اذهب إلى المحتوى

البحث في السوق والتعرف على فرصة السوق والسوق المستهدف


هشام دهرار

لقد بتّ الآن تعرف مكوّنات المزيج التّسويقيّ، وبما أّنّك رائد أعمال، فأنت مطالبٌ باتّخاذ قرارات بخصوصها، إذ عليك التّشمير عن ساعديك، والبدء بإجراء بعض البحوث، وهذا البحث مشابه لما اطّلعنا عليه سابقًا في مبحث (التعرّف على الفرصة الرّياديّة)، غير أنّ ذاك البحث كان مركّزًا على ما إذا كان رائد الأعمال يمتلك ما يكفي للمضيّ قدمًا في فكرته؛ بينما هذا البحث يركّز أكثر على السّوق، ولا يتأتّى إلاّ بعدما يقرّر رائد الأعمال المضيّ قدمًا، وبدء شركته، أو إطلاق منتجه، بمعنى أنّ هذا البحث متعلّق بالمنتج، لا بجاهزيّة رائد الأعمال.

سنتعرف في هذا المقال على بحوث السوق بالتفصيل، مع كيفية القيام بها، وكذا كيفية التعرف على فرص السوق والتأكد من وجودها فعلًا.

بحوث السوق

تعدّ بحوث السّوق مهمّةً في مراحل التّخطيط لأيّة شركة ناشئة، فأنت من دونها ستكون أشبه بأعمى سرى في حلك الدّجى، فبحث السّوق في مستواه القاعديّ عبارة عن تجميع، وتحليل المعطيات المتعلّقة بالسّوق المستهدف لتجارة ما، وهو ينطوي على كلّ شيء بدءً بمعلومات منتجات المنافسة، وصولًا إلى تحليل معطيات الفئات السّكّانيّة للعملاء المحتملين.

يكمن الهدف الأساسيّ من بحث السّوق في اكتساب فهم حول متطلّبات العميل ورغباته، في محاولةٍ لكشف فرص التّجارة المحتملة، فعندما تمتلك فكرةً واضحةً عن سوقك المستهدف، وعمّا يرغب عملاؤك فيه، فبإمكانك تصميم مزيجك التّسويقيّ بكفاءةٍ عالية تناسب الفئة المستهدفة.

تخيّل أنّك بصدد إنتاج خطّ منتجات تجميل عضويّة، تحمل فيتامينات وعناصر معدنيّة، كما تتميّز بسهولة الاستعمال، وسيكون سوقك المستهدف في هذا المثال النّسوة المهتمّات بمنتجات التّجميل عالية الجودة غير المضرّة بهنّ، ولا بالبيئة، ولكنّ بعد إجرائك لبحث السّوق المستغرق تكتشف بأنّ النّسوة بين سنّ الثّامنة عشر، والخامسة والأربعين يملن إلى الاهتمام بالفوائد الّتي يقدّمها خطّ الإنتاج، بينما ا لا تهتمّ لذلك النّسوة الأكبر من خمسين سنة، لذا فعلى ضوء هذه الاكتشافات، إمّا أن تعدّل فوائد خطّك ليخدم السّوق الّذي نويته من البداية، وهو كلّ النّسوة، أو تلبيّ احتياجات جمهور أصغر هو النّسوة بين 18، و45 سنة.

لفهم بحث السّوق أكثر، نقترح تفصيل الحياة اليوميّة للعميل المثالي، ويمكنك فعل هذا بوصف تفصيليّ لعملاء محتملين يشترون منتجك، حيث يمكن للتّفصيل الاهتمام بفئتهم، من جنس، وعمر، ومدخول، وتعليم، وعرق، وطبقة اجتماعيّة، وموقع، ودورة حياة؛ كما تفيد المعلومات الأخرى المحيطة بنشاطاتهم، وهواياتهم، واهتماماتهم، وأساليب حياتهم؛ وكذا تصرّفاتهم من حيث عدد المرّات الّتي يستخدمون فيها منتجًا، أو كيف يشعرون تجاهه. فكلّما عرفت عميلك المثاليّ أكثر، كلّما زاد تركيزك على جذب انتباهه بالتّوفيق بين تفضيلاته وعروضك.

يساعدك بحث السّوق أيضًا على فهم من يكون منافسوك، وكيف يخدمون السّوق الّذي تنوي دخوله. فكلّما عرفت أكثر عن المنافسة، كلّما كان من الأسهل تحديد، وتمييز عروضك عن عروضهم. لنخض غمار عالم المسوّقين، وكيف يجمعون كلّ هذه المعطيات، وقيمتها لروّاد الأعمال.

بحث السوق الأولي

ينطوي البحث الأوّليّ على جمع المعلومات الجديدة بهدف الإجابة عن سؤال محدّد، أو مجموعة أسئلة. وقد يلتهم إجراء بحثك الخاصّ الكثير من الموارد، لكنّه يُعدّ الطّريقة الأنسب للحصول على إجابات محدّدة تخصّ تجارتك ومنتجاتك، خاصّةً إذا أردت اختراق أسواق نيتش (niche) الّتي لم تُدْرَس بعد؛ كما يسمح لك أيضًا بأن تكون محدّدًا، فطرح الأسئلة الصّحيحة يمكّنك من تحديد مشاعر النّاس، وعقليّاتهم تجاه علامتك التّجاريّة، وما إذا كان يعجبهم تصميم منتجك، وما إذا كانوا يقدّرون فوائده المقترحة، وما إذا كان السّعر المقترح مناسبًا حسب رأيهم. يُظهر الشّكل 5.8 الخطوات المعتادة لإجراء بحث السّوق الأوليّ.

PriMarkRes.png

الشكل 5.8: يعتمد بحث السّوق الأوليّ على ستّ خطوات. حفظ الحقوق: صورة مسجّلة لجامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4.0

تعريف هدف البحث

عليك البدء بتعريف هدف مشروعك البحثيّ، وتحديد عمّ تنوي البحث؟ هل تريد الاطّلاع أكثر على سوقك المستهدف، وتفضيلاتهم، واختيارات أساليب حياتهم، وثقافتهم؟ أم تريد الاطّلاع أكثر على منافسيك، ولماذا يتبضّع سوقك المستهدف لديهم؟ ما هي معايير التحقّق من هدف أو أهداف بحثك؟

كلّما استغرقت وقتًا أطول في توضيح أسئلة البحث، كلّما كان احتمال تحقيق أهداف هذا البحث أكبر؛ أمّا إذا لم تدرك تحديدًا ما تبحث عنه، فذاك أمرٌ اعتياديّ، إذ يمكنك الاستعانة ببحث اكتشافيّ تستخدم فيه مجموعات التّركيز لتحديد أسئلة البحث الّتي ينبغي طرحها، فمجموعة التّركيز هي جمع من النّاس، ما بين 6 و12 مشتركًا، يناقشون موضوعًا يقدّمه المنظّم الّذي عادةً ما يطرح الأسئلة، ويجمع المعطيات الكيفيّة الّتي يمكن استخدامها للإجابة عن الأسئلة، أو تحديدها أكثر.

لنأخذ على سبيل المثال مصنّع قوارير مياه يرى أنّ في منتجه مشكلة، إذ تراجعت المبيعات بمرور الوقت، ومع ذلك فالشّركة لا تعرف كيف، ولا أين تبدأ تحديدًا. لهذا يستخدمون مجموعة تركيزٍ لتعريف هدف، أو مشكلة البحث، وباستخدام مجموعات البحث، قد يكتشفون تسويقهم للجزء الخطأ من السّوق، أو وجود حاجة لتصاميم قوارير أفضل، إذ يمكن للحديث إلى مجموعات التّركيز كشف أسئلة البحث المطلوبة.

ميركادوتيكنيا للبحوث والاستشارات (Merkadoteknia Research and Consulting) هي شركة يملكها أمريكيّون من أصول إسبانيّة تُجري البحوث لمختلف الصّناعات الّتي تخدم العملاء إسبانيّي الأصل (من أمريكا الجنوبيّة)، حيث تساعد شركات الإطعام السّريع، وتجّار التّجزئة، وشركات الأدوية، من بين شركات أخرى على إقامة مجموعات التّركيز، وجمع المعلومات حول مجموعات محدّدة من النّاس الّذين قد يملكون خلفيات ثقافيّة مختلفة. فقد لا تعرف تلك الشّركات التي هي بحاجة للقيام بأبحاث سوق كيفيّة بدئها بأبحاثها في أسواقها المستهدفة، لهذا يستعينون بميركادوتيكنيا للبحوث والاستشارات لمعرفة المزيد عبر استخدام مجموعات التّركيز، وهذا النّهج يساعد على تحديد مشكلة، أو هدف البحث تحديدًا أدقّ.

تحديد تصميم البحث

الخطوة التّألية هي تحديد تقنيات البحث الّتي تساعدك بأكبر كفاءة ممكنة على الإجابة على أسئلتك، فمعرفتك لما تريد الاطّلاع عليه، وتحديد ميزانيّتك سيساعدانك على تقرير ما إذا كان البحث الكميّ، أو النّوعي هو الأنسب لاحتياجاتك، وعادةً ما تعتمد مشاريع البحث جيّدة التّصميم على تركيبة من الاثنين معًا.

البحث النّوعي (Qualitative research) يستخدم تقنياتٍ مفتوحة من الملاحظة، ومجموعات التّركيز، والحوارات لفهم أسباب، وآراء، ومحفّزات العملاء، وملاحظة العملاء المحتملين ببساطة، سواء كان ذلك في محلّ، أو في نشاطاتهم اليوميّة، وتسجيل تصرّفاتهم ببساطة وفاعليّة من خلال البحث الإنتوغرافيّ (Ethnographic research) الّذي قد يساعدك على فهم أساليب حياة، وعادات العملاء المحتملين فهمًا أفضل، إذ يعتمد البحث الإنتوغرافيّ (أو البحث المعتمد على دراسة خصائص الشّعوب) على الملاحظة الشّخصية لموضوع الدّراسة، أو الانغماس في بيئته، وهذا النّوع من البحث يساعد الشّركات على رؤية كيف يستخدم النّاس منتجهم خلال اليوم.

إذا كنت تصنّع على سبيل المثال قوارير المياه، واحتجت إلى تصميمٍ أفضل لقارورتك، فيمكنك مشاهدة كيفية استخدام النّاس للقوارير خلال عملهم، وتمرّنهم، وانتقالهم إلى العمل، وما إلى ذلك لفهم احتياجاتهم وعاداتهم فهمًا أفضل، فقد يكشف هذا البحث الإنتوغرافيّ احتياجات مخفيّة، أو غير معلنَة تستفيد منها في بناء فكرتك، ونعني بالاحتياجات غير المعلنَة تلك الاحتياجات المتوقّع من الشّركة إيفاءها، مثل: مستوى معيّن من الجودة، أو خدمة العملاء؛ وهذه توقّعات افتراضيّة يملكها العميل نتاج تعاملاته السّابقة مع المنتجات عمومًا.

استخدام متسوّق خفيّ، أو لعب دوره بنفسك طريقة أخرى لتعلّم كيف يتصرّف العملاء، والموظّفون في جوّ محدّد من البيع بالتّجزئة، فالمتسوّق الخفيّ أو السريّ هو شخصٌ توظّفه الشّركة، أو طرف ثالث، ليلعب دور متسوّقٍ حقيقيّ، يكون هدفه اختبار جوانب محدّدة من العمل التّجاري، مثل: ابتياع منتج، أو تصفّح المنتجات وطرح أسئلة على موظّف، أو التّفاعل مع العملاء الآخرين، أو ببساطة ملاحظته لما يحصل داخل المحلّ. ثمّ تقديمه لتعليقاته إلى الشّركة.

قد تكون مجموعات التّركيز، وحوارات واحد إلى واحد مفيدةً في الحصول على إجابات أكثر تحريكًا للفكر، واكتشاف مواضيع قابلة للنّقاش، فكلاهما طريقة ممتازة للحفر أعمق في دوافع النّاس، ومصادر قلقهم، خاصّةً عندما تتعلقّ باعتقادات شخصيّة، إذ يعدّ هذا البحث مفيدًا عند محاولة تطويل منتج عصريّ، لكنّ هنا عليك بذل أقصى جهودك لتلافي تحيّز الدّعم، بحيث يميل المتناقشون إلى الإعجاب بالأفكار الجديدة لإرضاء، أو موافقة المنظّم، ومن المهمّ في حوارات الواحد إلى واحد تطوير حوار، أو دليل نقاش مفصّل، حتّى يتمكّن أعضاء الفريق الآخرون من إجراء الحوارات، وبفعلك لهذا ستضمن نهجًا مستقرًّا من طرح الأسئلة المهمّة، وتسجيل الإجابات للمساعدة على توجيه الخطوة القادمة من تطوير منتجك.

يركّز البحث الكميّ (Quantitative research) على توليد المعطيات الرّقمية الّتي يمكن تحويلها إلى إحصائيّات قابلة للاستخدام. هذا النّوع من البحث يأخذ عادةً شكل استقصاءات، واستبيانات تطرح أسئلةً متعدّدة الاختيارات مع إجابات سالفة التّحديد، بينما لا تسمح هذه الاستقصاءات بالكثير من حريّة التّعبير للمشارك، فطبيعة الإجابات المركّزة تعني قدرة المسوّقين التعرّف على التوجّهات، مثل: مواقع التّواصل الاجتماعيّ المفضّلة لدى العملاء، أو العملاء المحتملين، فعلى سبيل المثال، قد يجد الباحث أنّ إنستغرام هو تطبيق التّواصل الاجتماعي الأكثر استخدامًا بفضل سهولة استعماله، وقدرته على تحفيز التّفاعل العاطفيّ مع الصّور؛ كما قد تكون أسئلة الاستقصاء من مثيل: "كم مرّةً زرت محلّ الزّاوية هذا الأسبوع؟" أو "ما هو مجال فئتك العمريّة؟"، فهذا النّوع من المقاربة يعدّ طريقةً فعّالةً في جمع الكثير من المعطيات، نظرًا لكون الاستقصاء كتابيّا يجعله قابلًا للتّوزيع إمّا وجهًا لوجه، أو عبر الإنترنت إلى أكبر عدد تريده من المشاركين. وفي العادة كلّما زاد عدد المجيبين، كلّما زادت دقّة المعطيات الّتي تصوّر الفئة الّتي تفحصها.

توجد طريقة أخرى لتوليد النّتائج الكميّة هي البحث السّببي (Causal research)، والتّسويق الاختباريّ، وفي كلتا الحالتين، تقدّم إلى المشاركين سببًا، وتسجيلًا لأثره، ومن أمثلته اختبار تذوّق، تسجّل فيه ردود فعل، وتفضيلات المشاركين لأذواق عصير مختلفة. فبالنّظر إلى الموارد المحدودة للكثير من الشّركات النّاشئة، يعدّ التّسويق الاختباريّ طريقةً ممتازةً للتّأكّد من عمل منتجك قبل بدء الاستثمار في توزيعه.

وفي طريقة أخرى أكثر تطوّرًا، وتكلفةً، ما يعرف بالتّحليل الموحّد (Conjoint Analysis)، أين يُطلب من المشاركين ترتيب، أو اختيار، أو تقييم عدد المزايا، أو الفوائد الموحّدة، أو المرتبطة. هذه المقاربة الواقعيّة ستعطيك نتائج مفيدةً جدًّا من مشترين محتملين، حول المزايا، أو الفوائد، مرتّبةً حسب القيمة، أو الأهميّة.

لنقل على سبيل المثال أنّ شركتك تحاول إنتاج قارورة مياه قابلة لإعادة الاستعمال للمنافسة في سوق مكتظّ، وإذا استخدمت التّحليل الموحّد، فستُنشئ استقصاءً يرتّب خصائص قارورة الماء، وأسعارها، لإعطاء المستهلكين خيارات مختلفة، حيث يمكن تقديم قوارير متشابهة للعملاء، تحوي كلّ منها على خصائص ترغب الشّركة في اختبارها، مثل: غطاء مُقفل لئلّا ينسكب الماء، أشكال مختلفة للقارورة لتسهيل حملها والوصول إلى الماء، وبألوان وأحجام مختلفة؛ بحيث قد يكون لكلّ اختيار سعره الخاصّ، ويمكن للعميل اختيار، أو ترتيب، أو تقييم كلّ منها بناءً على خصائصها، وأسعارها، ويمكن وصف كلّ اختيار في الاستقصاء إمّا بالكلمات، أو الصّور، كما يمكن مطالبة العملاء باختيار ما يفضّلونه، أو ترتيب جميع الخيارات. وبعد جمع المعلومات، والبيانات من العديد من المستهلكين، يعمد الباحثون إلى التّحليل الإحصائيّ عبر تطبيق الانحدار الخطيّ -وهي أداة تنبّؤيّة تقيس السّببيّة لمتغيّر تسويقيّ على آخر-، أو تقنيّات أخرى لتحديد سمات القارورة الأهمّ للعملاء، والسّعر الّذي هم على استعداد لدفعه، وبناءً على هذه الاكتشافات، تنشئ الشّركة منتجًا يمكنه التغلّب على المنافسة.

اختيار العينة

يحتاج الباحثون بعد ذلك إلى تحديد طريقة أخذ العينات، وتشير لفظة العيّنة في مجال البحث إلى الأشخاص الّذين ستستقصيهم، وعددهم، إذ غالبًا ما تحتاج إلى عيّنة تعكس السّوق المستهدف، خاصةً إذا كنت تحاول معرفة اهتمامات عميلك المثاليّ، وكيفيّة حمله على شراء منتجك، فقد تكون العينات غير المستهدفة مفيدةً عند محاولة معرفة السّوق المستهدف، إلّا أنّها ليست طريقة فعّالة للتعرّف على عميلك المثاليّ.

عموماً، توفر العيّنات الأكبر حجمًا بياناتٍ أكثر دقّة، ومع ذلك فهذا لا يعني الحاجة إلى استقصاء كل فرد في السّوق فعلى سبيل المثال، إذا كانت لديك قائمة تضمّ 5000 جهة اتصال، فقد تختار الاتصال بـ 500 شخص يمثّلون مجموعة جهات الاتّصال الإجماليّة، فقد يكون إجراء استقصاء جميع السّكان مستهلكًا للوقت، ومكلفًا، لذا فاختيار مجموعة فرعية من الأشخاص المناسبين قد يؤدّي إلى نتائج جيّدة، ويجب أن تكون العيّنة كبيرةً بما يكفي لتكون ذات دلالة إحصائيّة، مما يعني أنّ العلاقة بين المتغيّرات ليست نتيجة للصدّفة. إذ يمكن للعيّنة بعد ذلك إظهار تصويرٍ دقيقٍ للباحث حول ظاهرةٍ معيّنة.

على سبيل المثال، يمكنك اختبار ما إذا كان لدى الرجال، والنساء أذواق مختلفة، أو متشابهة في خصائص قارورة الماء، ففي هذه الحالة، تكمن الأهميّة في جنس العميل المحتمل، فإذا كانت عيّنتك كبيرةً بما يكفي (لنقل 500 من 5000)، ووجدت أنّ الرّجال يبحثون عن سماتٍ مختلفة عن تلك التي تبحث عنها النساء، فمن غير المرجّح أنّ تكون الاختلافات قد جاءت بالصّدفة. بل لابدّ أن يكون سببها هو نوع الجنس.

لذلك، ضع في حسبانك أنّ أخطاء الموثوقيّة، والصلاحيّة قد تنشأ إذا لم تختر عيّنتك بعناية، وعليه فالأهميّة الإحصائيّة تعدّ مهمّةً في قياس الموثوقيّة، إذ تبيّن وجود فرق فعليّ فيما يتمّ قياسه، وإذا كان هناك اختلاف بين استجابات الرّجال والنساء في مثال قارورة الماء، فالتحقق من الأهميّة سيحدّد ما إذا كانت الاختلافات مهمّةً حقًّا، أم أنّها ناتجة عن الصّدفة، وتقاس الأهمّية من خلال النّظر إلى القيمة الاحتماليّة، أو القيمة الاحتماليّة للنّتيجة، فإذا كانت 5% أو أقل، فعادةً ما يُعتبر فرقًا مهمًّا لا يرجع إلى الصّدفة، ويمكن للباحث تقرير أنّ الإجابات مختلفة بالفعل بين الجنسين. من ناحية أخرى، تعني الصّلاحية وجود صلة وثيقة بين العنصر الّذي يجري قياسه والبحث، ما يعني إجابة الأسئلة المطروحة فعليًّا على هدفك البحثيّ.

بينما قد تكون العيّنات العشوائيّة مفيدةً لبعض أنواع المشاريع البحثيّة، إذ يختار العديد من الباحثين عمدًا المشاركين في العيّنة بناءً على عوامل اقتصاديةّ، وإثنوغرافيةّ، للتأكّد من قدرتها على عكس طبيعة التّركيبة السكّانية الّتي يسعون إلى فهمها بدقّة.

جمع البيانات

بمجرد تحديد أهدافك البحثيّة، واختيار تصميمك البحثيّ، وتحديد عيّنتك، فأنت على استعداد لبدء جمع البيانات، ويمكن ذلك من خلال المعاينة، وتدوين الملاحظات، فعلى سبيل المثال، إذا كنت تحاول معرفة ما إذا كان تخطيط متجرك يحقِّق أكبر قدرٍ ممكنٍ من المبيعات، فيمكنك مراقبة تدفّق حركة المرور، وملاحظة ما ينظر إليه الأشخاص وما يشترونه فعلًا، بعد ذلك، يمكنك تغيير تصميم البضائع، أو حجم الممر، أو المساحة، لمعرفة ما إذا كان الأشخاص يتعرّفون على سلع أخرى لم يروها من قبل، وبناءً على ملاحظاتك، وبيانات المبيعات، يمكنك تحديد أفضل تصميم لأرضيّة متجرك. قد تساعد الحوارات أيضًا في تأمين إجابات مفتوحة، إذ يمكنك إجراء مقابلة مع العملاء المحتملين حول ما يعتقدونه أفضل طريقةٍ للتّواصل معهم، وما يعجبهم في منتجات منافسين مُعيّنين، حيث قد يساعدك هذا في الحصول على خيارات إضافيّة ربما لم تفكر في إضافتها إلى استقصاء، وهي طريقة أخرى للحصول على بيانات مجمّعة.

يمكن إجراء الاستقصاءات يدويًّا، أو من خلال أدوات عبر الإنترنت، مثل: سورفاي مانكي (Survey Monkey)، أو كالتريكس (Qualtrics)، وتعدّ الاستقصاءات مفيدةً للغاية نظرًا لقدرتك على طرح أسئلة على العملاء الحاليّين، أو المحتملين حول منتجك، ومنتجات المنافسين، وخدمة العملاء، وأيّ معلومات أخرى قد تسعى إليها لإنشاء عملك، أو تحسينه، فهي طريقة سهلة لجمع كميّات كبيرة من البيانات من العديد من العملاء، كما تسمح لك بحساب الردود. وتعدّ الأدوات عبر الإنترنت مفيدةً خاصّةً في توفير مستودعات البيانات التي يمكن تصديرها لاحقًا إلى أدوات تحليلية أخرى مثل: إيكسل، أو أس بي أس أس (SPSS).

بغضّ النّظر عن تقنيّة البحث الّتي تستخدمها، احذر من أخطاء جمع البيانات، فقد يؤدّي تسجيل الإجابات الخاطئة، أو الإخفاق في نقل التّعليمات الصّحيحة للمشاركين، أو الاضطرار إلى التّرجمة بسرعة، إلى خلق تحيّزات تؤدّي إلى تحريف الإجابات، وتعطيك نتائجًا غير دقيقة.

تحليل البيانات

بمجرد جمع بياناتك، فالخطوة التّالية هي فهمها. حيث تعتمد كيفيّة تحليل البيانات إلى حدّ كبير على ما تريد الوصول إليه، ففي العادة، سوف تبحث عن الأنماط، والتوجّهات بين الإجابات، ويعدّ تحليل البيانات مجالًا بحدّ ذاته، وعندما يتطلب الأمر تحليلًا معقّدًا، فطلب مساعدة الخبراء غالبًا ما يستحقّ التّكلفة الإضافيّة، ويمكنك العثور على خبراءٍ في شركات التّسويق البحثيّ المتخصّصة في جمع البيانات وتحليلها للشركات، مثل ميركادوتيكنيا للبحوث والاستشارات، ويمكن العثور عليها عبر الإنترنت، أو من خلال منظّمات الأعمال المحليّة، مثل الغرف التّجاريّة.

النتائج والخطوات التالية

في هذه المرحلة، يسعى رائد الأعمال إلى التّوفيق بين نتائج اختباراته وأهداف بحثه، فعلى سبيل المثال، إذا كنت تجري بحثًا استكشافيًا حول منتج محتمل تريد طرحه في السّوق، فقد حان الوقت الآن لطرح أسئلة، مثل: ما إذا كان البحث يشير إلى إمكانات السوق. وبالمثل، إذا كان الهدف هو معرفة ما يحبّه العملاء في المنتجات المنافسة، فقد حان الوقت الآن لكتابة هذه النّتائج، وتحديد ما إذا كانت تستحقّ دمجها في منتجك من عدمه. ومن المهمّ انفتاحك على ما تقوله البيانات، حتّى لو كانت تشير إلى نتائج تتعارض مع ما كنت تأمل فيه، إذ يعدّ البحث فرصةً للنّموّ، وخارطة طريق لتحسين فكرتك.

بحث السوق الثانوي

البحث الثّانويّ هو البحث الّذي يستخدم البيانات المتوفّرة الّتي جمعها كيان آخر، ففي كثير من الأحيان، تُجمع هذه البيانات من قبل الوكالات الحكوميّة للإجابة على مجموعةٍ واسعة من الأسئلة، أو القضايا المشتركة بين العديد من المنّظمات والأفراد، وغالبًا ما يجيب البحث الثّانويّ على أسئلةٍ أكثر عموميّة قد تكون لدى رائد الأعمال، مثل: المعلومات السّكانية، أو متوسّط المشتريات، أو التوجّهات؛ وإذا كان هناك سؤال محدّد لا يمكن الإجابة عليه، مثل: عدد الأشخاص الّذين سيهتمّون بمنتج جديد بخصائص معيّنة، فيجب على البحث الأوليّ الإجابة على ذلك. وتعدّ بعض هذه الأبحاث الثّانوية معروضةً للبيع، لكنّ أكثرها مجّانيّة للجمهور، كما تعدّ خيارًا جيّدًا لروّاد الأعمال ذوي الموارد الماليّة المحدودة.

وبالنّسبة للموارد المفيدة الأخرى، فهي المنظّمات التّجاريّة الّتي توفّر معلوماتٍ حول صناعاتٍ معيّنة، وكذلك الصّحف، والمجلّات، والجرائد، وغرف التّجارة، والمنظّمات الأخرى الّتي تجمع المعطيات المحليّة، والولائيّة، والوطنيّة، والدّوليّة. إذ يمكن لموارد مثل هذه توفير معلومات حول كلّ شيء، بدءً من حجم السكّان، إلى التّركيبة السكانيّة للمجتمع، وعادات الإنفاق.

في النّهاية، لا توجد طريقة مثاليّة لإجراء البحث، فكلّ هذا يتوقف على ما تحاول اكتشافه، وعلى أفضل نهجٍ للقيام بذلك، فإذا كنت قد بدأت للتوّ، فقد ترغب في زيادة البحث الثّانويّ إلى أقصى حدّ لأنه مجانيّ، كما يمكنك أيضًا تجربة جمع البيانات الأساسيّة من خلال التحدّث إلى الأصدقاء، والعائلة، والآخرين الذين تصادفهم في مجتمعاتك المحليّة، وعبر الإنترنت، فإذا كنت تعمل في إحدى الجامعات، فمن المحتمل تمكّنك من الوصول إلى تقارير أبحاث السّوق المجّانية.

التعرف على فرص السوق والتحقق منها

أحد الأهداف المشتركة لأبحاث السّوق هو تحديد فرصة السّوق، أو الحاجة غير الملبّاة ضمن فئة ديموغرافيّة مستهدفة، ويمكن تحقيقها من خلال منتج حاليّ، أو جديد. حيث يُعدّ البحث عن الفجوات، أو الاحتياجات غير الملباة داخل السّوق، أحد طرائق تحديد فرص السّوق لكلٍّ من السّلع والخدمات، وبالنّسبة للمنتجات الجديدة، يستلزم ذلك النّظر في احتياجات مجموعة سكّانيّة، والتعرّف على غير الملبّى منها، ثمّ تحديد نوع المنتج الّذي قد يفي بها. وبالمثل، يمكنك تحديد المشاكل المشتركة المحليّة، أو الوطنيّة، أو العالميّة من خلال الملاحظة، والتّفاعل المباشر مع العملاء المحتملين، ومحاولة إنشاء خدماتٍ تحلّ تلك المشاكل، فالتّغييرات الاجتماعيّة، والاقتصاديّة، والتّكنولوجيّة، والتّنظيميّة لديها جميعًا القدرة على خلق فرص فٍي السّوق.

عندما رأى المخترع ديفيد دودجن المعاناة التي خلّفها إعصار كاترينا وراءه، تراءت له حاجة غير ملبّاة. إذ أدرك أنّه عندما تضرب الأعاصير، أو غيرها من الأحداث الكارثيّة، فقد تلوّث إمدادات المياه في المنطقة المنكوبة. كما قد تمنع الوصول إلى المياه النّظيفة. ونتيجة لذلك، ابتكر آكوابودكيت (AquaPodkit)، وهي حاوية بلاستيكيّة يمكنها تخزين المياه العذبة مؤقّتًا لأسابيع في كلّ مرة تحدث فيها حالة الطّوارئ، بحيث توصي الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ (The Federal Emergency Management Agency) (أو اختصارا FEMA) بملء الناس أحواضَ استحمامهم إذا شعروا باحتمال نندرة المياه، لكن في كثيرٍ من الأحيان، قد تكون الأحواض متّسخة، وقد لا يملك النّاس الوقت لتنظيفها. وبوضع هذا في الحسبان، طوّر دودجن بطانةً بلاستيكيّة توضع في حوض الاستحمام، وتملأ الماء، كما تعدّ آمنةً للشّرب، مع وجود مضخّة تساعد على إغلاق وفتح البلاستيك عند الحاجة إلى الماء، كما تستوعب قرابة 400 لتر من المياه العذبة في الحوض، وقد أثبتت نجاحها. كما عُرضت أيضا في: سي أن بي سي(CNBC)، ورائد الأعمال (Entrepreneur)، ونيويورك تايمز (New York Times).

لا يمكن أحيانًا اكتشاف الحاجات غير الملبّاة مباشرةً، ومع ذلك تتمثّل إحدى طرائق فهم فرص السّوق بطريقة أفضل في إجراء تحليل للسّوق، وهو تحليل الاهتمام العامّ بالمنتج، أو الخدمة داخل الصّناعة، من خلال السّوق المستهدف لتحديد مدى صلاحيّتها، وإمكانات الرّبح منها، فالتّحقق هو التأكّد من وجود طلب على منتج معيّن في السّوق المستهدفة، ويمكن القيام بذلك عن طريق إجراء مقابلات، أو استقصاءات رسميّة، أو غير رسميّة مع العملاء المحتملين لجمع ملاحظاتهم، وتعدّ شركة دروب بوكس (Dropbox) مثالًا عن شركةٍ أجرت التّحقّق مرارًا وتكرارًا حتّى أنشأت منتجًا يمكنه العمل مع الجمهور العادي.

بالإضافة إلى تحديد المنافسة وتحديد إمكانات النّمو والرّبح، فتحليل السّوق الجيّد سيحدّد إجمالي السّوق المتاح (TAM) لمنتج معين، وهو إجمالي الطّلب المتصوّر لمنتج، أو خدمة داخل السّوق. كما يحدّد أيضًا السّوق المتاح للخدمة (SAM)، وهو جزء من السّوق يمكن لشركتك خدمته بناءً على منتجاتك، وخدماتك، وموقعك. (الشّكل 6.8)

SAM&TAM.png

الشّكل 6.8: على روّاد الأعمال الترّكيز على السوّق المستهدف داخل السّوق الإجماليّ TAM، والسّوق المتاح للخدمة SAM. وتخصيص الموارد لجذب العملاء اّلذين يمكن إرضاؤهم من خلال عرض القيمة. حفظ الحقوق: صورة مسجّلة لجامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4.0

لحساب هذا، دعنا ننتقل إلى مثال قارورة الماء. ولنفترض محاولتك لمعرفة ما يعتمد عليه السّوق المستهدف بناءً على هذا المفهوم، ولحساب TAM، يجب النّظر إلى الصّناعة بأكملها وتحديد إجماليّ عدد العملاء المتاحين لقارورات المياه، أو إجماليّ الإيرادات المتاحة، وللعثور على الرّقم، يمكنك البحث عن أرقام الصّناعة للفئة في قواعد البيانات المذكورة سابقًا، أو أيّ بياناتٍ أخرى متاحة من خلال البنك الدّوليّ، أو كتاب الحقائق العالميّ، لمعرفة العدد المحتمل للعملاء أو الإيرادات، ويسمّى هذا المنهج من أعلى إلى أسفل، حيث تبحث في عوامل الاقتصاد الكلّي لتحديد إمكانات الصّناعة.

هناك طريقة أخرى لحساب TAM تتمثّل في استخدام المنهج العاكس، من أسفل إلى أعلى، والّذي يتضمّن حساب أحجام السّوق المحليّة، ومعرفة عدد العملاء المنافسين، فبعد جمع هذه المعلومات، تضيف جميع الأسواق المحليّة، وتضربها في متوسّط المبلغ الّذي تنفقه على المنتج سنويًا. ونظرًا لكون شركتك لا تستطيع خدمة جميع الأسواق، فالخطوة التّالية هي اكتشاف السّوق المتاح للخدمة SAM، حيث يمكنك تقدير عدد العملاء الّذين يمكنك خدمتهم، عن طريق تقسيم السّوق إلى أولئك الذين يمكنك خدمتهم نظرًا لخصائص منتجك، والعوامل الجغرافية، والدّيموغرافية، والثّقافية، من بين أمور أخرى.

أخيرًا، بالنّظر إلى قيود الشّركة وقوّة المنافسة، ستحدّد السّوق المستهدف المركّز لتجنّب إهدار تسويق الموارد القيّمة إلى أشخاص لا يهتمّون عموماً بشراء منتجك.

بصفتك رائد أعمال، فأنت تريد تقسيم السّوق، ومعرفة ما إذا كان هناك مجموعات محتملة من الأشخاص الّذين يمكنك خدمتهم، إذ سيساعدك التّقسيم، والاستهداف، وخلق المكانة (Segmenting, Targetrin, and Positioning) أو اختصارًا STP) على معرفة من هو أفضل عميل لديك، كما سيسمح لك بتخصيص مواردك حتّى تتمكّن من خدمة هذا العميل بفعاليّةٍ أكثر.

فأمّا التّقسيم (Segmenting) فيعني تفصيلك لإجماليّ السكّان عن طريق مجموعات متجانسة من الأشخاص الّذين لديهم أذواق، وخلفيّات، وأنماط حياة، وديموغرافيات، بل وثقافة متشابهة؛ كما يمكنك التّقسيم وفقًا لمعايير، مثل: الفئات العمريّة، أو الجنس، أو العرق، أو مجال العمل، أو الأرباح، أو الأنشطة، وهناك العديد من الطّرائق لفصل هذه المجموعات لاختيار المجموعة المناسبة لعملك.

الخطوة التّالية هي الاستهداف (Targeting)، وهنا تختار سوقًا مستهدفًا بناءً على قدرتهم، واستعدادهم للشّراء، وكما ذكرنا سابقًا، يعمل السّوق المستهدف على تحديد أيّ مجموعة من إجماليّ السّوق ستخدِمها، وكيف ستتموقع لتميّز شركتك، أو منتجك عن منافسيك. ويأتي ثالثًا خلق المكانة (Positioning) (مقترح القيمة) وهو بيان حول كيفيّة تلقّي العميل لشركتك، أو سلعتك، أو خدمتك، فمودكلوث (Modcloth) على سبيل المثال تاجر تجزئة مستقل على الإنترنت، يبيع الملابس القديمة، أو الّتي تبدو قديمة، والعصريّة، والممتعة، والّتي تروق العملاء من مختلف أنحاء العالم ممّن يرغبون في الظّهور بمظهر أنيق.

ترجمة -وبتصرف- للفصل (Entrepreneurial Marketing and Sales) من كتاب Entrepreneurship.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...