اذهب إلى المحتوى

تُعَد عملية التوزيع الخاصة بالمنتج أو الخدمة عملية هامة جدا، وتتطلب دراسات دقيقة، حول الماديات، والمعنويات على حد سواء. ويلجأ الأغلبية عند إطلاق المنتج أو الخدمة، وحتى بعد إطلاقها إلى ما يعرف بالترويج والإعلان عن المنتج كاستراتيجية لتسويق المنتج، وتعريفه في السوق؛ وزيادة حجم المبيعات.

سنتحدث في هذا المقال ضمن سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال عن إستراتيجية الترويج التي يتبعها أصحاب المنتجات والخدمات لتسويقها، كما نعرف عن التأثير الهائل للإعلانات التي يضعها أصحاب هذه المنتجات والخدمات أمام المستهلكين.

الترويج والعناصر الرئيسية للمزيج الترويجي؟

تعريف الترويج وأهدافه

الترويج Promotion هو محاولة المسوِّقين إبلاغ المستهلكين، أو المستخدمين التجاريين (الشركات)، أو تذكيرهم، أو إقناعهم؛ بهدف التأثير في رأيهم، أو تحفيزهم بغية صدور استجابة من قبلهم، ويستخدم معظم الشركات شكلًا من أشكال الترويج؛ الذي يهدف إلى تحفيز استجابة من قبل أشخاص السوق المستهدفة، أو شركاته، فبالنسبة للشركات الربحية؛ تتمثل ردة الفعل التي تريدها في شراء المستهلكين للعنصر، أو المنتج المُروَّج له، فالقائمون على شركة السيدة سميثس Mrs. Smith's مثلًا، يريدون أن يشتريَ الناسُ فطائر مجمدة لأنها تنتجها، أما المؤسسات غير الربحية، فتسعى نحو مجموعة أفعال من خلال حملاتها الترويجية، فتخبرنا ألا نرميَ القمامة في الشارع، أو أن نضع حزام الأمان، أو أن ننضم إلى صفوف الجيش، أو أن نحضر عروض باليه. (تلك أمثلةٌ على منتجاتٍ تمثل أفكارًا مسوَّقًا لها تستهدف أسواقًا محددة).

وتتضمن الأهداف الترويجية تكريس الوعيٍ، وحملَ الناس على تجربة المنتجات، وتوفير المعلومات، والحفاظ على الزبائن ذوي الولاء، وزيادة عدد المنتجات، وتحديد المستهلكين المحتملين، إضافة إلى تعليم زبائن الخدمات المحتملين، ما هو مطلوب منهم بهدف "المشاركة في إنشاء" الخدمات المقدَّمة، وقد تسعى أي حملةٍ ترويجية نحوَ تحقيق واحدٍ، أو أكثر من الأهداف التالية:

  1. تكريس الوعي: يحدث كثيرًا أن تخرج شركاتٌ من مجال الأعمال التجارية، بسبب جهل الناس بوجودها، أو بما تقدِّمه من منتجاتٍ، أو خدمات، وتعاني المطاعم الصغيرة -عادة- من هذه المشكلة، إذ نادرًا ما يفي بالغرض مجردُ وضع لافتة، وفتح الباب؛ لكسب علم جمهور المستهلكين، وبالمقابل، يمكن للترويج بواسطة الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي، والتلفاز أو الراديو، وعبر القسائم ضمن الصحف المحلية، والمنشورات الإعلانية، وسواها يمكن أن يُنشئ وعيًا بالشركة الجديدة، أوِ المُنتَج الجديد.

وغالبًا ما تستخدم الشركات الكبرى شعاراتٍ جذابة لتكريس الوعي بعلامتها التجارية، فعلى سبيل المثال: جذب إعلانٌ لاقى نجاحًا واسعًا لشركة صناعة السيارات دودج Dodge عددًا كبيرًا من المستهلكين إلى شراء سياراتها؛ إذ يظهر في الإعلان رجلٌ يركب سيارة؛ يصيح مخاطبًا رجلًا آخر يقود شاحنة صغيرة من صنع شركة دودج قائلًا له: "مرحبًا! هل سيارتك مزودَّة بمحرك هيمي Hemi؟" حيث بات محرك هيمي علامة تجارية ضمن سيارات أخرى. والآن نرى شركة السيارات كرايسلر Chrysler تستخدم ذلك المحرك في أحد أصناف سياراتها؛ جيب Jeep، وتُمنّي النفسَ بتحقيق النجاح ذاته.

  1. حملُ المستهلكين على تجربة منتجات جديدة: كما يُستخدَم الترويجُ باستمرار؛ لدفع الناس نحو تجربة منتجٍ جديد، أو لحث غير المستخدمين لمنتجٍ موجود على تجربته، كما توزَّعُ -أحيانًا- عيناتٌ مجانية، فشركة ليفر Lever مثلًا، أرسلت ما يزيد على مليونَي صابونة مجانية من منتجها ليفر 2000 Lever 2000 إلى المنازل المستهدفة، كما تعد القسائم (كوبونات)، وعبوات المنتجات الصغيرة التي تستهدف السماح للمستهلكين بتجربتها؛ من ضمن التكتيكات التي تُستخدم لحث الناس على استخدام منتجٍ ما، كما يُستعان -أيضًا- بالمشاهير لحثّ الناس على استخدام منتج ما، فقد اشتركت مقدِّمة البرامج الشهيرة أوبرا وينفري Oprah Winfrey مع شركة كرافت هاينز Kraft Heinze لإطلاق خط جديد من الحِساء المُبرَّد، والأطباق الجانبية (المُقبّلات) الخالية من المنكِّهات، والملوِّناتِ الصناعية، وتؤكد كيت ميرفي Kate Murphy؛ وهي مديرة الشراكات الاستراتيجية في منصة التسويق الاجتماعي كراود تاب Crowdtap، تؤكد على أهمية تلك الاستراتيجية، فتقول: "يمكن أن يضفي تأييد المشاهير لمنتجٍ، أو علامة تجارية ما، قيمةً كبيرة عليهما، وذلك إذا جرى بالطريقة الصحيحة"، وتتابع بالقول: "في حال تأييد أحد المشاهير منتجًا ما، فإنه يُسبِغُ عليه مستوىً من الثقة، والاهتمام به ".
  2. توفير المعلومات: يشيع استخدام الترويج الإخباري في المراحل الأولى من دورة حياة المنتج، فقد يشرح ذلك النوعُ من الترويج تأثير مكوناتِ المنتج على صحة المستهلك مثل الألياف، أو يبيّنُ الأسباب التي تجعل المنتج أفضل من غيره مثل شاشات التلفزيون عالية الدقة موازنةً بالدقة العادية ذاتها، أو يبلِّغُ المستهلكين بسعرٍ جديدٍ منخفض، أو يدلُّهم على مكان بيع المنتج، وعادةً، لا يشتري الناسُ منتجًا ما، ولا يدعمون مؤسسةً غير ربحية، حتى يعلموا ما الذي سيقدِّمه لهم ذلك المنتج، ومدى استفادتهم من تلك المؤسسة؛ لذا، قد ينجح إعلانٌ إخباريٌّ في إثارة الاهتمام بمنتجٍ ما، وتُشيدُ الجهاتُ الرقابيةُ، والناقدون الاجتماعيون بالوظيفة الإخبارية التي يؤديها الترويج؛ لأنه يساعد المستهلكين في اتخاذ قرارتِ شراءٍ أكثر ذكاءً؛ فشركة صناعة التونة ستاركيست StarKist، مثلًا، تتيح للمستهلكين معرفة أنَّ شِباك الصيد التي تستخدمها آمنةٌ بالنسبة للدلافين.
  3. الإبقاء على الزبائن ذوي الولاء: يُستخدَم الترويج -أيضًا- للحفاظ على الزبائن، والحيلولة دون توجُّههم نحو علامات تجارية أخرى، غير تلك التي كانوا يفضلون، فهناك شعاراتٌ مثل شعار شركة كامبل سوب Campbell Soup؛ وهو "مم، مم، لذيد" M’m! M’m! Good، وشعار "إنتل في الداخل" Intel Inside، التي تُذكِّرُ الناسَ بالعلامة التجارية تلك، كما دأب المسوِّقون على تذكير مستخدمي منتجٍ تابعٍ لعلامة تجاربة ما؛ بأنَّه أفضل من منتجات المنافسين. فعلى مدى سنوات عديدة، كانت شركة بيبسي Pepsi، وما تزال، تدَّعي أنّ لديها الطعمَ الذي يُفضِّلُه زبائنُها؛ أما شركة الخطوط الجوية؛ ساوث ويست Southwest، فتتباهى بأنَّ حقائب المسافرين تُسافر مجانًا على متن طائراتها. إذاً، من شأنِ إعلاناتٍ مثل تلك؛ تذكيرُ المستهلكين بالجودة، أو بجودة المنتج.

ويمكن للشركات -أيضًا- أن تُبقيَ المستهلكين ذوي ولاءٍ لمنتجاتها، أو خدماتها، عبر إبلاغهم بأي تطوير تُدخِلُه على منتجاتها في موعده، فقد بثَّت شركة دومينوز Domino's مؤخرًا إعلاناتٍ صريحة حول جودة منتجاتها، وجددت كليًا خدمات التوصيل؛ التي تقدمها بهدف تطوير خدماتها، وقد تضمنت تلك الإعلانات إلقاء الضوء على عمليات توصيل البيتزا بواسطة غزلان الرنّة Reindeer في اليابان، وبواسطة طائراتٍ بدون طيار Drones في نيوزيلندا، ووفقًا لأستاذ التسويق في جامعة ماريلاند Maryland؛ رولاند رَست Roland Rust: "يتميز التوصيل بالطريقة الواسعة التي طوَّرت فيها شركةُ دومينوز جودةَ منتجاتها، كما تمثّل وسائلُ التوصيل المخصصة، ميزةً تنافسية لتلك الشركة ".

  1. زيادة مقدار الاستخدام وتكراره: يُستخدَم الترويج -غالبًا- لحمل الناس على استخدامٍ أكثر، وبتكرارٍ أكثر، لمنتجٍ ما، فرابطة رُعاة لحوم البقر القومية National Cattlemen’s Beef Association في الولايات المتحدة، تُذكِّرُ الأمريكيين "بأن يأكلوا مزيدًا من لحوم الأبقار"، وتعد المنشورات الإعلانية المتكررة، وبرامج المستخدم، من أكثر الوسائل الترويجية المتّبعة لزيادة استخدامِ منتجٍ ما، فبرنامج شركة ماريوت Marriott للفنادق، المعروف بـ "هدايا ماريوت Marriott Awards، يمنح نقاطًا لكل دولارٍ واحد يُنفقه الزبائن في فنادقها، فوفقًا للمستوى البلاتيني Platinum Level لدى شركة فنادق ماريوت؛ يُمنَحُ الزبائنُ غُرَفًا فندقية مضمونًا الحصول عليها Guaranteed Rooms، وترقيةً نحوَ أفضل أماكن الإقامة المتوفرة، ووصولًا إلى صالة الكونسيرج Concierge Lounge، وهي صالة خاصة ضمن الطابق الأول من الفندق تُقدَّم فيها مأكولات متنوعة على مدار اليوم، وفطورًا مجانيًا، ومكالماتٍ هاتفية محلية، ومجموعة أخرى متنوعة مما لذَّ وطاب.
  2. تحديد المستهلكين المستهدفين: يساعد الترويج في العثور على مستهلكين، ومن الطرق المستخدمة للقيام بذلك؛ وضع موقعٍ إلكتروني بوصفه جزءًا من الترويج. فعلى سبيل المثال: عادةً ما يتضمن الترويج في جريدة وول ستريت جورنال The Wall Street Journal، و مجلة بلومبيرغ بيزنس ويك Bloomberg Businessweek، مواقع إلكترونية لمزيد من المعلومات حول أنظمة حاسوبية، وطائرات رجال الأعمال، وطابعات ملوَّنة، وأنواع أخرى من التجهيزات، والمعدات التجارية؛ التي تساعد في استهداف المهتمين فعلًا، كما تُعلِن الدعاياتُ الخاصة بشركة فيديليتي للاستثمارات Fidelity Investments: "هناك فرصُ استثمار جدية بانتظارك"، وبعدها توجِّهُ المستهلكين لزيارة الموقع الإلكتروني التالي http://www.fidelity.com. كما يظهر إعلانٌ يغطي صفحة كاملة في جريدة وول ستريت جورنال لصالح شركة خدمات الاتصالات اللاسلكية سبرينت Sprint يدعو المستهلكين إلى زيارة موقعها الإلكتروني http://www.sprint.com. وعادة ما تطلب منك تلك المواقعُ عنوان بريدك الإلكتروني عندما تسعى للحصول على معلوماتٍ إضافية.
  3. تعليم المستهلك: بالنسبة للخدمات، غالبًا ما يكون أمرًا مُلزِمًا؛ إحاطةُ الزبون المحتمل بالأسباب الكامنة وراء أجزاء محددة من خدمةٍ ما، وفي قطاع الخدمات، يعمل مزوِّدو الخدمة مع المستهلكين، لتنفيذ الخدمة ذات الصلة، ويُسمّى ذلك "الإنشاء المُشترَك". فعلى سبيل المثال: على المهندس قضاءُ وقتٍ طويل مع أعضاء الفريق في الشركة الزبون؛ ليُعلِّمَهم ما ستكون عليه عملية التصميم، وكيف سيجري التفاعل المتعلق بالحصول على المعلومات حوله، وعند أي مراحل سيُسَلَّمُ كلُّ جزءٍ من الخدمة، بحيث يمكن إجراءُ تغييراتٍ مستمرة على ذلك التصميم، ويعد ذلك بالنسبة للخدمات؛ أكثر انخراطًا من مجرد تقديم معلومات، بل هو بالأحرى تعليمٌ للمستهلك.

المزيج الترويجي

يُقصَدُ بالمزيج الترويجي Promotional Mix دمجُ كلٍّ من الإعلانات التقليدية، والبيع الشخصي، وتنشيط المبيعات، والعلاقات العامة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتجارة الإلكترونية، مع بعضها، والتي تُستخدَم جميعهُا بهدف الترويج لمنتجٍ ما، إذ تُنشئ كلُّ شركةٍ مزيجًا تسويقيًا فريدًا لكل منتج، ولكنَّ الهدف الذي تسعى لبلوغه هو إيصالُ رسالتها إلى الجمهور المستهدَف بفاعليةٍ وكفاءة. وفيما يلي عرضٌ لعناصر المزيج الترويجي:

  • الإعلانات التقليدية: وهي أيُّ شكلٍ من أشكال الترويج غير الشخصي، مدفوعة الأجر، والتي تُجرى من قِبَل جهة راعية محددة، والتي تُعرَض عبر وسائل الإعلام التقليدية مثل التلفاز والراديو والجريدة…إلخ.
  • البيع الشخصي: وهو عَرضُ منتجٍ ما، وجهًا لوجه أمام أحد المُشترين المحتملين.
  • تنشيط المبيعات: يُقصَدُ به الأنشطةَ التسويقية (باستثناء الإعلانات التقليدية، والبيع الشخصي، والعلاقات العامة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتجارة الإلكترونية) التي تُحفِّزُ عمليات الشراء من قبل المستهلكين، والتي تتضمن القسائمَ، والعينات، والمعارض، وسواها من الجهود المبذولة في سبيل تحقيق مبيعات.
  • العلاقات العامة: وهي ربطُ أهداف الشركة بالجوانب الرئيسة لاهتمام جمهور عامّة الناس، وتطويرُ البرامج المُصمَّمة لتحقيق معرفة الجمهور بالشركة، وقبوله لها، وقد تتضمن العلاقاتُ العامةُ استمالةَ المستهلكين، والدعاية، والمناسبات الخاصة، والإعلانات الداخلية، ووسائل الإعلام مثل: قناة تلفزيون داخلية تابعة للشركة.
  • وسائل التواصُل الاجتماعي: أي استخدامُ منصات مثل: فيسبوك Facebook، وتويتر Twitter، وبينتريست Pintrest، وإنستغرام Instagram، ومدوَّناتٍ متنوعة لإنشاء تفاعلٌ، وضجّةٍ حول منتَجٍ، أو شركةٍ ما، وتُعدّ المهاراتُ، والمعرفة المطلوبتان لتوليد المعلومات، بالإضافة إلى الدفاع عن الشركة ضد المشاكل التي تواجهها مثل الفيديوهات التي تنتشر حول الشركة وتوقعها في مخالفات قانونية، تُعَدُّ مهاراتٍ منفصلةً عن تلك الخاصة بالإعلانات التقليدية، بل حتى الاستراتيجياتُ الترويجية، مثل: دفع المال للمشاهير، لارتداء خطٍّ محدد من الأزياء ونشر صورهم فيها على تويتر وإنستغرام (وهو أحد أشكال الإعلانات)، تتطلب أنواعًا من التخطيط، والخبرة، تختلف عن تلك التي تتطلبها الإعلانات التقليدية.
  • التجارة الإلكترونية: وهي استخدام موقع الشركة الإلكتروني لتنشيط المبيعات من خلال الطلب عبر الإنترنت، والمعلومات، والمكونات التفاعلية مثل: الألعاب، وسواها من مكونات المواقع الإلكترونية، ويعد تطويرُ المواقع الإلكترونية أمرًا لا غنىً عنه بالنسبة لعالم الأعمال في الوقت الراهن، إذ إنَّ استيعابَ كيفية تطويرِ موقعٍ إلكتروني، والاستفادةِ منه، لتنشيط المبيعات؛ هو أمرٌ على كلِّ مُسوِّقٍ الأخذُ به.

ومن الناحية المثالية، يجب أن تكون الاتصالاتُ التسويقية من كل عنصر من عناصر المزيج الترويجي: البيع الشخصي، والإعلانات التقليدية، وتنشيط المبيعات، والعلاقات العامة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتجارة الإلكترونية، يجب أن تكون متكاملة مع بعضها؛ ويعني ذلك أنَّ الرسالة التي تصل إلى المستهلكين يجب أن تكون هي ذاتها، بصرف النظر عما إذا كان مصدرُها: إعلانًا، أو بائعًا في قطاعٍ تجاري محدد، أو مقالةً ضمن مجلة، أو مُدوَّنة، أو منشورًا على فيسبوك، أو قسيمةً ضمنَ زاوية إعلانية في جريدة.

الاتصالات التسويقية المتكاملة

لقد دفعَ نهجُ الترويجِ غيرُ المترابط، شركاتٍ عديدة نحوَ اعتماد مفهوم الاتصالات التسويقية المتكاملة Integrated Marketing Communications؛ التي تتضمن تنسيقًا مُتأنّيًا للأنشطة الترويجية كافة، أي الإعلان التقليدي بما فيه التسويق المباشر، والبيع الشخصي، والعلاقات العامة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتجارة الإلكترونية، والتعبئة والتغليف، وسواها من أشكال الترويج للخروج برسالةٍ متناسقة، وموحَّدة، تركّز على استهداف المستهلك، وباتّباع مفهوم الاتصالات التسويقية المتكاملة، يُطوِّر مديرو التسويق بعنايةٍ، الأدوار التي ستؤديها العناصرُ الترويجية المتنوعة في سياق المزيج الترويجي، ويجري تنسيقُ توقيت الأنشطة الترويجية، ومراقبةُ نتيجة كل حملةٍ بعناية؛ لتطوير الاستخدام المستقبلي لأدوات المزيج الترويجي؛ وعادة ما تُعيِّنُ الشركات مديرَ اتصالات تسويقية، تقع عليه مسؤولية كاملة؛ لتحقيق التكامل بين الاتصالات التسويقية الخاصة بالشركة.

صورة 12.7 فصل 12.jpg

الصورة 12.7: عندما عيَّنت شركة ويت ووتشرز Weight Watchers سابقًا، وهي دبليو دبليو إنترناشنال WW International حاليًا، المعروف بـ دي جي خالد DJ Khaled ليكون أحد الوجوه الإعلانية الخاصة بها، تفاجأ العديد من المتابعين بهذا الاختيار، ووفقًا للعقد، كان على دي جي خالد نشر التحدي الخاص به، لخسارة الوزن على فيسبوك، و إنستغرام، و تويتر، و سناب شات Snapchat في محاولة لجذب مزيد من الرجال للتسجيل في برنامج خسارة الوزن ذاك، ولم يكن دي جي خالد خيارًا معتادًا بوصفه متحدثًا باسم شركة ويت ووتشرز، ولكنك ما إن تُمعنِ النظر، حتى تكتشف أنه مناسب جدًا للعب هذا الدور بالنسبة للشركة، فالأصالة والارتباط؛ هما كلمتان، يجري تقاذفهما بوصفهما كلامًا مُنزلًا في مجال التسويق من قبل أشخاصٍ مؤثرين، ولكنهما المكونان الأكثر أهمية عندما يتعلق الأمر بالعمل مع أي شخصٍ مؤثِّرٍ من أي مستوىً كان.

حقوق الصورة محفوظة لـ: ميغرانن.روبيرتس Megran.Roberts/ فليكر.

وقد اعتمدت شركةُ الخطوط الجوية ساوث ويست Southwest على الاتصالات التسويقية المتكاملة IMC في إطلاق حملتها المعروفة بمسمى ترانسفيرنسي Transfarency، وهي حملة تؤكد على الشفافية، وإبقاء الأسعار منخفضة، وقد دمجت تلك الحملةُ المفهومَ الجديد، وروَّجَت له، ضمن موقعها الإلكتروني، بالإضافة إلى الترويج له عبر الإعلانات، واللافتات في المطار، أما بالنسبة لزبائن تلك الشركة، فقد لاقتِ الحملةُ الجديدة أصداء إيجابية لديهم، لأنّ معظم الشركات المنافسةَ لشركة ساوث ويست تفرض رسومًا إضافية على الأمتعة الشخصية، والمقاعد الفاخرة، ومن الشعارات الطريفة التي تستخدمها تلك الشركة: "لا تتوفر مقاعد الجوائز سوى في الأيام التي تنتهي بحرف 'Y' (في اللغة الإنجليزية، أي أنها متوفرة في كل أيام الأسبوع)"، وقد أُنشئَت حملة التسويق تلك بالتعاون مع الوكالة الإعلانية التابعة لشركة ساوث ويست، وهي شركة جي إس دي آند إم GSD&M التي يقع مقرها في مدينة دالاس Dallas بولاية تكساس الأمريكية.

وسندرس في القسم التالي عناصر المزيج الترويجي بمزيد من التفصيل.

التأثير الهائل للإعلان

كيف يجري اختيار وسائل نشر الإعلان؟ تنهالُ على معظم الأمريكيين يوميًا إعلاناتٌ كثيرة تدعوهم إلى شراء الأشياء. فالإعلان التقليدي Traditional Advertising هو أيُّ شكلٍ مدفوع من أشكال العرض غير الشخصي، بواسطة جهة راعية محددة، وقد يظهر ذلك الإعلان على التلفاز، أو الراديو، أو الصحف، أو المجلات، أو بالبريد المباشر، أو اللوحات الإعلانية، أو بطاقات العبور، وفي الولايات المتحدة، يصادف الأطفالُ بين سن الثانية وسن الحادية عشرة أكثر من 25.600 إعلان كل عام، سواءٌ عبر التلفاز، أو الإنترنت، أما بالنسبة للبالغين هناك، فيرتفع عدد الإعلانات التي يصادفون إلى ثلاثة أضعاف ذلك الرقم- أي أكثر من مليونَي إعلانٍ تجاري في حياتهم .

إنَّ حجمَ الأموال التي تُنفِقها الشركاتُ الكبرى على الإعلانات لا يصدّقها عقل، إذ قُدِّرتِ النفقات الإجمالية للإعلانات في الولايات المتحدة مثلًا بأكثر من 206 مليارات دولار في العام 2017، أما النفقات العالمية على الإعلانات، فتبلغ تقريبًا 546 مليار دولار سنويًا. وتُعدُّ شركة جنرال موتورز General Motors أكبر الجهات المُعلِنة في الولايات المتحدة، إذ تُنفق على الإعلانات ما يزيد على 3.1 مليارات دولار سنويًا، ويساوي ذلك أكثر بقليل من 350.000 دولار كل ساعة، مع الأخذ في الحسبان أن في اليوم أربعًا وعشرين ساعة، وفي الأسبوع سبعة أيام، أما أكبر جهة أمريكية تُنفق على الإعلانات على المستوى العالمي، فهي شركة بروكتر وغامبل Procter & Gamble، بمبلغٍ يصل إلى 4.6 مليارات.

وقد كانت شركة السيارات نيسان Nissan -الراعيَ للألعاب الأولمبية الصيفية؛ التي استضافتها مدينة ريو دي جانيرو Rio de Janeiro البرازيلية في العام 2016 2016 Rio Olympic Games، قد قدَّمت 5000 سيارة لصالح ذلك الحدث، وقد بلغت تكاليف الإعلانات خلال مباراة كرة القدم الأمريكية سوبر بول Super Bowl، التي أُقيمت في العام 2018، بلغت ما بين 5 إلى 5.5 مليون دولار لقاء إعلانٍ تجاري واحد مُدَّتُه 30 ثانية، كما يُكلّف إعلانٌ مدته 30 ثانية على قناة هيئة الإذاعة الوطنية NBC الأمريكية، خلال البرنامج الأسبوعي سانداي نايت فوتبول Sunday Night Football، يُكلّف حوالي 650.000 دولار.

تأثير التقنية والإنترنت في الإعلانات التقليدية

هناك العديد من وسائل الإعلام الجديدة غير الموصولة سلكيًا، وغير المنظمة، فقد باتت التقنية الرقمية تقدم محتوى طوال الوقت، وفي أيّ مكان، وقد أدت تقنيات الكابل، والأقمار الصناعية، والإنترنت، إلى تجزئة الجمهور، فجعلتِ الوصول إليه أصعب من أي وقتٍ مضى. ففي خمسيناتِ القرن العشرين، استأثر المسلسل التلفزيوني غان سموك Gunsmoke، الذي كان يُعرَض على قناة هيئة الإذاعة الوطنية CBC الأمريكية، بنسبة 65% تقريبًا من جمهور مشاهدي التلفاز كل يوم سبت في ذلك الوقت، أما اليوم، فحدثٌ واحد مثل: سوبر بول Super Bowl لديه فرصة لجذب عددٍ مماثل من المشاهدين.

وتشهد الأشكالُ التقليديةُ من وسائل التسلية، والترفيه رقمنةً Digitalization متسارعة، فقد بات من الممكن الوصول -عبر الحاسوب أو الهاتف المحمول- إلى المجلات، والكتب، والأفلام، والعروض التلفزيونية، والألعاب، ففي العام 2017، كان هناك 93 مليون منزل في الولايات المتحدة، موصولٍ بشبكات اتصالاتٍ، واسعة النطاق، وهو رقم قريب من عدد المنازل المتصلة بالكابل، وبالأقمار الصناعية عبر الصحون اللاقطة.

تقف التقنية اليوم وراء العديد من التغييرات، وسلوكُ المستهلك -أيضًا- إذ باتت تكثر الاسئلةُ التي تطرحُها الجهاتُ المُعلِنة، ومنها: كيف تُسوِّق لمنتجٍ يستهدف فئة الشباب، في وقتٍ يَتَسمَّرُ الملايين منهم أمام شاشات هواتفهم الذكية، ويقضون وقتهم في ممارسة الألعاب، بدلًا من شاشات التلفاز؟ كيف نصل إلى مشاهدي التلفاز، في الوقت الذي يمكنهم فيه تسجيلُ البرامج على جهاز تسجيل البرامج التلفزيونية تيفو TiVo، وتخطّي الإعلانات المعروضة؟ كيف يمكن الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي لإعلام الناس بمنتجك، وحالما تحقق ذلك، كيف لك السيطرة على الرسالة في حال انتشار خبرٍ ما بسرعة؟ ما الدور الذي يلعبه المؤثرون في الترويج للمنتجات، والخدمات، عبر مختلف المنصات الإلكترونية؟ كيف يمكنك استخدامُ المُدوَّنات؟ كيف تخطط موقعًا إلكترونيًا، يعزز مبيعاتك، ويقدم معلوماتٍ، وغيرها من أشكال القيمة لزبائنك على نحوٍ مستمر؟ وماذا عن الإشارة الترويجية للمنتج في الأفلام، والمحتوى؛ الذي يُبثُّ عبر الإنترنت؟ والتدوين الصوتي؟ سنعرِّج على كل مما سبق ذِكره لاحقًا في سياق هذا الباب.

اختيار وسائل نشر الإعلان

تُسمَّى القنواتُ التي يجري عبرها نقلُ الإعلان إلى المستهلك المُحتَمَل؛ وسائلَ نشر الإعلان Advertising Media، إذ يظهر كلٌّ من المنتج، والإعلانات المؤسسية في وسائل نشر الإعلان الرئيسة كافة. إنَّ على كل شركة أن تقرر: أيّ وسيلة نشر إعلانٍ هي الأفضل بالنسبة لها، وهناك عاملان رئيسان متعلقان بتحديد ذلك الخيار، وهما: تكلفة الوسيلة الإعلانية، والجمهور الذي تصل إليه.

تكلفة الإعلان واختراق السوق

التكلفة مقابل كل اتصال Cost Per Contact المقصود هو تكلفة الوصول إلى شخصٍ واحد من السوق المستهدفة، ومنطقيًا، كلما زاد عدد الجمهور، تزداد التكلفة الإجمالية، وتتيح التكلفةُ مقابل كل اتصال للجهة المُعلِنة الموازنة بين الوسائل الإعلامية، مثلًا: بين التلفاز مقابل الراديو، والمجلات مقابل الجرائد، أو بشكلٍ أكثر تحديدًا، بين مجلة فوربس Forbes، وجريدة وول ستريت جورنال The Wall Street Journal، ويمكن لجهة مُعلِنةٍ؛ تناقش مسألة إنفاق أموال، مقابل الإعلان على التلفاز، أو الراديو؛ أن تأخذ بالحسبان التكلفة، مقابل الاتصال، لكل من تلكما الوسيلتين الإعلاميتين، وبعدها يصبح بوسع تلك الجهة المُعلِنة اختيار وسيلة الإعلان ذات التكلفة الأكثر انخفاضًا، مقابل كل اتصال، بهدف توسيع الفائدة الإعلانية للمال الذي يُنفَق لقاء ذلك، وغالبًا ما تُحسَب التكلفة على أساس التكلفة لكل ألف ظهور Cost Per Thousand، أي عدد مرات مشاهدة الإعلان.

ويعني الوصولُ أو الاستهداف Reach عددَ المستهلكين المستهدفين الذين يصادفون إعلانًا تجاريًا مرةً على الأقل، خلال فترة محددة عادةً ما تكون أربعة أسابيع، وعادةً ما يجري التشديد على الوصول إلى المستهلكين، أو استهدافهم، Reach، في سياق خطط الوسائل الإعلامية الخاصة بتقديم المنتجات، ومحاولات زيادة الوعي بالعلامة التجارية، فعلى سبيل المثال، قد تحاول جهةٌ مُعلِنةٌ الوصولَ إلى نسبة 70% من الجمهور المستهدَف خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحملة، ولأن الإعلانَ المعتاد؛ يكون ذا وقتٍ قصير، ونسبةً صغيرة منه -فقط- هي التي تُدرَك في المرة الواحدة، يُكرر المُعلِنون إعلاناتهم، بحيث يتذكر المستهلكون رسالةَ أولئك المُعلِنين، أما التكرار Frequency، فهو عدد المرات التي يصادف فيها الشخصُ رسالة الجهة المُعلِنة، ويستخدم المُعلِنون متوسط التكرار Average Frequency لقياس كثافة تغطية وسيلة إعلامية ما.

صورة_12.8_فصل_12.jpg

الصورة 12.8: بالإضافة إلى احتوائها على مئاتٍ من خيارات قوائم الطعام الشهية، وكيكة الجبن (تشيز كيك)، تعرضُ قوائم المجلة المملوكة لشركة تشيزكيك فاكتوري Cheesecake Factory، عددًا من الإعلانات الجذابة لشركات بيبي ستورز Bebe Stores، وميسيز Macy's، ومرسيدس-بنز Mercedes-Benz، وغيره، وبوصفه أحد خيارات الوسائل الإعلامية الذي يشهد شعبية متزايدة؛ فللإعلان عن طريق قوائم الطعام العديدُ من المزايا الترويجية، ومنها: نسبة القراءة العالية من قبل الجمهور المجبر على قراءة تلك القوائم، والانتقائية السكّانية الكبيرة، والقيمة العالية- أقل من سنت واحد لكل تجربة.

حقوق الصورة محفوظة لـ: ميغيل إكس بي Mighell xp/ فليكر.

كما يتعلق اختيار الوسيلة الإعلامية بالمطابقة بين تلك الوسيلة، وبين السوق المستهدَفة بمنتَجٍ ما، فلو كان المعلنون يحاولون الوصول إلى جمهور الإناث، ممن هُنَّ في مرحلة المراهقة، فقد يختارون مجلة سفنتين Seventeen Magazine، أما لو كان جمهورهم المستهدَف هو الأشخاص فوق سنّ الخمسين، فقد يرسو خيارُهم على مجلة إي إي آر بي: ذا ماغازين AARP: The Magazine. وتُسمّى قدرة الوسيلة الإعلامية على الوصول إلى سوقٍ محددة بدقة تحديد الجمهور، أو انتقاء الجمهور Audience Selectivity. وهناك وسائل إعلامية يُفضّلُها قطاعٌ عريض من الناس، ومنها الجرائد العامة، والشبكات التلفزيونية، وبالمقابل، هناك وسائل إعلامية تُفضِّلُها جماعات محددة، ومنها مجلة برايدس Brides، ومجلة جنرال ميكانيكس General Mechanics، ومجلة أركيتيكتشرال ديجست Architectural Digest، ومحطات الراديو: إم تي في MTV، وإسبن ESPEN، وكريستشان Christian. وعلى المسوِّقين -أيضًا- أن يأخذوا بالحُسبان الاستفادةَ من مختلف منصات التواصل الاجتماعي، وتحديد أيٍّ منها يُحتَمَلُ أن يصل إلى السوق المستهدَفة.

ترجمة -وبتصرف- للفصل Distributing and Promoting Products and Services من كتاب introduction to business.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...