اذهب إلى المحتوى

بعد أن تعرفنا بالمقالات السابقة من سلسلة صناعة البودكاست على ما هو أنواع البودكاست والمعدات اللازمة للانطلاق في صناعة البودكاست، سنتحدث الآن عن الخطوات العملية لصناعة بودكاست؛ وفيما يلي 9 خطوات مهمة لصناعة بودكاست ناجح مثل المحترفين.

1. تطوير مفهوم خاص حول محتوى البودكاست المراد تقديمه

يمكن تشبيه عملية بناء المفهوم الخاص حول البودكاست باختيار المجال المراد التدوين فيه، لذا لا بد من الإجابة عن الأسئلة التالية:

  • ما المجالات التي أنا شغوف بها للغاية؟
  • ما هي المجالات الأخرى التي أهتم بها؟
  • هل أنا قادر على التحدث عن هذه المجالات لعدة أشهر أو حتى سنوات؟

اختيار مجال محتوى البودكاست

يمكن البدء بتقديم بودكاست دون اختيار مجال محدد، لكن من الصعب جدًا تنمية جمهور مرتبط بهذا البودكاست دون أن يعرفوا نوعية المحتوى الذي سيستمعون إليه؛ كما أنه من الصعب أيضًا تسويق ومشاركة البودكاست دون وجود استهداف واضح.

إن اختيار مجال متخصص لا يعني إلزامية اختيار موضوع ضيق للغاية، فكما ذكرنا سابقًا، من الممكن اختيار مجال ضيق أو واسع جدًا، لكن الأمر الرئيسي الذي يجب الحرص عليه -بغض النظر عن مجال التخصص- هو التأكد من تقديم قيمة حقيقة للمستمع، ويجب هنا التفكير في الكيفية التي سيبدو عليها البرنامج بالمقارنة مع برامج البودكاست الأخرى التي تتناول أفكار مماثلة.

التفكير في اللجمهور المستهدف

عندما الرغبة في إطلاق برنامج بودكاست، ثمة جانب مهم يجب أخذه في الحسبان، وهو الجمهور المستهدف لهذا البودكاست، فعند اختيار مجال محتوى البودكاست، لا بد من تخيل المستمع المثالي لهذا المحتوى.

يجب التفكير في: هل سيشارك الجمهور المستهدف نفس اهتماماتنا؟ هل يوجد بالفعل مجتمع من الأشخاص الذين يبحثون عن المحتوى الذي نريد تقديمه؟ لا بد لنا هنا من تذكر أن محتوى البودكاست يجب أن يدور حول ما نريد التحدث عنه من ناحية، وما يهتم جمهورنا بالاستماع إليه من ناحية أخرى.

ما الهدف من البودكاست الذي نريد إطلاقه؟

هذه أيضًا من الأمور التي يجب أن نفكر بها في هذه المرحلة، فهل هو بودكاست نريد تقديمه لعدد قليل من الأصدقاء، أم أننا نأمل في الوصول إلى جمهور أكبر؟ وهل نسعى إلى تقديم المتعة؟ أم أن هدف البودكاست تعليمي أكثر؟ إن التفكير في هذه الأسئلة مبكرًا سيساعدنا على تجنب الانحراف عن المسار في المستقبل.

2. تسمية البودكاست

تُعَد عملية تسمية البودكاست صعبةً نسبيًا. ورغم أن هذا الجانب قد لا يكون مهمًا للغاية في مرحلة ما، لكنه مع ذلك يبقى ذا أهمية نسبية.

لكن مع ناحية أخرى، يُعَد تغيير اسمه أسهل قليلًا مقارنةً مع المدونة، فعند اختيار اسم المدونة، فمن المرجح اختيار اسم نطاق Domain مشابه لهذا الاسم، لذا يقتضي تغيير الاسم تغيير عنوان الموقع الإلكتروني، وبالتالي فإن المشكلة ستكون أكبر بكثير.

على الجانب الآخر، يُعدّ تغيير اسم البودكاست أسهل قليلًا؛ إذ من الممكن تغيير اسم البودكاست من خلال تعديل خلاصة الموقع RSS، وبالتالي لن تخاطر بفقدان الجمهور الحالي لبرنامجك.

وعلى الرغم من أنه يمكن تغيير اسم البودكاست لاحقًا، إلا أنه من الأفضل البدء باسم مناسب يمكن الاستمرار معه حتى النهاية، وفي ما يلي بعض النصائح المفيدة للمساعدة على تسمية البودكاست:

التأكد من أن الاسم حصري

تمامًا مثل استخدام البحث عن اسم النطاق عند إطلاق مدونة، يجب أيضًا تجربة البحث عن اسم البودكاست الذي نريد اختياره، للتأكد من أن الاسم حصري وغير مستهلك من قبل.

كخطوة أولى، لا بد من البحث في تطبيق البودكاست لمعرفة ما إذا كان الاسم مأخوذًا أم لا، وأنه لا يوجد اسم مشابه له للغاية. إذا لم يظهر الاسم في البحث، فمن الأفضل التحقق مرةً أخرى من خلال البحث على جوجل من خلال إدخال الاسم الذي تريد البحث عنه + "بودكاست".

إذا كنا نريد إطلاق مدونة وبودكاست معًا، فلا بد من التأكد من توفر النطاق domain أيضًا. قد يكون من المفيد التحقق مما إذا كان الاسم متاحًا لحسابات منصات التواصل الاجتماعي المفضلة لدينا، لأننا قد نستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق للبرنامج مستقبلًا.

في بعض الحالات، قد نجد أن شخصًا ما قد استخدم الاسم الذي اخترناه، لكنه لم ينشر شيئًا منذ سنوات عديدة، هنا يمكننا المفاضلة بين استخدامه أو لا، لكن يُفضل اختيار اسم جديد لمنع ارتباك المستمعين في المستقبل، كما قد تكون عرضةً لخطر انتهاك حقوق الملكية.

تحديد طول اسم البودكاست

قد يصل اسم البودكاست إلى 255 حرفًا، لكن ليس من الجيد أن يكون الاسم طويلًا للغاية، وذلك لتفادي قص اسم البودكاست على بعض الأجهزة مثل الهواتف المحمولة، إلى جانب تسهيل تذكر الاسم على الناس. فكلما زاد طول الاسم، أصبح من الصعب حفظه؛ وسيكون من الأسهل انتشار الاسم القصير وحصوله على اهتمام أكبر، إذ يمكن للناس تذكره وتداوله بسهولة.

تشير إحدى الدراسات إلى أن 75% من أسماء البودكاست تتكون من 29 حرفًا أو أقل، كما أن معظم أسماء برامج البودكاست المشهورة تتكون من 20 حرفًا أو أقل.

تجنب حشو الكلمات المفتاحية

حشو الكلمات المفتاحية هو عملية اختيار الكلمات التي يبحث عنها الأشخاص ووضعها في عناوين البودكاست وأوصاف الحلقات والمحتويات الأخرى بهدف زيادة انتشار المحتوى.

صحيح أن الاستخدام الحكيم للكلمات المفتاحية في وصف البودكاست هو أمر مفيد، لكن حشو الكلمات المبالغ فيه في العناوين والأوصاف إلى الحد الذي لم يَعُد بالإمكان قراءتها سيعرضنا لخطر الإزالة من بعض منصات البودكاست، مثل منصة iTunes.

على سبيل المثال، إذا كان لدينا بودكاست يتحدث عن التسويق وريادة الأعمال، فقد نفكر في إضافة كلمات مفتاحية مثل:

ريادة الأعمال | مشاريع جانبية | أصحاب المشاريع الصغيرة | الدخل السلبي | تسويق المحتوى | التسويق الإلكتروني | تطوير الأعمال |

صحيح أنه سيتم تغطية كل هذه المواضيع في البودكاست الذي نقدمه، لكن هذا النوع من حشو الكلمات المفتاحية غير محبذ وغير مسموح به على iTunes.

وكذلك الأمر بالنسبة لشركة آبل Apple، فإذا راجعنا صفحة المساعدة الخاصة بالبودكاست فسنرى أنها تنص بوضوح على ما يلي:

اقتباس

"إن تضمين قائمة طويلة من الكلمات المفتاحية في محاولة للتلاعب بنتائج البحث قد يعرض برنامجك إلى الإزالة من دليل آبل Apple".

من المقبول تمامًا اختيار عنوان يتيح للأشخاص معرفة موضوع البودكاست الذي تقدمه، وهو ما توصي به شركة آبل:

اقتباس

"من المهم أن يكون لديك اسم واضح وموجز، لذا فإن عنوان مثل Our Community Bulletin غامض جدًا، ولن يجذب الكثير من المشتركين لبرنامجك حتى وإن كنت تقدم محتوى رائعًا، لذا انتبه جيدًا للعنوان الذي على أساسه ستظهر نتائج البحث".

يمكن اختصار الأمر بأنه يجب استخدام الكلمات المفتاحية، لكن بحكمة ومنطق دون حشو الكلمات والإكثار منها.

7. تسجيل حلقة البودكاست الأولى

والآن، وبعد تحديد الشكل الذي نريد أن يبدو عليه برنامجنا، وبعد امتلاكنا للأجهزة والبرامج التي نحتاجها، حان الوقت لتسجيل الحلقة الأولى من البرنامج، وهو أمر رائع للغاية، لذا سنذكر في ما يلي بعض الأشياء التي يجب أخذها في الحسبان:

لا داعي للقلق في حال عدم تلبية التوقعات العالية

يتشابه البدء في تسجيل برنامج بودكاست مع عملية البدء في كتابة أول كتاب، أي أن أول شيء نكتبه قد لا يكون أفضل أعمالنا، لكنه أفضل من عدم كتابة أي شيء. على سبيل المثال، قد لا تحظى حلقتنا الأولى بأفضل جودة صوت، لكن لا داعي لترك الأمر يمنعنا من البدء.

وكما هو الحال مع أي نوع من أنواع تسويق المحتوى، مثل التدوين والنشر على يوتيوب، ستتحسن الأمور تدريجيًا وسيزداد عدد المتابعين شيئًا فشيئًا، لذا لا داعي للقلق إذا لم تحقق الحلقات الأولى نتائج مزلزلة؛ إذ ستتحسن الأمور مع الوقت، وسيأتي يوم نعود فيه إلى حلقاتنا الأولى لإدراك مدى تحسننا.

تحديد المحاور الرئيسية للحلقة

إذا لم نكن نُعِد حلقةً مكتوبةً بالكامل، فيجب أن يكون لدينا شيء أشبه بالخطوط العريضة أو المحاور الرئيسية للحلقة، بحيث تساعدنا على تجنب التشتت عند نفاد الأشياء التي نريد قولها، كما أنها مهمة لكي لا يتجاوز طول الحلقة المتوقع.

يمكننا جعل الأمر بسيطًا أو معقدًا كما نريد، ولكن من المهم أن يكون لدينا مخطط واضح لكل حلقة بودكاست، بما في ذلك الموضوعات المحتملة التي نرغب في تغطيتها؛ فإذا كنا نجري مقابلة مع شخص ما مثلًا، فلا بد من وضع قائمة بالأسئلة التي نرغب في طرحها. صحيح أننا قد لا نتمكن من طرح كل هذه الأسئلة، لكن وجود قائمة طويلة سيجنب المقابلة حالة الركود أو التشتت.

إعداد مكان التسجيل

لا بد من اختيار مكان جيد للتسجيل. يلجأ الكثير من الأشخاص إلى تسجيل حلقات البودكاست في المنزل، وليس هناك مشكلة في ذلك، لكن من الجيد أن يكون لدينا مكان مخصص للتسجيل ضمن المنزل.

قد يكون من المناسب عزل الصوت قدر الإمكان لتجنب الضوضاء في الخلفية، وسيكون هذا مفيدًا على وجه الخصوص في المنازل التي يوجد فيها أطفال أو عدد كبير من الأفراد.

يستخدم بعض مقدمي البودكاست خزانة ملابس كبيرة للتسجيل بها، كونها تحفظ الصوت وتحتوي على الكثير من المواد الناعمة التي تمتص الصوت من حولها.

8. تحرير الحلقة

يُعًد تحرير حلقات البودكاست من أكثر الأجزاء استهلاكًا للوقت، لكنه في ذات الوقت مهم للغاية ويمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا، إذ يمكن في هذه المرحلة إضافة مقدمة وخاتمة، وإصلاح الأخطاء الصوتية، وإزالة لحظات الصمت والأقسام المملة من التسجيل؛ أي أنه يمكن تحويل التسجيل متوسط الجودة إلى تسجيل أفضل بكثير عند امتلاك مهارات التحرير الجيدة.

لن نتحدث هنا عن كيفية تحرير الملفات الصوتية، لأن استخدام كل برنامج يختلف عن الآخر، لكن بغض النظر عن البرنامج الذي سنختاره، من المهم أن تكون تسجيلاتنا ممتعة وخالية من لحظات الصمت الطويلة أو الفواصل بين الكلام، وهي من أفضل الممارسات التي ستبقي المستمعين أكثر تفاعلًا، ومن المرجح أن يبقوا متواجدين طوال الحلقة.

9. وضع خطة نشر

بعد تسجيل الحلقة الأولى من برنامج البودكاست وتحريرها، لا بد من القيام ببعض الأشياء قبل نشرها للعالم.

تسجيل حلقات إضافية

عوضًا عن تسجيل حلقة بودكاست واحدة ورفعها بسرعة على منصة استضافة، يُفضل تسجيل بعض الحلقات وتحريرها، ومن ثم مباشرة رفع الحلقات وفق خطة نشر.

السبب في ذلك أنه من السهل التخلف عن مواعيد النشر عندما يتعلق الأمر بأي نوع من أنواع إنشاء المحتوى. فلنفترض أننا نريد مثلًا نشر حلقة بودكاست جديدة أسبوعيًا أو مرتين في الأسبوع أو حتى شهريًا؛ من المهم في هذه الحالة أن تكون لدينا هنا بعض الحلقات الجاهزة والمجدولة للنشر لضمان الالتزام بالمواعيد حتى في الحالات الطارئة، أو في حال استغرق تسجيل الحلقة وقتًا أطول من المتوقع.

إذا كنا نجري مقابلات مع الضيوف في برنامجنا، فقد نجد أن الأمر يستغرق وقتًا إضافيًا لتحديد مواعيد لقاء مع الأشخاص المناسبين، وإذا كان برنامجنا يتطلب الكثير من الكتابة والبحث، فقد نجد أن بعض الحلقات تحتاج إلى المزيد من العمل قبل أن تصبح جاهزة، لذا من المهم التأكد من توفير حلقات إضافية لضمان استمرار الإنتاج وبالجودة اللازمة.

تحديد معدل نشر الحلقات

فيما يتعلق بمعدل نشر الحلقات، يمكن القول بأن الأمر هو إلى حد ما مسألة رأي، لكن هناك بعض العوامل التي يجب أخذها في الحسبان:

  • ما مقدار الوقت الذي سنكرّسه لبرنامجنا؟
  • ما هو طول حلقة البودكاست في برنامجنا؟
  • ما مقدار الوقت الذي نريد قضاءه في التسجيل؟
  • ما الهدف من البرنامج؟
  • هل نسعى إلى تحقيق الأرباح من البرنامج؟

ستساعدنا الإجابة عن الأسئلة السابقة في تكوين فكرة واقعية عن معدل تسجيل ورفع حلقات جديدة من برنامجنا، لكن بكل الأحوال، عندما نكون في البداية لا داعي للمبالغة في طموحاتنا، فقد تكون مرة واحدة في الشهر كافية، ومع نمو البرنامج والبدء في جني الأموال منه، يمكن التفكير في زيادة معدل التسجيل.

خلاصة القول هي أن نكون متسقين ونلتزم بتسجيل ورفع حلقات جديدة بانتظام، كما يجب اختيار يوم محدد ووقت ثابت لنشر الحلقات، بحيث يتوقع جمهورنا متى سننشر حلقتنا التالية.

خاتمة

بهذا نكون قد وضحنا كيفية صناعة بودكاست وتحضيره للنشر وترتيب آلية نشره، وسنتحدث في المقال التالي عن كيفية انتقاء الاستضافة الأنسب لصناعة البودكاست.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...