اذهب إلى المحتوى

يتعجب زملاؤنا الجدد في Wistia حين يسمعون أصواتهم ﻷول مرة في مقاطع الفيديو التي ننتجها، ويقول أحدهم مباشرة بعد استماعه لصوته “هل يبدو صوتي هكذا حقًا؟ هل لاقط الصوت به مشكلة؟”. أتذكر دهشتي حين سمعت صوتي في أول مقاطع الفيديو التي سجلتها في Wistia، لذا فإن تلك التعابير المندهشة تبدو طبيعية تمامًا لي.
تبين لي في ما بعد أن هناك سببًا فيزيائيًا بسيطًا يوضح استنكارك لصوتك حين تسمعه في أي تسجيل، صوتيًا كان أو مرئيًا، وهو أن عقولنا تستقبل أصواتنا المسجّلة بطريقة مختلفة عن استقبالها لأصواتنا حين تخرج مباشرة من حناجرنا.

تأثير الطبقة الدنيا في صوتك على سماعك له

حين كتبنا قبل عدة أسابيع عن الدهشة التي تصيبك حين ترى نفسك ﻷول مرة على الشاشة، أتانا تعليق على ذلك المقال يحدثنا عن ظاهرة غريبة أخرى تتعلق برؤية وجهك على الشاشة، أﻻ وهي سماعك لصوتك مسجّلًا.

01_comments.png

Quote

جويدو Guido: أمر آخر - يتعلق بمبدأ التعود حسب ظني - وهو صوتك في الفيديو، فأنا لي نحوًا من عشرين عامًا في أستراليا، لكن ﻻ زالت لدي بقية من لكنة سويسرية، وﻻ ألاحظها على الإطلاق إﻻ إن سمعتها في تسجيل لي. ملاحظة: كما ذكر الآخرون هنا، مقال رائع ميريل Meryl!

Quote

ميريل: رائع!، لقد كدنا نتحدث عن هذا في المقال - وربما كان يجب أن نفعل -، فمُنتِجنا للفيديو في Wistia يذكر أن تجربة سماعك لصوتك في جسدك مختلفة عن سماعه من تسجيل خارجي. وأنا ألاحظ الأمر كثيرًا في صوتي الخاص. شكرًا على قراءتك للمقال جويدو.

Quote

جويدو: نعم، يعود السبب إلى وصول الصوت إلى اﻷذن عبر العظام، فنحن نسمع طبقات صوت جهيرة في عظامنا عوضًا عن آذاننا، ولهذا فإن أصواتنا تبدو وكأنها سُجّلت بجودة سيئة حين نسمعها من تسجيلات خارجية، رغم أنها تبدو طبيعية تمامًا لمن حولنا. لهذا فإن كلًا من “هذا هو صوتك الطبيعي” و”ليس هذا صوتي الحقيقي!” صحيحتان تمامًا.

Quote

ميريل: رائع!، من كان يظن أن عظامنا قامت بدور سمّاعات عالية الجودة!

كما ترى من تعليقات جويدو بالأعلى، فصوتك الذي تسمعه حين تتكلم مختلف عما يبدو لمن حولك، والصوت الذي تسمعه أنت ﻻ يسمعه أحد سواك، وإنما يسمعون صوتًا مختلفًا تمامًا. وتفسير ذلك يرجع إلى اختلاف الصوت الذي ينتقل عبر الهواء فيسمعه من حولك عن الصوت الذي ينتقل عبر الأجسام الصلبة فتسمعه أنت. فأغلب الأصوات التي تسمعها - سيارات، حيوانات، بشر، إلخ - تصل عبر الهواء إلى قناتك السمعية ممّا يتسبّب في اهتزاز طبلة أذنك فتحرِّك هي بدورها أصغر عظام جسدك (المطرقة والسندان والرِّكاب) المتصلين باﻷذن الداخلية التي تحتوي قوقعة الأذن.

02_Ear.png

يتحرك السائل في قوقعة الأذن نتيجة اهتزاز تلك العظام الثلاث، فيحرّك خلايا شَعْرية صغيرة تحوّل الحركة إلى نشاط كهربي يستقبله الدماغ كأصوات مختلفة سواء كانت تلك الأصوات نباح كلب أو ضحك أو نفير سيارة أو غير ذلك.
تسمع - عندما تتكلّم - بعض الأصوات بنفس الطريقة، فصوتك يخرج من فمك لينتقل في الهواء إلى أذنيك وعبر نفس الطريق السابق، لكن هناك طريق آخر لصوتك يصل عبره إلى قناتك السمعية، عبر عظام رأسك. فأحبالك الصوتية تهتز حين تتكلم، وتهتز جمجمتك كلها نتيجة لهذا، وبعض الترددات تنتقل في الأجسام ذات الكثافة العالية - العظام - بطريقة أفضل. والترددات التي تجد طريقها إلى أذنك عبر عظامك هي الترددات المنخفضة، إذ أن الترددات العالية ضعيفة وﻻ تنتقل جيدًا عبر الأجسام الصلبة.

وجد باحثون من معهد ماكس بلانك Max Planck والكلية الملكية البريطانية أن تلك الاهتزازات الصدغية في رأسك يمكن أن تؤثر على القوقعة في أذنك مباشرة دون أن تهتز طبلة اﻷذن، مما يزيد من الترددات المنخفضة أثناء حديثك.

كيف تعتاد على صوتك الحقيقي

لننتقل الآن إلى علم النفس بعد ما تجولنا قليلًا في شرح وظائف أذنك، فكما يقول جويدو - صديقنا من تعليقات المقال السابق الذكر - أن الأمر يدور حول مبدأ الاعتيادية، فكما تعتاد على رؤية نفسك في المرآة ثم ﻻ تعجبك هيئتك الحقيقية حين تراها في تسجيل مرئي، فإنك أيضًا معتاد على سماع صوتك عبر عظام رأسك، لهذا ﻻ يعجبك صوتك الحقيقي، وليس ﻷنه سيئ في نفسه - أي صوتك -، بل لأنك لم تعتده فقط.

جرّب أن تخبر عقلك حين يسمع صوتك من تسجيل صوتي أو مرئي أن الاختلافات التي تلاحظها عن صوتك هي ما تبرز واضحة لك، وإﻻ فقد يصعب عليك الوقوف أمام الكاميرا مرة أخرى دون أن تكون مدركًا لنبرة صوتك أثناء حديثك أمام الكاميرا، ما يجعل نبرتك غير طبيعية على الإطلاق.

إليك الآن ثلاث طرق تتغلب بها على انحيازات عقلك إن نبهك إلى اختلاف صوتك الحقيقي أثناء حديثك أمام كاميرا أو أثناء تسجيل صوتي أو محاضرة أو غير ذلك:

  • أهمل تحليلات دماغك. بعيدًا عن كون رأسك تمثل سمّاعات Subwoofer، فإن عقلك يتخذ طرقًا مختصرة وسهلة و”مألوفة” بالنسبة له كي يعالج كميات المعلومات الرهيبة التي يتلقاها، وعادة ما يتبع نهج مبدأ الاعتيادية ﻷنه يثبت نجاحه، لكنه مضلل في هذه الحالة. انتبه، حين تسجّل لنفسك في تسجيل صوتي أو مرئي، أن صوتك ﻻ يبدو غريبًا في التسجيل، بل هو صوتك الطبيعي.
  • تمرّن، وتمرّن، و.. تمرّن. أول مرة تتكلم فيها أمام كاميرا ستكون متوترًا، لكن ﻻ تقلق فيمكنك أن تعيد اللقطة التي تشعر أنك متوتر فيها مرة بعد مرة، وستجد جسدك يسترخي تلقائيًا بعد بضعة محاولات، وستنسى كيف يبدو صوتك، وستركز على المادة التي تعرضها في التسجيل.
  • لقد سمعوا صوتك من قبل. اعلم أن الناس من حولك لم يسمعوا صوتك عبر رأسك كما تسمعه أنت، ويستحيل أن يفعلوا، وصوتك الذي في التسجيل هو صوتك الذي يسمعونه منك منذ رأوك أول مرة، لذا لا تقلق أن يشعر الناس بغرابة صوتك.

أتركك في نهاية المقال مع نصيحة مورجان فريمن Morgan Freeman لإبراز الطبقات الدنيا والجهيرة من صوتك، وهي أن تتثاءب من أجل إرخاء حنجرتك وأحبالك الصوتية.

ترجمة -بتصرف- لمقال Say What? Why Your Voice Sounds So Weird in Videos لصاحبته Meryl Ayres.

حقوق الصورة البارزة محفوظة لـ Freepik


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...