قد يبدو الانتقال من العمل والتّركيز على تخصّص واحد إلى العمل على عدّة تخصّصات أمرًا شاقًا. ثمّة الكثير من الأشياء التي يمكن تعلّمها في مجال العمل الحر أو صناعة المنتجات، ويتطلّب القيام بأحد هذين العملين، أو كليهما، عدّة مجموعات متنوّعة من المهارات.
قد يصعب عليك في بعض الأحيان معرفة من أين تبدأ، وخاصّةً عندما تنظر إلى أشخاصٍ يملكون خبرات في مجالات مُتعدّدة وقد أصبح لديهم حوالي 38 مهارة مختلفة يستخدمونها بانتظام وبراعة.
أرسل لي أحدهم رسالة إلكترونيّة منذ فترة يسألني فيها عمّا إذا كنت أتعمّد أن أعمل على أكثر من اختصاص في آن واحد. بما أنّني متعدّد المهارات والمواهب، فأنا أقوم بكل شيء من التّصميم إلى البرمجة إلى التّسويق إلى إنتاج ملفات صوتية/فيديو، إلخ. وتساءل المرسِل عمّا إذا كان عليه أن يتعلّم جميع هذه المهارات أم يركّز على مهنته فقط، وهو سؤالٌ جيّد.
هل عليك أن تركّز على مهارة واحدة فقط وتتقنها تمامًا؟ وأن تلجأ للتّعهيد الخارجي outsource للمهارات الأخرى التي تحتاجها، بحسب حاجتك لها؟ أم يجب أن تُصبح مُتعدّد المواهب والاختصاصات وتكون لديك جميع المهارات المطلوبة؟
ليست لديّ إجابة عن هذا السّؤال، لكن إليك الطّريقة التي أفكّر فيها بالنّسبة لهذا الموضوع: قم بالأمرين معًا، لكن بترتيبٍ محدّد. أي ابدأ بمهارة واحدة معيّنة، ثم أضف مهارات مكمّلة مع تزايد فهمك لجمهورك واحتياجاتهم.
بدأتُ العمل كمبرمج، ثم أضفت التّصميم بعد ذلك بعدّة سنوات. وبعد أكثر من عشر سنوات أضفت إلى مصدر دخلي أشياء أخرى كالكتابة، والتّسويق، وما أفعله على الإنترنت الآن.
إذا كان عليّ وضع خطّة للانتقال من التّركيز والعمل على تخصّص واحد إلى العمل في مجالات وتخصّصات مُختلفة، فإنّها ستكون على الشّكل التّالي:
- ابدأ بمهارة واحدة محدّدة، كتصميم مواقع الإنترنت مثلًا.
- ركّز جيّدًا على كيفيّة استخدام هذه المهارة في مساعدة جمهور محدّد على حل مشاكل معيّنة، أي لدرجة أن يقدّر الجّمهور هذه المهارة بما يكفي ليدفعوا المال لقاء العمل الذي يتم باستخدامها بسرور.
- أضف مهارات جديدة، الواحدة تلو الأخرى، تساعد مباشرةً الجّمهور نفسه والذي يعاني من نفس المشكلة. بما أنّ المهارة التي نستخدمها كمثالٍ هنا هي تصميم مواقع الإنترنت ، فقد يكون تحسين محرّكات البحث، والتّسويق بالمحتوى، والبرمجة، وتطوير الدّورات التّعليمية وغيرها، هي المهارات الإضافيّة التي تساعد الجّمهور الذي يحتاج إلى مواقع إنترنت.
- بعد أن تصبح بفضل مهاراتك المتنوّعة أكثر قدرةً على حل المزيد من المشاكل التي قد تواجه جمهورك، قم باختبار هذه المهارات على منتجاتك الخاصّة (أي أن تُطلق مُنتجًا خاصًا بك) أو على عيّنة صغيرة من عملائك الحاليين، واعمل على صقل المهارات من خلال الاختبارات.
- بعد أن تتعلّم المهارات وتختبرها، قم بزيادة قيمتك بالنّسبة لجمهورك بعرض هذه المهارات عليهم.
- يمكنك توزيع التّركيز بين العمل باستخدام مهارة واحدة مع عملائك، والعمل باستخدام عدّة مهارات على منتجاتك، باستخدام مجموعة المهارات المتنوّعة الجديدة لديك.
يصبح اكتساب أكثر من مهارة والعمل على أكثر من تخصّص أمرًا منطقيًا عندما تتعاون مجموعة المهارات مع بعضها بشكلٍ يساعد على حل مشكلة لزبائنك (سواء كنت تبيع خدمات أو مُنتجات).
يجب ألا تكون مهاراتك المتنوّعة مجرّد خليط من الأشياء غير المترابطة التي يمكنك القيام بها، ويجب عليك أن تنسّق تلك المهارات مع بعضها لتحقّق الفائدة المرجوة.
يمكن أن تعرف بسهولة فيما إذا كانت المهارة التي تتعلّمها مناسبة من خلال تحديد المشاكل التي تواجه جمهورك، والتي يمكن أن تساعد مهاراتك في حلّها. ما الذي ينقص مهاراتك وقد يساعد على حلّ هذه المشكلة نفسها؟ ما الذي تحتاج أن توجّهه أو تحيله إلى خبيرٍ آخر؟
كلّما ازدادت المهارات المكملة التي تضيفها إلى خبرتك، تزداد قيمتك بالنّسبة لجمهورك/زبائنك بشكلٍ أسهل، ويمكنك تقاضي المزيد من المال.
يشبه الأمر مبدأ عمل الإبداع والفن، فهما مزيجٌ من مجالين من مجالات الخبرة يتم استخدامهما لعمل شيءٍ جديد. فقد مزج بيكاسو مثلًا بين الفن الغربي والإفريقي. ودمج مصمّمو مواقع الإنترنت في الماضي بين تخطيط الطّباعة والقيود التقنيّة في الشّاشة. كما مزج المسوّقون بالمحتوى بين الكتابة وعلم النّفس. ويُستخدم الجزء الممتع من التّفكير في المزج بين مثل هذه المجالات.
ليس عليك أن تكون مذهلًا أو أن تدرس المهارات الإضافيّة لعشرات السّنين لكي تستخدمها، لذا تعلّم المهارات بما يكفي لتجعلها مفيدة. وهو ما يفعله الذين يملكون أكثر من تخصّص، حيث يتعلّمون الأجزاء التي يحتاجونها من مجموعة المهارات ولا يقلقون بشأن ما تبقّى.
حتّى وإن كنتُ مخطئًا، وكان من الأفضل أن تعمل على تخصّص واحد للأبد، لكن عليك بكلّ تأكيد ألا تتوقّف عن التعلّم أبدًا. ولا تعتقدنّ أنّك تعلّمت ما يكفي عن حرفة أو حتّى عن الحياة نفسها. فكلّما تعمّقت تحت سطح أي شيء، ستجد المزيد من الطّبقات دائمًا، حتّى وإن لم تكن تعرف بوجودها.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال Specifician to a Generalist لصاحبه Paul Jarvis.
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.