نحن جميعا مشغولون، لكن في بعض الأحيان تأتي فترات يتراكم فيها العمل حتّى يبدو وكأنّه لن ينتهي أبدا. يحدث هذا الأمر معي في كثير من الأحيان بسبب الوفرة أحيانا والندرة أحياناً في عملي الحر، إدارتي لشركتي الناشئة، والانشغال في المشاريع الجانبية.
لكن، لماذا يبدو أن العمل الذي يمكنني القيام به يصبح أقل كلما أصبحت أكثر انشغالا؟
شلل تراكم العمل
بالنسبة لي، هناك نقطة تحول عندما انتقل من كوني مشغولة، إلى كوني مشغولة جدًا بحيث أعجز عن القيام بأي شيء. فعندما تكون لدي الكثير من الأعمال التي يجب إنجازها، عادة ما يكون رد فعلي هو التوقف عن العمل وتجنّبه تماما. في الماضي، كانت تستميلني المشتتات الأخرى، كالإفراط في مشاهدة التلفاز، لكن كل هذه الأفعال ترجع لنفس السبب الذي ينبع من اللاوعي: لكي أبقي ذهني منشغلا حتى لا أواجه حقيقة تراكم عملي.
دليلك من 4 خطوات للعودة إلى نشاطك والعمل
بالتأكيد يؤدي عجز تراكم العمل إلى تقليل الإنتاجية، لكن يمكن أن يحدث ما هو أسوء، إذ يمكن أن يضعك في دوامة مستمرة من الإحباط: تتجنب العمل الذي يجب إنجازه، ثم تشعر بالإحباط بسبب تضييع نصف يومك في اللعب أو مشاهدة التلفاز، مما يعني أنّك لا تملك الدافع لتبدأ العمل من جديد، ومن ثم ينتهي الأمر بإهدار النصف الآخر من اليوم بنفس الطريقة.
وما يزيد الطين بلّة هو أنّ جميع هذه الأفعال لا تأتي بنتيجة سوى زيادة عبء العمل، مما يزيد احتمالية مواصلتك القيام بهذه الأفعال غدا، وبعده، وبعده.
لقد وجدت نفسي أسقط في هذه الدوامة عدّة مرات، حتّى أصبحت، على الأقل، في مرحلة أدرك فيها الحالة عندما تحدث، وهنا يصبح إعداد خطة للتصرّف أمرًا حاسمًا.
أوصي، وبشدة، بإنشاء خطة للتصرف حيال الأمر بشكل مُسبق قبل أن تصل إلى المرحلة التي تحتاجها فيها. لأنه عندما يحين وقت مواجهة شلل تراكم العمل لن تكون في حالة مزاجية تسمح لك بإعداد بخطّة حينها. وستكون محظوظا إن استطعت تنفيذ الخطة التي أعددتها، مثلي.
فيما يلي 4 أفكار وجدتها مفيدة في إخراجي من دوامة الخمود والتقاعس عن العمل:
1. اختر مهمة واحدة وقم بإنهائها
لا بد من أنّك تعرف ذلك الاندفاع البسيط الذي تشعر به عند شطب مهمة قمت بإنجازها من قائمة مهامك، أو عند مشاركة رابط عبر الإنترنت لشيء أصبح جاهزا للإطلاق بعد طول انتظار.
لا شيء يمنحني التحفيز كشعور الإنجاز الذي يأتي بعد إنهاء شيء ما. وأنا أستحضر هذا الشعور عندما أعاني من عبء العمل الهائل الذي يثقلني لكي أتمكن من اختيار مهمة واحدة أركّز عليها كل يوم. ثم أستجمع كل طاقتي وأصبّها نحو إنهاء هذه المهمة، وأنا على يقين بأنني سأشعر بشكل أفضل نحو عبء العمل ككل عندما أقوم بذلك (لأنّه يعزز ثقتي بقدرتي على إنجاز الأمور).
لكن المشكلة مع هذا النوع من العجز هي أنّك نادرًا ما تعرف من أين تبدأ. بالنسبة لي، عادة ما أبدأ بكتابة جميع الأمور على ورقة أو سبورة بيضاء. إذ أنّ رؤية كل المهام التي يجب إنجازها مكتوبة أمامي تساعدني على النظر فيها جيدا ومعرفة من أين أبدأ.
يقوم المؤلف Scott Berkun بذلك أيضا:
اقتباس"القائمة المكتوبة بشكل جيّد هي أسرع وسيلة للخروج من المواقف الأكثر تعقيدا... كتابة الأمور حلّ فعّال. وعند كتابة الأفكار، يمكنك أن تقوم بالتمعّن فيها، مقارنتها، الجمع بينها، أو تقسيمها بينما تواصل تفكيرك".
يحب Scott العمل مع القوائم، فهي تساعده على تجزئة كل مهمة إلى مهام أصغر حتى تصبح أكثر قابلية للإدارة. أما طريقتي في إدارة المهام فهي التخطيط لها على تقويم، ثم العمل بشكل عكسي للتخطيط لكل مرحلة تحتاج إلى الإنهاء على طول المسار. لكي تبدأ العمل، قم بكتابة جميع أعمالك المتراكمة على ورقة لتتمكن من العثور على موضع للبدء منه.
في بعض الأحيان أختار عملا صغيرًا لأبدأ به، لمجرّد أنّه قابل للتنفيذ. قد يكون هذا العمل رسالة بريد إلكتروني إلى عميل قمت بتأجيلها، أو بعض الفواتير التي يجب أن أرسلها. في بعض الأحيان، تكون المهام الضرورية في قائمة أعمالي المتراكمة والتي هي صغيرة بحد ذاتها، هي الأفضل للبدء منها. وبإمكاني استخدام الحافز المتولد من إنهاء المهام الصغيرة في الاندفاع لمعالجة المهام الكبيرة والتي تثقل كاهلي في الحقيقة.
2. حدد الأولويات
لقد وجدت أن تحديد الأولويات هو من أكثر الأمور أهمية عندما أكون غارقة في العمل. فتراكم العمل غالبا ما يكون قوة تدفعني إلى إعادة النظر في أولوياتي والتخلي عن بعض الأمور التي شعرت أنّه عليّ القيام بها.
عادة ما يكون حضور الاجتماعات، القيام بعمل مجّاني لمساعدة صديق، أو اللقاءات غير المهمة هي أول الأمور التي يجب أن أفكر فيها. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن أخصص وقتا إضافيا لقضائه في العمل على مشروع جانبي أو تعلّم مهارات جديدة.
هذا النوع من تحديد الأولويات يمكن أن يشعرك أحيانا وكأنه شيء من الأنانية (مما يزيد من إجهادك). إذ إنّه من المؤلم أن تتعمد التخلي عن الأمور التي ترغب في القيام بها أو تأجيلها، لكن من الضروري أن تقلل عبء العمل إلى الحد الذي يصبح فيه قابلًا للإدارة. مع العلم أنّ هذا الإجراء هو تدبير مؤقت يمكن أن يساعد في تخفيف ذلك الألم.
إذا كنت تواجه صعوبة في تحديد الأولويات، يقترح المؤلف Gary Keller أن تطرح هذا السؤال البسيط على نفسك:
"ما هو الشيء الوحيد الذي أستطيع القيام به بحيث يصبح كل شيء بعد إنهاء هذا الشيء أكثر سهولة أو أقل لزوما؟"
الطريقة التي نجحت معي في هذه الحالة هي مصفوفة الأولوية من كتاب Stephen Covey؛ The 7 Habits of Highly Effective People (العادات السبع للأشخاص الأكثر فعالية):
التفويض/التوكيل أيضا يمكن أن يكون مفيدا في مثل هذه الفترات. لا تُتاح لي الفرص دائما لأوكل الأعمال إلى غيري، لكن عندما أكون غارقة في العمل، أقوم بتمرير بعض أعمال شركتنا النّاشئة إلى شريكي المُؤسّس. على سبيل المثال نتشارك المهام المتعلّقة بدعم العملاء، لكن عندما يكون لدى أحدنا الكثير من أعباء العمل في المجالات الأخرى، يتكفل أحدنا بهذا العمل لتوزيع الحمل بشكل متساو.
بإمكانك أيضا أن تقوم بتفويض المهام والواجبات الأسرية. فإذا كان هناك من يتولى الأعمال المنزلية، يطبخ الطعام، أو يعتني بالأطفال، سيُتاح لك المزيد من الوقت للتعامل مع العمل المتراكم.
3. تقدم بخطوات صغيرة
لقد ذكرت سابقا أنني في بعض الأحيان أبدأ بالعمل على المهام الصغيرة فقط لأنني أعلم أنّ بإمكاني إكمالها. هذا الشعور بالإنجاز هو كل ما أبحث عنه في الأساس، فهو أفضل ترياق أعرفه لعلاج العجز عند امتلاك الكثير من العمل للقيام به.
إذا كانت هذه الخطوة الصغيرة هي كل ما يمكنك القيام به، فالقيام بها أفضل بكثير من عدم القيام بأي شيء (والذي على الأرجح سيقودك إلى التراجع إلى الخلف كلما تراكم العمل).
تحفّزني القائمة القصيرة التي تحتوي على الخطوات التي قمت بإنجازها، وهي كافية لتجعلني أشعر أنّي قد حققت شيئا في نهاية اليوم، فالدافع البسيط أفضل من لا شيء.
مثلا، إذا كانت لدي مقالات يجب كتابتها، أحيانا أبدأ بإنشاء مستند Markdown جديد لكل مقال وأحفظه. قد لا يحتوي هذا المستند سوى على العنوان، لكنه موجود الآن، وأصبحت أعرف من أين أبدأ عندما أكون جاهزة للعمل عليه. أي بطريقة ما قد تغلّبت على عقبة البداية.
في بعض الأحيان يتكون عبء العمل الكبير من المشاريع الجارية. وفي هذه الحالة يمكن أن تساعدك الخطوات الصغيرة في العثور على الشعور بالإنجاز الذي قد يكون من الصعب الحصول عليه عندما تعمل على شيء أو مشروع يحتاج إلى مدّة طويلة جدًا لإنهائه..
عندما أشعر بالإرهاق من المشاريع الكبيرة، أقوم بتجزئتها إلى مهام صغيرة يمكنني إكمالها خلال يوم واحد، وأبدأ بالعمل على هذه المهام قبل بناء الأجزاء الأكبر من العمل.
4. اجعل صحتك أولوية
عندما تقوم بتحديد الأولويات لأعمالك المتراكمة، قد يكون من المغري أن تتغاضى عن بعض الأمور مثل النوم والتمارين الرياضية مقابل الحصول على المزيد من الوقت لإنهاء عملك. وحسب تجربتي، لا يُمكن أن تُعامل هذه الأمور على أنّها اختيارية كالمناسبات الاجتماعية أو العمل على مشاريع جانبية.
يجب أن تكون صحّتك في قمة أولوياتك، وخصوصا عندما يكون العمل المتراكم مهما بحيث يتنافس على المركز الأول.
بالنسبة لي، أسهل الأمور التي أتغاضى عنها عندما أكون غارقة في العمل هي وقت الرّياضة، الطعام الصحي، وأخذ قسط كاف من النوم. وللأسف، هذه ليست الأمور التي يمكنني التخلي عنها بسهولة إذا كنت أريد البقاء في أفضل حالاتي. ويصبح أدائي الجيّد أكثر أهمية عندما يتراكم العمل أكثر من المعتاد.
عندما أشعر بأنني أنجرف نحو شلل تراكم العمل، أتأكد من تخصيص وقت لممارسة الرّياضة والالتزام بجدول نوم منتظم. وبما أنّ حجم العمل يمكن أن يأخذ معظم الوقت بحيث لا أتمكن من تخصيص وقت للطهي كل يوم (وأنا لا أرغب في أخذ استراحة إذا كنت قد اكتسبت القليل من الاندفاع للعمل)، أحاول طهي الطعام على شكل دفعات، أو شراء وجبات خفيفة صحيّة لجعل تناول الطعام سهلا بما فيه الكفاية لكيلا أهمله بشكل كامل..
خاتمة
في المرة القادمة التي تجد فيها نفسك تهدر الساعات في اللعب أو مشاهدة التلفاز بينما يتزايد عبء العمل، تذّكر أنّك لست الوحيد الذي يُعاني من ذلك. فجميعنا نشعر بهذا الشعور أحيانا. وأفضل شيء يمكنك فعله في هذه الحالة هو التركيز على اتخاذ إجراءات صغيرة؛ قم بإنهاء مهمة صغيرة واستخدم ذلك الحافز لمواصلة العمل حتى يصبح عبء العمل قابلًا للتحكم فيه مجددا.
ومهما كان الذي تقوم به، لا تنظر لبقية العمل، ركّز فقط على ما تقوم به في هذه اللحظة وتأكد من إنهائه.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال How to put an end to workload paralysis لصاحبته: Belle Beth Cooper.
حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.