البحث في الموقع
المحتوى عن 'تضخيم'.
-
أصبح تضخيم قيمة/سعر الشّركات النّاشئة في أيامنا هذه الشغل الشاغل للكثير من الرّياديين، فغالبًا ما ترى شركات تُحدّد تقييمًا لنفسها لما قبل الاستثمار Pre-money valuation ما بين 10 و 15 مليون دولار وهي لا تمتلك عائدات كبيرة أو اجتذابًا قويًّا للعملاء traction. سيكولوجية المليون دولارعندما رغبنا في شراء المنزل الذي نسكن فيه الآن، استعنّا بسمسار عقارات ذي خبرة عالية، وكان المنزل معروضًا بقيمة 950 ألف دولار وكان هناك عدد من العروض المقدّمة لشراءه. اقترح السمسار أن يكون عرضنا بقيمة مليون دولار، وقد فعلنا ذلك وحصلنا على المنزل. إن الفرق بين 950 ألف وبين مليون دولار ليس 50 ألف دولار فقط، بل الأمر أكبر من ذلك بكثير، فالفرق ليس مادّيًا وحسب بل هو معنويّ كذلك. لن يقتنع مؤسّسو الشركات الناشئة أن التقييم هو الخطوة الأخيرة في عملية بناء الشركة الناشئة، وعادة ما يكون التقييم أوّل ما يخطر على بال هؤلاء المؤسسين، إذ أنّهم يساوون بين التقييم والنتائج، ويتجاهلون مصطلحات مثل الأغلبية التي تسمح بفرض القرارات في مجلس الإدارة (Control of the board)، أسهم المُوظّفين ( Option pool)، أو كيفية تحويل الديون Debt Conversion. يُصبح تقييم ما قبل الاستثمار الذي يضعه هؤلاء المؤسسون شُغلهم الشّاغل ومع أنه لا يتوجّب عليهم التّركيز عليه كثيرًا، إلّا أن الواقع يقول عكس ذلك. لنفرض بأنه بإمكانك كمؤسس لشركة ناشئة أن ترفع قيمة شركتك النّاشئة من 4 ملايين دولار الحالية إلى 6 ملايين أو إلى 8 أو ربّما حتى 10إلى ملايين أو أكثر. قد تتساءل إن كنت فعلًا قادرًا على ذلك فما المانع من القيام بذلك؟ لكن من المُحتمل جدًا أن تُغيّر رأيك في الأمر لو نظرت إلى الأمر من زاوية أخرى، وبدل أن تطرح هذا السؤال طرحت سؤالًا آخر: من الذي سيستفيد من ذلك؟ من المستفيد؟من الذي سيستفيد من كون التقييم عاليا جدا؟ من المؤكد أن المستثمرين لن يستفيدوا من ذلك، فهم يشعرون بأنّ الاستثمار الذي ينوون القيام به في شركتك النّاشئة قد ينتهي به المطاف بشكل سيّء، وأنّ المستقبل مجهول بالنسبة إليهم، ومن اليوم الأول من استثمارهم في شركتك سيكون بالهم مشغولًا وغير مُرتاح. من جهة أخرى، لن يستفيد المؤسّسون من هذا التقييم المرتفع أيضًا، فكما يعبّر Josh Kopelman فإنّ هؤلاء المؤسسين سيصطدمون بالواقع خلال أشهر معدودة، وذلك عندما يرغبون في الحصول على جولة استثمارية جديدة ( Series A ) أين يُفترض بهم تقديم أرقام حقيقية عن قلّة مداخيلهم وضعف اجتذابهم للعملاء، وهذا يعني أن هذه الشركة إما أن تفقد جزءًا كبيرًا من قيمتها السّابقة، أو أنها ستحافظ على نفس التقييم في أفضل الحالات. قد يخطر ببالك السؤال التالي: ولكن ما الفرق بين أن تبدأ بتقييم مرتفع وتخفيضه في وقت لاحق، أو البدء بتقييم منخفض ثم رفعه لاحقًا. في الواقع هناك فرق كبير بين الحالتين، والأمر يرتبط بالناحية النفسية، فتخفيض قيمة الشّركة النّاشئة أو بقائها بنفس القيمة (رغم حصولها على جولة استثمارية جديدة) ستكون سببًا في نفور المستثمرين، وسيسبب ذلك انخفاضًا في المعنويات. ولكن إن كنت حصلت على استثمار قليل في مرحلة التمويل الأولي وبتقييم ذي قيمة معقولة، ثم أطلقت شركتك الناشئة ونجحت في اجتذاب الزبائن إليها، فسيكون لديك فرصة للتّحسّن في جولة التمويل القادمة، وسيكون لديك الفرصة كذلك لإيجاد مستثمرين جدد أو دفع المستثمرين الحاليين إلى الدخول في جولة التمويل بتقييم أعلى. عندها ستكون المعنويات مرتفعة، وتصبح الأمور أكثر سهولة، وسيكون المؤسّسون مستعدّين للانطلاق والتوسع بشكل كبير. إذًا بالعودة إلى سؤالنا الأول، من المستفيد من التقييم المرتفع بشكل غير مبرر في مراحل التمويل الأوليّة؟ تقييم السوق أم القيمة الحقيقية؟قد يقول أحدهم: الأمر ليس بيدي، فالسوق هو المُتحكّم في الأمر. وبما أن السّوق وافق على هذا التّسعير فيعني بأنه سعر حقيقي. لكن يجب أن لا نغفل على أمور أخرى مثل القيمة الحقيقية لما تقوم به وكيف يُمكن لك أن تخلق ثروة. إن كنت قد قضيت مدة 3 إلى 6 أشهر في محاولة إطلاق شركتك الناشئة دون الوصول إلى نتيجة جيدة، فإن قيمة شركتك الناشئة لما قبل الاستثمار لم تصل لا إلى 10 ملايين دولار، ولا إلى5 ملايين دولار أيضًا. حيث أنه يجب أن تنظر إلى هذه الأرقام على أنها أرقام حقيقية لأموال مستقبلية حقيقية في قيمة مشروعك التجاري. أصبح أغلب المؤسسين أشبه بالباعة الذين لما تسألهم عن سعر السلعة التي يبيعونها يجيبونك :”أخبرني أوّلا كم من المال معك". أصبحت القيمة التي يجب أن تقدّر بها الشركة تعتمد على المبلغ الذي سيدفعه المُستثمرون الرّاغبون في الاستثمار، فالأمر أشبه بمزاد علني، وفي الواقع لا يختلف هذا عن طريقة البائع آنف الذّكر. المؤسسونإنّ قضية القيمة وخلق القيمة أمر جوهري هنا، فالمؤسسون هم الذين يبنون، وهم الحالمون، وهم أصحاب المبادئ، وهم المنصفون، ولا يحبون التعرض إلى الخداع كما لا يحبّون خداع الناس. وعليه، فإني أهيب بجميع المؤسسين أن يتعلّموا من التاريخ وما يقدّمه من معلومات، وأن لا يتبعوا الآخرين على نحو أعمى، بل عليهم أن يطرحوا الأسئلة، ويكونوا منصفين، ومنطقيين، وأن يفعلوا الصواب من الأمور. لا تحاول أن تُجهض أمرًا قبل أن يُبصر النّور، لا تُحاول أن تقتل شركة النّاشئة وهي لا تزال في مهدها خاصّة وأنّك ستبذل الغالي والنّفيس من أجلها. ترجمة -وبتصرّف- للمقال The valuation madness or how to kill your startup before it even starts لصاحبه Alex Iskold.
-
- شركة ناشئة
- قيمة
-
(و 5 أكثر)
موسوم في: