسات الإعلام إلى إيجاد طرق ذكية لتنمية جمهورها، وتحديدًا من خلال التركيز على الوسائل التي يمكنهم امتلاك الجمهور عليها كالتسويق عبر البريد الإلكتروني، التطبيقات الأصيلة، والتدوينات الصوتية، حتّى أنّ هذه الوسائل أصبحت تستميل الكثير من الشركات.
تحرص الفرق في شركات الإعلام على تنمية عدد المشتركين في قوائمها البريدية، كما أنّها تولي اهتمامًا كبيرًا لمعدلات الفتح، الزوّار المتكررين، وعدد الأشخاص الذين يفتحون رسائل البريد الإلكتروني يوميًّا. ويمكن لشركات ومؤسسات الإعلام تلك أن تزدهر في العالم المتغير من خلال دراسة كيفية زيادة نمو الجمهور بعناية وتعمّق.
ترجمة- بتصرّف - للمقال How media companies can drive audience growth in a changing digital landscape لصاحبته: Allison Wahl.
حقوق الصورة البارزة محفوظة لـ Freepik
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.