اذهب إلى المحتوى

عندما تصون مستودعًا لمشروع مفتوح المصدر، فأنت تأخذ راية القائد، فلو كنتَ مؤسس أحد المشاريع التي أطلقتها للعموم ليستخدموها ويشاركوا فيها، أو كنت تعمل في فريقٍ وكنت تصون جانبًا من جوانب المشروع، فأنت تقدم خدمةً مهمةً إلى مجتمع التطوير.
وعلى الرغم من أنَّ المساهمات في المشاريع مفتوحة المصدر تكون عادةً عبر طلبيات pull وهي أمرٌ بالغ الأهمية للحفاظ على جودة البرمجيات وفائدتها للمستخدمين النهائيين، لكن المساهمين في المشروع ليس لهم نفس تأثير من يقوم بصيانته ويبلور الشكل العام للمشروع؛ فالصائنون يشاركون في صلب تطوير المشاريع مفتوحة المصدر، إذ يديرون المشروع وينظموه يوميًا ويطوروه، ويتفاعلون مع المستخدمين ويوفرون المعلومات اللازمة للمساهمين.
سنستعرض في هذا المقال بعض التلميحات عن صيانة المستودعات العامة للمشاريع مفتوحة المصدر. فالمسؤولون عن المشاريع مفتوحة المصدر عليهم مسؤوليات كبيرة تقنية وغير تقنية، والعمل كصائن للمشروع يعطي الفرصة للتعلم من الآخرين، وأخذ خبرة في إدارة المشاريع، ويسمح بمراقبة مراحل نمو المشروع وكيف أصبح المستخدمون العاديون مساهمين فعالين فيه.

اكتب توثيقًا مفيدًا

سيزيد التوثيق سهل الفهم (والذي سيؤدي إلى جعل البرنامج سهل الاستخدام) من قاعدة مستخدميك، ويساعد في تحويل المستخدمين إلى مساهمين في مشروعك.
عندما تفكر بالشيفرات التي تكتبها أثناء تطويرك للمشروع، وتكتب بعض الملاحظات الجانبية لتساعدك في دمج مختلف أجزاء مشروعك مع بعضها بعضًا، فسيسهل عليك البدء بكتابة التوثيق أثناء عملية التطوير؛ أو ربما تقرر أن تكتب التوثيق قبل برمجة التطبيق، متبعًا بذلك منهجية «التطوير الموجه بالتوثيق» (documentation-driven development) التي تقول أنَّ عليك كتابة توثيق ميزات المشروع أولًا ثم برمجة تلك الميزات اعتمادًا على توثيقها.
هنالك بضعة ملفات عليك وضعها في المجلد الرئيسي لمشروعك بجانب الشيفرات وهي:
- ملف README.md الذي يوفر ملخصًا عن المشروع وأهدافه.
- ملف CONTRIBUTING.md الذي يحتوي على تعليمات المساهمة في المشروع.
- رخصة مشروعك، والتي ستشجِّع الناس على المساهمة في موقعك، أرجو أن تراجع مقالة كيف تختار رخصة مفتوحة المصدر لبرامجك.
قد يأخذ التوثيق أشكالًا عدِّة، لذا عليك أن تضع نوعية المستخدمين المحتملين ومجال المشروع في الحسبان، فمن الممكن أن يأتي التوثيق بمختلف الأشكال ويكون موجهًا نحو فئات مختلفة من مستخدمي المشروع. قد تقرر استخدام شكل أو أكثر من الأشكال الآتية اعتمادًا على مجال عملك:

  • دليل عام لتعريف المستخدمين بالمشروع
  • الدروس التعليمية لعرض مختلف حالات الاستخدام
  • الأسئلة الشائعة (FAQ) للإجابة عن أكثر التساؤلات شيوعًا بين المستخدمين
  • مقالات عن استكشاف الأخطاء التي قد يواجهها المستخدمون وكيفية إصلاحها
  • مرجع للواجهة البرمجية (API) للتطبيق تسمح للمستخدمين معرفة معلومات عن الواجهة البرمجية بسرعة
  • ملاحظات الإصدار (release notes) التي تُذكَر فيها العلل المعروفة والتغييرات التي حدثت في كل إصدار
  • الميزات المستقبلية لتتبع وشرح ما هي الميزات التي ستأتي في إصدارات مستقبلية.
  • تسجيل مقطع فيديو لتعريف المستخدمين بمشروعك عبر الوسائط المتعددة.

قد تلائم بعض أشكال التوثيق السابقة مشروعك أكثر من غيرها، لكن توفير أكثر من شكل للتوثيق سيساعد مستخدمي مشروعك أن يفهموا كيف يتفاعلون معك فهمًا أعمق.
عليك عند كتابة التوثيق أو تسجيل مقطع فيديو أن تكون واضحًا قدر الإمكان، ومن الأفضل ألّا تكون عندك افتراضات مسبقة عن القدرات التقنية لمستخدمي مشروعك، ومن الأفضل أن تتبع منهجية Top-Down عند تأليف التوثيق، أي أن تشرح بداية الأمر ما الذي تفعله البرمجية بشكل عام (مثلًا: أتمتة أمور إدارة النظام، أو بناء موقع إلكتروني …إلخ.) قبل التعمق في التفاصيل.
وصحيحٌ أنَّ اللغة الإنكليزية هي اللغة الرائدة في عالم التقنية، لكن أبقِ في ذهنك مَن هم المستخدمون المتوقعون وما هي لغتهم الأم؛ فاللغة الإنكليزية هي خيارٌ جيدٌ إذا كانت لديك قاعدة مستخدمين واسعة ومن مختلف البلدان، لكن ضع في بالك أنَّ عدد كبيرًا ممن سيقرؤون توثيقك لا تكون اللغة الإنكليزية هي لغتهم الأم، لذا حاول استخدام لغة سهلة لا تُسبِّب لبسًا عند القراء، وإذا كان مشروعك موجّه لمنطقة أو لغة معيّنة مثل برنامج للتعرف على الكلام العربي فأنصحك حينئذٍ أن توفر التوثيق باللغة العربية.
حاول أن تكتب التوثيق كما لو كنتَ تكتب لأحد المساهمين الجدد الذين يريدون أن يطلعوا على حالة المشروع، فلا تنسَ أنَّك تريد أن يتحول المستخدمون العاديون إلى مساهمين.

تنظيم «القضايا»

القضايا (issues) هي طريقةٌ تستعمل لتتبع أو التبليغ عن العلل، أو لطلب ميزات جديدة لتضاف إلى البرنامج. توفِّر خدمات استضافة مستودعات المشاريع مفتوحة المصدر مثل GitHub و GitLab و Bitbucket طرائق لتتبع القضايا التي تُنشِئها وتسمح للمستخدمين بإنشائها. فمن المتوقع عند إطلاق مشروعك مفتوح المصدر أن تُفتَح عدِّة قضايا من قِبل مجتمع المستخدمين، لذا سيمثِّل تنظيم ووضع أولويات لهذه القضايا أمرًا مهمًا لتبيان خارطة الطريق لما عليك فعله للمشروع مستقبلًا.
ولأنَّ أي مستخدم يستطيع أن يفتح قضية، فلن تكون جميع القضايا لتبليغ العلل أو لطلب الميزات، فقد تأتيك أسئلة عبرها، أو قد تأتي طلبات لتحسينات صغيرة على واجهة المستخدم مثلًا. فمن الأفضل تنظيم هذه القضايا في أفضل شكل ممكن ومحاولة التواصل مع المستخدمين الذين أنشؤوها.
يجب أن تمثِّل القضايا مهامًا محددة عليك تنفيذها برمجيًا، لذا عليك تنظيمها حسب أهميتها. يجب أن يكون هنالك حدود للوقت والعمل الذي تنفقه أنت أو المساهمون في المشروع للقضايا المفتوحة فيه، ويمكنكم التعاون على اتخاذ القرارات والخروج بخطة قابلة للتنفيذ، وعندما تعلم أنَّك غير قادر على حل مشكلة معيّنة في الإطار الزمني المتاح لك، فيمكنك التعليق عليها وإخبار المستخدم أنَّك قرأت المشكلة وستفعل ما بوسعك تجاهها، وقد تستطيع أن تخبره بالوقت المتوقع للنظر في أمر هذه المشكلة مرةً أخرى.
أما لطلبات الميزات أو التحسينات، فيمكنك أن تسأل الشخص الذي أنشأ القضية إن كان يستطيع المساهمة في الشيفرة لتطبيق هذه الميزة، يمكنك توجيه المستخدمين إلى ملف CONTRIBUTORS.md أو إلى أيّة صفحات أخرى من التوثيق.
ولأن الأسئلة لا تمثِّل عادةً مهامًا محدَّدة، فالتعليق على السؤال لتوجيه المستخدم بلباقة إلى صفحة التوثيق هو خيارٌ ممتاز لإبقاء تفاعلك مع المستخدم احترافيًا ولطيفًا؛ وإذا لم يحتوي التوثيق على جوابٍ لهذا السؤال فحان الوقت لإضافة التوثيق الملائم، وتعبِّر عن شكرك للمستخدم لأنه دلّك على موضع النقص في التوثيق. إذا كنتَ تستقبل عددًا كبيرًا من الأسئلة عبر القضايا، فربما تفكر بإنشاء صفحة الأسئلة الشائعة (FAQ) في التوثيق، أو صفحات ويكي أو منتدى لتتيح للآخرين المساعدة والمشاركة في الإجابة عن الأسئلة.
وفي كل مرة يبلِّغ فيها أحد المستخدمين عن مشكلة، فحاول أن تكون لطيفًا معه قدر الإمكان، فتفاعل المستخدمين معك يعني أنَّ المشروع قد أعجبهم ويريدون جعله أفضل.
محاولة تنظيم القضايا ستجعل مشروعك محدثًا دومًا وسيشعر المستخدمون أنهم يأثرون فيه، لذا احذف القضايا التي تقع خارج نطاق مشروعك أو القضايا القديمة، وضع أولويات للبقية لكي يكون تقدمك في المشروع مستمرًا.

حفِّز المساهمين

كلما رحّبتَ بالمساهمين الجدد وكافأتهم على جهودهم لوجدت أنَّك تحفِّز مساهمين جدد ليشاركوا في مشروعك، ولكي تجذب المساهمين إلى المشروع فاحرص على تضمين ملف CONTRIBUTING.md في المجلد الرئيسي لمستودعك، وإشارة إلى ذاك الملف في README.md.
إذا أردتَ كتابة ملف جيد للمساهمين الجدد فيجب أن يتضمن كيفية بدء العمل على المشروع كمطوِّر، فقد تكتب دليلًا يوضح ذلك خطوةً بخطوة، أو قائمةً من الأمور التي يجب على المطورين اتباعها وتنفيذها، شارحًا كيف يمكن أن يدمجوا الشيفرة التي كتبوها بشيفرة المشروع عبر طلبية pull.
إضافةً إلى توثيق كيفية المساهمة في المشروع، فلا تنسَ أن تبقي شيفرات المشروع منظمة وسهلة القراءة، فإذا كانت الشيفرة سهلة الفهم وفيها تعليقات كثيرة تشرح ما تفعله وطريقة استخدامها موحدة ومتناسقة مع بعضها بعضًا فسيساهم ذلك في تحفيز المساهمين المحتملين على المشاركة في المشروع.
أقترح أيضًا أن تبقي على قائمة بالمساهمين، فيمكنك أن تجذب المساهمين عبر إضافتهم إلى القائمة بغض النظر عن حجم مشاركتهم (حتى تصحيح الأخطاء اللغوية هو مشاركة ومساهمة فعالة في المشروع، ويمكن أن تؤدي إلى مزيدٍ من المساهمات مستقبلًا). وهذا يعني أنَّك تقدِّر عمل المساهمين في المشروع وتشير إليهم أمام جميع مستخدمي مشروعك، مما يحمِّس بقية المستخدمين على المشاركة.

ابنِ مجتمعًا حول مشروعك

بتمكين مستخدميك عبر التوثيق وبالتجاوب مع القضايا وبتحفيزهم للمشاركة، فأنت في طريقك لبناء مجتمع حول مشروعك المفتوح المصدر، فالمستخدمون السعيدون بتجاوبك معهم والذين تعدُّهم على أنهم مساهمون سيحاولون الترويج مشروعك ما استطاعوا.
إضافةً إلى ما سبق، يمكنك الترويج لمشروعك بمختلف السبل:

  • التدوين
  • تسجيل ونشر فيديوهات تعريفية
  • إنشاء قائمة بريدية
  • النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي
  • التعاون مع المشاريع الشبيهة أو المتعلقة بمشروعك والترويج لها.

عليك أن تُناسِب ترويجك للمشروع مع مجاله وعدد أعضاء الفريق الفعالين والمساهمين الذين يعملون معك.
فعندما ينمو المجتمع حول مشروعك، فيمكنك أن توفِّر مساحة أكبر للمساهمين والمستخدمين والقائمين على المشروع ليتفاعلوا، بعض تلك الخيارات تتضمن:

  • برمجيات الويكي التي توفِّر توثيقًا مصانًا من المجتمع
  • المنتديات لمناقشة الميزات المحتملة وللإجابة على الأسئلة
  • قائمة بريدية للتفاعل مع المجتمع عبر البريد الإلكتروني

ضع ببالك قاعدة مستخدمي مشروعك ومجاله بما في ذلك عدد الأشخاص القائمين عليه والموارد المتاحة لك قبل أن تتوسّع في المجالات السابقة، واستشر مجتمعك عن الخيار الأفضل قبل الإقدام عليه.
وأهم من ذلك كله أن تكون لطيفًا معهم وتريهم أنَّك تهتم بهم عبر تفاعلك معهم، أعلمُ أنَّ الاتسام بصفة اللباقة طوال الوقت ليس أمرًا سهلًا، لكن ستؤتي أُكلها على المدى البعيد.

الخلاصة

يلعب صائن المستودع دورًا مهمًا في مجتمع البرمجيات مفتوحة المصدر الكبير. وصحيحٌ أنَّ هذا الدور يأخذ وقتًا وعملًا كبيرًا، لكن الخبرة التي تكتسبها خلال هذا العمل ستفيدك كمطوِّر وكمساهم، ولا تنسَ أنَّ الصائن اللطيف واللبق سيساعد في دفع عجلة تطوير المشروع الذي يهتم لأجله.
ترجمة –وبتصرّف– للمقال Maintaining Open-Source Software Projects لصاحبته Lisa Tagliaferri.

حقوق الصورة البارزة محفوظة لـ Freepik


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...