اذهب إلى المحتوى

دائمًا ما يتحدّث الكثير من الأصدقاء عن معاناتهم من عدم وجود وقت كاف لإنجاز مهامهم اليومية، ويمكنني القول أنني أفهم معاناتهم، فأنا أعمل مستقلةً بدوام كامل ولدي عملي الخاص على الإنترنت، ورغم ذلك لا يمر أسبوع دون أن تتراكم بعض المهام في جدول أعمالي، بسبب عدم وجود الوقت الكافي لإنهائها جميعًا.

لكن الأمر لا يتعلق بالفعل بعدد ساعات العمل التي تعمل بها، بل بمقدار ما تنتجه في كل ساعة. إنها عبارة صادمة بعض الشيء، وفي الواقع هي ليست مفهومًا جديدًا بحد ذاته، بل هي تذكير مفيد لأولئك الذين يشعرون أننا بحاجة إلى أكثر من 24 ساعة في اليوم.

العمل يأخذ من وقتك بقدر ما تمنحه

عبارة صادمة أيضًا، لكنها صحيحة كليًا. أشعر وكأنني حللت مشكلة قلة الوقت حتى قبل أن أكمل المقال. عندما كنت في بداية تأسيسي لعملي المستقل، كنت أعمل عليه جنبًا إلى جنب مع وظيفتي ذات الدوام الكامل، وإلى جانب تربيتي لطفلي الصغيرين أيضًا (أحدهما كان في سن الرضاعة)، لذا وضعت جدول أعمال صارم مثلما قد يفعل أي شخص عاقل، فقد كنت أبدأ يومي في الرابعة صباحًا من كل يوم.

كنت أتسلل من غرفتي في الطابق العلوي نزولًا إلى مكتبي في الطابق السفلي من منزلي، محاولةً أن أكون هادئةً قدر الإمكان، حتى لا أثير أي ضجة من شأنها أن توقظ ابني البالغ من العمر عامين (في ذلك الوقت)، والذي كان يحب الاستيقاظ باكرًا واللعب، فكنت أعمل في عملي المستقل لمدة ساعة أو ساعتين قبل أن أذهب للاستحمام والاستعداد للذهاب إلى وظيفتي اليومية. كنت أجلس في استراحة الغداء وأتفقد بريدي الإلكتروني وأتابع أعمالي التي أرسلتها للعملاء، ثم أعمل ساعةً أخرى في المساء.

وعندما كان يتحتم علي إكمال مشروع لعميل ما، غالبًا ما كنت أعمل عليه في أوقات القيلولة أو كلما سنحت لي الفرصة في عطلات نهاية الأسبوع. لم يكن برنامجي اليومي مثاليًا، لكنني كنت أحاول نوعًا التوفيق بين عملي المستقل وعملي اليومي ذو الدوام الثابت.

كان لا بد من العمل بهذه الطريقة (إن كنت أرغب حقًا في بناء مسيرة مهنية مستقلة تسمح لي في المستقبل بترك وظيفتي اليومية).

لم أكن لوحدي

أكثر ما ساعدني هو كوني محظوظة بزواجي من رجل داعم لي. لن أقول أنني لم أكن لأنجح لولاه، لكن الأمر كان سيكون أكثر صعوبةً بدونه، لذا يمكنني أن أقول لأولئك الذين يكافحون بمفردهم إلى جانب تربيتهم لأطفالهم الصغار، أنني أعرف شعوركم وما تمرون به من مشقات وصعوبات، لكن لا أريد لكلماتي أن تفهم على أنه لا يمكنك النجاح إن كانت ظروفك لا تساعدك، أو أنه عليك إعطاء الأولوية لعملك طوال الوقت على حساب عائلتك.

أقول لك أنه يمكنك النجاح في أن تصبح مستقلًا وتؤسس لعملك الحر، لكن عليك فقط أن تكون مستعدًا للأمور التالية:

استثمار وقتك بحكمة

في حال لم يكن لديك المتسع الكافي من الوقت لتأسيس عملك المستقل، فعليك أن تدرك أن كل ساعة في يومك مهمة للغاية. وأنك بحاجة إلى وضع برنامج صارم لوقتك، أو ستمر ساعاتك في لمح البصر دون أن تستفيد منها شيئًا. وهذا ما يعاني منه معظمنا، لذا إليك هذه النصائح الأربعة الرائعة التي ستسمح لك باستثمار وقتك بحكمة والوصول إلى الإنتاجية التي تطمح لها.

1. تخصيص أوقات محددة للعمل

أصغي إلي جيدًا، إن كنت تريد عملاءً يوظفونك لتكتب لهم أو تترجم أو أيًا كانت مهنتك في العمل الحر، فيجب أن يكون لديك الوقت الكافي لإكمال مشاريعهم، ففي حال لم يكن لديك ما يكفي من الوقت، فلا أعتقد أنه الوقت المناسب لك لتلج إلى هذا المجال.

هل يجب أن تخصص 20 ساعة في الأسبوع؟ جوابي لك هو لا داعي لكل هذا الوقت، فطالبتي سالي لم تخصص كل ذلك الوقت، ومع ذلك نجحت في تأسيس عمل مستقل مربح لها.

إذًا ما هو الحد الأدنى من الوقت الذي يجب أن يكون لديك لتبدأ في العمل مستقلًا؟ يمكن القول ما لا يقل عن ساعتين إلى خمس ساعات أسبوعيًا، لكن يفضل جعلها 10 ساعات في الأسبوع لتحقيق أقصى استفادة ممكنة.

وبغض النظر عن تحديد عدد ساعات معينة، حدد مقدار الوقت المتاح لك كل أسبوعيًا، ثم جدول مهامك وفقًا لذلك، بحيث عندما يحين وقت العمل، لا تضحي به أبدًا. بمعنى آخر، في حال لم يكن لديك أي عملاء بعد، فيجب ألا تجلس لتعمل على تنمية عملك الحر خلال الوقت الذي خصصته، أي بما أنك "لم تستلم مشاريع بعد"، فهنا ستكون لديك أشياء أهم لتفعلها، وهي التنقيب.

التنقيب أو كما يسمى بالإنكليزية prospecting، يجب أن يكون مهمتك الأولى عندما تبدأ. وما أقصده بكلامي لا يعني إنشاء موقع إلكتروني رائع المظهر أو تجهيز معرض أعمال مثالي أو كتابة سيرة ذاتية جذابة، بل يتعلق الأمر بتسويق نفسك أولًا وقبل كل شيء، ثم قضاء الوقت المتبقي في العمل على تلك الأشياء.

2. ضع جدولا لوقتك

والآن بعد أن عرفت متى يمكنك العمل كل يوم من أيام الأسبوع (وهو أمر نسبي بالمناسبة، ولكن كلما كنت أكثر اتساقًا، سيكون أسهل عليك الالتزام به)، يجب أن تضع جدول أعمال لهذا الوقت.

تحتاج إلى التخطيط المسبق لجلسات عملك، حتى تعرف بالضبط ما الذي ستركز عليه في ذلك الوقت. وإلا سيكون من السهل جدًا تشتيت انتباهك، مثل فتحك لأحد التطبيقات على هاتفك والغوص في دوامة وسائل التواصل الاجتماعي.

3. لا تحاول إنجاز الكثير من المهام في وقت واحد

والآن بعد أن عرفت متى يجب أن تبدأ العمل وما الذي ستفعله، لا تدع الإرهاق يسيطر عليك. ما أقصده هو أنه يجب أن تحدد المهام الأكثر أهميةً بالنسبة لك، وترتبها حسب الأولوية، ثم تركز على أولها دون أن تفعل أي شيء آخر إلى حين أن تنتهي منها.

ضع هاتفك على الوضع الصامت، وأغلق جميع الصفحات الإضافية في متصفحك، واستخدم أحد البرامج التي بدأت بالانتشار في الآونة الأخيرة والتي وظيفتها منعك من الدخول إلى فيسبوك أو جيميل (في حال كان هذا الأمر يسبب مشكلةً لك)، أي كل ما عليك فعله هو التركيز وفقط التركيز على شيء واحد فقط. يمكنك تحديد من 3 إلى 5 مهام لتتعامل معها في جلسة عمل معينة؛ أما أكثر من ذلك، فسيكون مبالغًا به.

في حال انتهيت من مهامك، فهذا أمر رائع، فهذا يعني أنه يمكنك الانتقال إلى العمل على شيء آخر أو التوقف عن العمل (وهي أكبر ميزة في العمل مستقلًا).

 4. التركيز أولا على المهام ذات أعلى عائد استثمار

في حال لم تكن متأكدًا من أي المهام يجب أن تكون الأكثر أهميةً؟ أو التي يجب أن تعمل عليها أولًا؟ فيمكنك أن تحسب عائد الاستثمار ROI المحتمل لكل مهمة من المهام التي وضعتها في القائمة. من المحتمل أن تجد أن الترويج لنفسك أو التنقيب عن عمل جديد هو في قمة هذه المهام، لأنه بدون تسويق مناسب، لن تجد عملاء.

يُعَد مبدأ أيزنهاور للمهام المستعجلة/المهمة مثالًا رائعًا على كلامي، فالمهام التي لديك إما:

  1. مهمة ومستعجلة.
  2. مهمة، لكن غير مستعجلة.
  3. غير مهمة ومستعجلة.
  4. غير مهمة وغير مستعجلة.

هذا هو الترتيب الذي يجب أن تكون عليه المهام في قائمة المهام لديك، لكن غالبًا ما نعطي الأولوية لما هو غير مهم ومستعجل بدلًا من ما هو مهم وغير مستعجل. بمعنى آخر، نفضل الرد على البريد الإلكتروني عوضًا عن البحث عن شركات وعملاء لاستهدافهم. مع ذلك عادةً ما تكون المهام المهمة وغير مستعجلة، هي التي تعطينا أفضل النتائج على المدى البعيد، فهي التي تحقق أعلى عائد من الاستثمار.

في الختام

سواءً كان لديك متسع كافي من الوقت أم لا، يكمن التحدي في أن تحدد مقدار الوقت الذي ترغب في منحه لنفسك في اليوم أو في الأسبوع، وتجعله غير قابل للمس أو التعديل في جدول أعمالك، بعد ذلك يجب أن تحدد المهام التي يجب عليك إنجازها أولًا (أي المهام أكثرها أهميةً)، فتحدد أولوياتها بحسب الأهمية وعائد الاستثمار المحتمل، ثم تضيفها إلى جدول أعمالك. بعد ذلك يجب أن تكون قادرًا على الحفاظ على تركيزك من خلال قطع كل مصادر التشتيت مهما كلف الأمر.

لا تنسى أن تحتفل بانتصاراتك الصغيرة قبل الانتقال إلى المهمة التالية. ومن وقت لآخر، تحقق من ما تعمل عليه لتتأكد من أن مهم بالفعل، أم أنه يبدو لك كذلك.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال Focusing on Your Highest ROI Activities Equals Freelancer Success لصاحبته GINA HORKEY.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...