اذهب إلى المحتوى

كيف تعمل من المنزل وتحافظ على صحتك العقلية والجسدية في نفس الوقت


أسامة دمراني

يمثل العمل الحر حلمًا للكثير ممن علقوا في وظائف الدوام الروتيني من التاسعة صباحًا إلى الخامسة مساءً، لكنه يأتي أيضًا بمشاكله الخاصة التي قد ﻻ تظهر للوهلة الأولى لمن يتحمس له.

وإن معرفة اﻷساليب الفضلى للتعامل مع تلك المشاكل ربما تكون أكبر تحدٍ عليك مواجهته كمستقل، لكنها مواجهات يمكن الفوز فيها إن كانت لديك نية وعزيمة لتغيير بعض العادات في حياتك.

ففي حالتي أنا مثلًا، وربما حالتك أنت أيضًا، فإن المشاكل الثلاث الرئيسية التي واجهتُها كانت العزلة، قلة التمارين الرياضية، واﻹرهاق الذهني. دعنا نتحدث قليلًا عن كل واحدة فيهم، وكيف تعاملتُ معهم، وكيف يمكنك أنت أيضًا أن تتعامل معهم.

healthy-freelancer.png

مشاكل العمل الحر من المنزل

أذكر أني جلست أفكر في أول يوم استقلت فيه من وظيفتي المكتبية العادية كم أني محظوظ ببدئي للعمل الحر بدوام كامل، فأنا أقوم في التاسعة صباحًا، أطهو إفطارًا شهيًا، وأرتشف قهوتي الأولى في الصباح على مهل قبل أن أجلس للعمل. غير أني لم أبدأ في رؤية المشاكل لهذا النمط الجديد الذي اتخذته إﻻ بعد بضعة أسابيع ﻻحقة.

العزلة

ﻻ يشعر المرء بمدى سهولة التواصل الاجتماعي حين يعمل في وظيفة عادية، فقد كان زملائي في أحد المطابخ التي عملت بها يمرحون مع بعض كل يوم، وكنت في وظيفة أخرى أعمل داخل مقصورة ومحاطًا بعشرات الناس الذين أعرفهم، فلم أكن أستطيع تجنب التواصل الاجتماعي حينها.

أما حين تحولت إلى العمل الحر، فقد كنت أقضي أيامًا دون أن أتحدث مع أحد، بخلاف الرسائل النصية والبريدية، والمكالمات الهاتفية.إنني أثق تمامًا أن كثيرًا منكم يشعرون بهذا الأمر، وأعلم أيضًا أن التغيير قد يكون منفِّرًا للبعض.

إن المستقلين الذين يعيشون بمفردهم سيدركون بشكل خاص كم الإرباك الذي يسببه ذلك الوضع، فقد يقذفك هذا المجال في بعض الأوقات بجداول غريبة، ويعرقل حياتك الاجتماعية الهشة من الأساس، وستجد نفسك، دون أن تشعر، تتحول إلى ذلك الرجل ذي اللحية الشعثاء الذي يتسوق في منتصف الليل ليشتري بعض البسكويت منتعلًا صندلًا خفيفًا.

قلة التمارين الرياضية

إن جداول العمل الغريبة تتسبب هي اﻷخرى في عادة سيئة هي قلة التمارين الرياضية. فقد كان جسدي شبه مثالي في أغلب حياتي، لكن الساعات الطويلة من الجلوس أمام الحاسوب أصابتني بشدة بعد عام أو اثنين من العمل الحر.

وقد كانت مشكلتي مع قلة التمارين الهوائية، فقد جلست يومًا ﻷلتقط أنفاسي بعد خمس دقائق من المشي الخفيف، ووجدت نفسي أتعرق بشكل أغزر مما قد يفعل الشخص العادي، فرغم أن مظهري كان متناسقًا ووزني مناسب، إﻻ أني قد عودت نفسي على هذا النمط غير المنتظم من التمارين.

إن هذا اﻷمر شائع جدًا بين المستقلين إذا كانوا يميلون مثلي إلى لصق أنفسهم بالحواسيب، فأولئك يضعون أنفسهم في خطر أكبر للإصابة بأمراض القلب الوعائية. وﻷننا لم نعتد التمرن في المنزل، فنحن ننظر إلى التمارين الرياضية على أنها أنشطة تمارس في الهواء الطلق، لذا فإن الساعات الطويلة في المكتب تترجم إلى نمط حياة غير صحي.

اﻹرهاق الذهني

هذه المشكلة أقل شيوعًا بين المستقلين باعتبار أوضاع عملنا الغريبة، فمن السهل أن تتشتت حين تكون أمام الحاسوب، فلا يتطلب الأمر سوى القفز إلى فيس بوك، ريديت أو أيًا ما تكن شبكتك التي تفضلها، ثم ... !، لقد تعطل جدولك!.

لكن تجنب الإرهاق الذهني بأي حال ﻻ يتعلق بالتشتت المعتاد، ففي حالتي أنا كنت أقضي أيامًا من العمل على مشروع واحد دون أخذ استراحات كثيرة، أضف إلى ذلك بعض الليالي من السهر وتصبح لديك وصفة لكارثة محققة.

وقد يختلف وصف الإرهاق في كل حالة، فقد كان قلة الانتباه للتفاصيل في حالتي أنا، وربما يكون نسيان مواعيد التسليم في حالتك أنت، غير أن المشكلة في اﻹرهاق الذهني أننا ﻻ نشعر به إﻻ بعد أن يؤثر بالفعل على أدائنا.

ولعل ذلك يبرز نقطة أخرى إلى السطح أود تكرارها في ما بقي من المقال، وهي أن الإجراءات الوقائية أفضل سياسة للتعامل مع تلك الأنواع من المشاكل. لنلق نظرة اﻵن على كيفية تطبيقها.

كيف تتعامل مع هذه المشاكل

رغم كل ذلك الحديث المقلق، فإن العمل من المنزل ليس بداية النهاية، بل على العكس تمامًا، تستطيع الحفاظ على نمط حياة صحية في نفس الوقت الذي تعمل فيه من منزلك، إليك الآن كيف أقوم بذلك.

التعامل مع العزلة

إن أبسط طريقة للتغلب على العزلة بالنسبة لنا كمستقلين هي مساحات العمل المشتركة، وإذا كنت تعمل كمستقل لفترة كافية فأظنك قد اتخذت ذلك القرار بالفعل، لذا دعنا الآن نناقش اﻷمر من منظور آخر.

إني أضع جدولًا لمكافأة نفسي حين أنجز أمرًا ما، وإن الأمر يثبت نجاحه معي، فقد أعددت نظامًا بحيث آخذ استراحة من العمل وأقضي بعض الوقت مع أصدقائي كلما أنهيت مرحلة من مراحل المشروع، أو أخرج معهم للعشاء إن أنهيت المشروع في موعد تسليمه.

ربما يبدو اﻷمر ميكانيكيًا خاليًا من اللمسة البشرية، لكنه ناجح معي، ولربما تفضل نظامًا مختلفًا لمكافأة نفسك، مثل الانضمام إلى نادي لممارسة اليوجا أو بعض الفنون الرياضية الأخرى ، اﻷمر الذي يقودنا إلى الجزء الثاني من المقال.

التعامل مع قلة التمارين الرياضية

أنا أحب الكفاءة، تلك الحلول التي تحل مشاكل متعددة في نفس الوقت، لذا فإن الاشتراك في نظم تمارين جماعية يبدو حلًا لمشكلتي من المشاكل التي تحدثنا عنها بضربة واحدة.

ففي حالتي أنا، فقد بدأت بأخذ دروس للرقص، فلم أكن أحسن التحكم بقدمي، لذا فإني قد حللت مشكلة لقاء أناس جدد وعودة جسدي لمظهره اللائق، إضافة إلى تحسن مهارتي في الرقص، يا لمكسبي!.

إن صالة اﻷلعاب الرياضية خيار متاح أيضًا، رغم أني لست مولعًا بالأمر، وإن كنت مثلي فهناك الكثير من التمارين التي يمكنك القيام بها في المنزل باستثمار قليل من المال في الأمر، مثل P90X، Insanity، DDP Yoga.

التعامل مع الإرهاق الذهني

لقد وصلنا إلى مشكلتنا الأخيرة، وسأختصر فيها كي أتجنب إرهاقك أكثر. إن أفضل طريقة للتعامل مع الإرهاق هو أن تقلل مرات حدوثه بقدر الإمكان، فعليك أن تعلم أن سيكون عليك التعامل مع مواعيد تسليم غير متوقعة وقد ترهقك، لكن معظم مصادر الإجهاد تلك يمكن احتواؤها إن كنت قادرًا على التحكم بوقتك وتنظيم أعمالك. إليك نصائحي لمكافحة ذلك الإرهاق الذهني.

حاول الحفاظ على جدول عمل منظم، حتى لو كان غير رسميًا وخاصًا بك، فسيساعدك على تقدير الوقت المتوقع لكل مهمة.

قل لا لمواعيد التسليم غير المنطقية، فأنت ﻻ تصنع معروفًا ﻷحد بإرهاق نفسك.

أطلق العنان لهواياتك المفضلة، اصنع طعامًا، اخرج للعشاء في مطعمك المفضل، جرب لعبة فيديو جديدة، ﻻ أظن أن هناك طريقة خاطئة للتنفيس عن الضغط طالما أنك ﻻ تؤذي أحدًا.

خاتمة

اعلم أن العزلة وقلة ممارسة الرياضة والإرهاق الذهني ليست مشاكل هينة أو يمكن التساهل معها، ﻷنك إن تركتها بدون علاج فقد تنحرف بك عن الطريق الذي اخترته وتؤثر على صحتك على المدى البعيد.

وإن الإجراءات الوقائية هي مفتاحك لمواجهة تلك المشاكل وإبعادها عن طريقك للأبد، دعني أذكِّرك بسرعة كيف يمكن أن تتعامل مع كل واحدة من تلك المشاكل:

  1. خصص وقتًا ﻷصدقائك ومقابلة أناس جدد.
  2. شارك في أمور أكثر نشاطًا وتمرن بالطريقة التي تحب، طالما أنك ﻻ تؤذي أحدًا وأنه يأخذك بعيدًا عن الكرسي.
  3. حافظ على نمط حياة منظم، ومارس هواياتك المفضلة للتخلص من الضغط.

واﻵن، هل تواجه مشاكل مختلفة عما أواجهه بسبب العمل من المنزل؟ شاركنا بخبرتك في التعليقات!.

ترجمة -بتصرف- للمقال How to work from home and stay physically and mentally healthy لصاحبه Alexander Cordova

تم التعديل في بواسطة يوغرطة بن علي


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

وعليكم السلام أخ عمر، لم لا تطلع على موقعي خمسات ومستقل وترى ما تستطيع تقديمه من خدمات وفق معرفتك وخبرتك؟ أو تطور مهارة بعينها كي تستخدمها في أحد هذين الموقعين.

للمزيد من المعلومات عن ذلك، ابحث عن موضوعات داخل مجتمعات مستقل وخمسات في حسوب IO تتحدث عن الربح من خدمات شركة حسوب. وإن لم تجد فافتح موضوعًا بذلك، وسيجيبك الإخوة هناك إن شاء الله

رابط هذا التعليق
شارك على الشبكات الإجتماعية



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...