اذهب إلى المحتوى

مفهوم الوعي بالإعلان Advertising Awareness


Mohamed Lahlah

تطور مفهوم الإعلانات في السنوات الأخيرة الماضية بسرعة كبيرة وأصبح أكثر تعقيدًا وزادت فيه التفاصيل وكثرت المنصات الإعلانية وتباينت طرق التعامل معها لدرجة يصعب تخيلها ومع هذا التطور يحاول مدراء التسويق إنشاء حملات إعلانية فعالة وإدارة ميزانيات التسويق واتخاذ القرارات بطريقة مدروسة ومثالية لتقوية علاماتهم التجارية وزيادة قدرتها على التنافسية في السوق.

يأخذ الإعلان التجاري دورًا أساسيًا ومحوريًا في التسويق فهو أكثر ما يشغل بال مدراء التسويق لأن الإعلان المناسب سيُساعد في جذب العملاء وبناء الوعي كما سيُعزز الإعلان الارتباطات الذهنية بالعلامة التجارية وسيزيد من الجودة المدركة في عقول المستهلكين ومن ثم سيتعززُ الولاء للعلامة التجارية وبالتأكيد كل هذه الأمور ستزيد من حصة العلامة التجارية في السوق، ولكن الإعلان ليس بهذه البساطة إذ أصبحت حروب العلامات التجارية في عصرنا الحالي شرسة جدًا ولا تنتهِ، وعادة ما تتبنى الشركات استراتيجيات إعلانية مختلفة في الأسواق شديدة التنافسية، مثل الإعلانات الهجومية أو الدفاعية أو العامة أو جميعها معًا، ومن أبرز التحديات الّتي يواجهونها هي القدرة على تحليل السوق والمستهلكين لمعرفة التغييرات المطلوبة في استراتيجيات التسويق لتتناسب مع الأجيال الجديدة وتغييرات السوق ودخول المنافسين ولا يوجد في الصدد سوى قاعدة وحيدة وراسخة وهي بأن الإستراتيجية الثابتة في الإعلان ستؤدي إلى خسائر فادحة.

سنستكمل في هذا المقال حديثنا عن الوعي بالعلامة التجارية الذي بدأناه في المقال السابق مدخل إلى الوعي بالعلامة التجارية وسنستعرضُ تأثير الوعي بالإعلان Advertising Awareness في زيادة الوعي بالعلامة التجارية.

مفهوم الوعي بالإعلان Advertising Awareness

الوعي الإعلاني Advertising Awareness هو استراتيجية تسويقية مصممة بطريقة تعزز وعي المستهلكين بما تقدمه الشركة على المدى القصير (المنتجات والخدمات) وعلى المدى الطويل (رسالة الشركة والقيمة الّتي تقدمها). يمكن تخصيص الوعي الإعلاني وفقًا لأهداف وغايات الشركة في الصورة الّتي تسعى الشركة إلى تشكيلها في أذهان المستهلكين، ولا يهدف نشر الوعي الإعلاني إلى تحقيق الربح على المدى القصير، وإنما زيادة التعرف على العلامة التجارية ومنتجاتها وثقافتها. بعبارة أخرى هو مقدار الاهتمام الّذي تحصل عليه العلامة التجارية من خلال إعلاناتها.

يرتبط الوعي الإعلاني بالعديد من المفاهيم ويتأثر بالكثير من المتغيرات ولذلك سنُبسط الأمور في البداية وسنتعرفُ على مفهوم الإعلان ونشرّحه تحت المجهر لنستكشف التفاصيل الدقيقة الّتي تجعل الإعلان مؤثرًا في عقول المستهلكين وفي أي مرحلة يتكون الوعي بالإعلان.

مفهوم الإعلان

يعد الإعلان Advertising نشاطًا قديمًا وتاريخًا ويُعتقدُ بأنه نشأ عندما استطاع الإنسان إنتاج مواد فائضة عن حاجته ولا سبيل لبيع هذا الفائض إلا من خلال زيادة الإنتشار لتصريف هذه المنتجات ومع سرعة تطور الآلات والتقنيات وتغير حياة الإنسان عبر الزمن انتقل مفهوم الإعلان وتغير تغيرًا جذريًا ومع مجيئ الثورة الصناعية الأولى وظهور نظام المصنع الميكانيكي بدلًا من التصنيع اليدوي، إذ أصبح فائض الإنتاج أكثر من أي وقت مضى وأصبحت الآلات تعمل بلا كلل أو ملل وعلى مدار الساعة لزيادة الإنتاج، وترافق ذلك مع زيادة مستوى الدخل للفرد والتسهيلات الحكومية وبناء الدول لمنظومات الشحن البحري وربط الدول بالسكك الحديدية وتحسين سلاسل التوريد.

أدت جميع العوامل السابقة إلى فائض غير مسبوق في كمية المنتجات الأمر الّذي جعل من الإعلان ضرورة حتمية للشركات لبيع هذه المنتجات في المقام الأول.

تنوعت رؤية الباحثين لمفهوم الإعلان فمنهم من رأى بأن الإعلان "وسيلة تمكننا من الوصول إلى عدد كبير من المشترين المتباعدين جغرافيًا بتكلفة جيدة"، ومنهم من رأى بأنه "مجموعة من الوسائل المسخرة بهدف التعريف بمؤسسة صناعية أو تجارية بغية بيع منتج ما"، وغيرها من التعاريف ويمكن تلخيص جميع تعاريف الإعلان على الشكل التالي: "هو مجموعة وسائل موجهة لإعلام الجمهور بمنتج وإقناعه بشرائه أو الإقبال عليه أو على خدمة معينة، وهو يقوم أساسًا على الإقناع (أي مخاطبة العقل) وإثارة الرغبة (أي مخاطبة الغرائز)".

بالرغم من اختلاف التعاريف إلا أنه يمكننا تلخيص أهم خصائص الإعلان وهي:

  • يعتمد الإعلان على وسائل اتصال مختلفة.
  • إمكانية الوصول الكبير للجمهور.
  • اتصال غير شخصي بين البائع والمشتري.
  • وسيلة تسويق غير مجانية ومكلفة في بعض الأحيان.
  • أهمية أكبر في حالة المنتجات الاستهلاكية بالموازنة مع المنتجات الصناعية.
  • لا يقتصر الإعلان على عرض وترويج المنتجات فقط وإنما يشتمل أيضًا على ترويج الأفكار والخدمات والأشخاص والشركات.
  • تتعد رسائل الإعلان فهي لا تهدف دومًا لزيادة المبيعات وإنما تكون في بعض الأحيان لزيادة الوعي أو توضيح مشكلة.
  • معظم الإعلانات تعتمد على الإبداع بالدرجة الأولى.

أنواع الإعلان

تتعدد أنواع الإعلانات وقد صنف الباحثون في هذا المجال الإعلانات بطرق مختلفة فبعضهم صنفه بحسب النطاق الجغرافي مثل الإعلان المحلي أو الإقليمي أو العالمي ومنهم من صنفه بحسب الجمهور المستهدف ولكن من أكثر الطرق العامة والشائعة في التصنيف هي الّتي صنفت الإعلان لثلاثة أنواع وهي:

  1. إعلانات هجومية Offensive Advertising: وهي إعلانات تهاجم نقاط ضعف العلامات التجارية المنافسة مع إبراز تميزها وتوضيح نقاط قوتها. بعض الشركات لا تذكر منافسين محددين وإنما يشيرون إلى المنافسين بطريقة ملتوية وغير مباشرة.
  2. إعلانات دفاعية Defensive Advertising: وهي الإعلانات الّتي تحاول الدفاع على العلامة التجارية والمحافظة على حصتها في السوق وإبقاء عملائها موالين لها، وغالبًا ما تلجأ الشركات الرائدة في السوق لهكذا أنواع من الإعلانات لتحجيم حصة الشركات الناشئة أو لتخفيف الضرر والتأثير السلبي المحتمل الناتج عن إعلانات المنافسين.
  3. إعلانات عامة Generic Advertising: وهو إعلانات المصممة للترويج لمنتجات أو عادات صحية عامة بدلًا من علامة تجارية معينة. تنتج هكذا نوع من الإعلانات الحكومات أو الشركات المسيطرة على السوق، فمثلًا نرى هذه الإعلانات الحملات الإعلانية لشرب الحليب الطازج وتشجيع تنظيف وغسل الأسنان قبل النوم، ويحاول هذا الإعلان بناء وعي عام للمستهلك وإعلامه بالمشكلة وتنشئ الشركات إعلانات لحل المشكلة المطروحة.

بالرغم من شمولية الأنواع السابقة إلا أننا مع تطور التقنيات وطرق الإعلان بالإضافة إلى التطورات السريعة في عالم التسويق والإعلان انقرضت الأنواع السابقة وظهرت أنواعًا جديدة من الإعلانات وصنفت هذه الإعلانات بحسب الهدف الدقيق منها فمثلًا يمكن أن يكون الإعلان إخباريًا أو إقناعيًا مثلًا، فيجب على الشركة تحليل السوق الحالية من أجل اختيار الإعلان المناسب، ومن أبرز هذه الأنواع من الإعلانات نذكر:

  1. الإعلان الإخباري Informative Advertising.
  2. الإعلان الإقناعي Persuasive Advertising.
  3. الإعلان التذكيري Reminder Advertising.
  4. الإعلان التعزيزي Reinforcement Advertising.
  5. الإعلان الموازن Comparative Advertising.

1. الإعلان الإخباري Informative Advertising

تعتمد الإعلانات الإخبارية على المعلومات الدقيقة والواضحة لجذب العملاء المحتملين، ويهدف الإعلان بصورة رئيسية إلى بيع المزيد من المنتجات أو الخدمات من خلال شرح وتوضيح فوائد المنتج. يشرح الإعلان الإخباري بوضوح كيفية استخدام المنتج ويحدد صفاته أو فوائده أو جاذبيته، وفي بعض الأحيان تستخدم الكيانات العامة أو الحكومية أو المنظمات غير الربحية الإعلانات الإخبارية لمشاركة الرسائل الهادفة، فمثلًا تعتمد حملات مكافحة التدخين المختلفة اعتمادًا كبيرًا على المعلومات المباشرة حول مخاطر التدخين، وإعلانات عدم الإسراف في استخدام المياه أو الطاقة الكهربائية، ويستخدم الإعلان الإخباري عمومًا للهدفين التاليين:

  • الإعلان عن منتجات جديدة أو تحديثات على المنتجات الحالية.
  • موازنة المنتجات.

يمكن استخدام الإعلانات الإخبارية عند طرح علامة تجارية جديدة أو منتجًا جديدًا، ويوضح الإعلان الصفات المميزة للمنتج مثل ماهيّة المشكلة الّتي يحلها أو الرغبة الّتي يلبيها للمستهلك، وبعض الشركات تعتمد على هذه الإعلانات لإظهار كيفية تميّز منتجها في السوق، ويجلب هكذا إعلان المستهلكين المهتمين بفئة المنتج، كما يعد الإعلان الإخباري نموذجيًا لمشاركة التحسينات الّتي تجريها العلامات التجارية للمنتجات أو الترقيات لبرامج الولاء أو الإصدارات الجديدة المُخطط لطرحها في الأسواق وغيرها من الأخبار الجديدة لدى الشركة، توضح هذه الإعلانات ضرورة ترقية البرنامج أو الخدمة الّتي يستخدمها جمهور العلامة التجارية الحالية للحصول على المميزات الجديدة، وغالبًا ما تستخدم شركات التجميل والمستحضرات الطبية هذا النوع من الإعلانات.

2. الإعلان الإقناعي Persuasive Advertising

يحاول الإعلان الإقناعي خلق استجابة عاطفية إيجابية لدى العملاء المحتملين من خلال النصوص والصور المقنعة، ويعمل الإعلان على جذب الدوافع وتحفيز الاندفاعات العاطفية الفطرية لدى المستهلكين، ويرى الكثير من المسوقين بأن هذه الطريقة فعالة ومؤكدة لتشجيع الاهتمام بالمنتجات والخدمات الجديدة أكثر من مجرد تقديم المعلومات والحجج المنطقية، وفي حال نجاح الإعلان سيزداد انفتاح المستهلكين على المنتج ورغبتهم في تجربته أو حتى البحث عنه في محرك البحث، ومن أبرز النصائح لتصميم إعلان مقنع ويغير من توجه المستهلكين:

  1. استخدم العواطف.
  2. التعاون مع المشهورين.

أما استخدام العواطف، فيجب أن تفكر في الطرق الّتي يمكن لإعلاناتك أن تخلق مشاعر إيجابية لدى العملاء المحتملين، مثل جعل الناس يبتسمون أو يضحكون. استفد من رغباتهم الفطرية في الاتصال مع مجتمعهم والسيطرة على طريقة سير حياتهم الشخصية ومساعدتهم في تحقيق النجاح. في الحقيقة ليس من الضروري التخلي تمامًا عن المنطق عند إنشاء إعلانات مقنعة؛ إلا أن تركيزنا يجب أن يركز على خلق رد فعل عاطفي إيجابي للإعلان وزرع بذور الرغبة في المنتج أو الخدمة، ويُعد الإعلان المدغدغ للعاطفة من أكثر الإعلانات إقناعًا وسهولة في توصيل الفكرة كما أنه يخلق شعورًا إيجابيًا بمنتجك. بالإضافة إلى ذلك يجب الحرص على جعل الإعلان بسيط وأن يكون نص الإعلان قصيرًا ولطيفًا ودقيقًا، وغالبًا ما يُستخدم هذا النوع من الإعلانات للمنتجات البسيطة والتي لا تحتوي على تفاصيل معقدة.

وأما التعاون مع المشهورين، فيمكن الاستفادة من الأشخاص المشهورين والمحبوبين عن طريق ظهورهم في الإعلان والترويج لعلامتك التجارية هذا الأمر سيزيد من مصداقية الإعلان وسيُحفز مشاعر المحبة الموجودة لهذا الشخص المؤثر ويربطها مع المنتج، ويجب أن يوضح الإعلان القيمة الّتي يضيفها المنتج إلى المؤثر لكي تتوضح الصورة للمستهلك ولا يكون الإعلان مجرد تلميع للمنتج فقط.

3. الإعلان التذكيري Reminder Advertising

يهدف الإعلان التذكيري إلى الحفاظ على الوعي بالعلامة التجارية وتشجيع العملاء الحاليين على إجراء عمليات شراء متكررة، وتستفيد الشركات من العملاء المحتملين المطلعين على العلامة التجارية وهناك العديد من أشكال إعلانات التذكير مثل النشرات الإخبارية عبر البريد الإلكتروني والإعلانات المصورة وحملات الوسائط الاجتماعية. تستخدم الشركات في بعض الأحيان الإعلانات الطرقية للحفاظ على الشعار وهوية العلامة التجارية في أذهان العملاء مثل شركات المشروبات الغازية مثل وكاكولا وبيبسي، بالإضافة إلى ذلك هناك العديد من الاستراتيجيات المختلفة الّتي يستخدمها المسوقون للإعلانات التذكيرية نذكر منها:

  1. التذكير بعربات التسوق المتروكة والرسائل الإخبارية.
  2. حملات إعادة الاستهداف.

ففي النقطة الأولى، التذكير بعربات التسوق المتروكة والرسائل الإخبارية، يترك العملاء في كثير من الأحيان عربة التسوق الافتراضية الخاصة بهم دون إتمام عملية الشراء وعندما نرسل إليهم تذكير بالمتابعة فهذا سيعزز من فرصة إكمال الشراء كما تعتمد بعض الشركات على إضافة كوبونات مخصصة لتحفيزهم وحثهم على اغتنام الفرصة، بالإضافة إلى ذلك نرى في بعض الأحيان رسائل تذكيرية لإعلام المستهلكين بجديد المنتجات المضافة أو المنتجات الأكثر مبيعًا لهذا الأسبوع …إلخ، كما يمكن إرسال بعض العروض والخصومات الخاصة بمشتركي النشرة الإخبارية أو عروضات تصفيات المنتجات الصيفية أو الشتوية.

وفي النقطة الثانية، حملات إعادة الاستهداف، يستهدف هذا النوع من الإعلانات تذكير العملاء المحتملين بناءً على سجل التصفح الخاص بهم حتى وإن تصفح العميل المتجر فقط ولم يشتري العميل المنتجات ولم يضيفها إلى عربة التسوق فإن تصفحه إليها سيؤدي إلى حفظ النشاط في ملفات تعريف الارتباط الخاصة بالمتصفح الّذي يستخدمه والتي تعتمد عليها الشبكات الإعلانية مثل غوغل وفيسبوك لتظهر له إعلانات المنتجات الّتي تصفحها في المتجر عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ومن أكثر الشركات الّتي تستخدم هذا النوع من الإعلانات هي شركات الوساطة العقارية والتقسيط نظرًا لأن قرار شراء المنزل يحتاج للكثير من التخطيط والبحث وتشجع هذه الإعلانات على اتخاذ المستخدمين الخطوة الأولى للشراء وهي تسجيل معلومات الشخصية للتواصل ومن ثم يتدخل مندوب المبيعات لإكمال مهمة الإعلان وإقناعهم بالشراء.

4. الإعلان التعزيزي Reinforcement Advertising

يهدف هذا الإعلان إلى إقناع المشترين الحاليين أن اختيارهم صحيح وصائب من خلال عرض أفضل الطرق لاستخدام المنتج والحفاظ عليه، ويستخدم هذا الإعلان بكثيرة في قطاع السيارات، إذ تُظهر المستهلكين على أنهم راضون عن مميزات سياراتهم ويستمتعون بها.

5. الإعلان الموازن Comparative Advertising

يوازن هذا الإعلان بين المنتج الّذي تقدمه الشركة ومنتجات الشركات المنافسة في السوق ويهدف الإعلان لتوضيح تفوق منتج الشركة على المنتجات المنافسة، ويمكن أن تكون الموازنة بين التكلفة أو الجودة أو التصميم أو سهولة الاستخدام …إلخ، وهذا النوع من الإعلان شائعة بين شركات صناعة السيارات والهواتف والحواسيب المحمولة وسلاسل الوجبات السريعة، وهنالك العديد من المزايا للإعلان الموازن نذكر منها:

  1. إنشاء تمايز للعلامة التجارية والتأثير في قرار الشراء.
  2. بناء الوعي بالعلامة التجارية وتعزيز ولاء العملاء.

أما النقطة الأولى، فإذا كانت الشركة تعمل في سوق شديد التنافسية ومشبع بالمنتجات فيمكن أن تساعد هكذا حملات إعلانية في جعل منتجات الشركة بارزة في عقول المستهلكين لأنه في كثير من الأحيان لا يدرك المستهلكون خيارات الشراء المتاحة لهم وهنا يأتي دور الإعلان الموازن، ويمكن أن تستفيد الشركات الّتي أجرت أبحاثًا تسويقية دقيقة من نشر تعليقات المستهلكين الّتي تركز على مميزات منتجها مقابل منتج منافس.

وأما بخصوص النقطة الثانية، فتساعد الحملة الإعلانية الموازنة في خلق وعي بالعلامة التجارية من خلال تسليط الضوء على الميزات المتفوقة لمنتجك خاصةً إذا كان المنتج المنافس لديه حصة أكبر في السوق، بالإضافة إلى ذلك يمكن للإعلان الموازن التأكيد على صحة قرارات الشراء للعملاء الحاليين مما يساعد على بناء قاعدة عملاء مخلصين.

تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكننا استخدام الإعلانات الموازنة دائمًا ففي بعض الأحيان سيؤثر تأثيرًا سلبيًا على العلامة التجارية مثل استخدام شركة كبيرة إعلانًا تنافسيًا للاستخفاف بشركة صغيرة ذات حصة سوقية أقل من حصتها في السوق، فإنها تخاطر بالظهور وكأنها متسلطة، بالإضافة إلى ذلك يتطلب استخدام الإعلان الموازن معرفة شاملة بقوانين الإعلان المحلية فمثلًا في الولايات المتحدة الأمريكية تحدد لجنة التجارة الفيدرالية أنواع الإعلانات الموازنة الّتي يُسمح للشركة باستخدامها، ولا يجوز للشركة تقديم ادعاءات كاذبة بشأن العلامات التجارية المنافسة، وعمومًا لكل دولة قواعدها الخاصة فيما يتعلق بالإعلان الموازن ويجب على مدير التسويق دراسة هذه القوانين لكي لا يعرض الشركة للمساءلة القانونية لاحقًا.

نماذج تأثير الإعلان

منذ بداية الإعلانات كان هنالك مجموعة من الأسئلة الّتي شغلت وما زالت تشغل المسوقين والمعلنين، ومن هذه الأسئلة نذكر:

  • ما آلية عمل الإعلان؟
  • كيف يستجيب المستهلكين للإعلان؟
  • ما هي الصياغة الأفضل للإعلان؟
  • هل يوجد تسلسل معين يجب الاعتماد عليه في عرض أفكار الإعلان؟
  • في أي مرحلة من الإعلان تكون الرسالة المراد إيصالها أقوى؟
  • كيفية تأثير الإعلان على مستقبل الرسالة الإعلانية؟

حاول العديد من الباحثين الإجابة على هذه الأسئلة والعديد من الأسئلة الأخرى وصاغوا الإجابات على شكل نظريات أسموها نماذج تأثير الإعلان، وسنستعرض أبرز خمسة نماذج لتأثير الإعلان لنرى في أي مرحلة تكون الاستجابة العقلية والعاطفية والسلوكية للمستهلك. جميع هذه النماذج خطية وتفترض بأن المستهلكين يتحركون ضمن سلسلة من الخطوات (المعرفية والعاطفية والسلوكية) عندما يتخذون قرارات الشراء، وهذه النماذج هي:

  1. نموذج AIDA.
  2. نموذج التسلسل الهرمي للتأثيرات Hierarchy of Effects.
  3. نموذج تبني الابتكار Innovation Adoption.
  4. نموذج معالجة المعلومات Information Processing.
  5. النموذج التشغيلي Operational.

نماذج تأثير الإعلان

1. نموذج AIDA

يشير اسم النموذج إلى المراحل التي يمر بها المستهلك والتي هي (Attention->Interest->Desire->Action)، ويعد من النماذج القديمة والتاريخية لكيفية استجابة المستهلكين للإعلان يتألف هذا النموذج من أربعة مراحل أساسية وهي:

  1. الانتباه Attention: وتدعى أيضًا مرحلة الوعي Awareness، وهي المرحلة الّتي يجب على الإعلان جذب انتباه المستهلك ليصبح على دراية بالمنتج أو العلامة التجارية، وهذه المرحلة من أصعب المراحل لأن المستهلكين الحاليين يصعب جذب انتباههم وتركيزهم لمنتج ما وخصيصًا في ظل تأثير الشبكات الإجتماعية على تركيز المستهلكين، ولذلك تحتاج هذه المرحلة الكثير من التخطيط والاختبار على فئات مستهدفة صغيرة قبل نشر الإعلان النهائي لتجنب الخسارات المحتملة.
  2. الاهتمام Interest: بعد نجاح مرحلة جذب الانتباه تأتي مرحلة اهتمام المستهلك بمعرفة المزيد عن المنتج أو الخدمة أو العلامة التجارية وهي فرصة لشرح فوائد المنتج ومميزاته واختلافه عن المنتجات الأخرى في السوق، ومدى أهمية المنتج لحياة المستهلكين المستهدفين، ولذلك فإن إعطاء المعلومات المناسبة بطريقة سهلة وسهلة سيعزز من الجودة المدركة لدى المستهلكين.
  3. الرغبة Desire: بعد إثارة اهتمام المستهلك تجاه المنتج سيُرغب في امتلاك المنتج ومهمتنا في هذه المرحلة هي تحريك الرغبة تنميتها ونقل المستهلك إلى قرار الشراء أو أي فعل نريده.
  4. الإجراء Action: بعد إثارة رغبة المستهلك في امتلاك المنتج يأتي دور إشباع هذه الرغبة من خلال عرض طريقة الشراء ليبدأ بخطوات الشراء الفعلية والتي يجب أن تكون سهلة ومتنوعة.

لمزيد من المعلومات حول هذا النموذج ننصحك بالاطلاع على مقال كيف تستخدم كتابة الإعلانات لزيادة مبيعاتك؟.

2. نموذج التسلسل الهرمي للتأثيرات

صمم هذا النموذج روبرت جي لافيدج Robert J Lavidge وجاري أشتاينر Gary A Steiner وذلك في عام 1961، ويحاول هذا النموذج -والنماذج الحديثة عمومًا- التعمق أكثر في كيفية تأثّر المستهلكين بالإعلان ويتألف هذا النموذج من 6 مراحل وهي على الشكل التالي:

  1. الوعي Awareness: وهي المرحلة الأولية الّتي يدرك فيها العميل وجود المنتج أو العلامة التجارية سواء كان من خلال الإعلانات أو أي طريقة أخرى.
  2. المعرفة Knowledge: يبدأ العميل في هذه المرحلة بجمع المعلومات المطلوبة عن المنتج، ويحاول ببطء فهم الفوائد المرتبطة به من خلال البحث أو سؤال مندوبي المبيعات أو من خلال الأشخاص الذين استخدموا المنتج بالفعل. يمكن للمستهلكين التبديل بسهولة إلى علامة تجارية منافسة عندما لا يتمكنون من جمع المعلومات المطلوبة، ولذلك تقع على عاتق المعلن مسؤولية التأكد من توفر معلومات المنتج بسهولة.
  3. الإعجاب Liking: يطور العميل في هذه المرحلة إعجابه بالمنتج وتتمثل مسؤولية المعلن في إبراز مميزات المنتج لزيادة الترويج للعلامة التجارية أو المنتج.
  4. التفضيل Preference: تتكون في هذه المرحلة الصورة الذهنية للمنتج في عقل العميل ويعرف مميزات المنتج ويجب على المعلنين تعزيز الجوانب الإيجابية لعلامتهم التجارية لضمان إكمال المستهلك عملية الشراء.
  5. الاقتناع Conviction: يكون العميل في هذه المرحلة مقتنعًا بالمنتج واتخذ قراره بشراءه وتتمثل مسؤولية المعلن هنا في تسريع هذا التوجه من خلال استخدام تأثير FOMO وهو تأثير الخوف من ضياع الفرصة سواء عن طريق تحفيز العملاء على استغلال الخصومات الحصرية أو قبل نفاذ الكمية …إلخ، ولمزيد من المعلومات عن تأثير FOMO ننصحك بالاطلاع على المقال المفصل كيف تستخدم الخوف من الفوات FOMO لزيادة المبيعات؟).
  6. الشراء Purchase: وهي المرحلة الّتي يشتري المستهلك المنتج وبالطبع يجب تسهيل عملية الشراء وتنويع طرق الدفع.

3. نموذج تبني الابتكار

طور هذا النموذج روجرز Rogers في عام 1995، وفي هذا النموذج يبحر العميل خلال خمس مراحل للوصول إلى الفعل المنشود سواء من خلال الشراء أو التسجيل النشرة البريدية، وهذه المراحل هي:

  1. الوعي Awareness: يصبح المستهلك على دراية بعلامة تجارية أو منتج في الغالب من خلال الإعلانات.
  2. الاهتمام Interest: يهتم العميل في هذه المرحلة بالمنتج أو العلامة التجارية ويبدأ بجمع المعلومات واكتساب المزيد من المعرفة.
  3. التقييم Evaluation: يكمل المستهلكين في هذه المرحلة الاطلاع على المعلومات الضرورية المتعلقة بالمنتج، ويقيّمون البدائل ويحاولون اكتساب فهم أعمق للمنتج الّذي أثار اهتمامهم.
  4. التجربة Trial: يجرب العملاء المنتج قبل اتخاذ القرار النهائي لشراء المنتج.
  5. التبني Adoption: يقبل في هذه المرحلة العملاء المنتج ويتخذون قرارًا بشراءه.

4. نموذج معالجة المعلومات

نموذج معالجة المعلومات هو هيكل يستخدمه علماء النفس المعرفي لتحديد العمليات العقلية. يربط هذا النموذج عملية التفكير البشري بوظائف الحاسوب ويعامل العقل البشري مثل الحاسوب، أي أنه يأخذ المعلومات وينظمها ويخزنها ليستعيدها لاحقًا. وبحسب النموذج يمتلك الانسان جهاز إدخال معلومات (مثل العين والأذن والحواس) ووحدة معالجة (وهي العقل) ووحدة تخزين (وهي الذاكرة) وجهاز إخراج وهي تصرفات الإنسان وقراراته، أي أن الحاسوب له إطار عمل مشابه لعقل الإنسان، ويتكون نموذج معالجة المعلومات من 6 مراحل وهي:

  1. العرض Presentation: يدرك المستهلك في هذه المرحلة احتياجاته ويبحث عن منتج يشبع احتياجاته.
  2. الانتباه Attention: ينتبه العملاء المحتملين للمنتج أو العلامة التجارية.
  3. الاستيعاب Comprehension: يوازن المستهلك خياراته ويقيّم المنتجات المختلفة من العلامات التجارية الموجودة في السوق للتأكد من المنتج المطلوب يلبي بالفعل متطلباته.
  4. الاعتماد Yielding: هذه مرحلة يكتشف فيها العميل ما يريده بالضبط والعلامة التجارية المناسبة ومنتجها الّذي يلبي احتياجاته.
  5. الاحتفاظ Retention: يحتفظ المستهلك في هذه المرحلة بالمميزات والسمات الرئيسية للمنتج والفوائد وجميع الجوانب الإيجابية للمنتجات الّتي يسعى لشرائها.
  6. سلوك Behavior: يتخذ المستهلك في هذه المرحلة قرار الشراء لمنتج معين ويقدم على سلوك الشراء.

5. النموذج التشغيلي

يعد النموذج التشغيلي الأعم والأشمل وهو إطار عمل استراتيجي يتألف من ثلاثة أنشطة وهي:

  1. التفكير غير التقييمي Non-Evaluative Thinking: وهي المرحلة الّتي يتعرض المستهلكون للمنتجات والعلامات التجارية المختلفة الّتي يرونها، وهذه المرحلة يبنى فيها الوعي في المستهلكين المحتملين.
  2. التفكير التقييمي Evaluative Thinking: وهي المرحلة الّتي يقيّم فيها العملاء المحتملون المنتجات المختلفة ويدرسوا الخيارات المتاحة لاختيار منتج من بين البدائل المختلفة.
  3. الإجراء Action: يتخذ المستهلك في هذه المرحلة قرار الشراء النهائي ويشتري المنتج.

نلاحظ أن بالرغم من اختلاف النموذج الإعلاني فإنه يوجد ثلاث مراحل أساسية لابدّ منها وهي يمكننا أن نستنتج أنه بغض النظر عن النوع أو الشخصية أو وصف النماذج، فإن المرحلة الأولى من جميع النماذج المذكورة أعلاه هي مرحلة الإدراك، يليها الفهم. ولا يمكن تعزيز الرسالة ما لم يتم إنشاء الوعي وتطوير الفهم.

الفرق بين تكرار الإعلان ومعدل الوصول

يحصل في عالم التسويق والإعلان جدل كبير بين أولوية الوصول لشريحة جمهور كبيرة وتكرار الإعلان لشريحة جمهور محددة، وللوهلة الأولى يعتقد البعض بأن رؤية المزيد من الأشخاص للإعلان سيؤدي لإقبال المزيد من الأشخاص لشراء المنتج أو الخدمة ولكن في الحقيقة إن الأمر أعقد من ذلك.

في البداية لنتعرف على مفهوم التكرار الفعال Effective Frequency ومفهوم مدى الوصول Reach: فالأول هو عدد المرات الّتي يجب أن يتعرض فيها الشخص لرسالة إعلانية لتحقيق اتصال فعال سواء من خلال الشراء أو أي فعل آخر، وقبل أن يمل المستخدم ويعتقد بأن الإعلان مجرد هدر للوقت، والثاني هو إجمالي عدد الأشخاص الذين عُرض إعلان معيّن لهم بدون تكرار الإعلان لنفس الشخص، ويساعدك هذا المقياس في معرفة عدد المرات الّتي عُرض فيها الإعلان للمستهلكين عبر مختلف الأجهزة والشبكات الاجتماعية. فمثلًا نجد من خلال إعلانات غوغل أنه لديها مقاييس مدى الوصول الفريد على الشكل التالي:

  • عدد المستخدمين الذين شاهدوا الإعلان.
  • متوسط عدد مرات الظهور لكل مستخدم.
  • متوسط عدد مرات الظهور لكل مستخدم خلال فترة 7 أيام.
  • متوسط عدد مرات الظهور لكل مستخدم خلال فترة 30 يومًا.

يرى بعض المعلنين بأن الاستهداف الواسع للجمهور يؤدي لاستهداف أشخاص عشوائيين لن يشتروا المنتجات أو يقوموا بالفعل المنشود، والبعض الآخر من الباحثين يجد بأن التكرار مفيد في الرسائل الإعلانية فمثلًا يرى الباحث توماس سميث في كتابه "الإعلانات الناجحة Successful Advertising" بأن لكل تكرار من الإعلانات رد فعل مختلف للمستهلك وهذه الردود تكون على الشكل التالي:

  1. التعرض الأولى: لا يرون الإعلان.
  2. التعرض الثاني: لم ينتبهوا له.
  3. التعرض الثالث: يدركون بأنه موجود.
  4. التعرض الرابع: لديهم إحساس عابر بأنهم شاهدوا الإعلان من قبل.
  5. التعرض الخامس: قرأوا الإعلان بالفعل.
  6. التعرض السادس: يتجاهلون الإعلان تمامًا.
  7. التعرض السابع: ينزعجون منه قليلًا.
  8. التعرض الثامن: يقولون في أنفسهم "ها هو هذا الإعلان المحير مرة أخرى".
  9. التعرض التاسع: يتساءلون عما إذا كانوا يفوتون شيئًا ما.
  10. التعرض العاشر: يسألون أصدقاءهم أو جيرانهم إن جربوا ما جاء في الإعلان.
  11. التعرض الحادي عشر: يتساءلون كيف تدفع الشركة مقابل كل هذه الإعلانات.
  12. التعرض الثاني عشر: يبدأون في التفكير بأنه لا بدّ أن يكون المنتج جيدًا.
  13. التعرض الثالث عشر: يبدأون بالشعور بأن المنتج ذو قيمة.
  14. التعرض الرابع عشر: يُساورهم شعور بأنهم يريدون منتجًا كهذا منذ فترة طويلة.
  15. التعرض الخامس عشر: بدأوا يتوقون لشراء المنتج بالرغم من أنهم لا يستطيعون شرائه.
  16. التعرض السادس عشر: يقبلون بحقيقة أنهم سيشترونُ المنتج في وقت ما في المستقبل.
  17. التعرض السابع عشر: يلتزمون بشراء المنتج.
  18. التعرض الثامن عشر: يلومون فقرهم لأنهم لا يستطيعون شراء هذا المنتج الرائع.
  19. التعرض التاسع عشر: يجهزوا أموالهم بعناية شديدة.
  20. التعرض العشرين: في هذه المرة يشترون ما يعرضه الإعلان.

صاغ السيد سميث هذه الرؤية الذكية في عام 1885 أي منذ 137 عام (من تاريخ كتابة المقال)، ومع أن مجال الإعلان آنذاك كانت في مهده، ولكن سميث كانت رؤيته صائبة بعض جزئيًا وسرعان ما اكتشف المسوقون بأن ما قاله سميث "المزيد من التكرار = المزيد من الفعالية" هو قانون صحيح وبدأوا في تطبيقه.

ومع تطور علوم التسويق ودراسة سلوك المستهلك وجد الباحثون بأنه يجب الحد من كمية التعرض المستهلك للإعلان لكي لا يصاب المستهلك بعمى الإعلانات Banner Blindness والذي يؤدي على عدم انتباه المستهلك للإعلان المعروض وكأنه لم يره تمامًا، وكان الحل الأمثل لهذه المشكلة هي إيجاد حد أعظمي لتكرار الإعلان لتعظيم النتائج وتجنب المشاكل المترتبة عليها، وبدأت تظهر نظريات مختلفة مثل قاعدة الرقم 7 ونظرية الكاتب هربرت إي كروغمان Herbert E. Krugman والذي وجد بأن التعرض ثلاث مرات للإعلان كافٍ جدًا؛ فمن خلال عمله في شركة جنرال إلكتريك تبنت الشركة نظريته واستخدمتها على نطاق واسع في ساحة الإعلانات ونظريته تتكون من ثلاث نقاط وهي على الشكل التالي:

  1. التعرض الأول للإعلان: سيكون ردة فعل المستهلك "ما هذا الشيء؟" وهي استجابة طبيعية لأي شيء جديد بغض النظر عن مدى اهتمام المستهلك أم لا.
  2. التعرض الثاني: يستجيب المستهلك للإعلان في هذه المرحلة ويستعرض رسالة المنتج أو العلامة التجارية.
  3. التعرض الثالث: يتخذ المستهلك في هذه المرحلة قرار الشراء أو الامتناع.

يرى هربرت بأن التعرضات الرئيسية هي الأولى والثانية والثالثة ولا يوجد شيء مثل التعرض الرابع نفسيًا أو الخامس أو السادس …إلخ لأن هذه التكرارات ماهي إلى إعادة لتأثير التعرض الثالث، هذه الأفكار جعلت المعلنين يعيدون التفكير في قراراتهم وكيفية الإنفاق على المنصات الإعلانية واستهداف الجمهور. كما لجأ المعلنون لتجزئة الجمهور إلى أجزاء منفصلة لأن هذا سيُساعد على تحليل البيانات ورؤية التأثير الأكبر ومحاولة تكراره على بقية الجمهور، كما تتيح التجزئة إمكانية تخصيص الرسائل الإعلانية لكل شريحة، الأمر الّذي يجعل الحملة الإعلانية تحقق نجاحًا أكبر، وعمومًا يكون الحكم النهائي في التكرار والوصول هو الاختبار والتحسين.

مقومات الإعلان الناجح

الأمر المهم الّذي لا بدّ لنا من الحديث عنه في سياق الحديث عن الإعلانات هو موضوع طرحه الأب الروحي للتسويق فيليب كوتلر Philip Kotler والذي رأى بأن عند إنشاء أي إعلان يجب الأخذ بعين الاعتبار للقرارات الخمسة التالية:

  1. المهمة Mission: تعدُ الخطوة الأولى وتحدد في هذه الخطوة هدف الإعلان، هل الهدف التزود بالمعرفة أي إعلان إخباري أو إقناعي؟ أو أنه يركز على تفاصيل دقيقة مثل بناء أو تعزيز الوعي Awareness؟ أو الاهتمام Interest أو الرغبة Desire؟
  2. الرسالة Message: يجب على المعلن أن يقدم عرضا واضحًا لرسالة العلامة التجارية أو القيمة الّتي يقدمها المنتج، ويعد الإعلان هدرًا إذا لم تجد الشركة أي شيء يميزها عن المنافسين، أو كانت طريقة عرض الرسالة خطأ.
  3. وسائل الإعلام Media: يجب أن نحدد الوسائل الّتي نريد إيصال الرسالة من خلالها سواء كانت تقليدية مثل الصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون والإعلانات الطرقية والبريد المباشر أو الهاتف، أو وسائل حديثة مثل المواقع ومنصات التواصل الاجتماعي ورسائل البريد الإلكتروني ومنصات بث الفيديو وغيرها من الطرق الحديثة للإعلان.
  4. المال Money: يجب على الشركة اتخاذ دراسة الميزانية المناسبة بحسب وسيلة الإعلان الّتي تريدها، إذ يؤثر السوق المستهدف ونسبة التكرار ووقت عرض الإعلان ونوعية المستهلكين المستهدفين والموقع الجغرافي وغيرها من العوامل المهمة في تحديد الميزانية.
  5. القياس Measurement: يجب وضع مقاييس لكيفية تأثير الإعلان سواء كان على الوعي بالعلامة التجارية أو زيادة نسبة المبيعات أو زيادة عدد مرات البحث عن المنتج أو العلامة التجارية وغيرها وتتناسب مقاييس الإعلان بحسب الهدف الرئيسي منه فإذا كان الهدف زيادة المبيعات فالمقياس الأساسي هو زيادة المبيعات والمقاييس المتعلقة به.

الخاتمة

تعرفنا في هذا المقال ماهية الوعي بالإعلان وبدأنا بفهم الإعلان وتعرفنا على أنواعه فاستعرضنا الإعلان الإخباري والإقناعي والتذكيري والتعزيزي والموازِن وتعرفنا بعدها على نماذج تأثير الإعلان ابتداءً بنموذج AIDA ونموذج التسلسل الهرمي للتأثيرات ونموذج تبني الابتكار ونموذج معالجة المعلومات والنموذج التشغيلي ومن ثم انتقلنا لتوضيح العلاقة بين تكرار الإعلان ومعدل الوصول ولنختتم المقال بمعرفة قرارات الإعلان الناجح بحسب فيليب كوتلر.

وختامًا يعد الوعي بالإعلان من أساسيات التسويق الحديث وتختلف الإعلانات باختلاف طبيعة المنافسة، ويلجأ كبار المعلنين عادة إلى الإعلانات الدفاعية للحفاظ على أرباحهم وحصتهم السوقية، ولضمان عدم تحول عملائهم إلى المنتجات أو الخدمات المنافسة، فإذا قدم المنافسون المنتجات بسعر أقل، فستركز الإعلانات الدفاعية على طريقة تسعير خدمات الشركة لتوضيح التباين للعملاء الحساسين للسعر، لذا قبل اختيار الإعلان المنشود يجب دراسة المنافسين واكتشاف نقاط قوتهم وتحديد العملاء المتأثرين بهم، ومن ثم الاستجابة للمنافسين بالطريقة المناسبة.

في الحقيقة لا يوجد خطوات ثابتة لإنشاء إعلان يبني الوعي في عقول المستهلكين لأن الأمر يعتمد بصورة أساسية على السوق والمنافسين والمستهلكين والشركة وميزانيتها.

سنكمل في المقال القادم مشوارنا وسنستعرضُ تأثير الوعي بالسعر على الوعي بالعلامة التجارية.

المصادر

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...