ربّما قد تصل إلى مرحلة تجدُ فيها أنّ الاجتذاب traction الذي حصلت عليه لا يُرضيك، وربّما لستَ قادرًا على إيجاد تمويل أو تشعرُ بأنّ الأمور لا تسير كما كنت ترجو. إذًا في هذه الحالة كيف تعرف إذا كان الوقت أصبح مناسبًا لـإعادة التّمحور pivot عمّا تقوم بعمله الآن؟
نحن نؤمن أنّ أصحاب الشّركات النّاشئة عادة ما يكفّون عن المحاولة وينسحبون في وقت مبكّر جدًّا، فكثير من الشّركات النّاشئة لم يكن يفصل بينها وبين النّجاح إلا اختيار السّوق المناسب في التّوقيت المناسب. خذ على سبيل المثال DuckDuckGo وهي شركة ناشئة لمحرّك بحث أسّسها Gabriel Weinberg. إنّ محرّكات البحث الأخرى عادة ما كانت تنسحب بعد سنتين من إطلاقها إذا لم تنجح، لكنّ Gabriel قد صمد أكثر من سبع سنوات.
كان هناك فرق أساسيّ بين DuckDuckGo ومحرّكات البحث الأخرى وهو الخصوصيّة (أي أنّه لا يتعقّبك)، كانت هذه الميّزة موجودة منذ عام 2009 لكنّها لم تصبح ذات أهميّة إلّا بعد نشر تسريبات NSA في عام 2013. فالنّمو قبل هذا العام كان ثابتًا، لكنّه انفجر بعد ذلك عندما أصبحت الخصوصيّة عنصرًا ذا أولويّة في الوعي العام.
إذًا من المهمّ أن تضع لهذا المقياس الزّمنيّ اهتمامًا خاصًّا، فإذا كنت قد أنشأت شركتك للتّوّ فهل أنت مستعدّ للاستمرار في العمل في هذا المجال عقدًا كاملًا من الزّمن؟ في الواقع إنّ كثيرًا من مؤسّسي الشّركات النّاشئة يلومون أنفسهم ويشعرون وكأنّهم قد استعجلوا في اختيار فكرة شركتهم وأنّه كان بإمكانهم أن يختاروا فكرة أخرى تثير شغفهم أكثر حتّى يتمكّنوا من الاستمرار بها طويلًا. خذها منّي: يُمكن لشركتك النّاجحة أن تنجح فقط إن آمنت أنت بذلك، وإلّا فبالتّأكيد أنّها ستهرَمُ سريعًا.
والآن إذا كنت تنوي بالفعل إعادة التّمحور فأوّل شيء عليك أن تبحث عنه هو دليل على تفاعلٍ حقيقيّ مع المنتج Real product engagement ولو كان فقط عبارة عن عدد قليل من الزّبائن المحدّدين. إذا كان لديك حدّ أدنى من تفاعل من هذا النّوع فربّما أنت تستسلم مبكّرًا جدًّا. عليك أوّلًا أن تختبر هذه النقاط المضيئة في مشروعك لترى إن كان بالإمكان توسيعها أكثر. اسأل نفسك، لماذا هؤلاء الزّبائن يتفاعلون مع المنتج بشكل جيّد؟ هل هناك عوامل مشتركة فيما بينهم؟ هل يمكن اعتبارهم بوادر سوق جديد واسع أم أنّهم مجرّد حالات شذّت عن القاعدة Outliers؟ إجابتك عن هذه الأسئلة قد تمنحك أملًا جديدًا ربّما لا يبدو لك من خلال المؤشّرات المباشرة التي يمكنك قراءتها في هذه اللّحظة.
هناك عامل آخر عليك أخذه بعين الاعتبار قبل أن تأخذ قرارك بإعادة التّمحور Pivoting. إنّ مؤسّسي الشّركات النّاشئة عادة ما لديهم أسلوب تفكير يستبق الأحداث ونتيجة لذلك فهم يطلقون شركات ناشئة مبكّرة جدًّا بالنّسبة للسّوق، بمعنى أنّ السّوق المناسب لها لم يظهر بعد. وهذا سببٌ آخر يؤكّد أهميّة أن تختار مجالًا تنوي البقاء فيه عدة سنوات على الأقل. رغم ذلك هناك فرق كبير بين أن تكون متقدّمًا عن السّوق بضع سنوات وأن تكون متقدّمًا عنه عقدًا كاملًا، إذ إنّه من الصّعب أن تجد أحدًا أصرّ على الاستمرار لمدّة عشر سنوات كاملة دون أن يحصل على نتائج مرضية. لكن أن تطلق شركتك مبكرًا سنة أو اثنتين فهذا جيّد، تستطيع في هذا الوقت أن تعمل على تطوير وتحسين منتجك، وحين ينطلق السّوق ستجد أنّك متفوّق على منافسيك الذين بدؤوا لتوّهم بالدّخول إلى السّاحة.
إذًا كيف يمكنك أن تحدّد فيما إذا كنت متقدّمًا عن السّوق، أو أنّ الطّريق الذي تسلكه لا ينفع أساسًا؟ مرّة أخرى، الطّريقة الأفضل لتحدّد ذلك هي أن تبحث عن دليل على التّفاعل مع المنتج. فإذا كنتَ مقبلًا على سوق كبير سيُقلع قريبًا فسترى بوادر هذا السّوق على شكل زبائن يتفاعلون معك في مراحل مبكّرة ويستمتعون بما تقدّمه لهم.
الأهداف التي يجب أن تركز عليها في بداية شركتك الناشئة
1. اصرف نصف جهودك على الاجتذاب
اعمل على تحقيق الاجتذاب وعلى تطوير المنتج معًا في آن واحد واصرف الوقت عليهما بالتّساوي. فكّر بالأمر على أنّ منتجك هو وعاء مثقوب وكلّ الجهود التي تبذلها في هذه المرحلة لتطوير الاجتذاب إنّما ترشدك إلى الثقوب الموجودة والتي يلزم سدّها.
2. ضع أهدافا تتعلق بالنمو
ركّز على استراتيجيّات يمكنها أن تحدث أثرًا معقولًا يمكنك ملاحظته في شركتك، ضع أهدافًا محدّدة بأرقام محدّدة لتسعى للوصول إليها.
3. اعرف ما هي معدلات النمو التي تنال اهتمام المستثمرين في مجالك
مقدار الاجتذاب الذي يلزمك لتقنع المستثمرين هو هدف متغيّر، لكن لا شكّ أنّ معدّل نموّ الزّبائن المستقرّ هو أمر مهمّ بالنّسبة لأيّ مستثمر ولا يمكن أن يُغفلَه. أيضًا فإنّ المستثمرين المحتملين الذين لديهم إلمام بالمجال الذي تعمل فيه لن تكون لديهم مشكلة إن كان الاجتذاب لديك ضئيلًا في البداية وعلى الأرجح سيستثمرون معك في وقت مبكّر. لكن تذكّر دومًا أنّ الاجتذاب ورقة رابحة تتفوّق على أيّ شيء آخر.
4. ابحث عن الجوانب المضيئة في شركتك
إذا لم تكن تحصل على الاجتذاب الذي تريد فانظر إلى الجوانب المشرقة في قاعدة الزّبائن لديك، ربّما هناك بعض الزّبائن الذين يتفاعلون وبكلّ سرور مع المنتج الذي تقدّمه إليهم. انظر إذا كان بإمكانك أن تعرف لماذا ينفع الأمر مع هؤلاء تحديدًا وفيما إذا كان بالإمكان أن توسّع هذه الفئة لتشمل بقية الزّبائن. أمّا إذا لم يكن هناك أيّ بقعة مضيئة، فربّما هذا هو الوقت المناسب لإعادة التّمحور.
ترجمة -وبتصرف- لقسم من الفصل الثاني من كتاب TRACTION: How Any Startup Can Achieve Explosive Customer Growth لكاتبيه Gabriel Weinberg و Justin Mares.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.