اذهب إلى المحتوى

من المعروف أن فناني السيرك يؤدون عروضهم بتوازن تام، فيتمكنون من حمل العديد من الصحون في الهواء بكل ثقة وكأنهم يمارسون حيلًا سحرية؛ لكن التوازن ليس بحاجة إلى حيل سحرية، إنما يتطلب فقط التركيز والمهارة، ففي حال فقد فنان السيرك توازنه في صحن واحد فإن بقية الصحون ستسقط جميعها.

كما هو الحال في عرض السيرك، فإن إدارة المشروع هي عملية توازن، فعلى مدار دورة حياة المشروع، يواجه المشروع قيودًا مختلفة، مثل الوقت والتكلفة والمخاطر؛ وتقع على عاتق مدير المشروع الناجح مسؤولية تعلم كيفية تحقيق التوازن في هذه القيود لتعزيز أداء المشروع. سنتحدث فيما يلي بالتفصيل عن قيود المشروع ونشرح كيفية التعامل معها.

ما هي قيود المشروع؟

قيود المشروع هي العوامل المقيِّدة التي يجب موازنتها باستمرار طوال دورة حياة المشروع، مثل الزمن والتكلفة والمخاطر. على سبيل المثال، قيد التكلفة يعني محدودية المشروع بميزانية معينة، وقيد الزمن يعني محدودية الجدول الزمني للمشروع. من الضروري دراسة هذه القيود وفهمها، فهي تؤثر على أداء المشروع.

تؤثر معظم قيود المشروع أيضًا على بعضها البعض، ولذلك فإن إدارة القيود أمر ضروري لنجاح المشروع، ففي حال قررنا تمديد الجدول الزمني مثلًا، فمن المرجح أن نحتاج أيضًا إلى المزيد من المال لإتمام المشروع، كما أن نطاق المشروع سيتوسع بطبيعة الحال عند زيادة الزمن والتكلفة.

02-القيود-الستة-في-إدارة-المشاريع.png

هناك ستة قيود شائعة يجب أخذها بالحسبان أثناء تقدم مراحل إدارة المشروع، وسنتحدث عنها بالتفصيل ونشرح كيفية التعامل معها. ومهما كان نوع المشروع، فإن استخدام أداة لإدارة المشاريع سيساعد على استعراض برنامج المشروع ومعالجة القيود كافةً في مكان واحد.

القيود الثلاثية في إدارة المشاريع

تُعرَف أيضًا بمثلث إدارة المشاريع أو المثلث الحديدي، وهي النطاق والتكلفة والزمن، ويجب موازنة هذه العناصر الثلاثة في جميع المشاريع، رغم أن الأمر تتخلله بعض الصعوبة، نظرًا لأن هذه العوامل تؤثر ببعضها البعض.

لا بد من تقديم بعض التنازلات عند موازنة النطاق والتكلفة والزمن، ويجب أن تقرر ما الذي ستضحي به للحفاظ على انتظام المشروع وفعاليته.

على سبيل المثال، يبقى المشروع ضمن النطاق في حال بقيت كل من الميزانية والوقت المخصص ثابتَين؛ أما في حال أردنا إنهاء المشروع بوقت أقصر، فيجب أن ينخفض النطاق أيضًا من أجل الحفاظ على التوازن بالنسبة للميزانية، إلا إذا كنا قادرين على رفع ميزانية المشروع.

03 موازنة القيود الثلاثية

النطاق

يشير النطاق إلى حجم المشروع من حيث الجودة والتفاصيل والمخرجات. ويُعَد كل من الوقت والمال تابعَين لنطاق المشروع، فكلما زاد نطاق المشروع، فإنه سيتطلب المزيد من الوقت والمال لإنجازه.

يجب الحذر من مشكلة توسع النطاق scope creep في كل مرحلة من مراحل المشروع، وبذل الجهد لتجنب الوقوع فيها من خلال إعداد خطط مفصلة للمشروع، وأخذ توقيع الأطراف المعنية لكل الجوانب قبل أن تبدأ عملية الإنتاج.

التكلفة

تتضمن التكلفة ميزانية المشروع الكلية وجميع متطلبات المشروع ذات القيمة المادية، ومن الأمثلة على العناصر التي قد تندرج ضمن قيود التكلفة:

  • تكلفة المشروع
  • رواتب أعضاء الفريق
  • تكلفة المعدات
  • تكلفة المَرافق
  • تكلفة الإصلاحات
  • تكلفة المواد

يتضمن هذا القسم جميع العناصر التي تتطلب الاستعانة بالموارد المالية للشركة.

الزمن

إنّ إدارة الوقت عامل أساسي لنجاح المشروع، ولا بد من التصادم مع الكثير من من القيود الزمنية في كل مرحلة من مراحل المشروع؛ وهنا إذا حاولنا تمديد الجدول الزمني للمشروع فستترتب علينا عواقب مثل تأخر وقت التسليم أو الحاجة لإجراء تعديلات على تقويم الفريق أو تقليل الوقت المخصص للتخطيط، ومن الأمثلة على العناصر التي قد تندرج ضمن قيود التكلفة:

  • الجدول الزمني العام للمشروع
  • ساعات العمل على المشروع
  • التقويم الداخلي والأهداف
  • الوقت المخصص للتخطيط والإستراتيجية
  • عدد مراحل المشروع

يُطلَق على النطاق والتكلفة والزمن اسم المثلث الحديدي، لأن هذه القيود الثلاثة من الصعب التلاعب بها عند السعي للحفاظ على جودة المشروع. على سبيل المثال، إذا قررنا تقليص ميزانيتنا أو توسيع نطاق المشروع، فمن المرجح أن نحتاج إلى تعويض ذلك عبر عامل الوقت، من خلال تمديد الموعد النهائي أو زيادة ساعات العمل أو تعديل برنامج المشروع.

وكما ذكرنا، فإن النطاق والتكلفة والزمن هي القيود الثلاثية لإدارة المشاريع، لكن هناك ثلاثة قيود أخرى قد نواجهها في دورة حياة المشروع؛ وهي المخاطر والموارد والجودة.

المخاطر

مخاطر المشروع هي أي حوادث غير متوقعة يمكن أن تؤثر على المشروع؛ وغالبًا ما تؤثر المخاطر سلبًا على المشروع، لكن يمكن أن يكون لها أحيانًا تأثيرات إيجابية. على سبيل المثال، إذا نزل منتج تقني جديد إلى السوق أثناء تقدم مشروعنا فربما يساعدنا هذا المنتج على إنهاء المشروع بصورة أسرع، أو ربما يقلل من قيمة منتجنا في السوق إذا كان منافسًا له.

يمكن تحديد مخاطر المشروع من خلال تحليل المخاطر واستخدام إستراتيجيات إدارة المخاطر لتجنبها. ومن المخاطر التي قد نواجهها:

  • محدودية الموارد
  • حوادث العمل
  • قصور الأداء
  • قلة الوضوح
  • توسع نطاق المشروع
  • التكاليف المرتفعة
  • ضيق الوقت

من المهم استخدام سجلّ المخاطر لتقييم احتمالية كلٍّ من المخاطر وشدته، ثم إعطاء الأولوية لتخفيف المخاطر الأشد والأرجح احتمالًا.

الموارد

ترتبط الموارد ارتباطًا وثيقًا بقيود التكلفة، فالموارد هي عبارة عن متطلبات للمشروع لها تكلفة مالية. وبغياب التخصيص السليم للموارد، يمكن أن يعاني المشروع من ضعف الجودة وزيادة الميزانية وتأخر الجدول الزمني.

من الموارد التي يحتاج إليها المشروع:

  • الموارد البشرية
  • المعدات والمواد
  • المَرافق
  • البرامج

من المهم استخدام خطة لإدارة الموارد لضمان الحصول على الموارد التي نحتاجها لكل عنصر في المشروع، تجنبًا للتأثير السلبي لهذا القيد على جوانب أخرى للمشروع.

الجودة

جودة المشروع هي قياس لمدى تلبية مُخرجاته للتوقعات الأولية. تؤثر جميع القيود الأخرى في جودة المشروع، لأن الجودة هي النتيجة النهائية للمشروع، ومع ذلك فهي تُعَد قيدًا مستقلًا بحد ذاته؛ لأن بعض العوامل التي تؤدي إلى نقصان الجودة ليست مرتبطةً بالتكلفة أو الزمن أو الموارد أو الخطورة أو النطاق، نذكر منها:

  • ضعف التواصل
  • ضعف مهارات التصميم أو التطوير
  • التغييرات الكبيرة التي تطرأ على المشروع

لتحقيق أداء احترافي للمشروع، يجب معالجة جودة المشروع باعتبارها كيانًا مستقلًا، مع الحفاظ على موازنة القيود الخمسة الأخرى التي يؤدي الفشل في معالجتها إلى ضعف جودة المشروع وتدني رضا العملاء.

كيفية إدارة قيود المشروع

يمكن استخدام بعض الاستراتيجيات لإدارة قيود المشروع وموازنتها عندما تؤثر على سير العمل، ويتضمن ذلك استخدام منهجيات إدارة المشاريع، مثل دليل PMBOK لمراحل إدارة المشروع، أو ممارسات أجايل التي تشجع على المرونة والتعاون.

يمكن أيضًا اتباع النصائح التالية لتعزيز خطة إدارة المشروع:

04-معالجة-قيود-إدارة-المشاريع.png

  1. فهم القيود: لا يمكن التعامل مع القيود قبل فهمها جيدًا، وبمجرد التعرف عليها والإحاطة بها، يصبح بإمكاننا وضع خطة مناسبة لمعالجتها. على سبيل المثال، أثناء مرحلة التخطيط للمشروع، يمكننا تقييم المخاطر المحتملة والموارد اللازمة وتكلفة هذه الموارد
  2. التخطيط ووضع إستراتيجية: عندما نضع بالحسبان جميع القيود الستة الشائعة أثناء إعداد خطة المشروع، يمكننا المضي قدمًا مع امتلاك رؤية أوضح لما هو قادم. يجب أن تتضمن خطة المشروع إستراتيجيات لموازنة القيود الثلاثية المتمثلة بالنطاق والتكلفة والزمن، وأخرى للتعامل مع القيود الإضافية مثل محاولة تجنب مخاطر المشروع
  3. التحكم بجودة المشروع: يمكن السيطرة على جودة المشروع من خلال المراقبة المستمرة لخطة المشروع وعملياته، فعندما يتعامل الفريق مع مهمات مختلفة أثناء مرحلة التنفيذ، لابد من الحرص على استخدام برنامج لإدارة المشروع بهدف ضمان بقاء الجميع على المسار الصحيح، وإنشاء آلية للتحكم في التغييرات لتجنب توسع نطاق المشروع عند حدوث أي تغيير
  4. إدارة المخاطر: يجب استخدام تحليل المخاطر لتحديد المخاطر المحتملة وتقييمها والاستعداد لها. بوجود خطة متينة لإدارة المخاطر، يمكن إبقاء معظم مخاطر المشروع السلبية تحت السيطرة والاستعداد لأي مخاطر غير متوقعة
  5. التواصل الفعال: لا شك بأن عملية التواصل عامل أساسي لنجاح التعامل مع قيود المشروع. وبغياب التواصل الفعال، قد نعتقد أننا ننجح في موازنة القيود في الوقت الذي يقوِّض فيه أحد أعضاء الفريق جهودنا من غير درايةٍ منه؛ أما عندما نناقش جميع جوانب المشروع مع الفريق فيمكن التعاون على تحقيق أهداف المشروع
  6. التحلي بالمرونة: المرونة شرط أساسي للتمكن من موازنة القيود، إذ سنضطر أحيانًا إلى تقديم تنازلات وتفضيل عنصر على آخر من أجل البقاء ضمن نطاق المشروع. وبغياب المرونة، سنضطر في النهاية إلى التضحية بجودة المشروع. من المهم هنا تذكر أن الأولوية دائمًا هي نيل رضا العملاء والأطراف المعنية، مما يعني القبول بالتنازلات عند الضرورة.

التتبع الآني للقيود عبر أدوات إدارة المشاريع

يمكننا تتبع القيود في كل مرحلة من دورة حياة المشروع لضمان أن تلبي الجودة توقعات الأطراف المعنية. وعندما نكون بحاجة إلى ضبط أحد القيود مثل الجدول الزمني للمشروع، فلا بد من التفكير أولًا في كيف سيؤثر ذلك على القيود الأخرى للمشروع مثل التكلفة والنطاق، ثم المقارنة بين القيود بما يتناسب مع مصالح المشروع.

تساعد أدوات إدارة المشاريع على استعراض القيود آنيًا، كما تسمح بسهولة التحكم بعناصر المشروع ومشاركة المعلومات مع الآخرين.

خاتمة

بهذا نكون قد تعرفنا على أبرز قيود المشاريع التي يمكن مصادفتها خلال العمل على أي مشروع، وقدمنا الحلول المناسبة للتعامل معها، والتي يمكن تجريبها والتدرب عليها خلال مشاريعك الحالية والقادمة.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال ‎6 project constraints and how to manage them for project success.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...