اذهب إلى المحتوى

تأثير التخطيط والرقابة على الموظفين


هيفاء علي

لا شكّ أنَّ المديرين يرغبون في أن يعمل موظفوهم بجد، ولكن من المهم إدراك أنَّ بذل الجهود لا يكفي لوحده؛ بل يجب أن تكون جهودهم موجهة نحو تحقيق الهدف المناسب وأن تُنفَّذ المخططات بطريقة صحيحة. التساؤل الذي سوف نتناوله في هذا المقال هو: هل يؤثِّر التخطيط وصياغة الأهداف وتحديد مسار العمل تأثيرًا إيجابيًا في دافعية الموظفين وأدائهم ورضاهم الوظيفي؟

سوف نستند في إجابتنا عن التساؤل السابق إلى نظرية الهدف (goal theory). تقدِّم لنا الدراسات صورة واضحة وجلية لما ينتج عن تحديد الأهداف من تأثيرات على أعضاء المؤسسة. تُشير نظرية الهدف إلى أنَّ هناك أنواعًا معينة من الأهداف تُحفِّز الموظفين، ومن ثمَّ تؤثِّر على مستوى أدائهم، وتُعدُّ هذه النظرية -على الرغم من محدوديذة مجالات تطبيقها- نظرية التحفيز الأكثر تلقيًا للدعم من قبل المؤسسات.

سوف تتعرَّف فيما يلي على الآثار المترتبة على وضع الأهداف؛ كونها جزءًا أساسيًا من عملية التخطيط ومعيارًا للرقابة على دافعية الموظفين وأدائهم. هناك بعض الخصائص التي يجب أن تتصف بها الأهداف لكي تكون فعَّالة، إذ يجب أن تكون الأهداف الفعَّالة مُتحدّية ومحدَّدة وتحظى بتقبُّل الموظف المعني بها وأن تُنفَّذ تحت إشراف المديرين. غالبًا ما يعمل أصحاب المصانع على تحفيز الموظفين بواسطة أهداف الإنتاج.

خصائص الأهداف التي تحفِّز الإنتاجيّة

تُسلِّط نظرية الهدف (والدراسات المتعلّقة بها) الضوء على العديد من الخصائص المهمة للأهداف التي تُعزِّز من أداء الأفراد، هذه الخصائص هي: صعوبة الهدف ووضوح الهدف وتقبُّل الهدف والالتزام بالهدف والتغذية الراجعة للهدف. يوضِّح الشكل التالي أنَّ أداء الموظفين الذين لديهم أهداف، ولو كانت عامّة جدًا، غالبًا ما يكون أفضل من أداء الموظفين الذين ليس لديهم أي هدف في عملهم. لكن على الرغم من ذلك، فإنَّ بعض الأهداف تكون أكثر فعالية من غيرها، وهناك ميزتان أساسيتان للأهداف التي تُحسِّن دافعية الموظفين، وهما: وضوح الهدف وصعوبة الهدف.

إذا نظرنا إلى الهدفين التاليين: «يجب على الموظف تحسين أدائه» أو «يجب على الموظف بذل قصارى جهده»، فسوف نجد أنَّ وضوح الهدف (الميزة الأولى) لا ينطبق عليهما، ومن ثمَّ فإنَّهما ليسا هدفان فعَّالان لأنَّهما عامَّان للغاية ولا يوجّهان الفرد إلى كيفية الوصول إلى النتيجة المرغوبة. على سبيل المثال، لاحظت شركة ويرهاوزر (Weyerhaeuser) أنَّ مستوى أداء سائقي الشاحنات الذين ينقلون جذوع الأشجار ازداد كثيرًا عندما كان الهدف المطلوب منهم هو تعبئة شاحناتهم بحوالي 94% من الوزن القانوني المسموح للحمولة، بدلًا من أن يكون «بذل قصارى جهدهم».

لقد شعر السائقون أنَّ الهدف المحدَّد والواضح يُحفِّزهم على الأداء، وغالبًا ما تنافسوا مع بعضهم بعضًا في تحقيق الهدف المحدَّد، وقد قدَّرت شركة (ويرهاوزر) ما وفَّرته خلال الأشهر التسعة الأولى التي تلت تحديد ذلك الهدف بحوالي 250 ألف دولار.

Goals-Effects-on-Performance.jpg

تأثيرات تحديد الأهداف على أداء الأفراد (حقوق النشر محفوظة لجامعة رايس، OpenStax، مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي (CC-BY 4.0))

السمة الثانية للهدف الفعَّال هي صعوبة الهدف. غالبًا ما يكون أداء الأفراد الذين لديهم أهداف صعبة أفضل من أداء الأفراد الذين لديهم أهداف سهلة (كما هو موضَّح في الشكل السابق)، ولكن إذا كانت الأهداف شديدة الصعوبة أو شبه مستحيلة، فإنَّها ستفقد فاعليتها في تحفيز الأفراد على الأداء وقد تؤدي إلى سلوك انعكاسي سلبي لدى الفرد.

إنَّ أفضل الأهداف هي التي تكون واضحة وصعبة في الوقت نفسه، ولذلك تتحسَّن فعالية التخطيط والأداء التنظيمي عند صياغة أهداف واضحة وصعبة مع توفير المكافآت المناسبة للعمل، وتصبح المؤسسة في وضع أفضل من الوضع الذي يُمكن أن تكون عليه لو اختارت العمل بدون وجود هدف، أو لو كان هدفها هو «بذل قصارى الجهد».

لكن هناك حقيقة مهمة يجب الانتباه إليها، وهي أنَّ الهدف حتى لو كان صعبًا وواضحًا، فإنَّه لن يكون فعَّالًا ما لم يتقبَّله الشخص الذي سوف يعمل على تحقيقه. يُشير تقبُّل الهدف إلى مستوى قبول الأفراد للهدف وشعورهم بأنَّه أحد أهدافهم الخاصة (مثل قول الموظّف: أجل أنا أرى أيضًا أنَّه يجب إتمام العمل على هذا التقرير قبل الساعة 5 مساءً).

في المقابل، يُعدُّ الالتزام بالهدف أشمل من مجرد تقبُّل الهدف، ويشير إلى مستوى ارتباطنا بالهدف أو تصميمنا على تحقيقه (مثل: أريد أن أنجز هذا التقرير في الوقت المحدَّد). لا تؤدِّي الأهداف في بعض الأحيان إلى تحفيز الأفراد، وذلك عندما يُسند المديرون تلك الأهداف للموظفين دون التأكُّد من تقبُّل الموظفين لها أو التزامهم بها. يُلخِّص الشكل التالي الظروف التي تؤدِّي إلى زيادة الجهد المبذول لتحقيق الهدف (زيادة مستوى الدافعية)، والتي تُسهم في نهاية المطاف في تحسُّن الأداء. أمَّا الشكل الذي يليه، فهو يُلخِّص مجموعات العوامل الثلاث التي تُسهم في الالتزام بالهدف.

Goal-Setting-Model.jpg

نموذج لوضع الأهداف

Goal-Commitment-Determinants.jpg

عوامل الالتزام بالهدف

تُعدُّ التغذية الراجعة للهدف خاصية مهمة من خصائص الأهداف الفعَّالة؛ فهي تقدِّم لنا معلومات عن نتائج جهودنا. يمكن الحصول على هذه المعلومات من مصادر متنوعة، مثل: المشرفين والزملاء والمرؤوسين والزبائن وأنظمة مراقبة الأداء التقليدية والتقييمات الذاتية، وأيًا كان مصدر هذه المعلومات، فإنَّ للتغذية الراجعة الجيِّدة فائدتين مهمتين، هما:

  • تُخبر الموظفين ما إذا كانوا على المسار الصحيح باتجاه الهدف أو ما إذا كانوا بحاجة إلى تصحيح المسار.
  • تجعل الموظفين يُدركون ما إذا كان مستوى الجهد الذي يبذلونه كافيًا أم غير كافٍ.

سلبيات تحديد الأهداف

على الرغم من إيجابيّات وفوائد تحديد الأهداف، إلَّا أنَّ هناك بعض السلبيات المصاحبة لذلك أيضًا. يُحذِّر (ويليام ديمنج)، رائد إدارة الجودة الشاملة، من أنَّ تحديد الأهداف قد يؤدِّي إلى تضييق رؤية الفرد الذي سيعمل على إنجازها ويحدُّ من قدراته الإبداعيّة، وقد يدفع الأفراد إلى التراخي بعد تحقيق الهدف. في الواقع، تُركِّز إدارة الجودة الشاملة على طريقة العمل (الوسائل) أكثر من تركيزها على النجاح في تحقيق الأهداف (النتائج).

يُعدُّ التعلُّم التنظيمي والتحسين المستمر عنصرين أساسيين في إدارة الجودة الشاملة، وهما يُركِّزان على اكتشاف المشكلات التي قد تعرقل عملية الإنتاج من أجل التخلُّص منها؛ الأمر الذي سينعكس إيجابًا على الأداء. في المقابل، عادةً ما تُوجِّه أهداف العمل وتقودُ اهتمامَ الفرد، الذي سيعمل على إنجاز الأهداف، نحو النجاح في تحقيق مستوى معين من الأداء في وقتٍ معين في المستقبل.

تكشف الدلائل أيضًا عن بعض السلبيات المصاحبة لالتزام الموظفين بأهداف صعبة؛ إذ غالبًا ما تقل مشاركة أفراد المؤسسة في مبادرات تصبُّ في مصلحة المؤسسة عندما يكون لديهم التزام شديد على العمل من أجل تحقيق الأهداف الصعبة المُناطة بهم، وتؤثِّر هذه العلاقة العكسية تأثيرًا سلبيًا على المؤسسات التي تعمل في البيئات التي تتسم بالتغيّرات السريعة وعدم الاستقرار والتنافس والغموض؛ مما يجعل نظام عمل هذه المؤسسات هش وضعيف المرونة تجاه مُتغيّرات وطوارئ العمل الخارجيّة. إنَّ شعور الموظفين بالالتزام والانتماء للمؤسسة التي يعملون فيها هو الذي يدفعهم إلى المبادرة بتنفيذ أعمال تُسهم في نجاح المؤسسة وازدهارها، على الرغم من أنَّ توصيفات وطبيعة وظائفهم لا تتطلّب أو تستوجب عليهم ذلك العبء.

هناك العديد من الآثار السلبية الأخرى التي ترتبط بتحديد الأهداف، منها:

  • قد تُصبح الأساليب والوسائل التي وُضعت لتحقيق أهداف المؤسسة هي الهدف في حد ذاتها.
  • قد تتعارض أهداف المؤسسة مع الأهداف الشخصية أو المجتمعية.
  • قد تحدُّ الأهداف الدقيقة جدًّا من الإبداع والابتكار.
  • قد تؤدِّي الأهداف الغامضة إلى عدم وضوح الوجهة.
  • غالبًا ما يكون هناك تناقض بين الأهداف والمكافآت. على سبيل المثال، غالبًا ما تُشجِّع الجامعات أعضاء هيئة التدريس على أن يُصبحوا مدرِّسين أفضل، في حين أنَّ أنظمة المكافآت الخاصة بهذه الجامعات تُركِّز في الأساس على تعزيز إجراء البحوث الجيِّدة ولا تتطرّق إلى مكافئة أسلوب التعليم أو فعاليّته.

العلاقة بين تحديد الأهداف والرضا الوظيفي

يُقال أنَّ تحديد الأهداف يُعزِّز الرضا الوظيفي، ولكنَّ ذلك ليس صحيحًا تمامًا؛ فالعلاقة بين تحديد الأهداف والتخطيط والرضا الوظيفي أكثر تعقيدًا. إنَّ تحديد الأهداف، الذي يُعدُّ جزءًا من عملية التخطيط، لا يؤثِّر على الرضا الوظيفي بطريقة مباشرة؛ بل يؤثِّر عليه بناءً على مستوى أداء الموظف ومستوى طموحه، وهذا يعني أنَّ الرضا الوظيفي يعتمد كثيرًا على مستوى الأداء وليس على الأهداف المحدَّدة بذاتها.

في الواقع ما يُحدِّد استجابة الموظف الشعورية للأداء ليس مستوى الأداء بحدِّ ذاته، ولكن ما يُحدِّدها هو مستوى الأداء مقارنةً بمستوى طموح الموظف، ولذلك ينشأ الرضا الوظيفي عن تقدير الموظف لأدائه الفعلي بمقارنته بمستوى طموحه (أو الأداء الذي يهدف إلى تحقيقه). يوضِّح الشكل التالي أنَّه عندما يصل أداء الموظف إلى المستوى المطلوب أو يفوقه، فمن المتوقَّع أن يشعر الموظف بشعور إيجابي (الرضا الوظيفي).

في المقابل، عندما لا يرقَ الأداء إلى الطموحات، فإنَّ ذلك يُنتج شعورًا سلبيًا (عدم الرضا الوظيفي). بالإضافة إلى ذلك، إذا كان الموظف يسعى إلى تحقيق أداء عالٍ من أجل الحصول على المكافآت الخارجية المرتبطة بالأداء، فإنَّ تحقيق الأداء العالي لن يؤدِّي إلى شعور الموظف بالرضا الوظيفي إلَّا إذا نتج عن ذلك حصوله على تلك المكافآت القيِّمة.

نسنتج ممَّا سبق أنَّ تحديد الأهداف يرتبط ارتباطًا غير مباشر بالرضا الوظيفي؛ فإذا ساهم تحديد الأهداف في وصول الموظفين إلى مستويات الأداء التي يطمحون إليها أو تحقيق النتائج المرتبطة بهذا الأداء، فمن المتوقَّع أن ينتج عن ذلك شعورهم بالرضا الوظيفي.

Performance-Aspiration-Satisfaction.jpg

العلاقة بين الأداء ومستوى الطموح والرضا الوظيفي (حقوق النشر محفوظة لجامعة رايس، OpenStax، مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي (CC-BY 4.0))

إدارة الموظفين عن طريق تحديد الأهداف

ما الذي يستطيع المديرون فعله من أجل تحفيز الموظفين عن طريق تحديد الأهداف؟ من المهم في البداية أن يُشجِّع المديرون أفراد المؤسسة على تقبُّل الأهداف التي تُسند إليهم والالتزام بها، ويمكن ذلك من خلال إشراكهم في وضع هذه الأهداف الصعبة والتي يجب أن تكون واضحة ومعقولة، والتأكُّد من أنَّهم يرونها معقولة وغير مستحيلة، بالإضافة إلى توفير التدريبات وكل أشكال الدعم اللازمة لتسهيل تحقيق تلك الأهداف إذا لزم الأمر، وتقديم الملاحظات والتغذية الراجعة التي تتيح للأفراد معرفة ما إذا كانوا على المسار الصحيح نحو تحقيق ذلك الهدف، وتجنُّب استخدام التهديدات أو العقوبات.

تجدر الإشارة إلى أنَّ التغذية الراجعة السلبية التي تتضمَّن انتقادات للأفراد دون تقديم أية أفكار حول كيفية تحسين أدائهم غالبًا ما تكون مُحبِطة وغير فعَّالة. إنَّ من القضايا التي نبَّه إليها (ديمنج) هي أنَّ تحديد الأهداف قد ينشأ عنه شعور الخوف لدى الموظفين؛ الخوف من الفشل في تحقيق الأهداف، ويرى ديمنج أنَّ الخوف بمثابة مرض خطير يؤدِّي إلى ضعف أداء المؤسسة، ولذلك ينبغي حث الموظفين على التخلُّص من هذا الخوف وتشجيعهم على تبنِّي نظرة إيجابية تجاه النجاح لكي يكونوا أكثر فاعلية.

بالإضافة إلى ذلك، إذا كان يتوجَّب على المديرين تقديم تغذية راجعة سلبية للموظفين من أجل تصحيح الأخطاء، فيجب أن تكون انتقاداتهم للموظفين بنَّاءة وموضوعية وذات مصداقية، وألا تأخذ طابعًا شخصيًّا أو فرديًّا، ومن المهم أن يتذكَّروا دائمًا أنَّه ليست هناك أية فائدة من التغذية الراجعة التي تقتصر على تقديم الانتقادات ولا تقدِّم أية أفكار حول كيفية إجراء التصحيحات اللازمة.

أخيرًا، ينبغي أن يضع المديرون في الحسبان أنَّ تقبُّل الهدف يحدث قبل أن يبدأ الموظفون في العمل على المهمة المطلوبة منهم، وأنَّه يمكن تشجيعهم على تقبُّل الهدف من خلال تقديم الوعود لهم بأنَّهم سوف يحصلون على مكافآت ودعمٍ كافيَيْن، وأنَّه يُمكن تعزيز ودعم التزامهم بالهدف أثناء فترة تأديتهم له من خلال مدّهم بالإمكانيات اللازمة ومكافأتهم على تقدُّمهم نحو تحقيق الهدف.

يستطيع المديرون أيضًا أن يضعوا مجموعة من القواعد التي تُسهم في التزام الموظفين بالأهداف، وأن يستخدموا سلطتهم الشرعية لتشجيع الموظفين على تحديد أهداف واضحة وصعبة، وأن يُحفِّزوا الموظفين على الشعور بأنَّ أهداف المؤسسة ما هي إلَّا جزء من أهدافهم الخاصة، ومن ثمَّ تحفيزهم على تقبُّل الأهداف والالتزام بها. إنَّ هناك من يرى أنَّه يمكن تعزيز تقبُّل الموظفين للأهداف والتزامهم بها إذا شعروا أنَّهم أفراد عائلة واحدة يعملون معًا لتحقيق أهداف مشتركة تُثبت جدارتهم ويُكافئون عليها في الوقت نفسه.

الرقابة في المؤسسات

اكتشفت إدارة شرطة مدينة (دولوث) التي تقع في ولاية (مينيسوتا) الأمريكية قبل بضع سنوات أنَّها تعاني من تدنّي الروح المعنوية لدى موظّفيها؛ فبعد انقضاء فصل الصيف تبيَّن أنَّها سمحت لموظفيها بالحصول على الكثير من الإجازات ولكن الثمن كان كمًّا كبيرًا من المهام الصيفية التي من المفترض أن يُنفِّذها القسم، ولذلك ارتأت إدارة قسم الشرطة أنَّ عليها تقليل الإجازات المسموح بها عند وضع خطتها للصيف المقبل، ولكنَّها سُرعان ما علمت أنَّ الطلب على الإجازات الصيفية سوف يكون أكثر ممَّا كان عليه في الصيف السابق. لقد كان من الواضح أنَّ اتخاذ ذلك الإجراء سيؤدِّي إلى نشوء نزاع "حتمي" بين إدارة القسم ونقابة الشرطة.

قرَّرت إدارة القسم بعد ذلك استخدام التفكير الإبداعي لحل المشكلة، وبزغت خلال هذه العملية فكرة التحويل من نظام الأسبوع المكوَّن من سبعة أيام إلى نظام الأسبوع المكوَّن من ثمانية أيام. لقد كان ضباط الشرطة بموجب جدول العمل القديم يعملون خمسة أيام في الأسبوع لمدة ثماني ساعات في اليوم الواحد؛ أي أنَّهم يعملون 40 ساعة أسبوعيًا، ويحصلون على يومي إجازة خلال الأسبوع. في المقابل، سيعمل الضباط بموجب جدول العمل الجديد لمدة 12 ساعة في اليوم الواحد وبمجموع 48 ساعة في الأسبوع، ويقتضي نظام العمل الجديد أن يعمل الضباط أربعة أيام، ثمَّ يحصلون بعدها على أربعة أيام إجازة، وهكذا.

في الواقع، يُتيح النظام الجديد للضباط قضاء نصف فترة الصيف القادم في إجازة دون أن يطلبوا الحصول على أي يوم إجازة. لقد وافق كل من نقابة الشرطة ومجلس المدينة على هذه الخطة الجديدة، وقد وضعت إدارة القسم بعد حصولها على الموافقة خطةً لمراقبة فعالية حطّة العمل الجديدة، وجمعت أيضًا بيانات أساسية يُمكن بواسطتها مقارنة نتائج تطبيق جدول العمل الجديد بنتائج تطبيق جداول العمل القديمة عند إجراء عملية التقييم.

بدأ تنفيذ جدول العمل المضغوط الجديد في شهر يناير، وترافق ذلك مع تطبيق نظام رقابة مناسب لمتابعة فعالية هذا الجدول الجديد. لقد كانت إدارة القسم شديدة الاهتمام بمعرفة تأثير جدول العمل الجديد على مستويات الإجهاد والرضا الوظيفي والفعالية الإجمالية لقسم الشرطة؛ أي تحديد ما إذا كان يوم العمل المكوَّن من 12 ساعة سيؤثِّر سلبيًا على الأداء، ولذلك راقبت إدارة القسم خلال العامين التاليين النتائج التي ترتَّبت على تنفيذ جدول العمل الجديد. لقد تبيَّن أنَّ الجدول الجديد أدَّى إلى العديد من النتائج الإيجابية؛ إذ انخفضت مستويات الإجهاد بالتزامن مع زيادة ساعات العمل والرضا عن أوقات الراحة الطويلة، ولم تكن هناك أية آثار سلبية على الأداء. في الوقت الحاضر، وبعد عدة سنوات من تنفيذ الجدول الجديد، يبدو أنَّه لا توجد أي رغبة في العودة إلى جدول العمل التقليدي القديم.

تتداخل أنشطة التخطيط وأنشطة الرقابة تداخلًا معقَّدًا؛ إذ يجب تصميم وتنفيذ نظام لمراقبة فعالية الخطط المهمة أو الجوهريّة في سير عمل المؤسسة. سوف نبيِّن في سياق مقالنا هذا طبيعة عملية الرقابة وآثارها على المؤسسة وأفراد المؤسسة.

عملية الرقابة

الرقابة هي أحد الأنشطة الإدارية الأساسيّة، وتُعرَّف بأنَّها عملية مراقبة فعالية المؤسسة وتقييمها واتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على مستوى الفعالية المُراد أو تحسينه. تتضمَّن مهام المديرين المسؤولين عن الرقابة: الملاحظة والتقييم، بالإضافة إلى اقتراح الإجراءات التصحيحية عند الحاجة.

تُعدُّ الرقابة نشاطًا معقَّدًا يُنفَّذ ضمن عدة مستويات إدارية في المؤسسة، شأنُّها شأن الأنشطة الإدارية الأخرى والتي تضمُّ التخطيط والتنظيم والتوجيه. على سبيل المثال، يُراقِب المديرون الذين يعملون في مستوى الإدارة العليا الخطط الاستراتيجية الشاملة الخاصة بمؤسساتهم، والتي لا يمُكن تنفيذها إلَّا إذا كان المديرون الذين يعملون في مستوى الإدارة الوسطى بدورهم يُراقبون خطط الأقسام والوحدات المختلفة في المؤسسة، وترتكز الأخيرة من جانبها على مراقبة المديرين الذين يعملون في مستوى الإدارة الدنيا للموظفين جماعاتٍ وأفرادًا. (راجع التسلسل الهرمي للأهداف الذي تطرقنا إليه سابقًا في مقالاتنا لهذا الباب.)

حاجة المؤسسات إلى الرقابة

على الرغم من الحاجة المُتزايدة إلى الرقابة في المؤسسات، إلا أنَّ أهمية الرقابة ومقدار الحاجة إليها وأنماطها تختلف باختلاف ظروف المؤسسة نفسها. إنَّ أهم ما يؤثِّر على طبيعة أنظمة الرقابة الخاصة بالمؤسسات هو مقدار تغيُّر بيئة العمل وتعقيدها.

غالبًا ما تكون الحاجة إلى التغيير قليلة جدًا في المؤسسات التي تعمل في ظل بيئات عمل تتسم بالاستقرار النسبي، لذلك يتمكَّن مديرو هذه المؤسسات من مراقبة مؤسساتهم بواسطة مجموعة من الإجراءات الروتينية. لكن عندما تكثُر التغيُّرات التي تحدث في بيئة العمل وما يُصاحب ذلك من عدم اليقين والغموض، فإنَّه يتوجَّب على المديرين في هذه الحالة إيلاء اهتمام دائم بعملية الرقابة، كما أنَّ الإجراءات الروتينية وأنظمة الرقابة الصارمة لا تصلُح في مثل هذه الظروف.

يؤثِّر تعقيد بيئة العمل أيضًا على طبيعة أنظمة الرقابة. تحتوي بيئات العمل البسيطة على عدد محدود من عناصر العمل (المُتشابهة عادةً) والتي يكون من السهل إلى حدٍّ ما مراقبتها بواسطة مجموعة موحَّدة من القواعد والإجراءات. على سبيل المثال، يمكن استخدام نظام الرقابة البيروقراطية نفسه في معظم المكاتب الفرعية التابعة لواحدٍ من البنوك الكبرى. لكن عندما يتزايد تعقيد بيئة العمل بسبب نمو المؤسسة أو تنوُّع منتجاتها أو ما إلى ذلك، تشتدُّ حاجة المديرين إلى معرفة آخر المستجدات في سوق العمل وإلى التنسيق بين أنشطة المؤسسة المتنوعة.

بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ التعقيد -الذي يقتضي زيادة في الرقابة- يتطلَّب أيضًا وجود أنظمة مفتوحة وهياكل تنظيمية عضوية يُمكنها الاستجابة لبيئات العمل المعقَّدة بسرعة وبفعالية. غالبًا ما تُحدِّد المؤسسات التي تعمل في ظل ظروف معقَّدة هدفًا وسيطًا (means goal) وهو تطوير أنظمة مرنة: «لكي نتمكَّن من إدارة التعقيدات في مؤسستنا، يجب أن نبقى مرنين ومنفتحين.»، ويؤدِّي ذلك إلى نقل محور اهتمام أنشطة الرقابة إلى متابعة تحقيق الأهداف النهائية، مثل: «نريد زيادة حصة كل قسم من أقسامنا في السوق بنسبة 10%».

تُتيح صفة المرونة للمؤسسات الكثير من الخيارات المتعلِّقة بكيفية تحقيق الأهداف النهائية، إذ يُحدِّد كل قسم الطريقة التي تُناسبه لتحقيق الهدف النهائي. يُوضِّح الشكل التالي مقدار الرقابة الذي تحتاجه المؤسسات في ظل ظروف بيئات العمل المختلفة.

Need-for-Control.jpg

الحاجة إلى الرقابة (حقوق النشر محفوظة لجامعة رايس، OpenStax، مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي (CC-BY 4.0))

نموذج لخطوات عملية الرقابة

تؤثِّر الرقابة بطبيعتها على كل جزء من أجزاء المؤسسة، ومن الأمثلة على بعض الأمور الرئيسية التي تُفرض عليها الرقابة في المؤسسة: الموارد التي تحصل عليها، والمخرجات التي تتنج عنها، وعلاقاتها ببيئات العمل، وعملياتها التنظيمية، وجميع الأنشطة الإدارية. بالإضافة إلى ذلك، من الأمور الأساسية التي يجب مراقبتها أيضًا ضمن بيئة المؤسسة: عمليات التشغيل والمحاسبة والتسويق والتمويل وإدارة الموارد البشرية.

تقترح نماذج الرقابة التقليدية أربعَ خطواتٍ لعمليّة الرقابة (انظر الشكل التالي).

Traditional-Control-Model.jpg

نموذج الرقابة التقليدية (حقوق النشر محفوظة لجامعة رايس، OpenStax، مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي (CC-BY 4.0))

  1. تحديد المعايير: المعايير هي الأهداف الوسيطة والنهائية التي حُدِّدت أثناء عملية التخطيط؛ وهذا يعني أنَّ عمليتي التخطيط والرقابة متداخلتان بطريقة معقَّدة في هذه المرحلة؛ إذ يشكِّل التخطيط الأساس لعملية الرقابة من خلال توفير معايير الأداء التي يُقارن المديرون بها أنشطة المؤسسة، كما أنَّ المعلومات الناتجة عن عملية الرقابة تُعدُّ مدخلات مهمة لعملية التخطيط التالية.
  2. مراقبة السلوك الجاري في المؤسسة ورصد النتائج: بعد تحديد الأمور التي ينبغي ملاحظتها وضبطها، ومن سيكون مسؤولًا عن تنفيذ عمليّة الرقابة ومتى وكيف، يفحص المسؤولون ويدرسون ما يحدث فعليًا في المؤسسة.
  3. مقارنة السلوك الفعلي والنتائج بالمعايير: وذلك من خلال تقدير الإنجازات الفعليّة للمؤسسة استنادًا إلى الأهداف المُخطَّط لها (ما تحاول المؤسسة تحقيقه) والوسائل المستخدمة (كيف تنوي المؤسسة تنفيذ الأعمال). تزوِّد النتائج الصادرة عن هذه المقارنة المديرين بالمعلومات التي سوف يقيمونها في الخطوة النهائية.
  4. التقييم واتخاذ الإجراءات اللازمة: يضع المديرون استنتاجات بشأن العلاقة بين النتائج المتوقَّعة والنتائج الفعلية بالاستفادة من المعلومات الناتجة عن الخطوة السابقة، ثمّ يقرِّرون ما إذا كانوا سيُتابعون وفق النهج الذي بدأوا به في المخطط السابق، أم أن عليهم تغيير المعايير واتّخاذ بعض الإجراءات التصحيحية.

الاختلافات بين أنظمة الرقابة

على الرغم من أن جميع أنظمة الرقابة الجيدة تنتهج خطوات الرقابة التقليدية السابقة، إلا أنَّ هذا لا يعني أنَّ جميع أنظمة الرقابة متماثلة؛ إذ تختلف أنظمة الرقابة من حيث درجة إدارتها ذاتيًا (مقابل إدارتها من جهات خارجية)، والمرحلة الزمنية التي تُنفَّذ فيها عند إجراء العمل.

الأنظمة السيبرانية وغير السيبرانية

تختلف أنظمة الرقابة من حيث مقدار الاهتمام الخارجي الذي تحتاجه لكي تعمل بفعالية، وتنقسم وفق ذلك إلى نوعين اثنين: أنظمة الرقابة السيبرانية وأنظمة الرقابة غير السيبرانية. تعتمد أنظمة الرقابة السيبرانية (cybernetic control systems) على أسلوب التنظيم الذاتي الذي يكشف الانحرافات عن الأنشطة المخطَّط لها وعن معايير الفعالية المطلوبة ويصحِّحها تلقائيًا. في الواقع، إنَّ القليل فقط من أنظمة الرقابة هي أنظمة سيبرانية تمامًا، فمعظمها يعتمد على الأنظمة شبه السيبرانية. على سبيل المثال، يستخدم نظام الرقابة الموجود في محطة توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم التابعة لشركة ديترويت إديسون (Detroit Edison) أجهزة حاسوب لمراقبة تدفق الفحم المطحون إلى غرفة الاحتراق، وتعمل أجهزة الحاسوب على تسريع التدفق أو تقليله حسب الضرورة للحفاظ على وجود قدر كافٍ من الوقود.

إنَّ مجرَّد أتمتة نظام العمل لا يعني بالضرورة أن يكون نظام الرقابة الخاص به سيبرانيًا بالكامل. على سبيل المثال، كانت الغواصة التي أُرسلت للبحث عن سفينة تايتانيك الغارقة وتصويرها غواصة مؤتمتة بالكامل، ولكن كان هناك أشخاص على السطح يُراقبون فعالية عمل الغواصة ومدى نجاحها في تطبيقها للمهمة المخطَّط لها. يجب أن يتضمَّن نظام العمل إمكانيات للرقابة الذاتية حتى نصنِّفه بأنَّه نظام سيبراني، ولا يُشترط أن تكون هذه الإمكانيات آلية أو محوسبة؛ ففريق العمل الذي يُراقِب الأنشطة الخاصة به دون مساعدة خارجية يُشكِّل نظامًا سيبرانيًا.

في المقابل، فإنَّ أنظمة الرقابة غير السيبرانية (noncybernetic control systems) هي الأنظمة التي تُنفَّذ باستقلال تام عن أنظمة العمل، وتعتمد على المراقبة الخارجية، على سبيل المثال، تستعين بعض شركات التصنيع بوحدة منفصلة متخصِّصة في ضمان الجودة من أجل مراقبة معايير الجودة والتأكُّد من تطبيقها بدلًا من ترك هذه المهمة لفِرق الإنتاج نفسها. لا تعتمد هذه الأنظمة على التنظيم والرقابة الذاتية، بخلاف أنظمة الرقابة السيبرانية.

تقسيمات الرقابة حسب الزمن

يمكن للمؤسسات إجراء عملية الرقابة في ثلاث مراحل من العمل: قبل تنفيذ العمل أو أثناءه أو بعده، وفي الواقع العملي يستخدم معظم المديرين نظام رقابة هجين يدمج عملية الرقابة في كل مراحل العمل لكي يتمكَّنوا من الاستعداد للعمل، وتوجيه تقدُّمه، وتقييم نتائجه.

يُطبِّق المديرون الرقابة المُسبقة (precontrol) لمنع الانحراف عن خطة العمل المنشودة قبل البدء بالعمل. على سبيل المثال، يفحص بوتش ليدوروفسكي (Butch Ledworowski)، مالك شركة ليل أميريكا لمقاولات البناء (Lil’ America Building Contractors)، جميع مواد البناء للتأكُّد من أنَّها تلبِّي المعايير المطلوبة.

يستخدم المديرون الرقابة المتزامنة (concurrent control) لمنع الانحراف عن مسار العمل المخطَّط له أثناء تنفيذ العمل، وهناك نوعان من الرقابة المتزامنة، هما:

  • الرقابة التوجيهية (steering control): هي رقابة متزامنة تفاعلية تحدث بعد الشروع في تنفيذ خطة العمل وقبل الانتهاء منها. على سبيل المثال، يزور (بوتش) جميع مواقع البناء ويُراقب النجارين الذين يعملون لديه ويقدِّم لهم المشورة والتوجيه أثناء عملهم.
  • الرقابة الفاحصة أو التمحيصية (screening control): هي رقابة متزامنة وقائية، ويستخدمها المديرون عند اكتمال إحدى المراحل الأساسيّة في خطّة العمل، من أجل تقييم العمل المُنجز حتى تلك النقطة وتحديد ما إذا كان من المناسب المضي قدمًا وفق الخطّة ذاتها أو في حال وجود ضرورة لإجراءات بعض التعديلات على الخطّة الأساسيّة. إذا كان الأمر كذلك، يتخذ المديرون قرارًا بالانتقال إلى المرحلة التالية. على سبيل المثال، دائمًا ما يتفقَّد (بوتش) أعمال النجارة بعد هيكلة الجدران، ولا يسمح لفنيّ الكهرباء البدء في توصيل الأسلاك عبر هياكل الجدران إلَّا إذا أقرَّ بجودة عمل النجَّارين.

يُطبِّق المديرون الرقابة التالية (postaction control) بعد الانتهاء من تنفيذ خطذة العمل والحصول على المنتج أو الخدمة من أجل تفحُّص المُخرجات وتقييمها. على سبيل المثال، بعد كل عملية تجديد أو إعادة تصميم يُقيِّم (بوتش) العمل لتحديد ما إذا كان يُطابق المواصفات، ويتأكد بأن العمل أُنجز وفق الجدول الزمني المُحدّد ، وأنه لم يتجاوز حدود الميزانية الموضوعة مُسبقًا. تُسهم الرقابة البعدية إسهامًا مهمًا في التخطيط للمستقبل، ولكنَّ فائدتها الأساسية هي تقديم التغذية الراجعة عن طريق توضيح مستوى نجاح أنشطة العمل وفق خطة العمل الأساسيّة.

خصائص أنظمة الرقابة الفعَّالة

تشترك أنظمة الرقابة الناجحة في خصائص معينة. أولى خصائص نظام الرقابة الفعَّال هي أنَّه يتتبّع خطوات نموذج الرقابة الذي وضَّحناه سابقًا ويُتابع مُتابعةً جيّدة جميع الأهداف التنظيمية. الخاصية التالية لنظام الرقابة الفعَّال هي أن يكون هجينًا قدر الإمكان من أجل مراقبة الأنشطة وتصحيحها في جميع مراحل سير العمل في المؤسسة باستخدام أنواع الرقابة الثلاث: المُسبقة والمتزامنة والتالية. من الخصائص الأخرى التي يتميَّز بها نظام الرقابة الفعَّال هي حُسن استغلاله للمعلومات المتوفِّرة، وملاءمته لاحتياجات المؤسسة، وإمكانية تطبيقه، وسنوضِّح هذه الخصائص الثلاث في الفقرات التالية.

لا شكَّ أنَّ عملية الرقابة نفسها وجميع أنظمة الرقابة الفعَّالة تعتمد على المُعطيات والمعلومات المُتوفرّة والمُستجدّة؛ فبدون توفُّر المعلومات الجيِّدة، لا يتمكَّن المديرون من تقييم ما إذا تحقَّقت الأهداف النهائية، ولا يتمكَّنون من تحديد العلاقة بين تلك الأهداف أو تقديم التغذية الراجعة الجيِّدة لواضعي الخطط. يجب أن تكون المعلومات دقيقة وموضوعية وأن تتوفَّر في الوقت المناسب وأن تُوفّر للأشخاص المناسبين في الوقت المناسب لكي تكون فعَّالة، لذلك تتأكَّد المؤسسات التي تسمح بمشاركة الموظفين على نطاق واسع من إمكانية الوصول إلى جميع المعلومات المتعلِّقة بالمؤسسة من قِبل أي موظف يحتاج إليها من أجل اتخاذ قرارات جيِّدة.

على سبيل المثال، تتابع شركة أوتيكون (Oticon)، وهي شركة دنماركية متخصِّصة في تصنيع أجهزة تحسين السَّمَع، جميع المعلومات المتبادلة عبرها وتضعها في نظام المعلومات الخاص بها، والذي يستطيع جميع الموظفين الوصول إليه.

Oticon-building.jpg

يظهر في الصورة مبنى شركة أوتيكون (Oticon building)، وهي شركة دنماركية لتصنيع المعينات السمعية. أحد الإجراءات الرقابية التي تتخذها شركة أوتيكون (Oticon) هو متابعة جميع المعلومات المتبادلة عبرها ووضعها في نظام المعلومات الخاص بها، والذي يستطيع جميع الموظفين الوصول إليه. (مصدر الصورة: حساب News Oresund/ فليكر/ مستخدمة تحت رخصة المشاع الإبداعي Attribution 2.0 Generic (CC BY 2.0))

من خصائص نظام الرقابة الجيِّد أيضًا أنَّه يُركِّز على ما هو ضروري للمؤسسة. يُبيِّن الواقع أنَّ المديرين الذين يُراقبون جميع أنشطة العمل ونتائجه يُهدرون الموارد، وقد يؤدِّي نظام الرقابة الذي يتبِّعونه إلى توليد مشاعر وردود فعل سلبية لدى الأفراد في مختلف المستويات الإدارية في المؤسسة.

الخاصية الأخيرة لنظام الرقابة الجيِّد هي قابليته للتطبيق؛ إذ لا يجوز استخدام أي نظام يعمل جيِّدًا في مؤسسات أخرى أو يبدو رائعًا على الورق إلَّا إذا كان ملائمًا للتطبيق في المؤسسة المعنيّة. تتضمَّن الأمور التي ينبغي مراعاتها في نظام الرقابة: الجدوى، والمرونة، وتقبُّل أعضاء المؤسسة له، وسهولة دمج النظام مع أنشطة التخطيط.

تأثيرات الرقابة على أعضاء المؤسسة

لقد أصبحتَ مُدركًا الآن أهمية وظيفة الرقابة. سوف نتناول فيما يلي المنافع التي تجلبها الرقابة للمؤسسة أو أعضاء المؤسسة، إذ إنَّ هناك العديد من التأثيرات الإيجابية لأنظمة الرقابة على كلٍّ من المؤسسات والأفراد الذين يعملون فيها إذا صُمِّمت هذه الأنظمة تصميمًا جيّدًا. لكن من المؤسف أيضًا أنَّ أنظمة الرقابة تؤدِّي في بعض الأحيان إلى عدة آثار سلبية. يُبيِّن الجدول التالي كلًّا من التأثيرات الإيجابية والسلبية للرقابة على أعضاء المؤسسة.

تأثيرات الرقابة على أعضاء المؤسسة
التأثيرات الإيجابية المُحتملة للرقابة التأثيرات السلبية المُحتملة للرقابة
توضيح الأعمال أو النتائج المتوقَّعة استنزاف الموارد
تقليل الغموض توليد مشاعر الإحباط والعجز
تقديم التغذية الراجعة إضفاء حالة من الروتين في بيئة عمل المؤسسة
تسهيل تحديد الأهداف وضع أهداف غير مناسبة
تعزيز الرضا الوظيفي تعزيز السلوكيات غير الملائمة
تحسين الأداء تقليل الرضا الوظيفي
  زيادة التغيُّب عن العمل
  زيادة معدل دوران الموظفين
  التسبُّب بالتوتر والإجهاد

التأثيرات الإيجابية

قد تُسهم أنظمة الرقابة المؤسسية في العديد من التأثيرات الإيجابية على دافعية أعضاء المؤسسة وأدائهم ورضاهم، ويحدث ذلك في حالة توفُّر هيكل عمل ملائم وتغذية راجعة مناسبة وبرامج فعَّالة لتحديد الأهداف.

عندما يرغب الموظفون في أن يستوضحوا عن طبيعة الأعمال التي يُتوقَّع منهم تأديتها، فإنَّ بإمكان القادة تحسين الأداء والرضا الوظيفي عن طريق تقديم هيكل ومخطط واضح للعمل، إلى جانب تقديم التوجيهات اللازمة عند تطبيق أنظمة الرقابة المُسبقة والمُتزامنة، ويترتَّب على مثل هذه الأمور التأثير إيجابيًا على الموظفين. بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ نظام الرقابة الجيِّد يُقلِّل من الغموض، الأمر الذي يعود بالنفع على الموظفين الذين يميلون إلى تجنُّب حالات عدم اليقين أو لا يُحسنون التصرُّف في المواقف التي يكتنفها الغموض وعدم الوضوح.

يُقدِّم نظام الرقابة الجيِّد أيضًا تغذية راجعة بنَّاءة للموظفين. يتفاعل معظم الموظفين إيجابيًّا مع التغذية الراجعة الدقيقة المتعلِّقة بفعاليتهم والتي تُقدَّم لهم في الوقت المناسب وبالأسلوب المناسب، إذ تساعدهم التغذية الراجعة على تصحيح سلوكياتهم غير الفعَّالة؛ بل والأهم من ذلك أنَّها تُسهم في تعزيز الرضا الوظيفي، ويتضِّح ذلك من أنَّ الأفراد الذين لديهم رغبة كبيرة في النجاح والإنجاز يشعرون بالسرور عندما يُدركون من خلال التغذية الراجعة أنَّهم على المسار الصحيح للنجاح.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تُحسِّن التغذية الراجعة من الأداء الوظيفي إذا استفاد منها الموظفون واستغلوها في تقويم أهدافهم أو أساليبهم أو مستويات الجهد التي يبذلونها على النحو الملائم. إنَّ كلًّا من الرقابة المتزامنة والرقابة البعدية تُقدِّم تغذية راجعة للموظفين بشأن مدى ملاءمة سلوكياتهم ومدى إسهام أعمالهم التي يؤدّونها في تحقيق نتائج ناجحة.

يُسهم نظام الرقابة الجيِّد إسهامًا كبيرًا في تحديد الأهداف المناسبة، ولقد وضَّحنا خلال المقالات السابقة أنَّ تحديد الأهداف هو عامل مهم من عوامل الإدارة الفعَّالة. على سبيل المثال، يفرض نظام الرقابة الذي تُطبِّقه إحدى شركات المبيعات على الموظفين استخدام طريقة محدَّدة للبيع (هدف وسيط) يساعدهم على العمل نحو تحقيق هدف مبيعات محدَّد وصعب (الهدف النهائي). تساعد الرقابة المُسبقة الموظفين على فهم كيفية تحقيق مستوى المبيعات المطلوب من خلال الأهداف الوسيطة، مثل: إجراء مكالمات مبيعات معينة أو تقديم عروض ترويجية خاصة، بمعنى آخر المخطط للوصول إلى الأهداف واضح للأفراد وما عليهم إلا بذل جهد في سلوك هذا المخطط. تقدِّم الرقابة المتزامنة والرقابة التالية تغذية راجعة تساعد الموظفين على مراقبة تقدُّمهم في العمل. يتّضح ممَّا سبق مدى قوة التأثيرات المترتِّبة على تحديد الأهداف المناسبة، إلى جانب التغذية الراجعة التي تبيِّن مستوى التقدُّم نحو تحقيق الأهداف المنشودة.

التأثيرات السلبية

للأسف ليست جميع أنظمة الرقابة تترك الآثار الإيجابية السابقة؛ فالرقابة الزائدة تهدر المال والجهد. على سبيل المثال، يحتاج دونالد بيمبل (Donald Pemble) إلى ميزانية سفر أكبر لأنَّه يجب عليه فحص الجسور شخصيًا في ظل نظام الرقابة الجديد، ويقضي المفتشون الذين يعملون تحت قيادته أوقات العمل في تسجيل البيانات وكتابة الأرقام والتذمُّر بشأن هذا الوضع غير العادل، في حين كان من الممكن أن يستثمرو ذلك الوقت في تفقُّد الجسور والتحقّق من مراحل بناءها.

لا تؤدِّي الرقابة الزائدة إلى إهدار الأموال بسبب فشلها في تعزيز الفعالية فحسب؛ بل يمكن أيضًا أن تؤدِّي إلى مشكلات إضافية. على سبيل المثال، تغيَّر حال (شانون) وزملائها في العمل من كونهم موظفين جيِّدين يُحافظون على دقة السجلات ويُجرون عمليات تفتيش شاملة للجسور إلى موظفين متضايقين يُزوِّرون بيانات السجلات من أجل استدراك برنامج العمل بأي طريقةٍ ممكنة؛ والمشكلة الأكبر التي تترتَّب على ذلك هي أنَّ سائقي السيارات يسافرون وهم مطمئنون عبر الجسور التي قد تكون غير آمنة.

بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدِّي كثرة الأعمال المكتبية التي تقتضيها الرقابة الزائدة إلى شعور الموظفين بالإحباط والعجز. على سبيل المثال، تّهدُر الإجراءات الروتينية التي تفرضها أنظمة الرقابة في العديد من الجامعات أوقات الطلاب؛ إذ تضطرهم إلى الوقوف في طوابير لفترات قد تمتد إلى ساعات من أجل انتظار دورهم لدفع رسوم السكن الجامعي، أو شراء تذاكر وجبات الطعام، أو استئجار مواقف للسيارات، أو دفع الرسوم الدراسية، أو التسجيل للفصول الدراسية، وينعكس انزعاج الطلاب واستياؤهم على العديد من موظفي الجامعة الذين يُشكِّكون في كفاءة وعقلانية وذكاء المشرفين الذين يُصرُّون على على التمسُّك بإجراءات الرقابة الزائدة هذه.

تؤثِّر أنظمة الرقابة السيئة تأثيرًا سلبيًا على تحديد الأهداف أيضًا. وضَّحنا سابقًا أنَّ نظام الرقابة الجيِّد يُساهم في تحديد أهداف فعَّالة ومتابعتها، ولكنَّ نظام الرقابة السيء يؤدِّي إلى عكس ذلك تمامًا؛ فنظام الرقابة الذي يُركِّز على وسائل وأهداف غير معقولة، أو غير منطقيّة، قد يدفع الموظفين إلى وضع أهداف شخصية غير مناسبة.

على سبيل المثال، يُعدُّ الهدف النهائي الذي حدَّده (دونالد بيمبل) والذي ينص على فحص جميع الجسور خلال عامين هدفًا غير ممكنٍ، على الأقل بالإمكانيات التي المُتوفّر لدى الأفراد العاملين، كما أنَّ عمليات الفحص الشهرية (الأهداف الوسيطة) كانت غير قابلة للتحقيق أيضًا. كان تمسُّك (دونالد) بهذه الأهداف غير المعقولة مُبديًا ردود أفعاله المتعنتة عندما فشل المفتشون في تحقيقها، لذلك أصبح الهدف الأساسي لشانون وزملائها في العمل متمركزًا على الاحتفاظ بوظائفهم، بدلًا من الاهتمام بدقة عمليات الفحص وجودتها.

بالإضافة إلى التأثير السلبي على تحديد الأهداف كما ذكرنا في الفقرة السابقة، فإنَّ أنظمة الرقابة غير المناسبة قد تُعزِّز أيضًا بعض السلوكيات التي تُقلِّل من الإنتاجية لدى الأفراد، على الرغم من أنَّ تلك السلوكيات قد تكون مناسبة. على سبيل المثال، الكثير من المديرين الذين يُركِّزون على مواظبة الموظفين على الحضور للعمل لا يُعزِّزون السلوكيات الأخرى المرغوبة، مثل الإبداع والتعاون والعمل بروح الفريق، يرى هؤلاء المديرون أنَّ متابعة الحضور أسهل من متابعة مستويات الإبداع، ولكن على الرغم من أنَّ تشجيع الموظفين على الحضور ليس خطأً، إلّا أنَّ نظام الرقابة الذي يُعزِّز الحضور عن طريق فرض عقوبة على التأخير يُؤدِّي إلى جمود الموظفين (الذين يبقون دائمًا في مكان العمل تقريبًا) ويحدّ من إبداعهم. على سبيل المثال، سوف تواجه وكالات الإعلانات التي تثعلّق على حضور الموظفين (إيجابًا أو سلبًا) ولكن لا تُعلّق أو تكافؤ إبداعهم، سوف تواجه عواقب وخيمة عاجلًا أم آجلًا.

قد تنشأ بعض المشكلات الأخرى نتيجةَ للتقيُّد الصارم بالأهداف أو المهام المحدودة، حتى عندما تُسهم أنظمة الرقابة في تحديد أهداف مناسبة وتعزيز السلوكيات الملائمة. على سبيل المثال، قد تؤدِّي كثرة الأهداف المحدَّدة والدقيقة إلى الحد من الإبداع؛ فالوقت الطويل الذي يجب أن يقضيه أعضاء المؤسسة من أجل تحقيق الأهداف المحدَّدة لن يُتيح لهم سوى القليل من الوقت أو الجهد للإبداع.

لا تحدّ هذه المشكلة من الإبداع فحسب؛ بل إنَّ كل دقيقة تُقضى في تسجيل الحضور في الفصل الدراسي تستهلك دقيقة من الوقت المتاح للتدريس، وكل ساعة يقضيها ضابط الشرطة في إنجاز الأعمال المكتبية تستهلك ساعة من الوقت المتاح للخدمات العامة. ما نستخلصه ممَّا سبق هو أنَّه يتوجَّب على المديرين الاقتصار على تحديد الأهداف الضرورية فقط ومراقبة التزام الأفراد بها.

الحاجة إلى السيطرة الشخصية

لا خلاف إطلاقًا على أنَّ المؤسسات بحاجة إلى الرقابة على أعضائها وعملياتها، ولكنَّ الأفراد في الوقت نفسه بحاجة إلى أن يكون لديهم قدرٌ من السيطرة الشخصيّة (حاجة إلى الإيمان بأنَّهم قادرون على إحداث تغيير إيجابي على بيئة العمل). أحيانًا تتسبَّب الهياكل التنظيمية والعمليات الإدارية التي تجري داخل المؤسسة في شعور الأفراد بأنَّهم لا يتمتَّعون إلَّا بقدر قليل جدًّا من السيطرة الشخصية، او أنهم مراقبون على الدوام ولا ثقة لدى المؤسسة أو الإدارة بقدراتهم الذاتيّة.

على سبيل المثال، يُنفِّذ المديرون مهمة الرقابة عن طريق تحديد القواعد التنظيمية وإجراءات التشغيل القياسية ومطالبة أفراد المؤسسة بالالتزام الصارم بها، وهذا هو حال الكليات والجامعات التي تُحدِّد للطلاب المواد التي يُسمح لهم بدراستها ومواعيدها، والدرجات التي يتعيَّن عليهم تحصيلها، والطريقة التي يجب عليهم التصرُّف بها خارج الفصل الدراسي، وما إلى ذلك. ينطبق ذلك الحال أيضًا على الشركات التي تُحدِّد للموظفين موعد الذهاب إلى العمل، وعدد ساعات العمل، والزيَّ الذي يرتدونه في العمل، ومواعيد الاستراحات، وطريقة أداء الوظائف، والكثير من الأمور الأخرى.

التحدي الذي يواجه المديرين هو تحقيق التوازن بين مقدار الرقابة الذي تحتاجها مؤسساتهم ومقدار السيطرة الشخصية التي يحتاجها أفراد المؤسسة. تشير الدراسات إلى أنَّه يمكن تعزيز الرضا الوظيفي لأعضاء المؤسسة وتحسين أدائهم عند الوصول إلى نقطة التوازن تلك. بالإضافة إلى ذلك، هناك دلائل تُبيِّن أنَّه قد يترتَّب على مستويات السيطرة الشخصية المنخفضة أو التي تكون أقل من المستويات المأمولة، يترتّب عليها عددٌ من العواقب التنظيميّة غير المرغوب فيها، مثل الانسحاب والآثار الصحية السلبية (الإجهاد والإحباط والاكتئاب).

إنَّ إيجاد التوازن الأمثل بين الرقابة المؤسساتيّة والسيطرة الشخصية ليس مهمة سهلة، ويرجع سبب ذلك إلى أنَّ معظم الموظفين يرغبون في الحصول على قدرٍ من السيطرة الشخصية على عملهم أكبر ممَّا تتيحه المؤسسات التي يعملون فيها، وغالبًا ما يسعى الأفراد لاكتساب قدر أكبر من السيطرة على الرغم من العوائق والقيود التي تضعها المؤسسة للحد من ذلك. قد يؤدِّي الفشل المتكرر في الحصول على السيطرة الشخصية الكافية إلى تكوُّن ما يُعرف بالعجز المٌتعلَّم أو المٌكتَسب (learned helplessness) لدى الموظفين.

إنَّ الأفراد الذين تُشعرهم تجاربهم السابقة أنَّهم عاجزون عن التأثير في بيئة عملهم غالبًا ما يكونون هم مصدر الإنتاجية المنخفضة والجودة القليلة والتغيُّب الزائد وعدم الرضا والدوران الوظيفي، وغالبًا ما تكون ردود أفعالهم على هيئة اكتئاب وقلق وتوتر وإحباط وعدائية وغضب، الذي قد يرقى إلى التخريب أو الأذى.

بالإضافة إلى ذلك، عندما يتشكَّل العجز المُكتسب لدى الأفراد، فإنه يترك انطباعًا في أنفسهم، يستمر حتى لو حدثت تغييرات في بيئة العمل تُتيح لهم سيطرة أكبر، لذلك يجب على المديرين أن يمنعوا الموظفين من الشعور بالعجز المكتسب في بادئ الأمر، لأنَّ التخلُّص منه صعبٌ للغاية، ويجب عليهم أن يتيحوا للموظفين السيطرة على جوانب حياتهم العملية التي يستطيعون السيطرة عليها جيِّدًا وألَّا يفرضوا عليهم إلَّا القدر الضروري من الرقابة الإدارية فقط.

البحث عن التوازن

يبدو للوهلة الأولى أن على المديرين الاستجابة لمطالب الموظفين المستمرَّة بخصوص الحصول على قدر أكبر من السيطرة، ولكن هناك عدد من الدراسات التي تُبيِّن أنَّ إعطاء الموظفين قدر أكبر من السيطرة عشوائيًا قد يؤدِّي في الواقع إلى نتائج سلبيّة عسكيّة وضعف الأداء، في حال تجاوزت السيطرة الممنوحة للموظفين قدرتهم أو كفائتهم على استخدامها.

إذا كان نظام الرقابة الزائدة غير فعَّال، وإذا كان إعطاء الموظفين كامل السيطرة الشخصية التي يرغبون فيها غير فعَّال أيضًا، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا الذي يمكن للمديرين فعله لتحقيق التوازن المناسب؟ تتلخَّص إجابة هذا السؤال في النقاط التالية:

  • أولًا: وضَّحنا أنَّ أفراد المؤسسة يحتاجون إلى قدر من السيطرة الشخصية؛ لذلك يتوجَّب على المديرين أن يمنحوهم قدر السيطرة المُؤهلين للتعامل معه.
  • ثانيًا: التأكُّد من أنَّ الموظفين الذين حصلوا على السيطرة يشعرون بأنَّهم يستطيعون استخدامها بفعالية، ومساعدتهم على توجيه جهودهم وتحويلها إلى أداء ناجح.
  • ثالثًا: الإدراك بأنَّ أنظمة الرقابة المؤسسية تؤثِّر على تصوُّرات أفراد المؤسسة حول السيطرة الشخصية، ومن ثمّ قد تؤدِّي إلى تغيير سلوكياتهم وتوجُّهاتهم.

يستطيع المديرون معرفة المزيد عن حاجة الموظفين للسيطرة عن طريق إجراء المقابلات معهم واستطلاع آرائهم، ويستطيعون من خلال دراسة أوضاع المؤسسة تحديد مقدار الرقابة الموجود في المؤسسة والمجالات التي تخضع للرقابة، بالإضافة إلى المجالات الأخرى التي تحتاج إلى الرقابة. يصبح هدف المديرين بعد ذلك هو تحقيق الانسجام الأفضل بين احتياجات كلّ من الموظفين وبيئة العمل.

ترجمة -وبتصرف- للفصل Employees' Responses to Planning من كتاب Principles of Management

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...