عندما يكون النّاس على وشك القيام بأعمال لم يعهدوها من قبل فإنّهم غالبا ما سيتردّدون في إنجاز الخطوة الأولى لإتمامها لأنّ تلك المشاريع ستبدو مُرْهِقَة كما أنّهم يجهلون السّياق الأنسب للإنطلاق ، وهذا بالضّبط ما واجهه مشروع Justin.tv في البداية.
كانت فكرة Justin.tv بسيطة للشّرح ، سيكون لدينا مقاطع فيديو حيّة نبثّها على المباشر من سان فرانسيسكو عن طريق كاميرا تصور أوّلا بأوّل لفائدة العديد من المشاهدين على شبكة الإنترنت. اتّضح لنا في ما بعد أن تنفيذ المشروع ليس بسهولة الطّرح النّظري للفكرة، في الواقع كنت أجهل وكذلك شريكي إيميت كلّ ما له علاقة ببروتوكولات الفيديو عبر الإنترنت، الخواديم، البنية التحتيّة ، الكاميرات واتّصالات شبكة الهاتف المحمول… (بالمناسبة، في البداية كنّا نحن الاثنان فقط). في تلك المرحلة لم نكن سوى مطورين يمتلكان سنة خبرة في العمل على تطبيق تقويم يعتمد على AJAX لذا بدا لنا المشروع برمّته وكأنّه مربع أسود ضخم والمُتمثّل في فكرة "بناء Justin.tv".
في كلّ الأحوال، كان بإمكاننا تقسيم الأمر إلى :
- إيجاد طريقة لبناء كاميرا محمولة ترسل الفيديو إلى خادوم واحد.
- معرفة كيفيّة استقبال فيديو وبثّه للعديد من المشاهدين عبر خادومنا.
ومنه خرجنا بهذه المراحل :
- التّحدث إلى خبير في تصميم العتاد.
- البحث عن التقنيّات المتوفّرة حاليّا المُستخدمة في تقنيات إرسال البيانات عبر الأجهزة المحمولة.
- التّحدث إلى أفراد شركة ناشئة تقوم بالبثّ المباشر كنّا قد اجتمعنا بهم مؤخّرا (لمعرفة التّكنولوجيا التّي يستعملونها).
- التّحقق من إمكانية الاستعانة بـ CDN في عملية البث الحي.
لقد استخلصت أنّه عند مواجهة مجموعة من التّحديات التّي تبدو مستعصية فإنّ الخطوة الأولى لحلّها هو تجزئة المهام الكبيرة إلى مجموعة من المهام المنفردة الصّغيرة قدر الإمكان. في ما يخص مشروعنا، قمنا بتجزئة مهام قائمة الأمور الواجب إنجازها أكثر من مرّة.
النقطة الأولى قادتنا إلى الحديث مع كايل الذّي أصبح فيما بعد أحد المؤسّسين فهو من بنى أوّل جهاز للبث الحي (حاسوب يشفّر بيانات الفيديو من كاميرا تناظرية analog camera). عَلِمنا في ما بعد أنّ تقنية EVDO Rev A كانت ستصل إلى سان فرانسيسكو قريبًا وهذا يعني أنّنا سنتمكن من إرسال البيانات بسرعات معقولة عبر شبكات الهاتف المحمول (النقطة الثانية). أما النقطة الثّالثة قادنا إلى معرفة الكثير حول الخيارات المُتاحة فيما يخص خواديم البث الحي وهو ما أوصلنا إلى النقطة الرّابعة حيث دفعْنا لطرف آخر ليقوم بنقل البيانات في عملية البث الحي نيابة عنّا.
بعد ستّة أشهر من تفرّغنا للعمل على مشروع Justin.tv وبعد أن كانت معرفتنا معدومة فقد أصبح لدينا جهاز محمول للبثّ الحي بإمكانه الإرسال للعديد من المشاهدين ويسمح لنا بإطلاق برنامجنا.
بإمكاننا تطبيق هذه الطّريقة البسيطة لإنجاز أيّ أعمال سواء كانت كبيرة أم بسيطة:
أكتب قائمة بما عليك إنجازه ونفّذ ما جاء فيها. على سبيل المثال، إذا كنت بحاجة للتّخرج من الجامعة والحصول على وظيفة حتّى تتمكّن من رعاية عائلتك فإنّ هذا قد ينطوي على مجموعة كبيرة من الأعمال الصّغيرة التّي يمكن التّحكم فيها:
- كالحصول على درجات لائقة
- كتابة سيرة ذاتيّة وتقديمها على إعلانات التّوظيف
- التّدرّب على إجراء المقابلات وما شابه
وبدورها فإنّ مجموعة المهام التّي ذكرناها بإمكانها أن تقسّم إلى مجموعة مهام أصغر وأسهل للتّنفيذ: فالحصول على درجة لائقة في قسم ما يستلزم الاجتهاد في مجموعة من المهام كالدّراسة، كتابة قائمة المصطلحات والتّحضير للامتحانات فالخطوة الأولى للنّجاح بسيطة في الكثير من الأحيان وقد تكون مجرّد شراء الكتب المخصّصة لمادّة معيّنة.
منذ سنوات اختلفت مع صديق لي حول إمكانيّة تنفيذ كلّ ما يخطر ببالي، اعتقد صديقي أنّ الفكرة سخيفة وراح بعيدا في تفكيره المنتقد ليجزم باستحالة تنفيذ رحلات الفضاء الخاصّة والمدارة من طرف أفراد (وليس من طرف الحكومات) لكن اتضّح فيما بعدى أنني كنت المحق في نقاشنا. بإمكانك تحقيق أيّ مشاريع تخطر على بالك إذا عملت عليها بالتّدريج.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال How to do anything لصاحبه Justin Kan.
حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.