اذهب إلى المحتوى

إن التقدم التقني الكبير الّذي شهدناه في الفترة الحالية في مختلف مجالات حياتنا فرض علينا بصفتنا مسوقين وأصحاب متاجر أن نواكب هذا التغيير الحاصل في طريقة تعاملنا مع المستهلكين فطريق الوصول إلى قلوبهم تغيّر، وطريقة التأثير بهم تغيّرت أيضًا، ولن تنجح الطرق القديمة في جذب انتباههم فكيف بجعلهم يشترون منتجاتنا أو خدماتنا.

لذلك كان لزاما علينا التقرب أكثر من المستهلك وفهم لغته والتكلم بها في الرسائل الإعلانية وفي طريقة عرض منتجاتنا لنستطيع التأثير عليه وإقناعه بحاجته إلى المنتج الّذي نقدمه، واستكمالًا لما بدأنا به في رحلتنا لفهم كيفية تغيّر سلوك المستهلك سنناقش في هذا المقال عادات الشراء للجيل إكس Gen X لنسبر أغوار هذا الجيل، ونتعلم ما الّذي تغيّر في سلوك هذا الجيل وكيف تأثرت حياته بالتقدم التقني.

إخلاء مسؤولية

لا يوجد إحصائيات دقيقة متاحة في عالمنا العربي لنقيس ونراقب بها عادات كلّ جيل من الأجيال لذلك سنحاول الاعتماد على الاحتياجات الخاصة بكل جيل ومتابعة الإحصائيات العامة للمقاربة وتوقع سلوك كلّ جيل من الأجيال بصورة تقريبية، والهدف الأساسي لطرح هذه الإحصائيات والآراء العالمية هو الاستئناس بها وتعلم كيفية تقسيم الأسواق، وأي تطبيق لما هو مذكور في هذه المقالة سيكون على مسؤولية القارئ، وتبقى الكلمة الأخيرة والمفصلية للتجريب والقياس لفهم سلوك المستهلك العربي بحسب الأجيال.

التعريف بجيل إكس العاشر

إن الجيل إكس X أو الجيل العاشر هم الأفراد الذين ولدوا بين عامي 1965 وحتى عام 1980، ويعدّ هذا الجيل من الأجيال الّتي عاصرت الكثير من الأحداث المهمة في التاريخ الحديث، وهم الفئة الوسطية بين جيل الطفرة السكانية وجيل الألفية ليس من الناحية العمر فقط وإنما بحسب طريقة اندماجهم مع الوسائل التقنية الحديثة أيضًا فتجدهم لا هم منغمسون في التقنية مثل جيل الألفية ولا هم غريبون عن التقنية مثل جيل الطفرة السكانية إنهم الفئة الوسطية في كلّ شيء.

يشكّل هذا الجيل تحديًا صعبًا على المسوقين فهو من أصعب الفئات العمرية في إمكانية فهمها والتعامل معها ومما يضيف تحديًا آخر هو الفارق العمري الّذي هو 15 عامًا يشكل فارقًا كبيرًا بين أكبر شخص في هذا الجيل والّذي تتماثل شخصيته مع أفراد جيل الطفرة والأصغر سنًا الّذي تتماثل شخصيته مع جيل الألفية. بالرغم من ذلك لا تزال هناك بعض النقاط الّتي يشترك بها أفراد هذا الجيل بعضهم مع بعض والّتي سنحاول التركيز عليها في هذا المقال.

إحصائيات عالمية مهمة عن جيل إكس

من أكثر الطرق فعالية في فهم سلوك المستهلكين هي الاطلاع على الاحصائيات المختصة في تتبع تحركاتهم على الإنترنت لمعرفة الكيفية الّتي يقضون أوقاتهم عليها وهل يمكننا أن ننقل نشاطاتنا الإعلانية على المنصات الّتي يحبونها ومن بعض الإحصائيات نذكر منها:

  1. الجيل إكس والهواتف الذكية: نشأ هذا الجيل في وقت كان فيه هاتف واحد في المنزل يستخدمه الجميع بينما اليوم يستخدم 85% من الجيل إكس هواتف ذكية هذا ما أشارت إليه دراسة صادرة عن مركز بيو للأبحاث PewResearch عام 2018 على الجيل إكس من المستخدمين الأمريكيين وجاء في نفس التقرير أيضًا إلى أن 64% من الجيل إكس يمتلك أجهزة لوحية (تابلت) وكانت هذه النسبة هي الأكبر بين كلّ الأجيال الّتي شملتها الدراسة. بناء على ذلك يجب علينا التركيز على جعل المتجر الإلكتروني متجاوبًا بصورة ممتازة مع الأجهزة المحمولة والأجهزة اللوحية على حدٍ سواء لاستهداف هذا الجيل.

  2. الجيل إكس يحب وسائل التواصل الإجتماعي: في تقرير صادر عن شركة نيلسون عام 2017 والّذي درست فيه سلوك الجيل إكس في الولايات المتحدة الأمريكية ووجدت فيه أنه يقضي الجيل إكس 7 ساعات تقريبًا كلّ أسبوع على وسائل التواصل الإجتماعي، وأشار نفس التقرير إلى أن الجيل إكس يقضي ما مجموعه 32 ساعة أسبوعيًا في التصفح والاطلاع على الإنترنت؛ أي أن هذا الجيل يعيش يومًا كاملًا كلّ أسبوع على الإنترنت في مختلف المنصات الرقمية. جاء هذا التقرير بعكس التوقعات السائدة بأن جيل الألفية هو أكثر جيل يتصفح الإنترنت وخلُص التقرير إلى أن جيل الألفية يقضي ما مجموعه 27 ساعة فقط في الأسبوع أي سبق الجيل إكس جيل الألفية في اندماجهم مع التقنيات الحديثة وهذه النتيجة كانت مفاجئة لمجتمع المسوقين.

  3. يبحث الجيل إكس عن الشركات التجارية من خلال الإنترنت: الجيل إكس أذكى مما تعتقد في استخدامه للإنترنت فمعظم أفراد هذا الجيل يميلون للبحث عن المعلومات المتعلقة بالنشاط التجاري الّذي تمارسه حتى بعد مشاهدته للإعلانات عبر التلفزيون أو أي طريقة إعلانية أخرى. لذلك احرص دومًا على تناسق معلومات الشركة وتوحيد الرسالة الّتي تريد إيصالها للمستهلك عبر جميع المنصات الإجتماعية والمواقع الّتي تتحدث عن نشاطك التجاري.

القوة الشرائية للجيل إكس

معظم أفراد هذا الجيل يمتلك ثروة كبيرة ففي الولايات المتحدة الأمريكية تقدر ثروة هذا الجيل في عام 2018 بنحو 2.4 تريليون دولار أمريكي، وهذا يعكس القوة الشرائية الّتي يشكلونها.

حضر أبناء هذا الجيل الكثير من الأزمات الإقتصادية مثل أزمة الدوت كوم (فقاعة الإنترنت) في عام 2001، والأزمة المالية العالمية عام 2007، ومرورًا بأزمة كورونا عام 2020. أثرت هذه الأزمات على كافة أطياف المجتمع بدءًا من الحكومات ومرورًا بالشركات وانتهاءً بالأفراد، ومما لا شك فيه أن معظم الأفراد الّذين يمرون بأزمة إقتصادية في حياتهم لا بدّ لهم من إعادة النظر إلى بعض سلوكياتهم وعاداتهم في الشراء وتغييرها وتحسينها لكي لا يقعوا في أزمة مالية أخرى. ينعكس هذا الأمر من خلال رغبة معظم أبناء الجيل إكس في العروضات التوفيرية الحقيقية ولا بد لنا هنا من التركيز جدًا على الفرق بين العروضات الوهمية الّتي تضع سعرًا وهميًا عاليًا وتجعل العرض هو السعر الحقيقي للمنتج. ولن يستطيع أحد خداع معظم أفراد الجيل إكس في هذا النمط من العروضات فهذا الجيل أذكى من أن يقع ضحية لهذه الطرق الرخيصة.

اهتمامات الجيل إكس

تعكس عادات الإنفاق للجيل إكس قيمهم وأولوياتهم في هذه المرحلة من حياتهم، ويؤثر تقدمهم في السن أيضًا على اهتمامهم اليومية وهذه أبرز الاهتمامات الّتي تجذب الجيل إكس:

1. برامج الولاء التنافسية

إن الأزمات الإقتصادية الّتي عصفت بالجيل إكس جعلت منه فردًا إدرايًا بالقوة إذ صادف هذا الجيل العديد من الازمات الإقتصادية الّتي هددت استقراره وأمنه المالي، لذلك يهتم هذا الجيل في برامج الولاء ودائمًا ما تنجح برامج الولاء المميزة في جذب اهتمامهم وتفضيلهم لشركة معينة دونًا عن منافساتها.

بحسب دراسة أجرتها شركة أوراكل بين عام 2017 وحتى عام 2020 جاء فيها أن 71% من أبناء الجيل إكس تؤثر بهم برامج الولاء وتغيّر اختباراتهم التجارية، وأعرب أبناء هذا الجيل إلى أن السبب الأول للانضمام لبرامج الولاء هو لتوفير المال، وجاء السبب الثاني هو الامتيازات المخصصة للأعضاء فقط، مثل الشحن المجاني أو المنتجات التجريبية المجانية، وجاء السبب الثالث للانضمام لبرامج الولاء هو العروض الترويجية الشخصية أي إذا كنت مهتمًا بالأغذية الصحية فيجب على برنامج الولاء أن يوفر لي عروضًا على الأغذية الصحية وليس عروضًا عامة لكل المستهلكين، وجاء في السبب الرابع للانضمام لبرامج الولاء هو الجوائز والهدايا المرحلية مثل هدية مجانية على عيد ميلاد المشترك وهدية مجانية على ذكرى انضمامه إلى برنامج الولاء، وأما السبب الأخير الّذي يدفعهم للانضمام لبرامج الولاء فهو أن يُتعامل معهم ككبار الشخصيات من العملاء VIP.

وأشارت نفس الدراسة إلى أن المستهلكين من الجيل إكس يرغبون في أن تحتوي برامج الولاء على مميزات معينة من وجهة نظرهم وكان أولها الشحن المجاني، وأما ثانيها فكان العروض المميزة للاعضاء، وأما ثالثها فهو التوصيل السريع. وأشارت نفس الدراسة السابقة إلى رغبة الجيل إكس في أن تكون برامج الولاء سهلة المشاركة وكسب النقاط. فهم لا يفضلون البرامج الّتي تستغرق وقتًا كبيرًا لجمع النقاط، وأشارت الدراسة إلى استعداد هذا الجيل للمشاركة في برامج الولاء من خلال أنشطة مثل تعبئة الاستبيانات أو زيارة الموقع الرسمي للشركة أو لعب لعبة معينة أو الذهاب في نشاط معين مثل الذهاب إلى مطعم لكسب النقاط وهكذا.

2. يفضل الجيل إكس أن يشتروا المنتجات وليس أن تباع لهم

شهد الجيل إكس العديد من الأحداث الهامة التاريخية فشهدوا انتشار المجالات والصحف وشهدوا بعدها انتشار أجهزة الراديو والتلفاز، كما شهدوا أيضًا انتشار الحواسيب المكتبية وتلتها الحواسيب المحمولة، وشهدوا ولادة الإنترنت ونضوجه السريع والكثير من الأحداث الأخرى الّتي جعلتهم يكرهون الإعلانات الّتي تريد أن تبيعهم بالطرق المباشرة لذلك توقع منهم أن يصمدوا جدًا في وجه الحملات الإعلانية بل يمكن جدًا أن يصبيهم أيضًا أسوأ من ذلك وهو عمى الإعلانات Ad Blindness إذا اتبعت الطرق التقليدية في الإعلان، وأما عمى الإعلانات: فهي مصطلح تابع لمجال قابلية الاستخدام لمواقع الوِب Web Usability وهي الحالة الّتي تصيب المستخدم عندما يتجاهل زوار موقع معين بوعي أو بغير وعي الإعلانات الموجودة في الموقع. أي يتصفحون الموقع بطريقة طبيعية ولكن بدون أن ينحاز نظهرهم إلى الإعلانات وكأنها ليست موجودة أبدًا!

هنالك العديد من الأسباب الّتي تؤدي لحدوث عمى الإعلانات من أبرزها اتباع الطرق التقليدية في الإعلان، وفي الحقيقة إن هذه الإحصائية ليست مفاجئة لأن العديد من الدراسات الأخرى الّتي أكدت هذه المشكلة ومن بينها دراسة نُشرت في المؤتمر الرابع والعشرين لشبكة الإنترنت في عام 2015 جاء فيها أنه نحو 93٪ من الإعلانات لا يشاهدها زوار المواقع الإلكترونية!

لذلك احرص دومًا على الإعلان بطرق جديدة وإبداعية، واحرص أيضًا على ألّا تعرض مميزات المنتج بقدر ما تعرض المشكلة الّتي يواجهها المستخدم وكيف يحل منتجك (أو خدماتك) هذه المشكلة لكي لا يفكر المسخدم أنك تبيعه منتجك وإنما هو من يشتري منتجك طواعيةً.

3. الحنين إلى الماضي

إن غزارة وتنوع الأحداث الّتي تعرض لها أبناء الجيل حملتهم بالكثير من الذكريات ومع أن غالبيتها من الذكريات المؤلمة إلا أن الذاكرة البشرية -ولحسن الحظ- لا تحتفظ بالذكريات المؤلمة بنفس كثافة حفظها للذكريات السعيدة والجميلة، ويكمن سبب حب الدماغ للذكريات السعيدة هو أنها لا تأتي بمفردها وحسب، وإنما تأتي محملةً بمادة يعشقها الدماغ وهي **الدوبامين **. وحتى مع استحضارنا لهذه الذكريات السعيدة يعود الدماغ ويُفرز مادة الدوبامين ولكن بالطبع ليس بنفس كمية إفراز اللحظة الحقيقية الّتي عِشناها في الماضي وإنما بقدر بسيط يذكر الشخص بجمالية الذكريات القديمة.

من هذا المُنطلق جاء الكثير من المسوقين لاستغلال هذه اللحظات السعيدة في حياتنا ودمجها مع رسائلهم الإعلانية لكي يضربوا عصفورين في حجر واحد فمن جهة يسعى المسوقون لجذب انتباهك للعلامة التجارية الّتي يسوقون لها ومع استحضارهم لذكرى عامة عاشها أغلبية الجيل إكس (أو أي جيل آخر) مثل ذكرى ظهور أول جهاز حاسوب أو ذكرى مرتبطة ببلد أو بثقافة معينة، وبذلك يكون المسوقين متأكدين من إفراز هرمون السعادة، وكلّ ما عليهم فعله هو ربط هذه الذكرى الجميلة بمنتجها ليشعر المشاهد لهذا الإعلان ارتباط سعادته مع المنتج الّذي شاهده، وهو غافل عن حقيقة اللعبة المخفية الّتي ينفذها المسوقين به، وبذلك يتحقق أعظم هدف من أهداف المسوقين وهو إثارة اهتمام المُشاهد لتجهيزه لبقية المراحل الأخرى الّتي ستنتهي حتمًا بشراء هذا المشاهد للمنتج المعروض في الإعلان.

ازدهر التسويق بالنستولوجيا أو التسويق بالحنين إلى الماضي Nostalgia Marketing وأصبح له مكانة رئيسية في الحملات التسويقية للشركات الكبرى، يكمن سر قوة التسويق بالنستولوجيا للجيل إكس هو أن هذا الجيل عاش أحداثًا كثيرة قبل التطور التقني، وفي نفس الوقت انسجم جدًا مع هذا التطور، وبذلك جمع هذا الجيل غزارة الذكريات وقوة الاندماج بالتقنية، فأضحى الهدف الرئيسي للحملات التسويقية التي تطبق تسوق المنتجات بربطها بالذكريات والحنين إلى الماضي.

4. يحبون العروض الترويجية المخصصة

يقدر أبناء هذا الجيل القيمة الحقيقية للوقت ويعرفون تمام المعرفة بأن الاستثمار الحقيقي في المنتجات الّتي تختصر الوقت ولذلك يزداد اهتمامهم في الخدمات الّتي تساعدهم على توفير الوقت حتى ولو كان ذلك على حساب خصوصيتهم فبحسب التقرير السابق الّذي أعدته شركة أوراكل بين عام 2017 وحتى عام 2020 جاء فيه أنه يرغب 62% من أبناء الجيل إكس في تلقي توصيات مخصصة لهم عبر أحد تطبيقات التجارة الإلكترونية ومع أنها يمكن أن تنتهك خصوصيتهم إلا أن معظمهم راضون تمامًا عن ذلك، وأشارت نفس الدراسة إلى أن نسبة 41% منهم اشتروا شيئًا أوصت به التطبيق أو المتجر الإلكتروني في الأشهر الستة الماضية من تاريخ سؤالهم.

الخاتمة

ختامًا، يدمج الجيل إكس عراقة الماضي وتطور الحاضر ليشكل لنا جيلًا مميزًا يصعب التسويق له في بعض الأحيان. فمن ناحية هو يملك المال ويحب التسوق ولكنه ذكي في اختياراته ويحب من يقدم له الخصومات وبرامج الولاء التنافسية، ويحن كثيرًا للذكريات القديمة وتحتل مكانًا جوهريًا في قلبه قبل عقله، كما أنه يقدر قيمة الوقت ويولي له أهمية قصوى بل يضحي بعضٌ من أفراد هذا الجيل بخصوصيتهم من أجل الحفاظ على أوقاتهم من الضياع، وختامًا هذه أبرز النقاط الرئيسية الّتي يهتم بها أبناء الجيل إكس سنناقش في المقال القادم ما الّذي يهتم به أبناء جيل الألفية.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...