غالبا ما ينظر الناس إلى موظفي "الدعم الفني" بشكل يشبه نظرتهم للكائنات أسفل السلّم الغذائي، سيل من المشكلات والمتاعب لا أكثر، من تلك النظرات على سبيل المثال:
- مهمّة الدعم الفني التعامل مع العملاء الحمقى.
- على موظفي الدعم الفني الردّ على المكالمات؛ إنها وظيفة لا يقبل بها حتى مندوبي المبيعات.
- موظفو الدعم الفنّي يتعاملون بهدوء مع غضب العملاء، في حين أنهم لا يملكون حلًا حقيقيًا لمشاكلهم.
يبدو هذا محبطًا للغاية، إذ كيف يمكنك التعامل في موقف يضعك أمام عميل محتقن غضبًا، ورغم قدرتك على مساعدته وحل مشكلته إلا أن صلاحياتك الإدارية لا تسمح لك بذلك؟ البعض قد يرى أنها وظيفة سيئة لشخص عاطل عن العمل لم تُعرض عليه فرصٌ لأعمالٍ أفضل، هل توافق ذلك؟
إذا كانت هذه هي رؤيتك وتصوّرك عن وظيفة الدعم الفني، فهو تصوّر سلبيّ للأسف، مما يعني أنك تفوّت على نفسك أسلوبًا مهمًا في التسويق، تطوير المنتجات، وزيادة المبيعات.
الوجه غير المُتوقّع لشركتك
هل سبق وتعرضت لموقف ما شعرت فيه بالتناقض وعدم الانسجام ما بين صوت أحدهم وصورته، كما لو أنك كنت تتوقع صوتًا آخر له، أو صورة تناسب الصوت أكثر؟ ديفيد بيكهام لاعب الكرة الإنكليزي مثال واضح على هذا؛ القائد السابق لمنتخب إنكلترا، وزوج المغنية ومصممة الأزياء فيكتوريا بيكهام، كل هذه الكاريزما ستتلاشى عندما يفتح فمه ويبدأ بالكلام، فصوته غير متوقع على الإطلاق، إنها صدمة ستبقى مطبوعة في ذاكرتك!
موقع شركتك على الإنترنت يعكس الصورة الأنيقة لك، لكن ما الذي سيحدث عندما يصدر عن الشركة ما يتناقض وصورتها الجميلة تلك؟ ماذا يحدث عندما يتصل أحدهم بمندوبي الدعم الفني؟
بالنسبة لمعظم زبائنك، فموظف الدعم الفني هو الواجهة البشرية الوحيدة التي سيتعاملون معها، وهو من سيؤكّد الصورة البرّاقة للشركة أو سينفيها، فهل ستوظف لهذه المهمة الحساسة الأشخاص الأقل كفاءةً، والأسوأ خُلقًا، بأقل الأجور الممكنة؟
الدعم الفني سرّ المبيعات العالية
لقد حققنا ملايين الدولارات في شركة Smart Bear من خلال المبيعات للأفراد والشركات ومن دون القيام بـ "مبيعات" فعلًا، على الأقل لو ابتعدنا عن المفهوم التقليدي لكلمة مبيعات، والذي يعرف عادةً على أنه "مجموعة من العمليات والأشخاص والمدراء، تركز جميعها على زيادة الإيرادات في جداول زمنية ربع سنوية".
لو سألني أحدهم؛ كيف حصلنا على صفقات تزيد على المئة ألف دولار دون بذل الكثير من الجهد أو الدخول في مراهنات متهورة؟
ببساطة: موظفو الدعم الفني لدينا كانوا البائعين!
يمكنك القول بأنّ مهام موظفي الدعم الفني تقتصر بالرد على المكالمات والإجابة عن الأسئلة علاوةً على تهدئة الزبائن الغاضبين، لكن ذلك لن يحقق لك تغييرًا كبيرًا، في المقابل فإنني أرى أن مهمّة الدعم الفني الأساسيّة هي جعل الزبائن مبهورين بأداء موظفيك الرائع، الأمر الذي سيعود بالفائدة على منتجك ومبيعاتك بالتأكيد. (اقتبست هذه الفكرة من كاثي سيرا، حيث أراها تنطبق على الدعم الفني إضافةً لمطوري المنتجات).
وهذا يعني ألّا تقتصر على مساعدة الزبائن في إيجاد أمر ما ضمن القوائم، بل اسألهم عما يحاولون القيام به لمساعدتهم في إنجاز المطلوب. لا تكتفي أيضًا بشرح خصائص المنتج بل ساعد العملاء للحصول على النتيجة. لا تتوقف عند الاعتذار لعدم وجود الميزة التي يرغبون بها بل ساعدهم بالالتفاف حول ذلك و إتمام المطلوب بدونها. أنت تعلم منتجك جيدًا وتعرف نوع المشكلات التي فيه بشكل يفوق الزبائن، لذا لن يكون من الصعب أن تجعل تجربتهم مع المنتج أكثر نجاحًا عقب اتصالهم وتعطي تلك المكالمة قيمة مضافة.
ما تقوم به من تلبية زبائنك وتمكينهم من حل المشكلات وإنجاز المطلوب ليس مهمًا لمنتجك فحسب، إنه يشمل شركتك أيضًا. أعط زبونك تجربة مذهلة مع المنتج، وهو سيبذل المال بحيث يبقى مستمرا مع هذه التجربة الرائعة.
هكذا تضاعف مبيعاتك.
مفاجأة سارّة
للأسف فإن الصورة النمطية التي يمتلكها معظمنا عن موظفيّ الدعم الفني سلبية، هذه بعض من تجارب الناس معهم:
- اسأل الدعم الفني عن طريقة تغيير الخط، وسيطلبون منك إعادة إقلاع حاسوبك الشخصي.
- التمس من الدعم الفني تغيير العنوان الخاص بفواتيرك، وسيعرضون عليك ثلاث خدمات لا تحتاج أيًا منها.
- الاتصال بالدعم الفنّي يحتاج خريطة مع نظام تحديد مواقع لتستطيع التنقل في متاهات الخيارات والقوائم، المكالمات قيد الانتظار، وكتابة رقم حسابك ثلاث مرات "لأغراض أمنية"، وكأن من سيسرق رقم حسابك عاجز عن كتابته لثلاث مرات.
دعنا نستفد من هذه الصورة السلبية لموظفي الدعم الفني، فعندما يتوقّع عملاؤك خدمات ذات مستوى متدنّ، ويحصلون على خدمة عالية الجودة، فستحصد نقاط قوّة نوعية، كأن يقوم المستخدمون بكتابة تغريدات حول خدماتك، أو يجرّب آخرون طلبها للمرة الأولى، وذلك بسبب الدعم الفني المتميز الذي تقدمه، كما أن الزبائن لا يكتفون بمتابعة تغريداتك أحيانًا وإنما يشجّعون متابعيهم على فعل ذلك أيضًا.
مهلًا، هل لاحظت ذلك؟
هكذا يصبح الدعم الفنّي أفضل حملة إعلانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل قد يكون برنامجًا دعائيًا أكثر فاعلية من تشغيل موظفين مناوبين لنشر إعلانات لك هنا وهناك. هل يدهشك هذا؟
يقال "قدّم وعودا أقل من استطاعتك، وأعط خدمات أكثر من المتوقع"، الدعم الفني الخارق هو الأفضل بالطبع، لكن مجرّد تصرّفك بشكل بشري سيجعلك في المقدّمة حتما، حتى لو اكتفيت بالرد على رسائل البريد الإلكتروني دون استخدام مجيب تلقائي ستحرز تقدمًا بشكل ملحوظ.
لماذا نفوّت فرصة سهلة كهذه في إدهاش العملاء؟
أليستْ "مفاجأة سارة" ونادرة في مجال العمل التجاري؟ ألستَ مهتما بأن تصبح شركتك معروفة كما الآخرين؟
الطريقة الأسهل لتخرج من مقر الشركة، بينما لا تزال في الداخل
تضج الإنترنت بمقولة ستيف بلانك -صاحب منهجية تنمية العميل- والتي يتحدث فيها أن كل ما تحتاج معرفته عن عملائك موجود خارج مقر الشركة، ما يعني أن تنمية العميل الفعلية لا تتحقق دون الحديث المباشر مع الناس، التعرف على مشاكلهم عن قرب، مراقبة انفعالات وجوههم أثناء تقديم عروضك وأعمالك. في الحقيقة أجزم أن تنمية العميل ليست ما نمارسه في جلسات العصف الذهني على لوح أبيض في قاعة الاجتماعات، أو إضاعة الوقت حول حجم الخط المناسب في العروض التقديمية.
على الرغم من ذلك، فإنه من الصعوبة بمكان تخصيص ميزانية عالية للتنقل لا سيما بالنسبة لمن لا يزالون في البدايات محاولين بناء عملهم الخاص، أو لأولئك الذين يعتمدون في عملهم على الإنترنت، بالتأكيد عليك أن تحاول بكل جهدك لأن الأمر يستحق، لكن ماذا عن الـ 94% المتبقية من وقتك، وهو الوقت الذي تمضيه في شركتك، خلف مكتبك؟
ثمّة أمور لا ينبغي أن نفرط بها، أعط الدعم الفني الأولوية الثانية هنا، الدعم الفني يوجد حيث يشتكي الناس أمورًا لا تعمل في المنتج، ميزات مفقودة رغم أنهم يحتاجونها، حيرتهم وارتباكهم تجاه أمر ما، إن كتابة دليل الاستخدام وتبويب المشكلات لن يكون كافياً معظم الوقت.
البصيرة تكمن في ما وراء الأسئلة. لنقل أن أحدهم اتصل بالدعم الفني مُرتبكًا حيال أمرٍ ما، المهمة الأولى لديك هي تهدئته بالطبع، لكن انتبه إلى أنك أمام فرصة هامة لتطوير منتجك، يمكنك أن تطرح الأسئلة التالية على نفسك في محاولة لتحسين المنتج:
- ما الذي سبب ارتباك الزبون في المقام الأول؟
- هل تبدو وجهة نظر العملاء مختلفة عن وجهة نظري؟
- هل تتناسب مصطلحاتنا مع الزبائن؟
- هل نستخدم تشابيه لغوية لا توصل المطلوب؟
- هل أحتاج لتركيز اهتمامي على تجربة المستخدم المبتدئ عوضًا عن المتقدم؟
هذه الأسئلة تكتيكية نابعة من المشكلة الحالية التي نقف أمامها، ورغم أهميتها لكنها لا يجب أن تشغلنا عن أسئلة أكثر استراتيجية وأهمية:
- هل أوجدت هذه المشكلة صعوبة ما لدى الزبون لم أستطع معرفتها رغم قدرتي على حلها؟
- هل كان هناك سوء فهم أو لبس ما لدى العميل كان يتوجب عليّ أن أوليه اهتمامًا أكبر؟
- هل توجد فكرة لإبداع منتج جديد في هذه المشكلة؟
- إذا كان العملاء يحاولون الحصول على ميزات غير موجودة في المنتج، هل كنت أستطيع أن أؤمن لهم ما يحتاجونه من البداية؟
السؤال الأخير تحديدا هو ما جعل شركة Smart Bear ترى النور، إذا لم أولي اهتماما بما وراء أسئلة الزبائن، لم تكن لتقرأ هذه السطور، نعم، الأمر بهذه الجديّة!
عليك الآن أن تعود إلى الوراء، منذ البداية وحتى اليوم لتراجع مئات الرسائل الإلكترونية من العملاء لتحدد كيف كانت تجربة الزبائن ومالذي كانوا يتوقعونه وتجيب عن باقي الأسئلة السابقة، وهذا ما يحتاج إلى تفكير وتحليل معمقين بعيدًا عن التقارير الموجزة والملخصات المؤتمتة.
الدعم الفني هو أكثر الفرص القريبة والممكنة لتطوير منتجاتك، وأقربها نتيجةً من ضغط "المبيعات". هنا حيث يكتشف المستخدمون منتجك ويقدمون تقاريرهم عنه.
هل ستسمع النصيحة، أم ستلقيها جانبا؟
ماذا بعد؟
ما الذي يمكن أن يفعله الدعم الفني أيضًا فيما لو أوليته الاهتمام وأعطيته الصلاحيات التي يستحق؟
أم أنك تعتقد بأنني مخطئ فيما قلت، وتفضّل أن تولي الدعم الفني لموظفي دولار واحد لكل ساعة ليبعدوا عنك العملاء المزعجين؟
ترجمة -وبتصرّف- للمقال Tech Support *is* sales لصاحبه Jason Cohen.
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.