اذهب إلى المحتوى

مراحل عملية الشراء -ما قبل اتخاذ قرار الشراء-


Mohamed Lahlah

تعرفنا في المقال السابق على مفهوم قرار الشراء وأنواعه وسنكمل الحديث في هذا المقال عن المراحل التي تمر بها عملية الشراء تحديدًا ما قبل اتخاذ قرار الشراء.

تمر عملية اتخاذ القرار بمجموعة من المراحل نلخصها على الشكل التالي:

  1. التعرف على المشكلة Problem Recognition.
  2. البحث عن المعلومات Information Search.
  3. تقييم البدائل Evaluation of alternatives.
  4. فعل الشراء Product Choice.
  5. سلوك ما بعد الشراء Post-purchase Behavior.

تصنف النقاط الثلاث الأولى في مرحلة ما قبل الشراء والتي سنناقشها في هذا المقال بينما تصنف النقاط التالية لها ضمن مرحلة الإقدام على فعل الشراء والتي سنناقشها بالتفصيل في المقال التالي.

02.jpg

1. ظهور المشكلة Problem Recognition

يعد ظهور المشكلة أو الشعور بالحاجة نقطة الانطلاق لعملية قرار الشراء إذ ينشأ الشعور بالحاجة الّتي يمكن أن تكون بيولوجية داخلية كالجوع أو العطش، ويمكن أن تكون خارجية حفزها مؤثر خارجي لإثارة رغبة الشراء في الأشخاص عن طريق الإعلانات وما شابهها من طرق الترويج للمنتجات، ويمكن أن تكون أيضًا ناتجة عن عدم رضا المستهلك بالمنتج الحالي فيبادر بالبحث عن منتج بديل يغطي النقص الّذي يشعر به.

تبدأ عملية اتخاذ القرار بالتعرف على المشكلة والّتي تظهر نتيجة وجود فرق بين الحالة الحالية أو الفعلية Existing or Actual State والحالة المرغوبة أو المثالية Desired or Ideal State، إذ يشعر المستهلك بحاجة معينة يرغب بإشباعها ويلعب المسوّق دوره في التأثير على هذه الحاجات ودفعها إلى حيز الوجود من خلال الإعلانات وجهود رجال المبيعات.

وهنا نميز بين حالتين تدفعان المستهلك بالشعور بوجود حاجة غير مشبعة ليدرك أن لديه مشكلة:

  1. تغيير في الحالة الحالية Actual State.
  2. تغيير في الحالة المرغوبة Ideal State. يوضح الشكل التالي كيفية ظهور الحالتين.

03.png

  1. تغيير في الحالة الحالية: تحدث هذه الحالة عندما يطرأ تغييرات في الوضع الحالي وذلك بسبب مجموعة من الأسباب وهي على الشكل التالي:
    • انخفاض المخزون من منتج معين، مثل وصول مؤشر الوقود في السيارة إلى الحد الأدنى وبالتالي لا بدّ من التزود بالوقود لإعادة السيارة إلى حالتها المعتادة.
    • عدم الرضا عن المخزون الحالي من منتج معين، مثل أن يشعر المستهلك بأن ملابسه أصبحت مملة وقديمة ويرغب باستبدالها.
    • نقص في موارد المستهلك يدفعه لتخفيض إنفاقه على السلع الكمالية وإعادة هيكلة ميزانيته.
  2. تغيير في الحالة المرغوبة: تحدث في هذه الحالة ظهور فكرة جديدة في الحياة التي يعدها مثالية، ويمكن أن تكون أسبابها ما يلي:
    • ظهور حاجات جديدة: مثل ظهور حاجة إحدى العوائل لشراء مستلزمات وأثاث جديد تحضيرًا لقدوم مولود جديد إلى الأسرة.
    • ظهور رغبات جديدة: مثل ظهور رغبة الفرد في الاستمرار في التحصيل العلمي بعد إكماله الثانوية أو شراء ملابس جديدة وكتب وغيرها، وتزداد الرغبات مع تقدم الفرد في العمر ومع ارتفاع سقف طموحاته في نفسه ويبدأ في اكتشاف شخصيته والبحث عن منتجات تتوافق معها أو تكملها.
    • ظهور منتجات جديدة: مثل ظهور الغسالات الآلية في زمن سيطرة الغسالات العادية في الأسواق، والمنتجات الجديدة يمكن أن تدفع الفرد إلى شرائها ويكون هذا التغيير في الحالة المرغوبة الّتي يتصورها الفرد عن نفسه، وتتنوع مصادر المعرفة الّتي يرى فيها الفرد المنتجات الجديدة مثل التلفاز أو الإنترنت أو العائلة أو الأصدقاء …إلخ.
    • الحاجة إلى منتج مكمل لمنتج حالي: ويحدث ذلك عندما يكون المنتج بحاجة لتجديد أو صيانة أو تطوير مثل تطوير الحاسب المكتبي أو الحاسب المحمول …إلخ.

نلاحظ أنه في كلا الحالتين يوجد فجوة بين الحالة الفعلية والحالة المثالية ومهمة المسوق توضيح هذه الفجوة، وبنهاية مرحلة الشعور بالحاجة يدخل المستهلك في المرحلة التالية وهي البحث عن المعلومات.

2. البحث عن المعلومات Information Search

بمجرد معرفة المستهلك بوجود مشكلة فإنه ينتقل إلى الخطوة التالية في عملية اتخاذ القرار وهي البحث عن المعلومات وهذا البحث يشمل جميع الأنشطة العقلية والجسدية الّتي ينفذها المستهلك للحصول على المعلومات عن المنتجات وخصائصها وأسعارها وأماكن توافرها وذلك لتسهيل عملية اتخاذ القرار وهذا البحث إما يكون داخليًا أو خارجيًا أو عن طريق الإنترنت.

  1. البحث الداخلي Internal Search: وهو عملية عقلية يسترجع فيها المستهلك خبراته السابقة بخصوص المشكلة أو الحاجة الّتي يواجهها ويمكن أن تنتهي عملية البحث الداخلي باتخاذ قرار الشراء أو يمكن يمكن ألّا يكون في ذاكرة المستهلك ما يكفي من معلومات لحل المشكلة لذا يتوجه إلى عملية البحث الخارجي.
  2. البحث الخارجي External Search: وهو الحصول على المعلومات من مصادر خارجية منها:
    • المصادر الشخصية: مثل الأسرة أو الأصدقاء أو زملاء العمل وهي مصادر موثوقة بالنسبة للمستهلك.
    • المصادر التسويقية: مثل رجال المبيعات والإعلانات …إلخ.
    • المصادر العامة: مثل الصحف والمجلات.
    • المصادر التجريبية: مثل العملاء السابقين الّذين جربوا المنتج.

إن عملية البحث عن معلومات تختلف في درجة تعقيدها باختلاف المنتج ودرجة خبرة المستهلك بهذا المنتج وأهميته بالنسبة له ومن الجدير بالذكر أنه على المسوق أن يعرف نوع المصادر الّتي يعتمد عليها المستهلك المنشود في رحلة البحث عن المعلومات لكي يعدل استراتيجية التسويقية بما يتوافق مع مصادر معلومات المستهلك.

بنتيجة عملية البحث الداخلية أو الخارجية سيحصل المستهلك على مجموعة اعتبارية Consideration Set للبدائل المتاحة والّتي ستؤخذ بعين الاعتبار عن اختيار المنتج. إن المجموعة الاعتبارية: "وهي العلامات التجارية المألوفة الّتي استدعيت من الذاكرة بالإضافة إلى العلامات التجارية غير المألوفة وهي مزيج من العلامات التجارية الّتي وجدها المستهلك من خلال البحث عنها أو بالصدفة". وتأتي أهمية استراتيجية الترويج والتوزيع في التأثير على المجموعة الاعتبارية للبدائل لضمان وجود العلامة التجارية للمسوق ضمن هذه المجموعة وإلا لن يكون هنالك فرصة أمام العلامة التجارية ليختارها المستهلك طالما أنها لم تدخل ضمن المجموعة الاعتبارية للبدائل. سيكون لنا وقفة مطولة مع مجموعة الاعتبارات الأولية Consideration Set في مقال منفصل لاحق.

وعمومًا إن كمية المعلومات الّتي يجريها العميل تتأثر بالعديد من العوامل ومن أهمها مقدار المعرفة الّتي يمتلكها المستهلك بخصوص المنتج المراد شراؤه ومقدار الارتباط الّذي يشعر به المستهلك بالمنتج وأهميته بالنسبة له وموارده المختلفة ومن أهمها الوقت المتاح للمستهلك وفيما يلي للعوامل الثلاثة:

  1. مستوى المعرفة بالمنتج Product Knowledge

  2. مستوى الارتباط بالمنتج Involvement Level

  3. تأثير ضغط الوقت Time Pressure

مستوى المعرفة بالمنتج Product Knowledge

تتمثل أنواع المعرفة بالمنتج بالجوانب التالية:

  • فئة المنتج Product Class: مثل معرفة المستهلك الكثير عن القهوة.
  • صيغة المنتج Product Form: مثل معرفة المستهلك الفرق بين البن المطحون والقهوة سريعة التحضير.
  • العلامة التجارية Brand: مثل معرفة المستهلك الفرق بين علامتين تجاريتين.
  • الطراز Models: مثل معرفة أحجام العبوات المختلفة.
  • طرق الشراء Store: معرفة المتاجر الّتي تبيع كلّ منها.

تؤثر الجماعات المرجعية والجهود التسويقية على مستوى معرفة المستهلك بالمنتج فعلى سبيل المثال يمكن أن يسمع المستهلك إعلانات عن افتتاح فرع جديد لستاربكس من صديقه المقرب (وهذا هو تأثير المجموعة)، كما يمكن أن يقرأ إعلانًا عن الافتتاح في الجريدة (وهذا يكون المجهود التسويقي)، ويمكن أن يشاهد المقهى وهو ذاهب إلى عمله (وهذا يكون تأثير العوامل الموقفية أو الظرفية).

يعتقد المستهلك أن العلامة التجارية المختصة بالقهوة لافازا Lavazza هي أفضل أنواع القهوة ويعرف مكان شراءها ويعرف تكلفتها في هذه الحالة لن يحتاج المستهلك إلى الكثير من المعلومات، وبالتالي تقل جهود البحث كما تؤثر معرفة المنتج على مدى سرعة اتخاذ قرار الشراء، فمثلًا المنتجات الجديدة يكون مستوى المعرفة بها قليل وتتطلب المزيد من الوقت لاتخاذ قرار الشراء فمن الطبيعي أن يستهدف المسوق المستهلكين بطرق مختلفة حسب درجة معرفتهم بالمنتج أو العلامة التجارية، فمثلًا يحتاج المستهلكون الّذين لا يعرفون المنتج ولا العلامة التجارية إلى حملات توعية بالعلامة التجارية أولًا ومن ثم بالمنتج.

مستوى الارتباط بالمنتج Involvement Level

يشير الارتباط بالمنتج إلى إدراك المستهلك لأهمية منتج ما وعلاقته بهذا المنتج، وعمومًا يمكن تصنيف المنتجات إلى نوعين:

  1. منتجات ذات ارتباط عالي: وهي المنتجات الّتي ترتبط بالمستهلك وتشكل له رمز وأهمية كبيرة، مثل الملابس والمنازل والسيارت.
  2. منتجات ذات الارتباط المنخفض: وهي منتجات لا تشكل أهمية كبيرة بالنسبة للمستهلك، وقرار شرائها يتميز بالسرعة والمرونة وانخفاض الجهد المبذول في عملية التسوق مثل المنظفات والمناديل الورقية والبطاريات.

يعمد المستهلكون في حالات ارتفاع درجة الارتباط بالمنتج إلى تطوير درجة عالية من المعرفة بالمنتج كما نلاحظ أن المستهلكين يبحثون بصورة مستمرة بخصوص المنتجات عالية الارتباط وتختلف محددات ونواتج عملية البحث الاعتيادية ما قبل الشراء عن محددات ونواتج البحث المتواصل الّذي يؤديه المستهلك بخصوص المنتجات عالية الارتباط كما توضح الصورة التالية الفرق بين عملية البحث ما قبل الشراء وعملية البحث المستمر :

04.jpg

نلاحظ من الصورة السابقة بأن محددات البحث ما قبل الشراء تتمثل بالارتباط بالشراء أو عملة الشراء نفسها بينما تتمثل الدوافع وراء عملية البحث بصنع قرارات شرائية أفضل والمخرجات وصول المستهلك إلى قرارات شرائية أفضل، أما في عملية البحث المستمر فإن المحدد هو الارتباط بالمنتج والدافع هو إنشاء بنك معلومات لاستخدامها في المستقبل بينما تتمثل المخرجات بزيادة الشراء غير المخطط أو الاندفاعي للمنتج.

تأثير ضغط الوقت Time Pressure

يتمثل مستوى ضغط الوقت على المستهلك بشعوره بأن الوقت المتاح لأداء الأعمال يكفيه، أو لا فيزيد الشعور بضغط الوقت عندما يكون الوقت المتاح لدى الفرد للقيام بقائمة الأعمال أو المهام قليل ولا يكفيه، ويحدد النمط الزمني الخاص بالفرد كيف ينفق موارده فيما يتعلق بالوقت فبعض الناس يشعرون بأنهم فقراء بالوقت وهذا يعني أنهم يشعرون أنه ليس ليهم وقت كافٍ.

وعمومًا يوجد أربعة أبعاد للتعامل مع الوقت وهي:

وبناءً على الأبعاد السابقة يمكن تصنيف المستهلكين بطريقة إنفاقهم للوقت إلى الأنواع التالية:

من المهم جدًا أن يوفر المسوق عملية البحث وأن يسهل أيضًا عملية الشراء خصيصًا للمستهلكين الّذين يعانون من ضغط الوقت. كما يوجد بعض المخاطر الأخرى الّتي تتعلق بجوانب متعدد والّتي يبحث المستهلك عن إجابة عنها أثناء عملية بحثه عن المعلومات.

  1. البعد الاجتماعي Social Dimension: ومن هذا المنظور يصنف الأفراد أنه يوجد وقت لي ووقت مع الآخرين.
  2. البعد الزمني Temporal Dimension: يصور بعد التوجه الزمني الأهمية النسبية الّتي يعلقها الأفراد على الماضي أو الحاضر أو المستقبل.
  3. البعد المتعلق بكيفية التخطيط لإنفاق الوقت Planning Dimension: يشير هذا البعد إلى الأنماط الّتي يتبعها الفرد في إدارة الوقت من التحليل والتخطيط لكيفية إنفاق الوقت إلى التلقائية وعدم التخطيط.
  4. البعد المتعلق بعدد المهام Polychronic Dimension: يميز هذا المنظور بين نوعين الأفراد الّذين يؤدون مهام متعددة في نفس الوقت والأفراد الّذين يؤدون مهمة واحدة في نفس الوقت.
    • المضغوطين بالوقت Pressure Cooker: يميل هؤلاء الأشخاص للتسوق بطريقة منهجية، وهم تحليليون وعادة ما يشعرون بأنهم يتعرضون لضغوط.
    • المخططون Map: يميل هؤلاء الأشخاص لأداء مهام متعددة، وهم تحليليون أيضًا إلا إنهم يركزون على المستقبل.
    • المقلدون Mirror: يميل هؤلاء الأشخاص لأداء مهمة واحدة وهم متوجهون بالماضي ينفرون من المخاطر ويلتزمون بالعلامات التجارية الّتي يثقون بها.
    • الاندفاعيون River: يميل هؤلاء الأشخاص لعيش اللحظة ويركزون على الحاضر ويمكن أن يذهبوا إلى التسوق في لحظة وبدون تفكير.
    • المستمتعون Feast: يميل هؤلاء الأشخاص للتخطيط للوقت مع التركيز على الحاضر وينظرون إلى الوقت على أنه شيء يتيح لهم الاستمتاع بالحياة لهذا السبب نراهم يميلون للبحث عن فرص لاستهلاك المبني على المتعة.

أنواع المخاطر المرتبطة بقرار الشراء Perceived Risk

ترتبط درجة المخاطرة بشعور الفرد بعدم التأكد من النتائج الّتي سيحصل عليها عندما يشتري المنتج، وكلما زاد شعور الفرد بعدم التأكد كلما قلت قابليته لشراء المنتج وعمومًا يتعرض المستهلكون لمجموعة متنوعة من المخاطر وهي على الشكل التالي:

  1. المخاطر المالية Monetary Risk.
  2. المخاطر النفسية Psychological Risk.
  3. المخاطر الوظيفية Functional Risk.
  4. المخاطر الاجتماعية Social Risk.
  5. المخاطر الفيزيائية Physical Risk.

يختلف وقع كلّ من هذه المخاطر على المستهلك بطريقة تدفعه للتفكير أكثر في شراء المنتج المعروض وكلما قللنا المخاطر الموجودة في المنتج وكلما ركزنا على توضيح وظائف وخصائص المنتج كلما أزلنا بعضًا من هذه المخاطر.

  1. المخاطر المالية Monetary Risk: وهي خوف المستهلك من هدر أمواله وخسارته في حال فشل المنتج، أو شعور المستهلك أن السعر والتكلفة الّتي بذلها في سبيل الحصول على المنتج لا يوازي المنفعة الّتي سيحصل عليها.
  2. المخاطر النفسية Psychological Risk: تتعلق بالمشاعر السلبية المتوقعة في حال عدم تحقيق المنتج للإشباع العاطفي والنفسي للمستهلك أو عدم ملاءمة المنتج لشخصية المستهلك وتصوره عن ذاته، مثل الاحباط المترتب على فشل برامج تخفيض الوزن.
  3. المخاطر الوظيفية Functional Risk: هي المخاطر الّتي تتعلق بتخوف المستهلك من عدم تحقيق المنتج لما هو متوقع أو مطلوب منه؛ أي فشل المنتج في تحقيق المنفعة المنشودة منه، مثل فشل الشامبو في التخلص من قشرة الشعر.
  4. المخاطر الاجتماعية Social Risk: وهي المخاطر الّتي تتعلق بمقدار القبول الاجتماعي للمنتج أو العلامة التجارية ورد فعل الجماعات المهمة بالنسبة للفرد عليها، فمثلًا التخوف من عدم قبول الآخرين للمنتج كالتعرض للانتقاد من قبل الأصدقاء عند تناول الفرد لوجبة نباتية.
  5. المخاطر الفيزيائية Physical Risk: وهي المخاطر الّتي تتعلق بخوف المستهلك من التعرض للإيذاء الجسدي عند استخدام المنتج أو من المخاطر الّتي تنتج عند الاستخدام الخاطئ للمنتج.

يذكر أن شركة إيكيا السويدية واجهت مشكلة كبيرة في هذا الجانب عندما قتلت إحدى تصاميمها للخزائن المنزلية الطفل جوزيف دوديك والّذي يبلغ من العمر سنتين، وذلك بسبب سقوط الخزانة وزنها 32 كيلو غرام عليه ومات الطفل خنقًا تحت هذه الخزانة، إلا أن هذه الحادثة لم تكن الأولى الّتي مات فيها أطفال بسبب هذه الخزانة إذ يعد جوزيف دوديك الطفل الثالث الّذي مات بسبب هذا النوع من الخزانات، وبالرغم من أن المشكلة كانت بعدم التثبيت الصحيح للخزانة بالجدار إلا أن المحكمة غرمت الشركة بدفع 46 مليون دولار أمريكي لأهالي الضحايا وسحب أيضًا الخزانة الّتي سببت موت الأطفال، وعرضت الشركة مجموعة من الأدوات لتأمين العملاء من الأخطار كما سحبت الشركة 28 مليون قطعة أثاث من المحتمل بأنها تعرض حياة الأطفال للخطر .

من المهم أن يؤخذ بعين الاعتبار أن درجة المخاطرة المُدركة تختلف من مستهلك لآخر إذ يمكن أن نلاحظ أن الميل لنوع معين من الخطر يكون كبيرًا عند شريحة معينة من المستهلكين بينما لا نلاحظ وجود هذا الخطر في مستهلكين آخرين لذلك يجب تقسيم أنواع المستهلكين على مجموعات ودراسة الأخطار الّتي يمكن أن تواجه كلّ مجموعة على حدة، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تختلف درجات المخاطرة حسب طبيعة المنتج نفسه فمثلًا بعض المنتجات الّتي تصنف على أنها مرتفعة التكلفة أو ذات ارتباط عالي تزداد فيها درجات المخاطرة إذا وازناها مع المنتجات الاستهلاكية البسيطة ويمكن أن نرى ذلك في السيارات والمنتجات الغذائية، ويمكن أيضًا أن تزداد درجة الخطورة بحسب طريقة التسوّق لأن التسوّق عبر الإنترنت يحتوي على درجة كبيرة من المخاطرة بالموازنة مع التسوق في المتاجر التقليدية لأن المستهلك يحب أن يرى المنتج الّذي يريد أن يشتريه ويُعاينه قبل أن يدفع ماله في هذا المتجر الإلكتروني.

إضاءة: استشعر موقع علي بابا Alibaba هذا الخطر في أن العديد من المستهلكين غير واثقين من أن المنتجات ستتطابق مع المواصفات المذكورة في الموقع لذا طبق الموقع سياسة جديدة تنص على أن الأموال الّتي سيدفعها المستهلك لن تتحول مباشرة إلى حساب التاجر وإنما ستبقى في الموقع إلى أن يؤكد المستهلك على أن المنتج مطابق للمواصفات المذكورة في الموقع تمامًا. وكانت هذه السياسة الجديدة علامة فارقة في التميز والأمان والموثوقية للموقع والّتي جعلت منه من عمالقة التجارة الإلكترونية العالمية.

3. تقييم البدائل Evaluation of alternatives

يعتمد تقييم البدائل بصورة كبيرة على المعلومات الّتي جمّعها المستهلك في المراحل السابقة والّتي سيتولد عنها مجموعة من البدائل أو الأصناف سيأخذها المستهلك بحسبانه لصنع القرار الشرائي، وعمومًا سيلجأ المستهلك للخطوات التالية:

  1. تحديد المعايير الّتي سيوازن بين الأصناف على أساسها.
  2. تحديد الأوزان النسبية للمعايير السابقة أي أكثر المعايير أهمية فيمكن أن يعطي بعض المستهلكين أهمية كبيرة للسعر بينما يمكن ألا يعيره البعض الآخر أي أهمية. ومن المهم أن نلاحظ أن بهذه المرحلة بأن المعايير تتأثر بالنقاط التالية:
    • تختلف معايير التقييم في العدد والنوع والأهمية من منتج لآخر.
    • تختلف معايير التقييم في العدد والنوع والأهمية من مستهلك لآخر.
    • تختلف معايير التقييم في العدد والنوع والأهمية من وقت إلى لآخر نتيجة حصول المستهلك على خبرات جديدة.

يمكن أن يستخدم المستهلكين نفس المعايير بنفس الأوزان إنما ينتج استجابة مختلفة لدى كلّ منهم فيمكن أن يعدّ المستهلكين عامل طعم معجون الأسنان هو العامل الأول في الترتيب فيضع واحدًا منهم معجون الاسنان كرست في المرتبة الأولى، ويضع الآخر معجون سنسوداين في المرتبة الأولى وذلك بسبب شعور حب عميق يكنه هذا المستهلك للعلامة التجارية، لذلك الاستجابة تختلف من شخص لآخر، بالإضافة إلى ذلك هنالك بعض خصائص منتجات يمكن تقييمها بسهولة والبعض الآخر صعبة التقييم وهذا ما نراه في الخدمات من ناحية مستوى الجودة ولذلك يشعر المستهلك بالمخاطرة نتيجة صعوبة التقييم، ونلاحظ أن المستهلك يلجأ إلى السعر أو أسم العلامة التجارية كأداة ومؤشر على الجودة فيربطُ المستهلك السعر العالي بمستويات عالية من الجودة خصيصًا في خدمات القطاع الصحي أحيانًا.

عمومًا يتبع المستهلكين بعض الأساليب والقواعد في عملية تقييم البدائل والمفاضلة بينها وتختلف الأساليب المتبعة بحسب درجة الارتباط بقرار الشراء ونميز هنا بين عدة أساليب وهي على الشكل التالي:

  1. الأساليب التعويضية Compensatory Rules: وتشير إلى أن السمات أو الخصائص القوية في البديل يمكن أن تعوض السمات الضعيفة، ومن أكثر الأساليب شيوعا في الطرق التعويضية نذكر:
    • الأسلوب الجمعي Simple Addictive Rule: يلجأ المستهلك في هذه الحالة إلى المنتج الّذي لديه أكبر عدد من السمات الإيجابية.
    • الأسلوب الترجيحي Weighted Additive Rule: يرجح المستهلك في هذه الحالة الأهمية النسبية لبعض السمات من خلال الترجيح.
  2. الأساليب غير التعويضية Non Compensatory Rules: تشير إلى البديل الأقل في إحدى السمات لا يمكن أن يعوض عن هذا الضعف بوجود سمة أخرى قوية، ومن أكثر القواعد شيوعًا في الطرق غير التعويضية نذكر:
    • القاعدة المعجمية Lexicographic Rule: يختار المستهلكون طبقًا لهذه القاعدة العلامة التجارية الأفضل بناءً على السمة الأكثر أهمية إذ يرتب المستهلكون خصائص المنتجات طبقًا لأهميتها بالنسبة لهم وبعد ذلك يوازنون بين البدائل المتاحة من حيث توافر هذه الخاصية ويختارون العلامة الّتي يتوفر بها أعلى نسبة من هذه الخاصية مهما انخفضت نسب الخواص والميزات الأخرى.
    • قاعدة الإلغاء Elimination By Aspects Rule: يجب أن يحتوي البديل على ميزة محددة حتى يقع الاختيار عليه ويوازن المستهلك في هذه الحالة بين البدائل طبقًا لهذه الخاصية ويستبعد البدائل الّتي لا تحتوي هذه الخاصية وبعدها يوازن المستهلك البدائل الّتي نتجت عن المرحلة الأولى ويطبق نفس المبدأ في الخاصية الثانية من الأهمية ويستبعد البدائل الّتي لا توفر الحد الأدنى من هذه الخاصية، وهكذا إلى أن يبقى لديه المنتج المنشود.
    • قاعدة الربط أو الاقتران Conjunctive Rule: يعالج المستهلك في هذه الحالة جميع البدائل من خلال تحديد الحد الأدنى من كلّ خاصية يرغب بها ويستبعد كلّ العلامات الّتي لا يتوفر بها الحد الأدنى من كلّ الخواص.

كيف غيرت تطبيقات موازنة الأسعار قواعد اللعبة؟

بالرغم من كافة الخطوات السابقة الّتي تحدث في عقل المستهلك إلا أنه لا يمكننا تصنيف جميع المستهلكين على صعيد واحد فمنهم من دقة ملاحظته أقوى من الآخر ومنهم من ذاكرته أضعف والكثير من العوامل الأخرى الّتي تشكل فجوةً بين المستهلكين، ولأنه لا يوجد مستهلك مثالي ينفذ كافة التعليمات السابقة ويوازن ويدقق بين كلّ الخيارات المتاحة، لفتت هذه الفجوة في السوق نظر العديد من رواد الأعمال لبدء مشاريع تتيح موازنة المنتجات الموجودة في مختلف المتاجر بضغطة زر.

انطلاقًا من سعي المستهلكين الدائم للحصول أفضل الصفقات من ناحية السعر والجودة وحتى التقييمات أيضًا جاءت هذه التطبيقات في الوقت المناسب. بل إن العديد من المستهلكين وعلى رأسهم جيل الألفية يفضل قراءة تقييمات المنتج، بل ويعطي لها أهمية كبرى ففي إحصائية أجرتها شركة غوغل التابعة لشركة ألفابت لبيانات المستهلكين الأمريكيين في عام 2016 جاء فيها أن أكثر من 88% من المستهلكين يثقون في مراجعات المنتجات الموجودة على الإنترنت ويحسبونها وكأنها توصيات شخصية مثل توصية أقربائهم أو أفراد أسرتهم، ولا عجب في نمو سوق مراجعات المنتجات على موقع يوتيوب بنسبة 50% سنويًا الأمر الّذي يؤكد على أن المراجعات لها أهميتها ووزنها في المتجر الإلكتروني وفي عقول المستهلكين أيضًا.

في هذه اللحظة اكتشف المستهلكون وجود مشكلة ما في حياتهم، وجمعوا المعلومات وبحثوا عميقًا عن مواصفات المنتجات الّتي تحل المشكلة، وقيموا البدائل المتاحة لهم، وهم مستعدون أخيرا لوضع أموالهم في المنتج المناسب، ولكن السؤال الأهم هل سيشتري المستهلك المنتجات من المتاجر الإلكترونية؟ في الحقيقة ليس بالضرورة أن يشتري هذا المنتج مع أنه يعلم بأنه مفيد له ويعلم جميع مميزاته وخواصه بل ويعلم بأنه الأفضل من بين جميع المنتجات إلا أنه ليس بالضرورة أن يشتريه من المتاجر الإلكترونية وإنما يفضل الشراء التقليدي من المتاجر القريبة منه فبحسب دراسة لشركة ديلويت فإن 64 سنتًا من كلّ دولار ينفق في المتاجر التقليدية تتأثر بالبحث الرقمي وبالإنترنت عمومًا، وفي دراسة أخرى جاء فيها أن 76% من الأشخاص الّذين يجرون بحثًا عن منتج ما على هواتفهم الذكية سيزورون نشاطًا تجاريًا في غضون 24 ساعة التالية من تاريخ البحث، ونسبة 28% من عمليات البحث تؤدي لعمليات شراء حقيقية، وهذا يؤكد أن المستهلك لا يشتري المنتج من المتاجرة الإلكترونية بالضرورة وقد يشتريها من المتاجر التقليدية وحتى في حالة عدم الشراء نهائيًا ستبقى نتائج الموازنة في عقول المستهلكين.

إضاءة: استشعرت شركة أمازون عملاقة التجارة الإلكترونية هذا الخطر الّذي يهدد حياة متاجر التجزئة التقليدية الخاصة بها فعكفت إلى البحث عن طريقة لمنع المستهلكين من الموازنة بين الأسعار أثناء تواجدهم في متاجرها التقليدية، وفعلًا بعد البحث أن طرق للتواري عن موازنة المستهلك حصلت على براءة اختراع في شهر مايو عام 2017 تتيح لها منع المستهلكين من موازنة الأسعار أثناء اتصالهم بشبكات الواي فاي المجانية الخاصة بالمتجر، وتحمل براءة الاختراع عنوان "التحكم في التسوق عبر الإنترنت في المتجر الفعلي"، وفي ما جاء فيها أنها ابتكرت نظامًا يتيح لها إمكانية تحديد تناقل البيانات في الهاتف المحمول لدى العميل على الإنترنت والاستشعار عندما يحاول هذا المستخدم الوصول إلى متجر إلكتروني منافس إلا أنها لا تعرض شاشة المنع للمستهلكين وإنما بدلًا من ذلك تتحايل عليهم بطريقة ذكية وتحولهم لبدائل من متجر أمازون الإلكتروني أو أحد المتاجر المعتمدة من قبلها أو يمكن أغراء هذا الزبون من خلال إرسالها كوبون خصم أو إحدى الخدع المماثلة لإعادة جذب المستهلك لعالمها مرة أخرى، بالرغم من سذاجة براءة الاختراع هذه إذ يُمكننا التحايل عليها من خلال عدم الاتصال بشبكة الواي فاي الخاصة بالمتجر، وحتى أن أمازون لم تستخدم براءة الاختراع، إلا أن العديد من الشركات تسعى للحصول على براءات اختراع للتأكد من أن لديها خيار وضع الفكرة موضع التنفيذ لاحقًا وهنا نستنتج أن هذا السعي من أمازون نابعٌ من قلقها المتزايد حول هذه الظاهرة المنتشرة بين المستهلكين، وبالرغم سذاجة براءة الاختراع إلا أن أمازون تثبت مرة أخرى أن نظرتها الحادة لمستقبل التجارة الإلكترونية جعلتها تتصدر طليعة المتاجر الإلكترونية على وجه الكرة الأرضية.

لقد تعرفنا في هذا المقال على المراحل الأولى التي نمر بها قبل اتخاذ قرار الشراء من عدمه، وسنتعرف في المقال التالي على باقي المراحل المتممة لعملية الشراء، انطلاقًا من اتخاذ القرار، إلى ما بعد إتمام الشراء.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...