تُطلق على وسائل التواصل الاجتماعي تسميات عديدة، منها ويب 2.0، والمحتوى الذي ينتجه المستهلك CGM، والإعلام التشاركي، والإعلامي الجديد؛ وفي الحقيقة، قد تكون موازنة وسائل التواصل الاجتماعي بوسائل الإعلام التقليديّة هي الطريقة الأفضل لفهم ماهيتها، فببساطة، تُعَد وسائل التواصل الاجتماعي شكلًا من أشكال الإعلام المصمم بهدف المشاركة، سواءً كان مكتوبًا أو مرئيًا أو مسموعًا. ونعني بالمشاركة سهولة التعليق على هذا النوع من الإعلام، وسهولة مشاركته، إلى جانب عدم وجود أي تكاليف مرتبطة بمشاهدته. في ذات الوقت، يساعد الإنترنت على متابعة وقياس جميع عمليّات المشاركة والتعليق والمشاهدة.
الشكل 8.1: الموازنة بين وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليديّة
وبفضل الإنترنت وبرمجياته، أصبح أي شخص قادرًا على نشر المحتوى وتوزيعه بسهولة، كما أصبح أي شخص أيضًا قادرًا على الوصول إلى ذلك المحتوى.
أخيرًا، يمكن القول إن وسائل التواصل الاجتماعي تتمحور حول الترابط، والتعاون لإنتاج المحتوى ومشاركته.
نظرة تاريخية
تُعد المدوّنات من أقدم صور التواصل الاجتماعي، وقد كانت مدونة.links.net لصاحبها جاستن هول، من أول المدوّنات الشخصيّة على الإنترنت، حيث حافظ صاحبها عليها منذ عام 1994، ولمدّة 11 عامًا. وبهذا نستنتج أن المستخدمين قد بدؤوا بإنتاج المحتوى الشخصي منذ الأيام الأولى للإنترنت.
في البداية، كان يُشار إلى هذه المدوّنات الشخصيّة بمصطلح Weblogs، وهو عبارة عن مزيج من كلمة Web التي تعني إنترنت، وlog التي تعني "سجل أو دفتر"، ولكن في إبريل أو مايو 1999، صاغ المدوّن بيتر ميرهولز Peter Merholz مصطلح blog.
سرعان ما بدأ المطورون بإنشاء أدوات تمكّن أي شخص من بناء مدوّنته الخاصّة، ففي أغسطس 1999 ظهرت منصة بلوجر الشهيرة، قبل أن تستحوذ عليها جوجل في عام 2003. وفي عالم 2001، أُنشئت ويكيبيديا، وهي أشهر مواقع ويكي على الإطلاق.
في عام 2002 انطلقت شركة Technorati المتخصصة في متابعة المدوّنات ومواقع التواصل الاجتماعي، وبحلول شهر إبريل 2008، كانت الشركة تتابع 112.8 مليون مدوّنة. ووفقًا لإحصائيات الشركة، فقد بلغ معدّل إنشاء المدونات الجديدة في ذلك الحين 1.4 مدوّنة كل ثانية.
ولكن التدوين ليس الشكل الوحيد من أشكال التواصل الاجتماعي، فقد ظهرت العديد من المنصات المتخصصة في أنواع أخرى من المحتوى، ففي فبراير 2004، انطلقت أداة Flickr لمشاركة الصور قبل أن تستحوذ ياهو عليها في يونيو 2005. بحلول هذه المرحلة، بدأت وسائل الإعلام التقليديّة بتداول مصطلحات التواصل الاجتماعي، وفي عام 2004 اختار قاموس ميريام ويبستر Merriam-Webster كلمة blog، والتي تعني "مدوّنة" لتكون كلمة العام.
ظهر موقع مشاركة الفيديو الشهير "يوتيوب" لأول مرّة في مايو 2005، وانطلق رسميًا بعد ذلك بستة أشهر، قبل أن تستحوذ عليه جوجل في عام 2006 مقابل 1.65 مليار دولار؛ أمّا موقع تويتر، فقد انطلق في أكتوبر 2006، علمًا أن الحد الأقصى للتغريد في ذلك الحين كان 140 حرفًا فقط.
وفي عام 2006، قررت مجلة التايم الشهيرة أن تختارك "أنت" لتكون شخصيّة العام، وذلك في ظل التأثير المتزايد للمحتوى الذي ينتجه المستخدمون في شبكة الإنترنت؛ أما في عام 2009، فقد بدأت جوجل بتضمين تغريدات تويتر ضمن نتائج البحث، وهو ما تطلق عليه الشركة "البحث في الوقت الفعلي"، الأمر الذي يعكس الأهميّة المتزايدة لمواقع التواصل الاجتماعي.
آلية العمل
لقد غيّرت وسائل التواصل الاجتماعي عالم التسويق، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من أي حملة تسويق إلكترونيّة، ولكنها في النهاية تتعلق بالطريقة التي نتشارك بها المحتوى عبر الإنترنت.
المفضلات والمشاركة
إذا كنت تزور بعض المواقع باستمرار، فإنك تستطيع الاحتفاظ بها والعودة إليها مجددًا متى أردت، فكل ما عليك فعله هو إضافة هذه المواقع إلى المفضلة في متصفحك لتخزين روابطها لديك. تتيح لك هذه الطريقة إمكانية بناء مكتبة شخصيّة من مواقع الإنترنت، وفي المقابل، تسمح لك بعض مواقع المفضلات الاجتماعية بتخزين هذه الروابط عبر الإنترنت، واستخدام الوسوم tags لوصفها، ومن ثم مشاركتها مع غيرك من المستخدمين. كذلك تتيح بعض المواقع إمكانية نشر هذه الروابط حتى يستطيع المستخدمون الآخرون مشاهدتها والتصويت عليها، بينما يسمح لك البعض الآخر باستخدام الوسوم لاستعراض القوائم التي حفظتها والمكتبات التي أنشأتها.
تسعى بعض المواقع إلى تشجيع مستخدميها على مشاركة محتواها في مواقع المفضلات الاجتماعيّة، وذلك من خلال وضع أزرار خاصّة Chicklets حول المحتوى بهدف تسهيل مشاركته، حيث تسمح لك المفضلات الاجتماعيّة بالتعرّف على الموضوعات المفيدة والمثيرة، وربما المضحكة من وجهة نظر مستخدمي الإنترنت الآخرين، كما أنها تساعدك في العثور على مستخدمين آخر يحملون اهتمامات مشابهة لك، واكتشاف مواقع ربما لم يسبق لك التعرّف عليها.
تتيح المفضلات الاجتماعيّة للأشخاص من ذوي الاهتمامات المتشابهة إمكانية المشاركة أي محتوى مثير للاهتمام بسهولة ، كما قد تمثل هذه المواقع أداةً ممتازةً تسمح لأفراد الشركة أو المؤسسة الواحدة بمشاركة المواقع والمقالات المرتبطة بمجال عملهم. علاوةً على ذلك، يمكن لمواقع الإنترنت أن تعمل على مشاركة المحتوى عبر هذه المفضلات الاجتماعيّة من أجل زيادة معدّل زياراتها وجلب المزيد من المستخدمين الجُدد.
اقتباسملاحظة: أليكسا Alexa هي عبارة عن خدمة تعمل على تقييم مدى شعبيّة مواقع الإنترنت وشهرتها، وذلك استنادًا إلى عادات مستخدمي شريط أدوات أليكسا، وكذلك مستخدمي إضافة Quirk SearchStatus الخاصّة بمتصفح فيرفوكس.
تُعد Digg وReddit من أمثلة المواقع التي تتيح للمستخدمين إمكانية نشر المحتوى حتى يتمكن الآخرون من التصويت عليه، وبناءً على شعبيّة هذا المحتوى والأصوات التي يحصل عليها، فإنه إمّا أن يصعد أو ينزل في القوائم التي توفرها هذه المواقع. تتطلب هذه المواقع التسجيل حتى تتمكن من إضافة المحتوى والتصويت عليه، ولكن العديد من الناس يزورون هذه المواقع للاطلاع على المحتوى الرائج فقط. لقد كان موقع Digg يحتل المرتبة 102 ضمن ترتيب أليكسا في أواخر عام 2009، ورغم ما يُقال عن تراجع حجم الإقبال على زيارة الموقع، إلا أنه ما زال يستقطب كمًا كبيرًا من الزيارات اليوميّة حتى الآن.
يمكن للوصول إلى قمة هذه القوائم أن يساعد مواقع الإنترنت على تحقيق زيادة كبيرة في الزيارات إلى درجة أن الخوادم قد تنهار بسبب الزيادة غير المتوقعة، لذلك يتطلع العديد من المسوّقين إلى هذه القمة، ولكن أي محاولة للتلاعب بهذه القوائم قد تنعكس سلبًا وتؤدي إلى ردود فعل سلبيّة من المستخدمين.
يتميّز مستخدمو هذه المواقع بأنهم متنوعون ديموغرافيًا، وهو ما ينعكس أيضًا على تنوّع المحتوى. على سبيل المثال، يركّز Digg على الجوانب التقنيّة، بينما يميل Reddit إلى التركيز على الأخبار العامة.
اقتباسملاحظة يستخدم بعض متابعي الإنترنت مصطلح فولكسونومي Folksonomy للإشارة إلى تصنيف محتوى الإنترنت بناءً على الوسوم التي ينتجها المستخدمون، وذلك بدلًا من الاعتماد التصنيف الهرمي الذي توفره جهة مركزيّة.
استخدام المفضلات الاجتماعية كأداة تسويقية
يساعدك الاطلاع على كيفيّة تصنيف المستخدمين لمحتوى موقعك الإلكتروني في الحصول على فكرة عن نظرة الجمهور إليك وإلى شركتك، والتي قد تكون مختلفةً كثيرًا عمّا تظن، كما أن الاطلاع على المواقع التي تحمل وسومًا مشابهة لموقعك قد يساعدك على اكتشاف أفكار جديدة أو التعرف على منافسين جُدد.
تستطيع أيضًا استخدام هذه الخدمات لمشاركة الروابط المهمة من وجهة نظر شركتك، وبالتالي فإنها قد تكون أداةً مفيدةً في جذب اهتمام المعجبين إلى جانب البيانات الصحفيّة.
وللاستفادة من هذه الخدمات في جلب الزيارات، اكتشف نوع المحتوى الذي يميل جمهورك للتصويت لصالحه وقدّم لهم هذا المحتوى، ولكن احذر من التصويت لنفسك، فذلك سوف يثير سخط المستخدمين بكل تأكيد.
يُعد النمو الطبيعي هو السبيل الوحيد للنجاح في هذه المواقع، وقد يستغرق الأمر وقتًا حتى تبني سمعتك فيها، ولكن النتيجة النهائيّة تستحق عناء الانتظار. أخيرًا، تأكد من إضافة أزرار ملائمة إلى المحتوى الذي تقدّمه لتسهيل عمليّة المشاركة على المستخدمين.
ترجمة وبتصرف للفصل Social Media، من كتاب eMarketing: The Essential Guide to Online Marketing.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.