اذهب إلى المحتوى

كيف تدير قنوات توزيع المنتج؟


علاء أيمن

بعد تناول مفهوم قنوات التوزيع، ومساراتها، ومهامها، وأهدافها في المقال السابق، يتطرق المقال الحالي إلى إدارة قنوات التوزيع وفق آليات سليمة، وهيكليّات إدارية واضحة.

إدارة قناة التوزيع

سواء بُنيت قناة التوزيع وفق خطّة محددة، أو تطورت تطورًا عفويًّا؛ يجب أن تعبّر عن هيكليّة إداريّة واضحة، ومن أشهر أنواع قنوات التوزيع: القنوات التقليديّة، والقنوات العموديّة، والقنوات الأفقيّة.

القنوات التقليديّة

يمكن وصف قناة التوزيع التقليديّة بأنها: مجموعة من الشركات المستقلة، التي تسعى -جميعها- إلى تحقيق الربح دون أي اهتمام بالشركات الأخرى، ويفتقر هذا النوع من القنوات إلى وجود أهداف مشتركة، أما عمليّة التقييم، وتوزيع المهام، فيُمكن وصفها بأنها غير رسميّة في أغلب الحالات، وبالتالي، فإن الشركات في هذا النوع من القنوات، قد تعمل ضد بعضها، كما أن كثيرًا من المهام قد تبقى غير مكتملة، وقد تستمر هذه العلاقات غير الفعالة بين الأعضاء في قناة التوزيع لسنوات طويلة، وعلى الرغم من هذه العيوب الجليّة، إلا أن هذا النوع من قنوات التوزيع، مازال الأكثر شيوعًا، واستخدامًا من بين القنوات الأخرى.

قنوات التوزيع العموديّة

لقد نشأت قنوات التوزيع العموديّة لتكون حلًا للمشاكل التي تعاني منها قنوات التوزيع التقليديّة، ففي هذا النوع من القنوات، يتولى أحد أعضاء القناة (وهو المصنع في الغالب) زمام القيادة، ويحاول أن ينسق جهود التوزيع في القناة، بما يحقق أهداف الجميع، ويوجد ضمن هذا النوع من قنوات التوزيع ثلاثة أشكال أساسيّة:

التوزيع الرأسي المُدار

يشبه التوزيع الرأسي المُدار التوزيع التقليدي كثيرًا، لكنه يُدار بصورة غير رسميّة، من خلال أهداف، وبرامج شركة واحدة، أو عدد محدود من الشركات، في قناة التوزيع، وفي كثير من الأحيان يكون المحرك الرئيس لهذه القناة هو فرد واحد -فقط- وذلك بسبب ما يتمتع به من نفوذ، ومهارات إداريّة، وفي أغلب الأحيان، تتمتع العلامات التجاريّة القويّة، مثل زيروكس (Xerox) وبروكتر أند غامبل (Procter & Gamble) بالقدرة على تحقيق هذا النوع من التعاون.

وفي ظل وجود قائد للقناة، فإن القناة تعمل على نحو أفضل، وتزداد مبيعاتها، وأرباحها، ويتحسن تسويق المنتجات فيها، كما يصبح من الممكن العمل باستخدام أنظمة إدارة المخازن، والتنسيق بين الأنشطة الترويجيّة المختلفة، ومع ذلك، لا يخلو التوزيع الرأسي المدار من العيوب، إذ إن مسؤولية إدارة قناة التوزيع تقع على عاتق شخص واحد -فقط- يُضاف إلى ذلك الخلافات المحتملة بين أعضاء القناة الواحدة، فبعض الشركات قد تقبل أن تصبح جزءًا من قناة التوزيع الرأسي المدار، وبعضها الآخر قد يتمسك باستقلاليته، وفي النهاية، قد تجد الشركات المستقلة نفسها خارج المنافسة، وذلك بسبب حرمانها من الفوائد العديدة، التي تحظى بها الشركات المشاركة في قناة التوزيع.

التوزيع الرأسي التعاقدي

في بعض الحالات، يرغب أعضاء قناة التوزيع بتحويل العلاقة بينهم إلى علاقة رسميّة، من خلال اتفاق أو عقد، وهو ما يُعرف بالتوزيع الرأسي التعاقدي، ويتيح هذا العقد قدرةً أكبر على إدارة قناة التوزيع، كما أنه يوضح بصورة علنيّة، أو ضمنيّة، المهام التسويقيّة الموكلة لجميع الأعضاء في القناة، ويُعد هذا النوع من التوزيع، أشهر أنواع التوزيع الرأسي.

التوزيع الرأسي المؤسسي

يحدث التوزيع الرأسي المؤسسي عندما تكون ملكيّة أعضاء القناة في مستوياتها المختلفة، عائدة لشركة واحدة -فقط- وقد يحدث ذلك من خلال التكامل الأمامي، أو التكامل الخلفي، فإذا كان المصنع يمتلك عددًا من الوسطاء في قناة التوزيع، فإن هذا النوع من التكامل يُسمى التكامل الأمامي، أمّا إذا كان تاجر التجزئة يحاول تولي مهام الجملة، والتصنيع، فإن التكامل في هذه الحالة يُسمى التكامل الخلفي، وقد تقتضي عمليّة التكامل أن تشتري الشركة مؤسسات أخرى في قناة التوزيع، أو تنشئ مؤسساتها الخاصّة، التابعة لها، وعلى الرغم من أن التكامل الجزئي أكثر شيوعًا، إلا أن التكامل الكلي بدأ ينتشر -أيضًا- وتُعد دانون يوغارت (Dannon Yogurt) وبلو بل آيس كريم (Blue Bell Ice Cream) وبيبريدج فارمز (Pepperidge Farms) من أمثلة المصانع التي نجحت مؤخرًا في تحقيق التكامل الأمامي مع مستوى التجزئة، في المقابل، نجح كل من متجر سيرز (Sears) وسيفوي (Safeway)؛ وهما متجرا تجزئة، في تحقيق التكامل الخلفي، كما تُعد شركة أمريكان هوسبتال سبلاي كوربريشن (American Hospital Supply Corporation) من شركات الجملة التي نجحت في تحقيق التكامل الأمامي، والخلفي على حد سواء.

قنوات التوزيع الأفقيّة

قد تعجز بعض الشركات عن تحصيل رأس المال، أو المعرفة التقنيّة اللازمة للإنتاج، أو تسويق المنتجات بفاعليّة، وفي هذه الحال، تضطر الشركة إلى الدخول في علاقة مؤقتة، أو شبه دائمة، مع شركة أخرى، تمر بظروف مشابهة، وذلك بهدف إنشاء آلية توزيع تساعد كلتا الشركتين على تحقيق أهدافهما التسويقيّة، ويُطلق على هذا الترتيب اسم قناة التوزيع الأفقيّة، فعلى سبيل المثال: قد تلجأ شركتان صغيرتان إلى شحن منتجاتهما -معًا- وذلك بهدف تقليص تكاليف النقل، أو قد تلجأ شركة تجزئة كبيرة، إلى الاستحواذ على عدد من شركات التجزئة الصغيرة المنافسة، وذلك بهدف الوصول إلى أسواق بعينها، أو زبائن محددين.

عمليّة إدارة قناة التوزيع

تشير الدلائل إلى ضرورة معاملة التوزيع تمامًا مثلما يُعامل المنتَج، والترويج، والتسعير، وبالتالي فإن إدارة قناة التوزيع تتكون من خمس خطوات:

تحليل الزبائن

تبدأ عمليّة إدارة قناة التوزيع بالإجابة عن سؤالين أساسين، وهما: من هو الزبون المباشر لهذه المنتجات؟ ومن هو المستخدم، أو المشتري النهائي لها؟ علمًا بأن الزبون المباشر، والزبون النهائي، قد يكونان متطابقين، أو مختلفين، وذلك تبعًا لجملة من العوامل، مثل: نوع المنتج، وطبيعة المهام في قناة التوزيع، وموقع قناة التوزيع، وفي كلتا الحالتين، يجب معرفة ما هي احتياجات الزبائن، ومن أين يشترون، ومتى يشترون، ولماذا يشترون من متاجر بعينها، وكيف يشترون.

ومن الأفضل البدء بتحديد مواصفات المستخدم النهائي، ومن ثم تحديد مؤسسات التوزيع الأخرى في القناة، بما يلائم احتياجات هذا المستخدم، فعلى سبيل المثال، يمكن القول: إن مواصفات الزبائن في حالة مسجلات الكاسيت، تتطلب مراعاة الأمور الآتية:

  • بيع المسجلات من خلال موزعين موثوقين، ومعتمدين.

  • الزبائن يقضون وقتًا كبيرًا في التسوّق، والموازنة بين أسعار المنتجات المختلفة، ومواصفاتها.

  • الزبائن مستعدون للتضحية بالوقت، والجهد من أجل العثور على أفضل علامة تجاريّة.

  • عمليّة البيع تتطلب إجراء نقاشات مطوّلة بين جميع الأطراف المعنيّة، بما في ذلك الموزعين، والمستخدمين، والمشترين.

  • عمليّة الشراء قد تؤجل.

  • بيع المسجلات من خلال موزع قادر على تقديم خدمات سريعة، ومقبولة.

ويُظهر المثال الموضح أعلاه، بعض متطلبات البيع التي يجب على المصنع أن يكتشفها، وفي معظم الحالات، يتسم تحديد هذه المتطلبات بالسهولة والوضوح، ولكن يصعب في بعضها الآخر ملاحظته، أو التعرّف عليه، فعلى سبيل المثال: يميل بعض الزبائن للتسوّق من المتاجر التي تحمل منتجاتها مواصفات عرقيّة معيّنة، ومع ذلك، يمكن تحديد معظم العوامل المهمة التي تؤثر على سلوك الشراء لدى المستهلكين، من خلال إجراء دراسات متأنيّة، وإبداعيّة.

إن معرفة مواصفات المستهلكين تمكّن المسؤول عن تخطيط قناة التوزيع، من تحديد نوع شركات الجملة، والتجزئة، التي يجب عليه أن يبيع المنتج من خلالها، وذلك يتطلب بالطبع أن يكون المصنع على معرفة بأنواع شركات التجزئة، وأماكنها، وقدراتها، قبل اختيار واحدة منها.

وبالطريقة ذاتها، التي حدد المصنع من خلالها متطلبات الشراء، لدى المستخدمين النهائيين للمنتج، يجب عليه -أيضًا- أن يحدد متطلبات الشراء لدى تجار التجزئة، ولعل السؤال الأهم هنا هو: "ممن يفضل تجار التجزئة أن يشتروا" وتحدد إجابة هذا السؤال أنواع تجار الجملة الذين يجب على المصنع أن يتعامل معهم، وعلى الرغم من أن كثيرًا من تجار التجزئة يفضلون الشراء من المصنع مباشرة، إلا أن الحال ليس كذلك دومًا، إذ تفرض المصانع متطلبات صارمة (مثل: تنفيذ زيارات مفاجئة، واشتراط طلب كميات كبيرة، وتشديد شروط الائتمان)، لذلك يفضل بعض تجار التجزئة الشراء من الموزعين المحليين الذين يفرضون شروطًا ميسرة للائتمان، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من المنتجات المختلفة.

تحديد أهداف قناة التوزيع

تستند خطة قناة التوزيع إلى أهداف القناة، التي تعتمد بدورها على عدد من العوامل، منها: متطلبات الزبائن، والمستخدمين، واستراتيجيّة التسويق العامة، وأهداف الشركة على المدى البعيد، ومع ذلك، فقد تصبح أهداف قناة التوزيع هي أبرز أهداف الشركة بشكل عام، وخصوصًا عندما تكون الشركة حديثة العهد بالسوق، أو شركة قديمة، ولكنها تحاول الدخول إلى سوق جديد، فعلى سبيل المثال: إذا أراد مصنع صغير التوسع خارج السوق المحلي، فإنه سوف يواجه عائقًا فوريًا، يتمثل بمحدوديّة المساحة المتوفرة على الأرفف في المتاجر، علمًا بأن إضافة منتج جديد إلى رفوف المتاجر يعني الحصول على مساحة كانت مخصصة في السابق للمنتجات المنافسة، وبدون تحقيق هذا الهدف، فإن المنتج سوف يكون محكومًا عليه بالفشل.

تتسم أهداف قناة التوزيع بالتنوّع، وهي تغطي المجالات الرئيسة الآتية:

  • تحقيق النمو في المبيعات من خلال الدخول إلى أسواق جديدة، أو زيادة المبيعات في الأسواق الحاليّة.

  • تحسين الحصة السوقيّة، أو الحفاظ عليها، وذلك من خلال توجيه أعضاء القناة، ومساعدتهم في جهودهم الراميّة إلى زيادة كميّة المنتجات التي يستطيعون التعامل معها.

  • تحقيق نمط توزيع معيّن، يمكّن القناة من توزيع المنتجات في الوقت، والمكان، والشكل المحدد.

  • بناء قنوات توزيع فعّالة، وتحسين أداء القنوات الحاليّة، من خلال تطوير آليات نقل المنتجات.

تحديد مهام التوزيع

بعد تحديد أهداف التوزيع، يصبح بالإمكان تحديد مهام قناة التوزيع بدقة، ويجب على مدير قناة التوزيع أن يكون دقيقًا للغاية في توصيف المهام، والتغيرات التي قد تطرأ عليها بحسب الوضع، ولتحقيق ذلك، يجب عليه أولًا أن يدرس جميع مراحل التوزيع، وأن يحدد المهام بالكامل، وأن يوزع التكاليف على هذه المهام، وعلى سبيل المثال: قد يقرر المصنع منح الأولويّة للمهام الآتية، من أجل الوصول إلى السوق المستهدف، وتحقيق الأرباح:

  • التسليم بعد أقل من 48 ساعة من طلب المنتج.

  • توفير مساحة تخزين كافية.

  • توفير خدمات الائتمان للوسطاء.

  • تسهيل عمل قنوات إعادة المنتج.

  • توفير مخزون متكامل كمًّا، ونوعًا.

  • التعامل مع تقادم المنتجات كمًّا، ونوعًا.

تقييم قنوات التوزيع المختلفة، والاختيار من بينها

يُعد تحديد مهام قنوات التوزيع شرطًا أساسًا لنجاح عمليّة الاختيار، والتقييم بعد ذلك، والتي تستند إلى أربعة أسس، وهي:

عدد المستويات في القناة.

كثافة هذه المستويات.

نوع الوسطاء في كل مستوى.

تطبيق معايير الاختيار المحددة على القنوات المختلفة.

عدد المستويات

يتراوح عدد المستويات في قناة التوزيع بين مستويين، ومستويات عدة، علمًا بأن قناة التوزيع تتكون -عادةً- من خمسة مستويات، أمّا القناة التي تتكون من مستويين -فقط- (المنتج والمستهلك) فهي قناة مباشرة، وهي ليست ممكنة ما لم يكن المنتِج، أو المستهلك مستعدًا لتولي جزء من مهام الوسطاء، وفي بعض المجالات، قد يكون عدد المستويات تقليديًّا، وثابتًا لدى جميع الشركات، بينما قد يتسم عدد المستويات في مجالات أخرى بالمرونة، وسرعة التغيّر.

كثافة كل مستوى

بعد تحديد عدد المستويات في قناة التوزيع، يجب على مدير القناة أن يحدد العدد الفعلي لمكونات كل مستوى، كم عدد تجار التجزئة والجملة في قناة التوزيع؟ ورغم أنه لا حدَّ للاحتمالات الممكنة، إلا أن القائمة التالي تظهر أبرز الخيارات.

ويُعد تحديد كثافة كل مستوى قرارًا في غاية الأهميّة، والحساسيّة، وذلك لأنه يمثل جزءًا مهمًّا من استراتيجيّة التسويق العامة، ولقد استطاعت بعض الشركات مثل: كوكا كولا (Coca-Cola)، وتايمكس للساعات (Timex) أن تحقق نجاحًا كبيرًا من خلال استراتيجيّة التوزيع المكثّف.

كثافة المستويات في قناة التوزيع:

  1. التوزيع الحصري (مثل شركة إيثان ألين "Ethan Allen" ودريكسيل هيريتج فورنتشر "Drexel Heritage Furniture")
    • يعتمد على متجر واحد، أو بضعة متاجر.
    • يخلق مستوى مرتفعًا من الولاء لدى الموزعين، ويقدّم قدرًا كبيرًا من خدمات الدعم.
    • يوفر قدرًا أكبر من الرقابة، والسيطرة.
    • يحدُّ من حجم المبيعات المحتملة.
    • نجاح المنتج يعتمد -فقط- على قدرة وسيط واحد.
  2. التوزيع المكثّف (كما هو الحال في الحلوى) وفي هذا النوع من التوزيع، يحاول المصنع إقناع أكبر عدد ممكن من الوسطاء في مجال معيّن، ببيع المنتج.
    • يساعد على زيادة حجم المبيعات، وكذلك شهرة المنتج في أوساط المستهلكين.
    • يتضمن في الغالب أسعارًا منخفضة، وطلبات صغيرة، وهامشًا ضيقًا من الأرباح.
    • يتسم بصعوبة تحفيز هذا العدد الكبير من الوسطاء، أو السيطرة عليهم.
  3. التوزيع الانتقائي (كما هو الحال في باسكن روبنز "Baskin-Robbins") وفي هذه الحالة يعتمد عدد المتاجر على الفرص المتاحة في السوق، والكثافة السكانيّة، وتوزع المبيعات، وسياسات التوزيع لدى المنافسين.
    • يتضمن نقاط القوة، والضعف ذاتها في الاستراتيجيتين السابقتين.
    • يصعب تحديد العدد الأمثل من الوسطاء في كل سوق.

أنواع الوسطاء

يمكن لقناة التوزيع -كما تعلم- أن تضم أنواعًا مختلفة من الوسطاء، لذلك يجب على مدير القناة أن يجمع ما يكفي من المعلومات لفهم مهام كل وسيط، وبناءً على هذه المعلومات، يستطيع أن يستبعد كثيرًا من الخيارات غير الملائمة.

معايير الاختيار

بعد التعرّف على جميع أشكال قنوات التوزيع المتاحة، يستطيع مدير القناة أن يقيّم البدائل المختلفة وفق مجموعة من المعايير المحددة، مثل: الاتجاهات البيئيّة، وسمعة البائعين، وخبرتهم، وغيرها من المعايير، والمحددات لدى الشركة.

من يجب أن يتولى زمام القيادة

بصرف النظر عن شكل قناة التوزيع المختارة، يمكن القول: إن أداء قناة التوزيع يصبح أفضل، عندما يكون هناك شخص يقود هذه القناة، ويتلخص دور القيادة بشكل أساس في تنسيق أهداف مؤسسات التوزيع، وجهودها، ويتراوح مستوى القيادة بين السلبيّة الشديدة، والفاعليّة الشديدة، وقد يقترب من التسلط، والديكتاتوريّة، كما قد يكون نمط القيادة سلبيًا، أي يستند على الخوف والعقاب، وقد يكون إيجابيًا، ومستندًا إلى التشجيع، والمكافآت، وتجدر الإشارة هنا إلى أن جميع أنماط القيادة قد تكون فعّالة في أوضاع معيّنة.

ولكن السؤال الملح هنا هو: "من يجب أن يقود قناة التوزيع؟" وللإجابة على هذا السؤال، لابدّ من الإشارة إلى اتجاهين مهميّن:

الاتجاه الأول: إذا نظرت إلى سنوات التسويق المبكرة، أي ما قبل عام 1920، فسوف تجد أن تاجر التجزئة كان يلعب الدور الأساس (وهو جمع المنتج، والمستهلك معًا)، وبالتالي فقد كان تجار التجزئة يقودون معظم قنوات التوزيع في تلك الفترة، ولكن ذلك لم يعد جيّدًا في الوقت الحالي.

الاتجاه الثاني: هو محاولة كل من المصانع، وتجار التجزئة، منافسة بعضهما في الحجم، سعيًا لزيادة النفوذ، والسيطرة على قنوات التوزيع.

متى يجب أن يقود المصنع؟ أو تاجر الجملة؟ أو تاجر التجزئة؟ على الرغم من أن الإجابة عن هذا السؤال تعتمد على كثير من العوامل، إلا إنه بصفة عامة، يجب على المصنع أن يقود، إذا كانت السيطرة على المنتج ضرورية لنجاح قناة التوزيع، أو كان المصنع هو الجهة الأقدر على تصميم القناة، وإعادة تصميمها إذا اقتضت الحاجة، أمّا تاجر الجملة فيجب أن يقود إذا كانت المصانع، وتجار التجزئة صغارًا في الحجم، كثيرين في العدد، مشتتين جغرافيًا، ضعفاء ماليًا، ويفتقرون إلى الخبرة التسويقيّة، وأمّا تاجر التجزئة، فيجب أن يتولى زمام القيادة عندما يكون تطوير المنتج، أو تحفيز الطلب، غير مهم نسبيًا، بينما يحتل الاهتمام بالزبون القدر الأكبر من الأهميّة.

تقييم أداء أعضاء القناة

إن تقييم أداء كل مستوى، وكل عضو في قناة التوزيع، لا يقل أهميّة عن تقييم مهام التسويق الأخرى، إذ من الواضح أن المزيج التسويقي يتسم بالتداخل، وأن فشل أحد مكوناته قد يؤدي إلى فشله بالكامل، ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن قنوات التوزيع تتكون -عادةً- من شركات مستقلة، باستثناء التوزيع الرأسي المؤسسي، أي أن الموظفين، وأنشطتهم، لا يخضعون مباشرة لسيطرة مدير قناة التوزيع، وبالتالي فإنهم قد لا يكونون مستعدين دومًا للقبول بالتغيير.

وتُعد المبيعات أشهر معيار لقياس أداء قنوات التوزيع، ويُمكن استخدامها بأكثر من طريقة، إذ يمكن الموازنة بين المبيعات الحاليّة، والمبيعات الماضية، أو الموازنة بين مبيعات الأعضاء في قناة التوزيع، وبين مبيعات الأعضاء، والحصص المحددة مسبقًا. ومن معايير قياس الأداء -أيضًا- الحفاظ على مخزون كافٍ من المنتجات، والقدرة على البيع، وموقف الوسطاء في القناة من المنتَج، والمنافسة بين الوسطاء، وخطوط المنتجات في قناة التوزيع ذاتها.

تصحيح قناة التوزيع، أو تعديلها

قد يصبح إدخال تعديلات على قناة التوزيع أمرًا ضروريًا، نتيجة عملية التقييم المستمرة، أو بسبب عوامل أخرى، مثل ظهور منافسين جُدد، وتقنيات حديثة، أو تغيّر السوق، ولأن العلاقات في قناة التوزيع بعيدة المدى -في أغلب الأحيان- فيجب التفكير مليًا قبل اتخاذ أي قرار بتغيير القناة الحالية، وذلك بسبب التأثير الكبير، الذي قد يتركه هذا القرار على الشركة بأكملها.

في المقابل، يجب عدم اللجوء إلى طرد الأعضاء الذين يعجزون عن تحقيق الحد الأدنى من معايير الأداء، إلا عند فشل جميع الحلول الأخرى، ويجب على مدير القناة أن يعي سبب الأداء السيئ لهؤلاء الأعضاء، وأن يبني استراتيجيّة لإصلاح العيوب لديهم، وأن يحافظ على العلاقات الجيّدة بين الأعضاء في قناة التوزيع بالمجمل.

أحيانًا قد يقرر المنتِج إضافة قناة توزيع جديدة بالكامل، أو إلغاء قناة موجودة، وأحيانًا أخرى، قد يقرر استخدام أكثر من قناة توزيع، فعلى سبيل المثال: قد ترغب شركة متخصصة في إنتاج معدّات التصوير، بالوصول إلى سوق هواة التصوير، وكذلك سوق المصورين المحترفين، وهو ما يتطلب تصميم قناتي توزيع مختلفتين تمامًا، والاستعانة -كذلك- بوسطاء مختلفين.

الجانب الإنساني من عمليّة التوزيع

تتكون قناة التوزيع بطبيعتها من أشخاص، وبالتالي يجب على كل فرد أن يعمل على تنسيق جهوده مع الأفراد الآخرين، من أجل تحسين الأداء الكلي للقناة، ولكن ذلك نادرًا ما يحدث، ولعل من أسباب ذلك: هيكليّة قناة التوزيع ذاتها، والتي تشجع الأفراد على الاهتمام -فقط- بالأفراد القريبين منهم في هيكليّة القناة، أو بمعنى آخر، الأفراد الذين يبيعون لهم، ويشترون منهم، ويرجع ضعف التنسيق -أيضًا- إلى ميل الشركات المكوّنة لقناة التوزيع نحو العمل بصورة مستقلة، ويمكن دراسة سلوك قنوات التوزيع من خلال أربعة أبعاد إنسانيّة، وهي: الأدوار، والتواصل، والصراع، والنفوذ، وتجدر الإشارة إلى أن فهم هذه السمات السلوكيّة، يساعد على زيادة فاعليّة قناة التوزيع.

الأدوار

تشارك معظم الشركات في أكثر من قناة توزيع، لذلك لابدّ من تعريف دور كل عضو في القناة بدقة، وذلك يعني، وصف السلوك الأمثل لكل عضو في القناة، فعلى سبيل المثال: يمكن وصف الدور الأساس للمصنع في قناة التوزيع، بأنه زيادة مبيعات منتَجِهِ، أو علامته التجاريّة، أي أنه يجب على المصنع ترويج علامته التجاريّة بقوّة، ومنافسة الآخرين من أجل الحصول على حصّة من السوق، أما دور تجار الجملة، فهو مختلف قليلًا، ولأن تجار الجملة عادةً ما يمثلون عددًا من المصانع المتنافسة، فإن دورهم يقتصر على زيادة مبيعات العلامات التجاريّة، التي يكثر الإقبال عليها من تجار التجزئة، ويمكن القول: إن تحديد أدوار المشاركين في قناة التوزيع، يمثل جزءًا أساسًا من عمليّة إدارة القناة، كما أنه يساعد على تحقيق النتائج المرجوّة، ولكن ذلك لا يتحقق إلا من خلال التقييم الدقيق لمهام كل عضو، وفهم كل عضو للمهام المنوطة به.

التواصل

يُقصد بالتواصل هنا: إرسال، واستقبال، المعلومات المتعلقة بعمل قناة التوزيع، وهو أمر ضروري لنجاح القناة، وأعضائها، لذلك يجب على مدير القناة أن يسعى لاكتشاف أي مشاكل سلوكيّة، تحول دون تدفق المعلومات بفاعليّة، وأن يحاول حلها قبل أن تصبح عمليّة التواصل معطّلة تمامًا.

الصراع

يجب على الأفراد، والشركات، أن يعملوا -معًا- من أجل تحقيق النجاح، ولكن الصراع أمرٌ حتمي، وعلى خلاف المنافسة الوديّة، يتسم الصراع بأنه صدام شخصي، ومباشر، وبسبب كثرة وقوع الصراعات في قنوات التوزيع، أُجريت كثير من الدراسات للتعرّف على أسبابها، ونتائجها، وسُبل حلها.

ولذلك يجب وضع آليّة لإدارة الصراع في قنوات التوزيع، وذلك يشمل:

(1) بناء آلية لاكتشاف الصراع.

(2) تقدير آثار الصراع، ونتائجه.

(3) حل الصراع.

وتُعد الخطوة الثالثة أصعب الخطوات، ويستخدم فيها كثير من الأساليب، مثل: تأسيس لجنة خاصة بالقناة، وتحديد أهداف مشتركة، أو الاستعانة بجهة تحكيم خارجيّة، وفي بعض الأحيان تكون الصراعات ضرورة لابدّ منها، إذ يشير إريك شميدت (Eric Schmidt) رئيس شركة جوجل، ومديرها التنفيذي: "لقد وجدت من واقع خبرتي، أن أنجح الشركات هي تلك التي تشهد قدرًا أكبر من الصراعات، والصراع لا يعني أن يقتل أحدنا الآخر، بل يعني وجود كثير من الآراء، ووجهات النظر المختلفة، والتي تقود في نهاية المطاف إلى اتخاذ القرار الصحيح."

النفوذ

يعبّر النفوذ عن قدرة أحد الأطراف على فرض سيطرته، وتأثيره على سلوك طرف آخر، أمّا في سياق قنوات التوزيع، فيشير مصطلح النفوذ إلى قدرة أحد أعضاء قناة التوزيع، على فرض سيطرته، وتأثيره على عضو آخر في القناة ذاتها، فعلى سبيل المثال: قد تحاول شركة تجزئة كبيرة أن تدفع المصنع إلى تعديل تصميم المنتج، أو ترفض تخزين كميّات كبيرة من المنتج لديها، وفي هذه الحالة يمارس كل طرف نفوذه على الطرف الآخر، في محاولة للتأثير على سلوكه، فيما تعتمد النتيجة النهائيّة على حجم النفوذ الذي يتمتع به كل طرف.

ترجمة -وبتصرف- لأجزاء من الفصل (Channel concepts: distributing the product) من كتاب Core Concepts of Marketing

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...