اذهب إلى المحتوى

ما الذي يجعل المدير عظيما؟


مجد اسماعيل

يسهم القادة العظماء إلى حد كبير في رفع معنويات موظفيهم، ولديهم القدرة على إلهامهم لتحقيق نتائج مذهلة. وبالمقابل، قد يُمثِّل القادة السيئون العقبة الأكبر التي تعيق نجاح الموظفين. للأسف، هناك العديد منَّا ممن مروا بتجربة أو اثنتين مع مدير سيئ جعلت حياتهم الوظيفية لا تُطاق، وهي تجارب نود أن ننساها ونتمنى لو أننا لم نمر بها أصلًا.

يتولى كثيرٌ من الناس أدوارًا إدارية دون إدراك ثقل المسؤولية التي تنطوي عليها تلك الأدوار، وسرعان ما يجدون أنفسهم أمام سؤال مفاده: كيف يسيطرون على فريقهم بالشكل الأفضل؟ وبينما نجد أن لدى بعض الأشخاص موهبة طبيعية للقيادة، فالجيد في الأمر بالنسبة للبقية أن جزءًا كبيرًا من مهارات القيادة هو سلوكيات قابلة للتعلم.

أجرينا لقاءً مع السيدة جيمي باس Jaimie Buss، وهي النائب الأول لرئيس قسم المبيعات لدى شركة زينديسك Zendesk، لتنقل لنا جزءًا من خبرتها في تطوير قيادة الفريق. فخلال مسيرتها المهنية في مجال المبيعات الممتدة لعشرين سنة، تقلدت مناصب قيادية وخاصة بالمبيعات لدى شركات: أندريسن هوروتز Andreessen Horowitz، وفي أم وير VMware، وكوفيريتي Coverity، وميراكي Meraki، وكورايد Coraid، وإنكتومي Inktomi.

لماذا القادة مهمون؟

الإجابة ببساطة، كما تقول جيمي: "لأن موظفيك مهمون". وتضيف: "أجل؛ عليك تحقيق نتيجة، لكنك لن تفعل ذلك بنفسك".

يغير عدد متزايد من الناس الشركات التي يعملون لديها ريثما يعثرون على (خيار أفصل)، ويُعزَى ذلك بنسبة كبيرة إلى عنصر واحد يمكن التعامل معه هو: المدير السيئ. تشرح الأمر قائلةً: "يرجع السبب الأساسي في ترك الموظفين للعمل إلى المدير، أو المشرف المباشر، السيئ".

لا تريد خسارة أفضل موظفيك أداءً ممن تغريهم مناصب مُرضية أكثر لدى شركات أخرى، لذا فلا تقتصر تبعات ذلك على أنك ستحتاج إلى أشهر للعثور على بديل مناسب وتدريبه، بل سيضطر ذلك الموظفين الذين لم يغادروا الشركة إلى بذل مزيد من الجهد لتحقيق نسبة الإنتاج ذاتها بعدد أقل منهم. تُمثِّل القيادة الفعالة طريقة سهلة لمنع حصول ذلك.

الاندماج الوظيفي

تقول جيمي: "لا أحد يقول عن نفسه إنه مدير سيئ". ولكن من المهم جدًّا ألا يصل المديرون إلى مرحلة الرضا عن الذات؛ فحتى أفضل المديرين ينظرون مليًّا في أدائهم، ويبحثون عن طرائق للتطور على نحو مستمر. تتابع بالقول: "بصرف النظر عما تفعل، فيمكنك دائمًا أن تغدو أفضل وتكتسب المزيد من التدريب والممارسة".

ولكن قد يكون من الصعب تقييم مدى جودة (أو سوء) ما تفعله. فهل أسلوب القيادة الذي تتبعه مناسب لفريقك؟ هل أنت حازم كفاية دون أن تبدو شخصًا يتعذر الوصول إليه؟ من الطرائق الكفيلة بتقييم أدائك دراسات الاندماج التي تُجرَى دون الكشف عن هوية الموظفين المشاركين فيها.

تشرح جيمي قائلةً: "انظُرْ إلى اندماج الموظف بوصفه الاختبار الحاسم لما إذا كنت ستعاني من مستوى تناقُص موظفين عالٍ أم لا". وتتابع قائلةً: "يُمثِّل مستوى الفخر الذي لدى الموظفين بعملهم انعكاسًا مباشرًا لمدى جودة الأسلوب الذي يُقادون فيه، وللتوقعات المتعلقة بما يعنيه إنجاز عمل ما على نحو جيد".

ولقياس اندماج الموظفين، تستفيد جيمي من كتاب بعنوان: "أولًا، اكسر جميع القواعد (First, Break All the Rules)"، وهو كتاب خاص بالدراسات التي تُجرَى على الموظفين. تطرح على الموظفين أسئلة مثل: "هل أعلم المتوقع مني في العمل؟" يمكن للأسئلة من ذلك النوع أن تُقدِّم رؤية واضحة حول اندماج الموظفين. وتقول: "تلك كلها أمور تقع خارج وظيفة الأشخاص اليومية المتعلقة بالبيع، ولكنها تؤثر في كيفية شعورهم تجاه عملهم".

وتشرح أنه من المهم إجراء هذه الدراسات بوصفها جزءًا من دورة، كما يلي:

  • حلل: ستحدد الدراسة الأولية مكامن المشكلة، ثم يجب اطلاع الفريق على تلك المكامن في أثناء الاجتماعات؛ لمزيد من التقييم وترتيب الأولويات.
  • خطة العمل: طوِّر خطط عمل الفريق المُصمَّمة لزيادة الاندماج.
  • طبِّق: نفِّذ الخطط المُتفَّق عليها في المُمارَسة اليومية.
  • راجِع: أعِد إجراء الدراسة؛ لتقييم فاعلية تدخلاتك.

01.social-media.png

ما الذي يجب علينا فعله؟

حددت جيمي -انطلاقًا من دورة الدراسة هذه- ثلاث إستراتيجيات رئيسة يمكن للمديرين الجيدين تطبيقها:

تقدير نجاحات الفريق

لا أحد يرغب في العمل ضمن فريق لا يشعر فيه بالتقدير. ومن حسن حظ قادة فِرَق الموظفين أنهم قد أتقنوا توجيه الثناء إلى الفريق على عمل، وهو يُمثِّل أحد أسهل الطرائق لتعزيز الثقة والأداء والرضا الوظيفي ككل.

لاحظت جيمي خلال إجراء هذه الدراسة مع فريق المبيعات التابع لها، أن بعض النجاحات الصغيرة كانت تمر دون احتفاء بها. فتقول في هذا الشأن: "ماذا لو كان أحد مندوبي فريق المبيعات لدينا يؤدي عملًا ممتازًا في المحافظة على عميل لنا، ولكنه لا يحصل على عائد مقابل ذلك؟ أو ماذا لو فاز أحد مندوبينا بصفقة تنافسية ممتازة، ولكن حجمها لم يكن كبيرًا؟ يُرجَّح أنه لا أحد سيقر بذلك أبدًا". وتتابع بالقول: "كنا بحاجة إلى إيجاد طريقة لتحديد تلك الأمور ومشاركتها".

وبالنتيجة، قررت وزملاؤها المديرون البدء في مشاركة تلك النجاحات عبر قنوات الشركة؛ بحيث تلقى إنجازات كل موظف ما تستحقه من احتفاء وتقدير؛ كما كان موظفون آخرون يدلون بتعليقاتهم ويشجعون زملاءهم من مندوبي المبيعات؛ فقد حولت ذلك إلى مجال للمشاركة فيه. لم تقتصر فوائد ذلك على رفع المعنويات، بل تعدتها إلى زيادة فرص تكرار تلك النجاحات في المستقبل.

إضافةً إلى ما سبق، يُنصح بإرسال رسائل بريد إلكتروني إلى الموظفين تهنئهم فيها على الأداء الذي قدموه، بالتوازي مع إرسال نسخة إلى مديرهم ومديره.

من شأن ما سبق ذكره إشعار الموظفين بأنك تُقدِّر الإنجازات الصغيرة التي تتحقق بعيدًا عن الأضواء.

ردم الهوة بين الموظف ومقر الشركة بفضل الاندماج الوظيفي

من النقاط المهمة أيضًا ما اكتشفته جيمي من أنه كلما زاد بُعْد موظفيها عن مقرات الشركة، قلَّ شعورهم بالاندماج، وقد حقق المندوبون الميدانيون نتائج أقل بكثير من نظرائهم العاملين من مقر الشركة، وأقل حتى من أولئك العاملين من مكاتبها الفرعية.

وتقول: "أدركت أننا أطلقنا الكثير من برامج التطوير، لكننا لم نصِغها بما يضمن إدماج الموظفين البعيدين بفاعلية؛ وهذا يُمثِّل مشكلة بالنسبة لنا".

بمجرد اتضاح ذلك، لم تألُ جهدًا في سبيل تسهيل الوصول إلى هذه البرامج ونشرها بين المندوبين الميدانيين؛ إذ تضيف قائلةً: "حرصت على تنفيذ كل نشاط على نحو يشمل الموظفين البعيدين".

من المهم الانتباه للمندوبين البعيدين، والحرص على تصميم البرامج بما يُشعِرهم بالاحتواء. ففي النهاية، ستتيح لهم هذه البرامج أداء الأدوار المنوطة بهم على نحو أفضل.

دعم التطور المهني

يُمثِّل اهتمام المديرين بالتطور المهني لموظفيهم أحد الجوانب الرئيسة الأخرى لتعزيز اندماجهم. لذا استثمِر في نجاح موظفيك بتكريس وقت لإجراء اجتماعات ثنائية بينك وبين كل موظف على حدة، لتسأله فيها عن طموحاته الشخصية، إذ يفسح ذلك المجال لنسج علاقة أكثر دعمًا وثقةً عندما ترى مندوبيك يمرون عبر المراحل المهمة في مسيرتهم المهنية، كما من شأن معرفتك بنقاط القوة التي تميز كل موظف لديك أن تجعلك تطور مهاراته لمصلحة الفريق، وبذلك تصل إلى وضع يرضي الجميع ويحقق مصلحة الشركة ككل.

أدركت جيمي حقيقةً مريرةً بعد طرحها أسئلة على موظفيها، مثل: "هل هناك في العمل مَن يشجعني على التطور؟"، فتؤكد قائلةً: "حققت الإجابات على هذه الأسئلة نقاطًا منخفضةً، وذلك لسبب رئيس، يتمثل في أن القادة لم يكونوا يسألون مرؤسيهم المباشرين من الموظفين عن أهدافهم المهنية"؛ ثم تتابع بالقول: "رغم أنه كان لدينا مسارات مهنية جيدة، لكن الموظفين لم يشعروا بأن مديرهم مستوعب لما يحاولون فعله على مستوى فردي".

هناك إلى حد ما مسؤولية مشتركة بين الموظف والمدير بالنسبة لهذه النقطة؛ إذ إن على الموظفين معرفة ما طموحاتهم، والتصريح بها للمشرفين عليهم. يغدو ذلك أكثر أهميةً كلما ارتفع المستوى الوظيفي للشخص ضمن الشركة. ورغم ذلك، على المديرين ضمان أنهم يضطلعون بدورهم في دعم موظفيهم وتسهيل تطوُّرهم المهني.

تتابع جيمي: "على المديرين ضمان أنهم يبدءون الخوض في تلك المناقشات مع مندوبيهم؛ بحيث يستوعبون إلى أين يحاول أولئك الموظفون الوصول".

02.rating.png

ركز على النجوم الصاعدين والصامتين

تُفرِّق جيمي بين موظفي فريقها الذين يُمثِّلون نجومًا صاعدين، وأولئك النجوم الصامتين. فالنجوم الصاعدون من الموظفين هم الذين ينجحون في الترقي بسرعة داخل الشركة؛ أما الصامتون منهم، فهم الموظفون الذين يحققون مستويات نجاح عالية في الدور المنوط بهم، لكنهم لا يسعون بالضرورة وراء الترقية.

تقترح قائلةً: "من المهم حقًّا التركيز على كلا هاتين الفئتين من الموظفين. علينا ضمان أننا نُقدِّر موظفينا الصاعدين الذين يحبون أن يصبحوا مندوبين عنا، ولا شيء سوى ذلك، وأننا ندعمهم، ونهنئهم".

اتبعَتْ في الماضي عادة إرسال رسائل بريد إلكتروني منتظمة تحتفي فيها بموظفيها الذين حققوا ترقيات، ولكن بعض موظفيها الآخرين كان يحقق مستويات أداء مذهلة دون اهتمام منهم بالحصول على ترقية؛ فأصبحت مدركةً أنه بدأ يتولد لدى هؤلاء الموظفين شعور بعدم التقدير.

وعقب ذلك، نشرت مدونةً وشاركتها داخليًّا تصرح فيها بأنها تُقدِّر كلًّا من "نجومها الصامتين" و"نجومها الصاعدين" على قدم المساواة. لقد ضمن ذلك معرفة جميع موظفيها بأنها كانت ممتنةً لمشاركة كلٍّ منهم على حدة، بصرف النظر عن مسمياتهم الوظيفية أو مناصبهم.

ترجمة وبتصرف للمقال ?What Makes a Boss Great لصاحبه Collin Stewart.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...