يروي كاتب المقال أنه تعلم واحدًا من أفضل دروس حياته من شاحنات نقل البريد، ففي رأس عام 2010، وُظّف في مكتب بريدي للعمل في وردية ليلية للمساعدة في تولي الحجم الكبير للطُّرُد في أيام العطلة، وتتابعت الشاحنات واحدة تلو الأخرى كل ليلة لتتوقف وتفرغ شحنتها، ومهما كان الجهد الذي يبذلونه إلا أن العمل كان يتزايد باستمرار.
اقتباس"في صخب عصر الأعمال الحديث المتسم بانتشار المعرفة والعمل عن بعد، يضيع صوت الفرد الذي يحتاج إلى توجيهات دقيقة حول كم العمل الذي يفترض به إنجازه في يوم واحد، فيواجه يومًا بنهاية مفتوحة وحافلًا بالاتصالات والتعاونات والتقلب بين الأعمال التي لا يحدها حد، بدلًا من حصوله على مهمات معقولة ومحددة وواضحة."
كان العمل محبطًا ومرهقًا، والأسوأ أن العاملين المسنين كانوا يعملون ببطء في شحن وتفريغ الشاحنات طوال الليلة، لم يفهم صديقنا المغزى من ذلك، حتى قال لهم أحدهم في غرفة الاستراحة:
اقتباس"خذ وقتك، سيكون هنالك دومًا المزيد من العمل."
كان على حق، وحتى بعد سنوات مر فيها صاحبنا بالعديد من المهن، لم ينسَ هذا الدرس قط.
ففي صخب عصر الأعمال الحديث المتسم بانتشار المعرفة والعمل عن بعد، يضيع صوت الفرد الذي يحتاج إلى توجيهات دقيقة حول كم العمل الذي يفترض به إنجازه في يوم واحد، فيواجه يومًا بنهاية مفتوحة وحافلًا بالاتصالات والتعاونات والتقلب بين الأعمال التي لا يحدها حد، بدلًا من حصوله على مهمات معقولة ومحددة وواضحة.
فرسائل البريد الإلكتروني الجديدة لا تنتهي، والأفكار لا تنضب، والاجتماعات تُعقد على الدوام، لذا فليس من العجيب أن يشعر الكثير منا أننا لا نستطيع التوقف عن العمل، حتى في المساء أو في أيام العطل، فكيف نعرف إذا ما كنا أنجزنا ما "يكفي"؟ وعجزنا عن قطع الصلة بالعمل لا ترهقنا فحسب، بل تؤثر بعمق على ساعدتنا، وانتاجيتنا، وابداعنا، فكيف إذًا نخرج من دوامة الشعور بالنقص في الإنتاج ونتعلم أن "نكتفي"؟
كيف بدأ الأمر أصلًا؟
إذا كنت تملك مصنعك أو مزرعتك فتعريفك للإنتاجية على الأرجح سيكون الزيادة في المردود غير المصحوب بزيادة في الوقت اللازم أو الموارد، هذا التعريف يصدق على مثل هذه الحالات، إلا أنه من الخاطئ تطبيقه على الإنتاج الفردي في عصر المعلومات، والعديد منا لا يتفهم هذا للأسف، فيركزون على كمية العمل الذي يتم يوميًا بدلًا من جودته، ولا نحتمل رؤية إشعارات أو رسائل غير مقروءة في بريدنا الوارد على نحو مهووس، ونحضر كل اجتماع ونحرص على شطب جميع المهمات الخمسين في قائمة مهماتنا اليومية.
ويفرز هذا التوجه نحو الكم على حساب الجودة عواقب وخيمة، أحدها هو أنه يتشكل لدينا ربط لقيمة الشخص بعدد المهمات المشطوبة على قائمته، وهو ما يسميه علماء النفس "النزعة الإنجازية"، حيث يبدأ دماغك بتفضيل المهمات الصغيرة سهلة الإنجاز على المهام الكبيرة المعقدة والتي تكون في العادة أهم.
اقتباس"تمنعك عقدة نقص الإنتاج من الشعور بالاكتفاء، ما يسبب لك شعورًا بالذنب عندما تشاهد التلفاز أو تأخذ كلبك في نزهة في وقت تعتقد فيه أن بإمكانك القيام بشيء أكثر إنتاجًا."
وهذا لا يشير فقط إلى تركيزنا على ملء أوقاتنا بالأعمال مهما كانت أهميتها، بل أيضًا كما كتب كاتب هذا المقال في مقال آخر بعنوان "المفارقة في الانشغال":
اقتباس"إذا كان انشغالك مؤشرًا إلى جودة عمل فمن السهل إذًا الخلط بين حجم الأعمال المُنجَزة وجدواها."
والأسوأ أننا بذلك نمحو كل الحدود بين عملنا وحياتنا، ففجأة تتحول كل دقيقة من حياتنا إلى فرصة لانتهازها لإنتاج المزيد.
وكما كتبت Brigid Schulte مؤلفة كتاب "كيف تهزم الضغط وضيق الوقت لتعمل وتحب وتتسلى":
اقتباس"نركض طوال اليوم إلى الاجتماعات كأننا نتسابق إلى إخماد الحرائق، ونمر ببريدنا الوارد كمجرفة تحرث الأرض، ونرحل من دوامنا الساعة الخامسة أو السادسة مساءً متوهمين ذلك الوهم المرضي بأننا ما زلنا لم نقم بأي عمل مهم."
وينتهي بنا المطاف بالشعور غير المجدي بالانشغال، وصاغت الكاتبة Jocelyn K.Glei هذه الحالة بالمصطلح "عقدة نقص الإنتاجية":
اقتباس"تتجسد هذا العقدة بوضع الشخص أهدافًا وجداول أعمال غير واقعية لنفسه ومعاقبة نفسه إذا فشل في الالتزام بها."
يمنعك عقدة نقص الإنتاج من الشعور بالاكتفاء، ما يسبب لك شعورًا بالذنب عندما تشاهد التلفاز أو تأخذ كلبك في نزهة في وقت تعتقد فيه أن بإمكانك القيام بشيء أكثر إنتاجًا، شعور فظيع يقف في طريق سعادتك وصحتك.
خمس وسائل للتحرر من دوامة عقدة نقص الإنتاجية
يترتب على الشعور المستمر بعدم إنجاز ما يكفي في يومك شعور بالتوتر، الضغط، وأخيرًا الإنهاك، وتتحول الإنتاجية من مهارة تعينك على استغلال وقتك بأفضل طريقة، إلى طبول حرب تدق بلا توقف لتضغط عليك أكثر وأكثر.
اقتباس"جوهر هذه العقدة هو المفهوم الخاطئ للإنتاجية."
إليك خمس مؤشرات لتشخيص العقدة، وعليك البدء بوضع أهداف أنسب وأكثر واقعية لنفسك كل يوم وإنجاز الأمور الأكثر أهمية.
1. غير مفهومك للإنتاجية
فجوهر هذا العقدة هو المفهوم الخاطئ للإنتاجية، فعندما تتعامل مع يومك على أنه مجرد مصنع يضخ المنتجات، ستظن أنك تنتج عندما تقضي يومك في الرد على الرسائل الغفيرة للبريد الإلكتروني غير ذات الأهمية، وهذا هو ما يقع فيه بعضنا.
اقتباس"سيجعلك تغيير مفهومك للإنتاجية حازمًا وواثقًا من نفسك في كيفية قضاء وقتك."
بتحليل بيانات أكثر من خمسين ألف مستخدم لـRescure Time، وُجد أن العاملين يتفقدون بريدهم الإلكتروني أو تطبيقات دردشاتهم بمتوسط كل 6 دقائق أو أقل، ووجدت دراسة جديدة نشرت حول التفاعل البشري-الحاسوبي، أن الأشخاص يتقلبون بين التطبيقات والنشاطات بمتوسط كل 20 ثانية وقلما يمضون أكثر من 20 دقيقة على نشاط واحد بلا مقاطعات من نشاطات أخرى.
لهذا التقلب المستمر بين الأعمال أثر عميق على قدرتك على التركيز وإنجاز الأمور، لم نستمر بهذا إذًا؟ المشكلة أننا عودنا أنفسنا على الافتخار بهذا النوع من العمل، فطالما تبقي نفسك مشغولًا مهما كان مضمون هذا الانشغال، تُشعِر نفسك بأنك ذو قيمة وفائدة.
وكما كتبت Brigid Schulte في مجلة Harvard Business Review:
اقتباس"على عكس أيام الماضي قبل قرون، عندما كان الناس يعتبرون وقت الفراغ مؤشرًا على علو المكانة، أصبح الانشغال اليوم هو المفخرة."
يبدأ إذًا التخلص من العقدة بتغيير مفهوم الإنتاجية فبدلًا من الانشغال المحض عليك أن تحوله إلى انشغال مجدي بالقيام بالأشياء الصحيحة.
يشرح جيمس كلير مؤلف كتاب "العادات الجوهرية" قائلًا:
اقتباس"نفترض دومًا أن الإنتاجية هي إنجاز عدد أكبر من المهام يوميًا، وهذا خاطئ، بل الإنتاجية هي إنجاز المهام المهمة باتساق."
هذه إشارة إلى نقطة أخرى مهمة هنا، فتغيير مفهومك للإنتاجية يجعلك حازمًا وواثقًا من نفسك في استغلال وقتك، وسيترتّب على هذا التغيير أثر كبير في قدرتك على اختيار أي أشياء تركز عليها. في هذا الكتاب، "نهوض الرجل الخارق"(https://www.stevenkotler.com/book-pages/the-rise-of-super-man)، وجد المؤلف ستيفن كوتلر أن إنتاجية أفضل المدراء أعلى بنسبة 500% عندما يكونون في حالة تركيز أو نشاط شديد، منها عندما يكونون مشتتين ومبعثري الذهن والتركيز.
Britany Berger وهي مؤسسة شركة WorkBrighter.co، ومستشارة تسويق محتوى، تفسح مجالًا في يومها ليطابق مفهومها للإنتاجية ولتتعرف على ما يدفعها إلى الأمام، فتقول:
اقتباس"تختلط عليك الأمور ويصعب عليك التمييز بينها عندما تحاول أن تسلك كل طريق إلى الإنتاجية في نفس الوقت وترمي نفسك في دوامة من صخب العمل، ولأجتاز هذا الالتباس وأحتويه فإنني أقوم بدراسة نفسي ودراسة آثار مختلف الطرق عليها، فأقوم بتتبع طاقتي، وإنتاجيتي، ومزاجي مجتمعة خلال اليوم، وهذه هي ثلاثيتنا، وهذا لا يساعدني فقط على التعرف على ما يناسبني وما لا يناسبني بل أيضًا يجعلني مضطرة إلى إبطاء وتيرتي والإستراحة بين المهمات لتسجيل هذه المعلومات، قد تعمل بسرعة أبطأ هكذا لكنه سيكون عملًا واعيًا، وهذا والطريقة السابقة لا يتساويان."
عندما تشعر بأن دوامة الانشغال تسحبك خذ خطوة إلى الخلف واسأل نفسك: هل هذا هو وقت مناسب للعمل فيه؟
2. استفد من مبدأ التقدم
هناك سبب رئيسي آخر لعدم شعورك بإنجازك وهو أن التقدم الذي تحرزه في يوم واحد يكون غير ملحوظ، فمن طبيعة الدماغ البشري أن يميل إلى الرغبة بإنهاء المهمات (أتذكر النزعة الإنجازية التي ذكرناها فوق؟). إذا كنت تلاحق أهدافًا ضخمة على الدوام فسوف تشعر باستمرار بأنك لا تحقق شيئًا.
والسبب ليس تلك الأهداف فقط، فنحن كذلك سيئون في تقدير الأوقات اللازمة لإنجاز المهمات، وهذه نزعة نفسية إدراكية أخرى تدعى الخلل التخطيطي.
اسأل نفسك كم ساعة تحتاج للعمل أسبوعيًا؟ أربعون؟ أم خمسون؟ أو ربما ستون؟ أكثر؟
وفقًا لتحليل أكثر من 250 مليون ساعة عمل، صافي الساعات المنتجة منها هو 12 ساعة ونصف الساعة أسبوعيًا، فإذا كنت تخطط للعمل لخمسين ساعة يفترض أن تكون مثمرة في الأسبوع، وبالكاد تحصل على خمسها، فلا عجب من شعورك بنقص في إنتاجك.
الهدف إذًا ليس مراكمة الأهداف الضخمة والمبالغ فيها، بل بتقسيم هذه الأهداف أجزاء يسهل إنجازها، ويعود عليك هذا بكثير من الفائدة.
فهذا أولًا يجعلك تستفيد إيجابيًا من نزعتك الإنجازية، فأنت تطبقها هكذا على أهداف ذات مغزى في قائمتك، وليس فقط ما تتصوره طارئًا كالرسائل والمحادثات، لكن الأهم من هذا هو أنه يبني لك زخمًا ويعطي مغزى ليوم عملك.
وكما تقول Teresa Amabile، البروفيسورة في جامعة هارفارد:
اقتباس"إنجاز تقدم مثمرهو الأهم من بين جميع الأشياء التي تعزز المشاعر والدافعية والمعرفة خلال اليوم عمل."
تطلق البروفيسورة وزملائها على هذا المفهوم مصطلح "مبدأ التقدم"، باختصار، عندما ننظر خلفنا ونلاحظ تقدمًا مثمرًا فإن ذلك يعطينا شعورًا بالدافعية والرضى، بل أيضًا يساعدك تتبّع هذا التقدم في أهدافك على وضع تقدير أفضل للوقت اللازم لإنجاز المهمات، وهكذا لا توسع مدى توقعاتك على نحو مبالغ وتتفادى الوقوع ضحية الخلل التخطيطي في المستقبل.
نصيحة مثمرة: أنجز أكبر أهدافك بوضع مشروع قائمة الأعمال المصممة من Doist.
وإضافة المهمات والمهمات الفرعية إليه، فتحقيق التقدم أسهل عندما تقسّم مشروعك إلى أجزاء أصغر.
3. ضع لنفسك أنظمة دعم بأدواتك المتاحة
يضع كثير منا لأنفسهم أهدافًا ضخمة ثم يتوقعون أن يحملهم مجرد الحماس والالتزام اللذان يكونان في البداية إلى خط النهاية، إلا أن هذا نادر الحدوث، فالدافعية تختفي بشكل ساخر في أكثر أوقات الحاجة إليها، وفقدان التحكم بدافعيتنا وحماسنا مصدر آخر لهذا العقدة.
اقتباس"المفارقة تكمن في أننا نظن أننا نحتاج الدافعية قبل الشروع في العمل على مشروع ما، بينما الحقيقة هي العكس وهي أن الدافعية الحقيقية تظهر بعد البدء."
تشرح ذلك الكاتبة Glei الذي سبق ذكرها في مدونتها الصوتية، قائلة أن عقدة نقص الإنتاجية تحصل عندما تضع لنفسك أهدافًا خيالية دون وضع خطة منظمة لذلك، ثم تتهم نفسك بافتقارك للإرادة والدافعية عندما تفشل.
يطلق علماء النفس على هذا مصطلح "فخ الدافعية":
اقتباس"لا تسبق الدافعية العمل، بل يسبق العمل الدافعية."
فكيف إذًا تبدأ عملك قبل أن يكون لديك شعور بالدافعية تجاه هدفك؟
يكمن الحل في استغلال اللحظات التي تشعر فيها بالدافعية بوضع خطط منهجية وأدوات لتدعمك عندما يكون هذا الشعور غائبًا، يطلق BJ Fogg مؤسس ومدير معمل ستانفورد للتصميم السلوكي على هذا مصطلح "موجة الدافعية"، بكلمات أخرى، انطلق بقوة من بداية المشروع لتدعم نفسك طواله وعلى المدى البعيد.
لكن ما هي الخطط أو الأدوات التي يمكنها مساعدتك؟ إليك بعض الاقتراحات لتنظر فيها.
استعن بمؤقت تتبعي مثل RescueTime
الوقت هو أكثر مواردك قيمة، فكلما استغليته كلما زاد شعورك بالإنجاز الذي حققته في يومك، لكن معظمنا لا يعرف أين يضيع وقتهم، ففي مقابلة مع أكثر من 500 عامل حول شعورهم حيال أيامهم، قال 90% منهم أنهم لا يشعرون بامتلاك زمام السيطرة على وقتهم.
ستنبهك أداة تتبعية للوقت والإنتاجية مثل Rescue Time وتجعلك أكثر حذرًا في قضاء وقتك لتعيد زمام السيطرة عليه إليك لتقضيه على المهمات الصحيحة.
يعمل تطبيق RescueTime في الخفاء في هاتفك حيث يراقب التطبيقات والمواقع التي تستعملها خلال يومك ويصنفها حسب مدى جدواها -الذي تضبطه بنفسك- يمكنك تفقد التطبيق في أي وقت من اليوم لترى مدى إنتاجيتك وإنشغالك، ويمكنك أيضًا تفقده أسبوعيًا أو شهريًا ويمكنه حتى تزويدك بتقارير سنوية للكشف عن النتائج بعيدة المدى للنزعات وعادات العمل السيئة.
مثلًا، تستعمل رسامة الكارتون الحائزة على جوائز، Collen Doran، تطبيق RescueTime ليساعدها على إيجاد المزيد من الوقت للممارسة فنها بدلًا من الانشغال بأعمال أخرى، فمجرد تتبع وقتها سهّل لها رؤية مدى الوقت الذي كان يضيع من يومها على نشاطات أخرى غير متعلقة بالفن، ونقتبس منها:
اقتباس"قبل استخدامي لـRescueTime كنت سيئة للغاية في تتبع كم الوقت الذي كنت أكرسه لفني، فكنت أنخرط كثيرًا في مهام إدارية تستنزف طاقتي ولا يبقى منها شيء للكتابة والرسم! كنت أتلكأ وأنشغل عن عملي الحقيقي الذي هو الرسم والذي يجب أن يأتي أولًا في الأولوية."
يمكن لـRescueTime أن يساعدك أيضًا في تحقيق الاستفادة الكاملة من مبدأ التقدم بوضع أهداف مصحوبة بمنبهات خلال اليوم، فمثلًا يمكنه أن تجعله ينبهك عندما تنجز 3 ساعات من الكتابة في يوم.
يجعلك تفعيل هذه الخدمة في RescueTime أكثر مسؤولية في قضاء وقتك يوميًا، وهكذا لن يصيبك الشعور بالحيرة حيال ما إذا كنت قضيت ما يكفي من الوقت المفيد المنتج.
قائمة أعمال رقمية مثل تلك المقدمة من Doist
يتتبّع RescueTime قضاءك لوقتك بدقة بين التطبيقات والمواقع والنشاطات بدقة، بينما تتبع قائمة أعمال Doist المهام التي تعمل عليها إلى جانب الأهداف الكبرى، ومدى تقدمك، وإجمالي إنتاجيتك.
إذا تذكرت تعريف جيمس كلير للإنتاجية حيث هو إنجاز الأمور المهمة باتساق، فستلاحظ أن قائمة أعمال Doist تساعدك في هذا عن طريق ترتيب مهماتك حسب أولويتها وتخصص لك الأوقات لكل منها وتساعدك على تسليط طاقتك على الأشياء الصحيحة.
مثلًا، يمكنك استعماله في تنظيم قائمة لمهماتك الخاصة بمشروع إبداعي مثل كتابة كتاب، فبدلًا من أن تضيع بين المهام منعزلة عن بعضها البعض، اجمعها في قائمة أعمال Doist، وسجل فيها مواعيدك الدورية وأوقاتك إلى جانب درجة الأولوية لتعرف ما عليك العمل عليه أولًا.
يزوّد التطبيق أيضًا بمخططات بيانية تظهر تقدمك وإنتاجيتك خلال الزمن.
نظام مثل GTD
وأخيرًا، هناك نظام رصد إنتاجية من تطوير David Allen وهو Getting Things Done "وسيلتك لإنجاز الأمور" (GTD)، ويمكنه مساعدتك في تنظيم نفسك وإجبارها على إعادة النظر في عملك دوريًا لمعرفة جدوى جهودك.
نظام GTD هو نظام لرصد جميع الأعمال التي تحتاج إلى إنجازها في مكان واحد وتنظيمها لإختيار أولاها باهتمامك، فهو أكثر من مجرد وسيلة لإدارة قائمة أعمالك بل نظام على مستوً أعلى وأشمل لإدارة مهامك ومشاريعك وأفكارك ككل، بل ومسؤولياتك الأخرى التي تلهيك وتسبب ضياع وقتك.
جوهر نظام GTD هو عملية من خمس خطوات:
- الرصد: استعمل أي أداة (مثل قائمة أعمال Doist) لخلق محور تدور جميع مهماتك وأفكارك ورسائلك ومشاريعك وأي شيء آخر يحتاج اهتمامك- في فلكه، والفكرة هنا هي استعمال أداة سهلة الاستخدام وتزويدها بالبنود خلال اليوم.
- الإيضاح: بسِّط كل بند في قائمتك إلى أبسط جزء ممكن، فمثلًا، بدلًا من "كتابة مقالة للمدونة" بسِّط البند إلى "كتابة الخطوط العريضة لمقالة للمدونة"، إذا كان يمكن إنجاز هذه المهام في دقيقتين أو أقل، أنجزها الآن أو فوّض ذلك إلى أحدهم.
-
التنظيم: يحتاج الآن كل بند يمكن إنجازه إلى الوقت الذي يمكن إنجازه خلاله، مع تقييم لأولويته وتصنيفه، على هذا النحو:
- المهام الحالية: ضع موعدًا نهائيًا ثابتًا لإنجاز المهام التي تحتاج، وتريد، ومضطر إلى إنهائها الآن وأدرجها في تقويمك.
- المهام المُنتظَر إنجازها : لأي من المهمات التي كلفت بها شخصًا آخر أو التي تنتظر مراجعة أحدهم لها.
- المشاريع: المهمات الضخمة التي تحتاج إلى تقسيم إلى خطوات أصغر سهلة التولّي.
- المهام المؤجَّلة: مشاريع أو أفكار قليلة الأهمية حاليًا لكن لا تريد نسيانها.
- المراجعة: خصص موعدًا دوريًا للمرور على قائمة المهام الحالية وتفرغها (يفضل أسبوعيًا).
- التنفيذ: اشرع بالعمل! اختر أول بند من قائمة المهام الحالية وابدأ بتنفيذه.
وعلى هذا المنوال ستمر أي مهمة أو فكرة جديدة حالًا في مكانها المناسب من هذه المنظومة التنقيحية، قد يبدو أن الأمر يحتاج الكثير من الجهد، لكن استغلال موجة الدافعية لديك لوضع هذا المخطط يحرر عقلك ويساعده على التركيز على العمل المُجدي.
4. حاول قطع صلتك بالعمل في نهاية اليوم
قد يتولد لديك شعور بعقدة النقص وأنت خارج الدوام لأنك لا تستطيع فصل حياتك الوظيفية عن باقي جوانب حياتك، فقد تسلل العمل إلى منازلنا وكل مكان آخر في حياتنا مع الهواتف الذكية والعمل عن بعد والتطورات الأخرى على محيط العمل، لهذا ستشعر دومًا بالوخز للعمل إذا لم تستطع قطع الصلة بعملك عندما يلزم ذلك.
أمضى علماء النفس سنوات في دراسة كيفية إمكانية قطع الناس للصلة بعملهم، وقد اكتشفوا أربعة عناصر تساعدك في هذا إذا تضمنها روتينك في نهاية اليوم:
- الانفصال: افصل نفسك جسديًا عن أدوات وبيئة العمل.
- الاسترخاء: امضِ بعض الوقت مع أفكارك لمراجعة اليوم.
- الإجادة: مارس هواية أو اهتمامًا يشدّك.
- الكبح: جد لنفسك "روتينًا اختتاميًا" تتبعه كل مساء ليصرفك عن العمل.
يمنح شدّ انتباهك إلى هذه النشاطات بدلًا من العمل عقلك وجسدك فرصة للراحة بدلًا من الشعور بأنه ما زال عليك بعض العمل للقيام به.
5. كرس بعض الوقت لنفسك لتستوعب مفهوم "الاكتفاء"
وأخيرًا، أحد أسهل طرق الوقوع في عقدة النقص وهو عدم معرفة مفهوم "الاكتفاء" من البداية.
اقتباس"حاول اكتشاف الحالة المثالية التي تكون عندها قد شعرت بالرضى تجاه يومك وتحديت فيها أيضًا نفسك لتتقدم."
ليس هذا سؤالًا بالبساطة التي يبدو عليها في البداية، فجميعنا نريد التميز في عملنا فلا نكتفي بالأهداف الصغيرة بل ندفع بأنفسنا فوق طاقتنا، وهذا -مع الأسف- نادرًا ما يفلح.
إيجاد هذه الحالة عملية حساسة، وأفضل وسيلة للقيام بها هي أداة OKR لـغوغل.
يتكون اختصار OKR من الحروف الأولى للكلمات الإنكليزية: Objective and Key Results أي: النتائج الموضوعية الأساسية، وهو هيكل لتنظيم الأهداف، يدمجها مع معيار نجاحها، وروعته تكمن في إمكانية تحديد مقياس النجاح به بدلًا من الانطلاق إلى أهداف قد تجدي أو لا تجدي شيئًا إطلاقًا.
مثلًا، لدى شركة غوغل أهداف غير قابلة للتحقيق واقعيًا، لذا يضعون مقياس نجاح يتراوح بين 60-70% وهي نسبة كافية لمنحك الدافعية وتحدي نفسك، بدلًا من إشعار نفسك بالفشل.
حاول اكتشاف الحالة المثالية التي تكون عندها قد شعرت بالرضى تجاه يومك وتحديت فيها أيضًا نفسك لتتقدم.
هذه العقدة لن تمنحك الدافعية كما نظن
لم يدم وجود صديقنا الكاتب في مكتب البريد، بل إن المنشأة بأكملها أغلقت بعد فترة قصيرة بسبب بعض الخلافات، لكن هذا لا يقلل من شأن الدرس الذي تعلمه.
يمكنك تفريغ شاحنة بأكملها ومع ذلك سيبقى لديك مزيد من رسائل البريد الإلكتروني لترسلها، أو الاجتماعات لتحضرها، أو المكالمات لتجريها، أو الوثائق لتكتبها، وسيستمر كلا بريديك المادي والإلكتروني بتزويدك بالرسائل، ومدى رضاك عن يومك وسعادتك لدى مغادرته، ودافعيتك للعودة إليه، كلها تعتمد عليك.
ترجمة -وبتصرف- للمقال How to Stop Feeling Productivity Shame لصاحبه Jory MacKay
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.