اذهب إلى المحتوى

قنوات توزيع المنتج: مهامها وأبرز مؤسساتها


علاء أيمن

يسلّط هذا المقال الضوء على أهميّة اختيار الوسيلة الأكثر فاعليّة، لإيصال المنتج إلى يدي المستهلك، ويُطلق على عمليّة الربط بين المنتِج، والمستهلك -عادة- اسم قناة التوزيع، والتي توفر المنتَج للمستهلك في المكان، والزمان المطلوبين، وتُعد هذه العمليّة معقّدة للغاية، كما أنها العنصر التسويقي الوحيد، الذي يمكن من خلاله توفير التكاليف لدى كثير من الشركات.

سوف تتعرف في هذا المقال على تطوّر مفهوم قناة التوزيع، ووظائفها الأساسيّة، وسوف تعرف -أيضًا- أن اختيار قناة توزيع معيّنة ليس قرارًا ثابتًا يُتخذ مرة واحدة وإلى الأبد، بل هو جزء متغيّر من التخطيط التسويقي، وكما هو الحال في المنتج، تتطلب قنوات التوزيع إدارة فعّالة، حتى تحقق النجاح، ولكن على خلاف المنتج، تتكون قناة التوزيع من أفراد، ومجموعات، يحملون مزايا فريدة، وربما متضاربة في بعض الأحيان، كما أنهم يحتاجون إلى تحفيز مستمر نحو العمل. أخيرًا، سوف يتناول المقال مؤسسات، أو أعضاء قناة التوزيع بشيء من التفصيل.

الدور المزدوج لقنوات التوزيع

على غرار عناصر البرنامج التسويقي الأخرى، تهدف أنشطة التوزيع إلى تسهيل عمليّة التبادل بين المسوّقين، والمستهلكين، (ينظر الشكل رقم 31)،^2^ والتي تنقسم إلى مرحلتين أساسيتين:

المرحلة الأولى: وتُسمى مرحلة التبادل، وهي تتضمن بيع المنتَج لأعضاء قناة التوزيع.

أمّا المرحلة الثانية: وهي مرحلة النقل الفعلي، التي تتضمن نقل المنتجات، وتمليكها عبر قنوات التبادل.

وتُتخذ القرارات المتعلقة بهاتين المرحلتين، بما يتوافق مع الخطة التسويقيّة العامة لدى الشركة، وبما يخدم زبنائها، ويمكن القول: إن عمليّة التبادل تصبح صعبة للغاية بدون وجود قنوات التوزيع.

001dualflow.png

الشكل رقم 31: نظام المسار المزدوج في قنوات التوزيع.

ويتلخص الدور الأساس للتوزيع، في مساعدة الشركة على تحقيق الأرباح، وإرضاء الزبائن من خلال عاملي الوقت، والمكان، أي أن الشركات تسعى من خلال قنوات التوزيع إلى إيصال منتجاتها إلى الزبائن في الوقت، والمكان المناسبين، وبأكثر الطرق فاعليّة، علاوة على ذلك، باتت قنوات التوزيع تكتسب أهميّة متزايدة، وذلك في ظل حاجة الأُسر، والعائلات إلى كميّات أكبر من المنتجات كمًا، ونوعًا لإشباع رغباتها.

نشأة قنوات التوزيع، وتطورها

إننا بصفتنا مستهلكين، قد اعتدنا على الذهاب إلى المتاجر المركزية، لنجد الرفوف ممتلئة بجميع المنتجات التي نرغب بها، وإذا شعرنا بالعطش، فلابدّ أن هناك آلة لبيع المشروبات الغازيّة في مكان قريب، وإذا لم يكن لدينا وقت للتسوّق، فإننا نستطيع ببساطة أن نطلب حاجياتنا عبر الهاتف، أو الإنترنت، ولكن عند التفكير قليلًا في هذا الأمر، فسوف تدرك أن هناك مئات الآلاف من الأشخاص الذين يخططون، ويعملون لساعات طويلة، حتى يوفروا لك هذه الخدمات المريحة. في الحقيقة، إن الأمور لم تكن هكذا على الدوام، وهي ليست هكذا اليوم في كثير من الدول، لذلك لابدّ من مناقشة نشأة قنوات التوزيع، وتطوّرها.

إن فكرة قنوات التوزيع لم تكن موجودة في الثقافة البدائيّة على الإطلاق، فقد كانت العائلات، أو القبائل تتسم بالاكتفاء الذاتي بشكل شبه كامل، وقد كان أفراد العائلة، والقبيلة هم المنتجون، وهم المستهلكون، لجميع المنتجات، والخدمات في الوقت ذاته، ومع تطوّر الاقتصاد، بدأ البشر يمارسون أنشطة اقتصاديّة متخصصة، مثل الزراعة، وصيد الحيوانات، وصيد السمك، إلى غير ذلك من الحرف الأساسيّة، وقد أدى هذا التخصص إلى ظهور فائض في المنتجات، فأصبح البشر يقايضون المنتجات الفائضة لديهم بما يحتاجونه من المنتجات التي ينتجها الآخرون، وتمثل عمليّة المقايضة هذه، البداية الفعليّة لقنوات التوزيع، وقد كانت هذه القنوات تتميز في ذلك الحين بسلسلة من عمليات التبادل بين طرفين، كلاهما منتج، ومستهلك في الوقت ذاته.

ومع زيادة التخصص، وبالذات في المجال الصناعي، وتحسّن وسائل النقل، والاتصال، أصبحت قنوات التوزيع أطول، وأكثر تعقيدًا، وبالتالي، قد تُزرع الذرة في ولاية إلينوي الأمريكيّة، ثم تُحول إلى شيبس في ولاية تكساس، لتُوزّع بعد ذلك في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وقد تُربى ديوك الحبش في ولاية فرجينيا، ثم تُرسل إلى مدينة نيويورك لمعالجتها، ثم يُعاد شحنها مجددًا إلى المتاجر في ولاية فيرجينا. وهنا تجدر الإشارة إلى أن قنوات التوزيع ليست منطقيّة دومًا.

وينطبق مفهوم قنوات التوزيع -أيضًا- على المنتجات الخدماتيّة، ففي حالة خدمات الرعاية الصحيّة مثلًًا: تتكون قناة التوزيع من الأطباء، والمختصين، والمستشفيات، وسيارات الإسعاف، والمختبرات، وشركات التأمين، ومختصي العلاج الطبيعي، وخبراء الرعاية المنزليّة، وغيرهم، إذ يعتمد هؤلاء جميعًا على بعضهم بعضا، ولا يمكن لهم العمل بنجاح بدون التعاون، والاستعانة بقدرات الآخرين.

واستنادًا إلى هذه العلاقة، يمكن تعريف قناة التسويق بأنها مجموعة من المؤسسات المترابطة المشاركة في عمليّة توفير المنتج، أو الخدمة للمستهلكين، وكذلك توفير آلية الدفع للجهة المنتجة.

ويشير هذا التعريف إلى عدد من المواصفات المهمة في قناة التوزيع:

أولًا- تتكون قناة التوزيع من مؤسسات؛ بعضها يخضع لسيطرة الشركة المنتجة، وبعضها يقع خارج سيطرتها، مع ذلك، يجب اختيار جميع هذه المؤسسات بعناية، وترتيبها بصورة فعّالة ضمن قناة التوزيع.

ثانيًا- تتسم إدارة قناة التوزيع بأنها عملية مستمرة، تتطلب متابعة، وإعادة تقييم متواصلة، فقناة التوزيع تعمل على مدار الساعة، والتغيّر فيها هو الثابت الوحيد.

أخيرًا، يجب أن يكون لقنوات التوزيع أهداف محددة توجه أنشطتها، كما تحدد شكلها، وآلية إدارتها، أمّا هذه الأهداف فهي تُستمد من الأهداف التسويقيّة العامة، وخصوصًا فيما يتعلق بتحقيق قدر معقول من الأرباح، إذ إن قنوات التوزيع تمثّل أكبر التكاليف في عملية تسويق المنتج.

مسارات قنوات التوزيع

يُعد مفهوم المسار من الأساليب التقليديّة المستخدمة للتعبير عن آلية العمل في قنوات التوزيع، وتتضمن هذه المسارات الموضحة في الشكل رقم 32 الروابط بين مختلف الجهات المشاركة في توزيع المنتجات، والخدمات، وبالنسبة إلى مدير قناة التوزيع، فثمة خمسة مسارات أساسيّة في القناة، وهي:

  • مسار المنتج.

  • مسار التفاوض.

  • مسار الملكيّة.

  • مسار المعلومات.

  • مسار الترويج.

ويشير مسار المنتج إلى انتقال المنتج من الشركة المصنعة، مرورًا بجميع الجهات الأخرى التي يدخل المنتج في ملكيتها، إلى أن يصل إلى المستهلك النهائي، أمّا مسار التفاوض؛ فيتضمن جميع المؤسسات المشاركة في عملية التبادل، وأمّا مسار الملكيّة، فيعبّر عن انتقال ملكيّة المنتج بين الأطراف المختلفة في قناة التوزيع، وأمّا مسار المعلومات فيتضمن جميع الأفراد المشاركين في عمليّة نقل المعلومات في القناة نزولًا، أو صعودًا. أخيرًا، يشير مسار الترويج، إلى وسائل الإقناع المختلفة المستخدمة في القناة، بما في ذلك الإعلانات، والبيع الشخصي، وترويج المبيعات، والعلاقات العامة.

002fiveflows.png

الشكل رقم 32: المسارات الخمسة في قناة التوزيع الخاصّة بشركة بيرييه، المتخصصة في إنتاج المياه المعدنيّة.

مهام قنوات التوزيع

يتحدد الغرض الأساس من أي قناة توزيع، في جسر الفجوة بين المنتج، والمستخدم، سواء تواجد الطرفان في المجتمع نفسه، أم افترقا عن بعضهما بعضًا آلاف الأميال، وتتكون قناة التوزيع من عدد من المؤسسات المختلفة، التي تساهم في تسهيل عمليّة التبادل بين الطرفين، ويمكن تقسيم المؤسسات في قنوات التوزيع إلى ثلاثة تصنيفات أساسيّة، وهي:

(1) الشركة المنتجة: وتشمل الحرفيين، والمصانع، والمزارعين، والصناعات الاستخراجيّة.

(2) المستخدم: وهو الذي قد يكون فردًا، أو أسرة، أو شركة، أو مؤسسة، أو جهة حكوميّة.

(3) الوسطاء: والذين قد يكونون تجار جملة، أو تجار تجزئة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن كل عضو في قناة التوزيع يحمل مهمة خاصّة به تختلف عن مهمة غيره.

ويشير خبير التسويق؛ جيمس هيسكيت إلى أن قناة التوزيع تنفذ ثلاث مهام حيويّة، وهي:

  • المهام التبادليّة: ويشمل ذلك البيع، والشراء، وتحمل المخاطر.

  • المهام اللوجستيّة: ويشمل ذلك التجميع، والتخزين، والتصنيف، والنقل.

  • مهام التسهيل: ويشمل ذلك الصيانة، وخدمات ما بعد الشراء، والتمويل، ونشر المعلومات، وقيادة القناة، والتنسيق بين مستوياتها المختلفة.

تُعد المهام آنفة الذكر ضرورية لانتقال المنتج، وملكيته بفاعليّة، من المنتِج إلى المستهلك، وكذلك تحصيل الدفع من المستهلك لصالح المنتِج، ويمكن القول: إن جميع قنوات التوزيع تشترك في صفات معينّة وهي:

أولًا- قد تستطيع إزالة بعض المؤسسات من قناة التوزيع، أو استبدالها، ولكن لا يمكنك إلغاء مهامها بالكليّة، فعلى سبيل المثال: إذا أزلت تاجر الجملة، أو تاجر التجزئة من قناة التوزيع، فإن مهامه سوف تنتقل إلى الأمام نحو تاجر التجزئة، أو الزبون المستهدف، أو تنتقل إلى الخلف إلى تاجر الجملة، أو الشركة المصنعة، ولمزيد من التوضيح، افترض أن شركة ما تنتج سكاكين خاصّة بالصيد، وتريد أن تبيع منتجاتها من خلال البريد، بدلًا من متاجر التجزئة، ففي هذه الحالة، سوف تتولى الشركة المنتجة مسؤولية التصنيف، والتخزين، وتحمّل المخاطر، أمّا مكتب البريد، فسوف يتولى مهمة النقل، وأمّا بالنسبة إلى المستهلك، فسوف يزداد حجم المخاطرة المصاحب لعمليّة الشراء، وذلك بسبب عدم قدرته على لمس المنتج، أو تجربته قبل شرائه.

ثانيًا- قد تكون بعض المؤسسات في قناة التوزيع جزءًا من قنوات توزيع أخرى في الوقت ذاته، وهو ما يزيد من تعقيد قنوات التوزيع بدرجة كبيرة، تأمّل للحظة عدد المنتجات التي تشتريها في كل عام، وكذلك العدد الهائل من آليات التوزيع التي تستخدمها عند كل عمليّة شراء.

ثالثًا- يساعد الروتين في قنوات التوزيع أعضاء القناة، على إتمام عمليات التبادل على نحو مرضٍ للجميع، ويعني الروتين هنا قدرة المستهلك في العثور على المنتجات المطلوبة في الأماكن المخصصة لها، وبأسعار محددة، مع إمكانية الموازنة بين المنتجات المختلفة، وتوفّر وسائل الدفع، كما يصب الروتين في صالح المنتِج، فهو يساعده على معرفة ماذا، ومتى، وكم ينتج.

رابعًا- ثمة بعض الحالات التي تكون فيها قناة التوزيع المباشرة، من المنتِج إلى المستهلك النهائي، هي أفضل القنوات، وخصوصًا عند عدم توفر وسطاء على قدر من الكفاءة، أو عند شعور المنتِج بأنه يستطيع تولي مهام التوزيع على نحو أفضل، كما قد يشعر المنتِج -أحيانًا- بضرورة الحفاظ على التواصل المباشر مع المستهلكين، وذلك حتى يتسنى له إجراء التعديلات اللازمة بسرعة، كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وتُعد القنوات المباشرة شائعة وخصوصًا في الأسواق الصناعيّة، ومن أمثلتها: بيع: الباب إلى الباب، والبيع بالدليل المصور (الكاتالوج)، أمّا المبيعات غير المباشرة، فهي أكثر شيوعًا، وهي تُستخدم -عادةً- عند عجز المنتج عن تنفيذ المهام الخاصّة بالوسطاء. (ينظر الشكل رقم 33).

003wire.png

الشكل رقم 33: قنوات التوزيع الخاصّة بمصنع للأسلاك، والكوابل الكهربائيّة

أخيرًا، قد يبدو مفهوم قنوات التوزيع غير ملائم للمنتجات الخدماتيّة، مثل: خدمات الرعاية الصحيّة، وخطوط الطيران، كما أن مسوقي الخدمات يواجهون مشكلة في توفير الخدمة بالشكل، والوقت، والمكان، الذي يريده المستهلك، مع ذلك، طورت البنوك خدمات بريديّة، وآلات صرافة آلية، وغيرها من أنظمة التوزيع، أمّا القطاع الصحي، فقد بات يوفر سيارات إسعاف، وعيادات خارجيّة لاستقبال المرضى، وعيادات تعمل على مدار الساعة، وخبراء في الرعاية الصحيّة المنزليّة، وكما هو موضح في الشكل رقم 34 فحتى الفنون الاستعراضيّة باتت تستخدم قنوات التوزيع، وكما ظهر من الأمثلة الثلاثة السابقة، فإن جميع المجالات باتت تحاول تلبيّة الحاجات الخاصّة بالأسواق المستهدفة، وتمييز منتجاتها عن منتجات المنافسين من خلال قنوات التوزيع.

004arts.png

الشكل رقم 34: قنوات التوزيع الخاصّة بالفنون الاستعراضيّة.

مؤسسات التوزيع: القدرات، وأوجه القصور

تنقسم الأطراف المشاركة في قناة التوزيع إلى أنواع متعددة، ومختلفة، وبعض هذه الأطراف أعضاء في قناة التوزيع، ويشاركون في المفاوضات، وملكيّة المنتجات، وبعضها الآخر ليس كذلك.

الشركة المنتِجة، أو المصنعة

هي شركة تستخرج المنتجات، أو تزرعها، أو تصنعها، ومع تنوّع المنتجات، تتعدد أنواع الشركات، وتتفاوت في أحجامها، فمنها ما يتكوّن من شخص واحد فقط، ومنها ما يضم الآلاف، ويحقق مبيعات بالمليارات، ولكن على الرغم من هذه الاختلافات، إلا أن جميع الشركات تشترك في السعي إلى إشباع حاجات السوق، ولتحقيق هذه الغاية؛ يجب أن تضمن هذه الشركات توزيع منتجاتها في الأسواق المستهدفة، ولكن معظم شركات التصنيع، والإنتاج، ليست في موقع يسمح لها بتوزيع المنتجات إلى الأسواق النهائيّة مباشرة، فقد تمتلك إحدى شركات الحاسوب المعرفة الكافيّة لصناعة أفضل الحواسيب على الإطلاق، ولكنها لا تعرف شيئًا بالمطلق، عن كيفية إيصال هذه الحواسيب إلى الزبائن.

وفي العديد من الحالات، تلعب خبرة المؤسسات الأخرى في قناة التوزيع، دورًا حاسمًا في قدرة الشركة المصنعة، أو المنتجة، على الوصول إلى هذا السوق، أو ذاك، كما يمكن للأعضاء الآخرين -في قناة التوزيع- أن يساعدوا الشركة المنتجة على تصميم المنتج، وتغليفه، وتسعيره، وترويجه، وتوزيعه عبر أكثر القنوات فاعليّة، ويندر أن تمتلك الشركة المنتجة خبرة المؤسسات الأخرى في قناة التوزيع.

التجزئة

تتضمن التجزئة جميع الأنشطة اللازمة لتسويق المنتجات، والخدمات الاستهلاكيّة، وإيصالها إلى الزبون النهائي، والذي يشتريها لإشباع حاجات شخصيّة، أو عائليّة، وليست تجاريّة، أو صناعيّة، ومن أمثلتها: شراء حاسوب من شركة سيركيت سيتي (Circuit City)، أو خضراوات من شركة سيفوي (Safeway) أو محفظة من إيباغز.كوم (Ebags.com).

عندما نفكر في البيع بالتجزئة، فإن المتاجر هي أول ما يتبادر إلى الأذهان، على الرغم من إمكانيّة البيع بالتجزئة من خلال أساليب أخرى، مثل: مندوبي المبيعات، كما يفعل مندوبو شركة أفون، أو البريد، كما تفعل شركة إل إل بين (L.L. Bean) أو آلات البيع، أو الفنادق، ومع ذلك، مازالت المتاجر التقليديّة تمثّل معظم عمليات البيع بالتجزئة.

هيكليّة التجزئة

تتفاوت المتاجر في حجمها، وأنواع المنتجات، والخدمات التي تقدمها، بالإضافة إلى نواحٍ أخرى عديدة، وتتسم معظم المتاجر بأنها صغيرة، وتحقق مبيعات أسبوعيّة تُقدر بمئات الدولارات، ولكن بعضها كبير للغاية، وتبلغ مبيعاته 500,000 دولار أو أكثر في اليوم الواحد، بل إن مبيعات بعض المتاجر قد تتجاوز في بعض الأيام الخاصّة مليون دولار في اليوم.

المتاجر العامة

تتميّز المتاجر العامة بوجود مجموعة واسعة للغاية من المنتجات، والتي قد تشمل الأدوات، والملابس، والأجهزة الكهربائيّة، ويُعرض كل نوع من المنتجات -عادةً- في قسم مستقل داخل المتجر، فيما يعتمد مزيج المنتجات على المتجر ذاته.

السلاسل التجاريّة

شهدت عشرينات القرن الماضي ظهور السلاسل التجاريّة، ولأن هذه السلاسل كبيرة للغاية، فإنها تستطيع شراء كميّات كبيرة من المنتجات، والحصول على حسومات هائلة، وتؤدي هذه الحسومات إلى انخفاض التكاليف لدى السلاسل التجاريّة، موازنة بمتاجر التجزئة العاديّة، وهو ما يمكنها من البيع بأسعار أقل من المنافسين، وبالتالي، زيادة حصتها في السوق، علاوة على ذلك، تتميّز سلاسل المتاجر بقدرتها على جذب كثير من الزبائن، وذلك بسبب مواقعها الفريدة، الذي تحظى به من خلال مواردها الماليّة الهائلة، وخبراتها في اختيار المواقع.

المتاجر المركزية (السوبرماركت)

ظهرت فكرة المتاجر المركزية في عشرينات، وثلاثينات القرن الماضي، وذلك عندما أسس كلارنس سوندرز (Clarence Saunders) في عام 1920 تقريبًا متاجر بيقلي ويقلي (Piggly Wiggly) التي استخدمت لأول مرّة فكرة الخدمة الذاتيّة، والدفع عند الخروج، وتتميّز المتاجر المركزية بأنها كبيرة للغاية، وذاتيّة الخدمة، مع وجود نقاط دفع مركزيّة.

لقد كان هذا النوع من المتاجر أول من ابتكر فكرة توفير السلع بكميّات كبيرة، وتوزيعها بتكلفة منخفضة، إذ يستند عملها على توفير مجموعة واسعة من المنتجات الغذائيّة، ومنتجات التنظيف، والصيانة بالحد الأدنى من الأسعار.

متاجر التخفيضات

لقد ظهرت متاجر التخفيضات منذ أمد بعيد، ولكن نمو ضواحي المدن في أعقاب الحرب العالميّة الثانيّة، مكّن هذه المتاجر من النمو -أيضًا- حتى أصبحت منافسًا قويًا لبقيّة متاجر التجزئة في السوق.

وتتميز متاجر التخفيضات بالتركيز على السعر، كونه الوسيلة الرئيسة لجذب الزبائن، وتقديم مجموعة واسعة من المنتجات، ولكن هذه المنتجات تقتصر -عادةً- على أشهر الأغراض، والألوان والأحجام، كما تتسم متاجر التخفيضات بأنها كبيرة الحجم، وتعمل بالخدمة الذاتيّة، وتظل مفتوحة لساعات طويلة، كما أنها تمتلك مواقف سيارات مجانيّة.

مستودعات التجزئة

تُعد مستودعات التجزئة نوعًا جديدًا نسبيًا من متاجر التجزئة، والتي شهدت نموًا كبيرًا خلال السبعينات، وتمثل متاجر الدليل المصور (الكاتالوج) أكبر أنواع مستودعات التجزئة، على الأقل من ناحيّة عدد المتاجر، وتجدر الإشارة إلى أن مبيعات هذه المتاجر قد ازدادت من مليار دولار في عام 1970 إلى أكثر من 12 مليار دولار في الوقت الحالي، وعلى الرغم من تراجع معدّل نمو هذه المتاجر مؤخرًا، إلا أنه مازال كبيرًا.

المتاجر الحصريّة

لقد مثّلت السلاسل التجاريّة الكبيرة منذ ظهورها في ثلاثينات القرن الماضي، منافسًا خطيرًا لأصحاب المتاجر الصغيرة، وقد نتج عن ذلك، نموُّ سريعُ لمفهوم الوكالة، أو حق الامتياز، ومع ذلك، لا يُعد حق الامتياز مفهومًا جديدًا، فقد اعتادت شركات الوقود مثل موبيل (Mobil) منح حقوق امتياز حصريّة لموزعيها، الذين لا يبيعون شيئًا سوى منتجاتها، كما فعلت شركات السيارات -أيضًا- الشيء نفسه، إذ تمنح حقوق الامتياز للموزعين، الذين يبيعون نوعًا محددًا من السيارات، ويديرون العمل إلى حد ما، وفق رغبات الشركة المصنّعة.

المولات/مجمعات التسوّق

شهدت الولايات المتحدة في أعقاب الحرب العالميّة الثانية كثيرًا من التغيّرات، التي ألقت بظلالها على تجارة التجزئة، وقد كان النمو السكاني، والاقتصادي من أبرزها، وقد أصبح بمقدور السكّان -بفضل الطرق السريعة- مغادرة مراكز المدن إلى الضواحي الجديدة، وقد صاحب هذا الانتقال إلى الضواحي، حاجة لمراكز تجاريّة تخدم الأعداد المتزايدة من السكّان فيها، وبحلول عام 1960 كان هناك حوالي 4,500 مركز تجاري يبحثون عن مواقع جديدة.

ويعتمد نجاح هذه المراكز التجاريّة الإقليميّة على توفير مجموعة واسعة من المنتجات في مكان واحد، وتتميز المراكز الإقليميّة بأنها أكبر حجمًا، وتضم أكثر من قسم، وأكثر من متجر، أمّا مراكز المجتمع، فهي مراكز تجاريّة متوسطة الحجم، بأقسام، ومتاجر أصغر حجمًا، بينما تمثل مراكز الأحياء مراكز تجاريّة صغيرة، وتقدّم أساسًا خدمات مشابهة للمتاجر المركزية (السوبر ماركت). وأمّا السلاسل المحليّة فهي عبارة عن مناطق تسوّق، تشكلت مع مرور الوقت في المناطق الحيويّة من المدن، مثل أماكن تجمع المؤسسات الحكوميّة، وما شابه ذلك، كما قد تُبنى بعض المتاجر على الطرق الرئيسة التي تشهد ازدحامًا، وحركة مروريّة كبيرة، أمّا المتاجر الموجودة في مناطق معزولة، فيجب عليها استخدام الترويج، وغير ذلك من جوانب المزيج التسويقي لجذب المتسوّقين، ومع ذلك، تواجه المولات التجاريّة مشاكل خطيرة، كما يظهر في اللمحة التاليّة.

لمحة: المركز التجاري، شيء من الماضي؟

تأسس المركز التجاري سيندريلا سيتي (Cinderella City) في ستينات القرن الماضي، بتصميم عصري يضم 200 متجر مختلفٍ.

لقد كان سيندريلا سيتي أكبر مركز تجاري مغطى على الكوكب، وقد استطاع جذب الزبائن من كل حدب، وصوب، إلى أن ظهر مركز تجاري جديد في عام 1974. حينها توقفت الموسيقى عن العزف في سيندريلا سيتي، وتداعت جدرانه، مع هروب المستثمرين.

لا يبدو ذلك لطيفًا، ولكنه قانون الغابة، ففي مرحلة ما، قد يقطع الزبائن أميالًا للوصول إلى المركز التجاري، من أجل تناول وجبة خفيفة، أو شرب كوب من العصير، ثم ما هي إلا سنوات، حتى ينضم ذلك المركز إلى مقبرة المراكز التجاريّة الأخرى التي انطفأت وذهب بريقها.

في ذلك الحين، كان الناس يمضون النهار بطوله، وهم يتجولون في أنحاء المراكز التجاريّة، أو يتناولون الطعام فيها، أمّا اليوم، فلم يعد لدى الناس وقت كثير، وقد أصبحوا يتسوّقون للضرورة -فقط- ويمكن القول: إن قضاء وقت مع العائلة، أو في المنزل، أكثر أهميّة من التجوّل في مجمعات التسوق (المولات)، والمراكز التجاريّة.

وتعكس المراكز التجاريّة الجديدة حاجة الزبن إلى التسوّق بسرعة، لذلك باتت تحتوي هذه المراكز على عشرات المداخل، والمخارج، بدلًا من مدخل واحد، ومخرج واحد، كما جرت العادة في المراكز التجاريّة التقليدية، كما تواجه المراكز التجاريّة -وخصوصًا المتوسطة منها- منافسة شديدة من متاجر التخفيضات العملاقة مثل هوم ديبوتس (Home Depots) وتي جي ماكس (TJ Maxx) وول مارت (Wal-Mart). يُضاف إلى ذلك الإنترنت، الذي بات يجتذب مزيدًا من الزبن، وخصوصًا في مجالي الكتب، والموسيقى.

لذلك يجب على المراكز التجاريّة -إن كانت تريد البقاء- أن توفّر بيئة مختلفة، وعاليّة الجودة، وأن تحوّل عمليّة التسوّق إلى تجربة ممتعة للزبن.

التجزئة بلا متاجر

إن البيع بالتجزئة ليس حكرًا على المتاجر التقليديّة، وعلى الرغم من تمثيل المتاجر لمعظم عمليات البيع بالتجزئة، إلا أن أشكالًا أخرى من التجزئة باتت تنمو شيئًا فشيئًا، وخصوصًا في بعض أنواع المنتجات، مثل: التأمين على الحياة، والسجائر، والمجلات، والكتب، والأقراص المدمجة، والملابس.

ومن هذه الأشكال: البيع المنزلي، والذي تستخدمه شركات أفون (Avon) وإلكترولوكس (Electrolux) وكثير من شركات التأمين، وتتضمن هذه الطريقة إجراء مكالمات هاتفيّة لزبن محتملين محددين مسبقًا، أو بشكل عشوائي، كما قد تستخدم الشركات -في بعض الأحيان- أسلوب التجربة الجماعيّة، وفي هذه الطريقة يدعو أحد الزبن أصدقاءه، ويستضيفهم في منزله، ليجرب أمامهم منتجات الشركة، وقد حققت شركة تابروير (Tupperware) نجاحًا كبيرًا باستخدام هذه الطريقة.

كما تُستخدم آلالات البيع لتوفير مجموعة واسعة من المنتجات، والخدمات، وذلك من خلال وضعها في مواقع منتقاة بعناية، ومن هذه المنتجات السجائر، والعصائر، والجوارب، والمعاملات البنكيّة، وغيرها، وتتسم الخدمة في هذه الطريقة بأنها متواصلة ومريحة.

كما قد تلجأ بعض الشركات إلى البريد لبيع منتجاتها، ويكون التواصل مع الزبون في هذه الحالة من خلال منشور، أو دليل مصور، يتضمن وصف المنتج، ويحث الزبون على طلبه من خلال البريد، وتشمل المنتجاتُ التي تُباع بهذه الطريقة، المجلاتِ، والأقراصَ المدمجةَ، والملابسَ، والأدواتِ المنزليّةَ، ونحوَ ذلك، وعلى غرار آلات البيع، يوفر البريد خدمة مريحة، ولكنها محدودة، وتُعد هذه الطريقة فعّالة في تغطيّة مناطق جغرافيّة واسعة، وخصوصًا، عندما لا يكون الزبن متجمعين في موقع جغرافي واحد، ومع ذلك، بات كثير من تجار التجزئة، يميلون بصورة أكبر إلى الاعتماد على تقنية الاتصال الحديثة.

لقد شهدت السنوات الماضيّة ظهور التسويق الإلكتروني، فقد بات باستطاعة مستخدمي الإنترنت التسوّق، وتبادل الآراء، والاطلاع على آخر أخبار السوق، وإرسال رسائل البريد الإلكتروني.

ويستطيع المسوّقون التسويق من خلال الإنترنت بأربع طرق أساسيّة وهي:

(1) استخدام البريد الإلكتروني.

(2) المشاركة في المنتديات، ووسائل التواصل الاجتماعي.

(3) نشر الإعلانات.

(4) بناء متاجر الكترونيّة.

ويمكن القول: إن الطريقتين الثالثة، والرابعة تُعدّان من أشكال البيع بالتجزئة، واليوم، يوجد على الإنترنت عشرات آلاف المتاجر الإلكترونيّة، والتي تتيح للزبون طلب الملابس، والكتب، والأزهار، أو حتى إرسال الأزهار إلى أي مكان في العالم. وبصورة أساسيّة، أصبح باستطاعة أي شركة أن تؤسس متجرًا على الإنترنت.

كذلك تستطيع الشركات استخدام الإنترنت لوضع الإعلانات بطرق مختلفة، منها نشر الإعلانات في مجموعات التواصل الاجتماعي، والمجموعات التجاريّة، أو وضع الإعلانات على هيئة لوحات منبثقة تخرج أمام زوار المواقع الإلكترونيّة عند زيارتها.

كما تستخدم بعض الشركات التسويق من خلال الدليل المصور، وذلك بإرسال صور منتجات واحدة، أو أكثر، إلى عناوين مختارة، بناءً على مدى احتماليّة طلب الزبن للمنتج، ويكثر استعمال هذه الطريقة بواسطة الشركات التجاريّة الضخمة، التي تقدّم خطًا كاملًا من المنتجات، مثل شركة جي سي بيني (JC Penney) وشبيغل (Spiegel)، أو المتاجر المتخصصة مثل: شركة نيمان ماركوس (Neiman-Marcus) وشركة ساكس فيفث أفينيو (Saks Fifth Avenue) والتي تحاول استهداف الفئة المتوسطة العليا من السوق، وتقديم منتجات مرتفعة الثمن، وغريبة في بعض الأحيان.

لقد دشن كثير من الشركات الكبرى أقسامًا متخصصة للبيع من خلال البريد، والدليل المصور، فقد باتت شركة أفون (Avon) تستخدم هذه الطريقة لبيع الملابس النسائيّة، وبالطريقة ذاتها -أيضًا- باتت شركة دبليو أر جريس (W.R. Grace) تبيع الأجبان، وأصبحت شركة جنرال ميلز (General Mills) تبيع القمصان الرياضيّة.

كذلك صممت بعض الشركات آلات مخصصة تشبه الأكشاك، لطلب منتجات بمواصفات محددة، ووضعتها في المتاجر، والمطارات، وغيرها من المواقع، فعلى سبيل المثال: وضعت شركة فلورشيم شو (Florsheim Shoe) في متاجرها عددًا من هذه الآلات، التي تمكن الزبون من اختيار نوع الحذاء الذي يرغب بشرائه، ولونه، وحجمه، وذلك من خلال مجموعة من الصور التي تظهر أمامه على الشاشة.

التسويق المتكامل

نهاية البيع بالتجزئة مازالت بعيدة

قال الخبير الاقتصادي ليستر ثورو (Lester Thurow) من معهد ماساتشوستس للتقنية (MIT) مؤخرًا: إن التجارة الإلكترونيّة قد تعني نهاية 5,000 سنة من البيع بالتجزئة، وذلك إن تمكنت المتاجر الإلكترونيّة من توفير أسعار منخفضة، وتجربة تسوّق ممتعة للمستهلكين، إذ يشير نمو المتاجر، ومجمعات التسوق إلى أن الزبن يبحثون عن الراحة، والأسعار المنخفضة، وكذلك عن توفّر مجموعة واسعة من الخيارات.

ولكن بعد مرور سنوات على ثورة التجارة الإلكترونيّة، بات من الممكن الخروج بالملاحظات والتوقعات التاليّة:

  • يجب أن تصبح المتاجر الإلكترونيّة أسهل في الاستخدام، وأن تحظى بثقة الزبن الكاملة.

  • إذا كان باستطاعة الزبن شراء المنتجات ذاتها من الإنترنت بأسعار أقل، فسوف يفعلون ذلك.

  • بعض المتاجر سوف تتمتع بحصانة ضد منافسة المتاجر الإلكترونيّة، وخصوصًا تلك المتاجر التي تبيع منتجات على قدر كبير من التخصص.

قد تستطيع المتاجر التقليديّة أن تعزز فرصتها في المنافسة، من خلال توفير تجربة ممتعة لزوارها.

في المقابل، لا تبدو جميع الأمور ورديّة بالنسبة إلى المتاجر الإلكترونيّة، إذ تشير الدراسات إلى الأمور التالية:

  • تبلغ تكلفة استقطاب زبون جديد بالنسبة للمتاجر الإلكترونيّة الناشئة 82 دولارًا، في مقابل 31 دولارًا لدى المتاجر التقليديّة.

  • بلغ رضا الزبن عن المتاجر الإلكترونيّة المستويات التالية: 41% لخدمة العملاء، 51% لسهولة إعادة المنتجات، 57% لتوفير معلومات أفضل عن المنتج، 66% لتوفير خيارات متعددة، 70% للبيع بأسعار منخفضة، 74% لسهولة الاستخدام.

  • يبلغ معدل الزبن الذين يعودون للشراء من المتاجر الإلكترونيّة 21% مقابل 34% في حالة المتاجر التقليديّة.

وفي ضوء ما تقدّم، تُوصى المتاجر الإلكترونيّة بالأمور التالية لتحسين عملها:

  • الحفاظ على البساطة.

  • محاكاة تفكير الزبون.

  • استخدام التسويق الإبداعي.

  • عدم الاعتماد كليًا على الإعلانات.

  • عدم تسعير المنتجات أقل من متوسط تكلفتها.

وعلى الرغم من أهمية جميع تلك النصائح وفائدتها، إلا أن النتائج المخيبة للآمال الناجمة عن سوء التقنيّة مؤخرًا، قد غيّرت مستقبل البيع الإلكتروني، وفي حين أن المتاجر الإلكترونيّة قد أنفقت حوالي ملياري دولار على الحملات الإعلانيّة، إلا أنها لم تستثمر ما يكفي لزيادة جودة الخدمات التي تقدّمها للزبن عند زيارتهم للموقع الإلكتروني، لذلك يجب على أصحاب المتاجر الإلكترونيّة أن يدركوا ما أدركه أصحاب المتاجر التقليديّة من قبلهم، وهو أن النجاح لا يتعلق بالحصول على حصة سوقيّة، بقدر ما يتعلق بإرضاء الزبن، والحفاظ عليهم، وهو الأمر الذي يحقق أرباحًا هائلة على المدى البعيد.

تجارة الجملة

تُعد تجارة الجملة جزءًا أصيلًا من قنوات التوزيع، وهي تتضمن بيع المنتجات، والخدمات، للشركات، والمصانع، والمؤسسات، التي تشتري هذه المنتجات بهدف إعادة بيعها، أو استخدامها في إنتاج منتجات، وخدمات أخرى، ومن الأمثلة على تجارة الجملة: شراء بنك ما لحاسوب جديد، من أجل استخدامه في معالجة البيانات، أو شراء مدرسة لجهاز عرض من أجل استخدامه في الصف، أو شراء متجر ملابس لفساتين جاهزة بهدف إعادة بيعها مرة أخرى.

وتمثل تجارة الجملة جزءًا من عمليّة التسويق، في الغالبية العظمى من المنتجات في الاقتصاد الحديث، وقد يشارك في تجارة الجملة المصانع التي تمتلك مكاتب بيع مخصصة لهذا الغرض، وكذلك تجار التجزئة الذين يمتلكون مخازن كبيرة، أو يشاركون في أنشطة أخرى من تجارة الجملة، وحتى الاقتصاد الاشتراكي الذي يتصف بالمركزية، بحاجة إلى آلية لنقل البضائع من نقاط الإنتاج الأوليّة، إلى مراحل الإنتاج الأخرى، أو إلى تجار التجزئة، الذين يتولون توصيل المنتج إلى المستهلك النهائي، وتجدر الإشارة هنا إلى أن معظم الشركات التي تتعامل بتجارة الجملة، تنخرط -أيضًا- في الإنتاج، أو تجارة التجزئة، وهو ما يجعل قياس نطاق أنشطة الجملة بدقة أمرًا في غاية الصعوبة.

وتشير إحصاءات مكتب الإحصاء التابع لوزارة التجارة الأمريكيّة، إلى وجود حوالي 600,000 شركة جملة في الولايات المتحدة، مقابل أكثر من 3 ملايين شركة تجزئة، ومع ذلك، تبلغ مبيعات شركات تجارة الجملة حوالي 1,3 تريليون دولار، أي أنها أكبر من مبيعات التجزئة بمعدل 75%، وذلك لأن تجارة الجملة تتضمن جميع المبيعات للمصانع، وشركات التجزئة.

مهام تجارة الجملة

يتولى تجار الجملة عددًا من الأدوار المهمة في قناة التوزيع، وقد تشمل هذه الأدوار بعض الأمور الآتية، أو جميعَها:

  • التخزين: استلام المنتجات، وتخزينها، وتغليفها، وجميع الأنشطة الأخرى اللازمة للحفاظ عليها.

  • إدارة المخازن، والطلبات: متابعة المخازن، وإدارة محتوياتها، والتأكد من انتقال المنتجات بسلاسة من المنتج إلى المستهلك، وكذلك تحصيل المدفوعات لصالح المنتج.

  • النقل: ترتيب عمليّة نقل البضائع.

  • المعلومات: تزويد المنتِجِين بمعلومات حول الأسواق، وتزويد المستهلكين بمعلومات حول المنتجات، والموردين.

  • البيع: التواصل الشخصي مع المستهلكين لبيع المنتجات، والخدمات.

تشير الخمسة الأدوار المذكورة أعلاه، إلى طبيعة الدور الذي يلعبه تجار التجزئة في الربط بين المنتجين، والمشترين، ومع ذلك، يجب على شركة التجزئة أن تعمل مثل أي شركة أخرى، وذلك من خلال تخطيط، وتمويل، وبناء المزيج التسويقي الخاص بها.

تُعد تجارة الجملة رابطًا بين المنتِج، والمشتري، كما أنها تعود بالفائدة على الطرفين، إذ توفر تجارة الجملة للمشتري مجموعة واسعة من المنتجات، وتغنيه عن الحاجة للتعامل مع عدد كبير من المنتجين، وذلك بالطبع يجعل عمليّة الشراء أسهل، وأكثر راحة، فعلى سبيل المثال: إذا كان هناك متجر يبيع أدوات من مئات المصانع المختلفة، فإنه سوف يفضل بالتأكيد التعامل -بدلًا من ذلك- مع عدد محدود من تجار التجزئة، يُضاف إلى ذلك، أن تجار التجزئة قد يمتلكون مخازن في الأسواق المحليّة، وهو ما يساهم في تسريع عمليّات التسليم، وتحسين الخدمة بالمجمل، أمّا من ناحيّة المنتِج، فيساعد تجار التجزئة على إيصال المنتجات إلى المشترين، ويوفرون معلومات مفيدة حول آخر الاتجاهات في السوق المحلي، كما أنهم يساعدون المنتِجين على ترويج منتجاتهم في الأسواق المحليّة، أو الإقليميّة من خلال الإعلانات، أو مندوبي المبيعات.

أنواع تجارة الجملة

تنقسم تجارة الجملة إلى أنواع عديدة، ومتنوّعة، فبعض شركات الجملة يتسم بالاستقلاليّة، وبعضها الآخر يمثل جزءًا من نظام تسويق رأسي، وبعضها يقدّم خدمات متكاملة، وبعضها الآخر يقدّم خدمات متخصصة للغاية، ولقد أدت الحاجات، والرغبات المختلفة لدى كل من المشترين، والمنتجين، إلى ظهور مجموعة واسعة جدًّا من شركات الجملة، ويلخص الجدول رقم 13 أبرز أنواع هذه الشركات، وتجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن إلغاء أنشطة الجملة من قناة التوزيع، ولكن يمكن إسنادها إلى المنتجين، أو تجار التجزئة، وحتى يحافظ تجار التجزئة على عملهم، يجب أن يوفروا خدمات مميّزة لكل من الموردين، والمشترين، وأن يعملوا على تخفيض التكاليف من خلال استخدام التقنيات الحديثة.

الجدول رقم 13: أنواع تجار الجملة في العصر الحديث.

النوع التعريف الفئات الفرعيّة
تجار التجزئة ذوو الخدمات المتكاملة. تدخل المنتجات في ملكيته، ويتحمّل مخاطر العمل المستقل، يبيع ويشتري، ويوفر مجموعة متكاملة من الخدمات.
  • عام.
  • محدود الخط.
تجار التجزئة ذوو الخدمات المحدودة. تدخل المنتجات في ملكيته، ويتحمّل مخاطر العمل المستقل، يبيع ويشتري، ويوفر مجموعة محدودة من الخدمات.
  • متعهد جملة.
  • تاجر رفوف.
  • تاجر دروبشيبنغ.
  • تاجر بالبريد.
الوكلاء والوسطاء. لا تدخل المنتجات في ملكيته، ويقتصر دوره على جمع البائعين، والمشترين -معًا- والتفاوض على شروط الصفقة. ويمثل الوكلاء أحد الطرفين؛ إمّا البائع أو المشتري بصورة دائمة في العادة، أمّا الوسطاء فيعملون على جمع الأطراف -معًا- بصورة مؤقتة.
  • الوكلاء.
  • وكلاء الشراء.
  • وكلاء البيع.
  • التجار بالعمولة.
  • التجار.
  • وكلاء المصانع.
  • الوسطاء.
  • سماسرة العقارات.
  • تجار الأغذية.
  • منتجات أخرى.
قسم مبيعات المصنع. يخضع لسيطرة المصنع مباشرة، ويتولى مهام تجارة الجملة الخاصّة بالمصنع.

 

الميسرين يتولى بعض المهام الخاصّة، مثل: التمويل، أو التخزين، أو تسهيل الصفقات، وقد يكون مستقلًا، أو مملوكًا للمنتِج أو المشتري.
  • المخازن.
  • شركات التمويل.
  • شركات النقل.
  • المعارض التجارية.

التوزيع المادي

لقد باتت مهمة نقل المنتجات، وتخزينها، تقع على عاتق التسويق، وأصبحت الأنشطة اللوجستيّة تلعب دورًا محوريًا في عمل أي شركة تعمل في بيئة اقتصاديّة عالية المستوى، كما تزداد أهميّة هذه الأنشطة في الأسواق التي يصعب فيها تطوير منتجات متميّزة، وبالتالي، تلجأ الشركات إلى الأنشطة المتعلقة بتوزيع المنتجات، من أجل تحقيق ميّزة تنافسيّة حقيقيّة، وباختصار، يمثل التوزيع المادي الجسر الذي يربط بين الأسواق، وأنشطة الإنتاج المنفصلة؛ زمانيًا ومكانيًا.

يمكن تعريف إدارة التوزيع المادي بأنها عمليّة الإدارة الاستراتيجيّة لحركة المواد، والقطع، والمنتجات النهائيّة، وتخزينها، ونقلها من الشركة إلى المستهلك، وتتضمن عمليات التوزيع المادي نقل منتجات نهائيّة، من نهاية خط الإنتاج، إلى المستهلك النهائي، أو نقل مواد خام من مصدر التوريد، إلى بداية خط الإنتاج، أو حتى نقل الأجزاء، والقطع اللازمة، للحفاظ على استمرار الإنتاج. وأخيرًا، قد تتضمن عمليّة التوزيع المادي شبكة خاصّة لإعادة المنتجات إلى المنتِج، أو البائع، وذلك في حالات الصيانة، والاستبدال.

ولكن قبل مناقشة التوزيع المادي بمزيد من التفصيل، يجب التأكيد في البداية على أن إدارة التوزيع المادي لا تنفك عن قناة التوزيع، وأنه يجب أخذهما -معًا- في الحسبان؛ لتحقيق أهداف الشركة، وإرضاء الزبن، وتتلخص العلاقة بين التوزيع المادي، وقناة التوزيع في الأمور الآتية:

  • يجب أن تستند معايير التوزيع المادي، إلى رغبات الأعضاء في قناة التوزيع.

  • يجب أن يكون برنامج التوزيع المادي لدى الشركة، ملائمًا لمعايير الأعضاء في قناة التوزيع.

  • يعتمد البيع للأعضاء في قناة التوزيع، على برامج التوزيع المادي.

  • يجب مراقبة نتائج برنامج التوزيع المادي، بمجرد الانتهاء من تنفيذه.

005physicaldistribution.png

الشكل رقم 35: عمليّة إدارة التوزيع المادي.

وكما تشاهد في الشكل رقم 35، فإن الإدارة الناجحة لتدفق المنتجات من المورد، وصولًا إلى المستهلك النهائي، تتطلب تخطيط كثير من أنشطة التوزيع، وتنفيذها، وإدارتها على نحو فعّال، وذلك يشمل المواد الخام، والمنتجات شبه المعالجة، والمنتجات النهائيّة، وتساهم إدارة التوزيع المادي في نقل المنتج زمانيًا، ومكانيًا، وكذا نقل ملكيته، كما أنها تحسّن جهود الشركة التسويقيّة.

وينطوي التوزيع المادي على تكاليف كبيرة، ولكنه يُعد -أيضًا- أداة تسويقيّة تساهم في تحفيز الطلب لدى المستهلكين، وتشمل تكاليف التوزيع المادي كلًا من: تكاليف النقل، والتخزين، وإدارة المخازن، والاستلام والشحن، والتغليف، وتلبيّة الطلبات، وتمثل التكاليف الإجماليّة الخاصّة بأنشطة التوزيع المادي 13.6% من التكاليف لدى شركات البيع، وعلى الرغم من أن الإدارة السيئة للتوزيع المادي قد تؤدي إلى رفع التكاليف رفعًا كبيرًا، إلا أنه يمكن توفير كثير منها باستخدام الإدارة الصحيحة.

في المقابل، يمثل التوزيع المادي، أداة تسويقيّة مهمة لتحفيز الطلب لدى الزبن، إذ إن تحسين التوزيع المادي يؤدي إلى انخفاض الأسعار، وتحسين الخدمة، وجذب المزيد من الزبن المحتملين، أمّا إذا لم تصل المنتجات إلى الزبن في الوقت، والمكان الصحيحين، فإن الشركة سوف تصبح أمام خطر فقدان زبنائها.

ترجمة -وبتصرف- لأجزاء من الفصل (Channel concepts: distributing the product) من كتاب Core Concepts of Marketing

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...