عندما افتتح ميلتون هيرشي Milton Hershey متجر حلوى لأول مرة في فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية، اضطر إلى الإغلاق بعد ست سنوات، إذ لم يحقق مبيعات كافيةً للنجاح، وبعد أن أغلق في فيلادلفيا، انتقل إلى شيكاغو، ثم إلى نيو أورلينز، ثم إلى نيويورك، وكان يفشل في كل مرة ويبدأ من جديد.
استغرق الأمر عشر سنوات من الرفض والفشل قبل أن تنجح أعمال هيرشي وتصبح شركةً ضخمةً تبلغ قيمتها 5 مليارات دولار، إذ لم تحقق الشركة النجاح بين عشية وضحاها، بل كان لا بد من إصرار بائع واحد في مواجهة الفشل.
الرفض حقيقة يجب على جميع مندوبي المبيعات التعامل معها من حين لآخر، وذلك بغض النظر عن مدى خبرتهم أو مهارتهم، فهو جزء من العمل، إذ قد يقطع العملاء المحتملون خط المكالمة في وجهك أو يرفضون رؤيتك، بينما يستمع آخرون إلى مقاربة مبيعاتك، ثم يخبرونك بأنهم غير مهتمين بما تقدمه، لكن إذا تعاملت مع مكالمة المبيعات بثقة، ولم تَعُدّ الرفض مسألةً شخصيةً، فلن يكون احتمال الرفض عائقًا أمام نجاحك، إذ طالما تؤمن بقيمة الحل الذي تبيعه، وتبذل قصارى جهدك لضمان حصول عميلك على ما يحتاجه ويريده، فأنت تملك إذًا كل الأسباب لتكون واثقًا.
اعلم أن الخوف من الفشل -أكثر من أي شيء آخر- هو الذي يخلق حاجزًا بين مندوب المبيعات والبيع الناجح.
التغلب على عزوفك
يتعلق البيع الناجح بتحكمك في عقليتك، وبالأخص عندما يتعلق الأمر بمواجهة الرفض. يُعبِّر الكاتب ومدرس المبيعات فيل جلوسرمان Phil Glosserman عن هذه الفكرة فيقول: "الشخص الوحيد الذي يستطيع رفضك بوصفك مندوب مبيعات هو أنت" فهناك العديد من الأسباب التي تجعل العميل المحتمل يرد بقول: "لا شكرًا"، والقليل جدًا منها يتعلق بك شخصيًا، فقد يكون العميل المحتمل ببساطة غير راغب، أو غير قادر على إجراء عملية شراء في الوقت الحالي، أو قد يواجه ضغوطًا في العمل تمنعه من منحك اهتمامه الكامل، ولعله ببساطة يمر بيوم سيئ.
بدلًا من أن تُركز على الطريقة التي تشعر بها وتقول: "ماذا لو رفضني؟"، يقترح جلوسرمان التركيز على الطريقة التي يشعر بها العميل المحتمل، فتقول مثلًا لنفسك: "كيف يمكنني مساعدته في الحصول على ما يريده من هذا التواصل؟"، فإذا تخيلت كيف يشعر عميلك قبل وأثناء تواصلكما، فستنسى غالبًا الشعور بالقلق.
إليك بعض الأشياء العملية التي يمكنك فعلها -بالإضافة إلى التحكم في عقليتك- لمساعدتك في بناء الثقة، وربما الحصول على معدل أعلى من الردود الإيجابية في مقاربة المبيعات:
- كن مباشرًا بشأن اللغة التي تستخدمها عندما تقترب من عميلك المحتمل، ولا تستخدم لغةً اعتذاريةً أو لغةً تُعبّر عن عدم اليقين، فبدلًا من قول: "إذا قررت تحديد موعد …"، جرّب عبارةً توضّح قدرًا أكبر من اليقين: "عند تحديد موعد …" أو "بعد أن نحدد موعدك …".
- تدرب -قبل الدخول إلى مكالمة المبيعات- على تمثيل الأدوار، وحتى لو بدا الأمر مصطنعًا في البداية، فاستمر فيه، وخذ المهمة على محمل الجد. وإذا مارست سيناريوهات البيع المختلفة مرات كافيةً مع شريك في لعب الأدوار، فسوف تتعلم كيف تبدو المقاربة الواثقة، وستشعر بمزيد من الاستعداد للتعامل مع الموقف الحقيقي.
- لا تماطل، فكما قيل: "كلما طالت فترة المماطلة بشأن شيء ما، زاد حجمه في ذهنك"، لذلك لا تؤجل مكالمة المبيعات بسبب توتر أعصابك، فمواجهة مخاوفك هي أفضل طريقة للتغلب عليها.
- أجرِ المكالمات الصعبة عندما يكون لديك أكبر قدر من الطاقة، والذي عادةً ما يكون في بداية يوم العمل. كذلك، يمكن أن تكون مكالمات المبيعات الصباحية أيضًا وقتًا جيدًا للوصول إلى العملاء المحتملين قبل أن تتجمع مشاغل العمل اليومي.
- تخيل نتيجةً ناجحةً قبل بدء المكالمة، فكما يقول جلوسرمان: "تخيل ما تريد أن تشعر به" أثناء مكالمة المبيعات، وفكر في موقف في حياتك جعلك تشعر بهذه الطريقة، وضع نفسك في ذلك الإطار الذهني.
تجاوز حراس البوابة
لنفترض أنك أعددت بيانك الافتتاحي وانتهيت من أبحاثك، لكن عندما تجري مكالمتك الهاتفية، لا يرد عميلك المرتقب، بل سكرتيرته أو مساعدته، وهي تريد أن تعرف من أنت، ولماذا تتصل، ولماذا تؤمن أن على عميلك المرتقب الرد عليك. هذا سيناريو محتمل في مبيعات B2B عندما يكون العملاء المرتقبون مديرين تنفيذيين مشغولين، وليس لديهم الوقت للتعامل مع كل مكالمة تصل إلى مكاتبهم، لذا إذا كنت ترغب في الوصول إلى العميل المرتقب، فقد تضطر إلى المرور عبر "حارس البوابة" أولًا.
هذا الحارس قد يكون منصبه سكرتيرًا أو مساعدًا أو مساعدًا إداريًا أو مساعدًا تنفيذيًا أو متصرفًا، لكن دوره سيكون هو نفسه: منع المشتتات غير المرغوب فيها من مقاطعة جدول أعمال رئيسه المزدحم. غالبًا ما يفكر مندوبو المبيعات في حراس البوابة على أنهم حواجز طرق، لكن إذا كان البائع يعامل حراس البوابة على أنهم عقبات يجب التغلب عليها، فليس من المرجح أن يتجاوزهم، بل قد يفقد أيضًا فرصة التعاون مع الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا أصولًا مفيدةً في عملية بيعه، وذلك لأن حراس البوابة بشر (وليسوا عقبات)، ووظائفهم مهمة للتسيير الناجح لمنظماتهم.
فكر فيهم على أنهم جزء من علاقة البيع، وعاملهم باللطف والاحترام الذي ستتعامل به مع العميل المرتقب، إذ يُعَد حراس البوابة جزءًا لا يتجزأ من علاقة البيع لعدد من الأسباب، نذكرها في ما يلي:
- معرفتهم القيمة بالأعمال الداخلية للمؤسسة، بما في ذلك مكان مراكز القوة وكيفية اتخاذ القرارات.
- درايتهم الكبيرة بجدول أعمال رئيسهم التي قد تتجاوز درايته هو نفسه.
- لديهم يد مباشرة في من يدخل لرؤية رئيسهم وفي كيفية نقل الاتصالات.
- يمكنهم تحديد كيفية تمثيل الغرباء لرئيسهم، وغالبًا ما يؤثرون في الانطباع الأول، إذ قد يخبرون العميل المرتقب عنك قبل أن تتواصل معه.
ضع نفسك في مكان حارس البوابة لمدة دقيقة، أي تخيل أنك قد كنت ترد على الهاتف طوال اليوم، وتستجيب للأشخاص الذين لا يتكلف أغلبهم عناء التعامل باحترام، وستتلقى مكالمةً أخرى:
مندوب المبيعات: | مرحبًا، أنا حمزة الدوسي، هل الأستاذ محمود الداخل في مكتبه حاليًا؟ |
المساعد: | أجل، هو هنا، لكنه مشغول حاليًا. هل لي أن أسأل عن سبب اتصالك؟ |
مندوب المبيعات: | أريد تحديد موعد لمقابلته. متى يمكنني معاودة الاتصال؟ |
المساعد: | عذرًا، لكن الأستاذ محمود لا يستقبل المكالمات قبل أن يعرف هدفها. |
لاحظ أن المتصل لم يذكر اسم منظمته أو الغرض من مكالمته، حتى عندما طلب حارس البوابة مزيدًا من المعلومات، كان مقتضبًا في حديثه مع المساعد، لذا كان المساعد مقتضبًا معه. لهذا، عندما تتحدث إلى حراس البوابة، أعطهم المعلومات التي يطلبونها عندما يريدون ذلك، وتذكر أن مهمة حارس البوابة هي معرفة ما إذا كانت مكالمتك مفيدةً لرئيسه أم لا، لذا إذا أخبرته بسبب المكالمة، فسوف تساعده في معرفة مدى قيمة اتصالك من عدمه.
تعرف على حارس البوابة بمعرفة اسمه، وتصرف معه بود، كما تقترح كاتبة الأعمال سوزان وارد Susan Ward بدء المحادثة بسؤال: "أتساءل عما إذا كان بإمكانك مساعدتي"، وذلك لإظهار الاحترام، وإثبات أنك ترى حارس البوابة جزءًا من علاقة البيع، وإذا فعلت ذلك، فلن تحتاج إلى تجاوز البواب، بل يمكنه في كثير من الأحيان إخبارك بكل ما تحتاج إلى معرفته، انطلاقًا من اسم الشخص المناسب الذي يجدر بك الحديث معه، مرورًا بأنسب الأوقات لمعاودة الاتصال، وانتهاءً حتى بجدولة موعد لك مع عميلك المرتقب قبل أن تتواصل مع هذا الأخير.
تذكر بالطبع ضرورة تقديم الشكر لحارس البوابة عندما يفيدك بالمعلومات التي تريدها، ويمكنك هنا حتى إرسال بطاقة شكر أو هدية امتنان صغيرة.
راجع الآن مقاربة الإحالة التالية التي تُعَد طريقةً للعمل مع حارس البوابة بوصفه حليفًا لا عائق:
أنت: | صباح الخير. اسمي حمزة الدوسي، وأنا أتصل من شركة عدسة المنتصري. نحن أستوديو تصوير رقمي شامل الخدمات هنا في الشارقة، وأنا أتصل لأتابع مكالمةً أجراها مديرنا التنفيذي خالد المنتصري مع الأستاذ محمود الداخل، وقد أبلغني أن الأستاذ محمود يحتاج شريكًا في مجال التصوير الرقمي، فهل لي بمحادثته؟ |
المساعد: | سأرى ما إذا كان متفرغًا. هلا أعدت اسمك وشركتك مجددًا؟ |
أنت: | شكرًا، أقدر مساعدتك. أنا حمزة المنتصري من شركة عدسة المنتصري. ما اسمك أنت؟ |
دروس مستخلصة
- يمكن أن تكون العقلية -وبالأخص خوف الرفض- عائقًا أمام نجاحك في مقاربة العميل المرتقب.
- تُعَد ممارستك سيناريو المقاربة عبر أدائه منفردًا أو مع زميل واحدةً من أهم طرائق بناء الثقة وتجاوز عزوفك، وكذا الاتصال خلال الوقت الذي تملك فيه أعلى قدر من الطاقة، والتركيز على اللغة التي توحي بالثقة خلال المقاربة.
- ربما تضطر في مبيعات B2B إلى تجاوز حراس البوابة قبل لقاء عميلك المرتقب.
- يمكن أن يكون حراس البوابة حلفاءك إذا عاملتهم على أنهم جزء من عملية البيع.
تمارين
- تذكر مرةً نجحت فيها في شيء كنت عازفًا عن فعله. ما هي التقنيات التي ساعدتك في تحقيق هدفك؟
- تخيل أنك مندوب مبيعات شركة لوجستيات، وتريد الحصول على موعد مع مدير العمليات في إحدى الشركات المصنعة للأجهزة، وقد سمعت أنه قد يكون من الصعب جدًا التعامل معه، لذا فأنت قلق بشأن الاتصال به، لكنه يمثل احتمالًا كبيرًا بالنسبة لك. حدد ثلاثة أشياء ستفعلها للتغلب على ترددك في عمل المكالمة.
- ضع نفسك في مكان مساعد تنفيذي بشركة كبيرة في يوم صباحه مزدحم، ويتصل بك مندوب مبيعات يطلب مقابلة رئيسك في العمل بعد وقت الغداء مباشرةً. حدد ثلاثة أشياء يمكن أن يفعلها أو يقولها مندوب المبيعات، والتي ستجعلك أكثر استعدادًا لمساعدته.
- افترض أنك مندوب مبيعات لشركة تبيع برامج محاسبة يمكنها تقليل وقت معالجة الفاتورة بنسبة 15%، وتريد الحصول على اجتماع مع المدير المالي لشركة محتملة، لكنك تحتاج إلى التعامل مع السكرتير قبل الوصول إلى المدير المالي. ما هي المقاربة التي ستستخدمها مع حارس البوابة هذا؟ وما هي المقاربة التي ستستخدمها مع المدير المالي؟ ولماذا قد تستخدم هذه الأساليب؟
ترجمة -بتصرف- للقسم "Overcoming Barriers to Success" من كتاب "The Power of Selling".
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.