اذهب إلى المحتوى

كيف تمنح الموظفين التقييم السلبي دون أن تثبط اندفاعهم


Carina Mawad

يمر كل مدير خلال مسيرته المهنية بأوقات تتطلّب منه أن يعطي تقييمًا سلبيًا من خلال تقرير مباشر. قد يعاني أحد الموظفين مثلًا من ضعف الأداء أو مشاكل شخصية مع أحد أعضاء الفريق، أو الشعور بعدم الاندماج بعمله ومهامه؛ حينها ينبغي عليك أن تتقدّم وتعطي تقييمًا صادقًا لتساعد على تصحيح الموقف، ولكن الطريقة المثالية لإعطاء هذا التقييم الصارم ليست واضحةً دائمًا، إذ يجب تحري الأسلوب المناسب الذي يستجيب له الموظف.

يقول واحد من كل خمسة موظفين أن التقييم الذي يتلقّاه في عمله لا يساعده على النمو والتطور. قد يحظى أسلوب إعطاء التقييم بأثر كبير سلبي أو إيجابي على نجاح الموظف وانسجامه ومستوى الثقة التي يشعر بها حيالك. تابع القراءة لتتعرف على أهم النصائح التي تساعدك على تحسين مهارات التقييم، وترسيخ ثقافة التقييم في الفريق، وتحويل النقد البنّاء إلى تجربة إيجابية يحظى بها أفراد فريقك.

ما أهمية تعلم طريقة إعطاء التقييم السلبي

إن مجرد تلقي الموظف لتقييم سلبي يعادل صعوبة مضمون التقييم السلبي نفسه، لكنه بنفس الوقت يُعَد خطوة لا غنًى عنها، لا سيما وأنك تهتم لأمر الشخص الذي تشاركه هذا التقييم، إذ يُظهر إعطاء التقييم البنّاء للموظفين حرصَك على تقدّمهم وإنجازاتهم.

فكّر بالأمر بهذه الطريقة: إذا كنت تؤدي عملًا ما يتداخل مع نجاح فريقك أو نجاحك الشخصي، ألن ترغب بوجود شخص يخبرك بذلك ويساعدك على تصحيح الأمر؟

لا يهدف إعطاء التقييم السلبي إلى الإشارة إلى الخطأ أو الفشل. يجب أن يُظهر النقد البنّاء للآخرين وجهة نظر مختلفة، أو يسلط الضوء على شيء ما، لم يكونوا واعين بما يكفي لرؤيته، كما يجب أن يكون بغرض المساعدة وليس اللوم أو التأنيب.

بحسب مقالة نُشرت في موقع Harvard Business Review، فإن التركيز على نقائص الناس أو تقصيرهم لن يساعدهم على التعلّم، بل سيُضعف ذلك. التعلم هو مغزى كل أنواع التقييم، وسواء كان التقييم إيجابيًا أم سلبيًا، فإنه يجب أن يكون بنّاءً.

يُعَد التطور المستمر ووجود فرص للنمو والترفُّع من أهم عوامل رضا الموظف في العمل، ويُعَد وجود مدير قادر على إيصال التقييم السلبي بكفاءة عاملًا مهمًا يصنع فرقًا كبيرًا في تجربة الموظف، فضلًا عن تأثيره الإيجابي الكبير على أدائه.

خمس نصائح لإعطاء تقييم سلبي فعال

لن يكون إعطاء التقييم السلبي سهلًا على الإطلاق، وهذا حتى بوجود مهارات تواصل قوية ومستوى جيد من الثقة. من الطبيعي أن تشعر بالتوتر وتتساءل؛ كيف سيتلقّى الموظف تقييمي؟ ماذا لو شعر بالغضب أو الرغبة بالبكاء؟ ماذا لو كرهني؟ ماذا لو استقال؟

تذكّر أنك قادر على التحكم بطريقة تقديم التقييم أكثر من طريقة استقبال ذلك التقييم. إذا كنت تعرف كيف تطرح التقييم، فستصبح العملية أقل توترًا، وستقود إلى محادثة ذات إنتاجية أعلى.

استخدم هذه النصائح المتعلقة بكيفية إعطاء التقييم، لتتوجه نحو جلسة التقييم التالية بهدوء ورباطة جأش.

1. جهز النقاط التي ستتكلم عنها

من المهم دائمًا أن تخطط لكل ما ستقوله وكيفية قوله، فهذا يساعدك على الالتزام بالنقاط الأساسية التي ترغب بمعالجتها، وضمان وصول التقييم السلبي بصورة صحيحة. حاول أن تطرح أفكارك للنقاش مع زميلٍ تثق به أو صديقٍ ما، لتحصل على وجهة نظر خارجية عن الانطباع الذي سيتركه تقييمك.

أسئلة تطرحها على نفسك لتساعدك على التحضير:

  • هل استفسرتُ عن كل جوانب الحالة بسؤال من وكيف وأين ومتى ولماذا؟
  • هل أحدد السلوك أم أعطي أمثلةً محددة وواضحة؟
  • ما أهم النقاط التي أرغب بالتعبير عنها من خلال هذا التقييم السلبي؟
  • هل أعرف ما هي الخطوات القادمة لنفسي أو للشخص الآخر؟
  • ما هي نواياي خلف تقديم هذا التقييم؟

السؤال الأخير هو أحد أهم هذه الأسئلة، إذ يساعدك فهم نواياك ومقاصدك من إعطاء التقييم، على قياس مدى نجاح جلسة التقييم، وتحديد هدف المحادثة بدقة.

النية الحسنة هي الأفضل، فإعطاء التقييم السلبي لا يهدف إلى إثبات وجهة نظر أو معاقبة شخصٍ ما. سواءُ كان هدف التقييم هو تحسين الأداء أم معالجة مشكلة قلة الارتباط بالعمل أم إدارة العلاقات مع الزملاء، فإن نواياك يجب أن تكون دائمًا إيجابية.

2. حافظ على المهنية وتجنب الشخصنة

يجب ألا يكون التقييم السلبي مباشرًا ويستهدف شخصية الموظف، بل ينبغي أن يركز على تصرفات الموظف أو سلوكه، وكلاهما قابل للتعديل. يجب أن يكون التقييم التصحيحي في العمل متعلّقًا بدور الشخص ومسؤولياته أو شيء آخر خاص بالعمل، ويجب أن يهدف إلى تحسين أداء الموظف والفريق.

اقتباس

يجب أن تأتي التقييمات من طرفك شخصيًا، حتى وإن لم يتوجّب عليك أن تتعامل مع الموظفين بصفة شخصية. للتوضيح أكثر؛ استخدِم عبارات افتتاحية مثل (أنا أعتقد، أنا أشعر، أتساءل فيما إذا)، بدلًا من إعطاء التقييم من منظور عام مثل (أنت فعلت).

أمثلة عملية عن إعطاء تقييم سلبي بطريقة احترافية:

  • بدلًا من أن تقول: أنت بطيء جدًا ولا تواكب أقرانك؛ جرّب أن تقول: لقد لاحظت أنك كنت تعاني لتنهي عملك في الموعد المحدد الأسبوع الفائت، دعنا نتكلم معًا عمّا كان يعيقك.
  • بدلًا من أن تقول: لقد كنت تتلكّأ كثيرًا أثناء العرض التقديمي الذي قدمته، وكان يفتقر إلى الاحترافية؛ جرّب أن تقول: كان محتوى العرض ممتازًا، لكن لدي بعض النقاط التي أرغب بمشاركتها معك للوصول إلى نتيجة أكثر تأثيرًا في حال كنت تتقبل تقييمي.

3. اطرح الأسئلة واحرص على الإصغاء

كل محادثة منتجة هي طريق باتجاهين، فقد تكون الطريقة المثلى أحيانًا لإعطاء التقييم الصارم، هي البدء بطرح الأسئلة التي تتطلب وجهة نظر الطرف الآخر. تستطيع أن تطرح أسئلةً توجيهيةً لتقديم المساعدة في قيادة الفريق باتجاه مشكلة معينة، والوصول إلى النهاية التي يحددها أفراد الفريق. استمع جيدًا للنظريات التي يقدمونها حول الطريقة الأفضل لإنجاز أمرٍ ما. قد تتفاجأ بوجهات نظرهم.

جرّب طريقة "الماضي والحاضر والمستقبل":

  1. برأيك كيف تجري الأمور في الوقت الحالي بشأن (سمِّ موضوع النقاش)؟
  2. هل مررت بتجارب مشابهة في الماضي؟ كيف تعاملت معها؟
  3. هل لديك أية أفكار عن طريقة تحسين الوضع الحالي أو كيفية تجنُّبه في المستقبل؟

4. كن مباشرا وصادقا

هل جرّبت إعطاء التقييم باستخدام طريقة الشطيرة؟ أي أن تغطي التقييم السلبي بعنصرين إيجابيين قبله وبعده بهدف تلطيف أسلوب تقديم التقييم؟ هذه الطريقة تشتت المتلقي وتضعف الرسالة التي ترغب بإيصالها إليه، لذا افصل التقييم الإيجابي عن التقييم الناقد، لتجنُّب إرسال رسائل فيها خلط. وبالمثل، إذا حاولت تغطية النقد بتقييم إيجابي، أو حاولت فجأةً أن تأخذ شخصيةً جديدةً خلال جلسة التقييم، سيظهر تقريرك المباشر بمظهر غير موثوق أو دفاعي. يريد الموظفون مديرًا صادقًا وشفّافًا يتمتع بمهارة عالية في التواصل، لذا كن طبيعيًا ومباشرًا، واحرص على عدم تشتيت انتباه موظفيك عندما تشاركهم تقييمًا سلبيًا.

ثلاث نصائح لمحادثة أكثر جدوى:

  • تحقّق من مزاجك: هل تشعر بالإحباط أو الغضب، أو بأنك ستطلق الأحكام؟ أو ربما تشعر بالتعب أو التوتر أو التشتّت؟
  • تدرّب على التعاطف: بفرض أنك الشخص الذي يتلقى التقييم، كيف سترغب بأن يشاركك الطرف الآخر أفكاره؟
  • حافظ على العلاقة الصحيحة: لا تبالغ بالجدية ولا بالتراخي، بل أجرِ المحادثة كما تفعل مع أي موظف خلال اجتماع منفرد معه.

5. ناقش الحلول وحدد الخطوات التالية

لا يتعلق النقد البنّاء بالتقييم فقط، بل بالتطوير أيضًا، لذا يُعَد التقييم المستمر جزءًا أساسيًا من تحسين أداء الموظف ومساعدة أفراد الفريق على النمو والتطور، لذا تأكد من مناقشة كيفية تطبيق تقييمك في المستقبل، إلى جانب مشاركة وجهة نظرك حول الوقت الحاضر، وحدّد الأفعال التي قد يحتاج الموظفون إلى إنجازها في يومياتهم.

جرّب نهج (المشكلة - التأثير - الحل):

  1. صارح فريقك بالمشكلة واعرض الحقائق (المشكلة).
  2. ناقش كيفية تأثيرها على الفريق والمشروع والشركة (التأثير).
  3. ناقِش من خلال لقاءات العمل أساليب حل المشكلة مع الفريق واختر المفيد منها (الحلول).

أيًا تكن نقطة بداية المحادثة، فإن أهم مرحلة في إعطاء التقييم التصحيحي هي مناقشة الخطوات التالية التي يجب تنفيذها؛ لذا ساعد موظفيك على تحديد بعض خطوات تنفيذ العمل التي تستطيع تتبعها ورؤية نتائجها أثناء خوض النقاش التالي.

ما تأثير إعطاء التقييم السلبي بأسلوب غير مناسب

قد يكون الأسلوب الخاطئ في إعطاء التقييم السلبي أسوأ من عدم إعطاء أي تقييم، فطريقة تلقي التقييم تصنع فرقًا كبيرًا في كيفية تعامل الموظف مع هذا التقييم. فإذا عُرض التقييم وكأنه نقد أوعقوبة أو هجوم مثلًا، فمن المحتمل أن يتوقف الموظف عن العمل من بعده. يؤثر الأسلوب على كل شيء، بدءًا بأداء الموظف، وصولًا إلى معنوياته وتفاعله وثقته بالمدير أو الزملاء.

يميل الموظفون الذين يقولون بأن التقييم لا يساعدهم على النمو والتطور إلى الشعور بما يلي:

  • عدم الرضا عن المدير المباشر.
  • عدم المشاركة على نحوٍ ملائم بالقرارات التي تؤثر على عملهم.
  • عدم الميل للتصريح بأن شركتهم مكانٌ مثالي للعمل.
  • افتقار الاتصالات مع الزملاء إلى الشفافية.
  • أنهم ليسوا جزءًا من الفريق.

إعطاء التقييم السلبي خلال اجتماعات منفردة مع الموظفين

يُعَد الاجتماع المنفرد مع الموظف أفضل وسيلة لإعطاء التقييم السلبي. قد يكون التقييم الناقد قاسيًا على مسمع الموظف، لذا فإن أنسب طريقة لإعطاء أي نوع من النقد البنّاء هي المحادثات الفردية الخاصة.

كيف تعطي تقييما ناقدا في اجتماع منفرد

  1. حدد مسبقًا توقيت الاجتماع: تجنّب إعطاء تقريرك المباشر من خلال مفاجأة الموظف بدعوة عاجلة لحضور اجتماع.
  2. حدّد جدول الاجتماع والنقاط التي ترغب بالحديث عنها: أرفِق مع الدعوة جدولًا مختصرًا للنقاط التي ستجري مناقشتها خلال الاجتماع، واطلب من الموظف إضافة أية أفكار قد يرغب بمناقشتها أيضًا.
  3. امنح الموظف مساحةً كافيةً للكلام: كن منفتحًا واسأل العديد من الأسئلة التي يجب طرحها خلال الاجتماع المنفرد، لتشجع الموظف على التفكير والمشاركة.
  4. اكتب ملاحظاتك وحدّد التوصيات المقترحة: اكتب ملاحظات عن المواضيع التي تناقشتم بشأنها، وراجع الإجراءات المتفق عليها في نهاية جلسة التقييم.
  5. لا تنسَ المتابعة: راجع المستجدات مع الموظف في الاجتماع المنفرد التالي أو حتى قبل ذلك، لترى كيفية معالجته وتنفيذه لتقييمك.

اجعل التقييم المستمر جزءا من كيفية إدارة الموظفين

حينما يصبح تبادل التقييم جزءًا من العلاقة بين المدير والموظف، سيسهُل عليك إعطاء التقييم السلبي عند اللزوم، كما أن التدريب الدائم على إعطاء التقييم يقلل من الخوف المرافق لذلك. ويساعد الموظفين على الانفتاح نحو الاستماع إليك أيضًا. حافظ على وجود تواتر منتظم للتقييم، وذلك لتجنُّب إهمال مراقبة أي موظف، ولا تخزّن الكثير من التقييمات السلبية، ومن ثم تغدقها على أحد الموظفين دفعةً واحدة.

إلى جانب إعطاء التقييم بتواتر مستمر، عليك أيضًا أن تطلب التقييم من موظفيك؛ فإذا أدرك الموظفون أن بإمكانهم مشاركة أفكارهم وآرائهم معك، سيزيد تقبّلهم للتقييم الذي تقدّمه لهم؛ وهنا تكمن الأهمية الكبيرة لتطوير ثقافة تبادل التقييمات بين المدير والموظفين.

كيف تبني حلقة تقييم في فريقك:

  1. كن منفتحًا لتلقّي التقييم: اسأل عن آراء الآخرين حول تقاريرك المباشرة، وشارك الأشياء التي تعمل عليها شخصيًا. أثبت أنه لكل شخص مساحةً ينمو فيها، وحدّد وتيرةً مدروسةً للتقدم.
  2. التمس تقييم الموظفين: تمنح الاستطلاعات مجهولة الهوية مساحةً حرةً لمشاركة الاعتقادات والأفكار والأسئلة واالمخاوف بكل شفافية، كما تفسح المجال لمحادثات لم تكن لتجري بأية طريقة أخرى.
  3. ضع التقييم قيد التنفيذ: طبّق الأفكار التي جمعتها من الموظفين في تنفيذ المهام اليومية للفريق. عندما يرى الموظفون أنك تتقبل التقييم بانفتاح، فإنهم سيعاملونك بالمثل.
  4. حقّق انسجام أفراد الفريق: أشرِك موظفيك بالتطور المستمر الذي يطرأ على إجراءات العمل، واسألهم عن أفكارهم حول كيفية تحسين الفريق، وأوضِح لهم أن آراءهم جميعًا ستؤخَذ بالحسبان.

التقييم جزء من القيادة

على الرغم من التحدي الذي قد يرافق عملية التقييم والنقد البنّاء، فإنها ذات أهمية كبيرة في قيادة الأفراد، فعندما تلتزم بتطوير الموظفين، سيدرك الشخص الذي يتلقّى التقييم حسن نواياك. استخدِم النصائح الموضحة في المقال لتعطي التقييم السلبي بأسلوبٍ أفضل.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال How to give negative feedback without demotivating employees لصاحبته Nora St-Aubin.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...