اذهب إلى المحتوى

تخيل أنك قررت بناء منزل من أساساته، والذي بعد تصميم منزلك المثالي، ستتمنى لو أن بإمكانك فرقعة إصبعيك لتشاهد الجدران ترتفع وحدها، والسقف يُصَب، والطلاء يَنساب من تلقاء ذاته، لكنك في العالم الواقعي مضطر إلى وضع خطط وقياسات مفصلة، والعثور على المواد الأولية، والتفاوض مع المقاولين والبَنّائين، وما إلى ذلك؛ وهي أمور تتطلب الصبر والوقت والجهد، لكنها خطوات ضرورية للغاية لكي يمضي المشروع قدمًا.

يشبه التخطيط ووضع الأساس إلى حد ما البحث عن العملاء وتأهيلهم، ويُعَد العثور على العملاء المحتملين هو الجزء الأكثر حيويةً في عملية البيع، إذ لا يمكنك إجراء عملية بيع دون تحديد الأشخاص الذين ستبيع لهم، فبدون البحث عن العملاء المرتقبين، لا يمكن أن يحدث أي شيء آخر، لكن تشبيه بناء منزل يتوقف هنا، إذ على عكس الأسس التي تحفرها وتصبها مرةً واحدةً، لا يتوقف البحث عن العملاء المرتقبين، بل يتكرر باستمرار.

تفقد الشركات بعض العملاء كل عام لعدة أسباب، فقد لا يحتاج العملاء مجددًا إلى المنتج أو الخدمة، أو لا يملكون المال الكافي لشراء المنتج أو الخدمة، أو يرحلون عن المنطقة فيتوقفون عن التسوق فيها؛ لذلك إذا لم تكن قد أعددت قائمة العملاء المرتقبين، فلن يكون لديك عملاء جدد لاستبدال العملاء الذين فقدتهم، ولعل الأهم من ذلك هو أن العثور على عملاء مرتقبين جدد هو الطريقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها زيادة مبيعاتك وتوسيع نطاق عملك.

قيمة العميل المحتمل

فكر في آخر مرة ذهبت فيها إلى المتجر لإجراء عملية شراء كبيرة وبدأت بتصفح المنتجات. لربما يكون قد اقترب منك مندوب مبيعات مُرحِّبًا بالعبارة المعتادة: "هل يمكنني مساعدتك؟"، وربما تكون قد رددت بالمعتاد أيضًا: "لا، شكرًا. أنا أبحث وحسب"، ولعل المندوب تركك وشأنك عندها، على افتراض أنك غير مهتم فعليًا بعملية شراء، لكن المفاجئ لمعظم الأشخاص، عملاءً كانوا أو مندوبي مبيعات، هو أن أكثر من ثلثي المتسوقين الذين يقدمون الردود الاعتيادية مثل "لا شكرًا، أنا أبحث وحسب"، ينتهي بهم المطاف إلى شراء منتج، بمعنى أن هؤلاء عملاء محتملون قيِّمون، وغالبًا ما تذهب معاملاتهم التجارية إلى أحد المنافسين.

لنفترض أنك تخطط لشراء ثلاجة جديدة، وهذا عادةً ليس نوع الشراء الذي يُؤدَّى على الفور، لذا قد تذهب إلى عدد من المتاجر لمقارنة المنتجات والأسعار أولًا، وإذا أخبرت مندوب المبيعات في المتجر الثاني أنك تبحث وحسب، فيمكنك حينئذٍ الذهاب إلى متجر ثالث وتقرر أنك جاهز للشراء. ومن وجهة نظرك أنت -بوصفك عميلًا- إذا تقاربت المتاجر في الجودة والسعر، فسوف تبني قرار الشراء على السعر، أو ميزات المنتج، أو الراحة، أو مزيج من هذه الأشياء؛ لكن تخيل أن مندوب المبيعات في المتجر الثاني استغرق الوقت لتحديد احتياجاتك الخاصة، وكتب معلوماتك الشخصية، وتابع معك. من المحتمل جدًا أن تشتري منه، حتى ولو كانت منتجاته مشابهةً تمامًا لمنتجات منافسيه، لكن إذا بذل قصارى جهده لتزويدك بحل، فسوف يقنعك بالشراء منه بدلًا من متجر آخر.

لنقلب الأدوار الآن: ماذا تعني معرفة هذه المعلومات بالنسبة لك إذا كنت مندوب مبيعات؟ أهم استنتاج هو ألا تتخلى عن أي عميل محتمل lead حتى تتأكد تأكدًا كاملًا من أنه لا يمكن أن يؤهل ليصبح عميلًا مرتقبًا prospect، فإذا كنت تعمل في صالة عرض لا تبيع سوى السيارات الراقية، وكان أحد العملاء المحتملين يرتدي هندامًا أقل من المتوقع في مثل تلك الصالات، فقد تميل إلى استبعاده من حسبانك؛ على افتراض أنه لن يمتلك المال اللازم لذلك، فسياراتك باهظة الثمن، لكن المظاهر غالبًا ما تكون مضللةً، ولن تعرف ما إذا كان العميل المحتمل مؤهلًا بالفعل أم لا حتى تطرح بعض الأسئلة المؤهلة المحددة؛ وعندما تدرك أن العميل المحتمل Lead هو الوحيد الذي يمكنك تحويله إلى عملية بيع، فسوف تدرك أيضًا مدى قيمة كل عميل محتمل.

يصح هذا في البيئتين معًا: البيع للمستهلكين B2C والبيع للشركات B2B، فهناك نسبة تتراوح من 30% إلى 50% من الشركات التي تستفسر عن منتج رأت إعلانًا له، ينتهي بها المطاف إلى اشترائه خلال عام أو اثنين؛ وتلك ليست نسبةً هينةً، لكنك إذا سألت الشركات البائعة، فسوف يصرحون بأن نسبةً من 1% إلى 5% من الاستفسارات حول سلعها المعروضة في إعلانات تتحول إلى عمليات شراء، والتفسير الوحيد لهذه الفجوة الكبيرة هو أن الكثير من العملاء المحتملين القيِّمين يضيعون من تلك الشركات لأنها لا تتابع معهم، ولا تؤهلهم.

قمع المبيعات

غالبًا ما تُشبَّه عملية البيع بالقمع، إذ تبدأ بالعديد من العملاء المحتملين، وبعد جمع المزيد من المعلومات، تتوصل إلى قائمة أصغر من العملاء المرتقبين المؤهلين، وأثناء تواصلك مع هؤلاء العملاء المتوقعين، والعمل معهم على إيجاد حل؛ سيتضح أن بعضهم أكثر استعدادًا للشراء من البعض الآخر، ومن المنطقي أن نفترض أن عدد عملائك المحتملين أكبر من عدد مشتريك، فمن غير المعقول أن يتحول جميع العملاء المحتملين إلى عملاء فعليين. ويُعَد مفهوم قمع المبيعات طريقةً مفيدةً لتصور عملية العثور على عملائك وتأهيلهم، ويوضح بفعالية قيمة تحديد مجموعة كبيرة من العملاء المرتقبين، فإذا كنت لا تهتم بالعثور على أكثر من حفنة من العملاء المحتملين، فسوف تحدُّ من فرصك في إغلاق عملية بيع، وذلك بغض النظر عن مقدار الجهد الذي تبذله في عرضك البيعي.

قمع المبيعات

الشكل 4.7: قمع المبيعات التقليدي

قد تستدرك سائلًا: "أليس قضاء الوقت والجهد في التواصل مع العديد من العملاء المحتملين -مع توقع أن قلةً منهم فقط سيصبحون مشترين- تصرفًا غير فعال؟". هذا صحيح أيضًا، لهذا يُعَد تأهيل العملاء المرتقبين وتحديد أولوياتهم جزءًا مهمًا من عملية المبيعات، ويمكن أن تساعدك الأدوات التكنولوجية -مثل المجتمعات التعاونية والموارد الأخرى عبر الإنترنت- في تحديد العملاء المرتقبين وتأهيلهم وترتيبهم حسب الأولوية، لكنك قد تتساءل عن كيف تقرر أي العملاء المرتقبين أجدى لأن تستثمر وقتك في متابعتهم؟ وجواب هذا في أن تنشئ ملفًا تعريفيًا للمشتري المثالي لشركتك.

إنشاء ملف تعريفي لمشتريك المثالي:

  • ما هي الخصائص والصفات التي تحدد هذا الفرد أو الشركة؟
  • ما هي مشاكله المحددة التي يحلها منتجك؟
  • ما هي المعايير التي ينبغي أن يتوافق فيها معك أو مع منظمتك؟

إذا كانت شركتك مثلًا تبيع أدوات مطبخ عالية الجودة وباهظة الثمن، فلن يلائم الطالبُ الجامعي العادي ملف مشتريك المثالي؛ في حين أن الشاب البالغ الذي يعيش بعيدًا عن المنزل لأول مرة، قد يكون لديه شيء مشترك مع عميلك المثالي، فمن المحتمل ألا يكون لدى الطالب الجامعي الميزانية أو الرغبة في الحصول على أفضل المنتجات.

سيساعدك ملف تعريف العميل المثالي في تحديد أولويات جهودك وتوجيهها، إذ يوفر نموذجًا يمكنك من خلاله قياس العملاء المحتملين لتحديد ما إذا كان العميل المتوقع يستحق المتابعة، وإذا ركزت طاقتك على البحث والتأهيل، فستوفر وقتًا وموارد ثمينةً، ويمكنك بعد ذلك تكريسها لمنح عملائك تجربةً أكثر إرضاءً، ومن ثم يمكّنك البحث الفعال والتأهيل من استثمار الفرص المهمة.

ترتيب العملاء المحتملين بالأولوية: شاهد كيفية استخدام قمع المبيعات لزيادة عدد العملاء المحتملين (يمكنك تفعيل الترجمة التلقائية).

دروس مستخلصة

  • البحث عن العملاء المرتقبين هو الجزء الأهم في عملية البيع، إذ لن تتمكن من إجراء أي مبيعات من دون العملاء المرتقبين، ومن دون البحث المتواصل عن هؤلاء العملاء المرتقبين، لن تتمكن أيضًا من تعويض العملاء الذين تخسرهم؛ كما لن تتمكن من تنمية عملك.
  • العميل المحتمل lead أو العميل المرتقب prospect هو الوحيد الذي يمكنك تحويله إلى عملية بيع، لذا من المهم أن تتابع معه، ولا تستبعد أحدًا دون محاولة تأهيله أولًا.
  • مفهوم قمع المبيعات يشرح قيمة توليد عدد كبير من العملاء المحتملين، إذ لن يكون الكثير من عملائك المرتقبين قابلين للتأهيل، وستخسرهم خلال عملية البيع.
  • ينبغي أن تبدأ البحث عن العملاء المحتملين بإنشاء ملف تعريفي للعميل المثالي لك، مما يساعدك على توجيه جهودك البحثية أكثر.

تمارين

  • صف العميل المثالي للمنتجات والخدمات التالية:
    • هاتف آيفون.
    • سيارة رياضية فارهة.
    • تأمين سيارة.
    • كتب أدبية.
  • ناقش قمع المبيعات، وأهمية العملاء المحتملين في عملية البيع.
  • ناقش الفرق بين العميل المرتقب والعميل الفعلي.
  • إذا دخل شخص محل إلكترونيات وراح يتفحص أجهزة الحاسوب، فهل هو عميل محتمل lead أم عميل مرتقب prospect؟ ولماذا؟
  • زر محل مجوهرات، وتفقد الساعات عنده بنية شراء واحدة. ما هي الأسئلة التي يطرحها عليك مندوب المبيعات لتأهيلك بوصفك عميلًا مرتقبًا؟

ترجمة -بتصرّف- لكتاب "The Power of Selling" فصل "Prospecting and Qualifying: The Power to Identify Your Customers" موضوع "Prospecting: A Vital Role in the Selling Process".

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...