اذهب إلى المحتوى

بعد أن تعرفنا في مقال مدخل إلى الوعي بالعلامة التجارية على ماهية الوعي بالعلامة التجارية وعلى الوعي بالإعلام سنتعرف في هذا المقال على تأثير الوعي بالسعر ودوره في بناء الوعي بالعلامة التجارية. إن معرفتنا لكيفية فهم المستهلكين للإعلان والسعر وطريقة معالجتها في عملية تقييم المنتجات واختيارها سيسهل علينا بناء استراتيجية تسعيرية مناسبة ليرتبط السعر بقيمة وفوائد المنتج وليشكلوا بعد ذلك الوعي بالعلامة التجارية.

يعد التسعير أحد المكونات الرئيسية لخطة العمل Business Plan؛ أي أنه نشاط استراتيجي يؤثر على كيفية رؤية المستهلكين لمنتجك ومكانتك في السوق وتمييز منتجك عن منتجات منافسيك، ومع ذلك يجب أن يتماشى السعر الذي تحدده مع استراتيجيات التسويق الأخرى وسمات المنتج. سواء كنت بصدد تطوير خطة تسويق رسمية أم لا، فإن إجراء بعض الأبحاث اللازمة لخطة التسويق قبل تحديد استراتيجيات التسعير أمر بالغ الأهمية. ستساعد المعرفة المكتسبة من البحث ومعرفة شخصية العميل Persona في تحديد الأسعار المناسبة لمنتجاتك أو خدماتك.

ما هو الوعي بالسعر Price Awareness

استحوذ مفهوم الوعي بالسعر Price Awareness على اهتمام الباحثين خلال العقود القليلة الماضية وحاول كل واحد منهم صياغة تعريف شامل له فبعضهم عرفه على أنه "قدرة المشترين على إبقاء الأسعار في الذهن"، والبعض الآخر عرفه بأنه "درجة معرفة المشترين بأسعار المنتجات والخدمات البديلة التي يرغبون في شرائها" والعديد من التعاريف الأخرى التي تدور في نفس المعنى. تتألف تركيبة الوعي بالسعر غالبًا من خلال قدرة المستهلكين على:

  1. معرفة سعر المنتج الذي اشتراه مؤخرًا.
  2. تصنيف منتجات عديدة اعتمادًا على أسعارها.
  3. تمييز سعر منتج معين.

ويختلف المستهلكين أيضًا في طريقة معرفتهم بالسعر وينقسمون إلى ثلاثة أقسام وهي:

  1. يعرفون السعر معرفة دقيقة.
  2. يعرفون مجال السعر وليس لديهم اطلاع كامل الأرقام الدقيقة.
  3. لا يعرفون السعر الدقيق ولا مجال السعري.

يؤثر السعر على مبيعات العلامة التجارية كما يعدّ من أهم عناصر المزيج التسويقي الأربعة (وهي المنتج والسعر والتوزيع والترويج وسبق أن تحدثنا في مقال مفصل عن تأثير عناصر المزيج التسويقي على سلوك المستهلك ننصحك بالاطلاع عليه)، كما تؤثر الاستراتيجية التسعيرية على مدى نجاح الشركة وقدرتها على تحديد ذلك بدقة ضمن خطتها، إذ يهتم المدير بخصائص المنتج لينتقل بعدها ليضع سعرًا لهذا المنتج، ومن ثم يقرر كيف سيُوزعه ويوصلهُ للزبائن، ومن ثم اختيار الطريقة المثلى لترويجه، وبما أن إدارة الشركة تسعى وراء العائد دائمًا، فإن من الواضح أن السياسات المتعلقة بالسعر تعدّ مهمة جدًا باعتبار أن أرباح المنتجات هي العنصر الوحيد الذي يولد العوائد أما باقي العناصر فينتج عنها تكاليف.

عملية التسعير

تنطوي عملية التسعير على الكثير من النشاطات وكل نشاط يتأثر بالآخر وتتناغم هذه النشاطات لتشكل لدينا سمفونية سيسمعها العميل ليقرر بعدها هل يشتري المنتج أم لا، ولنفهم كيف يؤثر السعر في ذهن المستهلك سنستعرض جميع المراحل الأساسية التي تمر بها عملية التسعير وانعكاسها على المستهلك.

في البداية تمر أي شركة أو علامة تجارية بالخطوات التالية قبل تسعير منتجاتها:

  1. تحديد الأهداف المالية والتسويقية والإستراتيجية العامة للشركة.
  2. تحديد أهداف المنتج أو العلامة التجارية.
  3. مرونة أسعار المستهلك ونقاط السعر.
  4. الموارد المتاحة للشركة.

ولكي نستطيع تحديد الأهداف السابقة سنحتاج للإجابة على بعض الأسئلة التي ستُساهم في تكوين صورة عامة عن وضع الشركة الحالي ومن أبرز الأسئلة نذكر:

  • ما مزيج المنتجات أو الخدمات التي تقدمها شركتك؟
  • ما هو السوق أو الأسواق المستهدفة؟
  • هل تخطط لتوزيع منتجك بالجملة أم التجزئة؟
  • ما هي دورة حياة منتجاتك أو خدماتك؟
  • ما هو الطلب المتوقع على المنتج؟
  • هل يمكن أن تملي كيانات أخرى (مثل الحكومات أو لجان مكافحة الاحتكار) على الشركة نطاق سعري معين؟

يحدد مزيج المنتجات المتوفرة لدى الشركة استراتيجيات التسعير فإما سيَحدُ من تنوع التسعير أو يوسعها لأن المنتجات الكثيرة توسع من تنوع الأسعار والعروض وفي حال المنتجات قليلة ستكون الخيارات محدودة، بالإضافة إلى ذلك يساعدك معرفة التركيبة السكانية للسوق الذي تستهدفه في تحديد استراتيجيات التسعير المناسبة. فمثلًا هل العملاء المستهدفين مهتمون بالقيمة المضافة الخارجية (مثل التوصيل المجاني)؟ أو الجودة العالية (مثل جودة المواد الخام للمنتج)؟ أو أنهم مهتمون بانخفاض التكلفة فقط؟

بالإضافة إلى ذلك تؤثر طريقتك في توزيع المنتج على أهداف التسعير فمثلًا يمنحك التسويق بالتجزئة تحكمًا أكبر بالمقارنة مع التسويق بالجملة في كيفية تجميع المنتجات وعرضها وتسعيرها، ويمكن أن تؤثر دورة حياة منتجك على اختيارك لأهداف واستراتيجيات محددة. فمثلًا في المنتجات التي تكون دورة حياتها التقديرية قصيرة، سيكون من الضروري بيع كميات أكبر من المنتج أو تحقيق هوامش ربح أكبر من المنتجات التي تكون دورة الحياة فيها أطول. تمنحك دورات الحياة الأطول مزيدًا من الوقت لتحقيق هدف المبيعات الخاص بك.

عندما يُتوقع أن يكون الطلب على منتج مرتفعًا، يكون لديك المزيد من المرونة في اختيار استراتيجيات التسعير لأن العملاء من غير المرجح أن يهتموا بالسعر والتعبئة لأنهم يريدون حقًا منتجك. كما يجب الانتباه إلى أن بعض المنتجات مثل الحليب لديها لوائح تفرضها الحكومة تُحدد فيها السعر الواجب بيعها للمستهلك ولمكافحة عمليات الاحتكار أيضًا لذلك يجب على المسؤول عن التسعير أن يتابع اللوائح التي تصدرها الدولة لتجنب الوقوع في مشاكل.

الفرق بين السعر والتكلفة والقيمة

تعد عملية التسعير من أكبر مسببات الصداع لدى مدراء الشركات لما لها من أهمية كبرى في وجود الشركة في السوق وهي من القرارات الاستراتيجية وتتسم بدرجة عالية من التعقيد والتداخل بسبب المتغيرات الكثيرة التي تتضمنها، وانعكاسها على مجمل أنشطة الشركة التي تقودها إلى تحقيق الأرباح وبالتالي الاستمرار والنمو، وأي قرار خاطئ في عملية التسعير سيؤثر ليس فقط على المبيعات وإنما على وجود الشركة وسمعتها في السوق كما أن استراتيجية التسويق ستتأثر تأثرًا كبيرًا باستراتيجية التسعير. ولكي نضمن اتخاذنا الخطوات الصحيحة يجب أن نتوسع في فهم كل مصطلح نستخدمه في هذه العملية. في الحقيقة غالبًا ما تتداخل مفاهيم السعر والقيمة والتكلفة لنستعرض معًا الفروقات بين هذه المصطلحات حتى نوضح أهمية كل منها.

السعر Price

السعر هو المبلغ الذي يتقاضاه البائع من المشتري مقابل أي منتج أو خدمة والتي تشمل التكلفة Cost وهامش الأرباح Profit Margin. يعتمد سعر المنتج أو الخدمة على كمية العرض والطلب. تحاول هذه القوتان المتعارضتان تحقيق التوازن دائمًا كي تتوافق كمية المنتجات أو الخدمات المقدمة مع طلب السوق. وتتغير الأسعار مع تغير ظروف السوق. يذكر أنه في بعض الأحيان تستخدم كلمات بديلة للتعبير عن السعر مثل:

  1. الرسوم: مثل رسوم الجامعات أو مراكز التدريب.
  2. الاقساط: مثل أقساط السيارة.
  3. الإيجار: مثل استئجار البيوت أو الآلات.
  4. الأجرة: مثل وسائل النقل.

التكلفة Cost

يمكن تعريف التكلفة على أنها المبلغ الإجمالي الذي ينفق على المنتجات مثل الأرض والعمالة ورأس المال والآلات والمواد والضرائب وكل الأمور التي تدخل في سلسلة إنتاج منتج معين أو توفير الخدمات ما. أي ببساطة هو أي شيء يضيف كُلفة على المنتج أو الخدمة التي تصنعها الشركة. من الضروري عند تحديد السعر حساب جميع التكاليف بدقة كبيرة لأنها ستؤثر على ربحية الشركة إلى حد كبير. تقسم التكاليف عادة إلى قسمين وهما:

  • التكلفة الثابتة: هي التكاليف التي تظل كما هي بغض النظر عن عدد الوحدات المنتجة، مثل الإيجار، والتأمين الصحي، واستضافة المواقع وما إلى ذلك …إلخ.
  • التكلفة المتغيرة: يسمى نوع التكاليف، الذي يختلف مع عدد الوحدات المنتجة، بالتكلفة المتغيرة، مثل المواد الخام والعمالة وتكلفة الشحن وما إلى ذلك.

القيمة Value

يمكن وصف القيمة بأنها الفائدة التي يجنيها العميل من المنتج أو الخدمة التي تقدمها الشركة. بعبارة أخرى هي الفوائد أو المميزات التي يدركها العميل من المنتج أو الخدمة. يمكن أن تكون المميزات عبارة عن الخصائص المادية أو الوظيفية أو موثوقية المنتج أو سهولة الاستخدام أو المظهر أو دعم العملاء أو جميع ما سبق. تتميز القيمة ببعض الخصائص نذكر منها:

  • لا تقاس بطبيعتها: وذلك لأن قيمة المنتج تختلف باختلاف الأشخاص، فمثلًا بالنسبة للشخص الذي يعاني من مشكلة في النظر فإن النظارات لا تقدر بثمن ولكن إذا كان نظر الشخص سليم، فإن النظارات لا قيمة لها في حياته لذلك تعتمد القيمة على حاجة للفرد وفائدة المنتج له.
  • اختلاف القيمة من وقت لآخر: فمثلًا قيمة الكتاب للطالب قبل الامتحانات أكبر بكثير من قيمته بعد الامتحان.
  • اختلاف القيمة بحسب نسبة العرض والطلب في السوق: فمثلًا لنفترض أن هناك محلًا للبيع في منطقة مكتظة جدًا في السوق بالتأكيد سيكون لديه المئات من المشترين وهذا هو ارتفاع الطلب بسبب الموقع المناسب، وفي حال كانت المحال المجاورة مختلفة عن نشاط المحل سيكون عندها العرض منتجات هذا المحل أقل، وبالتالي ستكون القيمة عالية لهذا المحل ويمكن أن يستغل صاحب المحل ذلك ويرفع من أسعاره.
  • اختلاف القيمة من مكان لآخر: فمثلًا قيمة الملابس الصوفية ستكون أعلى في المناطق الباردة بالمقارنة مع المناطق الصحراوية.

العرض والطلب على المنتجات

أهداف التسعير

تُحدد أهداف التسعير أثناء وضع الأهداف التجارية والمالية للعلامة التجارية. يمكن لعناصر خطة عملك أن توجه اختياراتك لهدف التسعير وطريقة تنفيذ الاستراتيجيات والخطط المستقبلية. فإذا كان أحد أهداف عملك العامة هو أن تصبح رائدًا في السوق من خلال الحصة السوقية لمنتجك، يمكن أن يكون تعظيم هامش الربح هو هدف التسعير الأنسب لشركتك خصيصًا إذا كانت خطة عملك تتطلب نموًا في الإنتاج في المستقبل القريب لأنك ستحتاج إلى تمويل للمرافق والعمالة. وعمومًا يمكن تصنيف أهداف التسعير إلى ثلاث أهداف وهي:

  1. التسعير الموجهة للربحية Profit-Oriented Pricing.
  2. التسعير الموجه للمبيعات Sales-Oriented Pricing.
  3. أهداف التسعير وفق المنافسين Competitor-Oriented Pricing.

التسعير الموجهة للربحية Profit-Oriented Pricing

وهي الأهداف التي تركز على الأرباح كمحور مركزي للقرارات، وتتنوع أهداف التسعير الموجه للربحية وكل هدف له سياسة تسويقية وتنفيذية مختلفة كما هو الحال في معظم الأهداف التسويقية تحتاج أهداف التسعير إلى أن طريقة لقياسها للتحقق بشكل دقيق، وبناء على نتائج القياس توازن الأهداف مع النتائج التي استطاعت الشركة تحقيقها ومدى التقدم الحاصل في بلوغ الهدف.ولكن حتى نستطيع زيادة الأرباح أو تعظيمها يجب أن نفهم العميل والمنتج فهمًا عميقًا وفي طريقنا لتحقيق ذلك يجب أن نجيب على بعض الأسئلة المهمة التالية:

  • ما أبرز الجوانب التي نريد معرفتها عن العملاء الذين نستهدفهم (الدراسة أو العمر أو عدد أفراد الأسرة …إلخ)؟
  • ما هي أبرز المشاكل التي يواجهونها والمتعلقة بالمنتج أو الخدمة التي نقدمها؟
  • ما هي الحلول المقترحة لهم؟
  • ما معايير العملاء الذين يشترون المنتجات أو الخدمات الحالية؟
  • هل العميل يقدر فعلًا قيمة المميزات الموجودة في المنتج؟
  • ما مدى رضاهم عن الجودة؟
  • هل العملاء حساسون للسعر؟ وما مدى حساسيتهم؟

بعد أن فهمنا العميل والمنتج يجب أن نحدد وجهتنا الدقيقة في الربحية، ومن أبرز تطبيقات التسعير الموجهة للربحية نذكر:

  1. تعظيم الأرباح Profit Maximization.
  2. الأرباح المرضية Satisfactory Profits.
  3. العائد على الاستثمار Return On Investment.

1. تعظيم الأرباح Profit Maximization

يهدف التسعير في هذه الحالة إلى تحديد أسعار تؤدي إلى رفع الإيرادات الكلية للشركة بأكبر قدر ممكن بالمقارنة مع التكاليف الإجمالية كما أن رفع الأسعار يجب أن يكون منطقي وغير مبالغ به، ولا يجب على الشركة رفع الأسعار إذا كانت الشركة في مركز احتكاري في حال كونها الوحيدة في السوق لأن ذلك سيعطي انطباعًا سيئَا لها، بالإضافة إلى ذلك يجب ألا تتجاوز الأسعار القيمة المدركة للمنتج Product Perceived Value وتلعب قدرة المشتري الشرائية والبيئة الاقتصادية للدولة دورًا مهمًا في تحديد السعر الأعظمي.

في بعض الأحيان عندما يعتمد المدراء على تعظيم الأرباح للمنتجات يحاولون زيادة القيمة المضافة للمنتج من خلال التوصيل المجاني أو الخدمات المرفقة المجانية كما يحاولون أيضًا تقليل التكاليف من خلال زيادة كفاءة للموظفين وأتمتة بعض العمليات أو شراء المواد الأولية بكميات كبيرة …إلخ. وبعض التجار وأصحاب الأموال يتوجهون إلى القطاعات ذات الربحية العالية مثل قطاع المكياج وأدوات العناية الشخصية للنساء أو المجالات الكيميائية الطبية التي تُعطى بدون وصفة طبيب لأن أرباحها عالية جدًا إذ يمكن أن تصل الربحية في هذه المجالات إلى 90% أو أكثر في بعض الأحيان؛ في الحقيقة هذا ما يجعل هذه المجالات شديدة التنافسية!

تسيئ بعض الشركات فهم فكرة تعظيم الأرباح فتراها تركز بصورة كبيرة على تخفيض التكاليف كثيرًا بطريقة غير مدروسة سواء من خلال تسريح الموظفين أو الأقسام ذات الرواتب العالية أو تخفيض الميزانيات الخاصة بتطوير المنتجات ومن أشهر الأخطاء التي تقع بها الشركات هي تخفيض ميزانية الإعلانات فبالرغم من أن تخفيض الميزانية الإعلانية سيؤدي إلى زيادة الأرباح ولكن هذه الأرباح ستكون على المدى القصير، كما أن هذه الطريقة ستؤدي إلى انخفاض الوصول إلى العملاء الجدد وبالتالي انخفاض معدل تحويل العملاء الجدد إلى مشترين وبالتالي انخفاض أرباح الشركة على المدى الطويل؛ لذلك تعمل الشركات دومًا على إيجاد المعادلة المناسبة بين طموح الشركات لإبقاء تكاليف التشغيل منخفضة مع الحفاظ على تعظيم ربحية الشركة.

2. الأرباح المرضية Satisfactory Profits

تهدف الشركة في هذه الحالة إلى تحديد مستوى أرباح مقبول ومنطقي للشركة أي أن الشركات تسعى لتحقيق مستوى ربح يتوافق مع مستوى المخاطر التي تواجه الشركة. يمكن أن تصل الأرباح المرضية في بعض الصناعات أو الأسواق شديدة المخاطر إلى 35% وهو رقم أكبر بكثير من مستوى الأرباح الشائع 10-20%. أو أن الشركة تسعى لتحقيق نسبة الربح المشابهة للمنافسين ريثما تعزز من قوة فريقها وإمكانياتها في المستقبل لكي تستطيع عندها زيادة القيمة المضافة لمنتجاتها. في الحقيقة إن الشركات الذكية حريصة جدًا على ضمان استدامتها على المدى الطويل ولذلك فإنها تسعى لوضع أسعار منطقية وتحقيق أرباح معقولة بالإضافة إلى ذلك الأرباح المرضية للمنتجات تشجع الموزعين والموردين للاستفادة من هذا المنتج.

تعتمد شركة آبل Apple على التسعير المرضي في بعض منتجاتها، فبحسب إحصائية صادرة عن موقع Statista جاء فيها أن هامش الربح في أجهزة ماك Mac بلغ 25٪ فقط، وهذا أمر مفاجئ بالموازنة مع جودة المنتج ومكانته في السوق. يتكهن بعض الباحثين بأن شركة آبل تسعى إلى تعظيم الأرباح من خلال الوظائف الإضافية التي يمكن أن يشتريها العملاء مثل اشتراكات آبل ميوزك Apple Music وخدمة التخزين السحابي وهذه الخدمات الإضافية لها هامش ربح أعلى بكثير وهو 59٪. في الحقيقة لا نعلم بنية شركة آبل في هذا التعسير سواء أكان ذلك حقًا من أجل كسب أرباح مرضية في أجهزة الماك وجعلها متاحة لجميع طبقات المجتمع أم أنها طريقة ذكية منها للالتفاف والدوران وتشجيع المستهلكين للدخول إلى النظام البيئي Ecosystem لشركة آبل!

في الحقيقة يمكن أن تكون استراتيجية الأسعار المرضية مفيدة في الشركات التي تقع في البلدان ذات المعايير الثقافية القوية والتي تشجع على الإنصاف والإيثار والود والكرم والعطف مع الآخرين.

3. العائد على الاستثمار Return on Investment

يعد هدف العائد على الاستثمار (ويشار إليه اختصارا ROI) من أكثر أهداف الربحية شيوعًا. إذ يقيس العائد على الاستثمار إلى نسبة الأرباح مقابل الاستثمار (كنسبة مئوية). فمثلًا إذا كان رأس المال 100 مليون دولار أمريكي وتسعى الشركة لتحقيق عائد 15% على الاستثمار فهذا سيتطلب أن تكون الأرباح 15 مليون دولار أمريكي وكلّما ارتفع العائد على الاستثمار كان وضع الشركة أفضل. تسعى الشركة في هذا التوجه إلى تحقيق الربحية التي تراها مناسبة من خلال العائد على الاستثمار بغض النظر عن أسعار المنافسين وبقية التفاصيل الأخرى.

عمومًا يمكن الاعتماد على أهداف التسعير الموجهة للربحية عندما نواجه الحالات التالية:

  • تمتلك الشركة منتجات منخفضة التكلفة من خلال استطاعتها تحقيق ميزة تنافسية على مستوى التكاليف (مثلما يحدث عند استيراد كميات كبيرة من مواد أولية من الصين).
  • عندما تقود الشركة أسعار السوق في هذه الحالة ستكون أسعار الشركات المنافسة ملاحقة لأسعار الشركة القائدة ويمكن ألا يتأثر المستهلك برفع السعر.
  • يكون هناك عائد مهم مطلوب لدى إطلاق المنتجات الجديدة.
  • سهولة نسخ المنتج من قبل المنافسين وبالتالي سيكون الوقت قصيرًا لنشر المنتج وفي حال رؤية المستهلكين لأسعار المنافسين قريبة لسعر المنتج الأول في السوق عندها سيشترون المنتج الأول لأقدميته.

التسعير الموجه للمبيعات Sales-Oriented Pricing

ترتكز أهداف التسعير الموجهة للمبيعات إلى زيادة الحصة السوقية أو تعظيم المبيعات. ولتحديد التوجه الأنسب يجب في البداية تقدير المبيعات الحالية للشركة سواء نقدًا أو بعدد المنتجات المباعة، ومن المهم تحديد طريقة تقييم الحصة السوقية لأن النتائج ستكون مختلفة بحسب طريقة التقييم لنفترض مثلًا وجود أربع شركات تتنافس في سوق بحجم مبيعات كلي 2000 منتج وبعائدات كلية على مستوى الصناعة 4000 دولار أمريكي كما هو مبين في الجدول التالي:

التسعير الموجه للمبيعات Sales-Oriented Pricing

فوفقًا لعدد الوحدات المباعة تتمتع الشركة A بأكبر حصة سوقية وهي 50% ولكنها لا تمتلك سوى 25% كحصة سوقية من الإيرادات بالمقابل تستحوذ الشركة D على 15% فقط من عدد المنتجات المباعة في السوق ولكنها تمتلك أعلى حصة من إيرادات السوق 30%. نلاحظ من المثال السابق بأنه ليس من الضروري بيع كميات كبيرة للحصول على عائد مجزي على الاستثمار لذلك لا يمكننا الجزم دائمًا بأن الحصة السوقية الأعلى تعني الأرباح الأكثر لأن الكثير من الشركات التي تتصارع في الأسواق شديدة التنافسية يمكن أن تخسر المال عندما تحاول السيطرة على أكبر حصة سوقية. فمثلًا، حولت شركة بروكتر وغامبل Procter & Gamble من تركيزها على زيادة الحصة السوقية للشركة إلى زيادة العائد على الاستثمار وذلك عندما أدركت بأن الأرباح لا تتولد تلقائيًا عند زيادة الحصة السوقية.

عمومًا تتجه الشركات في هذه الاستراتيجية التسعيرية إلى تحقيق أحد الهدفين التاليين:

  1. الحصة السوقية Market Share.
  2. تعظيم المبيعات Sales Maximization.

1. الحصة السوقية Market Share

يراقب المستثمرون والمحللون تاريخ الشركات التي يريدون أن يستثمروا بها ويركزون على حالات زيادة أو نقصان الحصة السوقية بعناية لأنه يمكن أن يشير إلى ضعف القدرة التنافسية النسبية لمنتجات الشركة أو خدماتها أو فريق عملها. مع نمو السوق الإجمالي لمنتج أو خدمة، فإن الشركة التي تحافظ على حصتها في السوق تزداد إيراداتها بنفس معدل نمو السوق. تلجأ بعض الشركات إلى اعتماد الابتكار لزيادة حصتها في السوق. لأنه عادة عندما تقدم إحدى الشركات تقنية جديدة لم يقدمها منافسيها بعد، فإن المستهلكين الراغبين في امتلاك هذه التكنولوجيا سيشترون من تلك الشركة حتى ولو لم يسبق لهم التعامل معها من قبل ويمكن جدًا أن يصبح العديد من هؤلاء المستهلكين عملاء مخلصين.

بالإضافة إلى ذلك تحمي الشركات حصتها الحالية في السوق من خلال إدارة العلاقات مع العملاء Customer Relationship Management ومنع العملاء الحاليين من القفز إلى سفينة إحدى المنافسين عندما يطرحوا عرضًا جديدًا. ويمكن استخدام نفس الأسلوب -الاهتمام الكبير بالعملاء- للحصول على عملاء الشركات المنافسة ففي نهاية المطاف سيتحدثُ العملاء الراضين عن تجربتهم الإيجابية لأصدقائهم وأقاربهم الذين سيُصبحون فيما بعد عملاء جدد أيضًا. من الجدير بالذكر أن الحصول على حصة في السوق من خلال التسويق الشفهي يزيد من إيرادات الشركة دون الزيادات المصاحبة في نفقات التسويق وهذا أمر يحبذه أصحاب العلامات التجارية ويسعون إلى تحقيقه.

2. تعظيم المبيعات Sales Maximization

تسعى بعض الشركات نحو تعظيم مبيعاتها بدلًا من السعي للحصول على حصة سوقية معينة. تميل الشركات التي تسعى إلى تعظيم مبيعاتها إلى عدم التركيز على الأرباح أو المنافسة أو البيئة التسويقية طالما أن المبيعات في تزايد مستمر، فإذا كانت الشركة تعاني من مشكلات في التمويل أو كانت تواجه مستقبلًا يكتنفه الغموض فإنها تحاول توليد أكبر قدر من السيولة على المدى القريب من خلال زيادة المبيعات. ويتوجب على الإدارة عندها تبني منهجية تساعد على موازنة العلاقة بين السعر والكمية Price-quantity Relationship التي تولد أكبر سيولة من الإيرادات.

يمكن اللجوء إلى تعظيم المبيعات عندما يوجد في المخزون منتجات زائدة أو منتجات يمكن أن تكسد وتحتاج لعناية مُكلفة (مثل تبريد) لذلك لا نستغرب مشاهدة تخفيضات تتراوح بين 50% وحتى 70% بالمئة على بعض المنتجات المتعلقة بالمناسبات (مثل الشجر أو الزينة) بعد انتهاء مواسمها. وعمومًا يجب ألا نعتمد على هدف تعظيم المبيعات كهدف بعيد المدى لأن تعظيم المبيعات يمكن أن يُخفض أو يلغي الربحية.

عمومًا يمكننا الاعتماد على أهداف التسعير الموجهة للمبيعات عندما نواجه الحالات التالية:

  • السوق حساس للتغيرات الصغيرة على مستوى السعر.
  • تكاليف الإنتاج منخفضة.
  • يمكننا التوقع أو التنبؤ بانخفاض التكاليف بنسبة محددة عند زيادة الإنتاج.
  • احتمالية كبيرة لدخول منتجات بديلة إلى السوق.
  • عند الدخول إلى سوق جديد نامٍ.
  • وجود فروقات بسيطة في القيمة المدركة للمنتجات المطروحة في الأسواق.
  • الرغبة في زيادة التنافسية وتقليص فرص دخول المنافسين إلى السوق.

أهداف التسعير وفق المنافسين Competitor-Oriented Pricing

تعد استراتيجيات التسعير وفق المنافسين من أبرز الاستراتيجيات المنتشرة بين الشركات الناشئة، وفي هذه الطريقة تُحدد أسعار منتجاتك أو خدماتك بناءً على الأسعار التي يحددها أقرب منافسيك. تُطبق هذه الاستراتيجية عندما يكون المنتج متجانسًا مع بقية المنتجات والسوق شديد التنافسية. يُعرف التسعير التنافسي أيضًا باسم التسعير الموجه نحو السوق لأن الشركات تنظر في أسعار السوق بدلًا من تحليل التكاليف الخاصة بها. ومن أجل الوصول إلى فهم عميق لكيفية تسعير المنافسين يجب الإجابة على هذه الأسئلة في البداية:

  • ما هي الشركات المنافسة؟ وكم عددها؟ وما حجم حصتها من السوق؟
  • ما هي مناطق انتشار الشركات المنافسة؟ وما المنتجات التي يبيعونها؟
  • كيف يحققون مكانة متميزة وأفضلية لأنفسهم؟
  • ما هي السلبيات والإيجابيات الخاصة بمنتجاتهم المطروحة وعروضهم المقدمة؟
  • ما نوع استراتيجية التسعير التي يتبعونها؟ وكم مرة يغيرون أسعارهم في السنة؟
  • ما حجم نفقات المنافسين؟ وهل يستطيعون تحقيق الأرباح؟ وما هي نسبة أرباحهم؟
  • ما المواد التسويقية التي يستخدمونها؟ وكيف كان أداؤهم فيها؟
  • ما العروض التي لا يقدمونها ونستطيع تقديمها؟
  • كم عمر المنافسين في السوق؟ وما هو معدل نموهم؟

وللتعرف أكثر على كيفية إيجاد المنافسين والتعرف على ميزاتهم وأسعارهم، ننصحك بمتابعة جزئية البحث والتخطيط من مسار أساسيات إدارة تطوير المنتجات لدورة إدارة تطوير المنتجات المقدمة من أكاديمية حسوب.

تتجه الشركات في هذه الاستراتيجية التسعيرية إلى تحقيق أحد الهدفين التاليين وهما:

  1. الاستراتيجية التوافقية Adjustment Strategy.
  2. الإستراتيجية المتخصصة Niche Strategy.

1. الاستراتيجية التوافقية Adjustment Strategy

تعتمد الشركات في بعض الحالات على وضع أهدافها السعرية بما يتوافق مع أسعار المنافسين بهدف تحقيق الاستقرار في أسعار السوق وعدم نيتها الخوض في الحروب السعرية أو سباق السقوط إلى الهاوية. عادة ما يكون سعر المعياري هو السعر الذي يحدده زعيم السوق. تسمى هذه الاستراتيجية بالتسعير وفقًا للوضع الراهن Status Quo Pricing وعوضًا عن المنافسة بالسعر تتنافس الشركات على العناصر الأخرى من المزيج التسويقي مثل التوزيع أو الترويج والتسويق أو تطوير المنتجات أو التوصيل المجاني …إلخ.

تبنت الشركات هذه الإستراتيجية في العديد من الأسواق، بما في ذلك السفر الجوي والمنتجات البترولية والاتصالات. المتطلبات الأساسية لاستراتيجية التعديل هي هياكل تكلفة متشابهة بين قائد السوق والشركات المنافسة. تفترض الإستراتيجية أيضًا أن سياسات التسعير لزعيم السوق لا تهدف إلى إضعاف أتباع السعر، وبالرغم من ذلك تعد سياسة التسعير التوافقي سلبية وغير أمثلية لأنها تتجاهل القيمة المدركة من قبل المستهلكين لمنتجات وخدمات الشركة والشركات المنافسة. كما تتجاهل أيضًا كمية العرض والطلب في السوق.

2. الاستراتيجية المتخصصة Niche Strategy

تُحدد الاستراتيجية المتخصصة السعر من خلال التمايز عن أسعار المنافسين. أي يحدد السعر برقم لم يستخدمه أحد في السوق. يمكن لمركز السعر هذا أن يقع ضمن نطاق غير مغطى بين الأسعار الأخرى مثل أن يقع عند الطرف العلوي أو السفلي من النطاق السعري السائد. في الحقيقة كلما زاد تجزئة السوق من ناحية القوة الشرائية للمستهلك وتفضيلاته الشخصية زادت إمكانية وضع سعر مناسب وتحقيق المعادلة الرابحة. تتجه الشركات في هذه الاستراتيجية إلى طريقتين وهما:

  • التسعير المرتفع عن المنافسين: ترفع الشركات وفقًا لهذه السياسة أسعار منتجها لتكون الأعلى بين أسعار المنافسين، ويمكن أن يكون ذلك فعالًا في المرحلة الأولى من دورة حياة المنتج؛ ويمكن أن يعطي السعر انطباعًا أوليًا بارتفاع جودة المنتج وبأنه أفضل من منتجات بقية المنافسين؛ لذلك فهو يستحق التميز وتعزز الشركة هذه الفكرة من خلال التغليف المميز والأنيق وتصميم المتجر الراقي والحملات التسويقية المميزة.
  • التسعير المنخفض عن المنافسين: ويسمى أيضًا بالتسعير العدائي Aggressive Pricing أو التسعير الجائر تهدف هذه الاستراتيجية إلى تحديد الأسعار منخفضة لمحاولة طرد المنافسين وخلق أجواء احتكارية على بيع منتج محدد، ويستفيد المستهلكون من انخفاض الأسعار على المدى القصير، لكنهم يعانون إذا نجح المخطط في القضاء على المنافسة، لأن ذلك سيؤدي ذلك إلى تراجع الاختيار واحتمالية ارتفاع الأسعار بسبب الاستغلال. بالرغم من أن هذه السياسة لا تتطلب الكثير من التخطيط إلا أنها مخاطرة كبيرة يمكن أن تؤدي إلى مشاكل كارثية.

ينتهك التسعير الجائر قوانين مكافحة الاحتكار، لأنه يجعل الأسواق أكثر عرضة للاحتكار. ومع ذلك من الصعب مقاضاة مزاعم هذه الممارسة لأن المدعى عليهم يجادلون بأن خفض الأسعار جزء من المنافسة العادية، وليس محاولة متعمدة لتقويض السوق. علاوة على ذلك، لا ينجح التسعير الجائر في تحقيق هدفه دائمًا بسبب الصعوبات في استرداد الإيرادات المفقودة والقضاء على المنافسين بنجاح.

هناك بعض التطبيقات الخطرة في ممارسة التسعير العدائي منها عملية الإغراق Dumping، وهي عندما يحاول أحد المفترسين غزو سوق أجنبية جديدة عن طريق بيع البضائع هناك على الأقل مؤقتًا مقابل أقل مما يفرضونه في الأسواق المحلية. يكمن التحدي لا سيما في الأسواق العالمية المتزايدة، في منع شراء البضائع "المغرقة" في الخارج وإعادة بيعها في السوق المحلية المربحة.

حاول تحالف من الشركات الألمانية في أوائل القرن العشرين إغراق سوق الولايات المتحدة بمادة البروم Bromine والذي هو عنصر أساسي في العديد من الأدوية كما أنه عنصر حيوي في التصوير الفوتوغرافي. حاول الألمان بيع البروم في الولايات المتحدة بأقل من تكلفة التصنيع، إلا أن إحدى الشركات الأمريكية التي تدعى Dow Chemical كانت أذكى من ذلك واستجابت بذكاء على هذا الأمر من خلال شراء البروم في الولايات المتحدة وإعادة بيعه في أوروبا، مما سمح لها بتقوية قاعدة عملائها الأوروبيين على حساب تحالف الشركات الألمانية.

لحسن الحظ بالنسبة للمستهلكين فإن المنافسة بتخفيض السعر يفيدهم ويزيد من قوتهم الشرائية، بينما تكون هذه المنهجية صعبة التطبيق على الشركات وخصيصًا إذا كانت لفترات طويلة، فعلى سبيل المثال، إذا أرادت محطة وقود خفض الأسعار لفترة كافية لطرد جميع المنافسين في منطقة يكثر بها محطات الوقود لن تستطيع تحقيق أية أرباح لأن الأرباح على أٍسعار الوقود منخفضة بطبيعتها وبالتالي لن تكون المهمة سهلة. تعمد بعض الشركات إلى اعتماد التسعير الجائر عند الحالات التالية:

  • عندما يكون المنتج في مراحل مبكرة من دورة حياته.
  • في حال كانت الأسواق بحالة نمو مستمر.
  • عند وجود فرص لبناء أو الحصول على حصة سوقية كبيرة.

ولكن هل هذه كل الخيارات لدينا في التسعير؟ في عام 2005 نشر الباحثان دبليو شان كي وزميلته البروفسورة رينيه موبورن كتابًا جاء كخلاصة لأبحاثهم؛ إذ عكفوا على إجراء دراسة لـ 150 خطوة استراتيجية للشركات ضمن 30 صناعة تجارية مختلفة بعض الخطوات امتدت على مدى 100 عام، وتوصلوا إلى فكرة مفادها بأن الخيار الأفضل للشركات الجديدة التي تريد الدخول في السوق هو أن تولد طلبًا في مساحة سوق جديدة بدلًا من التنافس على نفس مساحة السوق الحالية. صاغ الباحثان هذه الفكرة ونشروها في كتابهم المميز "استراتيجية المحيط الأزرق".

استراتيجية المحيط الأزرق Blue Ocean Strategy

يرى هذان الباحثان بأن أسوأ خيار يمكن أن يتخذه مدير الشركة هي أن تتنافس مع الشركات الأخرى على السعر وإنما جعل الفكرة الأساسية للتنافسية مبنية على الإبداع والابتكار وإنشاء مساحة سوق غير متنازع عليها والاستيلاء عليها، مما يجعل المنافسة غير موجودة أساسًا. ولكن يعد إنشاء محيط أزرق أمرًا صعبًا ويتطلب عمومًا من الشركة الابتكار لدرجة التمايز وليس التميز فقط، بطريقة تخلق طلبًا غير موجود سابقًا أو غير محقق، ويتضمن الابتكار السعي وراء تحسين جودة التصنيع أو التصميم لفتح أسواق جديدة وغير تنافسية، والنتيجة هي تطوير سوق خالٍ من المنافسة ويسمح بنمو واسع النطاق.

في المحيطات الزرقاء لا يوجد تعريف محدد للسوق ولا يوجد هيكل للصناعة ولا منافسين أقوياء ويمكن إعادة بناء كل هذه المفاهيم من خلال قيادة السوق، ولكي نستطيع إنشاء محيط أزرق جديد لا بد من الإجابة على بعض الأسئلة التالية:

  • لماذا يختارنا عملاؤنا حاليًا ويبقون معنا؟
  • ماذا يفعل منافسونا؟ هل يختار عملاؤنا المثاليون منتجًا مختلفًا؟
  • أين المحيطات الحمراء؟ ما المميزات والفوائد التي نتنافس فيها وجهًا لوجه مع منافسينا؟
  • ما هو محيطنا الأزرق؟ ما الذي نقدمه لعملائنا ولا يستطيع أي شخص آخر تقديمه؟

تسعى الكثير من الشركات إلى بناء محيطات زرقاء لمنتحاتها ومن أبرز فوائد بناء المحيطات الزرقاء نذكر:

  1. إنشاء سوق بلا منازع: الهدف الأول لاستراتيجية المحيط الأزرق هو النظر إلى ما وراء الحدود التقليدية للأسواق الحالية لإنشاء سوق بلا منافسين.
  2. جعل عملية الموازنة غير منطقية: من خلال التمايز الكبير عن المنافسين تعكس هذه الاستراتيجية لجعل الموازنة مع منتجات المنافسين غير منطقية، وبذلك تكون الفرصة لإنشاء قواعد اللعبة واحترافها.
  3. إنشاء طلب جديد والتقاطه: لا تتعلق فقط بخلق طلب جديد وإنما بتلبية هذا الطلب في السوق يجب أن يكون للشركة استراتيجية توزيع قوية للسيطرة على هذا السوق الجديد. وبخلاف ذلك فإن الخطر لا يزال قائمًا.
  4. كسر مقايضة التكلفة والقيمة: المفهوم المركزي لاستراتيجية المحيط الأزرق هو كسر مقايضة التكلفة والقيمة. وبالتالي، لا يمكنك فقط تقديم المزيد من القيمة مقابل نفس سعر المنافسين. وإنما بناء استراتيجية خاصة لا تفرض عليك شروط محددة للمنافسة.
  5. تعزيز أهمية القيمة الأعلى التي تقدمها الشركة بتكلفة أقل: يدرك لاعبو المحيط الأزرق إمكانية كسر مقايضة التكلفة والقيمة. إنهم بحاجة إلى جعل هذا المبدأ ميزة مضمنة في المنظمة ككل مثل التركيز على الخصوصية أو الأمان والحماية ومحاولة إقناع جميع المستهلكين بأهمية هذه المبادئ ووضع السعر المناسب لهذه التركيبة الموجودة في المنتج.

الخاتمة

تعرفنا في هذا المقال على ماهية الوعي بالسعر واستعرضنا عملية التسعير والفروقات بين السعر والتكلفة والقيمة وفصلنا في فهم استراتيجيات التسعير وتطبيقاتها المتنوعة لنختتم المقال باستعراض استراتيجية المحيط الأزرق والتي جعلتنا نعيد التفكير في كيفية التميز في الأسواق المزدحمة ولكن كيف يدرك المستهلكين السعر؟ وهل يمكن أن يرتبط السعر المرتفع بالجودة العالية؟ أو يعزز القيمة المدركة للمنتج؟ هذا ما سنتعرف عليه في الجزء الثاني من هذا المقال.

المصادر

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...