اذهب إلى المحتوى

تُعدُّ عمليتا تنمية المواهب وتخطيط التعاقب الوظيفي من أهم عمليات إدارة الموارد البشرية التي تتمّ داخل المؤسسات. يمكن لقسم الموارد البشرية الاجتهاد في توظيف الأشخاص المناسبين وقضاء الكثير من الوقت في وضع برامج الأداء والمكافآت أو إعادة تصميمها، ولكن كل تلك الجهود قد تذهب أدراج الرياح إذا لم تُتخذ قرارات فعَّالة بشأن تقييم المواهب الرئيسية وتنميتها. يشير مفهوم تنمية المواهب (talent development) إلى العمليات والبرامج التي تستخدمها المؤسسة لتقييم أصحاب المواهب وتنمية مهاراتهم وخبراتهم، في حين يشير مفهوم تخطيط التعاقب الوظيفي (succession planning) إلى عملية تقييم المناصب الرئيسية وتحديد مستوى استعداد المرشحين المحتملين من داخل المؤسسة (وخارجها) لشغل هذه المناصب، وهي عملية مهمة تُشكِّل حلقة وصل بين عمليتي تنمية المواهب واستقطاب المواهب.

لا شكَّ أنَّ وظيفة الموارد البشرية تُسهِّل أداء أنشطة وعمليات تنمية المواهب، ولكنَّ هذه الأنشطة والعمليات تعتمد إلى حدٍّ كبير على تدخُّلات إدارة المؤسسة ودعمها لها، إذ تتطلَّب جميع عمليات تنمية المواهب التي سوف نوضِّحها فيما يلي مشاركة واستجابة واسعة من قِبل إدارة المؤسسة. تُعدُّ تنمية المواهب من العمليات التي يتولَّاها ويُديرها قسم الموارد البشرية كما هو حال عملية إدارة الأداء، ولكنَّها في الحقيقة من العمليات الجوهريّة التي تؤثِّر تأثيرًا كبيرًا على أداء المؤسسات؛ فامتلاك المؤسسات للمواهب يمنحها ميزة تنافسية، لذلك يتوجَّب على المؤسسات في عصر «حرب المواهب» وضع خطة لتنمية المواهب الرئيسية الموجودة لديها.

عملية تقييم المواهب

تُعدُّ عملية تقييم المواهب (talent review) واحدة من العمليات الأساسية لتنمية المواهب، تحدث هذه العملية عادةً بعد عملية إدارة الأداء في المؤسسة (والتي تركِّز بشكل أساسي على الأداء الحالي للموظفين)، وتركِّز بشدة على تطوُّر الموظفين واحتمالية امتلاكهم لإمكانيات تؤهِّلهم للوصول إلى المناصب العليا في المستقبل. غالبًا ما تُستخدم لتقييم المواهب مصفوفة مكونة من 9 خانات (مصفوفة 9-box)، وتبيِّن هذه المصفوفة أداء الموظف مقارنةً بإمكانياته الكامنة وتضع أمام المقيِّم تسع خيارات أو خانات مختلفة لتصنيف الموظفين.

مصفوفة الأداء والإمكانيات الكامنة (مصفوفة 9-box)
  الإمكانيات الكامنة
الأداء بمرور الوقت   ذوو الإمكانيات الضعيفة ذوو الإمكانيات المتوسطة ذوو الإمكانيات العالية
عالي جون سميث
ميلاني روبر
كيغان فلاناغان
تشيه تشانغ
إدغار أوريانا
روري كولينز
ايمي تيرانوفا
متوسط جوزيف كامبل
ألينا درامون
أليكس جوينر
لورين جريس
كريستينا مارتن
توماس وايميستر
ريتشارد كولينز
ضعيف مارتي هيلتون    

تصنيفات محور الأداء هي ضعيف ومتوسط وعالي، وهي تستند إلى تقييم الأداء الأخير الذي حصل عليه الموظف. ضعيف= أقل من المستوى المقبول، متوسط= في حدود المستوى المقبول، عالي= أعلى من المستوى المقبول. يعكس هذا المحور أداء الموظف وفقًا للأهداف والمهارات والكفاءات المطلوبة في وظيفته الحالية. تجدر الإشارة إلى أنَّ الأداء قد يتغيَّر بمرور الوقت (على سبيل المثال، عند الترقية أو تغيُّر الوظيفة)، كما أنَّه يُعدُّ تصنيفًا أكثر موضوعية من تصنيف الإمكانيات الكامنة (الذي يتيح للمقيِّم وضع بعض الافتراضات حول المستقبل).

تشير الإمكانيات الكامنة (Potential) إلى قدرة الموظف على إظهار السلوكيات اللازمة للنجاح في المنصب الأعلى التالي داخل الشركة. تُعدُّ الكفاءات والسلوكيات التي يُبديها الموظف مؤشرًا جيدًا على إمكانياته الكامنة، وغالبًا ما يتمتَّع الموظفون ذوو الإمكانيات العالية -بغض النظر عن مستواهم- بالكفاءات التالية: الفطنة الإدارية، والتفكير الاستراتيجي، والمهارات القيادية، والمهارات الاجتماعية، وسرعة التعلُّم، بالإضافة إلى المهارات التقنية. من المؤشرات الأخرى التي قد تدلُّ على امتلاك الموظف لإمكانيات كامنة ما يلي:

  • أداء عالٍ في وظيفته الحالية
  • النجاح في المناصب الأخرى التي تقلَّدها (داخل الشركة أو خارجها)
  • التعليم/ الشهادات التي حصل عليها
  • الإنجازات والمبادرات البارزة
  • الاستعداد والرغبة في التقدُّم

إدارة التغيير

التكنولوجيا وإدارة الموارد البشرية

لقد حدثت ثورة في االابتكارات التقنية المرتبطة بمجال إدارة الموارد البشرية على مدى السنوات العديدة الماضية، الأمر الذي جعل بعض أنظمة الموارد البشرية التقليدية التي ظهرت في العقد الماضي تبدو قديمة للغاية، ومن التطوُّرات الرائجة في عصرنا الحالي والتي تساهم في ظهور مثل هذه الابتكارات التقنية: تكنولوجيا الهواتف المحمولة، ووسائل التواصل الاجتماعي، وبرامج تحليلات البيانات، وإدارة التعلم. ينبغي أن يكون متخصِّصو الموارد البشرية على دراية بأهم الابتكارات التقنية التي ظهرت نتيجة لهذه التطوُّرات لأنَّه يبدو أنَّها سوف تستمر في الرواج ولن تختفي في المستقبل القريب. كتب جوش بيرسين –مؤسِّس شركة «بيرسن باي ديلويت» الاستشارية- عن بعض الابتكارات التقنية المرتبطة بمجال إدارة الموارد البشرية في مقال بعنوان «9 HR Tech Trends for 2017» نُشر على الموقع الإلكتروني shrm.org. من هذه الابتكارات التقنية: «ثورة إدارة الأداء» والتركيز على إدارة الأداء بواسطة فريق مكوَّن من عدة أفراد وعدم اقتصار ذلك على المسؤول المباشر عن الموظفين وفق التسلسل الهرمي. لقد أصبحت تقنيات إدارة الأداء أكثر مرونة وسرعة نتيجةً لاستخدام تقييمات الأداء الدورية (pulse surveys) وسهولة متابعة الأهداف، إذ تتيح تقنيات إدارة الأداء الحديثة تسجيل بيانات الأداء مباشرة ومتابعتها باستمرار، بدلًا من العملية الرسمية المرهقة التي تُجرى مرة واحدة في السنة. من الابتكارات التقنية الأخرى المرتبطة بمجال الموارد البشرية ظهور ما يُسمَّى بـِ «تحليل الأشخاص». لقد أصبح تحليل البيانات مجالًا ضخمًا واسع الانتشار، لذلك ليس من المُستغرب أن نجده مستخدمًا في إدارة الموارد البشرية. تقوم بعض التقنيات التي أحدثت ثورة في هذا المجال على التنبؤ؛ فهي تسمح بتحليل البيانات المتعلِّقة بالتغيير الوظيفي، بالإضافة إلى التنبؤ بالنتائج الناجحة مقابل النتائج غير الناجحة. يُمكن أيضًا باستخدام تقنيات التحليل التنبؤي (predictive analysis technologies) تحليل رسائل البريد الإلكتروني وتقييم أنماط الاتصالات وممارسات إدارة الوقت، أو التنبؤ بالمواضع التي يُحتمل أن يحدث فيها خرق للبيانات. إحدى تقنيات التحليل المذهلة الأخرى هي شارة إلكترونية تُراقب أصوات الموظفين وتتنبَّأ ما إذا كان الموظف يعاني من ضغط نفسي، وهذه التقنية قد تكون رائعة ومخيفة في الوقت نفسه.

التطورات المعاصرة وإدارة الموارد البشريّة

يُعدُّ ازدهار سوق التعلُّم الإلكتروني والإقبال عليه من التوجُّهات الحالية الرائعة، إذ يمكن لأي فرد -بما فيهم متخصِّصي الموارد البشرية- الوصول بسهولة وسرعة لمنصات التعليم عبر شبكة الإنترنت. كانت عمليات التعلُّم في الماضي تحتاج إلى حصول الفرد على تدريبات داخل قاعات دراسية، وكانت هذه التدريبات تستمرُّ لفترات زمنية طويلة إلى حدٍّ ما وتُعقد في أوقات محدَّدة، ولكنَّها تغيرت كثيرًا مع ظهور الابتكارات التقنية المُعاصرة المرتبطة بمجال إدارة الموارد البشرية. العديد من الشركات الكبيرة في وقتنا الحالي ما زالت تحتفظ بأنظمة قديمة لإدارة التعلم، مثل (Cornerstone، Saba و SuccessFactors)، إلا أنَّ هناك العديد من الخيارات الجديدة المُنافِسة والتي تركِّز على نشر ثقافة التعلُّم بالفيديو في جميع أرجاء المؤسسة. لقد أمسى التركيز على التعلُّم بدلًا من إدارة التعلُّم هو التوجّه السائد في عصرنا، إذ لم يعُد الأمر مقتصرًا على التسجيل في الدورات ومتابعة مستجداتها عبر الإنترنت: بل أصبح بالإمكان أيضًا أخذ الدورات عبر الإنترنت. تُدرك العديد من الشركات أنَّ تطبيقات التعلُّم التي تُشبه YouTube هي مُكمِّل رائع لأنظمة التعلُّم الحالية، ومن المتوقَّع أن يتزايد الطلب على استخدامها في المستقبل. من الابتكارات البارزة الأخرى: التقنياتُ التي تُستخدم لإدارة العمالة المؤقتة، وإدارة برامج الصحة والعافية، وأتمتة عمليات إدارة الموارد البشرية بواسطة الذكاء الصناعي. إنَّه لأمرٌ رائع حقًا أن نرى العديد من الابتكارات التقنية المثيرة للاهتمام التي تُصمَّم خصيصًا لإدارة الموارد البشرية. يُعدُّ الاستثمار في رأس المال البشري من أهم الاستثمارات التي تُركِّز عليها الشركات، ومن المُبهج رؤية هذا القدر من الابتكارات الموجَّهة لخدمة هذا المجال وتطويره.

الإمكانيات الكامنة

يبيِّن محور الإمكانيات الكامنة -الذي يوجد ضمن مصفوفة تقييم المواهب- مدى احتمالية تقدُّم الموظفين داخل المؤسسة:

  • ذوو الإمكانيات الضعيفة = غير جاهزين للتقدُّم.
  • ذوو الإمكانيات المتوسطة = جاهزون تقريبًا.
  • ذوو الإمكانيات العالية = جاهزون للتقدُّم.

وجود الإمكانيات الكامنة للمناصب الإدارية أو الترقيات الأعلى ليست مؤشرًا على قيمة الفرد أو جودته داخل المؤسسة؛ فمن المحتمل أنَّ هناك العديد من الموظفين ذوي الأداء العالي والإسهامات الكبيرة الذين يُفضِّلون البقاء في مناصبهم الحالية لسنوات ويرغبون في أن يكونوا خبيرين في الأعمال التي يؤدّونها. قد لا يرغب الشخص المختَّص أو الخبير في تولِّي المناصب التي تتطلَّب إدارة مجموعة من الأفراد، ولذلك يُوضع في خانة ذوي الإمكانات المنخفضة بسبب عدم رغبته في التقدُّم. بالإضافة إلى ذلك، قد يترتَّب على التقدُّم أيضًا تغييرات لا يرغب الموظف في حصولها في تلك الفترة، مثل تغيُّر مكان عمله أو نمط حياته، لذلك يُوضع أيضًا في خانة ذوي الإمكانات المنخفضة. من الجدير بالذكر أنَّ الإمكانيات الكامنة الخاصة بالأفراد قد تتغيَّر مع مرور الوقت، وفقًا للمواقف أو الظروف التي يمُرُّون بها في حياتهم. يُعدُّ تصنيف الإمكانيات الكامنة أقل موضوعية من سابقه؛ إذ يستلزم وضع بعض الافتراضات حول قُدُرات الأفراد بناءً على المعلومات المحدودة المتوفِّرة في الوقت الراهن.

flight-simulator.jpg

يظهر في الصورة جهاز محاكاة الطيران لطائرة بوينج 737. إنَّ هناك نقصًا حادًا في أعداد الطيَّارين، وإنَّ من المهم تقديم التدريبات اللازمة لطيَّاري المستقبل، ولكنَّ وقت التدريب على الطيران الفعلي محدود. تأمَّل كيف تساعد التكنولوجيا الشركات على تنمية مهارات المتدربين والموظفين. (مصدر الصورة: حساب Michael Coghlan/ فليكر/ مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي (CC BY 2.0))

خطوات تقييم المواهب تخطيط التعاقب الوظيفي

يتوجَّب على عضو فريق الموارد البشرية تنظيم عملية تقييم المواهب، وتقديم أهداف الجلسة والتعليمات للمديرين والقادة بوضوح من أجل الحفاظ على نزاهة وسرية هذه العملية المهمة. يُطلِق كتاب «One Page Talent Management» على الاجتماع الذي يُعقد لتقييم المواهب مصطلح عمليّة معايرة تقييم المواهب (talent review calibration process)، وتتحقَّق هذه العملية من تقييم الأداء والإمكانيات الكامنة بموضوعية، كما وتتحقّق من وضوح خطط التطوير الموضوعة، ومن وجود معايير متفق عليها لتحديد ذوي الإمكانيات العالية في الشركة. يضمُّ هذا الاجتماع المدير وأعضاء فريقه للتناقش بشأن أصحاب المواهب، ويعرض كل عضو من أعضاء الفريق مصفوفة الأداء والإمكانيات الكامنة التي أعدَّها ويبيِّن بإيجاز كيف صنَّف كل موظف من الموظفين داخل المصفوفة. يطرح أعضاء الفريق الآخرون آرائهم بشأن أولئك الموظفين بناءً على تعاملهم المباشر معهم. يُختتم الاجتماع بعد التناقش بشأن جميع الموظفين ذوي المواهب، والاتفاق على تقييمهم النهائي، وتحديد الخطوات اللازمة لتطويرهم.

بعد وضع كل موظف من الذين طُرحت الآراء بشأنهم في إحدى خانات مصفوفة 9-box، ينبغي على الفريق التشاور بشأن إجراءات التطوير اللازمة لكل موظف من أولئك الموظفين. (يجب أن يبدأ الفريق بتحديد أنشطة التطوير الوظيفي اللازمة للموظفين ذوي الإمكانيات العالية إذا لم يكن هناك وقت للتناقش بشأن الجميع.) يتوجَّب على موظفي الموارد البشرية، بعد انتهاء عملية معايرة تقييم المواهب، توثيق أهم النتائج الرئيسية وتسجيل أنشطة التطوير الوظيفي المُقترحة، ويتوجَّب عليهم أيضًا مساعدة المديرين وقادة فِرق العمل على التخطيط لأنشطة التطوير الوظيفي وتنفيذها عند الحاجة. تتضمَّن أهم النتائج الرئيسية التي ينبغي استخلاصها خلال عملية تقييم المواهب ما يلي:

  • تحديد الموظفين ذوي الإمكانيات العالية الذين يعملون في المؤسسة
  • تحديد إجراءات التطوير الوظيفي (خطط العمل) اللازمة لكل موظف
  • تحليل الفجوات في المواهب والقضايا المتصلة بها
  • تجهيز المعلومات اللازمة لعملية تخطيط التعاقب الوظيفي

غالبًا ما يُجرى تخطيط التعاقب الوظيفي بعد فترة وجيزة من انتهاء عملية تقييم المواهب (إن لم يكن بعدها مباشرة)؛ وذلك لأنَّ المعلومات المتوفرة لدى قسم الموارد البشرية والمديرين بشأن أداء الموظفين وإمكانياتهم الكامنة تكون حديثة. يُعدُّ تخطيط التعاقب الوظيفي عملية مهمة تُستخدم لتحديد مستوى الموهبة التي يمتلكها أفراد المؤسسة المرشحون للتقدُّم لوظائف معيّنة ومدى استعداد أصحاب المواهب هؤلاء لتولّي هذه المناصب الجديدة، وتُستخدم هذه العملية أيضًا لتحديد وجود عيوب أو نقص في أصحاب المواهب المرشحين للتقدٌّم لأي وظيفة في أي مستوى من المستويات في المؤسسة، ولكن غالبًا ما يقتصر تطبيقها على المناصب القيادية وغيرها من المناصب الرئيسية في المؤسسة. سوف يجتمع موظفو الموارد البشرية خلال هذه العملية مع المديرين أو قادة فِرق العمل للتشاور مع كل واحد منهم بشأن تخطيط التعاقب الوظيفي لأعضاء فريقه، ولإنشاء قائمة بالمناصب القيادية وغيرها من المناصب المهمة الأخرى التي ينبغي تحديد الخلفاء الذين قد يتقلَّدونها.

بعد الانتهاء من تحديد المناصب التي سوف تُطبَّق عليها عملية تخطيط التعاقب الوظيفي، سيعمل موظفو الموارد البشرية والقادة معًا على تحديد العناصر التالية لكل منصب:

  • اسم شاغل الوظيفة
  • المخاطر المصاحبة لفقدان شاغل الوظيفة
  • أسماء المرشحين الجاهزين للتقدُّم خلال فترة زمنية قصيرة (أقل من سنة)
  • أسماء المرشحين الجاهزين للتقدُّم خلال فترة زمنية متوسطة (1-3 سنوات)
  • أسماء المرشحين الجاهزين للتقدُّم خلال فترة زمنية طويلة (أكثر من 3 سنوات)
  • اختياري كتابة تصنيف المرشَّح كما هو محدَّد في مصفوفة 9-box بجوار اسمه

إنَّ أسماء المرشحين الذين يحتاجون إلى فترة زمنية طويلة لكي يُصبحوا جاهزين للتقدُّم إلى وظيفة معيّنة ليس لها أهمية كبيرة، ولكن من المفيد دائمًا معرفة جميع الأفراد الذين من المُحتمل أن يحلّوا في يومٍ من الأيام محل شاغلي المناصب الحاليين. سوف يكون لدى قسم الموارد البشرية وإدارة المؤسسة الكثير من المعلومات التي جُمعت مؤخرًا خلال عملية تقييم المواهب، لذلك سوف تتكوَّن لديهم صورة واضحة عن المرشحين الداخليين (الذين يعملون داخل المؤسسة)، ولكن من المهم أيضًا أخذ المرشحين الخارجيين بالحسبان عند تخطيط التعاقب الوظيفي. إذا لم يتوفَّر أي مرشَّح بإمكانه تولِّي المنصب خلال فترة زمنية قصيرة أو متوسطة أو طويلة، فيجب وضع كلمة «خارجي» مباشرةً بجوار اسم هذا المنصب، وحتى إن كان هناك مُرشَّحين داخليين، فإنَّه ينبغي تسجيل أسماء أي مرشحين خارجيين حسب مُقتضى الحال.

إنَ عمليتي تقييم المواهب وتخطيط التعاقب الوظيفي ينتج عنهما نقاشات ممتازة ومعلومات دقيقة جدًّا عن حالة المواهب التي توجد في المؤسسة. يُشرف موظفو الموارد البشرية على تنفيذ كلتا هاتين العمليتين بالتعاون الوثيق مع إدارة المؤسسة، ويُسجِّلون المعلومات والنتائج النهائية التي يُتوصَّل إليها خلال الجلسات، والتي تتضمَّن: خطة التعاقب الوظيفي النهائية، ومصفوفة 9-box النهائية، وإجراءات التطوير الوظيفي التي حُدِّدت خلال جلسة تقييم المواهب.

الإجراءات والنتائج

تقدّم هذه المعلومات لموظفي الموارد البشرية المعرفةَ الكافية التي تُمكِّنهم من تسيير عملية تنمية المواهب وتدريب المديرين على الإجراءات اللاحقة اللازمة للبدء في عملية التطوير الوظيفي. من الأمثلة على هذه الإجراءات التي قد تُتخذ بالاستناد إلى نتائج اجتماعات تخطيط التعاقب الوظيفي وتنمية المواهب: التدريبات، ومهام صقل المهارات، والتقييمات الفردية، وخطط التطوير الفردية.

  • الخطط التدريبية: تحدِّد فعاليات التعلُّم التي يمكن أن يستفيد منها الفرد، سواء في قاعات دراسية أم عبر الإنترنت.
  • مهام صقل المهارات: قد تكون مناسبة للموظفين تحت الاختبار أو للموظفين الذين يرغبون في تولِّي المزيد من المسؤوليات.
  • التقييمات الفردية: من الأمثلة عليها تقييم 360 درجة (360 assessment)، وتُعدُّ هذه التقييمات أداة تطويرية جيِّدة لتزويد الموظف بالتغذية الراجعة من المدير أو الأقران أو المرؤوسين أو الزبائن أو غيرهم من الأشخاص الذين يتفاعلون مع الموظف باستمرار.
  • خطط التطوير الفردية: تُعدُّ وسيلة مهمة ينبغي على الموظفين استخدامها من أجل تحديد أهداف وأنشطة التطوير الشخصي الخاصة بهم، ومن أجل متابعة وضعهم الحالي ومراقبة التقدُّم الذي يُحرزونه في سبيل تحقيق هذه الأهداف.

كما ذكرنا، فإنَّ تنمية المواهب هي مجموعة من العمليات التي تُنفَّذ على مستوى المؤسسة والتي تساعد على تقييم مواطن القوة ومواطن الضعف في المواهب داخل المؤسسة. على الرغم من أنَّ العديد من عمليات تنمية المواهب تُنفَّذ بشكل جماعي، إلا أنَّ نتائجها ينبغي أن تكون ذات طابع فردي، ويمكن تحقيق ذلك من خلال الاستعانة بمجموعة من الوسائل والاستراتيجيات المخصَّصة لتطوير الموظفين وتحسين أدائهم. يُعدُّ قسم الموارد البشرية مصدرًا أساسيًا لهذه الوسائل والاستراتيجيات، ولذلك له دور مهم في تحديد طبيعة المواهب المستقبلية التي ستتوفَّر في المؤسسة.

الخلاصة

تُعدُّ إدارة الموارد البشرية مجالًا معقدًا وصعبًا نظرًا لطبيعة الفئة التي يُركّز عليها هذا المجال، ألا وهي: بَني الإنسان. عندما نعمل مع غيرنا من الناس، فإنَّ ما يحدث هو أنَّنا نبدأ في فهم دوافعهم الظاهرة ودوافعهم الخفية (النوايا والعواطف) التي تزيد من تعقيد العمليات والمهام الموضَّحة في مقالاتنا السابقة. بالإضافة إلى ذلك، فإننَّا ندرك بأنَّ المؤسسة ما هي إلَّا مجموعة من الأفراد، وأنَّ لإدارة الموارد البشرية دورٌ مهمٌ في التأكُّد من أنَّ الفلسفات والهياكل والعمليات القائمة تُسهم في توجيه الموظفين وتدريبهم وتحفيزهم على تقديم أفضل ما لديهم في سبيل نجاح المؤسسة.

ترجمة -وبتصرف- للفصل Talent Development and Succession Planning من كتاب Principles of Management

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...