البحث في الموقع
المحتوى عن 'freemium'.
-
يبدو أنَّ واحدة من بين كل ثلاث شركات ناشئة تستخدم الآن نموذج العمل المجَّاني جزئيًا «Freemium»؛ إذ يكون مستوى الخدمة الأدنى مجانيًّا، ويكون المشروع مُصمَّمًا ليجذب أولئك المستخدمين لكي ينتقلوا بعد ذلك إلى خطة استخدام مدفوعة. يمكن أن تنجح على نحوٍ رائع بالطبع، ولكنَّها عادةً ما يُحطِّم هذا الأمر الشركات ويُدمِّرها، ليس فقط لأنّها تُكلِّف أكثر من المُتوقَّع، ولكن لأنَّ المؤسِّسين لم يُدرِكوا أنّ نموذج العمل نفسه يجعلهم يتَّخِذون قرارات خاطئة. نقاط ضعف نموذج العمل المجَّاني جزئيًّا لنتخلَّص من بعض الأفكار الخاطئة عمَّا يُقدِّمه لك نموذج العمل المجّاني جزئيًّا فعلًا وكَم يُكلِّف. 1- نموذج العمل المجَّاني جزئيًّا لا يسمح لك بالتّعرف على الزّبائن الذين يجب استهدافهم تخيَّل فقط كَم ستتعلَّم عندما يكون لديك ألف مستخدم حقيقي نَشِط لمنتجك؛ كل شيء بدءًا من الإحصاءات السلوكيَّة (ما السِمات التي تُستَخدَم فعلًا؟) إلى التطوير الديمقراطي للمُنتَج (التصويت على السِمات التي قد يُحبّ المستخدِمون أن يجدوها بعد ذلك). المُشكِلة أنَّ مستخدمي نموذج العمل المجَّاني جزئيًا هؤلاء ليسوا كأولئك الَّذين سيدفعون لك فعلًا. فالسِمات التي يريدها العُملاء الدافعون لا تظهر كثيرًا على رادار المُستخدمين المجّانيين. فكِّر في الأمر، لن ينتقل أيٌ من المُستخدمين المجَّانيين حتى إلى أرخص الاشتراكات لديك. إذا بدأتَ فجأة في تقاضي دولار واحد فقط شهريًا مقابل خدمتك فلن يستجيب معظمهم. لماذا؟ لأن حاجة المستخدِم النهائي ومستوى اهتمامه والقيمة التي يحصل عليها ليست مُلحِّة بما يكفي لدفع مبلغٍ ولو كان صغيرًا. أمَّا أولئك الذين يدفعون 10 دولارات شهريًا أو 100 دولار فستجد بأن لديهم احتياجات فعلية. مشكلتك أنَّ عدد المستخدمين المجَّانيين يفوق العُملاء دافعي المال بنسبة 100 إلى 1، وهكذا تغرق أصوات أولئك الّذين يهمُّونك في منتديات التغذية الراجعة. 2- معدل التحويل من نموذج العمل المجَّاني جزئيًا يرفع تكلفة التّسويق بشكل كبير إنَّ 4% معدلٌ جيدٌ جدًا للتحويل من المجَّاني إلى المدفوع، كما حدث مع Dropbox، وهو أمرٌ رائع بالنسبة إليهم، ولكن المُعدَّلات التي تعرفها أغلب الشّركات هي 1% تقريبًا، وهذا في حالة ما إذا كان المستخدِمون نشطاء إلى حدٍ معقول. أجريتُ مَسحًا لبعضٍ من الشركات الناشئة الصغيرة التي لا تستخدم نموذج العمل المجَّاني جزئيًّا، ووجدت بأنها تعرف في المتوسّط مُعدَّل تحوُّل 1% من زيارات الموقع الإلكتروني إلى عمليات شراء (حقيقيّة وليست مجَّانيّة). [لدى Andy Brice المزيد من البيانات التي تؤيِّد هذا الافتراض البسيط]. وحتى ولو افترضت حصولك على نسبة تحويل أعلى على موقعك (يعني ستحصل على نسبة أعلى من 1 بالمئة من الزيارات التي سينتج عنها تسجيل حساب fremium على موقعك)، فإن نسبة قليلة منهم فقط ستقوم بالانتقال إلى اشتراكات مدفوعة؛ ممَّا يعني أن مُعدَّل تحويل زوَّار الموقع الإلكتروني إلى مالٍ فعليٍ أسوأ من بقية الشركات الناشئة بعشرين إلى مائة ضعف. ممَّا يعني أنَّها تُكلِّف أكثر بعشرين إلى مائة ضِعف للإنفاق على الحملات التسويقيِّة لتحقيق نفس العوائد. وعليه فإنه لا يُمكنك بأي حال الاعتماد على الإعلانات المدفوعة وكل أشكال التسويق الأخرى تقريبًا لدفع النمو في مشروع يعتمد على Fremium، إلَّا إذا كنتَ مستعِدَّا لتحمُّل خسائر كبيرة لدفع عجلة المشروع. كما يعني بالضرورة أنَّ عليكَ أن تصنع مُنتَجًا ينتشر بشكل فيروسي لأنَّك لا تستطيع تحمُّل تكاليف التّسويق له. من الصعب جدًا بناء مُنتج ينتشر انتشارًا فيروسيا (معظم الشركات التي تحاول فعل ذلك ستفشل) وحتَّى إن فعلتَ فسيكون عليك القيام بالأمر منذ البداية، فستواجه مشكلة تكاليف التسويق. كما حصلت الشركات القليلة التي استفادت من الأمور بوضوح على تمويلات بالملايين لتخطِّي هذه المرحلة الصعبة جزئيًّا. 3- الدعم الفني بنموذج العمل المجَّاني جزئيًّا مُكلِّف من السهل أن تقول «سنُوجِّه الجميع إلى منتديات الدّعم الفنّي» ولكن عندما يرسل الناس بريدًا إلكترونيًا لقسم الدعم الفنّي، فهم يرغبون في تلقِّي رد. من السهل أن تقول «لن نُقدِّم دعمًا فنّيًا للمستوى المجَّاني، سيتفهَّمون الأمر بما أنَّه مجَّانيٌ» ولكن إذا تجاهلتَهم بالفعل ستكون تجربتهم مع أداتك أقل نجاحًا، ممَّا يعني وجود فرصةٍ أقل كثيرًا لتحويلهم، ولنشر مُنتَجك بين أصدقائهم وزملائهم. من السهل أن تقول «سنُقدِّم درجةً أقل من الدعم للمستوى المجَّاني» ولكن يعني ذلك أنَّه يجب إضافة كل رسالة بريدية لقسم الدعم الفني، وكل محادثة، وكل مكالمة هاتفيَّة إلى أحد الحسابات، وهكذا تُهدِر وقتك في معرفة أي مستوى من الدعم «يستحقه» ذلك الشخص. هل أنت مستعدٌ للتعامل مع من يقولون «إذا ساعدتَني في هذا الأمر ونجحتَ سأدفع لك»؟ هل أنت قويٌ بما يكفي لغلق الباب في وجوههم حتى عند معرفتك بأنَّهم في الحقيقة لن يدفعوا على الأرجح؟ إذا كنتَ مُهتمًّا بالدعم الجيِّد -أحد المزايا التنافسيّة الحقيقيّة القليلة التي يمكن لشركةٍ ناشئة صغيرة التمتُّع بها- هل يمكنك الفصل حقًّا بين مّن يُعامَلون مُعامَلةً جيِّدةً ومَن يُعامَلون بجفاء؟ هل ستُدير ظهرك حقًّا للفوائد التي يحقِّقها الدعم الفنّي الرائع؟ هل سيساعد ذلك على تحويل الحسابات المجَّانية إلى حسابات مدفوعة؟ هل سيفيد ذلك سمعة شركتك؟ مزايا نموذج العمل المجّاني جزئيًّا من الواضح أن نموذج العمل المجَّاني جزئيًّا له فوائد هامة لا يمكن إنكارها مثل: 1- سهولة الارتقاء بالصّفقة upsell إنّهم يستخدمون مُنتَجَك بالفعل، فهناك العديد من الطرق ليبدأ الشخص بدفع المال، سواء من خلال عرض خاص، أو تغيير نظام الدفع، أو تجاوز المُستخدِم لحدود مستوى خدمته. وهذا أمرٌ لا يستطيع توفيره سوى القليل من نماذج العمل الأخرى. 2- إحصاءات للمبيعات إذا استطعتَ أن تقول «انضمَّ إلى 1000 مستخدم سعيد» على الصفحة الرئيسية سيكون ذلك تسويقًا مذهلًا، فهو دليل اجتماعي، تمامًا كعدَّاد RSS في جانبٍ من المُدوَّنة الَّذي يقول ضمنيًا «إذا كان هناك 40 ألف شخص آخر يعتقدون أنَّها تستحقُّ الوقت الذي يمضونه في قراءتها كل أسبوع، فربَّما تستحقّ وقتكَ أيضًا». كما أنّها مفيدة عند محاولة الحصول على عُملاء أكثر لأنَّها تُثبت أنَّ نظامك قابل للتوسُّع، من حيث التكنولوجيا وتدريب المستخدمين الجُدُد بأقلِّ مجهود. 3- سهولة البدء إنَّ «التجربة المجَّانية لثلاثين يومًا» أو «ضمان استرداد الأموال» حاجزٌ أكبر كثيرًا من «مجَّانًا». فجَعل زائر الموقع الإلكتروني يتوقَّف عن البحث ويبدأ في استخدام المُنتَج خطوة حاسمة في أي عملية اكتساب عُملاء؛ إذ تكون كذلك قد خفَّضتَ هذا الحاجز بقدر الإمكان. 4- عدم استخدام البرامج المُنافسة قد يظلُّ هناك منافسون، ولكنَّك، على الأقلَّ، ستمتلك حصانًا مُشارِكًا في السباق. فكلَّما ازداد مستخدموكَ واحدًا، قَلَّ مستخدموهم. إذًا ففي مواجهة تلك الإيجابيَّات والسلبيّات، كيف تُقرِّر ما إذا كان هذا النموذج مناسبًا لك أم لا، وإذا كان مناسبًا، فكيف تحصد الفوائد بينما تحد من التكاليف؟ إسناد إدارة الجوانب المُتعلقة بـ fremium لقسم التسويق يتضِّح أمر في نقاط المزايا السابقة؛ وهو أنَّ الأمر كلُّه يتعلَّق بالتسويق؛ من جذب للعملاء المُحتَمَلين، وتقليل الحواجز أمام التحويل، والميزة التنافٌسية. أعِد ترتيب توقُّعاتك من نموذج العمل المجّاني جُزئيًّا؛ فهو أداة تسويقية. إنَّه أكثر تكلفةً ممَّا تعتقد، ولكنَّه قد يكون أفضل استراتيجيّة تسويقيّة مُتاحة. إذًا كيف تُقرِّر ما إذا كانت تلك التكاليف تستحقّ الفوائد الناتجة أم لا؟ الأسلوب الذي أعتمده هو «إسناد الأمر إلى قسم التسويق» تمامًا مثلما هو عليه الحال مع حملات AdWords أو أي حملة أخرى لجذب العُملاء المُحتَمَلين؛ بقياس التكلفة الإجمالية لاكتساب عُملاء جُدُد دافِعين. الاستنتاج: لديكَ نظريةً تقول بأنّك بإنفاق الأموال من أجل دعم هؤلاء المُستَخدِمين المجّانيين، فأنت في الحقيقة تبني مسارًا فعَّالًا نحو الحصول على عُملاء دافعين حقيقيِّين. يمكن تحقيق هذا الهدف -العوائد- بطرقٍ أخرى: مثل AdWords أو التّسويق بالمُحتوى أو أي تقنية تسويقيّة أخرى. فيجب على قسم التسويق، كأيِّ حملة تسويقيَّة أخرى، أن يدفع، ويقيس النتائج، ويقارن عوائد الاستثمار في مقابل الطُرُق الأخرى. (والتأكُّد من أنّ التكلفة أقل كثيرًا من العوائد الإجمالية، وهي المعادلة التي تفشل معظم الشركات الناشئة في تحقيقها؛ لأنَّهم لا يفكِّرون بصدقٍ في التكلفة الإجمالية للحصول على عميل واحد). كيف تُقرِّر كَم سيدفع قسم التسويق؟ فلنفترض أنَّك تتقاضى حقًا مالًا من أولئك العُملاء، ولكنَّك ترغب فقط في استرداد التكاليف وليس جني الأرباح. قيمة هذه التّكاليف (ناقص الأرباح) هو ما يجب أن يدفع ثمنه أولئك المستخدمون ، إذًا فهذا هو القَدْر الذي يحتاج إليه قسم التسويق أن "يدفعه”. ليس لديك عُذر لعدم قياس التكلفة للمستخدِم الواحد، فيجب عليك أن تدير هذا البرنامج المجَّاني جزئيًا وأنت تعرف التكاليف على نحوٍ دقيق ومقارنتها بأشكال أخرى للتسويق. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Reframing the problems with “Freemium” by charging the marketing department لصاحبه Jason Cohen حقوق الصورة البارزة محفوظة لـ freepik
-
منذ عدَّة سنوات، نشر VC Fred Wilson مقالًا تحدَّث فيه عن الطَّريقة التي يتَّبعها في تحقيق العائدات الماليَّة لمشاريعه، أقتبسُ منه هذا المقطع: بهذا الشّكل نشأت فكرة التّرويج للمنتجات بتقديم الخدمة المجانيّة (ما يسمى بـ Freemium)، وقد ذكر Fred في مقاله أن هذا النّوع من الخدمات كان قد استُخدم من قبل بصيغٍ متنوّعة، فهناك على سبيل المثال المكالمات المجانيّة التي نجريها كلّ يومٍ في برنامج Skype، وكذلك خدمات التّخزين السحابيّة مثل Dropbox و Box.net. وحتّى قبل أيّامنا هذه بكثير، ففي ثمانينات القرن الماضيّ، كان المطوّرون يوزّعون إصداراتٍ مجانيّة مصغّرة لمنتجاتهم بالمجّان على أقراصٍ مدمجة CDs. ومع مرور الوقت، تحوّلت فكرة جذبِ الزّبائن عبر الخدمات المجانيّة من مجرّد فكرة عابرة، إلى أسلوبٍ مُعتمد يستخدمه الجميع. فالكثيرون اليوم بدؤوا يتبنّون الفكرة القائلة: "فقط اجعل الكثير من النّاس يسجّلون في موقعك بالمجان، ومن ثمّ ابدأ بتطبيق خططك الربحيّة عليهم". شيئًا فشيئًا أصبح العائدُ الماليّ لدى أصحاب المشاريع هدفًا ثانويًا، كأنّك تقول: "سأفكّر بكيفيّة الرّبح من هذا المشروع لاحقًا" أو "لن أحرص على تقاضي ثمن الخدمة من زبائني في الوقت الحاليّ، ربّما بعد سنة أو اثنتين." صحيحٌ أن شركاتٍ ضخمة مثل سكايب وفيسبوك وفليكر وأشباهها قد حقّقت نجاحًا باهرًا باعتمادها مبدأ إتاحة خدماتهم بشكل مجّاني "فريميوم" freemium لكنّ هذا لا يجعل الفكرة صالحةً لكلّ مكانٍ وزمان، ولا يجعلها الوصفة السحريّة التي ستجلبُ لعملك الرياديّ ملايين الدولارات في آخر العام. قد تجد الأمر غريبًا بعض الشّيء، لكن بعد رصد عددٍ من الشّركات النّاشئة منذ مدّة وجدنا أن الناس قد بدأت تبتعد عن حقيقة هذا المبدأ والغاية منه، ألا وهي أنه ابتُكر ليكون خطّةً تسويقيّةً لا طريقةً متبّعةً لكسب المال. لأوضح لك قصدي أكثر، سنستكشف معًا كيف يمكن لهذا النمط من العمل أن يقضيَ على شركتك، وسنتبيّن متى يكون ناجحًا ومفيدًا، ومن ثم سأعطيك بعض النّصائح لتطبّقها على عملك بشكل مباشر. استراتيجية تسويقية، وليس طريقة ربحعندما تعمل بأسلوب جذب الزّبائن عن طريق باقات الخدمة المجانيّة، سوف يكون تركيزك محصورًا في أمرين: الأوّل أنّك بحاجة إلى أن تؤمّن أكبر قدر ممكن من التّفاعل مع المستخدمين الذين تتوقّع أنهم سيدفعون أجر خدماتك مستقبلًا، والثاني أن القيمة المضافة التي ستحملها الباقات المدفوعة يجب أن تكون جذّابة ومحفّزة إلى حدّ كبيرٍ يجعل الزبائن يسارعون إلى إفراغ جيوبهم من أجل الحصول عليها. في الواقع حتى تتمكّن من نقل الزّبون من الباقة المجّانيّة اللّطيفة التي اعتاد عليها إلى تلك المدفوعة، لابدّ أن تمتلك معرفة عميقة واستثنائية لشخصية زبونك وسلوكه ومحفّزاته. ليس هذا فحسب، بل عليك أن تميّز هذا الزبون المتحمّس، من بين الجمهور الواسع الذي يستهدفه مشروعك. في الحقيقة، إن الخدمات المجّانيّة الترويجيّة ستوقعك في مشكلة، ستجد أن لديك سيلًا هائلًا من المشتركين أضعاف ما كنت تتصوّره، والذي قد يتسبّب باستهلاك موارد شركتك من قبل أناسٍ لا يفكّرون أصلًا بالارتقاء إلى الخدمات المدفوعة في يوم من الأيّام. لهذا السّبب ظلّت بعض الشّركات تعمل لسنوات عدّة دون أن توفّر لزبائنها حزمًا مجانيّة، مع أنّ ذلك ممكنٌ تقنيًّا، فشركة MailChimp على سبيل المثال لم تبدأ بتقديم الخدمات المجّانيّة إلا بعد عشرة سنوات من العمل. وكذلك شركة Wistia التي أعلنت عن إتاحة حزمة مجّانيّة بعد خمسة سنوات من إطلاقها، رافعةً شعار Wistia for all. خلال هذه الفترة – أي قبل إصدار الحزمة المجّانيّة – تستطيعُ الشّركات أن تحلّل احتياجات زبائنها، ومعرفة متطلّباتهم ومحفّزاتهم قبل أن تخطو خطوةً واحدة نحو المجّانية للجميع. في الحقيقة ليست الخدمات المجّانيّة هي التي قادت تلك الشّركات إلى النّجاح، بل العملُ الناجح هو الذي مكّنهم في النهاية من تفعيل مبدأ الخدمات المجّانيّة بالشّكل الصّحيح. عندما تقرّر إطلاق حزمةٍ مجّانيّة من خدمات موقعك، فمِن الأفضل أن يكون الهدف من هذه الخطوة واضحًا في ذهنك تمامًا، وأن تكون متأكدًا من أنها ستُسهم فعلًا برفع عائداتك السنويّة إلى مستوىً أعلى مما كنت تجنيه من قبل. أيضًا من الأفضل أن يبدو الأمر مثيرًا ومشجّعًا لدرجةٍ تحفّز فريق التّسويق لديك لإصدار مقطع مرئيً مميّز لترويج الخطّة الجديدة، كذلك المقطع الذي أصدرته شركة Wistia، لقد جعلوا الحدث يبدو وكأنه يستحقّ احتفالًا عالميًّا! بعيدا عن النظريات والفلسفة، اسمع ما الذي تخبرنا به الأرقامقد تقول أنّ هذا الكلام نظريّ وبعيد عن الواقع، وستجدُ العديد من الأمثلة والدّلائل التي تؤكّد لك أنّني أعمّم الأمر وأنني مخطئ. حسنًا لنقم بطرح مثال عمليّ باستخدام عيّنة من البيانات. لنفترض أنّ لديك شركة تقدّم خدمات سحابيّة Cloud services ولديك ثلاث مستويات من الخدمات التي تقدّمها لزبائنك كما في الصورة: دعنا نتخيل السيناريو التالي (مجددًا نحن نضع بعض الافتراضات هنا لنوضّح الأثر السلبي لباقات الخدمة المجانية، إذا أردت أن تختبر ذلك بنفسك على منتجك الخاص أخبرنا بذلك.) تخيّل أنك قمتَ بالتّسويق للحزمة الأساسيّة ذات الـ 49$ بشكل كبير، ووصلت في مرحلةٍ ما إلى 100 زبون للحزمة الأولى فقط، دون وجود أيّ مشتركين في الحزمتين الثّانية والثّالثة. أيضًا وصلتَ إلى معدّل نمو الزّبائن Growth 30% ومعدّل تكمّش Churn 10%، وبلغت قدرة شركتك على إقناع الزّبائن بالارتقاء من حزمة إلى أخرى معدلًا 5% من الزبائن شهريًا لكلّ حزمة. (هناك الكثير من الافتراضات الأخرى، لكن سنكتفي بهذه حاليًا) إذا سارت الأمور على هذا المنوال، ففي نهاية السّنة الخامسة من العمل سيكون عدد زبائنك قد وصل إلى 1095 زبونًا، وبلغ معدّل التشغيل run rate لديك 900 ألف دولار. الآن تخيّل لو أننا جعلنا الحزمة الأولى مجانيّة، وأبقينا على باقي المتحوّلات كما هي، ما الذي سيحدث؟ النتيجة الحتميّة أن معدّل التشغيل بعد خمسة سنوات سينخفض من 900 ألف إلى 380 ألف دولار فقط، أي أنك حصلت فقط على 42% مما كان بإمكانك تحصيله. هذا طبعًا عدا التّكاليف الإضافيّة التي ستقع على عاتقك بسبب الدّعم الفنيّ والتّسويق الذي تقدّمه لعدد كبير من الزبائن المستفيدين من خدماتك المجانية، والذين لم تتأكد بعد إن كانوا ينوون أصلًا أن يدفعوا ثمن منتجك في حال من الأحوال. ببساطة، إن حزم الخدمات المجّانيّة ليست مجرّد تكاليفٍ زهيدة تضاف إلى عاتق شركتك. إنّك إذا لم تكن قادرًا على تحسين أيٍ من العوامل سابقة الذكر لكي تصل بعملك إلى برّ الأمان، عندها سيلزمك أن تعيد حساباتك وتطوّر خططًا واستراتيجيّات جديدة، في التسويق واستهداف الزبائن وتسعير المنتجات، كي تتلاءم مع نموذج العمل الجديد الذي يقوم على تقديم الحزم المجانيّة. في النّهاية، إنّ الحصول على قاعدة بيانات ضخمة من العملاء أمر غاية في الرّوعة في حالةٍ واحدة فقط، عندما يكون كلّ زبونٍ جديد يساوي المزيدَ من الدّولارات الإضافيّة التي ستدخُل جيبَك في نهاية العام. هل هناك حالات يكون فيها هذا الأسلوب ناجحا؟نعم بالطّبع، بالنسبة لبعض الشّركات قد يكون البدء بطرح خدمات مجانيّة منذ اليوم الأول أمرًا معقولًا. لكن دعنا نقلها بصراحة، الكثير من روّاد الأعمال لن يصيروا شركة فيس بوك أخرى، حتى وإن فعلوا ذلك سوف يصلون إلى مستويات متقدّمةٍ من العمل دون أن يفكّروا بعد بأيّ سياسةٍ تمكّنهم من الربح بشكل حقيقيّ. عندما تريدُ أن تنشئ منصّة إلكترونيّة فلتكن مثل LinkedIn، بحيث أنّك تجعل الزّبائن –أو شريحة منهم– يدفعون لك منذ اليوم الأول. إن الشّبكات الاجتماعيّة والمنصّات الشّبيهة بها (Smarterer على سبيل المثال) عليها أن تنمّي وبشكل كبير قاعدة الزّبائن -الذين لا يدفعون أصلًا– حتى تحصل في النّهاية على بيانات ذات قيمة عاليّة تستحقّ أن يأتيَ زبونٌ آخر يدفع من أجل أن يحصل عليها (أصحاب الإعلانات مثلًا). هذا رائعٌ بالفعل، لكن الأجدى بك أن تبتكر طرقًا جديدة تحصل من خلالها على ثمن خدماتك من اليوم الأول. عندما تجلس وتفكّر بالسياسة الربحيّة التي ستتّبعها في شركتك، نادرًا ما سيكون الجواب: "سأقدّم الخدمات بالمجان حاليًّا ريثما أصل إلى طريقة أجني المال من خلالها". بدلًا من ذلك جرّب سياساتٍ عدّة للرّبح، ومن ثمّ تتبع نقاط القوّة والضّعف لكلّ منها، لتصل في النّهاية إلى النموذج الأمثل الذي يدِرُّ لك أكبر قدر من المال. في نهاية الأمر عليك أن تتصرّف بحذر، لكن في حال قرّرت أن تبدأ بخدمات مجانيّة لم لا تجعل هؤلاء الزّبائن يقدمون لك شيئًا ما في المقابل؟ خدمات كنت ستدفعُ أنت ثمنَها مثلًا! في الواقع Dropbox قاموا فعلًا بهذا الأمر، فعندما تنشئ حسابًا مجانيًّا لديهم ستحصل على مساحة تخزينيّة متواضعة، لكنّك إن بدأتَ بدعوة أصدقائك و"التسويق" للشركة بشكلٍ فعّال فإنّك ستحصل على مساحات تخزين إضافيّة مجّانيّة في المقابل. بهذه الطريقة يستطيع صاحب العمل من خلال زبائنه الذين لا يفكّرون بدفع ثمن الخدمات الحقيقيّة، يستطيع أن يوفّر بعض الدولارات –الحقيقية– التي كان سينفقها هو على الحملات الدعائيّة. لكن انتبه، هذه الطّريقة لا تنفع مع أيّ منتج! حسنا الآن، ما الذي يجب علي فعله؟1. قدم وجبات خفيفة، مجانيةعندما يكون منتجك عبارة عن برمجيّات خدميّة، عندها من الأفضل أن تتيح لزبائنك المحتملين إمكانيّة أن يجرّبوا هذا المنتج قبل الشّراء. لا تقدّم كلّ شيء دفعة واحدة، لكن في نفس الوقت اسمح لهم أن يتذوّقوا نسخةً تجريبيّة من المنتج، ربّما شجّعهم ذلك على الشّراء. 2. لا تهمل قوانين إدارة الأعمالإذا كنت تسير وفق أساسيّات إدارة الأعمال بشكلٍ صحيح، فإنّ الوقت المناسب لتقديم الخدمات المجانيّة سيأتيك لا محالة. تأكّد في البداية من أنّك تمتلك المنتج المناسب للسّوق المناسب، أو أنّك اقتربت من ذلك بشكل كبير قبل أن تقوم بإغراق شركتك بعدد كبير من الزبائن دون جدوى. خذ وقتك في التّفكير في ما بإمكانك فعله لتحفّز المشتركين لديك على دفع ثمن خدماتك المأجورة بعد أن يعتادوا على تلك المجانيّة. إذا كنتَ قد بدأت فعلًا بعملك الربحيّ، ولديك بعض الزّبائن، حاول الاستفادة من أدائهم وسلوكيّاتهم وادرسها جيّدًا، لتتمكّن من تحديد فيما إذا كان أسلوب الخدمات المجانيّة يناسبك فعلًا، ولتستشفّ آليّات تطبيقه، وما يتوجّب عليك تطويره في خططك وأسعارك كي يتلاءم مع أسلوب العمل الجديد. لنكن واقعيين، إن الهدف من أيّ عمل ربحيّ هو أن تخلق قيمةً ما يوجد شخصٌ ما يرغب بشرائها. سواءً استغرق الأمر أسابيع أو شهورًا ليدخل أول دولار إلى جيبك أو أنّ النقود قد بدأت تتدفق عليك من أول يوم، في كلتا الحالتين هناك شخصٌ ما يدفع من جيبه مقابل الخدمة التي تقدمها له، وهذا هو جوهر العمل الربحي. أمّا في الحالة التي تبدأ فيها عملك الربحيّ ولا تجد من يشتري، عندئذ تأكّد أنّك قد أخطأت في تقدير الكلفة المناسبة للخدمات التي تقدمها لزبونٍ معين. طبعًا ليس الأمر بهذه البساطة، وإلا لكان كلّ من أطلق شركةً ناشئة قد أصبح الآن يقود سيارات فاخرة. إنّ دراسة الزّبائن والأسعار وصيغ تقديم المنتجات هي عمليّات مضنية تستغرق منك الكثير من الوقت والجهد. بالطبع يمكنك المخاطرة والاستغناء عن ذلك كلّه وإطلاق عملك سريعًا، لكن تذكّر جيّدًا أنّ مقدار ما تجني من المال هو الحَكَم في النهاية. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Forget Freemium: Why It’s Killing Your Pricing Strategy لصاحبه Patrick Campbell. حقوق الصورة البارزة: James Yang.