تُعد دراسة الإدارة ومبادئها مُنطلقًا ضروريًا قبل دراسة أسس التسويق، فهي تمثل الإطار العام لعملية التسويق، والرابط الأساسي بين التسويق من جهة، والمجتمع والمستهلكين من جهة أخرى. ورغم وجود أشكال متعددة لعملية التسويق، لكننا في سلسلة مقالاتنا هذه سوف نستعمل العملية الموضحة في الرسم التوضيحي رقم 1.
وتبدأ عملية التسويق كما هو موضح بالاعتبارات الإدارية الثلاث (المهمة، والأهداف، والاستراتيجية) والتي تحدد مسار الشركة بأكملها. صحيح أن هذه الاعتبارات هي اعتبارات إدارية محضة، لكننا سوف نتطرق إليها بإيجاز في المقالات القادمة.
الرسم التوضيحي رقم 1
الاعتبارات التشغيلية
إذا تبنت شركة التسويق الموجه إلى المستهلك والذي أشرنا إليه سابقًا، فيجب أن تشمل هذه الفلسفة جميع أقسام الشركة، وكذلك المؤسسات التي تتعامل معها. ويمكن تصنيف هذه الأقسام والمؤسسات إلى مؤسسات تسويقية ومؤسسات غير تسويقية.
ويمكن للأقسام غير التسويقية أن تكون موجودة في داخل الشركة أو خارجها، ومن أمثلة الأولى أقسام المحاسبة والتخطيط المالي والموارد البشرية والهندسة والإنتاج والبحث والتطوير، وغيرها من أقسام الشركة المختلفة. لذلك يجب على قسم التسويق الاطلاع دومًا على قدرات الأقسام الأخرى والتخطيط بناءً على قدراتها وإمكانياتها المُتاحة، كما أن إقامة العلاقات الودية مع مديري الأقسام الأخرى والحفاظ على تنسيق متناغم معها يُعد أمرًا ضروريًا لكل مسوّق.
أما المؤسسات غير التسويقية خارج الشركة فهي تلك المؤسسات التي تسهل عملية التسويق من خلال توفير خبرات وخدمات في مجالات لا ترتبط بالتسويق ارتباطًا مباشرًا، ومن أمثلتها المؤسسات المالية التي تقدّم القروض للمسوقين، والمؤسسات التشريعية التي تسن القوانين التي تنظم عملية التسويق، ووسائل الإعلام التي تنقل أنشطة التسويق إلى الجمهور.
خطة التسويق
يمكن القول إن الأنشطة التي تُنفذ على مستوى الإدارة هي -إلى حد بعيد- ذاتها الأنشطة التي تُنفذ على مستوى التسويق، إلا أن الفرق الأساسي بينها يكمن في أن خطة التسويق تخضع مباشرة لتأثير الخطة الإدارية العامّة، وكذلك تأثير أقسام الشركة الأخرى، وهو ما يوجب على المسوقين متابعة الخطة الإدارية وأي تغييرات قد تطرأ عليها، وإجراء التغييرات اللازمة على الخطة التسويقية بما يتناسب مع هذه التغييرات.
وتسير خطة التسويق وفق خطوات محددة تقريبًا، فهي تبدأ من مهمة الشركة التي تعكس قِيَمها التي تؤمن بها. ما هي دلالة هذه المهمة؟ وكيف تعرف معنى النزاهة؟ وكيف تنظر إلى الناس الذين تخدمهم؟ إن كل شركة تحمل مهمة خاصة بها سواءً كانت مُعلنة أو ضمنية، وقد تتضمن مهمة الشركة كلمات مثل "المساواة" و"العالمية" و"الربح" و"التضحية". وبالتالي، فمهمة التسويق هي تعزيز مهمة الشركة وترجمتها إلى أنشطة تسويقية.
فإذا كانت الشركة تركز مثلًا على التكنولوجيا، فسوف يكون التسويق موجهًا إلى الإنتاج، وإذا كان اهتمامها منصبًا على أرباح المساهمين أو رواتب الموظفين، فسوف يكون التسويق موجهًا إلى المبيعات، وأما إذا كانت تركز على القيمة أو الجودة، فسوف يكون التسويق موجهًا إلى المستهلك. وبمجرد صياغة المهمة، يمكن البدء بتحليل الوضع، وإرساء أسس واضحة للعملية والاستراتيجية التسويقيّة.
ويساعد تحليل الوضع على تحديد العوامل والسلوكيات والتوجهات التي تؤثر مباشرة على خطة التسويق. ويجري جمع الكثير من هذه المعلومات إلى جانب معلومات إدارية أخرى، ولكن تركيز المسوقين ينصب على المعلومات المتعلقة بتوجهات الزبائن الحاليين والمحتملين. وتجدر الإشارة إلى أن هذه العملية مستمرة على الدوام، وهي تستهلك الكثير من الوقت والمال. (يتطرق باب "فهم السوق" في موقفٍ لاحق من سلسلتنا إلى مفهوم البحث التسويقي.)
كذلك يساعد تحليل الوضع على إنتاج مجموعة من الأهداف التسويقية المرتبطة بأهداف الشركة. وتتضمن أهداف الشركة في العادة زيادة الأرباح، وخفض التكاليف، وتحسين النمو، وزيادة حصة الشركة في السوق، وتقليل المخاطر، وتحسين سمعة الشركة، وغير ذلك. وقد تُترجم جميع هذه الأهداف إلى أهداف تسويقية محددة مثل "طرح عدد من المنتجات الجديدة"، وهذا من شأنه زيادة الأرباح، وزيادة حصة الشركة في السوق، والدخول إلى أسواق جديدة.
المزيج التسويقي
يجب على المسوّق بعد تحديد الأهداف أن يعرف سُبل وآليات تحقيق هذه الأهداف، وأن يبني استراتيجية تسويق عامّة يمكن ترجمتها إلى أنشطة قابلة للتنفيذ، وهذا هو دور المزيج التسويقي، الذي يشتمل على كلٍّ من المنتج، والتوزيع، والترويج، وأخيرًا السعر.
المنتج
تُعد المنتجات (والخدمات) العنصر الرئيس في المزيج التسويقي، فهو العنصر الذي يحتاج إليه المستهلكون ويبحثون عنه، وهو الرابط الأساسي بين الشركة وزبائنها، لذلك يجب أن تكون الشركات مستعدة دومًا لتعديل منتجاتها وفق ما تقتضيه المنافسة والبيئة المحيطة. وفي الوضع المثالي، يجب أن تحقق جميع منتجات الشركة الأرباح، ولكن الواقع يختلف في كثير من الأحيان، وهو ما يضطر الشركة لاتخاذ قرارات صعبة بشأن مدة بقاء المنتج غير الناجح في السوق.
التوزيع
ينقل التوزيع المنتج إلى المستهلك النهائي. ويتوجب على إدارة التسويق- في ظل وجود العديد من قنوات التوزيع- أن تفهم بوضوح طبيعة الموزعين، والتوجهات التي تؤثر على عملهم، ونظرة الزبائن إليهم.
التواصل (الترويج)
يجب على الشركة أن توصل مزايا منتجها إلى الموزعين والمستهلكين بطريقة مناسبة، وذلك من خلال الإعلانات، وحملات الترويج، ومندوبي المبيعات، وحملات العلاقات العامة، والتغليف الجيّد.
السعر
يجب على المسوقين أن يختاروا سعرًا عادلاً من وجهة نظر المستهلكين، فالسعر هو العنصر الأساسي الذي يحكم به المستهلكون على المنتج أو الخدمة، كما أنه انعكاس لجميع أنشطة الشركة. ويُعد السعر أيضًا أداة تنافسية، إذ أنه أساس الموازنة بين منتجات الشركات المختلفة.
تتصف عناصر المزيج التسويقي بأنها متداخلة، وذلك يعني ضرورة التنسيق بين جميع هذه العناصر. ولنفترض أن شركة تمتلك منتجين (منتج فاخر ومنتج اقتصادي) وسعرين (6 دولار و3 دولار) وقناتي ترويج (الإعلانات والخصومات) وقناتي توزيع (المتاجر العامة والمتاجر المتخصصة). تشكل هذه العناصر عند أخذها معًا 16 مزيجًا تسويقيًا مُحتملاً.
صحيح أن بعضها سوف يكون متناقضًا، مثل منتج فاخر بسعر منخفض، مع ذلك يجب على الشركة دراسة جميع هذه الخيارات. وتزداد المعادلة تعقيدًا بوجود المنافسين، حينها يتوجب على الشركة العثور على المزيج المناسب بين المنتج، والسعر، والترويج، والتوزيع، بما يضمن لها التفوق على منافسيها. (سوف نناقش جميع عناصر المزيج التسويقي بالتفصيل في فصول لاحقة من هذه السلسلة.)
تُعد شركة نينتندو مثالًا جيدًا لشركة متعددة الجنسيات استطاعت أن تنفذ استراتيجية التسويق تنفيذًا فعالًا يحقق أهداف الشركة، فقد غدت الشركة رائدة في مجال وسائل الترفيه التفاعلية، ونجحت في تحويل منتجاتها إلى أيقونات اجتماعية. وتقدّم الشركة منتجات مبتكرة، وتعيد صياغة الأسواق التقليدية في مجال عملها، كما أنها ترتبط مع زبائنها من خلال توفير تجربة اجتماعية فريدة للزبائن .
ولكن حتى لو صُمم البرنامج التسويقي تصميمًا جيدًا بعد دراسة متأنية لجميع الخيارات، فإنه سوف يفشل إذا كان التنفيذ سيئًا. ويتضمن التنفيذ العديد من العناصر، من ضمنها: اختيار المكان المناسب لترويج المنتج، وإيصال المنتج إلى الزبون النهائي، وطريقة وضع السعر على المنتج، وتحديد عمولة مندوبي المبيعات، فبمجرّد وضع الأساسات للبرنامج والاستراتيجية التسويقية يجب على المدير التسويقي تحديد الطريقة والأسلوب الأمثل لتطبيق تِلك الاستراتيجية.
وتُعد شركة الخطوط الجوية الإسكندنافية مثالًا جيدًا لشركة نجحت في تنفيذ استراتيجية التسويق الخاصة بها، فقد امتازت الشركة بالمواعيد الدقيقة، ومعايير السلامة المرتفعة، بالإضافة إلى العديد من الخدمات الأخرى التي تسهل سفر زبائنها. ولكن ذلك لم يكن كافيًا لتحسين عائدات الشركة، لذلك كان لابدّ من تنفيذ إجراءات أخرى لجذب زبائن من فئة رجال الأعمال.
وعليه تبنت الشركة عددًا من الخطوات، لكنها رمزية في معظمها، فقد سمحت لكل من يشتري بطاقة كاملة السعر بالجلوس في درجة الركّاب الخاصة، ومنحتهم بطاقة خاصة لصعود الطائرة، وخصصت لهم طابور انتظار خاص، وقدّمت لهم أدوات طعام معدنية، بالإضافة إلى دبوس لتثبيت منديل الطعام يمكن للمسافرين أخذه كتذكار. لقد قدّمت الشركة جميع هذه المزايا الإضافية دون زيادة التكلفة على الزبون، وقد أثبتت هذه الاستراتيجية فعاليتها، وأصبح المسافرون من فئة رجال الأعمال يٌقبِلون بكثافة على الشركة.
الميزانية
كما ذكرنا فإنه لا بُد من تقييم عناصر المزيج التسويقي في إطار استراتيجية التسويق العامة، وهو ما يُوجب على الشركة تحديد ميزانية التسويق استنادًا إلى تكاليف الجهود التسويقية اللازمة للتأثير على المستهلكين. وتمثل ميزانية التسويق خطةً لتوزيع المصروفات على كل عنصر من عناصر المزيج التسويقي.
على سبيل التوضيح، يجب على كل شركة أن تحدد ميزانية الإعلان، وذلك في إطار ميزانية التسويق العامّة، وأن توزع المصروفات على قنوات الإعلان المختلفة (مثل الصحف والمجلات وقنوات التلفزيون). كذلك يجب على الشركة -في إطار تحديد الميزانية- أن تحدد ميزانية ترويج المبيعات، وأن تخصص المبالغ اللازمة للخصومات، ونماذج المنتجات المجانية. وذات الأمر ينطبق أيضًا على البيع الشخصي، وقنوات التوزيع، وآليات تطوير المنتج.
وفي هذا الصدد يطرح المسوقون كثيرًا أسئلة مثل: كم يجب أن ننفق؟ هل ما ننفقه لترويج منتجاتنا كافٍ أم أنه أكثر من اللازم؟ وللإجابة عن هذه الأسئلة، لابدّ من طرح أسئلة أخرى: ما الذي نسعى إلى تحقيقه؟ ما هي أهدافنا؟ بعد ذلك يجب أن يتركز النقاش حول آليات تحقيق الأهداف وسُبل تجاوز العقبات، ولكن المسوقين يتجنبون هذه الخطوة أو يقفزون عنها في كثير من الأحيان.
فعند طرح سؤال "هل ننفق ما فيه الكفاية؟" تكون إجابات المسوقين عادةً عبارة عن موازنة مع ما ينفقه الآخرون. صحيح أن معرفة ما ينفقه الآخرون في ذات المجال مهم وخصوصًا إذا كانت الشركة متأخرة عن منافسيها، أو تعتقد أنها تنفق أكثر من اللازم، ولكن التفكير بهذه الطريقة يدفع الشركة إلى تبني ثقافة القطيع (وهي اتّباع نفس خطط واستراتيجيات الشركات المُنافسة)، كما أن ما يفعله المنافسون ليس صحيحًا بالضرورة.
تقييم النتائج
لا يوجد برنامج تسويقي مثالي تمامًا، ويجب على مديري التسويق توقع مواجهة العديد من المفاجآت خلال تنفيذ برامجهم التسويقية. ولكن للتأكد من سير البرامج وفق الخطة، يجب على الإداريين وضع ضوابط واضحة لتقييم النتائج، وإجراء التغييرات اللازمة عند الحاجة إليها. صحيح أن المفاجآت قد تقع، ولكن مسؤولي التسويق الذين يضعون ضوابط صحيحة يستطيعون التعامل مع هذه المفاجآت بسرعة وفعالية.
وتقتضي هذه الضوابط اتخاذ عدد من القرارات، أولها تحديد الأقسام التي يجب مراقبتها، فقد تختار بعض الشركات مراقبة البرنامج التسويقي بأكمله، وقد تفضل شركات أخرى مراقبة جزء منه، مثل فريق المبيعات، أو برنامج الإعلانات. أما ثاني القرارات فيتعلق بتحديد معايير واضحة لقياس الأداء، مثل الحصة في السوق، أو الأرباح، أو المبيعات.
وأما القرار الثالث فهو تحديد آليات جمع البيانات المستعملة في الموازنة بين الخطة والأداء الفعلي. وأما القرار الرابع والأخير فهو يتعلق بإجراء التغييرات اللازمة على البرنامج التسويقي عند اكتشاف اختلاف بين الخطة والأداء والنتائج.
ويجب على مدير التسويق أن يبدأ من لحظة الشروع في تنفيذ الخطة بجمع المعلومات حول المبيعات والأرباح وردود أفعال الزبائن وردود أفعال المنافسين، وأن يحللها بهدف اكتشاف المشكلات والفرص المتاحة.
مفاتيح التسويق الناجح
المفتاح الأول: يجب على الشركة أن تجعل إرضاء الزبائن أولويتها الأولى، ولكن الشخص الوحيد الذي يعرف ما يريده الزبون هو الزبون نفسه، وإذا أدركت الشركة هذه الحقيقة فسوف تتمكن من تطوير عقلية تسويقية تستند إلى جمع البيانات عن الزبائن والتواصل معهم بصورة دائمة.
المفتاح الثاني: يجب على الشركة أن تبني لنفسها صورة تعكس قيمها وتطلعاتها أمام موظفي الشركة أنفسهم، وأمام الزبائن، والوسطاء، والجمهور بصفة عامة. وقد استطاعت شركة فيليبس بتروليوم (Philips Petroleum) فعل ذلك منذ سنوات عديدة، وذلك بفضل حملتهم الإعلانية التي تركز على الفوائد التي تقدمها الشركة للمجتمع.
المفتاح الثالث: صحيحٌ أن التسويق يتطلب استراتيجية عملٍ مختلفة عن باقي أقسام الشركة، إلا أنه يلعب دورًا محوريًا في عمل الشركة بأكملها، فهو بمثابة الواجهة التي يراها الزبائن، وإذا لم تعجبهم فسوف يبحثون عن طلبهم في مكانٍ آخر.
المفتاح الرابع: يجب على الشركة أن تطور استراتيجية فريدة ملائمة للظروف التي تعيشها، وأن تُكيّف مبادئ التسويق لتتوافق مع المنتجات التي تقدمها، فاستراتيجية التسويق التي تصلح لشركة قد لا تصلح لأخرى. باختصار، تقليد ما تفعله الشركات الأخرى بغير دراسةٍ ولا تمحيص يُعد استراتيجية خطيرة.
أخيرًا: التقدّم التكنولوجي هو ما يحدد آلية عمل التسويق في المستقبل، وبفضل الحاسوب، ازدادت قدرة كل من الشركات والزبائن على الوصول إلى المعلومات. لقد أصبح العالم سوقًا واحدًا، وباتت المعلومات تتغير بسرعة الضوء، وبالتالي فقد أصبحت المعرفة أهم ميزة تنافسية على الإطلاق.
كن على إطلاع
يلعب التسويق دورًا مهمًا في نجاح الشركات من خلال جمع المعلومات باستمرار حول حاجات الزبائن وقدرات المنافسين، ومشاركة هذه المعلومات مع الأقسام، والمؤسسات المعنية الأخرى، وذلك بهدف زيادة القيمة التي يحصل عليها الزبائن، وخلق ميزة تنافسية للشركة.
وبالتالي يجب على الأفراد العاملين في أقسام التسويق أن يكونوا على معرفة بجميع عناصر العمل التي قد تؤثر على نجاح الجهود التسويقية. ويستمد التسويق أهدافه من رسالة الشركة، ويقدّم مجموعة من الاستراتيجيات لتحقيق هذه الأهداف.
ويلعب التنفيذ دورًا أساسيًا في نجاح خطة التسويق، لذلك يجب على ميزانية التسويق أن تراعي تخصيص المصروفات اللازمة لكل عنصر من عناصر المزيج التسويقي. ويعتمد نجاح التسويق على عدد من العوامل، ولكن أهمها هو جعل إرضاء الزبائن الأولوية الأولى لدى الشركة.
لكل هذه الأسباب يجب على المسوّق الإلمام بآخر التطورات في مجال عمله، ولا يتسنى له ذلك إلا من خلال القراءة المستمرة والاطّلاع على آخر المستجدّات وما يصدر في هذا المجال. والمواقع المتخصصة في مجال التسويق كثيرة ومتعددة، ومن أبرزها:
- موقع أكاديمية حسوب : تضم أكاديمية حسوب أبوابًا متعددة، تشمل البرمجة والتصميم والعمل الحر، بالإضافة إلى قسم مخصص للتسويق والمبيعات. ويعرض هذا القسم مقالات حديثة حول آخر مستجدات التسويق وتطوراته.
- هارفارد بزنس ريفيو: يشمل موقع هارفارد بزنس ريفيو مئات المقالات في عشرات التصنيفات المختلفة، والتي تشمل مواضيع مختلفة من الإدارة والقيادة ووصولًا إلى التسويق. احرص على زيارة هذا الموقع دومًا لمواكبة أحدث التطورات في مجال العمل.
مثال واقعي عن قواعد التسويق
شركة هارلي-ديفيدسون (Harley-Davidson)
بعد عودة شركة هارلي-ديفيدسون (المتخصصة في صناعة الدراجات النارية) المبهرة إلى السوق خلال الثمانينات، أصبح لدى الشركة طلبات لعامين قادمين، ولكن هذا النجاح ذكّر الشركة بمشاكلها السابقة، وأصبحت أمام سؤال مهم: هل تتوسع وتخاطر بتراجع مبيعاتها في السوق مرة أخرى، أم تحافظ على مسارها وترضى بموقعها الجيّد في صناعة الدراجات النارية؟
ويشير فرانك سيميرمانسيك مدير قسم تخطيط الأعمال بالشركة "نستثمر أو لا نستثمر، هذا هو السؤال. لقد كان الموزعون يرجوننا لإنتاج المزيد من الدراجات النارية، ولكن يجب أن تفهم تاريخنا، فقد كان ضعف الجودة إحدى الأشياء التي سببت لنا الكثير من المشاكل في الماضي، وقد كان ذلك نتيجة التوسع غير المدروس في خط الإنتاج. وباختصار، نحن لم نرغب بالعودة إلى ذلك الوضع مرة أخرى."
وفي عام 1989، أصبحت سمعة الشركة ممتازة للغاية، فقد صنعت 44,000 دراجة نارية في ذلك العام، في مقابل 30,000 دراجة نارية في عام 1985. كما ازدادت حصة الشركة في سوق الدراجات النارية الثقيلة من 27% إلى 57% خلال ذات الفترة الزمنية. أما أرباح الشركة فقد بلغت في ذات العام 53 مليون دولار.
في ذات الوقت، كان سوق الدراجات النارية الثقيلة آخذًا بالتراجع، وكان على الشركة أن تعرف إن كان نموها سوف يتواصل أم يتوقف. ويقول سيميرمانسيك "لقد اعتقدنا أننا نستطيع عكس هذه الاتجاهات المعاصرة وأن نصبح شركة رائدة في المجال بعد غياب لسنوات عديدة."
لقد كان مفتاح نمو الشركة في يد نوع جديد من الزبائن، وهم أبناء المدن الأثرياء المتحمسون لركوب الدراجات النارية، وقد بدأ هؤلاء الزبائن بالفعل بتعزيز مبيعات الشركة وصورتها منذ منتصف الثمانينات. ولكن تعيّن على الشركة معرفة إن كان هؤلاء الزبائن يمكن الاعتماد عليهم على المدى البعيد. كما توجب على الشركة معرفة إن كان يجب عليها تسويق منتجاتها بطرق مختلفة لفئات أخرى من الزبائن.
وبعد البحث استطاعت الشركة اكتشاف سبعة فئات جديدة من الزبائن، وجميعهم كانوا يُقدّرون منتجات الشركة لذات السبب، وهو أن منتجات الشركة تمنحهم الشعور بالاستقلال والحرية والقوة، وجميعهم كانوا يدينون بالولاء الشديد للشركة.
وقد دفع هذا الولاء الشركة إلى إنتاج وبيع المزيد من الدراجات النارية، ولكن دون أن ترهق نفسها، فقد زادت الشركة إنتاجها في عام 1990 إلى 62,000 دراجة نارية، واستمرت في زيادة الإنتاج إلى أن وصل إلى أكثر من 120,000 دراجة في عام 2000. واستنادًا إلى الأبحاث وقائمة الطلبات، تتوقع الشركة لنموها المذهل أن يتواصل، كما أنها تعمل أيضًا لتوسيع خط الإنتاج، فقد أدخلت إلى السوق في مطلع عام 2000 دراجة جديدة بسعر 4,400 دولار أمريكي، وهي تستهدف راكبي الدراجة المبتدئين والنساء.
ملخص موجز
تناولنا في مقدمة سلسلتنا الفريدة هذه في باب "مدخل إلى التسويق" نظرة عامة على أهمية التسويق ومهامه في الشركات. وتجدر الإشارة هنا إلى أن التسويق يتخذ أشكالًا متعددة، ويتطور بتطور التكنولوجيا، وقد بات التسويق على الإنترنت -والذي يُعرف أيضًا باسم التسويق الالكتروني- يتيح الكثير من الفرص أمام المسوقين، ولكنه يضع أمامهم الكثير من التحديات.
لقد أشرنا في هذا الباب من سلسلتنا التمهيدية إلى أن التسويق يُعد إحدى الأدوات الاستراتيجية بحوزة الشركات، وتناولنا عددًا من التعريفات المبسطة والمفصلة للتسويق. وببساطة يستند التسويق إلى مهمة الشركة ورسالتها، كم أنه يعتمد على وجود إدارة فعالة لأقسام الشركة الأخرى. ويحقق التسويق النجاح عندما تكون جميع المهام والأساليب والاستراتيجيات ضمن الشركة الواحدة مُتّسقة ومتكاملة.
كذلك ناقشنا السمات المشتركة بين الشركات التي توظف التسويق توظيفًا صحيحًا، وهي: إرضاء المستهلك، والموازنة بين قدرات الشركة، والتواصل مع الزبائن، والتنسيق بين الأقسام المختلفة، والتواصل مع المجتمع. كما تطرق أيضًا إلى تقسيم التسويق وفق عوامل معينة إلى أقسام وهي: التسويق الكلي والجزئي، وتسويق السلع والخدمات، والتسويق الربحي وغير الربحي، والتسويق الجماهيري والمباشر، والتسويق المحلي والإقليمي والوطني والدولي، وتسويق السلع الاستهلاكية والتسويق بين الشركات.
ثم انتهينا بمناقشة لمستويات الإدارة الاستراتيجية الأربعة وتطبيقاتها في مجال التسويق وهي: المستوى الإداري، والمستوى التشغيلي، والمستوى التسويقي، والمزيج التسويقي.
ترجمة -وبتصرف- للفصل (Introducing marketing) من كتاب Core Concepts of Marketing
اقرأ أيضًا
- المقال التالي: فهم السوق والتعامل معه
- المقال السابق: أنواع التسويق الأساسية
- النسخة العربية الكاملة لكتاب مدخل إلى التسويق
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.