لقد شاع استخدام الاقتباس التالي (وأحيانًا بطريقة خاطئة) لهنري فورد، وقد اتضح مؤخّرًا أن هنري فورد لم يقل هذه الكلمات أصلاً، لكنني لحسن الحظ لا أكتب بحثًا أكاديميًا، وإنما أكتب مقالاً، لذا، بغض النظر عن دقة المعلومات التاريخية، أظن أنكم تتفقون معي حيال كون هذا الاقتباس محفزًا للعديد من الأفكار.
اقتباس"لو أنني سألتُ الناس عمّا أرادوا، لطلبوا أحصنةً أسرع"
هنري فورد، مؤسس شركة Ford motor car
وإليكم اقتباسًا آخر، هذه المرة من ستيف جوبز:
لقد عرف ستيف جوبز بوضوح أن المستخدم ليس على حق دائمًا.
لا يعرف المستخدمون ما هو مناسب لهم
كما ترى، لقد عرف كل من ستيف جوبز وهنري فورد درسًا بالغ الأهميّة. درسٌ لم يفهمه الكثير من المصمّمين، الباحثين ورجال الأعمال: لا يعرف الزبون والعميل ما هو جيّد له. ولا أتحدث هنا عن أمور ابتكار المنتجات والخدمات الجديدة، أنا أتحدث بصفة عامة. لا يعرف المستخدمون ما هو جيّد بالنسبة لهم ببساطة وحسب، نعم، لقد سمعت ذلك بوضوح. ليس المستخدم على حقٍ دائمًا، في الواقع، غالبًا ما يكون المستخدم مخطئًا بكل بساطة.
بالطبع، ليس ذلك خطأ المستخدم. فكيف نتوقع من المستخدمين أن يكونوا على صواب مع ضيق أفقهم ومحدوديته في نظرتهم السطحية للأمور وآرائهم الفردية حيال مشكلة ما في التصميم؟ لنتوقف عن ممازحة أنفسنا. فالمستخدمون ليسوا مصممين، وفي أغلب الوقت لا يكونون خبراءً في المجال، وحتى لو عرفوا مدخلات ومخرجات الموضوع، سيبقون دائمًا ناقصي الخبرة في تحويل المعرفة بالموضوع إلى حلول تصميم جيدة. مع ذلك، أصادف أحيانًا من يتوقعون أننا سنحتاج فقط إلى سؤال المستخدمين كي يعطونا بأعجوبة كل الأجوبة التي نريدها. سنسأل المستخدمين عمّا يحتاجونه، سنسأل المستخدمين عن المزايا الأهم بالنسبة لهم، سنسأل المستخدمين عن كيفية تنظيم الموقع، سنسأل المستخدمين عمّا يجب وضعه في الصفحة الرئيسية.
لنسأل المستخدمين
تذكّرني هذه الثقافة الخطرة، ثقافة "لنسأل المستخدمين" بحلقة مميزة من "The Simpsons". أحب أن أستخرج أفضل دروس الحياة من هذه المُسلسل، كنصيحة Homer التي تقول، "إذا لم تنجح من المرة الأولى، استسلم".
في إحدى الحلقات يكتشف Homer بأن لديه أخًا غير شقيق يدعى Herb، وصادف أن Herb هو رئيس مصنع Powell motors، مصنع أمريكي كبير، ومع انخفاض مبيعات المصنع، يطلب Herb من Homer أن يساعده في تصميم سيارة للمواطن الأمريكي البسيط، سيارة عادية لزيد وعبيد، من المصمم فلان العادي (أو ربما الأقل من العادي بالنسبة لـ Homer)، ويأمر Herb مصممي سياراته بأن يعطوا زمام تصميم السيارة إلى Homer ويستعملوا كل أفكاره، مهما بلغ جنونها.
إنها مريعة لأنها سيارة مصممة بواسطة ولأجل Homer، ولأن من صمّمها ليس مصمّمًا، آمل أن لدى مستخدميك ذوقًا أرقى من ذو Homer (رغم أنني لا أضمن لك ذلك)، لكنني عمومًا أظن بأن هنالك درسًا مهمًا وراء هذه القصة: لا يعرف المستخدمون ما هو أفضل لهم، حتى المستخدمين الخياليين.
سيارة Homer - إيضاح لما قد يحدث عندما تتبع اقتراحات المستخدمين اتباعًا أعمى.
التصميم ليس مهمة الزبون
كما ترى، إنها مسؤولية المصممين. ليس على المستخدمين أن يبدعوا حلولاً مذهلة لتحلّ مشاكلهم. ولا أعني بمسؤولية المصممين فقط من عمله هو التصميم، إنني أعني كامل فريق المنتج. يمكن للمطوّر أن يكون مصمّمًا بقدر ما يمكن لمصمم تجربة الاستخدام أن يكون مصممًا عاديًّا، يمكن للمستخدم من ناحية أخرى أن يكون مصمّمًا سيئًا، وتوقع غير هذا هو مجرّد كسلٍ في التصميم.
إن مهمة فهم المستخدمين تعود على المصممين وفريق المنتج مهمة تحديد احتياجاتهم، مشاكلهم، آمالهم، أمنياتهم وأحلامهم، مهمة صنع حلول تصميمٍ أنيقة، مفيدة وسهلة الاستعمال لتلبّي احتياجاتهم تعود تمامًا عليهم، حتى لو لم يدرك المستخدمون حاجتهم لتلك الحلول، كما هو عليه الحال مع سيارة model T وجهاز الـ iPad.
التصميم للأطفال
كأبٍ لطفلين صغيرين، أرى أن العلاقة بين المصممين والمستخدمين تبدو مشابهة بعض الشيء للعلاقة بين أب وأطفاله (أو طفله). يجب عليك كأب أن تضع أبناءك في المركز. أبناؤك يأتون دومًا في المقام الأول، بدءًا من اتخاذ قرار حيال ما يجب عليك أن تفعله في يوم ماطر ووصولًا إلى التفكير في الطعام الذي يجب عليك أن تشتريه لهذا الأسبوع، كل ما تفعله مرتكز على احتياجات أطفالك.
لكن ما يجب عليك ألّا تفعله هو ترك الأطفال ليُخبروك بما يجب عليك فعله لأنهم سيحاولون فعل ذلك، صدّقني سيحاولون! أنت الرئيس بالتأكيد بلا شك، لذلك، أنت العاقل هنا وأنت الأعلم بالأمور (أو على الأقل، هذه هي الصورة التي تحاول إظهارها). وهذه هي الطريقة التي يجب أن تعامل بها المستخدمين. لا أعني بهذا أن الواجب عليك هو معاملة المستخدمين كأطفال (إلا إن كانوا أطفالًا بالفعل)، لكن الواجب عليك هو إمضاء وقتك في محاولة فهمهم، إيجاد ما هو أفضل لهم، أخذهم لأيامٍ من المرح بجانب البحر، وأن لا تتبع إراداتهم اتباعًا أعمى. بالتأكيد، يجب عليك أن تُشرك المستخدمين في عملية التصميم، أن تأخذ آرائهم، تجرّب أفكارهم وتصوّراتهم، اقتراحاتهم وإضافاتهم، دون أن تنسى بأنك خبير التصميم وليسوا هم. أنت من تقود عملية التصميم، وليسوا هم.
أود أن أترككم مع هذا الاقتباس الأخير، هذه المرة من Alan Cooper خبير تجربة المُستخدم وأب الـ Visual Basic، وقد أُخذت هذا الاقتباس من محادثة في مؤتمر لـ Microsoft يتحدث فيه Alan عن السبب الذي يجعل من المستخدمين مصدرًا سيّئًا لأخذ لتكوين فكرة عن برنامج ما. إليكم ما قاله Alan Cooper:
اقتباس"يجب أن يُصمّم البرنامج بواسطة خبراء، فالبرنامج أعقد وأكبر وأثمن وأصعب من أن يكون للمستخدمين أي علاقة به"
Alan Cooper
أظن بأن Alan كان يمزح قليلًا حين قال بأن المستخدمين لا علاقة لهم به، لكنني أرجو أن فكرة Alan قد وصلت إليكم. وبالنسبة لي، لا أخالفه الرأي أبدًا.
ترجمة -وبتصرف- للمقال Why the user is not always right لصاحبه Neil Turner.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.