كل تطبيق أو موقع نراه أمامنا هو أكثر من مجرد كود يعمل في الخلفية، فهو تجربة متكاملة يعيشها المستخدم. يتكون أي نظام رقمي من واجهتين رئيسيتين هماالواجهة الأمامية Frontend التي يتفاعل المستخدمون مباشرةً، والواجهة الخلفية Backend، التي تدير البيانات وتعالج العمليات في الخلفية.
اقتباس" إن التصميم ليس مجرد شكل جمالي، بل هو كيف يعمل الشيء." – ستيف جوبز
ورغم أن تصميم الواجهة يقع على عاتق المصمم، إلا أننا من نترجم التصاميم إلى كود. وبالتالي، فهمنا للمبادئ الأساسية لتصميم واجهات المستخدم يضمن تنفيذها بشكل صحيح، دون إخلال بتجربة المستخدم.
فوائد تعلم أساسيات تصميم واجهات المستخدم للمبرمجين
من المهم الأخذ بالحسبان أن تعلم المبرمج لأساسيات تصميم واجهات المستخدم لن يجعله مصمم، لكنه سيجعله مبرمجًا أفضل. وهذا الفهم يفتح لنا آفاقًا جديدة، ويجعلنا أكثر احترافية، ويعود علينا بفوائد ملموسة، منها:
- تحسين تجربة المستخدم: عند فهم كيفية ترتيب العناصر بمنطقية وسلاسة أكبر، تصبح تطبيقات المبرمج أكثر سهولةً في الاستخدام
- تعزيز التعاون مع المصممين: عند استيعاب المبرمج للغة التصميم، سيكون بإمكانه تنفيذ التصاميم بدقة أكبر، وتجنب حالات سوء الفهم، مما يساهم في تسريع وتيرة إنجاز المشاريع
- زيادة فرص العمل: أصحاب المشاريع يفضلون المبرمجين الذين يمتلكون حسًا تصميميًا، لأنهم قادرون على تقديم حلول متكاملة بدلاً من مجرد تنفيذ الكود حرفيًا وفقط
- القدرة على العمل المستقل: بالنسبة للمطورين المستقلين، يُمكن أن يساهم امتلاك مهارات تصميم واجهات المستخدم في منح المبرمج ا القدرة على تنفيذ مشروعات متكاملة دون الحاجة إلى مصمم
- فهم احتياجات المستخدمين: عندما يتعلم المبرمج كيف يفكر المستخدم، سيكون بإمكانه التنبؤ بالمشاكل المحتملة في التفاعل مع التطبيق، مما يساعد على تقديم حلول أكثر ذكاءً
- تحسين التسلسل الهرمي البصري: سنعرف كيف نرتب العناصر، وكيفية استخدام الألوان، والخطوط، والمساحات بتناسق جيد لجعل الواجهة أكثر وضوحًا وسهولةً في الاستخدام
كيف يؤثر فهم أساسيات تصميم واجهات الاستخدام على كودك البرمجي؟
اللأكواد لا تُكتب لأجل أن تعمل وحسب، بل يسعى المبرمج من وراء كتابتها إلى أن تكون تجربة استخدام تطبيقاتهم سلسة، وخالية من أي عوائق غير ضرورية، لذا، لا يقتصر لا يجب أن يقتصر تفكيرنا أثناء التطوير على "إضافة زر" أو "تغيير لون" أو "ترتيب العناصر" دون أي منطقية، إنما نحرص على أن يكون لكل عنصر في التطبيق هدف واضح ومنطقي.
ومع زيادة وعينا بمبادئ تصميم واجهات الاستخدام، نصبح أكثر قدرةً على تنظيم الكود بطريقة منطقية وواضحة، يتم الفصل فيها بين المنطق البرمجي وطريقة العرض، وهذا يجعل الكود أسهل في الصيانة مستقبلًا.
إضافة إلى ذلك، تصبح إعادة استخدام المكونات Reusable Components أمرًا بالغ الأهمية. فمن خلال تصميم عناصر قابلة لإعادة الاستخدام منذ البداية، نتجنب إهدار الوقت والجهد. وكما نعلم، ففي المشاريع الكبيرة، تتحول التعديلات المتكررة في أجزاء صغيرة من الكود إلى عبء مرهق، وإذا لم نتمكن من استيعاب مفهوم المكونات القابلة لإعادة الاستخدام، قد نضطر إلى إعادة كتابة نفس الكود مرارًا وتكرارًا.
على سبيل المثال، إذا كانت لدينا عشرة أزرار على الصفحة تتشارك في نفس التصميم والوظيفة ولم نستخدم مكونًا قابلًا لإعادة الاستخدام، فسيتعين علينا تعديل كل زر على حدة عندما نحتاج إلى تغيير شيء ما لاحقًا، سواء كان ذلك التعديل على مستوى اللون، أو الشكل، أو الوظيفة؛ وهذا يعني أننا سنعيد كتابة الكود نفسه مرات عديدة، مما يستهلك منا وقتنا وجهدنا، وربما يؤدي إلى أخطاء غير متوقعة نتيجة عدم التنسيق بين التعديلات المتعددة.
لكن إذا اعتمدنا تصميم مكون واحد فقط قابل لإعادة استخدامه في جميع الأزرار وطبقنا ذلك برمجيًا، فسيصبح التعديل في غاية السهولة، حيث سيكون كل ما علينا فعله هو تعديل المكون في مكان واحد، ليتم تطبيق هذا التغيير على جميع الأزرار في الصفحة فورًا. وبدلًا من كتابة مئات الأسطر من الكود، سيُختصر ذلك إلى عدد قليل جدًا.
علاوةً على ذلك، يساعدنا تصميم واجهة المستخدم المدروس في تجنب التعقيدات المستقبلية؛ فعندما نراعي في تنفيذ تصميم واجهتنا مبدأ التدرجية Scalability، فسنتمكن من إضافة ميزات جديدة دون الحاجة إلى إعادة هيكلة كودنا بالكامل.
كل هذه العوامل تؤدي إلى النتيجة الكبرى المُستهدفة: تجربة سلسلة، وكود متين، ومستخدم أكثر رضا.
متى يحتاج المبرمج إلى الإلمام بأساسيات تصميم واجهات الاستخدام؟
عندما يبدأ المبرمج بتعلم البرمجة، فإنه يركز في البداية على الأساسيات مثل كتابة الكود، وإدارة البيانات، والمتغيرات، والدوال، والحلقات؛ إذ في هذه المرحلة، يكون الاهتمام الأكبر له منصبًا على بناء كود فعال يحقق الهدف المطلوب دون التطرق إلى التفاصيل المتعلقة بتصميم الواجهة أو تجربة المستخدم.
لكن مع مرور الوقت، ومع الانتقال من تطوير تطبيقات بسيطة إلى مشاريع أكثر تعقيدًا، يصبح تعلم أساسيات تصميم واجهات المستخدم جزءً أساسيًا من عملية التطوير. وفي هذه المرحلة، سيحتاج المبرمج للتعرف على كيفية تصميم واجهات لبرامجه، واختيار الأدوات المناسبة، والمبادئ التصميمية التي يجب اتباعها. وبالتالي، يصبح تعلم أساسيات تصميم واجهات الاستخدام أمرًا مهمًا، خاصةً في بعض التخصصات التي يكون فيها التعامل مع الواجهة مباشر، بينما قد يكون أقل أهمية في تخصصات أخرى.
على سبيل المثال، إذا كنا مبرمجين متخصصين في تطوير الواجهات الأمامية Frontend Development، فإن تعلم أساسيات تصميم واجهات المستخدم يُعَد جزءًا أساسيًا من مهاراتنا اللازمة؛ أما إذا كنا سنعمل كمطوري برمجيات كاملة Full Stack Developer، فإن فهم تصميم واجهات الاستخدام يصبح ذا أهمية مضاعفة. وذلك لأنه يتعامل مع النظام ككل، بما في ذلك الجوانب المتعلقة بتصميم الواجهة، مما يتطلب معرفة كيفية تنسيق واجهات المستخدم مع الكود الخلفي بسلاسة وفاعلية.
في المقابل، إذا كان المبرمج متخصصًا في مجالات أخرى مثل تطوير البرمجيات الخلفية Backend Development، فقد لا يحتاج إلى التعمق في تفاصيل تصميم واجهات الاستخدام بنفس القدر، ولكن من المفيد له فهم الأساسيات لتسهيل التعاون مع فرق التطوير الأخرى؛ ناهيك عن أنه في العديد من الحالات العملية، يزداد الاحتياج لتعلم أساسيات تصميم واجهات الاستخدام في مواقف متنوعة، على سبيل المثال:
- عند العمل على مشاريع صغيرة أو فردية، حيث قد لا يكون هناك مصمم متخصص ضمن الفريق
- عند تطوير واجهات المستخدم من الصفر، فإن فهم التصميم يساعد في تحديد هيكل وتخطيط للواجهة وفقًا لاحتياجات المستخدم وتجربة الاستخدام المثلى
- عند وجود مصممين محترفين ضمن الفريق، سيساعد فهم المبرمج لأساسيات تصميم واجهات الاستخدام على فهم المتطلبات التصميمية أكثر وتنفيذها على أرض الواقع داخل الكود بكل دقة
- إذا كان المبرمج يعمل مباشرةً مع العملاء، فإن امتلاك مهارات تصميمية يمنحه القدرة على تقديم حلول أكثر اكتمالًا
مبادئ تصميم واجهات الاستخدام التي يجب أن يعرفها المبرمج
يؤمن البعض بأن التصميم فن، ويراه البعض الآخر علمًا، لكنه في الحقيقة مزيج متكامل من المنطق والإبداع، تمامًا كما هو الحال مع البرمجة؛ فكتابة كود متقن تعني وضع المستخدم في صلب اهتماماتنا قبل المتغيرات، وأن نخطط للواجهة بكل تفاصيلها قبل كتابة أول سطر من الأكواد، إلى جانب الفهم الجيد لأن ما نكتبه ليس مجرد وظائف صامتة بل تجربة حية يعيشها شخص ما على الطرف الآخر من الشاشة، تتناغم معه وتستجيب لاحتياجاته.
لكن، كيف يمكننا كمبرمجين أن نكتسب فهمًا عميقًا لمبادئ تصميم واجهات الاستخدام دون أن نغرق في التفاصيل الجمالية المعقدة؟ هنا تنبثق المبادئ الأساسية التي ينبغي أن يبني عليها كل مبرمج رؤيته، فهي تمثل البوصلة التي توجهنا في تصميم واجهات تكون سهلة الاستخدام، بدل أن تكون مجرد واجهة مغلقة بعد لحظات من فتحها.
التسلسل الهرمي البصري
لنتخيل أننا في مدينة جديدة، تخلو شوارعها من اللافتات أو الإشارات التوجيهية، ولا يوجد فرق واضح بين الشوارع الرئيسية والأزقة الجانبية. كيف سنجد طريقنا؟
هذا هو شعور المستخدم عندما يواجه تصميمًا سيئًا، حيث يتساءل: "أين أضغط؟" وما الذي يجب أن أفعله الآن؟". وهنا يظهر دور التسلسل الهرمي البصري الذي يوجه عين المستخدم نحو العناصر الأكثر أهميةً أولًا، وذلك من خلال :
- الحجم: العناصر الأكبر حجمًا تجذب الانتباه أولًا، مثل العناوين الرئيسية
- اللون: الألوان الزاهية أو المتناقضة تساعد في تمييز العناصر المهمة، مثل الأزرار الرئيسية
- التباين: التباين بين النص والخلفية يجعل المعلومات أكثر وضوحًا
- المساحة البيضاء: المساحات الفارغة حول العناصر تفصل بينها وتجعل الواجهة أكثر تنظيمًا
- المحاذاة والتنظيم: ترتيب العناصر بمنطقية أكبر يساعد المستخدم على فهم تدفق المعلومات، ويساعد على ذلك استخدام أنظمة مثل Grid أو Flex ، فهم يتيحون لنا تنظيم العناصر المعقدة في التصميم، وجعلها متجاوبةً ومرتبةً بطريقة تلبي احتياجاتنا
- التكرار: تكرر العناصر المرئية يعزز الاتساق ويسهل التنقل
- القرب: العناصر المرتبطة ببعضها البعض يجب أن تكون قريبة من بعضها
- التسلسل: ترتيب العناصر بتسلسلل يجعل المستخدم يتابع تدفق المعلومات
كمبرمجين، يجب أن نتبنى طريقة تفكير المستخدم، وذلك بأن نتأكد من أن الأزرار الرئيسية بارزة، وأن لا ندفن المعلومات الأساسية وسط التفاصيل الزائدة؛ إلى جانب جعل الواجهة تتحدث بلغة بسيطة وواضحة، بحيث لا يحتاج المستخدم إلى شرح طويل ليعرف ماذا يفعل.
البساطة والتقليلية
المستخدم لا يريد بطبيعة الحال أن يحل الألغاز أثناء تصفحه لتطبيقنا، فهو يريد الوصول إلى هدفه بأقل عدد من النقرات، وبأقل قدر من التفكير. والبساطة لا تعني خلو الموقع أو التطبيق من العناصر الهامة والأساسية التي يتطلبها ويحتاجها التصميم، بل احتواءه على المعلومات الأساسية بدون تعقيدات. مثل تصميم واجهة تطبيق الساعة الآتي الذي يُعَد بسيط، لكنه في نفس الوقت لا يحتوى على معلومة أساسية تجعله معقدًا في الفهم.
ولتحقيق ذلك المبدأ، علينا أن نقلل من التعقيدات، وأن نتجنب إغراق المستخدم بالخيارات الكثيرة، لأنه كلما زادت الخيارات، زادت صعوبة اتخاذ القرار. وفي ضوء ذلك، يستخدم مصممو الواجهات المحترفون مبدأ الأقل هو الأكثر، فيركزون على العناصر الأساسية التي يحتاجها المستخدم لإكمال المهمة، ويحذفون كل ما هو غير ضروري.
ولذلك، يجب علينا كمبرمجين عند كتابة أكوادنا أن لا نضع زر التالي في مكان غير متوقع أو نجبر المستخدم على البحث عن شيء بديهي. لا يفترض أيضًا أن نضع للمستخدم قائمةً مليئةً بخيارات يتوه منها، فكل ثانية من تردده تعني احتمالية أن يغلق التطبيق ويبحث عن بديل أكثر وضوحًا.
الاتساق
لنتخيل أننا نقود سيارة، وفجأة نجد أن دواسة الوقود تحولت إلى الجهة اليسرى والمكابح إلى الأعلى! هذا هو حرفيًا ما يشعر به المستخدم عندما يواجه تطبيقًا غير متناسق، خاصةً عندما تبدو الأزرار في صفحة بلون معين، وفي صفحة أخرى بلون مختلف، وتتغير وظيفة زر معين من شاشة لأخرى.
الاتساق هو ما يجعل تجربة الاستخدام سلسة، وهو ما يجعل التطبيق يبدو وكأنه مفهوم لدى المستخدم قبل أن يتعلمه، وهو ما يمنع المستخدم من الارتباك عند الانتقال بين الصفحات.
لنأخذ مثالًا على تطبيق أوبر. التطبيق يعتمد على تصميم واجهة مستخدم متناسق، حيث يتم الحفاظ على نفس التخطيط، نظام الألوان، وأنماط التنقل في كل جزء من أجزاء التطبيق؛ فعندما نفتح التطبيق، نجد خريطة لموقعنا الحالي مع خيارات لإدخال وجهتك، واختيار نوع الرحلة، وكذلك مشاهدة تاريخ رحلاتنا السابقة.
بفضل هذا الاتساق في التصميم، يجد المستخدمون أن التطبيق مألوفًا جدًا عند الاستخدام أكثر من مرة، ويعرفون بالضبط ما يحتاجون حتى ينفذوا مهامهم.
ولجعل التطبيق متناسقًا، علينا الاعتماد على أنماط تصميم قابلة لإعادة استخدام باتساق. لنلاحظ هنا كيف تبدو الأزرار محافظة على نمط ثابت، ولها نفس التأثير سواءً عند عمل hover أو عند النقر أو .. إلخ.
قابلية التوسع Scalability
عندما نبرمج تطبيقًا ما، فقد يكون اليوم بسيط، لكن هل سيبقى كذلك إلى الأبد؟ طبعًا لا! بعد نشر التطبيق ستتم إضافة ميزات جديدة، وربما يصبح مشروعًا ضخمًا يخدم آلاف المستخدمين عكس عدد مستخدميه عند إطلاقه؛ ولهذا لا يجب أن ننظر للواجهة التي نعمل عليها أبدًا على أنها مجرد حل مؤقت. بل أن نتعامل معها على أساس كونها بنية قابلة للنمو والتطوير دون أن تنهار تحت وطأة التعديلات المتتالية.
يعني مبدأ التصميم القابل للتوسع Scalability أن نفكر في إعادة الاستخدام، وذلك بجعل المكونات مرنة ودون وضع كل شيء في صفحة واحدة، بل نبني نظامًا يمكن تعديله بسهولة دون الحاجة لإعادة بنائه من الصفر.
لنفترض أن هناك عملًا على صفحة تسجيل الدخول، وتمت إضافة ميزة تسجيل الدخول الموحد SSO إلى قائمة المهام. بطبيعة الحال، سيتطلب ذلك إضافة زر ثانوي يسمح للمستخدمين بالاستفادة من هذه الميزة.
قد يبدو هذا الطلب بسيطًا في البداية؛ فعملية التنفيذ تقتصر على إضافة زر ثانوي تكون أهميته أقل مقارنةً بالزر الرئيسي؛ ولكن رغم بساطته الظاهرة، إلا أنه يجب النظر بعناية إلى هذا الحل البسيط، حيث قد يكون له تأثير كبير على قابلية التوسع في واجهة المستخدم مع مرور الوقت. فإذا لم يراعِ المصمم هذه النقطة أثناء التصميم والمبرمج أثناء التنفيذ، فإن النتيجة قد تكون تراكمًا غير مرغوب فيه لعدد من الأزرار الثانوية، مما يؤدي إلى تشويش التصميم وتراكم العناصر كما هو الحال في المثال المقبل:
ولذلك يجب أن يكون هناك حرص على التنفيذ بحيث يكون تصميم الواجهة قابلًا للنمو والتوسع دون أن يتعرض للتعقيد أو الفوضى مع مرور الوقت.
التفاعل والتغذية الراجعة
أغلبنا جرب على الأقل مرة الضغط على زر في موقع ما ولم يحدث شيء مما جعلنا نرتبك! فهل تم إرسال الطلب؟ هل تعطل التطبيق؟ هل ننتظر أم نعيد المحاولة؟
في الواقع، يُعَد غياب التغذية الراجعة أحد أكبر الأخطاء التي يقع فيها المبرمج أثناء بناء الواجهة. يجب أن يشعر المستخدم دائمًا أن التطبيق يستجيب له عبر تحركات بسيطة، ورسائل واضحة، وأيقونات تعبر عن العمليات الجارية. على سبيل المثال :
- التأكيد على الإجراءات: عندما يضغط المستخدم على زر إرسال، يجب أن يتغير الزر ليعرض حالة الطلب مثل جارٍ التحميل أو تم الإرسال
- التنبيه بالأخطاء: إذا كان هناك خطأ، يجب عرض رسالة واضحة تُعلم المستخدم بما حدث، مثل: خطأ في الاتصال، يرجى المحاولة مجددًا
- التفاعل المستمر: أثناء عملية التحميل، من المفيد إظهار شريط تقدم أو تدوير دائرة لتحفيز المستخدم على الانتظار بشكل مريح.
سرعة التحميل والأداء
قد نبني أجمل واجهة في العالم، لكن إذا استغرق تحميلها خمس ثوان، فلن يراها أحد! تحسين الأداء جزء لا يتجزأ من التصميم الجيد. وهنا يأتي دورنا كمبرمجين لفهم كيف تؤثر الصور الثقيلة والاستعلامات غير الضرورية والرسوميات المعقدة على سرعة التطبيق.
تقنيات مثل Lazy Loading، وضغط الصور، وتقليل عدد الطلبات الخارجية ليست مجرد تحسينات، بل هي أساسيات تجعل التطبيق يعمل بسلاسة دون أن يشعر المستخدم أنه عالق في متاهة من الانتظار، لذا من المهم البحث بين خيارات وأدوات تحسين أداء المواقع وتسريعها لجعل أداء الموقع أو التطبيق الذي نعمل عليه متوافق مع التطلعات.
إمكانية الوصول Accessibility
هل فكرت يومًا كيف يمكن لشخص يعاني من ضعف البصر أن يتفاعل مع التطبيقات؟ ماذا عن شخص لا يستطيع استخدام الفأرة؟ تصميم الواجهة الجيد لا يخدم فئة معينة فقط، بل يراعي الجميع. ومن المهم هنا تذكر أن هناك أكثر من ١٥٪ من سكان العالم يعانون من شكل من أشكال الإعاقة.
يمكن للتعامل مع الأمر إضافة دعم لقارئات الشاشة، واستخدام ألوان ذات تباين عالٍ لمن يعانون من ضعف البصر، وتوفير اختصارات لوحة المفاتيح، كما يمكن الاستعانة ببعض الأدوات لقياس مدى إمكانية الوصول في مواقعنا أو تطبيقاتنا، ومن ضمنهم إضافة Accessibility Insights for Web للمتصفحات، التي تخبرنا بكافة التفاصيل التي تحتاج إلى تطوير.
تجنب التحميل المعرفي Cognitive Load
كلما زاد عدد المعلومات التي يحتاج المستخدم لمعالجتها في لحظة واحدة، زادت احتمالية شعوره بالإرهاق والتخلي عن التطبيق. البشر يحبون البساطة، وعقولهم تفضل القرارات السهلة.
لذا، علينا أن نجعل كل واجهة تركز على مهمة واحدة، نستخدم المساحات البيضاء بذكاء لتقليل الفوضى، وأن نحرص على أن تكون التعليمات والعناصر البصرية واضحة وبديهية.
يقول البعض:
اقتباسإذا احتاج المستخدم لقراءة دليل إرشادي لمعرفة كيفية استخدام تطبيقك، فقد أخطأت في التصميم!
منع الأخطاء البشرية والتعامل معها
جميعنا وحتى المستخدمون الأكثر خبرةً قد يضغطون على الزر الخطأ أو يكتبون بيانات غير صحيحة، لذا من المهم التأكد معرفة أن تصميم الواجهة الجيد لا يعاقب المستخدم على أخطائه، بل يمنعه منها أو يساعده على تصحيحها بسهولة.
ولتحقيق ذلك، لا نجعل مثلًا رسالة الخطأ غامضة مثل: "Error 403"، بل نجعلها تخبر المستخدم بما حدث بوضوح، مثل: "عذرًا، لا يمكنك الوصول إلى هذه الصفحة. تحقق من صلاحياتك أو تواصل مع الدعم الفني.".
كذلك، لا بد من محاولة منع الأخطاء قبل وقوعها. فبدلًا من السماح للمستخدم بإدخال كلمة مرور ضعيفة، سيكون من الأفضل تقديم مؤشر حي يوضح له مدى قوة كلمة المرور أثناء كتابتها؛ أو بدلًا من أن ينتظر المستخدم حتى يضغط زر الإرسال ليكتشف أن هناك حقلًا فارغًا، سيكون من الأفضل استخدام تنبيهات فورية أثناء الإدخال.
الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة Micro interactions
لا يجب أن يكون التفاعل مع التطبيق جامدًا، إذ لا بد أن يشعر المستخدم بالحياة فيه.
الميكروإنترآكشن هي تلك التفاصيل الصغيرة التي تجعل التجربة أكثر إمتاعًا وسلاسة. فعندما يضغط المستخدم على زر ما، فقد يهتز قليلاً ليعطي شعورًا بالتفاعل. وعند تحميل الصفحة، قد يظهر مؤشر صغير متحرك ليطمئن المستخدم أن هناك شيئًا يحدث في الخلفية.
عند إدخال كلمة مرور خاطئة، قد يهتز الحقل كما لو كان يقول: "لا، هذا ليس صحيحًا!" وهذه التفاعلات الصغيرة لا تزيد فقط من جمال التصميم، بل تجعل التطبيق يبدو أكثر ذكاءً وتفاعلاً.
باهتمامنا بهذه المبادئ، فنحن لا نبني مجرد تطبيقات ومواقع، بل نصنع تجربة حقيقية!
أدوات التصميم المناسبة لاستخدام المبرمجين
أدوات التصميم ليست حكرًا على المصممين وحدهم، إذ هناك عدة أدوات مخصصة لمساعدة المطورين على تصور الواجهات وتنظيم الأفكار والتواصل مع المصممين بطريقة أكثر وضوحًا. لكن، أي أداة يجب أن نستخدمها؟ وكيف نختار بينها؟ سنذكر فيما يلي بعض الأدوات التي قد تكون رفيقًا جيدًا لك في رحلة البرمجة بين كتابة الكود ومطالعة التصميم.
أداة فيجما Figma
فيجما هي أداة تصميم تفاعلي تستخدم لإنشاء واجهات المستخدم، وهي كالمختبر الرقمي الذي يجعل المبرمج يرى واجهة الاستخدام بعيون مختلفة، ويفهمها كما يفهم الكود، لا كمجرد صورة مسطحة يجب تحويلها إلى عناصر تفاعلية.
يستطيع المبرمجون من خلال فيجما الحصول على:
- تصميم دقيق بلا تخمينات: إمكانية فحص مقاسات العناصر وتباعدها ونوع الخطوط والألوان
- استخراج الأكواد مباشرةً: توليد أكواد CSS وSwift وXML للمطورين
- التعاون الفوري: إمكانية العمل على نفس الملف مع المصمم في نفس الوقت الفعلي، والتفاعل المباشر مع التعديلات
- اختبار التطبيق قبل البرمجة: إنشاء نماذج تفاعلية لفهم تدفق الصفحات قبل البدء في البرمجة
- التناسق البصري: استخدام أنظمة التصميم لضمان تناسق العناصر في التطبيق
إذا كنا نعمل في فريق، ونحتاج إلى تجربة تصميمنا قبل تنفيذه، أو ببساطة نريد التخلص من التخمينات وتحويل التصميم إلى كود بأقل جهد، فإن فيجما ليست خيارًا، بل ضرورة.
والمبرمج الذي يستخدم فيجما لا ينتظر التعليمات، بل يستكشف التصميم ويفهمه ويحوّله إلى كود نظيف ودقيق دون إضاعة الوقت في متاهات التعديلات والتخمينات.
أداة بالساميك Balsamiq
يبدأ تصميم واجهة الاستخدام من الفكرة الخام وينتهي بتجربة مستخدم سلسة. ولمرحلة التخطيط المبدئي Wireframing تحديدَا، تستخدَم أداة بالسميك كوسيلة سريعة لإنشاء الهيكل الأولي الأساسي للواجهة قبل الدخول في التفاصيل الجمالية، وتوفر تجربةً شبيهةً بالرسم اليدوي.
تتمتع أداة بالساميك بعدة مزايا، أهمها ما يلي:
- سهولة الاستخدام وبساطة الواجهة: لا تتطلب وقتًا للتعلم كباقي الأدوات المتقدمة مثل Figma وAdobe XD`شستنه، وواجهته تبدو كورقة بيضاء، بحيث يمكن رسم الأفكار عليها دون تعقيد
- تواجد مكتبة مكونات جاهزة: هل نحتاج إلى زر، قائمة، نموذج تسجيل دخول، أو حتى هاتف محمول كإطار لتطبيقنا؟ كل هذه العناصر نجدها داخل مكتبة المكونات، وهذا يجعل بناء المخطط أسرع وأسهل
- عرض الأفكار بطريقة أكثر إبداعًا: بدلًا من شرح فكرتنا بالكلمات، يمكننا رسمها وعرضها في دقائق
- دعم متعدد للمنصات: يعمل على أنظمة تشغيل مختلفة وعلى الويب مباشرةً أيضًا، مما يمنح حرية العمل من أي مكان
الأخطاء الشائعة في التعامل مع تصميم واجهة الاستخدام
يقع العديد من المبرمجين في أخطاء شائعة عند التعامل مع تصميم واجهات الاستخدام، فيؤدي ذلك إلى تجربة غير متناسقة. سنذكر فيما يلي أبرز هذه الأخطاء وكيفية تجنبها أو حلها.
التركيز على التفاصيل قبل الأساسيات
من أكثر الأخطاء التي قد يقع فيها المبرمج، هي أن يبدأ بالاهتمام بالألوان والخطوط والتأثيرات البصرية قبل تحديده للهيكل العام للواجهة وتوزيع العناصر الأساسية فيها، وهذا يؤدي إلى قرارات غير مدروسة وإعادة العمل لاحقًا عند اكتشاف أن تصميم الواجهة لا يتماشى مع احتياجات المستخدم الفعلية.
الأصح هنا هو اتباع نهج التخطيط أولًا، بحيث يتم نركز على بناء المخطط العام Wireframe قبل الدخول في التفاصيل البصرية. يمكن استخدام أدوات مثل Balsamiq أو Figma ، فهما يتيحان لنا التخطيط المرئي لتصميماتنا، خاصةً في الحالات التي لا يتوفر بها مصمم للواجهات.
التطبيق غير الدقيق للتصميم
قد يستلم المبرمج تصميمًا للواجهة من المصمم وينفذه بشكل تقريبي فقط، ما يؤدي إلى عدم تطابقه مع الرؤية الأصلية. الفروقات في الأحجام والهوامش والألوان وحتى التسلسل الهرمي البصري ينتج عنه في النهاية تجربة غير متسقة للمستخدم.
الصواب هنا كذلك هو استخدام أداة مثل Figma والاعتماد عليها أولًا في التصميم، فهي توفر لنا قيم خصائص CSS دقيقة مثل المسافات والألوان والأبعاد، فقط يمكننا نسخها في مواقعنا حتى تصل لنفس التصميم بالضبط.
ضعف التباعد والتباين
التباعد غير المدروس بين العناصر أو ضعف التباين بين النصوص والخلفيات يجعل الواجهة غير مريحة بصريًا أو صعبة القراءة. على سبيل المثال، استخدام لون رمادي فاتح لنص فوق خلفية بيضاء قد يبدو أنيقًا، لكنه يجعل القراءة صعبة، خاصةً لذوي النظر الضعيف أو في بيئات ذات إضاءة منخفضة.
مثال آخر هو عدم وجود مسافات كافية بين الأزرار أو الحقول النصية، مما يجعل النقر عليها أمرًا صعبًا، خاصةً عند استخدام الأجهزة التي تعمل باللمس.
الحل هو الاعتماد على المساحات البيضاء Whitespace لضمان ترتيب مريح للعناصر، والتأكد من وجود تباين كاف بين النصوص والخلفيات، مثل استخدام لون داكن مع خلفية فاتحة أو العكس؛ كما يجب اختبار الواجهة على عدة أجهزة وشاشات لضمان وضوع التباعد والتباين لجميع المستخدمين، بما في ذلك من يعانون من ضعف البصر أو يستخدمون أوضاع القراءة الليلة Dark Mode.
عدم اختبار الواجهة كفاية
لا نفترض أن الواجهة تعمل بمثالية بمجرد تشغيل التطبيق دون أخطاء برمجية، لأننا إذا لم نختبر الواجهة اختبارًا حقيقيًا، قد نُفاجأ لاحقًا بمشاكل غير متوقعة في تجربة المستخدم.
الحل هو تجربة الواجهة على أجهزة وشاشات مختلفة، واختبار السيناريوهات المختلفة مثل الاستخدام بإصبع واحد، أو استخدام الواجهة في ظروف إضاءة منخفضة، أو حتى التفاعل معها بيد واحدة على الهواتف الكبيرة.
الاختبار مع مستخدمين حقيقيين يكشف عن العيوب التي قد لا يلاحظها المبرمج بنفسه، لكن في حال لم نتمكن من ذلك، فيمكننا استخدام أداة مثل Selenium، وهي أداة مفتوحة المصدر لمحاكات تفاعلات المستخدم مع واجهة تطبيقات الويب في بيئات مختلفة.
أو يمكن استخدام Appium، وهي أداة اختبار مشابهة تعمل على اختبار التطبيقات على الهواتف الذكية عبر بيئات متعددة بما في ذلك اختبارات اللمس والتحريك لتقليد سيناريوهات الاستخدام الواقعية، مثل استخدام الإصبع الواحد أو التفاعل في ظروف إضاءة منخفضة.
خاتمة
في النهاية، التصميم الجيد ليس زخرفة، بل هي روح تسري في أكوادنا، تجعل المستخدم يشعر بالبساطة والانسيابية. ولا يجب أن ننسَ أن البرمجة والتصميم وجهان لعملة واحدة؛ لذا يجب أن نفكر كمستخدم قبل أن نكتب كودًا، وأن نصنع واجهةً تتحدث بلغة الوضوح والجمال.
المصادر
- Visual Hierarchy in Web Design: How to, Examples & Techniques for 2025
- Consistency in UI design
- Feedback UI: How to Humanize the SaaS User Interface? (+Examples)
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.