اذهب إلى المحتوى

العائد على الاستثمار في التسويق الاستراتيجي


ريمة ضافري

يُعد العائد على الاستثمار أحد أشهر المقاييس وأكثرها استخدامًا في عالم الأعمال، فهو يقيس ببساطة الربح الوحدوي للاستثمار (الأموال التي يتم توظيفها في المشروع)، بالتالي يمكن استخدامه كمقياس شامل للمشروع أو لاستثمارات معينة، مثل شراء أسهم في شركات أخرى أو تكلفة الحملة الإعلانية.

يصف هذا المقال المفهوم العام للعائد على الاستثمار في عالم الأعمال، ومن ثم يناقش كيف يمكن استخدامه في النشاط التسويقي خصوصًا.

ما هو العائد على الاستثمار

نستطيع حساب العائد على الاستثمار تقليديًا انطلاقًا من الفرق بين القيمة الحالية لاستثمارك وتكلفته عند نقطة الشراء، ويعبّر عنه بنسبة مئوية، ويمكن كتابة معادلة حساب العائد على الاستثمار كما يلي:

اقتباس

العائد على الاستثمار = 100 x (القيمة الحالية للاستثمار- تكلفة الاستثمار) / تكلفة الاستثمار

إلا أن لهذه الصيغة بعض المحدودية، حيث تفترض المعادلة الموضحة أعلاه عندما تكون قد استثمرت في أصل معين، ويمكنك تبعًا لذلك بيعه مقابل مبلغ معين (القيمة الحالية)، إلا أن هذا الأمر ليس واقعيًا دائمًا في عالم الأعمال، إذ قد تستثمر جزءًا كبيرًا من أموالك في الأشخاص أو الأنشطة.

زيادةً على ذلك، لا تأخذ صيغة حساب العائد على الاستثمار المذكورة عامل الزمن في الحسبان، لذلك من الصعب المقارنة بين الاستثمارات عبر فترات زمنية مختلفة.

الجوانب غير المالية للعائد على الاستثمار

انتقد الكثيرون العائد على الاستثمار لأنه يأخذ في الحسبان فقط الجانب المالي لأي استثمار ويهمل المكاسب الاجتماعية. على سبيل المثال، قد يكون للاستثمارات في التكنولوجيا المستدامة تكاليف أولية مرتفعة ووقت طويل لحصد المنافع، إلا أنها قد تنتج مكاسب اجتماعية فورية مثل تخفيض انبعاثات غاز الكربون، والتي يجب أخذها في الحسبان أيضًا.

اقتباس

من أجل المزيد حول هذه النقطة، يمكن الاطلاع على الأخلاق والمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات والاستدامة.

يمكن إذًا تبني صيغة حساب العائد على الاستثمار لتلائم مشروعك. على سبيل المثال، يمكنك حساب الربح (طرح الدخل من المصاريف) كنسبة مئوية من التكلفة، أو دمج المنافع غير المالية.

العائد على الاستثمار التسويقي

يُعَدّ التسويق مجالًا جوهريًا في عالم الأعمال، ويتم تعريفه بأنه كل نشاط مصمّم لكسب العملاء ثم الاحتفاظ بهم، ومن أمثلة أنشطة التسويق نجد الترويج وحملات بناء العلاقات والبريد الإلكتروني للعملاء ومشاركة المحتوى على الإنترنت.

إن الأثر الذي تتركه هذه الأنشطة يبقى غامضًا إلى حد ما، خاصةً عندما تستخدم العديد منها تزامنيًا، وهو ما يحدث في غالب الأحيان، إذ من الصعب جدًّا تحديد ما إذا كان عميل معيّن قد تصّرف تبعًا لمشاهدته لإعلان ما أو بعد قراءة شيء ما على الإنترنت، أو أنه توصل ببساطة إلى النقطة التي يرغب فيها في القيام بعملية الشراء.

قياس العائد على الاستثمار التسويقي ليس سهلا

على الرغم من ذلك، من المهم محاولة حساب العائد على الاستثمار التسويقي لعدة أسباب:

  • لتكون قادرًا على تبرير الإنفاق التسويقي، خاصةً أي استثمار جديد.
  • لتقرّر الطرق الأنجع لإنفاق أموال التسويق.
  • لمقارنة فعالية التسويق مع المنافسين.
  • للتأكد بأن المشروع يعمل بفعالية ويستفيد من أفضل قيمة يمكن الحصول عليها مقابل المال المنفق.

حساب العائد على الاستثمار التسويقي

الصيغة الأساسية لحساب العائد على الاستثمار التسويقي بسيطة جدًّا ومبنية على صيغة حساب العائد على الاستثمار، وذلك كما يلي:

اقتباس

العائد على الاستثمار التسويقي = 100 x (الربح المالي نتيجة للاستثمار التسويقي - تكلفة الاستثمار التسويقي) / تكلفة الاستثمار التسويقي.

إلا أنه واقعيًا توجد بعض الإشكالات المتعلقة بتطبيق هذه الصيغة وتشمل ما يلي:

1. ما هي التكاليف التي تضمن في الحساب؟

عمومًا، من الأفضل تضمين كل التكاليف المرتبطة بالنشاط التسويقي، وقد تشمل تبعًا لذلك تكاليف الوكالة لإنتاج الإعلانات، أيّ إعلانات مدفوعة؛ بالإضافة إلى تكلفة وقت كل الموظفين ذوي العلاقة، فعلى سبيل المثال، قد تبدوا حملة منظمة داخليًا للنشر على مواقع التواصل الاجتماعي مع صناعة كل المحتوى داخل الشركة جد منخفضة التكلفة مقارنةً بحملة إعلانية مدفوعة تنتجها وكالة مختصة، إلا أنك إذا أخذت في الحسبان كل الوقت الي يستغرقه الموظفون في العمل على الحملة الداخلية، فستتحصل على مقارنة أكثر واقعية.

إذا كانت شركتك تٌضمِّن دوريًا مبلغًا متعلقًا بتكلفة رأس المال في حساب العائد على الاستثمار، فينبغي عليك تضمين تكلفة الفرصة الضائعة، والتي تعني تقدير القيمة التي كان يمكنك الحصول عليها من إنفاق المال على شيء آخر.

2. كيف تقدر الربح المالي الناتج عن الاستثمار التسويقي؟

يعني هذا الفرق في الأرباح الناتج عن الحملة أو النشاط، وتتمثل الخطوة الأولى هنا في تقدير الربح الأساسي، وهو المبلغ الذي كنت ستجنيه دون الحملة، وهو بدوره أمر غير هيّن.

انتبه! المبيعات الأساسية ليست مبلغ ثابت

ينبغي أن تأخذ مبيعاتك أو أرباحك الأساسية في الحسبان أي توجهات ضمنية بما في ذلك التغيرات الموسمية، ومثال ذلك:

  • إذا كانت مبيعاتك تتزايد حاليًا بمتوسط 2% شهريًا، فإنك تحتاج إلى طرح هذه النسبة من النمو المُلاحظ أثناء الحملة.
  • إذا كانت مبيعاتك تتناقص حاليًا، فإن أي تغيير إيجابي بما في ذلك معدل تناقص أبطأ قد يكون إيجابيًا.
  • إذا كنت تلاحظ دائمًا مبيعات أكبر خلال فترة معينة من السنة، tينبغي طرح هذا الارتفاع في المعدل من الأرقام المسجلة خلال الحملة.

تحتاج كذلك إلى أن تتذكر أن الأرقام المسجلة خلال السنة الماضية أو الشهر السابق قد تُظهِر أيضًا أثر النشاط التسويقي، ويمكنك إذًا طرح أثر هذه الأنشطة قبل تقدير مبيعاتك الأساسية، أو يمكنك الانتظار إلى أن تلاحظ تأثيرًا إضافيًا.

الجزء التالي من التحدي هو تقدير الفاصل الزمني الذي تتوقع رؤية النتائج خلاله، فبعض الحملات الإعلانية لديها تأثير فوري، بينما تستغرق أخرى وقتًا أطول لظهور أثرها، خاصةً ما تعلق منها بالمشتريات الضخمة وبيئة الأعمال التجارية.

من غير المجدي النظر إلى أرقام المبيعات خلال الأشهر الثلاث الأولى بعد الحملة أو النشاط الإعلاني إذا كان الزمن المتوسط لعملائك لاتخاذ قرار الشراء هو سنتان. وتشكل هذه النقطة تحدّيًا كبيرًا للعديد من الشركات كونها تُعِدّ ميزانياتها سنويًا، إلا أنه من المهم تسييرها بفعالية وعدم التركيز فقط على الجوانب قصيرة المدى للإنفاق التسويقي.

أحد أصعب المهام هو عزو المبيعات إلى جانب معين في الحملة أو النشاط التسويقي الجاري، تستخدم بعض الشركات في هذا المجال أسلوب الإسناد إلى التواصل الأخير، إذ يتم نسب عملية الشراء ببساطة إلى آخر عملية تواصل قام بها العميل مع الشركة، إلا أن العملاء غالبًا ما يشاهدون إعلانات عديدة ويطّلعون على محتوًى متعدد قبل اتخاذ قرار الشراء، فقراراتهم من غير المرجح أن تكون مبنيةً فقط على آخر تواصل مع الشركة. وتجدر الإشارة إلى أن شركات أخرى تستعمل أسلوب الإسناد إلى التواصل الأول، لكن قد لا تكون هذه أيضًا هي نقطة اتخاذ القرار.

هل ينبغي عليك استخدام برامج الإسناد التسويقي؟

تتوفر الآن خوارزميات للمساعدة على الإسناد التسويقي، خاصةً الناتج عن الأنشطة على الإنترنت، إذ يمكنها فحص نقاط اتصال متعددة وتحديد وزن كل منها بناءً على النشاط الذي يليها.

قد تكون هذه الخوارزميات عمليةً جدًا، ولكن فقط إذا كانت لديك بيانات ممتازة واستخدمتها للوصول إلى الفرضيات الصحيحة. غالبًا ما تستغرق عملية جمع البيانات مدةً زمنيةً طويلة، وتجد العديد من الشركات أن هذا الأمر لا يستحق العناء، لذا فمن أجل المزيد من المعلومات حول جمع البيانات الصحيحة، يمكنك الاطلاع على كيفية دراسة السوق من خلال استطلاعات الرأي للتعرف أكثر على دراسات السوق من خلال استطلاعات الرأي.

مقاييس بديلة للعائد على الاستثمار التسويقي

تستخدم بعض الشركات مقاييس بديلةً للعائد على الاستثمار لتعكس أفضل أهداف النشاط التسويقي. على سبيل المثال، قد يهدف التسويق إلى زيادة الوعي بالعلامة التجارية أو تشجيع الأشخاص على الانتقال من أحد مواقع الشبكات الاجتماعية إلى موقع الشركة على شبكة الإنترنت.

يمكنك تبعًا لذلك قياس تحسّن الوعي بالعلامة التجارية من خلال بحوث السوق أو "النقرات لكل دولار"، ويُعطي هذا مقياسًا أكثر فوريةً لأثر النشاط التسويقي. وعلى الرغم من ذلك، عليك أن تتذكر أن هذه التأثيرات رغم كونها مثيرةً للاهتمام، إلا أنها لا تعني بالضرورة زيادة المبيعات، فقد ينقر العملاء على زر الانتقال إلى موقع الشركة، لكنهم لا يفعلون بعد ذلك أي شيء آخر، كما أن زيادة الوعي بالعلامة التجارية لا يكون دائما إيجابيًا.

في النهاية، تأثير التسويق يجب أن يكون من خلال دفع المبيعات إلى الارتفاع، فارتفاع المبيعات إذًا ضروري لإظهار فعالية التسويق بعبارة أخرى، فعالية العائد التسويقي تحتاج أن تأخذ في الحسبان دائمًا أرقام المبيعات خلال مرحلة أو أخرى.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال Understanding Return on Investment (ROI) in Strategic Marketing.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...